مشاهدة النسخة كاملة : متى نصلح خطابنا الدعوي؟


abomokhtar
25-12-2012, 10:10 PM
بقلم د/ ناجح إبراهيم
وصلت الحركة الإسلامية إلي السلطة في مصر.. ورغم ذلك فإن الدعوة الإسلامية المصرية في حالة تقهقر كبيرة.. إذ نفرت نفوس كثيرة من الخطاب الدعوي الذي فشل في كسب قلوب ونفوس جديدة .
ولذا فقد خصصت هذا المقال لعرض بعض خواطري الدعوية التي جاشت في نفسي في هذه الفترة.. آملا ً أن تكون عونا ً للدعاة على إصلاح الخطاب الدعوي الذي أصبح يعاني من آفات وأمراض كثيرة .
وإليكم خواطري الدعوية أسوقها إليكم في تلغرافات سريعة عاجلة كما يلي:
1- المشروع الحضاري الإسلامي يقوم علي ثلاثة أذرع إحداها ذراع دعوي وإصلاحي وتربوي.. والثاني ذراع سياسي.. والثالث ذراع اجتماعي يهتم بالفقير والمسكين واليتيم.
والآن نهتم جميعا ً بالذراع السياسي تاركين كل شيء سواه.. حتى كره الناس هذا الذراع الطويلة والتي تغولت على الذراعين الآخرين .. وأخشى أن يضمر كل شيء علي حساب السياسة الحزبية .. ليتحول الأمر في نهاية المطاف إلي صراع سياسي إسلامي إسلامي بعد الفراغ من الصراع الإسلامي الليبرالي.
2- قبل أن تدعو وتعظ الآخرين عليك أن تتأكد أن التليفون الذي تتحدث إليهم عبره فيه حرارة.. فإذا فقدت الحرارة فلن يصل صوتك للناس .. وحرارة التليفون هنا هي صدق القلب وإخلاصه وتجرده عن نزعات الهوى ورغبات الدنيا والعصبية للحزب أو الجماعة أو الفيصل دون الحق.
3- الدعوة إلي الله تجمع القلوب المتنافرة.. والسياسة الحزبية تفرق النفوس المتآلفة.
في المسجد يقول الداعية: تعالوا إلي الله.. فإذا انتقل إلي العمل السياسي الحزبي يقول: "انتخبوني ..انتخبوني" .
في المسجد يقول الداعية: "ربي.. ربي " .. فإذا انتقل إلي السياسة الحزبية يقول: "نفسي .. نفسي .. انتخبوني .. أنا الأفضل.. أنا الأقوى.. أنا الأحكم .. لن أتنازل لغيري.
4- انتقال البعض من الدعوة والمسجد إلي السياسة الحزبية دون تربية حقيقية تدريجية وتأهيل سياسي يفرق بين المقدس والبشري.. والمعصوم وغير المعصوم .. ومنبر رسول الله صلي الله عليه وسلم ومقاعد الأحزاب السياسية قد يدمر الدعوة والدولة.. والداعية والسياسي معا ً.. وقد قال (صلي الله عليه وسلم) " آخر ما يخرج من نفوس الصديقين حب الجاه ".. أي السلطة.
5- الداعية الذي يكشر ولا يبتسم.. وينفر ولا يبشر .. ويتشاءم ولا يتفاءل .. ويسب ويشتم.. ولا يسوق دعوته للناس في ثوب من الأدب الراقي والخلق النبيل عليه أن يبحث عن زعيم آخر غير النبي (صلي الله عليه وسلم) .
6- بعض الدعاة اليوم يصنعون الأعداء ويطفشون الأصدقاء.. غافلين عن أعظم آلية وضعها القرآن العظيم لكسب الأصدقاء قبل "ديل كارينجي" بقرون طويلة وذلك في قوله تعالي " ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ " .. فأين نحن من هذه الآلية التي تحول العدو إلي "ولي وصديق" .. وكذلك "حميم" ؟!!.
7- إذا كان حصار المؤسسات السيادية يهدم فكرة الدولة .. فإن حصار المساجد والاعتداء عليها هو الفتنة الكبرى التي يمكن أن تحرق الوطن كله .
8- علينا أن نبعد المساجد عن الصراعات السياسية التي لن تنتهي في مصر .. بحيث تعود المساجد مكانا للرحمة والألفة والمودة والمحبة والسكينة لجميع المسلمين باختلاف أطيافهم السياسية .
9- التحدي الأكبر اليوم أمام الدعاة خاصة والإسلاميين عامة هو كيفية الجمع بين الواجب الشرعي والواقع العملي جمعا ً لا يخل بأحدهما.. فيقيم الشرع ولا يضيع الوطن.. وقد ندر من يحسن الجمع بينهما.
10- نحن دعاة لا قضاة .. ونحن هداة لا بغاة .. ومهمتنا ليست إخراج الناس من الدين بتكفيرهم أو تفسيقهم أو تبديعهم .. ولكن مهمتنا هي إدخال الناس في دين الله وهدايتهم إلي طريق الحق.
11- الإسلام هو كلمتين فقط هما : تعظيم الحق (سبحانه) + الرحمة بالخلق .
12- الداعية بحق هو الذي يجمع بين الصدع بالحق وعفة اللسان.. وبين التمسك بالدين والإحسان إلي الناس .. وبين مراعاة الحق وملاطفة الخلق .
13- الخلق الكريم لا يتجزأ فلا يكون المسلم حسن الخلق مع قوم سيء الخلق مع آخرين لأنه يختلف معهم في الفكر أو الرأي أو الدين أو الموقف السياسي .. وقد قال ( صلى الله عليه وسلم) :" وخالق الناس بخلق حسن " .. وقال تعالى "وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً ".. الناس كل الناس .. مسلمهم وغير مسلمهم .. من معك ومن يعارضك.
14- علي الدعاة أن يعلموا أن الهداية ليست مستحيلة علي أحد فعمر بن الخطاب الذي قال عنه عبيد الله بن جحش " لن يسلم عمر بن الخطاب حتى يسلم حمار الخطاب " أسلم وصار من عظماء الصحابة ومن أعظم الخلفاء الراشدين ووافقه القرآن في نحو 16موضعا ً .. وخالد بن الوليد الذي تسبب في هزيمة المسلمين في أحد أصبح بعد ذلك سيف الله المسلول .
15- على الداعية ألا يحتقر أحدا ً من الناس مهما كانت معصيته فإن رحمة الله أكبر من معصيته ومغفرة الله أعظم من ذنوبه ولا يعير عاصيا ً بمعصيته بعد أن تاب منها.. فهذا التعبير فيه الكثير من كبر الداعية بطاعته ومنه علي الله بعبادته وفيه الكثير من الازدراء للآخرين .
16- لعل انكسار العاصي بذنبه وذله وخضوعه لربه يجعله أقرب من الداعية إلي الله وأرجي منه لعفوه سبحانه فما أقرب هذا العاصي المنكسر من رحمة الله وما أقرب من يمن علي الله بطاعته وعبادته من سخط الله .
فانكسروا أيها الدعاة لربكم وتواضعوا للناس .. فالداعية بغير تواضع كالجسد بلا روح.. وكالشجر بلا ثمر ولا تمنوا علي ربكم مهما قدمتم لدعوته ودينه .. فالله سبحانه له الفضل والنعمة والمن.