aymaan noor
04-10-2012, 11:53 AM
فى تشريح ساحة الإسلام السياسى (1)
عمرو حمزاوي
الأربعاء 03-10-2012 09:15
أحترم الكثيرين من ممارسى العمل العام والسياسى ذوى المرجعية الإسلامية، ولا يدفعنى أبداً الاختلاف مع أحزابهم وتياراتهم واتجاهاتهم إلى تجاهل أو نسيان كونهم وطنيين مصريين يريدون خير الوطن. إلا أن ساحة الإسلام السياسى تعانى، وتعانى الساحة العامة كلها نظراً لوزن الإسلاميين الكبير، من هيمنة ثلاث مجموعات لا تملك بعدُ القدرة على ممارسة العمل العام
والسياسى فى إطار من التعددية والتنوع.
المجموعة الأولى : تتمثل فى التنظيميين داخل جماعات الإسلام السياسى وفى المقدمة منها جماعة الإخوان. هؤلاء، ووصفتهم من قبل بالحرس الحديدى، تعلموا ممارسة العمل العام والسياسى فى سياق مواجهات وصراعات مستمرة مع النظام القديم وشكوك قوية ومتبادلة بين جماعاتهم والقوى الوطنية الأخرى، ليبرالية ويسارية. هؤلاء يرون جماعاتهم دوماً على حق، ويوطفون المرجعية الإسلامية لدعم الادعاء بكونهم أصحاب الحقيقة الكاملة، ويخفقون فى إدراك الخطوط الفاصلة بين مصلحة الجماعة والمصلحة الوطنية. هؤلاء يرون فى ممارسى العمل العام والسياسى خارج دوائرهم إما سائرين فى الركب يستعان بهم إن لم يعارضوا الجماعة أو عناصر مارقة تستحق الهجوم والتهميش والتشويه إن لم يسيروا فى الركب. يسيطر التنظيميون على الكثير من مفاصل صناعة القرار داخل ساحة الإسلام السياسى ويدفعون بها لمواجهات مستمرة مع المجتمع والقوى الأخرى، والنماذج الراهنة كثيرة من الجمعية التأسيسية
للدستور إلى قضايا الحريات.
المجموعة الثانية : يمكن توصيفها بالإشارة إلى دورها وهو التحريض السياسى.
هؤلاء هم أصوات جماعاتهم وأحزابهم فى الساحة العامة، يدافعون بعنف عن اختيارات وقرارات مكاتب الإرشاد وهيئات الدعوة ويصنعون صورة مثالية ومتجردة، هى للخيال أقرب، وفى إطار توظيف مستمر للمرجعية الإسلامية وللرأسمال الاجتماعى لجماعاتهم والذى جاء عبر عقود من العمل على الأرض وبين الفئات الشعبية (بالقطع لا يلامون عليه). المحرضون لا يقفون فى الكثير من الأحيان عند حدود أخلاقية لدى الاختلاف السياسى، بل يرون اصطياد المواقف والتعريض بالمنافسين جزءاً مشروعاً من دورهم. أزمة هؤلاء هى أن تفاعلات السياسة، بما فى ذلك الصراعات داخل جماعات وأحزاب الإسلام السياسى، أظهرت للرأى العام الصورة الحقيقية بكل ما تحمله أحياناً من انتهازية وتلاعب وتوظيف غير شريف للمرجعية الإسلامية. أزمة هؤلاء هى أن قطاعات واسعة بين المصريات والمصريين تتخوف من هيمنة أحادية على الحياة السياسية، ولا تصدق أن غياب التوازن عن الجمعية التأسيسية مثلاً هو فى صالح مصر، وباتت ترفض الخلط المستمر بين الدينى والسياسى من جهة وبين الدعوى والحزبى من جهة أخرى.
أما المجموعة الثالثة : فبها شيوخ ودعاة فضائيات التطرف، وبعضهم غير منضوٍ تنظيمياً داخل جماعات أو أحزاب الإسلام السياسى وإن حُسب على ساحة الإسلام السياسى بالمعنى الواسع. هؤلاء هم المتسببون فى فوضى الفتاوى من تكفير لليبراليين وللعلمانيين، من جواز تزويج القاصرات، من ازدراء للأديان الأخرى غير الإسلام. هؤلاء، وقناعتى أن أفقهم الإنسانى وإدراكهم السياسى والمجتمعى شديد المحدودية، يملأون الدنيا صخباً بخطابهم المتطرف، ويجيشون على هذه الأرضية الكثير من الفئات الشعبية لتأييد جماعات وأحزاب الإسلام السياسى ولرفض منافسيها من ليبراليين ويساريين بادعاء باطل هو بُعد أولئك عن الدين.
المجموعات الثلاث، التنظيميون والمحرضون وشيوخ الفضائيات، تُلحق بساحة الإسلام السياسى الكثير من الضرر، وتحول دون تقبلها لممارسة السياسة فى إطار من التعددية والتنوع. والأخطر أنها تلحق بمصر بالغ الأذى بإبعاد الحياة السياسية عن نزاهة مطلوبة وإغراقها فى دوامات العنف اللفظى واللامضمون.
