aymaan noor
28-09-2012, 08:10 PM
هذا خطابُ ُعاجلُ ُإليك
من أرض مصر الطيبة
من ليلها المشغولِ بالفيروز والجواهر
ومن مقاهي سيدي الحسين ، من حدائق القناطر
من تُرَعِ النيل التي تركتها.. حزينة الضفائر
هذا خطاب عاجل إليك
من الملايين التي قد أدمنتْ هواك
من الملايين التي تريد أن تراك
عندي خطاب كله أشجان
لكنني.. لكنني يا سيدي
لا أعرف العنوان..
الزرع في الغيطان ، والأولاد في البلد
ومولد النبي ،
والمآذنُ الزرقاء ،
والأجراسُ في يوم الأحد
وهذه القاهرةُ التي غفت
كزهرة بيضاء في شعر الأبد
يسلمون كلهم عليك
يقبلون كلهم يديك
ويسألون عنك كلَّ قادم إلى البلد
متى تعود للبلد ؟..
حمائم الأزهر ، يا حبيبنا ، تهدي لك السلام
معديات النيل ، يا حبيبنا ، تهدي لك السلام
والقطن في الحقول ، والنخيل ، والغمام
جميعها.. جميعها.. تهدي لك السلام
كرسيك المهجور في (منشية البكري) يبكي فارس الأحلام
والصبر لا صبر له..
والنوم لا ينام..
وساعة الجدار ، من ذهولها ، ضيعت الأيام
يا من سكنتَ الوقتَ ، والتاريخ ، والأيام..
عندي خطاب عاجل إليك..
لكنني يا سيدي.. لا أجد الكلام
الحزن مرسوم على الغيوم ، والأشجار ، والستائر
وأنت سافرت .. ولم تسافر..
فأنت في رائحة الأرض ، وفي تفتح الأزاهر..
في صوت كل موجة ، وصوت كل طائر..
في كتب الأطفال ، في الحروف ، في الدفاتر
في خضرة العيون ، وارتعاشة الأساور..
في صدر كل مؤمن ، وسيف كل ثائر
عندي خطاب عاجل..
لكنني.. لكنني يا سيدي
تسحقني مشاعري..
يا أيها المعلم الكبير
كم حزننا كبير
كم جرحنا كبير
لكننا..
نقسم بالله العلي القدير
أن نحبسَ الدموعَ في الأحداق
ونخنق العبره..
نقسم بالله العلي القدير
أن نحفظ الميثاق
ونحفظ الثوره..
وعندما يسألنا أولادنا
من أنتمُ ؟
في أي عصرٍ عشتمُ ؟
في عصر أي ملهمٍ ؟
في عصر أي ساحرِ ؟
نجيبهم : في عصرِ عبد الناصرِ
الله.. ما أروعها شهادة
أن يوجد الإنسان في زمانِ عبد الناصر
قتلناك يا أخر الانبياء ... قتلناك
ليس جديد علينا إغتيال الصحابة والانبياء
فكم من رسول قتلنا
وكم من إمام ذبحناه وهو يصلى صلاة العشاء
فتاريخنا كله محنة .... وايامنا كلها كربلاء
*****
نزلت علينا كتابا جميلا... ولكننا لا نجيد القراءة
وسافرت فينا لأرض البراءة
ولكننا ما قبلنا الرحيلا
تركناك فى شمس سيناء وحدك
تكلم ربك فى الطور وحدك
وتعرى... وتشقى .... وتعطش وحدك
ونحن هنا نجلس القرفصاء
نبيع الشعارات للاغبياء
ونحشو الجماهير تبنا وقشا
ونتركهم يعلكون الهواء
*****
قتلناك.... يا جبل الكبرياء
و أخر قنديل زيت .... يضيءُ لنا فى ليالى الشتاء
وأخر سيف من القادسية
قتلناك نحن بكلتا يدينا ... وقلنا المنية
لماذا قبلت المجئ إلينا؟
فمثلك كان كثيرا علينا
سقيناك سم العروبة حتى شبعت
رميناك فى نار عمان حتى احترقت
