مشاهدة النسخة كاملة : المسلماني والصحافة وثورة يوليه في فكر داعية


abomokhtar
29-07-2012, 06:25 PM
بقلم د/ ناجح إبراهيم
رمضان كان رحمة بالمعتقلين
شهر رمضان هو شهر الرحمة.. رحمة للفقراء.. رحمة للمعتقلين.. رحمة للناس أجمعين.
لقد كان شهر رمضان كله رحمة على المعتقلين.. فحينما يهل الشهر الكريم تتوقف تفتيشات مصلحة السجون.. وما أقسى هذه التفتيشات وأشدها على نفوس المعتقلين.. فإذا جاء شهر رمضان تنفس المعتقلون الصعداء.. وقالوا جميعا ً:
جاء شهر الفرج.. لن نسمع الكلاب ونباحها.. ولا الجنود وصيحات: "هو.. هو".. ولا: "وشك للحيط".. ولا قنابل عمر بيه.. ولا مصادرة كل شيء حتى الحلة الصغيرة أو السخان البسيط.
ويبدأ الشعور بالأمن والأمان والسكينة وفتح الزنازين لقيام الليل وتوزيع الطعام للفقراء والمسكين وتغمر السكينة الجميع.. إنه شهر رمضان شهر الرحمة.. الرحمة لكل أحد حتى المعتقلين.
مصر تحتاج للإسلام الحضاري
المصريون الآن في حاجة لأن نقدم لهم الإسلام الوسطي الحضاري الذي يسع المسلم والمسيحي .. ويرحم الناس جميعا ً .. ولا يظلم أحدا ً أو يقصيه ولا يستعلي على الآخر.. ويقيم العدل السياسي ويعطي نموذجا ً فريدا ً في العدالة الاجتماعية وزهد الحاكم وتورعه عن مال الدولة .
المنهاج الأقوم والواقع الأسوأ
قال الله تعالى "إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ" .. والأقوم يشمل في معناه الأكمل والأقوى والأسلم والأشمل والأفضل.. فالقرآن يهدي للتي هي أقوم .. وواقع مجتمعاتنا هو الأسوأ والأضعف والأفقر .. فكيف يتسق هذا مع ذاك .. وهذا يوقظنا على حقيقة مرة لها احتمالات ثلاثة هي :
1- إما أننا لا نفهم القرآن فهما ً صحيحا ً .
2- إما أننا لا نعمل به.
3- وإما أننا نقع في الأمرين معا ً .
الكلمة لا تصلح إلا حرة
كل شيء يصلح أن يكون قطاعا ً عاما ً إلا الكلمة.. فهي حرة ومستقلة .. والكلمة تعني الصحافة .. وتملك الدولة للصحافة يضر الدولة ويكلفها فوق طاقتها.. ويضر الصحافة ويعودها على نفاق الحكام.. ويجعلها دوما ً خاضعة لهم.. وتدور في فلكهم .
المسلماني والإعلام الهادف المتميز
من أفضل البرامج في القنوات الفضائية من وجهة نظري برنامج "الطبعة الأولى" للأستاذ أحمد المسلماني .. لأنه يمنح للمشاهدين ثقافة راقية وحديثة ومتجددة تواكب العصر دون إسفاف أو ابتذال أو ردح إعلامي .. ودون استقطابات سياسية حادة وضارة لا معنى لها ودون ضجيج لا طحن فيه.. كما يفعل البعض الآن .. فتحية لهذا الإعلامي والمثقف المتميز.
قال د/ أحمد زويل في آخر أحاديثه مع المسلماني في تونس:
أنه لم يركن إلي حصوله على جائزة نوبل ولم يتوقف عمله بعدها أو يظن أنها نهاية المطاف العلمي له .. وأن فريق بحثه قدم أكثر من 150 بحثا ً علميا ً متميزا ً بعد نوبل .. وأنه نشر في عام 2012وحدها قرابة 15 بحثا ً علميا ً عالمياً رصينا ً .. وأنه حصل على براءة اختراع للميكروسكوب رباعي الأبعاد منذ عامين .. وأن الميكروسكوب أنتج بالفعل في شركة "إف- بي – أي" الأمريكية مع حفظ حق الملكية الفكرية له ولفريقه العلمي .. وأنه تقدم بقرابة 8 براءات اختراعات ستعتمد خلال 6 أشهر .
إنها الهمة التي لا تتوقف أبدا ً .. والمثابرة التي لا حدود لها .. ومعها تواضع العلماء .
إنه درس للذين يتوقفون عن البحث العلمي لمجرد وصولهم إلي درجة الأستاذية .. وكأنها نهاية البحث العلمي وليست بدايته الحقيقية .. حيث النضج العلمي والتريث والأمانة والدقة.
بشار .. وبداية النهاية
يبدو أن بداية النهاية لبشار وأعوانه قد دقت ساعتها وذلك بعد مقتل الكثير من أركان حكمه العسكريين والأمنيين في التفجير الأخير الذي حدث في مركز الأمن القومي بالقرب من دمشق وأدى إلي مقتل وزير الدفاع السوري وبعض معاونيه .. وكذلك إسقاط مروحتين سوريتين لصواريخ أرض جو التي امتلكها الجيش السوري الحر.. ولعل إسقاطهما يكون ردا ً تركيا ً بليغا ً على إسقاط الطائرة التركية من قبل المضادات السورية .. ولعل هذا كله من بركات رمضان شهر الصيام والانتصارات .
