مشاهدة النسخة كاملة : أشعر أن من حولي لا يحبونني لأني ضعيفة!


abomokhtar
16-08-2012, 05:27 PM
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أحبابي الكرام كل عام وأنتم بخير، أسأل الله لنا صياما مقبولا ومغفرة من المولي..
أحبابي لا أبحث عن حلول بعد الله إلا معكم..
مشكلتي أني إنسانة ضعيفة الشخصية وأشعر أن الذين حولي لا يحبونني رغم أنني لا أجامل أحدا والناس في المجتمع يحبون المجاملة والجمال أنا لا أعارض على الجمال لأن الله له شؤون في خلقه ولكن أتضايق من الذين حولي عندما يفضلون أختي علي رغم ما تفعله هي أفعله أنا..هذا ولكم الشكر.. أتمنى الرد سريعا.. 


الاجابة
أختي الكريمة، لكل منا أهداف في حياته يسعى إلى تحقيقها، وأحلام يتمنى أن يحولها إلى واقع ملموس، وما بين الحلم والواقع بون شاسع، يحتاج منا إلى أن نبذل في سبيل ذلك العمل الجاد، والمجهود الشاق، وأن نتسلح بسلاح الصبر في مواجهة الصعاب التي تواجهنا لنصل إلى ما نريده ونتمناه .
فلا تجزعي مما لقيت من الأذى فإن الأذى حتم على كل قائم
وما الصبر إِلا طعمه طعم علقم ولكن جني عقباه حلو المطاعم
ألم تنظري الحساد كيف تشمتوا عشية خان العهد أهل المظالم
فلما رأى الحساد صبري على الأذى سقوا من كؤوس الغيظ سم الأراقم
لقد تحدثت في رسالتك عن أنك إنسانة ضعيفة الشخصية، ومن حولك يفضلون أختك عليك، لأنها تحسن المجاملة وأنت لا تحسنين ذلك . ولا أدري ما السبب الذي يمنعك من مجاملة الناس دون إفراط في هذا الأمر؟!
أليست الكلمة الطيبة صدقة كما أخبرنا المصطفى صلى الله عليه وسلم؟!
ألم يقل الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: " فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ " [ سورة آل عمران من الآية 159 ] . وفي تفسير هذه الآية يقول ابن كثير: "والفظ: الغليظ والمراد به ههنا غَلِيظُ الْكَلَامِ لِقَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ: (غَلِيظَ الْقَلْبِ) أي لو كنت سيء الْكَلَامِ قَاسِيَ الْقَلْبِ عَلَيْهِمْ لَانْفَضُّوا عَنْكَ وَتَرَكُوكَ، وَلَكِنَّ اللَّهَ جَمَعَهُمْ عَلَيْكَ، وَأَلَانَ جَانِبَكَ لَهُمْ تأليفا لقلوبهم، كما قال عبد الله بن عمرو: إني أرى صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ ( أَنَّهُ لَيْسَ بِفَظٍّ، وَلَا غَلِيظٍ، وَلَا صَخَّابٍ فِي الْأَسْوَاقِ، وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، وَلَكِنْ يَعْفُو ويصفح ) " .
ألم يأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن نبشر ولا ننفر، حيث قال: " بشروا ولا تنفروا . ويسروا ولا تعسروا " [ رواه مسلم ] .
وأسوق إليك الآن قصة حدثت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، نتعلم منها كيف يمكن للكلام اللين أن يجنب الناس ما لا تحمد عقباه، ونتعلم منها أيضا فن المجاملة دون أن نفرط في هذا الأمر، أو نخرج عن قول الصدق .
فهذه السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها، تروي لنا هذه القصة، حيث تقول: " أن رجلا استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم . فقال " ائذنوا له . فلبئس ابن العشيرة، أو بئس رجل العشيرة " فلما دخل عليه ألان له القول . قالت عائشة: فقلت: يا رسول الله ! قلت له الذي قلت . ثم ألنت له القول ؟ قال " يا عائشة ! إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة، من ودعه، أو تركه الناس اتقاء فحشه"[رواه مسلم] .
ولعل من سبب تفضيل الناس لأختك عليك، أنها تحسن خطابها مع الناس، وتسمعهم الكلمة الطيبة، فلا تتضايقي من ذلك، بل اعملي على أن تعرفي أين يكمن موطن الخلل وتعالجيه . لذلك أختي الكريمة أنصحك بما يأتي:
1.تسلحي بسلاح الإيمان، والصبر، فقد قال الله تعالى: " ( يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين ) (البقرة:153) . فأكثري من الصلاة والوقوف بين يدي الله تعالى، لا سيما أوقات السحر، واطلبي منه تعالى أن يفتح لك قلوب الناس من حولك .
