أ/محمد ابراهيم
11-03-2013, 11:16 PM
محمد منصور يكتب ... طباخ الدوائر
كتير من المعارضين للإخوان، بينتقدوا تقسيم الدوائر الانتخابية اللي حددها قانون مجلس النواب الجديد (المطعون في دستوريته حالياً). بيتقال إن الدوائر إتطبخت واتقيفت على مقاس الإخوان والإسلاميين عموماً. وعشان أنا شاركت في تحديد الدوائر الانتخابية دي (يعني طباخ من طباخين الدوائر)، أحب إني أوضح بعض الحقائق للي يحب يعرفها.
أحب أبتدي بالكليشيه المعروف، على فكرة أنا مش أخوان :) ولا كان فيه حد من زملائي اللي اشتركوا في الموضوع ده أخوان أو حتى إسلامي أو يمت لهم بأي صلة.
قصة اشتراكي في تحديد الدوائر الانتخابية الجديدة، ابتدت من خلال شغلي في وزارة الدولة للتنمية الإدارية. وزير العدل أحمد مكي كلم مديري وطلب منه يجيله عشان عايز يستشيره في موضوع له علاقة بالانتخابات. مديري طلب مني إني أروح معاه وحصل فعلاً. الكلام ده كان يوم 20 يناير 2013، بعد ما مجلس الشورى كان بعت قوانين الانتخابات للمحكمة الدستورية، وقبل رد المحكمة بعدم دستورية بعض المواد.
وزير العدل قال لنا إن فيه احتمال المحكمة الدستورية تقرر بعدم دستورية دوائر مجلس النواب (اللي هي نفس دوائر مجلس الشعب 2011)، وعلى هذا الأساس الحكومة عايزة يبقى عندها تقسيم بديل للدوائر، متوافق مع الدستور، عشان تقدمه في حالة عدم دستورية الدوائر القديمة. وإحنا قاعدين في مكتبه، حسبنا التمثيل العادل (من الناخبين) لكل نائب بناء على عدد الناخبين في كل محافظة، وعلى عدد المقاعد المنتخبة في المجلس.
بناءاً على الكلام ده، لقينا إن فيه 6 محافظات فيها تمثيل أقل من المطلوب: القاهرة، الجيزة، الإسكندرية، القليوبية، الشرقية، وأسوان. بعدها، حسبنا التمثيل العادل لكل محافظة من دول وزودنا 12 مقعد للقاهرة والجيزة و6 مقاعد للمحافظات الأربعة التانيين، بإجمالي 48 مقعد.
في نفس الوقت لقينا 3 محافظات واخدة أكتر من حقها: سوهاج، أسيوط، ودمياط. لفتنا نظر وزير العدل للموضوع ده، لكن طلب مننا ما نقللش التمثيل لأي محافظة، عشان لو ده حصل وارد جداً يبقى فيه أحداث *** احتجاجاً على تخفيض التمثيل للمحافظة وتقليل فرص النواب في الفوز بمقاعد. عموماً، ده كان برضه معيار في تقسيم الدوائر في 2011، مراعاة للصالح العام. تخيلوا كده لو فيه عيلتين في الصعيد لكل واحدة فيهم كرسي في المجلس من 50 سنة. لو هما الاتنين ما بين يوم وليلة بقوا بيتنافسوا على كرسي واحد، إيه اللي حيحصل؟
وافق وزير العدل على الزيادات اللي اقترحناها وراجعنا معاه المعايير اللي طلعناها من الدستور لتقسيم الدوائر، وبرضه وافق عليها بدون نقاش، وطلب مننا نقسم الدوائر بناء على زيادة المقاعد مع مراجعة تقسيم دوائر المحافظات اللي ما فيهاش تغيير. قلنا له إن مينفعش إن إحنا نعمل تقسيم الدوائر من غير ما نستشير الأمن العام، وخصوصاً في الصعيد، عشان القبليات والعصبيات، ممكن تخلي دوائر شكلها كويس على الورق وبناءاً على الأرقام، لكن مستحيلة على أرض الواقع، فكلم وزير الداخلية وطلب مننا نراجع الكلام ده مع مدير الإدارة العامة للانتخابات في وزارة الداخلية. أخدنا الكلام ده واتفقنا معاه نبعتها له لما نخلصها ونراجعها مع الأمن.
