aymaan noor
06-10-2012, 03:36 PM
الحرية هى الأصل
مواد مقترحة لتعزيز الحقـوق والحريات المدنية
فى الدستور الجديـد
تقديم
احتلت النصوص الداعمة لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية موقع الصدارة فى الإعلانات والمواثيق الدولية ذات الصلة ، وأفردت الدساتير فى الدول الديمقراطية نصوصا قاطعة لا تحتمل اللبس أو التأويل لتعريف هذه الحقوق والحريات بمختلف تجلياتها الفردية والإجتماعية. بل إن بعضا من هذه الدساتير أسبغ على هذه النصوص صفة السمو الموضوعى والشكلى معا بترقيتها الى مستوى " المبادىء فوق الدستورية " أو الحقوق الأزلية غير القابلة للتصرف ، والتى لا يجوز تعديلها فى أى تشريع دستورى لاحق .
وعلى خلاف ذلك جاءت الدساتير والإعلانات الدستورية التى عرفتها مصر منذ دستور 1923 وحتى دستور 1971 مشوبة بالكثير من أوجه النقص والإختزال والتضييق لمجالات التمتع بالحريات الأساسية والحقوق المدنية ، وقد تجلى ذلك فى إحالة العديد من النصوص المتصلة بها الى المشرّع القانونى بدعوى تحديدها أو تنظيمها ، على الرغم من كونها حقوقا أصلية سامية لا يجوز رهنها بتوجهات السلطتين التشريعية والتنفيذية . كما تجلى ذلك أيضا فى تقييد هذه الحريات والحقوق بإشتراط توافقها مع عبارات من قبيل قيم المجتمع و المصلحة العامة و سلامة البناء الوطنى و الأمن القومى.. الخ ، دون تعريف أو تحديد للمقصود بتلك العبارات المطلقة التى استخدمت فى تبرير الإنتقاص من حرية الإنسان والإفتئات على حقوق المواطنة .
وفضلا عن ذلك ، فقد تخلّف المشرّع الدستورى عن مواكبة التطور المتلاحق للمبادىء والأحكام والمعايير الدولية المتصلة بحقوق الانسان وحرياته الأساسية ، كما تجاهل الكثير من إلتزامات الدولة المصرية بموجب المواثيق والعهود والإتفاقيات الدولية التى صادقت عليها فى هذا الشأن ، وذلك على الرغم من أن هذه الإلتزامات تعلو على ما عداها فى التشريعات الوطنية .
وفى كل ذلك لم يجد هذا المنهج الإلتفافى حرجا فى القفز على ماذهب إليه الفقه الدستورى من أن النصوص الدستورية لا تنشىء الحريات وإنما تكشف عنها فحسب ، وأن النص عليها فى الدستور يتوخى أن تكون فى منأى عن الإعتداء عليها من جانب أى من السلطات ، وأنها ليست فى حاجة الى صدور تشريع يضعها موضع التنفيذ ، وعلى نفس المنوال جرى تجاهل العديد من المبادىء والتوصيات التى أطلقتها هيئات سياسية ومدنية وقانونية عديدة فى مجال الإصلاح الدستورى والتشريعى للنصوص الدستورية المتصلة بالحريات .
وهكذا تعزز الإعتقاد العام بأن النظم السياسية التى تعاقبت على حكم البلاد وجدت فى النصوص الدستورية المعيبة والمكبلة للحريات الغطاء اللازم لفرض وصايتها وتسلطها على حرية المجتمع وأفراده ؛ ففى ظل هذه النصوص حوصرت حرية الرأى والتعبير وتداول المعلومات والحق فى الإتصال والتجمع والتنظيم ، واستنادا لها شُرّعت القوانين الإستثنائية سيئة السمعة التى لاحقت المعارضين والمدافعين عن الحرية ، وأتاحت لمنتهكيها فرصة الإفلات من العقاب .
