abomokhtar
23-10-2012, 07:32 PM
اليوم سأجنح بكم بعيدًا عن "ساس يسوس" أى السياسة، وشأنها وما فيها من وجع قلب وغم نفس وهم خاطر، ولنعش لحظات روحانية سامية عالية، وذلك فى يوم التروية، وهو اليوم الثامن من ذى الحجة وهو أول أعمال مناسك الحج..
السعداء من كتب الله لهم أن يلبوا نداء الخليل إبراهيم عليه السلام، نداءه الخالد إلى يوم الدين، ممتثلاً فيها لقول ربه سبحانه وتعالى: "وأذن فى الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق".. وقال أهل العلم: إن من كتب الله له أن يحج سمع النداء ولبى سواء من كانوا فى أرحام أمهاتهم أو أصلاب آبائهم وأجدادهم، وقالوا أيضًا بقدر تلبية هذه النطف وعددها تكون عدد حجاتهم فمن لبى مرة حج مرة ومن لبى اثنتين حج مرتين وهكذا.. وعن يوم التروية تقول كتب اللغة: (لسان العرب) مثلاً:«وتَرَوّى القوم ورووا: تزوّدوا بالماء، ويوم التروية: يوم قبل يوم عرفة، وهو الثامن من ذى الحجّة، سُمّى به لأنّ الحُجّاج يَتَروّوْن فيه من الماء وينهضون إلى مِنىً، ولا ماء بها فيتزوّدون ريّهم من الماء، أى يسقون ويستقون"..
وبما أن اليوم هو أول أيام المناسك للحاج فوجب أن يعرف الناس أنه سيتوجه من مكة إلى منى ليبيت فيها الليل تطبيقًا لسنة النبى الأكرم صلى الله عليه وسلم، وكأنه يوم تمهيد لليوم الأعظم والركن الأكبر فى الحج وهو يوم عرفة الذى قال عنه خير البرية صلى الله عليه وسلم "الحج عرفة" ومن فاته الوقوف بعرفة فليست له حجة، كما أوضح ذلك أهل العلم والفقه.
ويوم التروية يبيت فيه الحاج بمنى مصليًا وذاكرًا وملبيًا وداعيًا الله نهاره وليله حتى يشرق عليه اليوم التاسع للتوجه إلى عرفات
وكثير من الناس يستهين بيوم التروية ويقول لك: "يا سيدى هذا سنة".. وكأن السنة وجب أن نخالفها لا نتبعها، مع أن رسول الهدى صلى الله عليه وسلم فى حجته الشهيرة ذهب لمنى يوم التروية وبات فيها وكانت أول مناسكه بعد الطواف والسعى، وهو الذى قال: "خذوا عنى مناسككم".. ومعروف عنه صلى الله عليه وسلم أنه توجه هو ومن معه ممن حج من المحصّب (الأبطح) إلى منى، ومن كان حلّ من عمرته أحرم فى هذا اليوم بعد أن ارتفعت الشمس وتوجهوا إلى منى فأتوها قبيل الظهر واستقروا بها، ومن وحى ما فعله الرسول وصحبه يفعل الحجاج فقد صلوا قصرًا لا جمعًا- الظهر والعصر والعشاء (ركعتين) والمغرب والفجر فى وقتها، ولما طلعت الشمس وارتفعت توجهوا إلى عرفة.
وبالطبع على الحاج أن يأتى منى فى هذا اليوم يوم التروية وهو محرم، ومخطئ من يجتهد فيأتيها غير محرم.. والناس فى حكاية الإحرام يخطئون كثيرًا حتى أن بعضهم وهو أخو صديق حميم لنا أتى للعمرة وانتهينا منها ثم أردنا أن نذهب به إلى المدينة المنورة فانتظرناه فى السيارة إلى أن ينزل بعد أن يغتسل ويلبس ملابسه فإذا هو بملابس الإحرام ولما سألناه قال: كنت أظن أن المدينة يحرم لها مثل العمرة..
وعلى الحاج فى هذا اليوم التصدق بقدر ما يستطيع من ماله، وأن يحسن الناس ويرشد من يستحق الإرشاد، ويساعد المحتاج ويعنى العاجز وكبير السن ويتعلم فضيلة الإيثار هو فى أول منسك من مناسك الحج حتى يطيب قلبه ويعوده على بقية المناسك العظمى مثل يوم عرفة والمزدلفة ثم يوم الحج الأكبر – يوم النحر أو يوم العيد- الذى تكون فيه المناسك عديدة ومتتالية ولها أحكامها وضوابطها أيضًا، فتكون نفسه طيبة بما فعل يوم التروية ومهيأة لعمل المزيد من الخير فى يوم الحج الأكبر أى يوم العيد.