المعايير اللي اتفقنا عليها هي:
1. تقسيم الدوائر الانتخابية بما يراعى التمثيل العادل للسكان والمحافظات (وفقاً للمادة 113 من الدستور)
مفهومنا للمادة دي، واللي اتّبعناه هو إن تمثيل الدوائر يكون متماثل أو متقارب قدر الإمكان، وإن يكون فيه حد أدنى لتمثيل المحافظة، عشان المحافظات الصغيرة ماتتظلمش. تقسيم دوائر الشعب 2011 كان فيه دائرة السلام أول فردي فيها مليون و400 ألف ناخب بينتخبوا نائبين، ودائرة الساحل فردي فيها مليون و80 ألف ناخب بينتخبوا نائبين، ودائرة قصر النيل فيها 250 ألف ناخب برضه بينتخبوا نائبين. ظلم شديد في رأيي.
موضوع التمثيل العادل للسكان ده تعبنّا جداً. مشكلتنا كانت نجيب منين عدد السكان موزع على المحافظات والأقسام والمراكز (وهي الوحدات الإدارية اللي بتشكل الدائرة). المكان البديهي كان جهاز الإحصاء، وجبناها فعلاً، وابتدينا نقارن أرقامه بأرقام قاعدة بيانات الناخبين. اكتشفنا في بعض الأحيان، إن فيه أقسام شرطة عدد سكانها أقل من عدد الناخبين اللي فيها عندنا (معلومة: لازم يكون عدد السكان أكتر من الناخبين لأن الناخبين هم من فوق 18 سنة وما عندهمش موانع من ممارسة حقوقهم السياسية). الحاجة التانية اللي خوفنا من البيانات دي، هو أن نسبة الناخبين إلى نسبة السكان كانت بتختلف بشكل فظيع من محافظة للتانية. منطقي إنها تفرق وفقاً لتوزيع الأعمار ومعدلات الانجاب، لكن يبفى فرق معقول من أكبر محافظة لأقل محافظة. اللي إحنا لقيناه كان إن فيه محافظة نسبة الناخبين فيهم 41%، ومحافظة تانية 74%، يعني الفرق 33%. راجعنا مركز معلومات مجلس الوزراء، قلنا ممكن يبقى عنده بيان أحسن للسكان، لكن لقينا إن مصدره برضه هو جهاز الإحصاء. المعلومة اللي أضافها مركز المعلومات هي إن بيانات الإحصاء مبنية على تعداد 2006، ومحسوبة على أساس معدلات الإنجاب والوفاة لغاية دلوقتي، وإن المركز عمل مسح بَعدي على التعداد واكتشف إن نسبة الخطأ فيه 23%.
لجأنا بعد كده لقاعدة بيانات الرقم القومي في الأحوال المدنية، لكن اكتشفنا إن السجل المدني ما بيبقاش فيه عنوان للناس لغاية ما يطلعوا بطاقة. واللي مطلعش بطاقة ما لهوش عنوان عندهم، أو حتى قسم/مركز شرطة. ومن هنا، أخدنا قرار إننا نعتمد على البيان الأكثر دقة وموجود عندنا وهو قاعدة بيانات الناخبين.
2. مراعاة النظام الانتخابي (ثلثي المقاعد للقوائم والثلث للمقاعد الفردية – وفقاً للمادة 231 من الدستور)
دي كانت مادة انتقالية في الدستور الجديد، وهي إن توزيع مقاعد مجلس النواب تلتين للمنتخبين عن طريق القوائم المغلقة وتلت للمنتخبين عن طريق النظام الفردي. والكلام ده زي انتخابات مجلس الشعب والشورى 2011 بالظبط. النظام الانتخابي المختلط الغريب ده بيصعب موضوع تقسيم الدوائر.
3. مراعاة تمثيل العمال والفلاحين بنسبة لا تقل عن خمسين بالمائة من عدد أعضاء مجلس النواب (وفقاً للمادة 229 من الدستور)
مادة انتقالية أخرى فرضت علينا قيود أكتر. لازم إن عدد النواب اللي صفتهم عمال أو فلاحين يكون على الأقل نص أعضاء المجلس بحاله، ويجوز إنهم يبقوا أكتر من الفئات الأخرى.
