مشاهدة النسخة كاملة : لمن يخافون تطبيق الشريعة .. الحدود في الإسلام


abomokhtar
18-12-2012, 01:07 PM
http://islamstory.com/sites/default/files/images/stories/articles/1053/20507_image002.jpg

مقدمة:
كادت عقوبات الحدود الشرعية تلتهم مفهوم "تطبيق الشريعة"، لكثرة ما ألح الكثيرون-من مؤيدين ومعارضين- على الحدود، وحجم النقاشات التي دارت حولها، ومدى صلاحيتها والفوارق بينها وبين القوانين الوضعية إلى غير ذلك(1) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn1)، بحجة أن هذه الحدود مخالفة لحقوق الإنسان التي ابتدعوها، لاسيما وأن احترام حقوق الإنسان مقررة قبل أكثر من أربعة عشر قرنًا من الزمان، فهي مقررة بتقرير الله سبحانه وتعالى لها، ليست وليدة ثورة أو انقلابات سياسية فقد قال الله تعالى: ﴿ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثيرٍ ممن خلقنا تفضيلا﴾ [الإسراء: 70], وقال رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر»(2) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn2), وقال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا (3) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn3)؟, كما أن مبادئ حقوق الإنسان وفق الشريعة الإسلامية السمحة، ووفق المفهوم الإلهي لهذه الحقوق وهو ذلك المفهوم الذي يقوم على أسس الدين والأخلاق لا الفردية المطلقة غير المنضبطة. (4) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn4)

تعريف الحد:
الحد في اللغة: المنع, يقال حدني عن كذا أي منعني، ومنه سمي السجان حدادًا، وسميت العقوبات حدودًا، لأنها تمنع من ارتكاب أسبابها كالزنى والسكر وغير ذلك، وأيضًا تسمى حدودًا؛ لأنها أحكام الله التي وضعها وحدها وقدرها(5) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn5).
والحد في الشرع: عقوبة بدنية واستيفاء حق الله تعالى(6) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn6)، أو هو العقوبة المقدرة شرعًا، سواء أكانت حقا لله أم للعبد فلا يسمى القصاص حدًا لأنه حق العبد، ولا التعزير لعدم التقدير.
وركنه: إقامة الإمام أو نائبه في الإقامة .
وشرطه: كون من يقام عليه صحيح العقل سليم البدن من أهل الاعتبار والانتذار حتى لا يقام على المجنون والسكران والمريض وضعيف الخلقة إلا بعد الصحة والإفاقة(7) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn7).

حكم إقامة الحدود الشرعية:
قال تعالى: ﴿وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾ [النساء: 14], وقد حذر الله تعالى من اقتراف الحدود، فقال تعالى: ﴿وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾ [الطلاق:1], وقال -جل شأنه-: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا﴾ [البقرة: 187](8) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn8) .
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: « حد يعمل في الأرض خير لأهل الأرض من أن يمطروا ثلاثين صباحًا »(9) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn9), وقد أمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بإقامة الحدود، فقال: «أقيموا حدود الله في القريب والبعيد، ولا تأخذكم في الله لومة لائم»(10) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn10).
قال شيخ الإسلام: خاطب الله المؤمنين بالحدود والحقوق خطابًا مطلقًا كقوله: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللّهِ ﴾[المائدة: 38] وقوله: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ﴾[النور: 2] وقوله: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً﴾[النور: 4]؛ لكن قد علم أن المخاطب بالفعل لا بد أن يكون قادرًا عليه والعاجزون لا يجب عليهم، وقد علم أن هذا فرض على الكفاية، وهو مثل الجهاد؛ بل هو نوع من الجهاد, فقوله: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ﴾ [البقرة: 216] وقوله: ﴿وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ﴾[البقرة: 190] وقوله: ﴿إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ ﴾[التوبة: 39] ونحو ذلك هو فرض على الكفاية من القادرين و " القدرة " هي السلطان ؛ فلهذا: وجب إقامة الحدود على ذي السلطان ونوابه(11) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn11).
لقد شرع الله تعالى الحدود للانزجار عما يتضرر به العباد، وصيانة دار الإسلام عن الفساد والطهر من الذنب؛ ليست بحكمٍ أصلي لإقامة الحد؛ لأنها تحصل بالتوبة لا بإقامة الحد، ولهذا يقام الحد على الكافر ولا طهرة له(12) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn12).
إن حق الإمام في إسقاط الحد إذا وجد المسقط خاص بما هو حق لله تعالى، أو ما يغلب فيه حق الله، كحد الزنا والسرقة والشرب والحرابة, أما ما هو حق للعبد، أو يغلب فيه حق العبد فليس للإمام إسقاطه، وإنما يكون الإسقاط من صاحب الحق, ووجه ذلك كما يقول الفقهاء: أن حقوق الله تعالى مبنية على التسامح والعفو، فإذا وجد ما يسقطها، فالإمام نائب في الاستيفاء لحق الله تعالى فله إسقاطها. أما حقوق العباد، فإن مبناها على الشح والضيق، والعبد بحاجة إلى استيفاء حقه، فيتوقف الاستيفاء على طلبه(13) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn13).
كما إن الحدود الشرعية كما وجبت بنص شرعي، لا تسقط بعد وجوبها وثبوتها عند الإمام إلا بنص شرعي، أو إجماع، فلا بد فيها من التوقيف أو الاتفاق، فلا مجال فيها للأهواء الشخصية، والأغراض الدنيوية، وليس لذلك سبيل في إسقاط حد أو وجوبه. ومن هنا: شرع التثبت في الحكم على من فعل ما يوجب الحد؛ فشرع الإقرار الصريح، وتعدد الشهود والإمام مندوب إلى الاستفسار عن كل الملابسات الممكنة قبل إصدار الحكم, وفي ذلك تعظيم لأحكام الله، ووقوف عند حدوده، واحترام لحقوق الإنسان؛ لئلا يؤخذ البريء بذنب غيره، ولئلا يعاقب من لا يستحق العقوبة(14) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn14).
إن العقوبات الشرعية المقدرة تتفاوت من حيث الحق الغالب فيها: فقد يكون الاعتداء فيها على حق الجماعة، وأمر الله وشرعه غالبًا، ففي هذه الحالة يكون الغالب فيها حق الله تعالى، فيجب استيفاؤه ولا يحل لأحد إسقاطه, وقد يكون الاعتداء فيها –غالبًا- يخص الأفراد، وحقوق العباد، فيكون حق العبد هو الغالب، وفيها حق لله، وهو: مخالفة أمره، وتعدي حدوده، فمصلحة العقوبة فيها تعود إلى الأفراد، وفي هذه الحالة يصح للعبد إسقاط الحد، كما في حد القذف.
إن ورود النصوص الشرعية في وجوب تنفيذ الحدود معناه أن الإمام ملزم باستيفاء الحد، إذا توفرت الشروط وانتفت موانعه. وورود النص القطعي في وجوب استيفاء الحد، لا يمنع ورود الإسقاط على تلك الحدود، فإذا طرأ على الحد ما يسقطه، وترجح لدى الإمام إسقاطه، فله ذلك سواء قبل الحكم أم بعده.

الحدود رحمة:
الإسلام ينظر لحقوق الإنسان على أنها منحة إلهية، ليست منحة من مخلوق لمخلوق مثله، يمن بها عليه إن شاء أو يسلبها منه متى شاء، بل هي حقوق قررها الله له بمقتضى فطرته الإنسانية، فهي تتمتع بقدر كاف من الهيبة والاحترام والقدسية فلا يتجرأ شخص على انتهاكها أو الاعتداء عليها, أما ما يثيره المبطلون من أن إقامة الحدود الشرعية اعتداء على حقوق الإنسان فهذه شبهة باطلة عقلًا وشرعًا، والمتأمل لحال المجتمعات التي تطبق فيها الحدود والأخرى التي لا تطبق فيها ليجد البون الشاسع في استقرار تلك المجتمعات، وانتشار الأمن فيها، فيشعر الإنسان بطمأنينة نفسية، وسكينة قلبية، وأمن مستتب، بل إن تطبيق الحدود الشرعية على المجرمين خير وسيلة للقضاء على الجريمة، وخير وسيلة لحفظ الدماء أن تسفك، والحياة من أن تهدر، والأعراض من أن تنتهك، والأنساب من أن تختلط، والأموال من أن تضيع أو تؤكل بالباطل، والعقول من أن تختل، والدين من أن يتخذ سخرية وهزوًا(15) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn15)، ولقد أخرج المجتمع الإسلامي الأول أناسًا ارتكبوا حدودًا، وكان لهم أن يستروا على أنفسهم، لكنهم كانوا هم الذين يذهبون بأنفسهم لإقامة الحد عليهم، أفبعد ذلك كله، يأتي من يجهلون الإسلام ويقولون: إن الحدود تعذيب وقسوة! بل إن الحدود حفاظ ورحمة(16) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn16).
والإسلام حين وضع الحدود لم يكن يهدف من ورائها إشباع شهوة تعذيب الناس، بل يطبق الحدود في حدود ضيقة، فيدرأ الحد بأدنى شبهة، ولا يقام إلا إذا وصل إلى الحاكم المسلم، فإن لم يصل، فللذي ارتكب الحد أن يتوب إلى الله تعالى, ثم إن الناظر إلى تطبيق الحدود يعلم أن هذا التطبيق يمنع ارتكابه وتكرره مرة أخرى، وإن إقامة الحدود في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وعهد الخلفاء الراشدين لم يتعد حدود أصابع اليدين، ثم إن اللِّين لا يجدي في كل موقف من المواقف، بل القسوة والشدة لهما أثرهما في الإصلاح أحيانًا كثيرة. وما تفعله دول العالم المتحضر أدعياء الديمقراطية وحقوق الإنسان لهو أشد مما يمكن أن يوصف بأنه قسوة، وخذ سجن أبو غريب وغوانتنامو مثالاً على عدم القسوة في أعرافهم، كما يحاول البعض من أعداء الإسلام أن يصوروا تطبيق الحدود على أنه تعذيب وقسوة وتنكيل، وهم حين يفكرون في ذلك الأمر، يفكرون في منظر تقطيع اليد، أو الجلد أو الرجم لمن أتى حدًا من حدود الله، ويتناسون تمامًا الأضرار التي نجمت عن ارتكابهم الحدود، من أموال الناس التي انتهبت، والتي ربما تسببت في فقر أصحابها، أو هتك الأعراض واختلاط الأنساب وفساد المجتمع، أليس من الأنفع للمجتمع أن تقطع يد كل عام، ويشيع الأمن بين الناس، ويطمئن الناس على أموالهم وأعراضهم، بدلاً من إشاعة الخوف في نفوسهم وقلوبهم من أولئك الذين يرتكبون جرمًا في حق أنفسهم قبل أن يرتكبوا جرمًا أعظم في حق الناس(17) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn17).
إن إقامة حدود الله في الأرض رحمة للعباد، فلم يشرع في الكذب قطع اللسان ولا القتل، ولا في الزنى الخصاء، ولا في السرقة إعدام النفس، وإنما شرع لهم في ذلك ما هو موجب أسمائه وصفاته من حكمته ورحمته، ولطفه وإحسانه وعدله، لتزول النوائب، وتنقطع الأطماع عن التظالم والعدوان، ويقتنع كل إنسان بما آتاه الله مالكه وخالقه، فلا يطمع في أخذ حق الآخرين, ومتى قضي على الجريمة أو ضاق نطاقها فإن الأمن يستقر، ويتوفر الرخاء، وتتسع الأرزاق ويصبح المجتمع هادئًا مستقرًا لا يعاني من قلاقل أو اضطرابات، فضلاً عن كون ذلك كله وقبل كل شيء هو امتثال لأمر الله عز وجل واحتكام إلى شرعه القويم.
إذا لم تطبق الحدود الشرعية تحولت إلى عقوبات كونية:
قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا ﴾[طه: 124] إن الله تعالى أمرنا نحن المسلمين أن نقيم الحدود على أصحاب المعاصي، فإذا تخلينا عن إقامة الحدود فإن هذه العقوبة الشرعية التي كان من المفروض أن نقوم بها نحن، تتحول بإذن الله تعالى إلى عقوبة كونية عامة، وإذا كان الحد الشرعي إنما يتناول العاصي فقط، فإن العقوبة الكونية العامة قد تشمل المباشر للجريمة وغير المباشر، ولهذا جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كُلِّم في المخزومية (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=157&ftp=alam&id=1002856&spid=157) التي كانت تسرق، فقالوا: من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أسامة بن زيد (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=157&ftp=alam&id=1000103&spid=157) حبَّه وابن حِبّه، فقال: النبي صلى الله عليه وسلم: «أتشفع في حد من حدود الله؟! ثم قال: إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=157&ftp=alam&id=1000071&spid=157) سرقت؛ لقطع محمد صلى الله عليه وسلم يدها»(18) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn18), وحاشاها رضي الله عنها من ذلك، لكن هذا مثال في العدالة، حتى على بنت الرسول عليه الصلاة والسلام، وليس في المجتمع الإسلامي من يجري في عروقه دم مقدس، فهو فوق النظام والعدالة أو -كما يقال- فوق القانون، إنما يخضع الجميع لشريعة الله عز وجل، الكبير والصغير أمام شريعة الله تعالى سواء، وقد جاء عمر (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=157&ftp=alam&id=1000033&spid=157) رضي الله عنه بـابن عمرو بن العاص (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=157&ftp=alam&id=1000236&spid=157)، وطلب من القبطي الأجنبي البعيد بل والكافر أن يأخذ الدرة ويضعها على رأسه ويضربه ويقول: اضرب ابن الأكرمين، خذ حقك، انتصر من ابن الأكرمين، وفي بلاط أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=157&ftp=alam&id=1000033&spid=157) رضي الله تعالى عنه وأرضاه، الذي اشتهر عنه قوله: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا(19) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn19).
إذن: عقوبة الحد -مثلاً- على السارق بالقطع، أو عقوبة رجم الزاني المحصن، أو عقوبة جلد غير المحصن، أو أي حد شرعي أمر الله تعالى به، إذا فعله الناس أمنوا واطمأنوا على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم، وأرغد عليهم الله تعالى بالعيش، فإذا قصروا ولم يقوموا بالحدود، فإن هذه العقوبة الشرعية تتحول إلى عقوبة كونية، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «إنما أهلك الذين من قبلكم...» أهلكوا لماذا؟ لأنهم عطلوا الحدود؛ لم يقيموا الحدود الشرعية، فنـزلت عليهم العقوبات الكونية القدرية التي لا يد لهم في دفعها، وهي عقوبات عامة تشمل الجميع، ثم يبعثون على نياتهم كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم(20) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn20). وهذا مصداق قوله تعالى: ﴿وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الأنفال: 25]ولا شك أن تعطيل حدود الله من أشد الظلم.

