Pro Saher Abdel-Aziz
22-08-2012, 11:46 AM
الإسلاميون والليبراليون وبينهما وطن
كتبت من قبل أن المصريين أمامهم طريقان كبيران رئيسيان إما أن نلعبها «أوروبا» أو أن نلعبها «أمريكا». وأرجو التمهل معى قليلا فى توضيح الأمر. مارجريت تاتشر لها مقولة ذات دلالة مهمة فى مقامنا هذا: «التاريخ صنع أوروبا، والفلسفة صنعت الولايات المتحدة».
مضمون العبارة يقول إن أوروبا انتهت إلى ما انتهت إليه بسبب كم مهول من الصراعات والحروب والخلافات والتى بدا معها كل طرف، وكل دولة، وكل ملك، وكل كنيسة، يسعى إلى تحقيق مصلحته فقط إلى أن وصلوا إلى وضع وجدوا فيه أنهم فى حالة من الانتحار الجماعى بسبب الصراع على الأرض والموارد والقوة. حروب تستمر سنوات طوالا وتنتهى بقتل وتشريد وجرح الملايين من أجل ماذا؟ من أجل الحدود السياسية التى تقسم الأرض والموارد. إذن الحل: إلغاء الحدود سيضمن تقاسم الأرض والموارد. الكلام نفسه يقال بشأن الدور السلبى للكنيسة فى أوروبا فى تبرير الاستبداد واندلاع الحروب.
أما بشأن الولايات المتحدة الأمريكية، فقد كانت الصراعات فيها أقل (رغما عن وجود جانب منها) ذلك أن من حكموها جمعوا بين الفلسفة (أى حب الحكمة)، والقوة، فى نمط أقرب إلى ما حلم به أفلاطون حين بشّر بفكرة (الملك الفيلسوف) أى ذلك الشخص الذى يجمع بين القوة والحكمة. اجتمع هؤلاء الآباء المؤسسون المنتخبون الخمسة والخمسون فى فيلاديلفيا سنة 1787 ليضعوا الدستور الذى لم يزل قائما حتى الآن مع تعديلاته السبعة والعشرين. وقد ابتكروا الكثير من الأفكار وضمنوها فى دستورهم مثل فكرة الفيدرالية وفكرة المجمع الانتخابى وغيرهما.
مقولة مارجرت تاتشر مفيدة لنا فهى تقول لمن هم فى مثل حالتنا إن علينا أن نختار إما طريق أوروبا (بصراعاته وخبطه وتخبيطه) إلى أن نتعلم كيف نعيش سويا باحترام للآخرين وبحقهم فى أن يكونوا شركاء بحقوق متساوية، أو طريقة أمريكا بدرجة أعلى من الاجتماع والنقاش والتحوط لما قد يأتى به المستقبل من مشاكل وصراعات وإيجاد حلول ومشاكل لها بعدم تغليب الصالح الخاص على العام، وما هو حالىّ على ما هو طويل الأمد. لا شك أن لأمريكا نصيبها من العنف والصراع، ولكنه قطعا أقل كثيرا مما كان متوقعا.
الرسالة الأساسية لهذا المقال هى أن أهل الرأى والفكر والسياسة فى مصر عليهم أن يكونوا على وعى بأن الصراع والتطاحن والشطط الذى يسيطر على بعضنا قد يجعلنا نتحاكم إلى العنف المفضى إلى الدماء، وهو الطريق الذى اختارته أوروبا، وعاشت فيه لسنوات.
إذن المطلوب الكثير من الحوار والاستعانة بأهل العلم والخبرة والفلسفة والتفكير العقلانى المتوازن، وعدم الاستجابة لأهل الشطط والمبالغة والتصعيد والإقصاء. لا تمجيد لأحد أو انتقاص من أهلية أحد، وإنما لا بد أن نتعلم من تجارب الآخرين. ولا بد أن نجعل مناسبة كتابة دستورنا فرصة للتوافق الذى لا يعنى الإجماع، وإنما يعنى الخلاف المتحضر.
هناك مجتمعات شهدت عقودا من الحروب الأهلية بين فصائلها المختلفة ثم خمدت نيران الحرب وابتكروا آليات للتعايش والوصول إلى حلول وسط، وهذا هو دور غير المنتمين حزبيا أو تنظيميا لأى من الفصيلين باختراع وابتداع أفكار جديدة تستجيب لمخاوف الطرفين. مصر ليست بعيدة عن ذلك، وسننجز المطلوب بإذن الله.
