مشاهدة النسخة كاملة : الهجرة النبوية .. مزاعم المستشرقين وردود العلماء


abomokhtar
16-11-2012, 08:56 AM
تطالعنا اليوم سنة هجرية جديدة، نتذكر فيها ما كتبه علماء المسلمين رداً على المستشرقين ومغالطاتهم، فقد كتب محمد الغزالي عن الهجرة قائلاً، أنها لم تكرم لكونها سفراً فحسب، بل لأنها كانت خطوات يتحرك بها القلب المؤمن في الحياة، فتتحرك في ركابها الثقة الغالية والتضحية النبيلة.

والهجرة في فكر الشيخ الغزالي ليست تخلصاً من فتنة أو فراراً من أذى، وإلا لم يكن هنالك مبرر للمكث ثلاثة عشر عاماً في هذا الجو الملبد بسحب الكفر والاضطهاد إن الذي يبرر هذه المدة هو تمهيد المؤمنين بقيادة النبي - صلى الله عليه وسلم - لإقامة مجتمع جديد في بلد آمن، والدعوة ما زالت وليدة غضة طرية والمسلمون قلة مستضعفة، فلم يكن هنالك بد من التهيئة للدين في مكان آمن، عندئذ يقوى المسلمون وتشب الدعوة·

ويرد الغزالي على المستشرق المجري المعروف "جولد زيهر" الذي قال إن القرآن المدني أقل بلاغة من القرآن المكي، قائلاً أن القرآن قطعاً ليس كما زعموا، إنما هو بمكيه ومدنيه سواء في إعجازه وبلاغته والتحدي به.

ومن السودان يرد مهدي رزق الله أحمد أستاذ الدراسات الإسلامية بقسم الثقافة الإسلامية على مزاعم وأخطاء وتناقضات وشبهات بودلي في كتابه "الرسول، حياة محمد"، وهي الدراسة الصادرة عن مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة.

بودلي هو مستشرق بريطاني التحق بالجيش البريطاني عام 1908م، وتدرج في رتبه إلى أن وصل رتبة كولونيل. عمل في وحدة الجيش البريطاني بالعراق، ثم في شرقي الأردن عام 1922م، ثم مستشاراً لسلطنة مسقط عام 1924م. كان أول من عبر الربع الخالي، وكشف عن أسراره المجهولة بين عامي 1930-1931م.

عندما ترك الخدمة الحكومية ذهب ليعيش بين عرب الصحراء، لأنه -كما يقول في مقدمة كتابه- كان ضجراً من التعقيدات التافهة التي جاءت عقب الحرب العالمية الأولى، وبقي مع الأعراب سبع سنين، وسمع عن محمد الرجل الذي وحَّد حفنة من القبائل المتنافرة المتنافسة، وجعلهم دعامة إمبراطورية من أعظم إمبراطوريات العالم قوة، وسمع عنه أنه الرجل ذو القلب الحار الذي حَوَّل الوثنيين وعبدة الأصنام إلى مؤمنين صادقين، يؤمنون بإله واحد وباليقين وبالموت والبعث في الحياة الأخرى. ذا ما قاله في مقدمة كتابه: "الرسول".

ترجم كتابه "الرسول.." إلى العربية: محمد محمد فرج وعبد الحميد جودة السحار، عام 1945م، ويتكون من أربعة وعشرين فصلاً، وخاتمة.

وكما يقول صاحب الدراسة، لم يهتم مترجما كتاب بودلي بالتصحيح اللازم لأخطائه وشبهاته، لذا كان لزاماً على أحد أبناء الأمة الإسلامية أن يقوم بالتصحيح اللازم، ودحض شبهاته ومزاعمه، التي تشوه سيرة الرسول صل الله عليه وسلم، وتخدم أهداف وأغراض أعداء الإسلام، ولا سيما أن الكتاب أصبح متداولاً بين الناس باللغتين: الإنجليزية والعربية.