مميزات الحدود في الشريعة الإسلامية:
إن الشريعة الإسلامية شريعة متكاملة، صالحة لكل زمان ومكان، عادلة في تشريعاتها وأحكامها، وهذا يتجلى في موازنة التشريع لأنواع العقوبات الشرعية بأنواع موجباتها، فجعل شدة العقاب مقابل شدة أثر الجريمة، وخطرها على المجتمع الإسلامي أفرادًا وجماعات, وهذا يتجلى لنا واضحًا في عقوبة الزاني المحصن، وعقوبة المحارب، فشدة العقوبة فيهما نظرًا لشدة الجريمة البشعة، وفي مقابل ذلك: عقوبة القذف، فهي أخف الحدود ضربًا، لأن جريمة القذف أقل أثرًا من الزنا والحرابة. ومن مميزات هذا التشريع: المساواة بين مستحقي العقوبة الشرعية المقدرة، فلا تسقط عن الشريف لمنـزلته بين الناس أو جاهه أو سلطانه، ولا تسقط عن الغني لكثرة أمواله، وهذا يتجلى لنا واضحًا في قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث:«لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها»(21) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn21).
كما إن ورود الإسقاط على الحدود الشرعية لا يضعف من قطعيتها في الوجوب، ولا يؤدي إلى تعطيلها –كما يقوله بعض المتأخرين- وإنما الإسقاط الشرعي يعني: استثناء حالة الإسقاط من حكم النص الدال على وجوب الحد، وهذا أمر له شواهد كثيرة في الأحكام الشرعية؛ كما في الصلاة، والصيام والحج والكفارات، فمثلاً: الصلاة واجبة على كل مسلم ومسلمة، وتسقط عن المرأة في أيام حيضها فتركها للصلاة في هذه الفترة ليس تعطيلًا للنص الدال على الوجوب المطلق، وإنما تمشيًا مع النصوص الأخرى الدالة على استثناء هذه الحالة من الحكم العام. وهذا هو الشأن في الحدود إذا ورد ما يسقطها بنص أو إجماع(22) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn22), بالإضافة إلى أن الأخذ بقاعدة درء الحدود بالشبهات يؤدي غالبًا إلى تبرئة المتهم من الجريمة المنسوبة إليه، ودرء العقوبة الحدية عنه كأن تكون الشبهة قائمة في ركن من أركان الجريمة، أو في طرق إثباتها، وقد تستدعي الحال أحيانًا بعد درء الحد إلى استبدال ذلك بعقوبة تعزيرية بدلاً من الحد المشتبه فيه، كمن أقر بحد من الحدود الشرعية، ثم عدل عن إقراره لشبهة قوية، فإن الإمام يدرأ عنه الحد، وله أن يعاقبه عقوبة تعزيزية ليكون أبلغ في ردعه وزجره.

الحدود في جميع الشرائع:
ثم إن هذه الحدود التي نتحدث عنها لم تكن بدعًا من الأمر ولا هي فقط في شريعتنا نحن المسلمين ليتصدى لها أعداء الإسلام؛ بل قد أمر الله تعالى بها في جميع الشرائع السماوية، فقد أمر الله بإقامة الحدود في التوراة المنزلة على موسى عليه السلام، فعن نافعٍ عن ابن عمر أنه قال: «إن اليهود جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا أن رجلاً منهم وامرأةً زنيا فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تجدون في التوراة في شأن الرجم ؟" قالوا: نفضحهم ويجلدن, قال عبد الله بن سلامٍ: إن فيها لآية الرجم, فأتوا التوراة فنشروها, فوضع أحدهم يده على آية الرجم, فقرأ ما بعدها وما قبلها, فقال له عبد الله بن سلامٍ: ارفع يدك, فرفع يده, فإذا فيها آية الرجم، فقالوا: صدق يا محمد فيها آية الرجم، فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما, قال عبد الله بن عمر: فرأيته رجلاً يجنأ على المرأة يقيها الحجارة»(23) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn23) .
قال القاضي أبو بكر بن العربي جاءوا محكمين له في الظاهر ومختبرين في الباطن هل هو نبي حق أو مسامح في الحق فقبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم إفتاءهم وتأمل سؤالهم وهذا يدل على أن التحكيم جائز في الشرع انتهى, كما أن فيه وجوب حد الزنا على الكافر, وبه قال الشافعي وأحمد وأبو حنيفة والجمهور ؛ قال ابن عبد البر: قال مالك وإنما رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهوديين ؛ لأنه لم تكن لليهود يومئذ ذمة وتحاكموا إليه ، وقال الطحاوي -لما ذكر كلام مالك- هذا: لو لم يكن واجبًا عليهم لما أقامه النبي صلى الله عليه وسلم قال وإذا كان من لا ذمة له قد حده النبي صلى الله عليه وسلم في الزنا فمن له ذمة أحرى بذلك(24) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn24).
شبهات وردود:
أما ما يثار بين الفينة والأخرى من أن العقوبة غير منضبطة وأنها ترجع لهوى القضاة وشهواتهم؛ فهذا غير صحيح؛ ذلك أن العقوبة على جرائم الحدود (وهي الزنا، والقذف، وشرب المسكر، والسرقة، والحرابة، والردة، والبغي) مقننة ومحددة لا يزاد فيها ولا ينقص، وليس للقاضي أي سلطة تقديرية في ابتداع عقوبات جديدة لم ينص عليها الشارع الحكيم، وكذلك عقوبات جرائم القصاص والديات، أما ما عداها من الجرائم التي لم ينص على عقوبتها في الشريعة الإسلامية وهي جرائم التعازير، فللقضاة حق الاجتهاد فيها وأن يختار القاضي العقوبة الملائمة للمتهم، وهذا يختلف باختلاف أحوال الناس، فلا يشترط أن يتساوى المتهمون في نوع العقوبة وقدرها، وإنما المطلوب أن يتساووا في أثر العقوبة عليهم، والأثر المرجو من العقوبة هو الزجر والتأديب، فبعض المتهمين ينزجر بالتوبيخ، وبعضهم لا ينزجر إلا بالجلد والسجن، وهكذا(25) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn25).
كما زعم بعضهم أن إقامة الحدود الشرعية بصفة عامة (من قتل وقطع ورجم ) على المجرمين فيه من القسوة البالغة والوحشية التي لا تتناسب مع عصرنا الحاضر.
والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
1-إن هذه الحدود ثابتة في الشريعة الإسلامية لحكم عظيمة قد تظهر لقوم وتخفى على آخرين, فلا يضرنا نحن المسلمين أن عرفنا الحكمة أو جهلناها, فلله الحكمة البالغة في كل تشريع.
2-إنه مما هو مسلم به بين العقلاء أن كل عقاب لابد فيه من شدة وقسوة, حتى لو ضرب الرجل ولده مؤدبًا له لكان في ذلك نوع من القسوة, فالزعم بوجود عقاب من دون شيء من القسوة مكابرة ظاهرة, فليسموها ما شاؤا, وإذا لم تشتمل العقوبات على شيء من القسوة والشدة فكيف ستكون رادعة وزاجرة للمجرمين وضعاف النفوس ؟! .
3-إننا لو تركنا إقامة الحدود الشرعية لما تزعمونه من القسوة لأوقعنا أنفسنا والمجتمع في قسوة أشد منها, فمن الرحمة بالمجتمع وبالمحدود أن نقيم الحد عليه, ولنضرب مثالاً يقرب المراد: ما قولكم في الطبيب الذي يجري عملية جراحية فيستأصل بمشرطه المرهف بضعة من جسم المريض ليعالجه, أليس في هذا مظهر من مظاهر القسوة؟ بلى, ولكنها قسوة في الجزء المستأصل, رحمة وشفقة في باقي أجزاء الإنسان؛ وكذلك نقول في قسوة الحدود, فحرصًا على سلامة جسم المجتمع من الفساد والمرض كان من الحزم والعقل القسوة على الجزء الفاسد منه, ليسلم باقي أعضاء المجتمع .
4-إن الإسلام قبل أن يحكم عليه بالحد قدم له من وسائل الوقاية ما كان يكفي لإبعاده عن الجريمة التي اقترفها لو كان له قلب حي وضمير, لكنه لما أغلق قلبه وألغى عقله ونزع من ضميره الرحمة استحق أن يعاقب من *** صنيعه.
قسوة حد السرقة:
كما زعم بعضهم أن تطبيق حد السرقة امتهان لكرامة الإنسان وتشويه لخلقته وسمعته, بل فيه تعطيل لجزء من المجتمع وتمثيل له . والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
1- حد السرقة حكم ثابت في الشريعة الإسلامية لا يحل لأحد تعطيله علمنا الحكمة منه أم لم نعلم, قال الله تعالى: ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [المائدة: 38], وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ فِي رُبُعِ دِينَارٍ»(26) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn26).
2-إنه من الرحمة بالمحدود وبالمجتمع استئصال اليد الفاسدة منه؛ منعًا لانتشار الفساد والفوضى واختلال الأمن في المجتمع .
3-إطلاق السارق من دون عقاب رادع له؛ يجعل الناس في شغل شاغل لحماية ممتلكاتهم بأنفسهم أو بواسطة شركات الأمن, وفي هذا من الهدر للأموال والأوقات الشيء الكثير.
4-ولنتحاكم إلى الواقع: فمن المسلمات عند من عنده أدنى حد من الاطلاع أن إهمال هذا الحد أو استبداله بغيره يصّير المجتمعات غابة لا أمن فيها ولا أمان, ولننظر إلى المجتمعات الغربية, فبالرغم مما وصلوا إليه من الحضارة المدنية إلا أن جرائم السرقة عندهم في ازدياد كبير, بخلاف المجتمعات التي تقيم الحدود, فإن الأمن فيها واضح, ولا يمكن مقارنة ما فيها من السرقات بغيرها من المجتمعات.
5-إننا نشاهد ما جعلوه عقابًا للسرقة من السجن لمدة معينة فلا نرى له أثرًا على السرَّاق, بل هو بمثابة المدرسة والجامعة التي يتبادل فيها المجرمون الخبرات الإجرامية.
قال معترض على قطع يد السارق:
يد بخمسين عسجد وديت ما بالها قطعت في ربع دينار
فأجابه آخر:
عز الأمانة أغلاها وأرخصها ذل الخيانة فافهم حكمة الباري


6- على أنه لا يتم تنفيذ حد السرقة في الإسلام إلا بعد تحقق شروط وضوابط معينة كبلوغ النصاب في المال المسروق, وانتفاء الشبهة التي تمنع إقامة الحد كسرقة من أشرف على الهلاك ولم يجد ما يبقيه على قيد الحياة .