4. مراعاة نسب الثلث إلى الثلثين عند جمع دوائر الفردي لإنتاج دوائر القوائم (مثال: عند إنتاج دائرة قوائم من دائرتي فردي، يكون حجم دائرة القوائم 8 أعضاء)
القانون نص على مراعاة نسبة التلت للتلتين على مستوى المحافظة، لكن إحنا في التقسيم بتاعنا حاولنا نكون عادلين أكتر من خلال مراعاته على مستوى الدوائر مش المحافظة. الكلام ده معناه لو في دائرة فردي فيها عضوين يبقى قدامها دائرة قوائم 4 أعضاء، ولو دائرتين فردي فيهم 4 أعضاء يبقى قدامهم دائرة قوائم 8 أعضاء. ببساطة دائرة القوائم دايماً ضعف الفردي.
5. أصغر وحدة للدائرة الانتخابية (حد أدنى لتمثيل المحافظة): نائبان عن النظام الفردي وأربعة نواب عن نظام القوائم، بإجمالي ستة نواب
الحل السهل لموضوع الشرط التاني، هو أن أصغر وحدة للدائرة تكون نائب فردي و2 نواب قوائم، لكن الشرط التالت بيخلي الموضوع ده مستحيل. تعالوا نبص على موضوع إن الوحدة تكون تلاتة مع تطبيق الـ50% عمال وفلاحين. لو خلينا القوائم واحد عمال/فلاحين والمقعد التاني فئات أخرى، يبقى لازم نخلي كرسي الفردي عمال/فلاحين بس، ومنسمحش للفئات الأخرى بالترشح على كرسي الفردي، وده غير دستوري/عادل. لو خلينا كرسي الفردي متاح للعمال/فلاحين والفئات الأخرى، يبقى لازم إن القائمة تبقى بالكامل للعمال/الفلاحين، وده برضه غير دستوري/عادل.
الحل كان إن رقم 3 ده يتضرب في 2. يبقى أقل وحدة للدائرة تبقى عضوين فردي و4 أعضاء قوائم، وهو ده اللي نفذناه وهو برضه اللي اتنفذ في مجلس الشعب والشورى 2011.
6. ضرورة عدم فقد أي محافظة لأي مقعد سبق الحصول عليه بالانتخابات السابقة، مراعاة للصالح العام
زي ما شرحت قبل كده، تجنباً لأعمال ال***، حافظنا على مكتسبات المحافظات من الانتخابات اللي قبل كده.
7. أن تضم كل دائرة انتخابية وحدة أو أكثر من الوحدات الإدارية الكاملة الكيان (أقسام أو مراكز شرطة) ودون تجزئة
حافظنا على الشرط ده من تقسيم دوائر 2011. قبل الثورة كانت الدوائر بتتكون من أجزاء من أقسام/مراكز الشرطة اسمها شياخات وقرى. وفي النظام ده كانت الدوائر بتتقيف فعلاً على أشخاص بعينهم بناءاً على شعبيتهم في المناطق دي. دلوقتي ما ينفعش آخد حتة من قسم وأحطها على قسم تاني وأعمل دائرة.
8. التجاور الجغرافي للمكونات الإدارية لكل دائرة فردية
برضه شرط مهم أخدناه من تقسيم 2011. الكلام ده معناه إن ما ينفعش آخد قسمين بعاد عن بعض وأعملهم دائرة. ماينفعش مثلاً آخد قسم قصر النيل أضمه على قسم مصر الجديدة وأعمل دائرة.
9. التجاور الجغرافي للدوائر الفردية المكونة لدوائر القوائم
نفس الشرط السابق بس بالنسبة لدوائر القوائم. ماينفعش آخد دائرتين فردي بعاد عن بعض أعمل بيهم دائرة قوائم.
10. عدد الأعضاء المسموح به لدوائر القوائم هو: 4، 8، أو 12 عضو
حطينا الشرط ده عشان كان فيه دوائر قوائم 6 و10 أعضاء في تقسيم 2011، وده ما كانش متوازن مع دوائر الفردي اللي بتضمهم دائرة القوائم.
11. مراعاة النزاعات القبلية والعائلية والطائفية عند جمع الوحدات الإدارية لإنتاج الدوائر الانتخابية، مراعاة للصالح العام
زي ما شرحت قبل كده، راعينا الصالح العام وتفادينا أعمال ال*** اللي ممكن تحصل لما تضم دائرة فيها عرب أو هوارة أو أشراف على بعض.
