مشاهدة النسخة كاملة : لله


abomokhtar
02-08-2012, 12:02 PM
فيه حاجات يعملها الإنسان ولا ينتظر منها أو معها أى عائد من أى حد هى ببساطة لله. ومفهوم اعملها «لله» مستقر فى ثقافتنا ولكن يعلوه الصدأ: صدأ الزحام والطمع والأنانية. ومن يفعل أى شىء ابتغاء مرضاة الله فقد يؤتيه الله أجراً عظيماً فى الدنيا والآخرة.
يسعد الإنسان حين يرى أمامه موظفاً يساعد مواطناً يلهث وراء طلب أو معلومة، فيجيب عليه ويساعده بحكم أن هذا واجبه، وإن لم يكن فهو يفعلها لله. ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فقد يؤتيه الله أجراً عظيماً فى الدنيا والآخرة.
ويسعد الإنسان حين يرى شخصاً يركن سيارته بعيداً قليلاً أو كثيراً عن المكان الذى يريد أن ينزل له ويمشى لمسافة ما إما لأنها رياضة أو لله، عسى أن يكون بهذا يساعد آخرين على ألا يتعطلوا. ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فقد يؤتيه الله أجراً عظيماً فى الدنيا والآخرة.
يسعد الإنسان حين يرى سائق ميكروباص أو تاكسى يحاول أن ينزل أو يستقبل الركاب قدر المستطاع بجوار الرصيف؛ لأن هذا واجبه من ناحية أو على الأقل هى لله، عسى أن نكون بهذا نفعل ما هو أكثر أماناً للناس وأكثر إفساحاً للمارة فى الطريق. ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فقد يؤتيه الله أجراً عظيماً فى الدنيا والآخرة.
يسعد الإنسان حين يرى آخر يسمع كلاماً معيباً عن آخرين، ويرفض أن يكرره، بل ربما يطلب ممن يردده أن ينتهى عن ذلك حتى لا يتقول عليه الآخرون بمثل ما يقول. وهو يفعل ذلك لله. ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فقد يؤتيه الله أجراً عظيماً فى الدنيا والآخرة.
يسعد الإنسان حين يرى بعض المحلات تضع أمامها صناديق قمامة حتى يلقى فيها المارة القمامة، إن لم يكن هذا واجباً تفرضه القواعد والقوانين فهو على الأقل لله. ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فقد يؤتيه الله أجراً عظيماً فى الدنيا والآخرة.
يسعد الإنسان حين يعلم أن مدرساً تبرع بجزء من وقته لمساعدة طالب جاد يريد أن يستزيد من المعرفة، ليس خوفاً من أحد ولا طمعاً فى مكافأة من أحد، وإنما هو إحساس بالواجب وشعور بالمسئولية أو هو فقط فعلها لله. ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فقد يؤتيه الله أجراً عظيماً فى الدنيا والآخرة.
يسعد الإنسان حين يرى مجموعة من الشباب المتطوع لمساعدة الآخرين إما بإغاثتهم من الفقر أو توعيتهم بحقوقهم وواجباتهم ويتحملون فى ذلك الكثير من المشقة وكأنهم يسددون ديناً عليهم تجاه وطنهم أو هم فقط يفعلون ذلك لله. ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فقد يؤتيه الله أجراً عظيماً فى الدنيا والآخرة.
ويسعد الإنسان حين يرى أمامه شخصاً رجّاعاً للحق، مستعداً للاعتذار عن أخطائه، راغباً فى أن تعلو المصلحة العامة على أى اعتبارات شخصية أو مصلحية أخرى. ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فقد يؤتيه الله أجراً عظيماً فى الدنيا والآخرة.
إذن هى مبادرة، ولنسمها «مبادرة لله» أى اعمل أى حاجة لمساعدة شخص آخر لا تعرفه لله. شاهدت فيلماً أمريكياً عنوانه «Pay it forward» يقوم على هذه الفكرة الأخلاقية وهى أن يقوم كل شخص بأن يسدى معروفاً لثلاثة أشخاص لا يعرفهم دون أن يتوقع منهم أى مصلحة. وكل شخص يفعل الشىء نفسه مع ثلاثة آخرين لإنقاذ من يشاء الله أن ينقذه، ومساعدة من يشاء الله أن يساعده.
قيم جميلة عظيمة كريمة أضاعها خطاب دينى متعثر وخطاب إعلامى تخطى حاجز الترفيه وصولاً إلى حاجز «التتفيه» وتنافس محموم من أجل عرض زائل.
اعملوا أى حاجة، أى حاجة لله. ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فقد يؤتيه الله أجراً عظيماً فى الدنيا والآخرة.


معتز بالله عبد الفتاح (http://www.elwatannews.com/editor/28)