مشاهدة النسخة كاملة : القسوة بين الإخوة


abomokhtar
16-08-2012, 05:13 PM
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذه مشكلة لصديقةٍ مقربة لي، أخبرتني أنها تُعاني مع إخوتها، وسألتْني عما يجب أن تفعلَ حيالَ ما تمر به مِن أزمات وكربٍ معهم! فارتأيتُ لقصوري عن إجابتها أن أعرضَ سؤال ُأخيتنا هنا؛ لعل الله سبحانه وتعالى أن ينفعَها بما ستكتبون.
تقول الأخت: نشأتُ في أسرةٍ محافظة وملتزمة - بفضل الله - وقد تربَّينا على حبِّ الدِّين، والتمسُّك بكتاب الله وسنة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - لكن مرَّتْ علينا فترة أظنها هي الفترة الانتقالية في حياتي، فقد تزوَّج والدي بامرأةٍ أخرى، فصار يغيب عنَّا شيئًا فشيئًا، حتى صرتُ أنا وإخوتي نجد جفاءً وجفافًا في المعاملة!
فإذا حضر والدي بعد قضاء أيامه في بيته الآخر، يبدأ في طرح الأوامر والنواهي، ويجعل جو البيت في أغلب الأحيان رسميًّا، دراسة وقراءة فقط، وإن لعبنا أو لهونا قليلًا تبدأ الشتائمُ والوَصْف السيئ، بل والضرب في أحيان كثيرة!
بدأت القسوةُ تتسلَّل إلى قلوبنا، وصار العنادُ شعار كلٍّ منَّا، يحمله ليتشبَّث بأفكاره ومعتقداته، صار بيتنا كغابةٍ موحشة، يأكل القويُّ فيها الضعيف، مع العلم أن إخوتي جميعًا في سن المراهقة، ولم ينهوا المرحلة الدراسيَّة!
إخوتي الكبار قساة في المعاملة والكلام والتصرُّفات، حتى إنَّ الصِّغار قلَّدوهم في تصرُّفاتهم، فيتعاملون بمِثْل تعامُلهم، ولكن بشكل أقل نوعًا ما، أحاول كثيرًا أن أسموَ بأخلاقي، وأن أكونَ مثالًا لإخوتي في حسن الخُلُق، ولكن عندما أرى تصرفاتهم المستفزَّة سريعًا ما أتخلى عنْ أخلاقي بالصراخ، وأشتمهم؛ لغيظي مِن تصرفاتهم!
كنتُ أتمنى أن يرسخ فيَّ اللين والخُلُق الحسن، لكن - بكلِّ أسف - تطبَّعتْ فيَّ بعضُ الاعتقادات حول الرجال أنهم قساة، وفيهم فظاظة!
تزوجتُ - بفضل الله - مِنْ رجلٍ على خلُقٍ ودينٍ، فوجدتُ فيه أخلاقًا عالية جدًّا، أخذتُ أقتدي به؛ حتى إني كنتُ أشجعه على تأديبي وتربيتي وتعليمي؛ لأني أحتاج أن أكونَ عالية سامية بأخلاقي، والحمد لله لمستُ تحسُّنًا واضحًا في أخلاقي ومعاملتي، وحسنتْ مُعاملتي مع والديَّ كثيرًا، فأصبحتُ لا ألْقاهما، إلَّا وأقبِّل أيديهما ورأسهما، وكذا مع إخوتي.
حدث أنْ غاب أبي وأمي فترة عن البيت، فذهبتُ أنا وزوجي للجلوس مع إخوتي هذه المدة، ولكني وجدتُ ضجرًا كبيرًا من إخوتي تجاهي أنا وزوجي، وأحرجوني كثيرًا.
قدَّرتُ أنهم ما زالوا مُراهقين، ولا يفهمون معنى خوفي عليهم، لكن معاملتهم قاسية جدًّا، فأخي يستخفُّ بي، ولا يأبه بكلامي، وكأنني غريبة عنه! وإذا نصحتُه بشيءٍ تكبَّر عليَّ، ولا يقبل نصحي له، ولا يقبل وجود زوجي في البيت، وحدثتْ خلافات بينهما في أكثر مِن موقف؛ منها أن والدي أعطى سيارته لزوجي، ومنع أخي منها، فغضب أخي من ذلك جدًّا، وحدثتْ خلافات بينهما.
كذلك لا يهتم بدراسته، مع أنه في السنة النِّهائيَّة من الدراسة، فهو مستهترٌ لأبعد الحدود، لا يرحم صغيرًا، ولا يُقدِّر كبيرًا!
أريد أن أعرفَ كيف أتعامَل مع إخوتي، وبالأخص بعد أنْ عِشتُ مع زوجي وأهله في ظلال المعامَلة الطيِّبة الحسنة، واستنشقتُ رحيقَ طيبهم ورفقهم؟ كيف أكون مصدر تأثير على إخوتي؟ كيف أنتشلهم مما هُم فيه من تخبُّط وعنجهيَّة؟ لا أريد أن أتعامل بسلبية مع إخوتي، أريد أن نكون أحبابًا متآلفين، لا أريد أن يرى زوجي كرهي لإخوتي، ولا كره إخوتي لي، ولا تصرُّفاتهم العجيبة!