بعد ما خلصنا الدوائر وعرضناها على الأمن وعملنا التعديلات اللي طلبوها، بعتنا الدوائر بشكل رسمي يوم 18 فبراير 2013 لوزير العدل، بعد رفض المحكمة الدستورية للدوائر اللي اتقدمت أول مرة. بعدها بيوم تلقينا دعوة من وزارة العدل لحضور جلسة اللجنة التشريعية بمجلس الشورى لمناقشة الدوائر المقترحة، ورحنا يوم 20 فبراير.
للأسف، كانت تجربة سيئة للغاية. كل النواب عايزين يتكلموا بخصوص محافظاتهم ودوائرهم، ويزودوا تمثيلهم أو يقيفوا الدوائر لمصالحهم الشخصية، ولا أستثني أي حد. أخوان وسلفيين، وتيار مدني. قعدنا في جدل طويل جداً، وطلبات كتير جداً، تم الرد عليها جميعاً، وإتوافق على طلبين لتعديل الدوائر بالقليوبية والغربية، بشكل لا يتعارض مع المعايير. بعد كده، دخل أحد النواب واتهمنا إننا عايزين نقيف الدوائر على مقاسنا، وإننا طبخنا الدوائر، وإن كده مفيش مسيحي حيدخل مجلس النواب. مقرر القانون طلب منه إنه يقعد معانا بعد الجلسة وحنغيره أي حاجة هو عايزها في حدود المعايير. وقعدنا معاه فعلاً هو وكام نائب تانيين، وأغلب الناس ما أخدوش وقت لغاية ما فهموا المعايير ورضيوا بيها بشكل أو بآخر، إلا الأخ ده. قعدنا معاه ساعتين، وفي الآخر كان معترض على المعايير نفسها. قلت له إن المعايير دي مش في إيدينا وإن اللي وضعها هو الدستور، واللي أنا شخصياً رفضته لكن في الآخر لبسناه خلاص.
جزء من الجلسة:
http://www.youtube.com/watch?v=FOOkVM5TWVM (http://www.facebook.com/l.php?u=http%3A%2F%2Fwww.youtube.com%2Fwatch%3Fv%3 DFOOkVM5TWVM&h=5AQGK-_ZK&s=1)
اليوم اللي بعديه، إتطلب مننا نحضر الجلسة العامة وحضرت أنا ومديري فعلاً، وكانت كلها نقاشات في الهواء وانتهى الموضوع بإقرار القانون على الصورة اللي اتفقنا عليها اليوم اللي قبله.
فيديو للجلسة:
http://www.youtube.com/watch?v=sCWkhTXgnQA
ملاحظات:
أنا راضي عن التقسيم، كتقسيم أولي، لكن شايف إن ما كانش ينفع يقر تقسيم جديد للدوائر من غير حوار حقيقي مع القوى السياسية، للاتفاق عليها. اللي حصل في الشورى في نص يوم ده اسمه تهريج. وما ينفعش برضه تتعمل انتخابات بعد إقرار تقسيم جديد كده على طول وخصوصاً إن فيه ناس شغالة على الأرض بقالها سنة ونص على أساس التقسيم القديم، مش جاهزة تدخل انتخابات بعد شهر ونص على أساس تقسيم جديد. والحمد لله موضوع حكم القضاء الإداري ده فرصة كويسة لتصحيح الوضع.
عيوب التقسيم الحالي:
1. ظلم المحافظات الصغيرة (سكاناً) والواسعة (جغرافياً) - المحافظات الحدودية عموماً، والوادي الجديد مثال كويس للموضوع ده. هي دايرة فردي واحدة بس، ومطلوب من أي مرشح عايز يكسب فيها أنه يلف على مساحة مهولة عشان يتواصل مع الناخبين، مع قلة عددهم.
2. مفيش معيار لتوزيع حجم دوائر القوائم: ما حطيناش قاعدة تقول إمتى حنستعمل دائرة قوائم 4 أعضاء وإمتى 8 أعضاء وإمتى 12. بس في الأغلب اشتغلنا على التقسيم القديم.
مخالفات للمعايير:
1. عدم تجاور جغرافي لعدم وجود بديل: مركز سمنود في دائرة الغربية الثالثة فردي – مركز أطسا في دائرة الفيوم الأولى فردي
2. عدم مراعاة نسب الثلث إلى الثلثين عند جمع دوائر الفردي بمحافظة قنا لإنتاج دوائر القوائم: الأمن العام جه يجري هو وكذا حد من المحافظة اتصل بينا لما طرحنا موضوع مراعاة التلت والتلتين. كل الناس أكدت إن كل المراكز هناك حتولع، لو التقسيم القديم اتغير.