لعلى- إن عشت- أعيش معكم غدًا، بعون البارى، يوم عرفة بروحانياته الخالدة وعبقه الحميم، وتجليات الرحمن الرحيم على عباده "الشعث الغبر" الذين أتوه من كل فج عميق، قاصدين عفوه ورحمته ومغفرته.. اللهم ضمنا معهم فى رحماتك ومغفرتك، وإن غابت أجسادنا عنهم، فلأجل أرواحنا التى يهزها الشوق هزًا ويكاد يقتلها الظمأ لوردك الصافى ومعين رحماتك.. إنك ولى ذلك والقادر عليه.
◄◄آخر كبسولة:
◄ لعل كلمات عبد الله قادر الأهدل الشعرية المشوقة خير كبسولة فى هذا المقام يقول صاحبها.
روّت جموعُ المؤمنين قلوبها
بالنفر نحو منى لترضى ربها
وعلت هتافات الجميع إلى السما
كل يلبى ربه متولها
نزلوا الخيام لباسهم متوحد
هجروا ملذات الحياة وحوبها
شعث الرؤوس ثيابهم مغبرة
لكن قلوبهُمُ تضيء من البَها
طابت منى بالوافدين وقد غدت
نُزُلاً لوفد الله كل شعابها
وتزينت عرفات لليوم الذى
تحيا به جنباتها وهضابها
تفد الجموع بقضها وقضيضها
ترجو الإلهَ الحقَّ غَفْرَ ذنوبها
وتعود نحو منى تحط رحالها
بالمشعر الميمون تقضى أمرها
والرمى للجمرات رمز إجابة
لله فى نبذ المعاصى كلها
والنحر يُذْكِر بالخليل وبابنه
فى طاعة الرحمن فلنسعد بها
وتفيض للبيت العتيق حشودُهم
ختمًا بما بدأت به فى حجها
وتعود ترقد فى منى مسرورة
لتواصل الذكر الكثير لربها
ويغادر الوفد العظيم مودعًا
تلك الرحاب وقلبه كَلِفٌ بها
رباه مالى قد تركت مرابعًا
تهفو القلوب من الدنا لرحابها
رباه هل أحظى لديك بحجة
تمحو بها ذنبى وتدنينى بها
دمتم بحب
محمد خضر الشريف (http://www.almesryoon.com/search.php?q=%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF%20%D8%AE%D8% B6%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D9%81)
السعداء من كتب الله لهم أن يلبوا نداء الخليل إبراهيم عليه السلام، نداءه الخالد إلى يوم الدين، ممتثلاً فيها لقول ربه سبحانه وتعالى: "وأذن فى الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق".. وقال أهل العلم: إن من كتب الله له أن يحج سمع النداء ولبى سواء من كانوا فى أرحام أمهاتهم أو أصلاب آبائهم وأجدادهم، وقالوا أيضًا بقدر تلبية هذه النطف وعددها تكون عدد حجاتهم فمن لبى مرة حج مرة ومن لبى اثنتين حج مرتين وهكذا.. وعن يوم التروية تقول كتب اللغة: (لسان العرب) مثلاً:«وتَرَوّى القوم ورووا: تزوّدوا بالماء، ويوم التروية: يوم قبل يوم عرفة، وهو الثامن من ذى الحجّة، سُمّى به لأنّ الحُجّاج يَتَروّوْن فيه من الماء وينهضون إلى مِنىً، ولا ماء بها فيتزوّدون ريّهم من الماء، أى يسقون ويستقون"..
وبما أن اليوم هو أول أيام المناسك للحاج فوجب أن يعرف الناس أنه سيتوجه من مكة إلى منى ليبيت فيها الليل تطبيقًا لسنة النبى الأكرم صلى الله عليه وسلم، وكأنه يوم تمهيد لليوم الأعظم والركن الأكبر فى الحج وهو يوم عرفة الذى قال عنه خير البرية صلى الله عليه وسلم "الحج عرفة" ومن فاته الوقوف بعرفة فليست له حجة، كما أوضح ذلك أهل العلم والفقه.