والأمر المؤكد هو أن الأضرار التى ترتبت على تكريس هذه المنظومة التشريعية لم تتوقف عند استباحة الحريات الفردية التى تعد أصل الحريات جميعا ، أوتسويغ العدوان على الحريات العامة والحقوق المجتمعية للمواطنين ، وأنها امتدت لتصيب كيان المجتمع كله بالجمود والإنكماش ولتضعف قدرته على مواجهة مختلف أشكال الفساد والتسلط ، وعلى تجميع طاقاته وتوظيفها فى معارك البناء والتقدم .
وعندما حانت ساعة الحقيقة بعد طول انتظار ، واشتعلت مراجل الغضب فى صدور الشباب ، وتأجج لهيب الثورة فى ربوع مصر وميادينها ، أبدع المصريون شعار ثورتهم الناظم لأهدافها وغاياتها ( كرامة .. حرية .. عدالة اجتماعية ) كلمات قليلة ولكنها قاطعة فى الدلالة على معاناتهم الواحدة وتطلعاتهم المشتركة الى عقد اجتماعى جديد يسمو بكرامة الإنسان وحرياته الخاصة والعامة ، ويرسى دعائم دولة المواطنة والمساواة وسيادة القانون . ومن هنا ، فرضت الإرادة الشعبية منطقها فتم تجميد العمل بدستور 1971 ، غير أن الخطة التى جرى تنفيذها على أرض الواقع ، بالتوافق بين المجلس العسكرى الحاكم وبعض القوى السياسية ، تنكبت عن الطريق القويم الذى يقضى بإنجاز الدستور الذى يجسّد تطلعات الثورة أولا ، حيث جرى الإستعاضة عن ذلك بإصدار إعلان دستورى انتقائى معيب فى 30 مارس 2011 ، لتجرى فى ظله الإنتخابات البرلمانية لمجلسى الشعب والشورى .
وأخيرا وبعد مشوار عسير ومتعثر وصل المشهد السياسى الى مشارف الاستحقاق الدستورى المؤجل ، وانعكست أجواء الصراع والإنقسام والسعى وراء المغانم السياسية الضيقة على عملية تكوين الجمعية التاسيسية المنوط بها كتابة الدستور تمهيدا لإستفتاء الشعب عليه ، وازدادت وتيرة الإرتباك والتخبط بتزامن هذه العملية وتوازيها مع بدء إجراءات الإنتخابات الرئاسية بما يكتنفها من مطاعن واعتراضات سياسية ودستورية وقانونية . وهكذا عادت إشكالية ( الدستور أولا أم الإنتخابات ) لتطرح نفسها دون حسم قبل أسابيع قليلة من الموعد الذى حدده المجلس العسكرى لتسليم السلطة الى المدنيين فى 30 يونيو المقبل ، ولتعود معها مخاوف ومخاطر عديدة أهمها أن يتحلل العسكريون من تعهدهم بتسليم السلطة فى الموعد المحدد ، أو أن يجرى العمل على " سلق " الدستور قبل إجراء جولة الإعادة للإنتخابات الرئاسية يومى 16 و17 يونيو القادم ، أو أن يترك أمر الدستور لرئيس جمهورية منتخب لا يعرف أحد حتى الآن حدود صلاحياته الدستورية أو هويته السياسية .
* * * * * * *
يعتقد الائتلاف الوطنى لحرية الإعلام أن أقصر الطرق لتحقيق أهداف ثورة الخامس والعشرين من يناير وتحصين مسارها فى مواجهة الضغوط والتقلبات ـ كان وسيظل ـ هو البدء بصياغة دستور وطنى ديمقراطى يعبر عن توافق المجتمع بكافة أطيافه وطوائفه على أسس الدولة المدنية الحديثة ، وفى صدارتها إطلاق الحريات الفردية وصيانة الحريات العامة طبقا للمعايير الديمقراطية المتعارف عليها . ويرى الائتلاف أن إنجاز مثل هذه الخطوة المحورية سيكون من شأنه إنهاء العديد من صور الفوضى والخلل والعدوان على حقوق المواطنين والمجتمع سواء بسواء ، فضلا عن تحصين المكتسبات الديمقراطية التى تحققت بدماء الشهداء وتضحيات الثوار ، وحمايتها من التهديد المتمثل فى بقائها تحت رحمة الأوضاع العرفية أوالأهواء السياسية .