وفي الآخر، أنا مستعد لمناقشة التقسيم مع أي حد، بس على شرط التزام الموضوعية. ما يبقاش طبختوا الدوائر وقيفتوها على مقاسكو، والكلام الفاضي ده، لأن أنا شخصياً مش سعيد بالنتائج اللي حيجيبها التقسيم ده، بس هو ده أقرب حاجة قدرنا نوصلها من ناحية العدل في التقسيم...
كتير من المعارضين للإخوان، بينتقدوا تقسيم الدوائر الانتخابية اللي حددها قانون مجلس النواب الجديد (المطعون في دستوريته حالياً). بيتقال إن الدوائر إتطبخت واتقيفت على مقاس الإخوان والإسلاميين عموماً. وعشان أنا شاركت في تحديد الدوائر الانتخابية دي (يعني طباخ من طباخين الدوائر)، أحب إني أوضح بعض الحقائق للي يحب يعرفها.
أحب أبتدي بالكليشيه المعروف، على فكرة أنا مش أخوان :) ولا كان فيه حد من زملائي اللي اشتركوا في الموضوع ده أخوان أو حتى إسلامي أو يمت لهم بأي صلة.
قصة اشتراكي في تحديد الدوائر الانتخابية الجديدة، ابتدت من خلال شغلي في وزارة الدولة للتنمية الإدارية. وزير العدل أحمد مكي كلم مديري وطلب منه يجيله عشان عايز يستشيره في موضوع له علاقة بالانتخابات. مديري طلب مني إني أروح معاه وحصل فعلاً. الكلام ده كان يوم 20 يناير 2013، بعد ما مجلس الشورى كان بعت قوانين الانتخابات للمحكمة الدستورية، وقبل رد المحكمة بعدم دستورية بعض المواد.
وزير العدل قال لنا إن فيه احتمال المحكمة الدستورية تقرر بعدم دستورية دوائر مجلس النواب (اللي هي نفس دوائر مجلس الشعب 2011)، وعلى هذا الأساس الحكومة عايزة يبقى عندها تقسيم بديل للدوائر، متوافق مع الدستور، عشان تقدمه في حالة عدم دستورية الدوائر القديمة. وإحنا قاعدين في مكتبه، حسبنا التمثيل العادل (من الناخبين) لكل نائب بناء على عدد الناخبين في كل محافظة، وعلى عدد المقاعد المنتخبة في المجلس.
بناءاً على الكلام ده، لقينا إن فيه 6 محافظات فيها تمثيل أقل من المطلوب: القاهرة، الجيزة، الإسكندرية، القليوبية، الشرقية، وأسوان. بعدها، حسبنا التمثيل العادل لكل محافظة من دول وزودنا 12 مقعد للقاهرة والجيزة و6 مقاعد للمحافظات الأربعة التانيين، بإجمالي 48 مقعد.
في نفس الوقت لقينا 3 محافظات واخدة أكتر من حقها: سوهاج، أسيوط، ودمياط. لفتنا نظر وزير العدل للموضوع ده، لكن طلب مننا ما نقللش التمثيل لأي محافظة، عشان لو ده حصل وارد جداً يبقى فيه أحداث *** احتجاجاً على تخفيض التمثيل للمحافظة وتقليل فرص النواب في الفوز بمقاعد. عموماً، ده كان برضه معيار في تقسيم الدوائر في 2011، مراعاة للصالح العام. تخيلوا كده لو فيه عيلتين في الصعيد لكل واحدة فيهم كرسي في المجلس من 50 سنة. لو هما الاتنين ما بين يوم وليلة بقوا بيتنافسوا على كرسي واحد، إيه اللي حيحصل؟
وافق وزير العدل على الزيادات اللي اقترحناها وراجعنا معاه المعايير اللي طلعناها من الدستور لتقسيم الدوائر، وبرضه وافق عليها بدون نقاش، وطلب مننا نقسم الدوائر بناء على زيادة المقاعد مع مراجعة تقسيم دوائر المحافظات اللي ما فيهاش تغيير. قلنا له إن مينفعش إن إحنا نعمل تقسيم الدوائر من غير ما نستشير الأمن العام، وخصوصاً في الصعيد، عشان القبليات والعصبيات، ممكن تخلي دوائر شكلها كويس على الورق وبناءاً على الأرقام، لكن مستحيلة على أرض الواقع، فكلم وزير الداخلية وطلب مننا نراجع الكلام ده مع مدير الإدارة العامة للانتخابات في وزارة الداخلية. أخدنا الكلام ده واتفقنا معاه نبعتها له لما نخلصها ونراجعها مع الأمن.