أبرز مزاعمه وأخطائه هو التشكيك في الوحي، فيزعم بودلي أن محمدا صلى الله عليه وسلم كان يعرف القراءة والكتابة، ثم يبني على هذا الزعم أن القرآن من تأليف محمد صلى الله عليه وسلم. جاء هذا في معرض كلامه على عمه أبي لهب وزوجته أم جميل، إذ يقول عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ولم يكن في استطاعته أكثر مما احتمل، ففارقه طبعه الكريم، فلعن عمه وزوجته في صوت عال واضح النبرات، وأضاف إلى اللعن أن أم جميل ستحمل حطب الجحيم.

لا يخفى على أحد أن زعم بودلي وغيره من المستشرقين المغرضين بأن محمداً لم يكن أمياً، الغرض منه الوصول إلى الطعن في الوحي، أصل العقيدة والشريعة الإسلامية، أو التشكيك فيه، ومن ثم فتح الباب على مصراعيه ليقول من شاء إنه من وضع محمد وليس من الله.

إن أول من أثار هذه الفرية أو الزعم هم كفار مكة، الذين استخدموا شتى الوسائل والأساليب لمحاربة الرسول صلى الله عليه وسلم، والتشكيك في رسالته وفي شخصه. وفي القرآن الكريم ردٌّ لكل مزاعمهم. ومما قاله سبحانه بشأن معرفة الرسول صلى الله عليه وسلم القراءة والكتابة: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ * بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآياتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ} [العنكبوت: 48- 49] . وتواترت أقوال المفسرين من الصحابة رضي الله عنهم والتابعين على أن الله سبحانه وتعالى قد نفى عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم صفة القراءة والكتابة في هذه الآية المحكمة.

ووصف الله سبحانه وتعالى رسوله ونبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بأنه أمي لا يعرف القراءة والكتابة، مثل ما جاء في قوله: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالأِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ} [الأعراف:157] . وفي قوله: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف: 158] .

كذلك من ضمن المستشرقين الذين افتروا في مزاعمهم على النبي صل الله عليه وسلم، " مونتجومري وات " وهو من أشد أعداء الإسلام، ولا يخفي صراحته في هذا العداء والاستعداء، تحت ستار مجموعة من الكتب التي تحمل عناوين براقة، ومن بين كتبه كتاب: "جلال الإسلام"، وقد علقت عليه "مجلة الوعي الإسلامي يونيو 2002م عدد 440"، يقول المستشرق: "وقد كان المهاجرون من قريش ـ طبقاً لدستور المدينة ـ يظهرون في مجموعهم "في وضع شبيه بوضع عشيرة دخلت في حلف مع عشائر المدينة، وعلى هذا الأساس كانت الجماعة الإسلامية أو لأمة تحالفاً بين عشائر، ولم يكن تجمعاً لأفراد".

فالمستشرق مونتجومري يصف واقع المدينة بعد الهجرة، وبعد مؤاخاة النبي بين المهاجرين والأنصار وصهر هذا المجتمع في بوتقة الإسلام بأنه كان "تحالفاً بين عشائر، ولم يكن تجمعاً لأفراد"، والمعروف أن بين التحالف العشائري وبين تجمع الأفراد فرقاً واسعاً وكبيراً، فالتحالف يمكن أن ينتهي بانتهاء مدة التعاقد على التحالف، ولكن التجمع البشري يقوم على العقد الذي لا ينتهي إلا بانتهاء التجمع نفسه، أو بفناء هذا التجمع.

والواقع أن المجتمع في المدينة منذ الهجرة بدأ يسير في اتجاه التجمع حول العقيدة الإسلامية، والالتفاف حولها، ولكن أكثر المستشرقين ومنهم مونتجومري لا ترضيهم الصبغة الدينية التي بدأ يصطبغ بها المجتمع في المدينة، وبدأ يلتف حولها المهاجرون والأنصار والأعراب، ولا نبالغ إذا قلنا: بدأت تصطبغ فيها من قبل بيعتي العقبة الصغرى والكبرى، حيث لم تكونا تحالفاً عشائرياً بكل المقاييس، بل كانتا تحالفاً عقائدياً·

مستر محمد سلام
16-11-2012, 11:46 PM
جزاكم الله خيرا
استاذي الفاضل
ابو مختار

*************

***********

raf11111
17-11-2012, 01:28 AM
وفقك الله وسدد خطاك