* * * * * * * * *
كانت الفكرة الأولى التى شغلت الائتلاف هى المبادرة بصياغة مبادىء دستورية ضامنة لحرية التعبير والإعلام والصحافة وتداول المعلومات عبر مختلف وسائط الإتصال ، وذلك انطلاقا من المهمة التى اضطلع بها الائتلاف منذ تأسيسه ، وهى تجميع وتنسيق جهود المجتمع المدنى والناشطين الإعلاميين المهتمين بتطوير الإعلام المصرى على قاعدة الإستقلال عن مختلف أشكال التبعية والإحتواء .
وعبر لقاءات الائتلاف مع شركائه من مؤسسات المجتمع المدنى ، وحواراته معهم حول التحديات التى تواجه عملية الإنتقال الديمقراطى فى مصر ، تأكدت حقيقة الترابط العضوى والإعتماد المتبادل بين الحريات الإعلامية والقاعدة العريضة من الحريات الفردية والعامة التى تمدها بأسباب التماسك والنفاذ ، مما لفت الى أهمية شمولها جميعا بنصوص دستورية متآزرة ومكملة لبعضها البعض . وتبعا لذلك لم يجد الائتلاف مفرا من تطوير مبادرته لتشمل مجمل المواد المتصلة بالحقوق المدنية والحريات العامة .
وتجدر الإشارة الى أن المواد الدستورية المقترحة ، والتى تشكل صلب هذه المبادرة ، هى محصلة تفاعل الائتلاف مع العديد من الدراسات والتوصيات والإجتهادات التى أعلنتها هيئات حقوقية وبحثية ونقابية مختلفة ، حرصا منها على تجاوب الدستور الجديد مع المبادىء الكاشفة والحاكمة لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية . ورأى الائتلاف الوطنى لحرية الإعلام الإبقاء على موقع المواد المقترحة فى نطاق الباب الثالث طبقا لترتيب الأبواب فى دستور 1971 المعطل ، مع تعديل عنوان هذا الباب من ( الحريات والحقوق والواجبات العامة ) الى ( الحقوق والحريات المدنية ) وعلى ذلك تم استبعاد نصوص المواد رقم 58 و 59 و60 و61 المتعلقة بواجبات الدفاع عن الوطن ، وحماية البيئة ، والحفاظ على الوحدة الوطنية ، وأداء الضرائب من سياق هذا الباب ، وذلك حرصا على تأكيد وحدة وتجانس وترابط المواد المتصلة بالحريات ، على أن يتولى المشرّع الدستورى وضع مواد الواجبات فى الموضع المناسب لها فى مشروع الدستور . وانطلاقا من ذلك أيضا فإن المواد الخمس والعشرين المقترحة لم تشمل مجمل الحقوق القانونية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية التى تكفلها الدولة والقانون للمواطنين ، والتى تتوزع تبعا لمواضعها فى بقية أبواب الدستور ، وهنا نود أن نؤكد على أن هذا المسلك لا يعنى بأى حال تنزيلا أو مساسا بأهمية هذه الحقوق التى عكفت على صياغتها مبادرات لمؤسسات مدنية وسياسية أخرى .
كما يجدر التنويه الى أن مبادرة الائتلاف أبقت على عدد من المواد الضامنة للحريات فى الدستور المعطل دون تعديل ، كما أجرت تعديلات طفيفة على مواد أخرى بغرض إحكام الصياغة .
وأخيرا ، فإن الائتلاف الوطنى لحرية الإعلام يأمل فى أن تسهم هذه المبادرة فى إثراء الحوار المجتمعى المفتوح حول ضمانات الحرية فى العقد الإجتماعى الجديد ، وأن تكون عونا للمشرّع الدستورى على إنجاز هذه المهمة الجليلة على النحو الذى يلبى تطلعات المجتمع وأهداف الثورة .