اريناك غدر العروبة حتى كفرت
لماذا ظهرت بأرض النفاق؟
لماذا ظهرت؟
فنحن شعوب من الجاهلية
ونحن التقلب... نحن التذبذب والباطنية
نبايع أربابنا فى الصباح
ونأكلهم حين تأتى العشية
*****
قتلناك يا حبنا وهوانا
وكنت الصديق وكنت الصدوق
وكنت أبانا
وحين غسلنا يدينا اكتشفنا
بأنا قتلنا منانا
وأن دماءك فوق الوسادة .... كانت دمانا
نفضت غبار الدراويش عنا
اعدت الينا صبانا
وسافرت فينا الى المستحيل
وعلمتنا الزهو والعنفوانا
ولكننا... حين طال المسير علينا
وطالت اظافرنا ولحانا
قتلنا الحصانا
فتبت يدانا
فتبت يدانا
اتينا اليك بعاهاتنا
واحقادنا وانحرافاتنا
الى ان ذبحناك ذبحا
بسيف أسانا
فليتك في أرضنا ماظهرت
وليتك كنت نبى سوانا
*****
ابا خالد.... يا قصيدة شعر تقال
فيخضر منها المداد
الى أين؟
يا فارس الحلم تمضى
وما الشوط حين يموت الجواد؟
الى أين؟
كل الاساطير ماتت.... بموتك
وانتحرت شهر زاد
وراء الجنازة ... سارت قريش
فهذا هشام .. وهذا زياد
وهذا يريق الدموع عليك
وخنجره تحت ثوب الحداد
وهذا يجاهد فى نومه
وفى الصحو يبكى عليه الجهاد
وهذا يحاول بعدك ملكا
وبعدك.... كل الملوك رماد
وفود الخوارج..... جاءت جميعا
لتنظم فيك ... ملاحم عشق
فمن كفروك.... ومن خونوك
ومن صلبوك بباب دمشق
انادى عليك.... ابا خالد
واعرف انى انادى بواد
واعرف انك لن تستجيب
وان الخوارق ليست تعاد
نزار قبانى فى رثاء جمال عبد الناصر
من أرض مصر الطيبة
من ليلها المشغولِ بالفيروز والجواهر
ومن مقاهي سيدي الحسين ، من حدائق القناطر
من تُرَعِ النيل التي تركتها.. حزينة الضفائر
هذا خطاب عاجل إليك
من الملايين التي قد أدمنتْ هواك
من الملايين التي تريد أن تراك
عندي خطاب كله أشجان
لكنني.. لكنني يا سيدي
لا أعرف العنوان..
الزرع في الغيطان ، والأولاد في البلد
ومولد النبي ،
والمآذنُ الزرقاء ،
والأجراسُ في يوم الأحد
وهذه القاهرةُ التي غفت
كزهرة بيضاء في شعر الأبد
يسلمون كلهم عليك
يقبلون كلهم يديك
ويسألون عنك كلَّ قادم إلى البلد
متى تعود للبلد ؟..
حمائم الأزهر ، يا حبيبنا ، تهدي لك السلام
معديات النيل ، يا حبيبنا ، تهدي لك السلام
والقطن في الحقول ، والنخيل ، والغمام
جميعها.. جميعها.. تهدي لك السلام
كرسيك المهجور في (منشية البكري) يبكي فارس الأحلام
والصبر لا صبر له..
والنوم لا ينام..
وساعة الجدار ، من ذهولها ، ضيعت الأيام
يا من سكنتَ الوقتَ ، والتاريخ ، والأيام..
عندي خطاب عاجل إليك..
لكنني يا سيدي.. لا أجد الكلام
الحزن مرسوم على الغيوم ، والأشجار ، والستائر
وأنت سافرت .. ولم تسافر..
فأنت في رائحة الأرض ، وفي تفتح الأزاهر..
في صوت كل موجة ، وصوت كل طائر..
في كتب الأطفال ، في الحروف ، في الدفاتر
في خضرة العيون ، وارتعاشة الأساور..
في صدر كل مؤمن ، وسيف كل ثائر
عندي خطاب عاجل..