أخوف ما أخاف علي سوريا بعد انتصار المجاهدين وزوال حكم بشار أن تطلق أيدي الميليشيات المسلحة ذات البعد الطائفي لتعمل القتل والذبح في القرويين والمدنيين المسالمين.
ثورة يوليه بين التقديس والتدنيس
ثورة يوليو سنة 1952 بإيجابياتها وسلبياتها .. وبحسناتها وسيئاتها .. هي جزء من تاريخ مصر لا يستطيع أحد أن يحذفه بجرة قلم .. وقد كانت العدالة الاجتماعية ومجانية التعليم من أهم حسنات ثورة يوليه .. وكانت الديكتاتورية والعسف السياسي وإقصاء الآخر من أهم سلبياتها.. فضلا ً عن التعذيب والاعتقال وقوانين الطوارئ .. وكأن ثورة يوليه قايضت الشعب المصري فأعطته العدالة الاجتماعية وسلبت منه في المقابل حرياته العامة والديمقراطية.
ولو أن ثورة يوليه أعطت الشعب المصري حريته إلي جوار الخبز .. والديمقراطية إلي جوار مجانية التعليم .. والأمن والأمان إلي جوار الكرامة الإنسانية وعدم الإقصاء .. واحترام الأديان بدلا ً من نشر الأفكار اليسارية وتربعها علي سدة الإعلام والثقافة لكان لها شأن آخر.
عبد الناصر يعده بعض الإسلاميين شيطانا ً مريدا ً.. ويعده الناصريون ملكا ًكريما ً وزعيما ً نقيا ً .. والحقيقة أنه بشر اخطأ وأصاب .. عدل وظلم .. أحسن وأساء .. خدم مصر وأضرها .. انتصر وهزم.
القضاء الغاضب
يعرف الجميع ما يسمى بالقضاء الجالس " أي على المنصة " .. وكذلك القضاء الواقف " أي المحامي " .. والآن نعرف ما يسمى بالقضاء الغاضب .. والقاضي إذا غضب خرج عن الجادة والصواب "ولا يقضى القاضي وهو غضبان" كما قال الفقهاء من السلف .. وأرجو ألا نغضب فقط من القضاء الغاضب .. ولكن علينا أن نغضب أيضا ً ممن أغضب هذا القضاء وأخرجه عن طوره مما تسبب في مشاكل كثيرة كنا في غنى عنها .. فلدينا هواه في صنع العداوات مع الآخرين وتطفيش الأصدقاء والهدم السريع لما يبنيه الآخرون في سنوات من صداقات وعلاقات طيبة مع الآخرين .
أحمد عبد القادر.. حرية بعد الإعدام
يخرج في هذه الأيام المباركة من شهر رمضان الأخ أحمد عبد القادر المحكوم عليه بالإعدام في التسعينات من السجن إلي الحرية.. ومن الزنزانة إلي المنزل.. ومن القيد والضيق إلي السعة بعد قرار الرئيس د/ مرسي بالإفراج عن 400 سجينا ً منهم أحمد عبد القادر.. الذي يحمل أحمد قلبا ً طيبا ً رقيقا ً .. رغم ما كان يبدو من ظاهره من شدة وأنفة .. فهو متواضع يحب الناس جميعا ً .. قصته أغرب من الخيال في كل شيء.
كان أحمد أحد أمهر لاعبي تنس الطاولة في السجون المصرية كلها .. وأصغر المحكوم عليهم بالإعدام سنا ً .. وأكثرهم إقبالا ً على الحياة وانفتاحا ً عليها وعلى الناس.
تراه وهو يهزم الآخرين من إخوة وضباط وأمناء والجنائيين في لعبة التنس.. فلا يخيل إليك لحظة أن هذا الشاب محكوم عليه بالإعدام منذ عدة سنوات .. فهو يمضى يومه كأي إنسان آخر .. بل إنه تزوج في السجن منذ عدة سنوات وأنجب بنتا ً .. في سابقة لم تحدث من قبل في العالم كله تقريبا ً.
كانت والدته لا تناديه في الزيارة إلا باسم التدليل الذي كانت تناديه به وهو صغير "حمادة" .. فتقول له في الزيارة أمام الجميع: "تعال يا حمادة في حضني" .. فيأتي في حضنها .. وتقول له: "أنا سامعة قلبك يا حمادة ".. "وحشني يا حمادة".. وكأنه ما زال طفلا ً صغيرا ً يحبو بين يديها .
هذه الأم لم تشك يوما ً في براءته ونجاته .. وقد صدق القدر الحكيم حدسها وشعورها بكرمه وفضله.. والآن قرب موعد النجاة والوصول إلي البيت.. فتهنئة له ولجميع الإخوة الذين خرجوا اليوم .. وعقبال الباقين.. وعلي رأسهم الشيوخ/ رفاعي طه ومصطفى حمزة وعثمان السمان.