ويوم التروية يبيت فيه الحاج بمنى مصليًا وذاكرًا وملبيًا وداعيًا الله نهاره وليله حتى يشرق عليه اليوم التاسع للتوجه إلى عرفات
وكثير من الناس يستهين بيوم التروية ويقول لك: "يا سيدى هذا سنة".. وكأن السنة وجب أن نخالفها لا نتبعها، مع أن رسول الهدى صلى الله عليه وسلم فى حجته الشهيرة ذهب لمنى يوم التروية وبات فيها وكانت أول مناسكه بعد الطواف والسعى، وهو الذى قال: "خذوا عنى مناسككم".. ومعروف عنه صلى الله عليه وسلم أنه توجه هو ومن معه ممن حج من المحصّب (الأبطح) إلى منى، ومن كان حلّ من عمرته أحرم فى هذا اليوم بعد أن ارتفعت الشمس وتوجهوا إلى منى فأتوها قبيل الظهر واستقروا بها، ومن وحى ما فعله الرسول وصحبه يفعل الحجاج فقد صلوا قصرًا لا جمعًا- الظهر والعصر والعشاء (ركعتين) والمغرب والفجر فى وقتها، ولما طلعت الشمس وارتفعت توجهوا إلى عرفة.
وبالطبع على الحاج أن يأتى منى فى هذا اليوم يوم التروية وهو محرم، ومخطئ من يجتهد فيأتيها غير محرم.. والناس فى حكاية الإحرام يخطئون كثيرًا حتى أن بعضهم وهو أخو صديق حميم لنا أتى للعمرة وانتهينا منها ثم أردنا أن نذهب به إلى المدينة المنورة فانتظرناه فى السيارة إلى أن ينزل بعد أن يغتسل ويلبس ملابسه فإذا هو بملابس الإحرام ولما سألناه قال: كنت أظن أن المدينة يحرم لها مثل العمرة..
وعلى الحاج فى هذا اليوم التصدق بقدر ما يستطيع من ماله، وأن يحسن الناس ويرشد من يستحق الإرشاد، ويساعد المحتاج ويعنى العاجز وكبير السن ويتعلم فضيلة الإيثار هو فى أول منسك من مناسك الحج حتى يطيب قلبه ويعوده على بقية المناسك العظمى مثل يوم عرفة والمزدلفة ثم يوم الحج الأكبر – يوم النحر أو يوم العيد- الذى تكون فيه المناسك عديدة ومتتالية ولها أحكامها وضوابطها أيضًا، فتكون نفسه طيبة بما فعل يوم التروية ومهيأة لعمل المزيد من الخير فى يوم الحج الأكبر أى يوم العيد.
لعلى- إن عشت- أعيش معكم غدًا، بعون البارى، يوم عرفة بروحانياته الخالدة وعبقه الحميم، وتجليات الرحمن الرحيم على عباده "الشعث الغبر" الذين أتوه من كل فج عميق، قاصدين عفوه ورحمته ومغفرته.. اللهم ضمنا معهم فى رحماتك ومغفرتك، وإن غابت أجسادنا عنهم، فلأجل أرواحنا التى يهزها الشوق هزًا ويكاد يقتلها الظمأ لوردك الصافى ومعين رحماتك.. إنك ولى ذلك والقادر عليه.
◄◄آخر كبسولة:
◄ لعل كلمات عبد الله قادر الأهدل الشعرية المشوقة خير كبسولة فى هذا المقام يقول صاحبها.
روّت جموعُ المؤمنين قلوبها
بالنفر نحو منى لترضى ربها
وعلت هتافات الجميع إلى السما
كل يلبى ربه متولها
نزلوا الخيام لباسهم متوحد
هجروا ملذات الحياة وحوبها
شعث الرؤوس ثيابهم مغبرة
لكن قلوبهُمُ تضيء من البَها
طابت منى بالوافدين وقد غدت
نُزُلاً لوفد الله كل شعابها
وتزينت عرفات لليوم الذى
تحيا به جنباتها وهضابها
تفد الجموع بقضها وقضيضها
ترجو الإلهَ الحقَّ غَفْرَ ذنوبها
وتعود نحو منى تحط رحالها
بالمشعر الميمون تقضى أمرها
والرمى للجمرات رمز إجابة
لله فى نبذ المعاصى كلها
والنحر يُذْكِر بالخليل وبابنه
فى طاعة الرحمن فلنسعد بها
وتفيض للبيت العتيق حشودُهم
ختمًا بما بدأت به فى حجها
وتعود ترقد فى منى مسرورة
لتواصل الذكر الكثير لربها
ويغادر الوفد العظيم مودعًا
تلك الرحاب وقلبه كَلِفٌ بها
رباه مالى قد تركت مرابعًا
تهفو القلوب من الدنا لرحابها
رباه هل أحظى لديك بحجة
تمحو بها ذنبى وتدنينى بها
دمتم بحب
محمد خضر الشريف (http://www.almesryoon.com/search.php?q=%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF%20%D8%AE%D8% B6%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D9%81)