معتز بالله عبد الفتاح
كتبت من قبل أن المصريين أمامهم طريقان كبيران رئيسيان إما أن نلعبها «أوروبا» أو أن نلعبها «أمريكا». وأرجو التمهل معى قليلا فى توضيح الأمر. مارجريت تاتشر لها مقولة ذات دلالة مهمة فى مقامنا هذا: «التاريخ صنع أوروبا، والفلسفة صنعت الولايات المتحدة».
مضمون العبارة يقول إن أوروبا انتهت إلى ما انتهت إليه بسبب كم مهول من الصراعات والحروب والخلافات والتى بدا معها كل طرف، وكل دولة، وكل ملك، وكل كنيسة، يسعى إلى تحقيق مصلحته فقط إلى أن وصلوا إلى وضع وجدوا فيه أنهم فى حالة من الانتحار الجماعى بسبب الصراع على الأرض والموارد والقوة. حروب تستمر سنوات طوالا وتنتهى بقتل وتشريد وجرح الملايين من أجل ماذا؟ من أجل الحدود السياسية التى تقسم الأرض والموارد. إذن الحل: إلغاء الحدود سيضمن تقاسم الأرض والموارد. الكلام نفسه يقال بشأن الدور السلبى للكنيسة فى أوروبا فى تبرير الاستبداد واندلاع الحروب.
أما بشأن الولايات المتحدة الأمريكية، فقد كانت الصراعات فيها أقل (رغما عن وجود جانب منها) ذلك أن من حكموها جمعوا بين الفلسفة (أى حب الحكمة)، والقوة، فى نمط أقرب إلى ما حلم به أفلاطون حين بشّر بفكرة (الملك الفيلسوف) أى ذلك الشخص الذى يجمع بين القوة والحكمة. اجتمع هؤلاء الآباء المؤسسون المنتخبون الخمسة والخمسون فى فيلاديلفيا سنة 1787 ليضعوا الدستور الذى لم يزل قائما حتى الآن مع تعديلاته السبعة والعشرين. وقد ابتكروا الكثير من الأفكار وضمنوها فى دستورهم مثل فكرة الفيدرالية وفكرة المجمع الانتخابى وغيرهما.
مقولة مارجرت تاتشر مفيدة لنا فهى تقول لمن هم فى مثل حالتنا إن علينا أن نختار إما طريق أوروبا (بصراعاته وخبطه وتخبيطه) إلى أن نتعلم كيف نعيش سويا باحترام للآخرين وبحقهم فى أن يكونوا شركاء بحقوق متساوية، أو طريقة أمريكا بدرجة أعلى من الاجتماع والنقاش والتحوط لما قد يأتى به المستقبل من مشاكل وصراعات وإيجاد حلول ومشاكل لها بعدم تغليب الصالح الخاص على العام، وما هو حالىّ على ما هو طويل الأمد. لا شك أن لأمريكا نصيبها من العنف والصراع، ولكنه قطعا أقل كثيرا مما كان متوقعا.
الرسالة الأساسية لهذا المقال هى أن أهل الرأى والفكر والسياسة فى مصر عليهم أن يكونوا على وعى بأن الصراع والتطاحن والشطط الذى يسيطر على بعضنا قد يجعلنا نتحاكم إلى العنف المفضى إلى الدماء، وهو الطريق الذى اختارته أوروبا، وعاشت فيه لسنوات.
إذن المطلوب الكثير من الحوار والاستعانة بأهل العلم والخبرة والفلسفة والتفكير العقلانى المتوازن، وعدم الاستجابة لأهل الشطط والمبالغة والتصعيد والإقصاء. لا تمجيد لأحد أو انتقاص من أهلية أحد، وإنما لا بد أن نتعلم من تجارب الآخرين. ولا بد أن نجعل مناسبة كتابة دستورنا فرصة للتوافق الذى لا يعنى الإجماع، وإنما يعنى الخلاف المتحضر.
هناك مجتمعات شهدت عقودا من الحروب الأهلية بين فصائلها المختلفة ثم خمدت نيران الحرب وابتكروا آليات للتعايش والوصول إلى حلول وسط، وهذا هو دور غير المنتمين حزبيا أو تنظيميا لأى من الفصيلين باختراع وابتداع أفكار جديدة تستجيب لمخاوف الطرفين. مصر ليست بعيدة عن ذلك، وسننجز المطلوب بإذن الله.
معتز بالله عبد الفتاح