" الائتلاف الوطنى لحرية الإعلام "
مواد مقترحة لتعزيز الحقـوق والحريات المدنية
فى الدستور الجديـد
تقديم
احتلت النصوص الداعمة لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية موقع الصدارة فى الإعلانات والمواثيق الدولية ذات الصلة ، وأفردت الدساتير فى الدول الديمقراطية نصوصا قاطعة لا تحتمل اللبس أو التأويل لتعريف هذه الحقوق والحريات بمختلف تجلياتها الفردية والإجتماعية. بل إن بعضا من هذه الدساتير أسبغ على هذه النصوص صفة السمو الموضوعى والشكلى معا بترقيتها الى مستوى " المبادىء فوق الدستورية " أو الحقوق الأزلية غير القابلة للتصرف ، والتى لا يجوز تعديلها فى أى تشريع دستورى لاحق .
وعلى خلاف ذلك جاءت الدساتير والإعلانات الدستورية التى عرفتها مصر منذ دستور 1923 وحتى دستور 1971 مشوبة بالكثير من أوجه النقص والإختزال والتضييق لمجالات التمتع بالحريات الأساسية والحقوق المدنية ، وقد تجلى ذلك فى إحالة العديد من النصوص المتصلة بها الى المشرّع القانونى بدعوى تحديدها أو تنظيمها ، على الرغم من كونها حقوقا أصلية سامية لا يجوز رهنها بتوجهات السلطتين التشريعية والتنفيذية . كما تجلى ذلك أيضا فى تقييد هذه الحريات والحقوق بإشتراط توافقها مع عبارات من قبيل قيم المجتمع و المصلحة العامة و سلامة البناء الوطنى و الأمن القومى.. الخ ، دون تعريف أو تحديد للمقصود بتلك العبارات المطلقة التى استخدمت فى تبرير الإنتقاص من حرية الإنسان والإفتئات على حقوق المواطنة .
وفضلا عن ذلك ، فقد تخلّف المشرّع الدستورى عن مواكبة التطور المتلاحق للمبادىء والأحكام والمعايير الدولية المتصلة بحقوق الانسان وحرياته الأساسية ، كما تجاهل الكثير من إلتزامات الدولة المصرية بموجب المواثيق والعهود والإتفاقيات الدولية التى صادقت عليها فى هذا الشأن ، وذلك على الرغم من أن هذه الإلتزامات تعلو على ما عداها فى التشريعات الوطنية .
وفى كل ذلك لم يجد هذا المنهج الإلتفافى حرجا فى القفز على ماذهب إليه الفقه الدستورى من أن النصوص الدستورية لا تنشىء الحريات وإنما تكشف عنها فحسب ، وأن النص عليها فى الدستور يتوخى أن تكون فى منأى عن الإعتداء عليها من جانب أى من السلطات ، وأنها ليست فى حاجة الى صدور تشريع يضعها موضع التنفيذ ، وعلى نفس المنوال جرى تجاهل العديد من المبادىء والتوصيات التى أطلقتها هيئات سياسية ومدنية وقانونية عديدة فى مجال الإصلاح الدستورى والتشريعى للنصوص الدستورية المتصلة بالحريات .
وهكذا تعزز الإعتقاد العام بأن النظم السياسية التى تعاقبت على حكم البلاد وجدت فى النصوص الدستورية المعيبة والمكبلة للحريات الغطاء اللازم لفرض وصايتها وتسلطها على حرية المجتمع وأفراده ؛ ففى ظل هذه النصوص حوصرت حرية الرأى والتعبير وتداول المعلومات والحق فى الإتصال والتجمع والتنظيم ، واستنادا لها شُرّعت القوانين الإستثنائية سيئة السمعة التى لاحقت المعارضين والمدافعين عن الحرية ، وأتاحت لمنتهكيها فرصة الإفلات من العقاب .