قسوة حد الزنا:
وزعم بعضهم أن في جلد أو رجم الزاني قسوة بالغة, واعتداء على الحرية الشخصية للناس, كما أن استخدام الرجم وسيلة للقتل وحشية لا تتناسب والقرن العشرين.
والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
1- حد الزنا حكم ثابت في الشريعة الإسلامية لا يحل لأحد تعطيله علمنا الحكمة منه أم لم نعلم. قال الله تعالى: ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾[النور: 2].
2- إن الله تعالى حرم الزنا وغلظ عقوبته لما له من الآثار الوخيمة على الفرد والمجتمع فمن ذلك: تفشي الجرائم الخلقية والانحلال، وتفشي الأوبئة والأمراض الفتاكة كمرض نقص المناعة (الإيدز)، وتفكك أهم رابطة اجتماعية وهي الأسرة، فإنها تهدم النسيج الاجتماعي والرابط التكافلي بين مجموعاته، وفيه تقويض لدعائم الأمم وهدم لمجدها لما فيه من تعطيل النسل الصالح, وقتل النخوة, والشهامة, وقطع الروابط الإنسانية من أبوة وأخوة وبنوة وأمومة، ولما يفرزه الزنا من ضياع أنفس ومهج في المجتمع دون ذنب منها, فابن الزنا ضائع منبوذ في المجتمع, يقاسي صنوف الحرمان والمهانة, مما يولد أشخاصًا يكرهون مجتمعاتهم ويحقدون على أهلها, ولما فيه من الخلط في الأنساب, وإلحاق الأبناء بغير آبائهم, وأخذهم حقوقًا لا يستحقونها.
3- الغريزة ال***ية مركبة في الإنسان, فإذا لم يجعل العقاب الرادع للزنا تحولت المجتمعات إلى بؤرة فساد وانحلال، وعُزِف عن الزواج الذي أحله الله وأراده لعباده.
4- كما شدد الشارع في عقوبة الزنا إلا أنه جعل له من الاحتياطات والشروط ما يضيق معه إقامة الحد, فلم يجعل الشارع السبيل إلى إثبات الحد إلا في حالتين:
الأولى: اعترافهما اعترافًا صريحًا لا رجعة فيه ولا إكراه.
والثانية: شهادة أربعة عدول بأنهما رأياهما حال الزنا رؤية صريحة (أي رؤية الإيلاج) مع اتفاق رؤيا الجميع, وهذا العدد من الشهود يصعب توافره, إلا إذا كانا مجاهرين أمام الناس بفعلتهما, ولذلك قل ثبوت الزنا بهذه الطريقة جدًا عبر التاريخ.
5- ثم إن الشارع الحكيم فرق بين المحصن وغير المحصن في العقوبة, فجعل على غير المحصن مائة جلدة وتغريب عام, وحكم على المحصن بالرجم حتى الموت, ولا يخفى ما بين الاثنين من فرق.
6- أما عن العقوبة بالرجم حتى الموت فليس المراد منها مجرد القتل- والله أعلم - بل المراد من ذلك الزجر والردع عن الإقدام على هذه الجريمة الشنعاء في حقه وحق مجتمعه, وكذلك فيها من العبرة لمن تسول له نفسه الزنا, لذا أمر الشارع بأن يحضر حال تنفيذ الحد جماعة من المؤمنين, قال الله تعالى: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النور: 2].
7- ثم إن الإسلام لم يوجب هذه العقوبة على الزاني إلا بعد أن سد الطرق والوسائل المفضية إلى الزنا, ومن ذلك: تحريم النظر إلى المرأة الأجنبية, وتحريم الخلوة بها, وغيرها من العوامل المؤدية إلى إثارة الغرائز وتأجيج الشهوات. وعمل على علاج ذلك بالحث على التبكير بالزواج, وتيسير أموره ومتطلباته, حتى يتم تفريغ هذه الغريزة بالشكل المناسب(27) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn27).

شدة حد القذف:
زعم بعضهم أن حد القذف وهو الجلد ثمانين جلدة شديد قاسي لا يصلح لزماننا هذا.
والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
1- حد القذف حكم ثابت في الشريعة الإسلامية لا يحل لأحد تعطيله علمنا الحكمة منه أم لم نعلم. قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ^ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [النور4-5] .
2-حد القذف يرد للمجني عليه اعتباره, ويعيد عليه كرامته .
3-ما في هذا الحد من وقاية أعراض الناس بمنع إلصاق التهم بهم وتشويه سمعتهم .
4-ترك إقامة الحد يجرئ السفهاء على اتهام الشرفاء, مما يزرع في المجتمع بذور الحقد والبغضاء والكراهية بين الناس, وربما أفضى بالمجني عليه إلى الانتقام بالقتل أو غيره حتى يسترد كرامته.
5-إن القاذف حين يقذف أخاه فإنه يؤلمه إيلامًا نفسيًا, فكان من المناسب إيلام القاذف بدنيًا, ونفسيًا جزاء صنيعه.
6-ولما كان القاذف يريد بقذفه تحقير المقذوف كان جزاؤه أن يحقر من الجماعة كلها, وذلك بإسقاط عدالته؛ فلا تقبل له شهادة, ويوصف بالفسق حتى يتوب توبة نصوحًا.
7-أن الإسلام يسد جميع الأبواب المفضية إلى الزنا ويعالجها بشتى الطرق, فالرمي بالزنا وكثرة سماعه قد يهونه في النفوس مما قد يغري بهذه الجريمة, فإذا كانت نادرة الذكر في المجتمع فإنها تبقى مرهوبة لدى الناس, مستبشع الوقوع فيها, وبذلك نحافظ على نزاهة المجتمع وطهارته.

إقامة حد السكر معارض لحرية الإنسان:
زعم بعضهم أن تنفيذ حد السكر فيه انتهاك صارخ لحرية الإنسان الشخصية, وتدخّل في خصوصياته, فضلاً عن ما فيه من الغلظة والقسوة التي يأباها عالمنا المتحضر اليوم.
والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
1-حد السكر حكم ثابت في الشريعة الإسلامية لا يحل لأحد تعطيله علمنا الحكمة منه أم لم نعلم. قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ^إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ﴾ [المائدة90-91]. وعن أنس بن مالك قال: «إن نبي الله صلى الله عليه وسلم جلد في الخمر بالجريد والنعال, ثم جلد أبو بكر أربعين, فلما كان عمر ودنا الناس من الريف والقرى قال: ما ترون في جلد الخمر؟ فقال عبد الرحمن بن عوف: أرى أن تجعلها كأخف الحدود, قال: فجلد عمر ثمانين»(28) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn28).
1-إن الإنسان في الشريعة الإسلامية ليس له الحرية المطلقة في مأكله ومشربه, بل هنالك ما هو ممنوع من تناوله لسبب من الأسباب كالضرر والقذارة ونحوهما.
2- اهتم الشارع بالحفاظ على سلامة العقل البشري, فقطع كل الوسائل المؤدية إلى تغييبه أو إتلافه والخمر من أخطر هذه الوسائل.
3-إن الخمر تضع متعاطيها في وضع مزرٍ مهين غير لائق بالحيوان, فضلاً عن الإنسان, فتخرجه عن احتشامه ووقاره بل وعن بشريته في بعض الأحيان, فالخمر تحدث تغييرًا ضارًا في نفسية الإنسان, فتولد فيه الشعور بالنقص والاحتقار والقلق والاضطراب النفسي .
4-إنها إسراف للمال فيما يضر ولا ينفع, يكلف الفرد والدول الخسائر الفادحة .فقد ذكرت بعض التقارير التي نشرت عام 1980م أن فرنسا تخسر على الخمور في العام الواحد ما يربو على (سبعة آلاف مليون دولار), وأن الولايات المتحدة الأمريكية تخسر ما يربو على (ثلاثين ألف مليون دولار) سنويًا، كما إنها تلهي الإنسان عن عمله وتشغله عما ينفعه ويعود عليه وعلى مجتمعه بالنفع والفائدة.
6-إنها تحول الإنسان إلى شخص أناني ينفق ماله على ملذاته وشهواته ويترك زوجته وأولاده دون رعاية واهتمام، فمن ذلك كله يعلم لماذا جاء الشرع بتحريم الخمر وترتيب العقوبة الرادعة على من شربها(29) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn29).

نتائج حول البحث:
ولعل من الضروري أن نعرّج على بعض النتائج التي يمكن أن تستفاد من هذا البحث وكذلك من خلال اطلاعنا على كلام الفقهاء حول الحدود الشرعية وتفاصيلها ونجعلها بشكل نقاط موجزة لئلا يطول بنا البحث، وليلم القارئ ببعض أهم المعلومات حول هذا الموضوع لما فيه من الأهمية، لاسيما ونحن نتصدى للرد على المخالفين وأصحاب الأهواء:
1- إن العفو من العبد لا مدخل له في الحدود الشرعية، الواجبة لحق الله تعالى، كالزنا والسرقة والشرب وهو خاص بما هو حق للعبد، أو يغلب فيه حق العبد كحد القذف.
2- التوبة لا تعفي صاحبها من حد القذف.
3- التوبة تعفي صاحبها من الحد في الزنا، والسرقة والشرب إذا كانت قبل الرفع إلى الإمام، بشرط الإصلاح معها، فلا يجب على الإمام إقامة الحد في هذه الحالة، إلا أن يصر صاحب الحد على إقامته، فيقيمه عليه تطهيرًا له من الذنب, أما التوبة بعد الرفع إلى الإمام فلا تعفي صاحبها من الحد بل تجب.
4- التداخل يسقط الحد إذا تكررت الحدود من *** واحد قبل الحد فيجزئ عن الجميع حد واحد، وتسقط عقوبة ما سواه, أو بعبارة أخرى إذا تعددت العقوبة الشرعية في محل واحد، فإن استيفاء أحدها مسقط لما سواه ضرورة لفوات المحل.
5- التقادم الزمني لا أثر له على استيفاء الحدود الشرعية، سواء تقادمت الجريمة قبل ثبوتها أم تقادمت العقوبة قبل استيفائها.
6- الرجوع عن الإقرار بعد الحكم مسقط للحد عن المقر، إذا دل دليل على صحة رجوعه، وأمكن تصديقه فيه لشبهة راجحة.
7- رجوع الشهود عن شهادتهم بعد الحكم وقبل الاستيفاء مسقط للحد عن المشهود عليه.
8-إن من أصاب حدًا في دار الحرب لا يستوفى منه فيها، وإنما يؤخر إلى رجوعه إلى دار الإسلام، فيستوفى منه فيها، ولا أثر لدار الحرب على سقوط الحد عنه.
9- الحدود الشرعية تجب حيث وجدت مسبباتها، ولا أثر لتعدد الجناة، واختلاف أحوالهم؛ فمن استحق العقوبة منهم لتوفر الشرط، وزوال المانع، يستوفى الحد منه, ومن وجد به مانع من الحد، أو شبهة فيختص به، ولا يتعداه إلى غيره ممن شاركه في فعل الجناية الموجهة للحد.
10- الشبهة القوية تسقط الحد سواء وجدت في الفعل أو الفاعل، أو الطريق المثبت للجناية فالحدود لا تقام مع الشبهات، وعلى الإمام أن يحتاط في الإثبات فدرء الحد بالشبهة خير من إقامته معها.
11- إذا ثبت حد الزنا على الزاني المحصن بشهادة الشهود، وحكم على المشهود عليه بالرجم، فإن بداءة الشهود بالرجم ليست شرطًا في الاستيفاء وامتناعهم عن الرجم لا يسقط الحد عن المشهود عليه(30) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn30) .