المعايير اللي اتفقنا عليها هي:
1. تقسيم الدوائر الانتخابية بما يراعى التمثيل العادل للسكان والمحافظات (وفقاً للمادة 113 من الدستور)
مفهومنا للمادة دي، واللي اتّبعناه هو إن تمثيل الدوائر يكون متماثل أو متقارب قدر الإمكان، وإن يكون فيه حد أدنى لتمثيل المحافظة، عشان المحافظات الصغيرة ماتتظلمش. تقسيم دوائر الشعب 2011 كان فيه دائرة السلام أول فردي فيها مليون و400 ألف ناخب بينتخبوا نائبين، ودائرة الساحل فردي فيها مليون و80 ألف ناخب بينتخبوا نائبين، ودائرة قصر النيل فيها 250 ألف ناخب برضه بينتخبوا نائبين. ظلم شديد في رأيي.
موضوع التمثيل العادل للسكان ده تعبنّا جداً. مشكلتنا كانت نجيب منين عدد السكان موزع على المحافظات والأقسام والمراكز (وهي الوحدات الإدارية اللي بتشكل الدائرة). المكان البديهي كان جهاز الإحصاء، وجبناها فعلاً، وابتدينا نقارن أرقامه بأرقام قاعدة بيانات الناخبين. اكتشفنا في بعض الأحيان، إن فيه أقسام شرطة عدد سكانها أقل من عدد الناخبين اللي فيها عندنا (معلومة: لازم يكون عدد السكان أكتر من الناخبين لأن الناخبين هم من فوق 18 سنة وما عندهمش موانع من ممارسة حقوقهم السياسية). الحاجة التانية اللي خوفنا من البيانات دي، هو أن نسبة الناخبين إلى نسبة السكان كانت بتختلف بشكل فظيع من محافظة للتانية. منطقي إنها تفرق وفقاً لتوزيع الأعمار ومعدلات الانجاب، لكن يبفى فرق معقول من أكبر محافظة لأقل محافظة. اللي إحنا لقيناه كان إن فيه محافظة نسبة الناخبين فيهم 41%، ومحافظة تانية 74%، يعني الفرق 33%. راجعنا مركز معلومات مجلس الوزراء، قلنا ممكن يبقى عنده بيان أحسن للسكان، لكن لقينا إن مصدره برضه هو جهاز الإحصاء. المعلومة اللي أضافها مركز المعلومات هي إن بيانات الإحصاء مبنية على تعداد 2006، ومحسوبة على أساس معدلات الإنجاب والوفاة لغاية دلوقتي، وإن المركز عمل مسح بَعدي على التعداد واكتشف إن نسبة الخطأ فيه 23%.
لجأنا بعد كده لقاعدة بيانات الرقم القومي في الأحوال المدنية، لكن اكتشفنا إن السجل المدني ما بيبقاش فيه عنوان للناس لغاية ما يطلعوا بطاقة. واللي مطلعش بطاقة ما لهوش عنوان عندهم، أو حتى قسم/مركز شرطة. ومن هنا، أخدنا قرار إننا نعتمد على البيان الأكثر دقة وموجود عندنا وهو قاعدة بيانات الناخبين.
2. مراعاة النظام الانتخابي (ثلثي المقاعد للقوائم والثلث للمقاعد الفردية – وفقاً للمادة 231 من الدستور)
دي كانت مادة انتقالية في الدستور الجديد، وهي إن توزيع مقاعد مجلس النواب تلتين للمنتخبين عن طريق القوائم المغلقة وتلت للمنتخبين عن طريق النظام الفردي. والكلام ده زي انتخابات مجلس الشعب والشورى 2011 بالظبط. النظام الانتخابي المختلط الغريب ده بيصعب موضوع تقسيم الدوائر.
3. مراعاة تمثيل العمال والفلاحين بنسبة لا تقل عن خمسين بالمائة من عدد أعضاء مجلس النواب (وفقاً للمادة 229 من الدستور)
مادة انتقالية أخرى فرضت علينا قيود أكتر. لازم إن عدد النواب اللي صفتهم عمال أو فلاحين يكون على الأقل نص أعضاء المجلس بحاله، ويجوز إنهم يبقوا أكتر من الفئات الأخرى.
