مشاهدة النسخة كاملة : عذراً إليك رسول الله في ذكرى مولدك الشريف


abomokhtar
24-01-2013, 09:42 AM
بقلم/ حسين القاضي (http://www.elwatannews.com/editor/101)
أنت يا رسول الله سيدنا وإمامنا وكنزنا ووسيلتنا وشفيعنا.. وأنت خلاصة سر الاصطفاء.. وأنت السر الواصل بين آفاق الربوبية وأعماق العبودية.. أنت عشقُ القلب.. وصفاء الروح.. ونور البصيرة .. وعين الرحمة.. ومحبوب الحق..وأنت الذي انطوى الفؤاد على محبتك والتعلق بك وتوقيرك وموالاتك ونصرتك.
أنت صاحب الوعود الصادقة.. والحياة الهادئة النظيفة.. حياتك كالصفحة البيضاء الناصعة لا نجد فيها خدشاً أو نقطة مهما صغرت.. فقد أحببتَ الخلق وعدلتَ في الحكم.. وواسيتَ المنكوب.. وبنيتَ الإنسان.. وشيدتَ الحضارة.. ولذلك اتخذك الأعداء مثالا ً في القيم الإنسانية التي جُبلت النفس الكريمة عليها.
نعتذر إليك في ذكرى مولدك الشريف.. فقد قصرنا في فهم شرعك الشريف وقدمناه للناس فظَّاً غليظاً جافاً.. وحصرنا شرعيتك المطهرة في صناديق الانتخابات فحسب.. ودعونا الناس لسنتك ودينك.. ثم رأوا منا غلظة وجفوة ولساناً فجاً عند الاختلاف.
نعتذر إليك.. فقد ضيَّقنا شريعتك في وجوه الناس، واختزلناها في بعض فروعها وهيئاتها وآدابها.. وأغفلنا أصولها وجوهرها.. حتى ظن الناس هديك رُعباً وظلاماً ، فنفر الناس.. لأنهم لم يسمعوا ولم يروا من أطروحات الناس إلا جذاذات وأشتات وتشوهات عاجزة عن تصوير الشرع الشريف على ما هوعليه بكل آفاقه الرحبة.. وأبعاده الأخلاقية.. ومناهجه التشريعية والقانونية.
نعتذر إليك.. فقد اختصرنا شرعك الشريف في جلباب قصير ولحية طويلة..حتى الاحتفال بمولدك حرّمناه وجرّمناه.. دون أن نقول لهم إنه خطاب يقوم على رؤية وبصيرة.. فيحلل في موضع التحليل.. ويحرم في موضع التحريم، بلا إغراق في التمحكات والشكليات، ودون أن نعلمهم أنه خطاب قائم على الإحاطة بمقاصدالشريعة، وعلى التأسيس لقيم العمل والتعاون والمواطنة وقبول المخالف.
نعتذر إليك..فقد قدمنا شرعك في صورة *****ة الروح، تنفر منهاالطباع، ولا تتقبلها العقول، فتَحيَّر الناس، حتى تَوَهَّمَ آخرون أنهم يرفضون الشريعة.. وهم إنما يرفضون الصورة الذهنية الشنيعة التي تُطْرَحُ عنها من خلالنا فصار هؤلاء يُصِرُّون على تقديمها بتلك الصورة الشوهاء.. وصار أولئك يرفضون تلك الصورة بعينها، فيتوهم الأولون أن الناس ترفض الشريعة.. ويتوهم الآخرون أن الشريعة مفهوم ضيق.. يطبق على الصدور فلا تتنفس.. وعلى العقول فلاتهتدي.
نعتذر إليك.. فلم ير الناس منا حضارة مبنية على علوم الإسلام وهويته، تستلهم قيم الوحي الشريف في علوم العمارة والفلك، وفى العمران والتمدن، وفى تحقيق رخاء الإنسان ورفاهيته، وفى إقامة المؤسسات الوقفيةالتي تنهض بكل احتياجات الإنسان التعليمية والصحية والاجتماعية.
نعتذر إليك.. لأن الناس لم يروا ممن يزعمون أنهم يعملون على تطبيق شريعتك أخلاقاً رفيعة، ولا قيماً نبيلة تصنع الإنسان الراقي، وترغّب البشرفي دينك، ولا رأوا مستشفيات ولا مدارس ولا طرقات ولا جسوراً ولا مسكناً.
نعتذر إليك سيدي وننشد:
دع باذلَ النفسِ من شوقٍ وما بذلا ما الحبُ يا مدعى إلا الذي***ا
الشوق يسحقني والبينُ يمحقُنى وكلما استعرت نار الغرام حلا
ياسيد الرسْلِ عبدٌ حائرٌ قلقٌ أمام بابك حطّ الرحلَ وابتهلا
يشْدو بمدحِكَ والإعْياءُ يُفْحِمُهُ حتى ولو أحسن التغريدَ والزجلا
فاقبل مديحي على علاّته كرما ً فأنت أكرم من أغضى ومن قَبِلا
صلاة وسلاماً عليك تامين كاملين تتنزل أنوارهما في قلوبنا حتى نلقى الله.