صور من انعدام الحدود الشرعية:
لنرى واقع الحال في بعض الدول التي تركت العمل بشرع الخالق، وعاقبت على الجريمة بالقوانين الوضعية، لنرى حالهم بصورة إحصائيات لأعداد أطفال الزنا وجرائم السرقة وغيرها من الجرائم، هذه الجرائم أرقامها تتحدث بالتالي، في عام 1970م كانت إحصائية عدد الجرائم أكثر من مليون جريمة، وفي عام 1971م أي بعد عام واحد أصبحت عدد الجرائم إحدى عشر ونصف مليون جريمة، وعندما نأتي إلى التحديدات الأكثر في إحصائيات متأخرة؛ فإننا نجد - على سبيل المثال - في إحصائية 1988م عدد الذين قتلوا في جرائم القتل في مدينة نيويورك وحدها 1849 شخص، وفي عام 1970م كان هناك 16800 جريمة قتل، بينما تضاعفت في عام1974م إلى 21500 جريمة قتل, وهكذا نجد أن الجرائم تتضاعف؛ حتى كانت بعض الإحصائيات تدل على أنه في أمريكا تحصل جريمة قتل كل دقيقتين، وجريمة ****** كل عشرين دقيقة ثم يدخل المجرم إلى السجن ليأكل ويشرب، ويكون هذا أقصر طريق للبطالين والعاطلين عن العمل؛ لا يجدون قوتًا ولا مأوى فيقتل له أي إنسان حتى يدخل إلى السجن ويعيش مرفّهًا ومنعمًا، وفي ألمانيا القتل بالرصاص تضاعف عشرة أضعاف أي في عام 1969م كان هناك ألفي جريمة بينما في عام 1970م ألفي وخمسمائة جريمة بينما في عام 1971م ثلاثة آلاف جريمة - والزيادة مضطردة حتى وصلت إلى عشرة أضعاف العدد الأول, وفي بريطانيا عدد جرائم القتل 15759 جريمة عام 1969م، وفي عام 1970م قفز الرقم إلى 41088 جريمة قتل، ثم وصل بعد ذلك إلى 50000, والزيادة أيضًا باستمرار.
ولقد وجدت في ألمانيا طفلة مشوهة ومعتدى عليها، وفي حالة يرثى لها ونقلت إلى المستشفى، ورغم الإسعاف والنقل إلى المستشفى ماتت ولما كانت مجهولة الهوية أعلنت المستشفى عن أوصاف الطفلة التي وجدت في حالة سيئة وقتلت، وعلى من فُقدِت له ابنة أن يتصل، فاتصل بهذه المستشفى أكثر من 500 أسرة في نفس هذه المدينة فقط، تقول إنها فقدت بنات لها في مثل في هذا السن، في مثل هذا الوصف ولا يعرفون عنهم شيئًا، وهذا تقرير يلخص جرائم يوم واحد في أمريكا، يقول هذا التقرير إن الجرائم التي قبض فيها على مرتكبيها بالأعداد في يوم واحد على مستوى أمريكا 2253 من متعاطي الحشيش، ال****** 180 امرأة، القتل 53 شخص، السرقة 2618 سيارة، شرب الخمور 90بليون زجاجة بيرة، الهروب بالأطفال 2740 طفل، حمل النساء المراهقات -من غير زواج طبعًا- 2740 ، الإجهاض 3231 ، الإصابات بالأمراض الناتجة عن مثل هذا 68493 شخص، هكذا تجد أن الجريمة صارت هي الأساس في مثل هذه المجتمعات من القتل إلى ال****** إلى السرقة ، وهذه الأعداد هي التي تضبط أما التي لا تضبط فهي أكثر من ذلك بكثير, أما لجنة تابعة للأمم المتحدة فقد كتبت في تقاريرها أن هناك عصابات كثيرة متخصصة في اختطاف الأطفال وممارسة ال***، واستغلالهم في الدعارة بالصور، ولبيعهم أيضًا إلى عصابات أخرى تتولى مثل هذه الأمور، وفي إحدى المجلات في أغسطس 1983م، تقول هذه المجلة أن هناك أطفال يستخدمون في هذه الجرائم ويستخدمون في البيع، وأن هذه تجارة أصبحت رائجة ورابحة، وفي بحث أعده أحد دكاترة علم النفس- وهو أمريكي- على عينة من الأطفال الذين ينشأون في هذه المؤسسات، هؤلاء الأطفال الذين يولدون بطريقة غير شرعية وعندما أجري بحث على 22 من هؤلاء وجد أن نفسياتهم تتشكل بصورة عجيبة، فعندهم عدوان وأنانية، وسلبية وصعوبات في الأكل والكلام؛ لأنهم ينشأون في غير المحضن الأسري.
وفي عالم العلاقة بين ال***ين، تقول الإحصائيات أن واحد من كل أربعة أطفال يولدون لأم مراهقة غير متزوجة، يعني ولادة غير شرعية، ربع السكان طبعًا، هذا الذي يتجاوز وسائل منع الحمل وتجاوز عمليات الإجهاض؛ وإلا فإن النسبة تبلغ إلى أكثر من النصف، ولكن هؤلاء هم الذين يصلون إلى مرحلة الاكتمال والولادة، وفي مجلة التايم نشرت في غلاف عددها بعنوان [الأطفال يولدون الأطفال] نشرت فيه تحقيقًا عن فتيات في سن التاسعة والعاشرة والحادية عشرة، وهن قد أنجبن أطفالاً، طبعًا هؤلاء لا يعرفن أساليب منع الحمل والإجهاض، ولذلك هذه الطفولة مع الجريمة بين ال***ين تجتمعان معًا، ومن عام 1972م إلى عام 1974م ذكرت الإحصائيات في أمريكا 643 حالة إجهاض قانونية في السنة الواحدة في كل سنة من هذه السنوات، أما في عام 1976م فقد شهدت أكثر من مليون حالة إجهاض، وتضيف الإحصائية أن 70% من عمليات الإجهاض تتم من قبل نساء غير متزوجات .
وفي مجلة واشنطن بوست ذكرت أن أعداداً كبيرة من النساء الأمريكيات يقبلن على قتل البنات بالإجهاض وهذا هو الوأد الجاهلي الذي يمارس في القرن العشرين بأبشع مما كان يمارس في الجاهلية(31) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn31) .
إن القوانين الوضعية الحديثة التي يعتبرها أهلها أكثر القوانين إحكامًا في مجال مكافحة الجريمة لم تنجح بعد فيما وضعت من أجله وهو مكافحة الجريمة بعد مرور أكثر من قرنين على تاريخ وضعها، وهذا باعتراف أهلها الأصليين ومنهم قاض في محكمة النقض الفرنسية الذي تعتبر بلاده قبلة العالم اليوم في مجال التشريع خصوصاً مستعمراتها السابقة ومنها الجزائر .
قال السيد موريس باتان رئيس محكمة النقض الجزائية الفرنسية في افتتاح مؤتمر الوقاية من الإجرام المنعقد في باريس سنة 1959م: أنا لست إلا قاضٍ في جهاز العدالة لم يخطر على بالي في أي وقت من الأوقات الاهتمام بأسس الوقاية من الإجرام لأن وظيفتي لم تكن هناك بل على العكس فقد كانت ولا تزال في العقاب لا في الحماية، كرست حياتي تبعاً لمهنتي القضائية الطويلة في محاربة المنحرفين حرباً سجالاً لا هوادة فيها، سلاحي الوحيد الذي وضعه القانون تحت تصرفي سلاح العقاب التقليدي، أوزع الأحكام القاسية والشديدة أحياناً على جيوش المجرمين والمتمردين ضد المجتمع، ساعياً ما أمكن إلى التوفيق بين نوعية العقاب وماهية الجريمة، وكنت أسأل نفسي دوماً كما كان الكثيرون من زملائي يتساءلون أيضاً عما إذا كان هذا السلاح قد أصبح في يدنا غير ذي شأن، وقد شعرت ولا أزال أشعر بكثير من الألم والمرارة بما كان يشعر به أولئك الذين تحدثنا الأساطير عنهم، أنهم كانوا يحاربون المسخ فكانوا كلما قطعوا رأساً من رؤوس هذا المسخ تنبت محله رؤوس ورؤوس، وقد تعاقبت السنوات وأنا ألاحظ بدهشة أن عدد المجرمين لا يزال مستقراً إن لم يصبح متزايداً، وأنه كلما كنا نرسل الكبار منهم إلى السجن أو إلى المنفى أو إلى المقصلة كان غيرهم يخلفهم في نفس الطريق بأعداد أكثر منهم(32) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn32).

وجه الإعجاز:
إن حقوق الإنسان في الإسلام ليست مطلقة بل هي مقيدة بعدم التعارض مع مقاصد الشريعة الإسلامية، وبالتالي بعدم الإضرار بمصالح الجماعة، والتي يعتبر الإنسان فردًا من أفرادها ومن ذلك أن الإسلام كفل للإنسان حرية الرأي والتعبير عن رأيه، فله الجهر بالحق وإسداء النصيحة للعامة والخاصة فيما يحقق نفع المسلمين ويصون مصالح الفرد والمجتمع ويحفظ النظام العام، لكن هناك قيود وضوابط لا ينبغي تجاوزها في هذا الأمر ومنها:
أن تمارس حرية الرأي بأسلوب سلمي قائم على الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، فلا يجوز التعبير عن الرأي إذا كان في ذلك ضرر على الآخرين، أو اعتداء على حرماتهم وأعراضهم، أو اجتراء على الدين وأهله، أو تهييج للعامة على ولاة الأمور، وإيغار صدورهم عليهم(33) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn33).. .
إن الشريعة الإسلامية اعتبرت بعض الأفعال جرائم وعاقبت عليها لحفظ مصالح الجماعة ولصيانة النظام الذي تقوم عليه الجماعة، ولضمان بقاء الجماعة قوية متضامنة متخلقة بالأخلاق الفاضلة، والله الذي شرع هذه الأحكام وأمر بها، لا تضره معصية عاص، ولو عصاه أهل الأرض جميعًا، ولا تنفعه طاعة مطيع ولو أطاعه أهل الأرض جميعًا، ولكنه كتب على نفسه الرحمة لعباده، ولم يرسل الرسل إلا رحمة للعالمين لاستنقاذهم من الجهالة، وإرشادهم من الضلالة، ولكفهم عن المعاصي وبعثهم على الطاعة(34) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn34), كما أن العقوبة في الشريعة الإسلامية منضبطة بضوابط عدة من أهمها:
أن الشريعة الإسلامية تأخذ بقاعدة « لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص » منذ بزوغ فجر الإسلام, أما الأنظمة الوضعية فلم تعرف هذا المبدأ إلا في أعقاب القرن الثامن عشر الميلادي؛ إذ أدخلت في قانون العقوبات الفرنسي كنتيجة من نتائج الثورة الفرنسية، وتقررت لأول مرة في إعلان حقوق الإنسان الصادر سنة 1789م، ثم انتقلت إلى التشريعات الوضعية الأخرى (35) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn35).
ويروي التاريخ أن هشام بن عبد الملك من خلفاء بني أمية عطل حد السرقة والحرابة سنة، فتضاعفت حوادثها وصار الناس غير آمنين على أنفسهم ولا على أموالهم من النهب والسلب، واستشرى خطر اللصوص في البوادي والحواضر، فلما تفاقم الأمر واضطربت الأحوال أعاد هشام بن عبد الملك العقوبة كما شرعها الله تعالى، فكان الإعلام بالإعادة وحده كافيًا لردع المجرمين وصيانة الحقوق وحفظ الأموال والنفوس(36) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftn36).
ونجد أنه في الأربعين سنة الأولى من الدولة الإسلامية قطعت ستة أيادي فقط، وفي الجانب الآخر: الآلاف في السجون الأميريكية والأوروبية والملايين من الأحرار يخشون التجول بعد الثامنة مساءًا بسبب اللصوص والمجرمين, فأي الحكمين أصوب في مكافحة الجريمة؟
منذ مدة قررت حكومة أوكلاهوما الإفراج عن أعداد كبيرة من السجون لأنهم ارتكبوا أعمال بسيطة وذلك لإفساح المجال أمام المجرمين الأكثر خطورة حيث إن السجون قد أضحت مكتظة بالمجرمين!فالمجرم يكلف الدولة سنويًّا 30000 دولار أميريكي فأي الحكمين هو الأصوب ؟
هل هو القانون الوضعي أم الشريعة الإسلامية؟
إن المتأمل لنظامنا الجنائي في شرعنا الإسلامي ليعلم علم اليقين أنه لا يمكن أن تستقيم حياة الناس إلا بنظام يضعه خالقهم سبحانه وتعالى.
فلله الحمد أولاً وآخرًا أن هدانا للإسلام ولتحكيم شريعة الله تعالى في البلاد وبين العباد.

إعداد: قسطاس إبراهيم النعيمي
مراجعة: علي عمر بلعجم

(1) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref1) إعداد معتز الخطيب - http://www.islamonline.net/Arabic/contemporary/2005/06/article03.shtml (http://www.islamonline.net/Arabic/contemporary/2005/06/article03.shtml)

(2) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref2) - صحيح البخاري:1/ 27, برقم: 48.

(3) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref3) - كنز العمال: 12/873, برقم: 36010.

(4) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref4) مشاهدات في مؤتمر القضاء والعدالة - http://www.alriyadh.com/2005/12/30/article119219.html (http://www.alriyadh.com/2005/12/30/article119219.html)

(5) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref5) شبكة التربية الإسلامية الحديثة. - http://2bac.medharweb.net/moamalat/index508c.html?book=16&id=35 (http://2bac.medharweb.net/moamalat/index508c.html?book=16&id=35)

(6) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref6) - التاج المذهب لأحكام المذهب: 6/472.

(7) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref7) - الفتاوى الهندية: 15 / 57.

(8) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref8) شبكة التربية الإسلامية الحديثة - http://2bac.medharweb.net/moamalat/index508c.html?book=16&id=35 (http://2bac.medharweb.net/moamalat/index508c.html?book=16&id=35)

(9) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref9) - سنن النسائي: 8/75، قال الشيخ الألباني: ( حسن ) انظر حديث رقم: 3130 في صحيح الجامع.

(10) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref10) - ابن ماجة2/846, برقم: 2540 قال الشيخ الألباني: صحيح انظر السلسلة الصحيحة 2/274, برقم: 670.

(11) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref11) - مجموع فتاوى ابن تيمية 9/138.

(12) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref12) - المرجع السابق.