عمرو حمزاوي
الأربعاء 03-10-2012 09:15
أحترم الكثيرين من ممارسى العمل العام والسياسى ذوى المرجعية الإسلامية، ولا يدفعنى أبداً الاختلاف مع أحزابهم وتياراتهم واتجاهاتهم إلى تجاهل أو نسيان كونهم وطنيين مصريين يريدون خير الوطن. إلا أن ساحة الإسلام السياسى تعانى، وتعانى الساحة العامة كلها نظراً لوزن الإسلاميين الكبير، من هيمنة ثلاث مجموعات لا تملك بعدُ القدرة على ممارسة العمل العام
والسياسى فى إطار من التعددية والتنوع.
المجموعة الأولى : تتمثل فى التنظيميين داخل جماعات الإسلام السياسى وفى المقدمة منها جماعة الإخوان. هؤلاء، ووصفتهم من قبل بالحرس الحديدى، تعلموا ممارسة العمل العام والسياسى فى سياق مواجهات وصراعات مستمرة مع النظام القديم وشكوك قوية ومتبادلة بين جماعاتهم والقوى الوطنية الأخرى، ليبرالية ويسارية. هؤلاء يرون جماعاتهم دوماً على حق، ويوطفون المرجعية الإسلامية لدعم الادعاء بكونهم أصحاب الحقيقة الكاملة، ويخفقون فى إدراك الخطوط الفاصلة بين مصلحة الجماعة والمصلحة الوطنية. هؤلاء يرون فى ممارسى العمل العام والسياسى خارج دوائرهم إما سائرين فى الركب يستعان بهم إن لم يعارضوا الجماعة أو عناصر مارقة تستحق الهجوم والتهميش والتشويه إن لم يسيروا فى الركب. يسيطر التنظيميون على الكثير من مفاصل صناعة القرار داخل ساحة الإسلام السياسى ويدفعون بها لمواجهات مستمرة مع المجتمع والقوى الأخرى، والنماذج الراهنة كثيرة من الجمعية التأسيسية
للدستور إلى قضايا الحريات.
المجموعة الثانية : يمكن توصيفها بالإشارة إلى دورها وهو التحريض السياسى.
هؤلاء هم أصوات جماعاتهم وأحزابهم فى الساحة العامة، يدافعون بعنف عن اختيارات وقرارات مكاتب الإرشاد وهيئات الدعوة ويصنعون صورة مثالية ومتجردة، هى للخيال أقرب، وفى إطار توظيف مستمر للمرجعية الإسلامية وللرأسمال الاجتماعى لجماعاتهم والذى جاء عبر عقود من العمل على الأرض وبين الفئات الشعبية (بالقطع لا يلامون عليه). المحرضون لا يقفون فى الكثير من الأحيان عند حدود أخلاقية لدى الاختلاف السياسى، بل يرون اصطياد المواقف والتعريض بالمنافسين جزءاً مشروعاً من دورهم. أزمة هؤلاء هى أن تفاعلات السياسة، بما فى ذلك الصراعات داخل جماعات وأحزاب الإسلام السياسى، أظهرت للرأى العام الصورة الحقيقية بكل ما تحمله أحياناً من انتهازية وتلاعب وتوظيف غير شريف للمرجعية الإسلامية. أزمة هؤلاء هى أن قطاعات واسعة بين المصريات والمصريين تتخوف من هيمنة أحادية على الحياة السياسية، ولا تصدق أن غياب التوازن عن الجمعية التأسيسية مثلاً هو فى صالح مصر، وباتت ترفض الخلط المستمر بين الدينى والسياسى من جهة وبين الدعوى والحزبى من جهة أخرى.
أما المجموعة الثالثة : فبها شيوخ ودعاة فضائيات التطرف، وبعضهم غير منضوٍ تنظيمياً داخل جماعات أو أحزاب الإسلام السياسى وإن حُسب على ساحة الإسلام السياسى بالمعنى الواسع. هؤلاء هم المتسببون فى فوضى الفتاوى من تكفير لليبراليين وللعلمانيين، من جواز تزويج القاصرات، من ازدراء للأديان الأخرى غير الإسلام. هؤلاء، وقناعتى أن أفقهم الإنسانى وإدراكهم السياسى والمجتمعى شديد المحدودية، يملأون الدنيا صخباً بخطابهم المتطرف، ويجيشون على هذه الأرضية الكثير من الفئات الشعبية لتأييد جماعات وأحزاب الإسلام السياسى ولرفض منافسيها من ليبراليين ويساريين بادعاء باطل هو بُعد أولئك عن الدين.
المجموعات الثلاث، التنظيميون والمحرضون وشيوخ الفضائيات، تُلحق بساحة الإسلام السياسى الكثير من الضرر، وتحول دون تقبلها لممارسة السياسة فى إطار من التعددية والتنوع. والأخطر أنها تلحق بمصر بالغ الأذى بإبعاد الحياة السياسية عن نزاهة مطلوبة وإغراقها فى دوامات العنف اللفظى واللامضمون.