والأمر المؤكد هو أن الأضرار التى ترتبت على تكريس هذه المنظومة التشريعية لم تتوقف عند استباحة الحريات الفردية التى تعد أصل الحريات جميعا ، أوتسويغ العدوان على الحريات العامة والحقوق المجتمعية للمواطنين ، وأنها امتدت لتصيب كيان المجتمع كله بالجمود والإنكماش ولتضعف قدرته على مواجهة مختلف أشكال الفساد والتسلط ، وعلى تجميع طاقاته وتوظيفها فى معارك البناء والتقدم .
وعندما حانت ساعة الحقيقة بعد طول انتظار ، واشتعلت مراجل الغضب فى صدور الشباب ، وتأجج لهيب الثورة فى ربوع مصر وميادينها ، أبدع المصريون شعار ثورتهم الناظم لأهدافها وغاياتها ( كرامة .. حرية .. عدالة اجتماعية ) كلمات قليلة ولكنها قاطعة فى الدلالة على معاناتهم الواحدة وتطلعاتهم المشتركة الى عقد اجتماعى جديد يسمو بكرامة الإنسان وحرياته الخاصة والعامة ، ويرسى دعائم دولة المواطنة والمساواة وسيادة القانون . ومن هنا ، فرضت الإرادة الشعبية منطقها فتم تجميد العمل بدستور 1971 ، غير أن الخطة التى جرى تنفيذها على أرض الواقع ، بالتوافق بين المجلس العسكرى الحاكم وبعض القوى السياسية ، تنكبت عن الطريق القويم الذى يقضى بإنجاز الدستور الذى يجسّد تطلعات الثورة أولا ، حيث جرى الإستعاضة عن ذلك بإصدار إعلان دستورى انتقائى معيب فى 30 مارس 2011 ، لتجرى فى ظله الإنتخابات البرلمانية لمجلسى الشعب والشورى .
وأخيرا وبعد مشوار عسير ومتعثر وصل المشهد السياسى الى مشارف الاستحقاق الدستورى المؤجل ، وانعكست أجواء الصراع والإنقسام والسعى وراء المغانم السياسية الضيقة على عملية تكوين الجمعية التاسيسية المنوط بها كتابة الدستور تمهيدا لإستفتاء الشعب عليه ، وازدادت وتيرة الإرتباك والتخبط بتزامن هذه العملية وتوازيها مع بدء إجراءات الإنتخابات الرئاسية بما يكتنفها من مطاعن واعتراضات سياسية ودستورية وقانونية . وهكذا عادت إشكالية ( الدستور أولا أم الإنتخابات ) لتطرح نفسها دون حسم قبل أسابيع قليلة من الموعد الذى حدده المجلس العسكرى لتسليم السلطة الى المدنيين فى 30 يونيو المقبل ، ولتعود معها مخاوف ومخاطر عديدة أهمها أن يتحلل العسكريون من تعهدهم بتسليم السلطة فى الموعد المحدد ، أو أن يجرى العمل على " سلق " الدستور قبل إجراء جولة الإعادة للإنتخابات الرئاسية يومى 16 و17 يونيو القادم ، أو أن يترك أمر الدستور لرئيس جمهورية منتخب لا يعرف أحد حتى الآن حدود صلاحياته الدستورية أو هويته السياسية .
* * * * * * *
يعتقد الائتلاف الوطنى لحرية الإعلام أن أقصر الطرق لتحقيق أهداف ثورة الخامس والعشرين من يناير وتحصين مسارها فى مواجهة الضغوط والتقلبات ـ كان وسيظل ـ هو البدء بصياغة دستور وطنى ديمقراطى يعبر عن توافق المجتمع بكافة أطيافه وطوائفه على أسس الدولة المدنية الحديثة ، وفى صدارتها إطلاق الحريات الفردية وصيانة الحريات العامة طبقا للمعايير الديمقراطية المتعارف عليها . ويرى الائتلاف أن إنجاز مثل هذه الخطوة المحورية سيكون من شأنه إنهاء العديد من صور الفوضى والخلل والعدوان على حقوق المواطنين والمجتمع سواء بسواء ، فضلا عن تحصين المكتسبات الديمقراطية التى تحققت بدماء الشهداء وتضحيات الثوار ، وحمايتها من التهديد المتمثل فى بقائها تحت رحمة الأوضاع العرفية أوالأهواء السياسية .