(13) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref13) مسقطات الحدود في الشريعة الإسلامية [رسالة ماجستير] د. إبراهيم بن ناصر بن محمد الحمود موقع الإسلام اليوم - http://islamtoday.net/questions/show_ResearchScholar_content.cfm?Res_ID=226 (http://islamtoday.net/questions/show_ResearchScholar_content.cfm?Res_ID=226)

(14) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref14)- المرجع السابق.

(15) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref15) مشاهدات في مؤتمر القضاء والعدالة - http://www.alriyadh.com/2005/12/30/article119219.html (http://www.alriyadh.com/2005/12/30/article119219.html)

(16) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref16) شبكة التربية الإسلامية الحديثة - http://2bac.medharweb.net/moamalat/index508c.html?book=16&id=35 (http://2bac.medharweb.net/moamalat/index508c.html?book=16&id=35)

(17) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref17) - المرجع السابق.

(18) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref18) - صحيح البخاري: 11 / 294, برقم: 3216.

(19) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref19) - تقدم تخريجه في مقدمة هذا البحث.

(20) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref20) مطارق السنن الإلهية (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=FullContent&audioid=14001))للشيخ: (سلمان العودة (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=lecview&sid=157)
( -http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=FullContent&audioid=121951 )

(21) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref21) مسقطات الحدود في الشريعة الإسلامية [رسالة ماجستير] د. إبراهيم بن ناصر بن محمد الحمود موقع الإسلام اليوم - http://islamtoday.net/questions/show_ResearchScholar_content.cfm?Res_ID=226 (http://islamtoday.net/questions/show_ResearchScholar_content.cfm?Res_ID=226)

(22) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref22) - المصدر السابق.

(23) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref23) - صحيح البخاري: 11 / 465، برقم: 3363

(24) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref24) - طرح التثريب: 8 / 152.

(25) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref25) مشاهدات في مؤتمر القضاء والعدالة - http://www.alriyadh.com/2005/12/30/article119219.html (http://www.alriyadh.com/2005/12/30/article119219.html)

(26) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref26) - صحيح البخاري: 21/ 52, برقم: 6292.
(27) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref27) شبهات حول حقوق الإنسان في الإسلام - http://faculty.kfupm.edu.sa/IAS/DRSAEEDQ/ias3227.doc (http://faculty.kfupm.edu.sa/IAS/DRSAEEDQ/ias3227.doc%D8%B4%D8%A8%D9%87%D8%A7%D8%AA)
(28) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref28) - صحيح مسلم: 9/83، برقم: 3219.

(29) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref29) شبهات حول حقوق الإنسان في الإسلام. - http://faculty.kfupm.edu.sa/IAS/DRSAEEDQ/ias3227.doc (http://faculty.kfupm.edu.sa/IAS/DRSAEEDQ/ias3227.doc%20%20%20%D8%B4%D8%A8%D9%87%D8%A7%D8%AA )
(30) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref30) مسقطات الحدود في الشريعة الإسلامية [رسالة ماجستير] د. إبراهيم بن ناصر بن محمد الحمود موقع الإسلام اليوم, بتصرف - http://islamtoday.net/questions/show_ResearchScholar_content.cfm?Res_ID=226 (http://islamtoday.net/questions/show_ResearchScholar_content.cfm?Res_ID=226)

(31) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref31) - جريمة الحضارة المادية http://islameiat.com/main/?c=247&a=1535&sid=5480100ff18dc103f272d45862859dcc (http://islameiat.com/main/?c=247&a=1535&sid=5480100ff18dc103f272d45862859dcc)
(32) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref32) - القاضي فريد الزغبي –الموسوعة الجزائية –دار صادر بيروت –الطبعة الثالثة 1995،1 /40

(33) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref33) مشاهدات في مؤتمر القضاء والعدالة أخذا من مومقع: http://www.alriyadh.com/2005/12/30/article119219.html (http://www.alriyadh.com/2005/12/30/article119219.html)

(34) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref34) موقع http://www.islamicfeqh.com/al-menhaj/Almen24/almin204.htm (http://www.islamicfeqh.com/al-menhaj/Almen24/almin204.htm)

(35) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref35) - مشاهدات في مؤتمر القضاء والعدالة http://www.alriyadh.com/2005/12/30/article119219.html (http://www.alriyadh.com/2005/12/30/article119219.html)

- . http://www.smsma4law.com/vb/showthread.php?t=368 (http://www.smsma4law.com/vb/showthread.php?t=368) (36) (http://jameataleman.org/agas/tasher/tasher10.htm#_ftnref36)

abomokhtar
18-12-2012, 01:16 PM
ثمة شبهة أخرى تقول إن القسوة واضحة في مظاهر تطبيق الحدود على الجرائم من قطعٍ ليدِ سارقٍ وجلدٍ لزانٍ أو شاربِ خمرٍ, أو رجمٍ لمتزوج قد ثبت عليه الزنا.. فأين الرحمة إذن؟!
وقد يظن القارئ للوهلة الأولى أن المجتمع الإسلامي إبان تطبيق الحدود على الجرائم يمتلأ بالكثير من مقطوعي اليد والمعاقين من آثار تطبيق هذه الحدود, وهذا ليس له أيُّ نصيب من الصحة, فقد كانت نِسَب الجرائم من قتل أو زنا أو شرب لخمر أو غير ذلك قليلة جدًّا بل ومعدودة, ونجح هذا الأسلوب في الحد من الجريمة نجاحًا لا مثيل له..
وعاش المسلمون نتائج هذا النجاح وتمتعوا بثماره كثيرًا, فعَمَّ الأمن والعافية على الناس جميعًا, بينما نرى الآن ما جناه العالم من كوارث ومصائب وأمراض لا علاج لها, وذلك لعدم جدوى العقوبات التي تتبعها القوانين الوضعية في علاج أمراض المجتمع وجرائمه..
إن الإسلام لا يقرر العقوبات جزافًا, ولا ينفذها كذلك بلا حساب, وله في ذلك نظرة ينفرد بها بين كل نظم الأرض.
إن الشريعة الإسلامية تنظر إلى الجريمة بعين الفرد الذي ارتكبها, وبعين المجتمع الذي وقعت عليه في آن واحد, ثم تقرر الجزاء العادل الذي لا يميل مع النظريات المنحرفة, ولا شهوات الأمم والأفراد.
يقرر الإسلام عقوباتٍ رادعةً قد تبدو قاسية فظة لمن يأخذها أخذًا سطحيًّا بلا تمعن ولا تفكير, ولكنه لا يطبقها أبدًا حتى يضمن أولاً أن الفرد الذي ارتكب الجريمة قد ارتكبها دون مبرر ولا شبهة اضطرار.
فهو يقرر قطع يد السارق, ولكنه لا يقطعها أبدًا وهناك شبهة بأن السرقة نشأت من الجوع.
وهو يقرر رجم الزاني والزانية, ولكنه لا يرجمهما إلا أن يكونا محصنين, وإلا أن يشهد عليهما أربعة شهود بالرؤية القاطعة, أي حين يتبجحان بالدعارة حتى ليراهما كل هؤلاء الشهود, وكلاهما متزوج.
وهكذا في جميع العقوبات التي قررها الإسلام.
ونحن نأخذ هذا من مبدأ صريح قرره عمر بن الخطاب (http://www.islamstory.com/%D8%B9%D9%85%D8%B1-%D8%A8%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B7%D8%A7%D8%A8/) رضي الله عنه, وهو من أبرز الفقهاء في الإسلام, وهو فوق ذلك رجل شديد الحرص على تنفيذ الشريعة, فلا يمكن اتهامه بالتفريط في التطبيق؛ فعمر رضي الله عنه لم يُنفِّذ حد السرقة في عام الرمادة[1] (http://islamstory.com/ar/%D8%AA%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D8%B9%D8%A9#_ftn1), حيث كانت الشبهة قائمة في اضطرار الناس للسرقة بسبب الجوع.
والحادثة التالية أبلغ في الدلالة وأصرح في تقرير المبدأ الذي نشير إليه: رُويَ أن غلمانًا لابن حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه سرقوا ناقة لرجل من مُزَيْنَة, فأتى بهم عمر, فأقروا, فأمر كثيرَ بن الصلت بقطع أيديهم؛ فلما وَلَّى ردَّه ثم قال: "أما والله لولا أني أعلم أنكم تستعملونهم وتجيعونهم حتى إن أحدهم لو أكل ما حَرَّمَ الله عليه لحل له, لقطعت أيديهم", ثم وجَّه القول لابن حاطب فقال: وايم الله إذ لم أفعل ذلك لأُغَرِّمَنَّك غرامة توجعك! ثم قال: يا مُزَنيُّ, بكم أُرِيدَتْ منك ناقتُك؟ قال: بأربعمائة. قال عمر لابن حاطب: اذهب فأعطه ثمانمائة[2] (http://islamstory.com/ar/%D8%AA%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D8%B9%D8%A9#_ftn2)".
فهنا مبدأ صريح لا يحتمل التأويل, هو أن قيام ظروف تدفع إلى الجريمة يمنع تطبيق الحدود, عملاً بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "اِدْرَءوا الحُدُودَ عَنِ المُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ فَإِنْ وَجَدْتُمْ لِمُسْلِمٍ مَخْرَجًا فَخَلُّوا سَبِيلَهُ؛ فَإِنَّ الإِمَامَ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعَفْوِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ بِالْعُقُوبَةِ"[3] (http://islamstory.com/ar/%D8%AA%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D8%B9%D8%A9#_ftn3).
فإذا استعرضنا سياسة الإسلام في جميع العقوبات التي قررها, وجدنا أنه يلجأ أولاً إلى وقاية المجتمع من الأسباب التي تؤدي إلى الجريمة, وبعد ذلك -لا قبله- يقرر عقوبته الرادعة وهو مطمئن إلى عدالة هذه العقوبة, بالنسبة لشخص لا يدفعه إلى جريمته مبررٌ معقول, فإذا عجز المجتمع لسبب من الأسباب عن منع مبررات الجريمة, أو قامت الشبهة عليها في صورة من الصور, فهنا يسقط الحد بسبب هذه الظروف المخففة, ويلجأ ولي الأمر إلى إطلاق سراح المجرم أو توقيع عقوبات التعزير –كالحبس مثلاً- بحسب درجة الاضطرار أو درجة المسئولية عن الجريمة.
فأي نظام في الدنيا كلها يبلغ هذه العدالة؟!!
ويكفي أن نعلم أن حد السرقة لم يُنَفَّذْ في أربعمائة سنة كاملة إلا ست مراتٍ فقط لنعرف أنها عقوبات قُصِدَ بها التخويف الذي يمنع وقوعها ابتداء, كما أن معرفتنا بطريقة الإسلام في وقاية المجتمع من أسباب الجريمة قبل توقيع العقوبة تجعلنا في اطمئنانٍ تامٍّ إلى العدالة في الحالات النادرة التي تُوَقَّعُ فيها هذه الحدود.[4] (http://islamstory.com/ar/%D8%AA%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D8%B9%D8%A9#_ftn4)



[1] عام الرمادة: وقعت أزمة في عهد عمر الفاروق عام 18هـ, تمثلت في حصول قحط شديد بين الناس في أرض الحجاز, فقلَّ الطعام, وجفت ينابيع الأرض, فكانت الريح تأتي على الأرض فلا تُسْفي إلا ترابًا كالرماد, حتى سُمِّيَ العام الذي وقعت فيه عام الرمادة.

[2] عبد الرزاق في مصنفه (18977), والبيهقي في سننه (17064).

[3] الترمذي (1424), والحاكم (8163), وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

[4] محمد قطب, شبهات حول الإسلام 152 – 155.

abomokhtar
18-12-2012, 01:20 PM
فقه الحدود فى الأسلام .. (http://www.kalemasawaa.com/vb/t6259.html)


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد http://www.kalemasawaa.com/vb/images/smilies/2.jpg (http://www.kalemasawaa.com/vb/t6259.html) خاتم النبيين ، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، والملائكة المقربين والمعصومين، وعلى أئمة الهدى والدين، الذين تمسكوا بالكتاب وسنة الرسول الأمين، واستنبطوا منها الشرائع الفرعية ببذل الصدق واليقين، وصدّقوا صحف الأولين ، وجعلوا الكعبة المقدسة قبلة لقرباتهم وهي مركز للعالمين؛ فرضينا بالله رباً و إلهاً، وبمحمدٍ http://www.kalemasawaa.com/vb/images/smilies/2.jpg (http://www.kalemasawaa.com/vb/t6259.html)رسولاً ونبياً، وبالإسلام ديناً و شريعةً، وبالإيمان محبة واعتقاداً، وبالإحسان تزكية ومعرفةً، وبدفاع الفتن إعلاءً و إظهاراً، وبتداول الأيام عبرةً و نصيحةً وبالقرآن حجةً و إماماً، وبالحديث شرحاً و بياناً، وبالفقه تفريعاً و تفصيلاً ، وبالكلام تعقلاً و تدليلاً، وبالرسل تصديقاً و إقراراً، وبالكتب المنزلة إيقاناً وشهادةً، وبالملائكة عصمةً و تدبيراً، و بالشخصيات المقدسة حباً و انقياداً، وبتربيتهم سمعا و طاعةَ، وبالكلمة الطيبة جمعاً واجتماعاً، وبالكعبة المعظّمة قبلةً و جهةً، و بجميع شرائع الله تعظيماً و تبجيلاً، و بالقضاء والقدر رضاءً و تسليماً، وباليوم الآخر حشراً و نشراً، وبالبعث والوقوف صدقا و عدلاً، وبجميع هذه الأمور مسلكاً (مذهباً) و مشربًا، وكفانا هذا الرضاء سراً وعلانيةً.
وبعد فإن هذا بيان لمسلك (مذهب) أهل الحق و الإتقان، وشرح لمشرب أهل الصدق والإيقان، وإيضاح لذوق أهل المحبة والعرفان، فنسأل الله التوفيق والسداد والعدل والاقتصاد، وبه الثقة وعليه الاعتماد .


