أبوبسملة ياسر خليفة الطحاوى
14-12-2012, 06:50 PM
فتح عيناه في القرن السادس هجري حيث كان مولده سنة 511هـ، ولما اشتد عوده ونضج عقله رأى أمته تتعرض لأشرس هجمة همجية، ممن أطلقوا على أنفسهم اسم الصليبين وسماهم مؤرخونا الفرنجة، قدموا من أوروبا يغزون بلادنا في موجات تتلوها موجات، كلما مروا على بلد ارتكبوا المجازر وخلفوا الدمار والخراب والرعب، وتمكنوا من احتلال مساحة شاسعة من بلاد الإسلام من بلاد الشام وغيرها وكان من أخطر الحوادث التي عرفها نهاية القرن الخامس سقوط بيت المقدس بأيدي هؤلاء الصليبيين.
وفي الوقت الذي كان يبذل الكثير من الوقت والجهد في مقاومة المحتل، كان يرى عدوًا آخر لا يقل ضررًا ولا ينقص خطرًا، عدوا أشد شراسة وكرها حيث شغل الناس بصراعاته العقائدية وأضلهم عن دينهم وسعى في دنياهم فسادًا وإفسادًا؛ لأن أتباع هذا العدو محسوبون من داخل الأمة ولكنهم ضالون مضلون، وهؤلاء سماهم حجة الإسلام الغزالي باطنية، وخصص كتابه الشهير "فضائح الباطنية" في الرد عليهم.
وبعدما توفي والده عماد الدين الذي كان بيته بيت علم وحكم وشجاعة وجهاد، حمل الراية من بعده نور الدين زنكي فكان خير سلف لخير خلف. قال عنه ابن الأثير في تاريخه: "طالعت سير الملوك المتقدمين، فلم أر فيها بعد الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز أحسن من سيرته، ولا أكثر تحريًا للعدل منه". استأنف نورد الدين حركة الجهاد التي بدأت قبله، ولكنه أعطاها زخمًا ودفعة قوية بصلاحه وشجاعته وإخلاصه، وكان منذ البداية مستحضرًا رؤيته الواضحة للهدف الذي يريد تحقيقه من خلال أمرين:
1-تحرير بلاد الشام من الصليبيين وطرد الغزاة.
2-القضاء على العدو الباطني وتوحيد الجبهة الداخلية ونشر علوم الكتاب والسنة.
لقد حقق نور الدين إنجازات كثيرة ضد الصليبين، ولكنه أدرك أن القضاء نهائيًا على الصليبين لا يتم من دون ضم مصر إلى الشام، ليستفيد من إمكاناتها وقدراتها ومكانتها من جهة، وينتزعها من الباطنيين ويتخلص من شرهم من جهة أخرى، وانتهز فرصة واتته مستثمرًا الصراع الداخلي في الصف الفاطمي، فأرسل جيشًا إلى مصر بقيادة أسد الدين شركوة ويرافقه صلاح الدين ابن أخته لتحقيق هذا الهدف.
وفي الوقت الذي بدأت خطة نور الدين تحقق أهدافها شيئًا فشيئًا، حيث نجح في تحرير مصر من سلطة الباطنيين فبدأ يتحقق بذلك أمله، شاءت إرادة الله أن يلتحق بالرفيق الأعلى وينتهي أجله، ليأخذ الراية من بعده تلميذه على الدرب ووريثه في الجهاد صلاح الدين الأيوبي، فاستأنف المسيرة وعمل أولًا على توحيد الجبهة الداخلية وفض النزاعات التي تشتت الجهود وتضعف الصف وتقوض المجهود؛ مستفيدًا من إمكانيات مصر التي حررها أستاذه وقائده نور الدين، وبالقضاء على الباطنية التي كانت تنخر الجسد من الداخل، والتفرقة التي تحدث القلاقل، أصبحت الأمة بقيادة صلاح الدين في أهبة الاستعداد لمقارعة الجيوش الصليبية فرجحت كفتها وحققت انتصاراتها وحررت البيت الأقصى وأعادته بعد قرابة قرن إلى حضيرتها.