* * * * * * * * *
كانت الفكرة الأولى التى شغلت الائتلاف هى المبادرة بصياغة مبادىء دستورية ضامنة لحرية التعبير والإعلام والصحافة وتداول المعلومات عبر مختلف وسائط الإتصال ، وذلك انطلاقا من المهمة التى اضطلع بها الائتلاف منذ تأسيسه ، وهى تجميع وتنسيق جهود المجتمع المدنى والناشطين الإعلاميين المهتمين بتطوير الإعلام المصرى على قاعدة الإستقلال عن مختلف أشكال التبعية والإحتواء .
وعبر لقاءات الائتلاف مع شركائه من مؤسسات المجتمع المدنى ، وحواراته معهم حول التحديات التى تواجه عملية الإنتقال الديمقراطى فى مصر ، تأكدت حقيقة الترابط العضوى والإعتماد المتبادل بين الحريات الإعلامية والقاعدة العريضة من الحريات الفردية والعامة التى تمدها بأسباب التماسك والنفاذ ، مما لفت الى أهمية شمولها جميعا بنصوص دستورية متآزرة ومكملة لبعضها البعض . وتبعا لذلك لم يجد الائتلاف مفرا من تطوير مبادرته لتشمل مجمل المواد المتصلة بالحقوق المدنية والحريات العامة .
وتجدر الإشارة الى أن المواد الدستورية المقترحة ، والتى تشكل صلب هذه المبادرة ، هى محصلة تفاعل الائتلاف مع العديد من الدراسات والتوصيات والإجتهادات التى أعلنتها هيئات حقوقية وبحثية ونقابية مختلفة ، حرصا منها على تجاوب الدستور الجديد مع المبادىء الكاشفة والحاكمة لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية . ورأى الائتلاف الوطنى لحرية الإعلام الإبقاء على موقع المواد المقترحة فى نطاق الباب الثالث طبقا لترتيب الأبواب فى دستور 1971 المعطل ، مع تعديل عنوان هذا الباب من ( الحريات والحقوق والواجبات العامة ) الى ( الحقوق والحريات المدنية ) وعلى ذلك تم استبعاد نصوص المواد رقم 58 و 59 و60 و61 المتعلقة بواجبات الدفاع عن الوطن ، وحماية البيئة ، والحفاظ على الوحدة الوطنية ، وأداء الضرائب من سياق هذا الباب ، وذلك حرصا على تأكيد وحدة وتجانس وترابط المواد المتصلة بالحريات ، على أن يتولى المشرّع الدستورى وضع مواد الواجبات فى الموضع المناسب لها فى مشروع الدستور . وانطلاقا من ذلك أيضا فإن المواد الخمس والعشرين المقترحة لم تشمل مجمل الحقوق القانونية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية التى تكفلها الدولة والقانون للمواطنين ، والتى تتوزع تبعا لمواضعها فى بقية أبواب الدستور ، وهنا نود أن نؤكد على أن هذا المسلك لا يعنى بأى حال تنزيلا أو مساسا بأهمية هذه الحقوق التى عكفت على صياغتها مبادرات لمؤسسات مدنية وسياسية أخرى .
كما يجدر التنويه الى أن مبادرة الائتلاف أبقت على عدد من المواد الضامنة للحريات فى الدستور المعطل دون تعديل ، كما أجرت تعديلات طفيفة على مواد أخرى بغرض إحكام الصياغة .
وأخيرا ، فإن الائتلاف الوطنى لحرية الإعلام يأمل فى أن تسهم هذه المبادرة فى إثراء الحوار المجتمعى المفتوح حول ضمانات الحرية فى العقد الإجتماعى الجديد ، وأن تكون عونا للمشرّع الدستورى على إنجاز هذه المهمة الجليلة على النحو الذى يلبى تطلعات المجتمع وأهداف الثورة .
" الائتلاف الوطنى لحرية الإعلام "