فقه (http://www.kalemasawaa.com/vb/t6259.html) الحدود (http://www.kalemasawaa.com/vb/t6259.html) فى الأسلام


نذكر فيما آت فقه (http://www.kalemasawaa.com/vb/t6259.html) الحدود (http://www.kalemasawaa.com/vb/t6259.html) فى الأسلام (http://www.kalemasawaa.com/vb/t6259.html) ومفهومه وأقسامة وأنواعه وتشريعاته ومشروعيته وأحكامه وجوانبه الهامه ومايتعلق بها والحكمه منه والوجوب له والأستناد له والمسنود منه والتوبه منه .
نبتدى بحول وقوة من الله تعالى

مقدمة

الحدود في الإسلام (http://www.kalemasawaa.com/vb/t6259.html) ستة، وهي:


حد الزنى، والقذف، وشرب الخمر، والسرقة، وقطاع الطريق، وأهل البغي، ولكل جريمة من هذه الجرائم عقوبة محددة شرعاً.


- حكمة مشروعية (http://www.kalemasawaa.com/vb/t6259.html) الحدود (http://www.kalemasawaa.com/vb/t6259.html) :


أمر الله عز وجل بعبادته وطاعته، وفعل ما أمر به، واجتناب ما نهى عنه، وحدَّ حدوداً لمصالح عباده، ووعد على الالتزام بشرعه الجنة، وعلى مخالفته النار، فإذا جمحت نفس الإنسان وقارفت الذنب فتح الله لها باب التوبة والاستغفار.
لكنها إذا أصرت على معصية الله وأبت إلا أن تغشى حماه، وتتجاوز حدوده كالتعدي على أموال الناس وأعراضهم فلا بد من كبح جماحها بإقامة حدود الله تعالى؛ ليتحقق للأمة الأمن والطمأنينة، والحدود كلها رحمة من الله تعالى، ونعمة على الجميع.

* حياة الإنسان قوامها حفظ الضرورات الخمس، وإقامة (http://www.kalemasawaa.com/vb/t6259.html) الحدود (http://www.kalemasawaa.com/vb/t6259.html) تحمي تلك الضرورات، وتحافظ عليها، فبالقصاص تُصان الأنفس، وبإقامة حد السرقة تُصان الأموال، وبإقامة حد الزنى والقذف تُصان الأعراض، وبإقامة حد السكر تُصان العقول، وبإقامة حد الحرابة يُصان الأمن والمال والأنفس والأعراض، وبإقامة (http://www.kalemasawaa.com/vb/t6259.html) الحدود (http://www.kalemasawaa.com/vb/t6259.html) كلها يصان الدين كله.

* (http://www.kalemasawaa.com/vb/t6259.html) الحدود (http://www.kalemasawaa.com/vb/t6259.html) زواجر عن المعاصي، وجوابر لمن أقيمت عليه، تطهره من دنس الجريمة وإثمها، وتردع غيره عن الوقوع فيما وقع فيه.


- حدود الله :


هي محارمه التي منع من ارتكابها وانتهاكها كالزنى، والسرقة ونحوهما، وحدوده ما حدَّه وقدَّره كالمواريث، والحدود المقدرة الرادعة عن محارم الله كحد الزنى والقذف ونحوهما مما حده الشرع لا تجوز فيه الزيادة ولا النقصان.

- الفرق بين القصاص والحدود :


جرائم القصاص الحق فيها لأولياء القتيل، والمجني عليه نفسه إن كان حياً من حيث استيفاء القصاص، أو العفو، والإمام منفذ لطلبهم.
أما الحدود: فأمرها إلى الحاكم، فلا يجوز إسقاطها بعد أن تصل إليه، وكذلك جرائم القصاص قد يعفى عنها ببدل كالدية، أو يُعفى عنها بلا مقابل، أما (http://www.kalemasawaa.com/vb/t6259.html) الحدود (http://www.kalemasawaa.com/vb/t6259.html) فلا يجوز العفو عنها ولا الشفاعة فيها مطلقاً بعوض أو بدون عوض.


- من يقام عليه الحد :


لا يقام الحد إلا على بالغ، عاقل، متعمد، ذاكر، عالم بالتحريم، ملتزم لأحكام الإسلام (http://www.kalemasawaa.com/vb/t6259.html) من مسلم وذمي.
1- عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((رُفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل)). أخرجه أحمد وأبو داود.
2- عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)). أخرجه ابن ماجه.
3- ولما نزلت: (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) (البقرة/286)، قال الله: (قد فعلت). أخرجه مسلم.
* يجوز تأخير إقامة الحد لعارض يترتب عليه مصلحة للإسلام كما في الغزو، أو يترتب عليه مصلحة للمحدود ذاته كما في تأخيره عنه لحر أو برد، أو مرض، أو لمصلحة من تعلق به كالحمل والرضيع ونحوهما.
* يتولى إقامة الحد إمام المسلمين، أو من ينيبه، بحضرة طائفة من المؤمنين، في مجامع الناس، ولا تقام (http://www.kalemasawaa.com/vb/t6259.html) الحدود (http://www.kalemasawaa.com/vb/t6259.html) في المساجد.
* يجوز إقامة (http://www.kalemasawaa.com/vb/t6259.html) الحدود (http://www.kalemasawaa.com/vb/t6259.html) والقصاص في مكة فالحرم لا يعيذ جانياً، فمن وجب عليه حد من حدود الله تعالى سواء كان جلداً أو حبساً أو قتلاً أقيم عليه الحد في الحرم وغيره.
* يكون الجلد بسوط لا جديد ولا خَلِق، ولا يُجرَّد المضروب من ملابسه، ويُفرَّق الضرب على بدنه، ويَتقي الوجه، والرأس، والفرج، والمقاتل، وتُشد على المرأة ثيابها.
* إذا اجتمعت حدود لله تعالى من *** واحد بأن زنى مراراً، أو سرق مراراً تداخلت، فلا يُحد إلا مرة واحدة، وإن كانت من أجناس كبكر زنى وسرق وشرب الخمر فلا تتداخل، ويبدأ بالأخف، فيُجلد للشرب، ثم للزنى، ثم يُقطع.
* أشد الجلد في (http://www.kalemasawaa.com/vb/t6259.html) الحدود (http://www.kalemasawaa.com/vb/t6259.html) جلد الزنى، ثم جلد القذف، ثم جلد الشرب.
* من أقر بحد عند الإمام ولم يبينه فالسنة أن يستر عليه ولا يسأله عنه.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل فقال: يا رسول الله، إني أصبت حداً، فأقمه علي، قال: ولم يسأله عنه، قال: وحضرت الصلاة، فصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة، قام إليه الرجل فقال: يا رسول الله، إني أصبحت حداً، فأقم فيَّ كتاب الله، قال: ((أليس قد صليت معنا؟)). قال: نعم، قال: ((فإن الله قد غفر لك ذنبك، أو قال: حدك)). متفق عليه

- فضل الستر على النفس والغير :

يستحب لمن أتى ذنباً أن يستر نفسه ويتوب إلى الله، ويستحب لمن علم به أن يستر عليه ما لم يعلن بفجوره حتى لا تشيع الفاحشة في الأمة.
1- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((كل أمتي مُعافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً، ثم يصبح وقد ستره الله فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه)). متفق عليه.
2- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من نَفَّس عن مؤمن كُربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسّر على معسر يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسْلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)). أخرجه مسلم.

- حكم الشفاعة في (http://www.kalemasawaa.com/vb/t6259.html) الحدود (http://www.kalemasawaa.com/vb/t6259.html) :

يجب إقامة الحد على القريب والبعيد، والشريف والوضيع، وإذا بلغت (http://www.kalemasawaa.com/vb/t6259.html) الحدود (http://www.kalemasawaa.com/vb/t6259.html) الحاكم حَرُم أن يشفع في إسقاطها أحد، أو يعمل على تعطيلها، ويحرم على الحاكم قبول الشفاعة، ويجب عليه إقامة الحد إذا بلغه، ولا يجوز أخذ المال من الجاني ليسقط عنه الحد.
ومن أخذ المال من الزاني أو السارق أو الشارب ونحوهم ليعطل حدود الله فقد جمع بين فسادين عظيمين: تعطيل الحد، وأكل السحت، وترك الواجب، وفعل المحرم.
عن عائشة رضي الله عنها أن قريشاً أهمتهم المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا: من يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن يجترئ عليه إلا أسامة حِب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((أتشفع في حد من حدود الله؟)) ثم قام فخطب فقال: ((يا أيها الناس إنما ضَلَّ من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه، وإذا سرق الضعيف فيهم أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها)). متفق عليه.

- حكم الصلاة على المقتول :

المقتول قصاصاً أو حداً أو تعزيراً إن كان مسلماً يُغسَّل ويُصلى عليه، ويُدفن في مقابر المسلمين، والمقتول مرتداً كافر لا يُغسَّل ولا يُصلى عليه، ولا يُدفن في مقابر المسلمين، فيحفر له حفرة ويوارى فيها كالكافر.

* الجرائم لا يحسمها ويقي المجتمع من شرها إلا إقامة (http://www.kalemasawaa.com/vb/t6259.html) الحدود (http://www.kalemasawaa.com/vb/t6259.html) الشرعية على مرتكبيها، أما أخذ الغرامة المالية، أو سجنهم ونحو ذلك من العقوبات الوضعية فهو ظلم وضياع وزيادة شر.

abomokhtar
18-12-2012, 01:22 PM
.أقسام الحدود:
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.1- حد الزنى:

- الزنى: هو فعل الفاحشة في قُبل امرأة لا تحل له.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.حكم الزنى:

الزنى محرم، وهو من أعظم الجرائم، وأكبر الكبائر بعد الشرك بالله، وقتل النفس بغير حق.
وهو يتفاوت في الشناعة والقبح، فالزنى بذات زوج، والزنى بذات المحرم، والزنى بحليلة الجار من أعظم أنواعه.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.أضرار الزنى:

مفسدة الزنى من أعظم المفاسد، وهي منافية لمصلحة نظام العالم في حفظ الأنساب، وحماية الفروج، وحفظ الحرمات، والزنى يجمع خلال الشر كلها، ويفتح على العبد أبواباً من المعاصي، ويولِّد الأمراض النفسية والقلبية، ويورث الفقر والمسكنة، ونفور العباد من الزناة، وسقوطهم من أعينهم، ويولد سيماء الفساد في وجه فاعله، ووحشته من الناس.
وللزنى عقوبة شديدة، فعقوبته في الدنيا: الحد الصارم بالرجم للمحصن، والجلد والتغريب لغير المحصن، وعقوبته في الآخرة إن لم يتب: الوعيد الشديد، حيث يجمع الزناة والزواني عراة في تنور في نار جهنم.
1- قال الله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2)} [النور/2].
2- وعَنْ جَابِرِ بْنِ عبد الله الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمْ أَتَى رَسُولَ الله- صلى الله عليه وسلم- فَحَدَّثَهُ أَنَّهُ قَدْ زَنَى فَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ الله- صلى الله عليه وسلم- فَرُجِمَ وَكَانَ قَدْ أُحْصِنَ. متفق عليه.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.المحصن:

هو الثيّب، وهو من وطئ زوجته في قُبلها بنكاح صحيح، وهما حران مكلفان، والبكر من ليس كذلك.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.سبل الوقاية من الزنى:

نظم الإسلام بالنكاح الشرعي أسلم طريقة لتصريف الغريزة ال***ية وحِفْظ النسل، وَمَنَعَ أي تصرف في غير هذا الطريق المشروع فأمر بالحجاب، وغض البصر، ونهى عن ضرب النساء بالأرجل، والتبرج، والاختلاط، وإبداء الزينة، وخلو الرجل بالأجنبية، أو مصافحتها، كما نهى عن سفر المرأة بغير محرم، وذلك كله لئلا يقع كل من الرجل والمرأة في فاحشة الزنى.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.زنى الجوارح:

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: «كُتِبَ عَلَى ابنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنَ الزِّنَى، مُدْرِكٌ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، فَالعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ، وَالأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الاسْتِمَاعُ، وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الكَلامُ، وَاليَدُ زِنَاهَا البَطْشُ، وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الخُطَا، وَالقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الفَرْجُ وَيُكَذِّبُهُ». متفق عليه.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.عقوبة الزاني:

1- عقوبة الزاني المحصن: هي أن يُرجم بالحجارة حتى يموت، رجلاً كان أو امرأة، مسلماً أو كافراً.
2- عقوبة الزاني غير المحصن: هي أن يجلد مائة جلدة، ويغرَّب سنة، رجلاً كان أو امرأة، والرقيق يُجلد خمسين جلدة، ولا يغرَّب، رجلاً كان أو امرأة.
- إذا حملت امرأة لا زوج لها ولا سيد فإنها تحد إن لم تَدَّع شبهة أو إكراهاً، ومن استكره امرأة على الزنى فعليه الحد دونها؛ لأنها معذورة، ولها المهر.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.شروط حد الزنى:

يشترط لوجوب الحد في الزنى ثلاثة شروط:
1- تغييب حشفة أصلية كلها في قُبل امرأة حية.
2- انتفاء الشبهة، فلا حد على من وَطئ امرأة ظنها زوجته ونحوه.
3- ثبوت الزنى:
1- إما بالإقرار: بأن يُقر به من عُرف بالعقل مرة واحدة، ويُقر به أربع مرات من كان متهماً في ضعف عقله، وفي كليهما يصرح بحقيقة الوطء، ويستمر على إقراره إلى إقامة الحد عليه.
2- وإما بالشهادة: بأن يشهد عليه بالزنى أربعة رجال عدول مسلمين.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.من يقام عليه حد الزنى:

1- يقام حد الزنى على الزاني مسلماً كان أو كافراً؛ لأنه حد ترتب على الزنى فوجب على الكافر كوجوب القود في القتل والقطع في السرقة.
2- إذا زنى المحصن بغير المحصنة، فلكلٍّ حده من رجم، أو جلد وتغريب.
3- إذا زنى الحر بأمة وعكسه بأن زنت حرة بعبد فلكل واحد حكمه في الحد.
4- يقام الحد على الزاني إذا كان مكلفاً، مختاراً، عالماً بالتحريم، بعد ثبوته عند الحاكم بإقرار أو شهادة، مع انتفاء الشبهة.
- لا يُحفر للمرجوم في الزنى رجلاً كان أو امرأة، لكن المرأة تُشدُّ عليها ثيابها؛ لئلا تنكشف.
- أيما امرأة حبلت من الزنى، أو اعترفت به فالإمام أول من يرجم، ثم الناس، فإن ثبت حد الزنى بشهادة أربعة شهود فهم أول من يرجم، ثم الإمام، ثم الناس.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.الجهل الذي يمنع من إقامة الحد:

الجهل بما يترتب على الفعل المحرم ليس بعذر، أما الجهل بالفعل هل هو حرام أو ليس بحرام فهذا عذر، فمن يعلم أن الزنى حرام ولا يعلم أن حده الرجم أو الجلد فهذا لا يعذر بجهله، بل يقام عليه الحد وهكذا.

http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.حكم الزوجية بعد الزنى:

إذا زنى رجل وهو متزوج فلا تحرم عليه زوجته، وكذا لو زنت المرأة لا تحرم على زوجها، لكنهما ارتكبا إثماً عظيماً، فعليهما التوبة والاستغفار.
1- قال الله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32)} [الإسراء/ 32].
2- وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أي الذنب أعظم عند الله؟ قال: «أَنْ تَجْعَلَ للهِ نِدّاً وَهُوَ خَلَقَكَ» قَالَ: قُلْتُ لَهُ إنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ، قَالَ قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ» قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «ثُمَّ أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ». متفق عليه.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.حكم من زنى بذات محرم:

من زنى بذات محرم كأخته وبنته وامرأة أبيه ونحوهن وهو عالم بتحريم ذلك وجب قتله؛ لشناعة جرمه.
1- قال الله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا (22)} [النساء/ 22].
2- وعن البراء رضي الله عنه قالَ: أَصَبْتُ عَمِّي وَمَعَهُ رَايةٌ فَقُلتُ أينَ تُريدُ؟ فقالَ: بَعثني رسُولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم- إلَى رَجُلٍ نَكَحَ امْرَأَةَ أَبِيهِ فَأَمَرَنِي أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَهُ وآخُذَ مَالَهُ. أخرجه الترمذي والنسائي.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.عمل قوم لوط:

هو فعل الفاحشة في الدبر، والاستغناء بالرجال عن النساء.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.شناعة عمل قوم لوط:

هو من أكبر الجرائم المفسدة للخُلق والفطرة، وعقوبته أغلظ من عقوبة الزنى؛ لغلظ حرمته، لأن الزنى فعل فاحشة في فرج يباح بالنكاح، أما عمل قوم لوط فهو فعل فاحشة في دبر لايباح أبداً.
وعمل قوم لوط شذوذ ***ي خطير يسبب الأمراض النفسية والبدنية الخطيرة، وقد خسف الله بمن فعله، وأمطر عليهم حجارة من سجيل، ولهم النار يوم القيامة.
1- قال الله تعالى: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (81)} [الأعراف/ 80- 81].
2- وقال الله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (82) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (83)} [هود/ 82- 83].
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.حكم عمل قوم لوط:

عمل قوم لوط محرم.
وعقوبته: أن يُقتل الفاعل والمفعول به محصناً أو غير محصن بما يراه الإمام من قَتْل بالسيف، أو رَجْم بالحجارة ونحوهما؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «مَنْ وَجَدْتُمُوْهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الفَاعِلَ وَالمَفْعُولَ بِهِ». أخرجه أبو داود والترمذي.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.حكم السحاق:

السحاق هو إتيان المرأة المرأة، وهو محرم، وفيه التعزير.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.حكم الاستمناء:

الاستمناء باليد أو نحوها حرام، وفي الصوم وقاية منه.
1- قال الله تعالى مبيناً ما يباح للإنسان: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7)} [المؤمنون/5- 7].
2- وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قَالَ لَنَا رَسُولُ الله- صلى الله عليه وسلم-: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ». متفق عليه.
- مَنْ وقع على بهيمة عُزِّر بما يراه الإمام، وتُذبح البهيمة.

اية جوهر
18-12-2012, 01:29 PM
بارك الله فيك ولك

abomokhtar
18-12-2012, 01:34 PM
.2- حد القذف:
- القذف: هو الرمي بزنى أو لواط، أو نفي نسب موجب للحد فيهما.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.حكمة مشروعية حد القذف:

حث الإسلام على حفظ الأعراض عما يدنسها ويشينها، وأمر بالكف عن أعراض الأبرياء، وحرم الوقوع في أعراضهم بغير حق؛ صيانة للأعراض وحماية لها من التلوث.
وبعض النفوس تُقْدِمُ على ماحَرَّم الله من قذف، وتدنيس أعراض المسلمين لنوايا مختلفة، ولمَّا كانت النوايا من الأمور الخفية كُلِّف القاذف أن يأتي بما يثبت قوله بأربعة شهداء، فإن لم يفعل أقيم عليه حد القذف ثمانين جلدة.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.حكم القذف:

القذف محرم، وهو من الكبائر، وقد أوجب الله على القاذف عقوبات غليظة في الدنيا والآخرة.
1- قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4)}... [النور/4].
2- وقال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23)} [النور/23].
3- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوْبِقَاتِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: «الشِّرْكُ بِالله، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ الله إلا بِالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَومَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاتِ». متفق عليه.
- حد القذف: ثمانون جلدة للحر، وأربعون جلدة للعبد.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.ألفاظ القذف:

1- القذف الصريح: كأن يقول: يا زاني، يا لوطي، يا عاهر، يا *****ة ونحوها.
2- الكناية: أن يقول ما يحتمل القذف وغيره، كقوله: يا ****، يا فاجرة ونحوهما، فإن قصد الرمي بالزنى حُدَّ للقذف، وإن لم يقصده لم يُحَدّ وعُزِّر.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.شروط وجوب حد القذف:

يشترط لوجوب حد القذف ما يلي:
1- أن يكون القاذف مكلفاً، مختاراً.
2- أن يكون المقذوف مسلماً، مكلفاً، حراً، عفيفاً، يجامع مثله.
3- أن يطالب المقذوف بالحد.
4- أن يقذفه بالزنى الموجب للحد، ولم يثبت قذفه.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.ثبوت حد القذف:

يثبت حد القذف إذا أقر القاذف على نفسه، أو شهد عليه رجلان عدلان بالقذف.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.عقوبة القذف:

تختلف عقوبة القذف باختلاف القاذف، واختلاف المقذوف.
والقاذف قسمان:
الأول: إذا كان القاذف حراً أو عبداً، والمقذوف محصناً، فحده ثمانون جلدة.
الثاني: إذا قذف غير محصن فلا حد عليه، لكنه يعزر بما يردعه.
والمحصن هنا: هو المسلم الحر المكلف العفيف الملتزم الذي يجامع مثله.
وحد القذف حق للمقذوف، ويترتب على ذلك ما يلي:
أن حد القذف يسقط بعفوه. ولا يقام الحد حتى يطالب به المقذوف.. وأن العبد يحد كاملاً ثمانين جلدة.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.سقوط حد القذف:

يسقط حد القذف إذا اعترف المقذوف بالزنى، أو قامت عليه البينة بالزنى، أو قذف الرجل زوجته ولاعنها.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.ما يترتب على ثبوت حد القذف:

إذا ثبت حد القذف ترتب عليه:
الجلد.. عدم قبول شهادة القاذف إلا بعد التوبة.. الحكم عليه بالفسق حتى يتوب.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.حكم من قذف أحداً بغير الزنى أو عمل قوم لوط:

إذا قذف غيره بغير الزنى أو عمل قوم لوط وهو كاذب فقد ارتكب محرماً، ولا يُحدُّ حد القذف، ولكن يعزر بما يراه الحاكم ملائماً لما حصل منه.
ومثال القذف بغير الزنى: أن يرميه بالكفر، أو النفاق، أو السكر، أو السرقة، أو الخيانة ونحو ذلك.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.صفة توبة القاذف:

تحصل توبة القاذف بالاستغفار، والندم، والعزم على ألّا يعود، وأن يكذب نفسه فيما رمى غيره به.

abomokhtar
18-12-2012, 01:35 PM
3- حد السرقة:
- السرقة: هي أخذ مال محترم لغيره لا شبهة فيه من موضع مخصوص، بقدر مخصوص، على وجه الخفية.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.حكم السرقة:

1- السرقة محرمة، وهي من كبائر الذنوب.
2- أمر الإسلام بحفظ المال، وحرَّم الاعتداء عليه، فنهى عن السرقة وال****** والنهب والاختلاس؛ لأن ذلك أكلٌ لأموال الناس بالباطل.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.حكمة مشروعية حد السرقة:

صان الله الأموال بإيجاب قطع يد السارق، فإن اليد الخائنة بمثابة عضو مريض يجب بتره ليسلم الجسم، وفي قطع يد السارق عبرة لمن تحدثه نفسه بسرقة أموال الناس، وتطهير للسارق من ذنبه، وإرساء لقواعد الأمن والطمأنينة في المجتمع، وحفظٌ لأموال الأمة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم-: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ». متفق عليه.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.عقوبة السارق:

1- قال الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38) فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (39)} [المائدة/38- 39].
2- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «لَعَنَ الله السَّارِقَ يَسْرِقُ البَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ، وَيَسْرِقُ الحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ». متفق عليه.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.شروط قطع يد السارق:

يجب القطع في حد السرقة إذا توفرت الشروط الآتية:
1- أن يكون السارق مكلفاً وهو البالغ العاقل، مختاراً، مسلماً كان أو ذمياً.
2- أن يكون المسروق مالاً محترماً، فلا قطع بسرقة آلة لهو، أو خمر ونحوهما.
3- أن يبلغ المال المسروق نصاباً، وهو ربع دينار من الذهب فصاعداً، أو عَرض قيمته ربع دينار فصاعداً.
4- أن يكون أخذ المال على وجه الخفية والاستتار.
فإن لم يكن كذلك فلا قطع كالاختلاس، وال******، والانتهاب ونحوها، ففيها التعزير.
5- أن يأخذ المال من حرزه ويخرجه منه.
والحرز: ما تُحفظ فيه الأموال، ويختلف بحسب العادة والعرف، وحرز كل مال بحسبه، فحرز الأموال في الدور والبنوك والدكاكين، والمراح للغنم وهكذا.
6- انتفاء الشبهة عن السارق، فلا يُقطع بالسرقة من مال والديه وإن علوا، ولا من مال ولده وإن سفل، ولا يُقطع أحد الزوجين بالسرقة من مال الآخر، وكذا مَنْ سرق في مجاعة.
7- مطالبة المسروق منه بماله.
8- ثبوت السرقة بأحد أمرين:
1- الإقرار بالسرقة على نفسه مرتين.
2- الشهادة، بأن يشهد عليه رجلان عدلان بأنه سرق.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.ما يترتب على ثبوت السرقة:

يترتب على ثبوت السرقة ما يلي:
1- السارق عليه حقان:
حق خاص، وهو المسروق إن وجد، أو مثله أو قيمته إن كان تالفاً.
وعليه حق عام هو حق الله تعالى، وهو قطع يده إن كملت الشروط، أو تعزيره إن لم تكمل الشروط.
2- إذا وجب القطع قُطعت يده اليمنى من مفصل الكف، وحسمت بغمسها بزيت مغلي أو بما يقطع الدم.
وعليه رد ما أخذ من مال أو بدله لمالكه، وتحرم الشفاعة في حد السرقة بعد بلوغه الحاكم.
3- إذا عاد السارق مرة أخرى قُطعت رجله اليسرى من منتصف ظهر القدم، فإن عاد حُبس وعُزر حتى يتوب ولا يُقطع.
- تقطع يد الطَّرَّار وهو الذي يبطُّ الجيب أو غيره، ويأخذ منه المال خفية، إن بلغ ما أخذه نصاباً؛ لأنه سارق من حرز.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.مقدار نصاب السرقة:

ربع دينار من الذهب فصاعداً، أو عَرض يساويه.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: «تُقْطَعُ اليَدُ فِي رُبْعِ دِيْنارٍ فَصَاعِداً». متفق عليه.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.حكم درء الحدود بالشبهات:

إذا اعترف السارق بالسرقة ولم توجد معه فيُشرع للقاضي تلقينه الرجوع عن اعترافه، فإن أصر ولم يرجع عن إقراره قُطع، وإذا اعترف السارق بالسرقة ثم رجع فلا قطع؛ لأن الحدود تدرأ بالشبهات.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.حكم من سرق من بيت المال:

مَنْ سرق من بيت المال فإنه يُعزَّر ويُغرَّم غرامة مثليَّة ولا يُقطع، لأن له نصيباً منه، ومثله مَنْ سرق من الغنيمة أو الخمس.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.حكم جاحد العارية:

يجب القطع على جاحد العارية إذ هو داخل في اسم السرقة.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كَانَتِ امْرَأَةٌ مَخْزُومِيَّةٌ تَسْتَعِيرُ المَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ فَأَمَرَ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم- أَنْ تُقْطَعَ يَدُهَا.... أخرجه مسلم.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.حكم المال المسروق:

من تمام توبة السارق ضمان المسروق لربه إذا كان تالفاً، فإن كان موسراً دفعه لصاحبه، وإن كان معسراً فنظرة إلى ميسرة، وإن كانت العين المسروقة موجودة بعينها فَرَدُّها لصاحبها شرط لصحة توبته.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.حكم من تاب قبل القدرة عليه:

مَنْ وجب عليه حد سرقة أو زنى أو غيرهما فتاب منه قبل ثبوته عند حاكم سقط عنه، ولا يشرع له كشف نفسه بعد أن ستره الله، لكن عليه رد ما أخذ من مال.

abomokhtar
18-12-2012, 01:37 PM
.4- حد قطاع الطريق:
- قطاع الطريق: هم الذين يعرضون للناس بالسلاح في الصحراء أو البنيان، فيغصبونهم المال قهراً، مجاهرة لا سرقة، ويسمون محاربين.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.صفات قطاع الطريق:

مَنْ أشهر السلاح وأخاف الطريق وله قوة بنفسه أو بغيره من العصابات المختلفة كعصابة القتل، وعصابة اللصوص للسطو على البيوت والبنوك، وعصابة خطف البنات للفجور بهن، وعصابة خطف الأطفال ونحوهم، فهؤلاء قطاع طريق.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.حكم الحرابة:

الحرابة هي التعرض للناس بالسلاح في الصحراء، أو البنيان، في البيوت، أو وسائل النقل؛ لسفك دمائهم، وانتهاك أعراضهم، وغصب أموالهم ونحو ذلك.
ويدخل في حكم الحرابة كل ما يقع من ذلك في الطرق والمنازل والسيارات والقطارات والسفن والطائرات، سواء كان تهديداً بالسلاح، أو زرعاً لمتفجرات، أو نسفاً لمباني، أو حرقاً بالنار، أو أخذاً لرهائن.
والحرابة من أعظم الجرائم، ولذا كانت عقوبتها من أقسى العقوبات.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.عقوبة قطاع الطريق:

قطاع الطريق لهم أربعة أحوال:
1- إذا قتلوا وأخذوا المال قُتلوا وصُلبوا.
2- إذا قتلوا ولم يأخذوا المال قُتلوا ولم يُصلبوا.
3- إذا أخذوا المال ولم يَقتلوا قُطع من كل واحد منهم يده اليمنى ورجله اليسرى.
4- إذا لم يَقتلوا ولم يأخذوا المال لكن أخافوا السبيل نُفوا من الأرض، وللإمام أن يجتهد في شأنهم بما يراه رادعاً لهم ولغيرهم؛ قطعاً لدابر الشر والفساد.
1- قال الله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (34)} [المائدة/33- 34].
2- وعَنْ أنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- نَفَرٌ مِنْ عُكْلٍ، فَأسْلَمُوا، فَاجْتَوَوُا المَدِينَةَ، فَأمَرَهُمْ أنْ يَأْتُوا إبِلَ الصَّدَقَةِ، فَيَشْرَبُوا مِنْ أبْوَالِهَا وَألْبَانِهَا، فَفَعَلُوا فَصَحُّوا، فَارْتَدُّوا وَقَتَلُوا رُعَاتَهَا، وَاسْتَاقُوا الإبِلَ، فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ، فَأُتِيَ بِهِمْ، فَقَطَعَ أيْدِيَهُمْ وَأرْجُلَهُمْ، وَسَمَلَ أعْيُنَهُمْ، ثُمَّ لَمْ يَحْسِمْهُمْ حَتَّى مَاتُوا. متفق عليه.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.شروط وجوب الحد على قطاع الطريق:

يشترط لوجوب الحد على قاطع الطريق ما يلي:
1- أن يكون قاطع الطريق-ويسمى المحارب- مكلفاً، مسلماً أو ذمياً، ذكراً أو أنثى.
2- أن يكون المال الذي أخذه محترماً.
3- أن يأخذ المال من حرز قليلاً كان أو كثيراً.
4- ثبوت قطع الطريق منه بإقرار أو شاهدي عدل.
5- انتفاء الشبهة كما ذكر في السرقة.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.كيفية النفي من الأرض:

قطاع الطريق إذا أخافوا الناس، ولم يقتلوا، ولم يأخذوا مالاً، ينفون من الأرض، فيطردون من الأرض التي قطعوا فيها الطريق، لإزالة شرهم عن الناس، وليرتدعوا.
وقد يحصل النفي بالحبس؛ لأن الحبس سجن الدنيا، والمحبوس كالمنفي من الأرض، وحبسه أقرب إلى السلامة من شره.
فإذا أمكن اتقاء شرهم بنفيهم نفيناهم، وإذا لم يمكن إلا بحبسهم حبسناهم؛ لدفع شرهم عن الناس.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.حكم توبة المحارب:

مَنْ تاب من قُطاع الطريق قبل أن يُقدر عليه سقط عنه ما كان للهِ من نفي، وقطع، وصلب، وتحتُّم قتل، وأُخذ بما للآدميين من نفس، وطرف، ومال إلا أن يُعفى له عنها، وإن قُبض عليه قبل التوبة أُقيم عليه حد الحرابة، لئلا يُتخذ ذلك ذريعة إلى تعطيل حدود الله عز وجل.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.صفة الدفاع عن النفس:

مَنْ صال على نفسه أو أهله أو ماله آدمي أو بهيمة دفعه بأسهل ما يغلب على ظنه، فإن لم يندفع إلا بالقتل فله ذلك، ولا ضمان عليه، فإن قُتل المعتدى عليه فهو شهيد.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.حكم الزنديق:

الزنديق: هو من يظهر الإسلام ويبطن الكفر.
والزنديق محارب للهِ ورسوله، ومحاربة الزنديق للإسلام بلسانه أعظم من محاربة قاطع الطريق بيده وسنانه، فإن فتنة هذا في الأموال والأبدان، وفتنة الزنديق في القلوب والإيمان.
فإن تاب قبل القدرة عليه فتقبل توبته ويُحقن دمه، وأما بعد القدرة عليه فلا تقبل توبته بل يُقتل حداً من غير استتابة، إلا إن علمنا صدق توبته فلا نقتله.

abomokhtar
18-12-2012, 01:39 PM
.5- حد أهل البغي:
- البغاة: هم قوم لهم شوكة ومَنَعة يخرجون على الإمام بتأويل سائغ، يريدون خلعه، أو مخالفته، وشق عصا الطاعة له.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.صفة البغاة:

كل طائفة منعت الحق الذي عليها، أو تميزت عن إمام المسلمين، أو خلعت طاعته، فهم بغاة ظلمة، والبغاة المسلمون ليسوا كفاراً.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.كيفية معاملة البغاة:

1- إذا خرج البغاة على الإمام فعليه أن يراسلهم، ويسألهم ما ينقمون منه، فإن ذكروا مظلمة أزالها، وإن ادعوا شبهة كشفها.
فإن رجعوا وإلا وعظهم وخَوَّفهم القتال، فإن أصروا قاتلهم، وعلى رعيته معونته حتى يندفع شرهم وتطفأ فتنتهم.
2- إذا قاتلهم الإمام فلا يقتلهم بما يعم كالقذائف المدمرة، ولا يجوز قتل ذريتهم، ومُدْبِرهم، وجريحهم، ومَنْ ترك القتال منهم.
ومَنْ أُسر منهم حُبس حتى تخمد الفتنة، ولا تُغنم أموالهم ولا تسبى ذراريهم.
3- بعد انقضاء القتال وخمود الفتنة ما تلف من أموالهم حال الحرب فهو هدر، ومَنْ قُتل منهم فهو غير مضمون، وهم لا يضمنون مالاً، ولا أنفساً تلفت حال القتال.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.ما يجب فعله عند اقتتال طائفتين:

إذا اقتتلت طائفتان لعصبية، أو رئاسة فهما ظالمتان، وتضمن كل واحدة ما أتلفت على الأخرى، ويجب الإصلاح بينهما.
1- قال الله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9)} [الحجرات/9].
2- وعن عرفجة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: «مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيْعٌ، عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ، يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ، أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ فَاقْتُلُوْهُ». أخرجه مسلم.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.حكم الخروج على إمام المسلمين:

1- نصب الإمام من أعظم واجبات الدين، وتحرم معصيته والخروج عليه ولو جار وظلم، ما لم يرتكب كفراً بواحاً عندنا من الله فيه برهان، سواء ثبتت إمامته بإجماع المسلمين، أو بعهد من الإمام الذي قبله، أو باجتهاد أهل الحل والعقد، أو بقهره للناس حتى أذعنوا له ودعوه إماماً، ولا يُعزل بفسقه، ما لم يرتكب كفراً بواحاً عندنا من الله فيه برهان.
2- الخارجون عن طاعة الإمام إما أن يكونوا قطاع طريق، أو يكونوا بغاة، أو يكونوا خوارج وهم الذين يُكفِّرون مرتكب الكبيرة، ويستحلون دماء المسلمين وأموالهم، وهؤلاء فسقة يجوز قتالهم ابتداء.
فهؤلاء الثلاثة خارجون عن طاعة الإمام، من مات منهم فحكمه حكم عصاة الموحدين.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.ما يجب على إمام المسلمين:

1- إمام المسلمين يجب أن يكون من الرجال لا من النساء، فلن يفلح قوم وَلَّوا أمرهم امرأة.
ويلزم الإمام حماية بلاد الإسلام، وحفظ الدين، وتنفيذ أحكام الله، وإقامة الحدود، وتحصين الثغور، وجباية الصدقات، والحكم بالعدل، وجهاد الأعداء، والدعوة إلى الله، ونشر الإسلام.
2- يجب على الإمام أن ينصح لرعيته، ولا يشق عليهم، وأن يرفق بهم في سائر أحوالهم، فقد قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ الله رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَومَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إلَّا حَرَّمَ الله عَلَيْهِ الجَنَّةَ». متفق عليه.
http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif.يجب على الأمة طاعة الإمام في غير معصية الله عز وجل:

1- قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)} [النساء/59].
2- وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «عَلَى المَرْءِ المُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيْمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ إلَّا أَنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيَةٍ، فَإنْ أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ، فَلا سَمْعَ وَلا طَاعَةَ». متفق عليه.