4. مراعاة نسب الثلث إلى الثلثين عند جمع دوائر الفردي لإنتاج دوائر القوائم (مثال: عند إنتاج دائرة قوائم من دائرتي فردي، يكون حجم دائرة القوائم 8 أعضاء)
القانون نص على مراعاة نسبة التلت للتلتين على مستوى المحافظة، لكن إحنا في التقسيم بتاعنا حاولنا نكون عادلين أكتر من خلال مراعاته على مستوى الدوائر مش المحافظة. الكلام ده معناه لو في دائرة فردي فيها عضوين يبقى قدامها دائرة قوائم 4 أعضاء، ولو دائرتين فردي فيهم 4 أعضاء يبقى قدامهم دائرة قوائم 8 أعضاء. ببساطة دائرة القوائم دايماً ضعف الفردي.
5. أصغر وحدة للدائرة الانتخابية (حد أدنى لتمثيل المحافظة): نائبان عن النظام الفردي وأربعة نواب عن نظام القوائم، بإجمالي ستة نواب
الحل السهل لموضوع الشرط التاني، هو أن أصغر وحدة للدائرة تكون نائب فردي و2 نواب قوائم، لكن الشرط التالت بيخلي الموضوع ده مستحيل. تعالوا نبص على موضوع إن الوحدة تكون تلاتة مع تطبيق الـ50% عمال وفلاحين. لو خلينا القوائم واحد عمال/فلاحين والمقعد التاني فئات أخرى، يبقى لازم نخلي كرسي الفردي عمال/فلاحين بس، ومنسمحش للفئات الأخرى بالترشح على كرسي الفردي، وده غير دستوري/عادل. لو خلينا كرسي الفردي متاح للعمال/فلاحين والفئات الأخرى، يبقى لازم إن القائمة تبقى بالكامل للعمال/الفلاحين، وده برضه غير دستوري/عادل.
الحل كان إن رقم 3 ده يتضرب في 2. يبقى أقل وحدة للدائرة تبقى عضوين فردي و4 أعضاء قوائم، وهو ده اللي نفذناه وهو برضه اللي اتنفذ في مجلس الشعب والشورى 2011.
6. ضرورة عدم فقد أي محافظة لأي مقعد سبق الحصول عليه بالانتخابات السابقة، مراعاة للصالح العام
زي ما شرحت قبل كده، تجنباً لأعمال ال***، حافظنا على مكتسبات المحافظات من الانتخابات اللي قبل كده.
7. أن تضم كل دائرة انتخابية وحدة أو أكثر من الوحدات الإدارية الكاملة الكيان (أقسام أو مراكز شرطة) ودون تجزئة
حافظنا على الشرط ده من تقسيم دوائر 2011. قبل الثورة كانت الدوائر بتتكون من أجزاء من أقسام/مراكز الشرطة اسمها شياخات وقرى. وفي النظام ده كانت الدوائر بتتقيف فعلاً على أشخاص بعينهم بناءاً على شعبيتهم في المناطق دي. دلوقتي ما ينفعش آخد حتة من قسم وأحطها على قسم تاني وأعمل دائرة.
8. التجاور الجغرافي للمكونات الإدارية لكل دائرة فردية
برضه شرط مهم أخدناه من تقسيم 2011. الكلام ده معناه إن ما ينفعش آخد قسمين بعاد عن بعض وأعملهم دائرة. ماينفعش مثلاً آخد قسم قصر النيل أضمه على قسم مصر الجديدة وأعمل دائرة.
9. التجاور الجغرافي للدوائر الفردية المكونة لدوائر القوائم
نفس الشرط السابق بس بالنسبة لدوائر القوائم. ماينفعش آخد دائرتين فردي بعاد عن بعض أعمل بيهم دائرة قوائم.
10. عدد الأعضاء المسموح به لدوائر القوائم هو: 4، 8، أو 12 عضو
حطينا الشرط ده عشان كان فيه دوائر قوائم 6 و10 أعضاء في تقسيم 2011، وده ما كانش متوازن مع دوائر الفردي اللي بتضمهم دائرة القوائم.