واليوم ها هو التاريخ يعيد نفسه، وتتكرر الظروف في زماننا، مع فارق بسيط أن مصر اليوم هي المؤهلة لقيادة مشروع الأمة، بينما بلاد الشام هي التي تئن تحت وطأة التحالف الباطني وتدفع ثمن التخاذل العالمي، فسوريا اليوم بيد عصابة تقتل وتذبح، وفيها أحفاد نور الدين وصلاح الدين يشردون ويقتلون، فهل سينهض الرئيس المصري الدكتور مرسي لنصرتهم ورد الدَّين الذي على مصر نحوهم؟
• أكاديمي وكاتب قطري
http://www.almesryoon.com/permalink/66537.html
وفي الوقت الذي كان يبذل الكثير من الوقت والجهد في مقاومة المحتل، كان يرى عدوًا آخر لا يقل ضررًا ولا ينقص خطرًا، عدوا أشد شراسة وكرها حيث شغل الناس بصراعاته العقائدية وأضلهم عن دينهم وسعى في دنياهم فسادًا وإفسادًا؛ لأن أتباع هذا العدو محسوبون من داخل الأمة ولكنهم ضالون مضلون، وهؤلاء سماهم حجة الإسلام الغزالي باطنية، وخصص كتابه الشهير "فضائح الباطنية" في الرد عليهم.
وبعدما توفي والده عماد الدين الذي كان بيته بيت علم وحكم وشجاعة وجهاد، حمل الراية من بعده نور الدين زنكي فكان خير سلف لخير خلف. قال عنه ابن الأثير في تاريخه: "طالعت سير الملوك المتقدمين، فلم أر فيها بعد الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز أحسن من سيرته، ولا أكثر تحريًا للعدل منه". استأنف نورد الدين حركة الجهاد التي بدأت قبله، ولكنه أعطاها زخمًا ودفعة قوية بصلاحه وشجاعته وإخلاصه، وكان منذ البداية مستحضرًا رؤيته الواضحة للهدف الذي يريد تحقيقه من خلال أمرين:
1-تحرير بلاد الشام من الصليبيين وطرد الغزاة.
2-القضاء على العدو الباطني وتوحيد الجبهة الداخلية ونشر علوم الكتاب والسنة.
لقد حقق نور الدين إنجازات كثيرة ضد الصليبين، ولكنه أدرك أن القضاء نهائيًا على الصليبين لا يتم من دون ضم مصر إلى الشام، ليستفيد من إمكاناتها وقدراتها ومكانتها من جهة، وينتزعها من الباطنيين ويتخلص من شرهم من جهة أخرى، وانتهز فرصة واتته مستثمرًا الصراع الداخلي في الصف الفاطمي، فأرسل جيشًا إلى مصر بقيادة أسد الدين شركوة ويرافقه صلاح الدين ابن أخته لتحقيق هذا الهدف.
وفي الوقت الذي بدأت خطة نور الدين تحقق أهدافها شيئًا فشيئًا، حيث نجح في تحرير مصر من سلطة الباطنيين فبدأ يتحقق بذلك أمله، شاءت إرادة الله أن يلتحق بالرفيق الأعلى وينتهي أجله، ليأخذ الراية من بعده تلميذه على الدرب ووريثه في الجهاد صلاح الدين الأيوبي، فاستأنف المسيرة وعمل أولًا على توحيد الجبهة الداخلية وفض النزاعات التي تشتت الجهود وتضعف الصف وتقوض المجهود؛ مستفيدًا من إمكانيات مصر التي حررها أستاذه وقائده نور الدين، وبالقضاء على الباطنية التي كانت تنخر الجسد من الداخل، والتفرقة التي تحدث القلاقل، أصبحت الأمة بقيادة صلاح الدين في أهبة الاستعداد لمقارعة الجيوش الصليبية فرجحت كفتها وحققت انتصاراتها وحررت البيت الأقصى وأعادته بعد قرابة قرن إلى حضيرتها.
واليوم ها هو التاريخ يعيد نفسه، وتتكرر الظروف في زماننا، مع فارق بسيط أن مصر اليوم هي المؤهلة لقيادة مشروع الأمة، بينما بلاد الشام هي التي تئن تحت وطأة التحالف الباطني وتدفع ثمن التخاذل العالمي، فسوريا اليوم بيد عصابة تقتل وتذبح، وفيها أحفاد نور الدين وصلاح الدين يشردون ويقتلون، فهل سينهض الرئيس المصري الدكتور مرسي لنصرتهم ورد الدَّين الذي على مصر نحوهم؟
• أكاديمي وكاتب قطري
http://www.almesryoon.com/permalink/66537.html