لكنني.. لكنني يا سيدي
تسحقني مشاعري..
يا أيها المعلم الكبير
كم حزننا كبير
كم جرحنا كبير
لكننا..
نقسم بالله العلي القدير
أن نحبسَ الدموعَ في الأحداق
ونخنق العبره..
نقسم بالله العلي القدير
أن نحفظ الميثاق
ونحفظ الثوره..
وعندما يسألنا أولادنا
من أنتمُ ؟
في أي عصرٍ عشتمُ ؟
في عصر أي ملهمٍ ؟
في عصر أي ساحرِ ؟
نجيبهم : في عصرِ عبد الناصرِ
الله.. ما أروعها شهادة
أن يوجد الإنسان في زمانِ عبد الناصر
قتلناك يا أخر الانبياء ... قتلناك
ليس جديد علينا إغتيال الصحابة والانبياء
فكم من رسول قتلنا
وكم من إمام ذبحناه وهو يصلى صلاة العشاء
فتاريخنا كله محنة .... وايامنا كلها كربلاء
*****
نزلت علينا كتابا جميلا... ولكننا لا نجيد القراءة
وسافرت فينا لأرض البراءة
ولكننا ما قبلنا الرحيلا
تركناك فى شمس سيناء وحدك
تكلم ربك فى الطور وحدك
وتعرى... وتشقى .... وتعطش وحدك
ونحن هنا نجلس القرفصاء
نبيع الشعارات للاغبياء
ونحشو الجماهير تبنا وقشا
ونتركهم يعلكون الهواء
*****
قتلناك.... يا جبل الكبرياء
و أخر قنديل زيت .... يضيءُ لنا فى ليالى الشتاء
وأخر سيف من القادسية
قتلناك نحن بكلتا يدينا ... وقلنا المنية
لماذا قبلت المجئ إلينا؟
فمثلك كان كثيرا علينا
سقيناك سم العروبة حتى شبعت
رميناك فى نار عمان حتى احترقت
اريناك غدر العروبة حتى كفرت
لماذا ظهرت بأرض النفاق؟
لماذا ظهرت؟
فنحن شعوب من الجاهلية
ونحن التقلب... نحن التذبذب والباطنية
نبايع أربابنا فى الصباح
ونأكلهم حين تأتى العشية
*****
قتلناك يا حبنا وهوانا
وكنت الصديق وكنت الصدوق
وكنت أبانا
وحين غسلنا يدينا اكتشفنا
بأنا قتلنا منانا
وأن دماءك فوق الوسادة .... كانت دمانا
نفضت غبار الدراويش عنا
اعدت الينا صبانا
وسافرت فينا الى المستحيل
وعلمتنا الزهو والعنفوانا
ولكننا... حين طال المسير علينا
وطالت اظافرنا ولحانا
قتلنا الحصانا
فتبت يدانا
فتبت يدانا
اتينا اليك بعاهاتنا
واحقادنا وانحرافاتنا
الى ان ذبحناك ذبحا
بسيف أسانا
فليتك في أرضنا ماظهرت
وليتك كنت نبى سوانا
*****
ابا خالد.... يا قصيدة شعر تقال
فيخضر منها المداد
الى أين؟
يا فارس الحلم تمضى
وما الشوط حين يموت الجواد؟
الى أين؟
كل الاساطير ماتت.... بموتك
وانتحرت شهر زاد
وراء الجنازة ... سارت قريش
فهذا هشام .. وهذا زياد
وهذا يريق الدموع عليك
وخنجره تحت ثوب الحداد
وهذا يجاهد فى نومه
وفى الصحو يبكى عليه الجهاد
وهذا يحاول بعدك ملكا
وبعدك.... كل الملوك رماد
وفود الخوارج..... جاءت جميعا
لتنظم فيك ... ملاحم عشق
فمن كفروك.... ومن خونوك
ومن صلبوك بباب دمشق
انادى عليك.... ابا خالد
واعرف انى انادى بواد
واعرف انك لن تستجيب
وان الخوارق ليست تعاد
نزار قبانى فى رثاء جمال عبد الناصر