الجواب
لِمَنْ مَرَّتْ بهذه المشكلة أقول لها:
بدايةً: فلتحمدي الله تعالى أنْ منَّ عليكِ بزوجٍ يعوِّضكِ عما عشتِه مِنْ مشكلات ومشاعر مؤلمةٍ.
ثم عليكِ بالتماس أكبر الأعذار لإخوتكِ؛ ذكورًا وإناثًا، ولتَتَذَكَّري دومًا أنَّ لديهم مشكلةً تُعَدُّ مِنْ أصعب المشاكِل، وهي التفكُّك الأسري، وفقدان الأبوة، واهتزاز نظرة الأُسرة لديهم، وأنهم في فترة مِن أقسى فترات العُمر، وأشدها احتياجًا للوالدين، ولمن يفهمهم ويحتويهم؛ فترة المراهقة؛ حيث تتغير هرمونات الجسم؛ بما يؤدِّي إلى اضطراب في التفكير والمشاعر والشخصيَّة.

ثم عليكِ بما يلي في التعامل معهم:
1- احذري أشد الحذَر مِنْ إشعارهم بإعجابكِ بزوجكِ أو بأسرتِه، وبفارق التربية والمعاملة الحسنة؛ فهذا يحطِّمهم، فلا تتحدثي عنه، أو حتى تظهري ذلك لهم بأيِّ طريقة.
2- احذري التعاطُف الزائد معهم؛ حيث إنَّ الإنسان الذي لديه احتياجٌ وضعفٌ أحيانًا ينفر مِن التعاطف الزائد، بالعكس أشعريهم دومًا بأنكِ مثلهم، وأنكِ بحاجة لوالديك ولهم كإخوة تحبينهم جدًّا.
3- من الأفضل ألَّا تخلطي زوجكِ بهم كثيرًا؛ لأنَّ هذا قد يجرحهم، ويجعلهم يتألَّمون على أنفسهم، ولما آلوا إليه، وهو ليس بيديهم، فمثلًا في حالة سفر والديكِ من الأفضل لو ذهبتِ وحدكِ عندهم، أو ترددتِ عليهم، أو استضفتِ مَن يريد في منزلكِ؛ لأنَّ ذهابكما قد يشعرهم بعدم ثقة والدكِ فيهم، والإنسان يحب أن يعيش حرًّا بدون ضغوطات، خاصَّة في وُجود شخص قد يعتبرونه غريبًا عنهم.
4- ليس من مصلحتكِ مستقبلًا معرفة زوجك بخبايا أسرتكِ، وأسرار حياتكم ومشاكلها، فمن الأفضل عدم تدخُّله بينكم.
5- موقف سيارة والدكِ هذا قد يولِّد البغضاء بين أخوكِ وزوجكِ، ومن حقِّه أن يشعرَ بأنه رجل البيت، وأن يتأثَّر بتدخل زوجكِ وثقة أبيكِ فيه، اعذريه؛ فالثِّقة والحب لا يأتيان من أيام، فلا بد أن يبتعدَ زوجك عن خصوصياتهم، ويعاملهم بلطفٍ من بعيد، دون تدخُّل في أشيائكم وحياتكم، فلا بد أن تتفهمي احتياجاته.
6- ادعي لإخوتكِ دومًا بصلاح الحال، وطمئني والدتكِ أن ما يمرون به أمرٌ طبيعي في عمرهم وفي ظروفهم، وكل ما عليها هو الدُّعاء لهم، ومنحهم الحب والحنان والقرب النفسي.
7- فلتعلمي أن المشاكل بين الإخوة موجودة في كلِّ منزل؛ خاصة في تلك الأعمار، لكن من المهمِّ أن يشعروا بالحبِّ والعطاء النفسي والمادي، ويشعروا بثقتك فيهم، وبرؤيتك لهم أنهم رائعون ومتميِّزون، ليس بالكلام، وإنما بالشُّعور والإحساس.
8- الجئي دائمًا لإخوانكِ الذكور، وأشعريهم أنكِ بحاجة لهم في حياتكِ وفي تلبية متطلباتك، وفي سماعهم لمشكلاتك، فَهُم بحاجة للشعور بأنهم مرغوب فيهم، ويشكلون أهمية لك في حياتكِ، حتى مع وجود زوجكِ.
9- كوني معهم كالبعيد القريب، حينما يحتاجونكِ يجدونك، اهتمي بمشكلاتهم واسْمعيهم دومًا، وافتحي قلبكِ دون أن تتعالي عليهم، أو تتجاهليهم، أو تشعري بتميُّزكِ فتتعاطفي معهم، توازَني في مَشاعركِ وما تشعرينهم به.
10- حاولي أن تتحدثي مع والدكِ على انفراد، وأخبريه باحتياج البيت له عاطفيًّا وجسديًّا، فقد يؤثِّر هذا فيه، وفي تعامله مع أمك وإخوتك.
11- وختامًا أريدك أن تقتنعي من داخلكِ بأن الزوج مهما كان متميزًا، فهو لا يعوض عن الأسرة، ولكل فرد مكانته واحتياجنا له، ولا أحد يغني عن أحد.

وجزاك الله خيرًا على اهتمامكِ بهم، ووفقكم جميعًا لكل خير

صوت العقل
16-08-2012, 10:03 PM
جزاكم الله خيراااااا

sahar2012
16-08-2012, 11:56 PM
سلمت يداك أستاذ abomokhtar