2.تفاءلي بالخير دائما، و كوني حسنة الظن بالله تعالى، فما أصدق الأمل وحسن الظن بالله حين تتعلق نفوسنا به وما أجمل عاقبته وما أحوجنا إلى طرد اليأس من نفوسنا، وزرع بذور الإيمان في أعماقنا، وأن نتفاءل بقدوم الفرج دائما .
عَسى الكَربُ الَّذي أَمسَيتُ فيهِ يَكونُ وَراءَهُ فَرَجٌ قَريبُ
3.ضعي نصب عينيك دائما، أن الطرق المفروشة بالورد لن تقودك للمجد، فاهدئي إن قابلتك الصخور وفكري كيف تتجاوزينها بكل ثقة . وما أجمل ما قاله أبو القاسم الشابي:
إِذا مَا طَمحْتُ إلى غايةٍ رَكِبتُ المنى ونَسيتُ الحَذرْ
ولم أتجنَّبْ وُعورَ الشِّعابِ ولا كُبَّةَ اللَّهَبِ المُستَعِرْ
ومن لا يحبُّ صُعودَ الجبالِ يَعِشْ أبَدَ الدَّهرِ بَيْنَ الحُفَرْ
4.لا تستسلمي للفشل، ولا تعترفي به أبدا، وتعلمي ذلك من النمل فإنه لا يعترف بالفشل، فكما تقول الكاتبة سلوى العضيدان في كتابها: استمتع بفشلك ولاتكن فاشلاً!: " هل تأملت النمل يوماً وهو يقصد مكاناً ويحمل فوق جسده الصغير أضعاف وزنه حاول إيقافه إن استطعت.. بإصبعك أو بنواة تمرة.. أو حتى بحصيات صغيرة تلقيها في طريقه ثم راقبه ستندهش حين تراه يبحث عن طريق آخر.. سيصعد.. سينزل.. سيلتف.. سيستمر في محاولته للبحث عن طريق جديد , لكنه أبداً لن يتوقف .
فالنمل لا يعترف بالتوقف أبداً لأن التوقف في لغته يعني الفشل والفشل بالنسبة له يعني الموت لذا سيحاول دائماً أن ينجح مهما كانت العقبات التي تحاول إيقافه .
فتأمل النمل يوما وراقب إيمانه وإصراره على عدم الاعتراف بقانون الفشل والتوقف!
فإن فشلت يوماً.. فابحث عن جماعة من النمل وراقبها وتعلم منها هذا القانون العجيب وقل سبحان الله.. وانهض من جديد " .
5.كوني صاحبة نفس طموحة، وحددي هدفك في الحياة، واسعي دائما لتحقيقه، وانظري في سير السلف الصالح والناجحين من قبلك، وتعلمي منهم كيف واجهوا الصعاب التي اعترضت طريقهم، فهذا الخليفة العادل، عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه – يقول: "إن لي نفساً تواقة، وما حققت شيئاً إلا تاقت لما هو أعلى منه،تاقت نفسي إلى الزواج من ابنة عمي فاطمة بنت عبد الملك فتزوجتها، ثم تاقت نفسي إلى الإمارة فوليتها، وتاقت نفسي إلى الخلافة فنلتها،والآن يا رجاء تاقت نفسي إلى الجنة فأرجو أن أكون من أهلها " .
6.اعملي على صقل مواهبك، ونمِّ قدراتك، وطري من ذاتك، و لا تطلقي على نفسك التعبيرات السلبية، مثل: "أنا ضعيفة الشخصية، أنا فاشلة... "ولكن دائما قولي لنفسك أنك تستطيعين أن تفعلي كذا، وبإمكاني أن أكسب حب الناس، وسأسعى لتغيير حياتي للأفضل... وهكذا، لأن ذلك من شأنه أن يبعث فيك الأمل، ويحيي فيك الهمة .
7. ازرعي في نفسك الثقة، واعملي أن يكون هذا دأبك، وتعلمي من موقف نابليون مع جنوده، حيث سئل ذات مرة: كيف استطعت أن تولد الثقة في نفوس أفراد جيشك ؟! فأجاب: كنت أرد على ثلاث بثلاث !، من قال لا أقدر . قلت له: حاول . ومن قال لا أعرف . قلت له: تعلم . ومن قال مستحيل . قلت له: جرب .
وفقك الله لما فيه الخير لك في الدنيا والآخرة.