11. مراعاة النزاعات القبلية والعائلية والطائفية عند جمع الوحدات الإدارية لإنتاج الدوائر الانتخابية، مراعاة للصالح العام
زي ما شرحت قبل كده، راعينا الصالح العام وتفادينا أعمال ال*** اللي ممكن تحصل لما تضم دائرة فيها عرب أو هوارة أو أشراف على بعض.
بعد ما خلصنا الدوائر وعرضناها على الأمن وعملنا التعديلات اللي طلبوها، بعتنا الدوائر بشكل رسمي يوم 18 فبراير 2013 لوزير العدل، بعد رفض المحكمة الدستورية للدوائر اللي اتقدمت أول مرة. بعدها بيوم تلقينا دعوة من وزارة العدل لحضور جلسة اللجنة التشريعية بمجلس الشورى لمناقشة الدوائر المقترحة، ورحنا يوم 20 فبراير.
للأسف، كانت تجربة سيئة للغاية. كل النواب عايزين يتكلموا بخصوص محافظاتهم ودوائرهم، ويزودوا تمثيلهم أو يقيفوا الدوائر لمصالحهم الشخصية، ولا أستثني أي حد. أخوان وسلفيين، وتيار مدني. قعدنا في جدل طويل جداً، وطلبات كتير جداً، تم الرد عليها جميعاً، وإتوافق على طلبين لتعديل الدوائر بالقليوبية والغربية، بشكل لا يتعارض مع المعايير. بعد كده، دخل أحد النواب واتهمنا إننا عايزين نقيف الدوائر على مقاسنا، وإننا طبخنا الدوائر، وإن كده مفيش مسيحي حيدخل مجلس النواب. مقرر القانون طلب منه إنه يقعد معانا بعد الجلسة وحنغيره أي حاجة هو عايزها في حدود المعايير. وقعدنا معاه فعلاً هو وكام نائب تانيين، وأغلب الناس ما أخدوش وقت لغاية ما فهموا المعايير ورضيوا بيها بشكل أو بآخر، إلا الأخ ده. قعدنا معاه ساعتين، وفي الآخر كان معترض على المعايير نفسها. قلت له إن المعايير دي مش في إيدينا وإن اللي وضعها هو الدستور، واللي أنا شخصياً رفضته لكن في الآخر لبسناه خلاص.
جزء من الجلسة:
http://www.youtube.com/watch?v=FOOkVM5TWVM (http://www.facebook.com/l.php?u=http%3A%2F%2Fwww.youtube.com%2Fwatch%3Fv%3 DFOOkVM5TWVM&h=5AQGK-_ZK&s=1)
اليوم اللي بعديه، إتطلب مننا نحضر الجلسة العامة وحضرت أنا ومديري فعلاً، وكانت كلها نقاشات في الهواء وانتهى الموضوع بإقرار القانون على الصورة اللي اتفقنا عليها اليوم اللي قبله.
فيديو للجلسة:
http://www.youtube.com/watch?v=sCWkhTXgnQA
ملاحظات:
أنا راضي عن التقسيم، كتقسيم أولي، لكن شايف إن ما كانش ينفع يقر تقسيم جديد للدوائر من غير حوار حقيقي مع القوى السياسية، للاتفاق عليها. اللي حصل في الشورى في نص يوم ده اسمه تهريج. وما ينفعش برضه تتعمل انتخابات بعد إقرار تقسيم جديد كده على طول وخصوصاً إن فيه ناس شغالة على الأرض بقالها سنة ونص على أساس التقسيم القديم، مش جاهزة تدخل انتخابات بعد شهر ونص على أساس تقسيم جديد. والحمد لله موضوع حكم القضاء الإداري ده فرصة كويسة لتصحيح الوضع.
عيوب التقسيم الحالي:
1. ظلم المحافظات الصغيرة (سكاناً) والواسعة (جغرافياً) - المحافظات الحدودية عموماً، والوادي الجديد مثال كويس للموضوع ده. هي دايرة فردي واحدة بس، ومطلوب من أي مرشح عايز يكسب فيها أنه يلف على مساحة مهولة عشان يتواصل مع الناخبين، مع قلة عددهم.
2. مفيش معيار لتوزيع حجم دوائر القوائم: ما حطيناش قاعدة تقول إمتى حنستعمل دائرة قوائم 4 أعضاء وإمتى 8 أعضاء وإمتى 12. بس في الأغلب اشتغلنا على التقسيم القديم.
مخالفات للمعايير:
1. عدم تجاور جغرافي لعدم وجود بديل: مركز سمنود في دائرة الغربية الثالثة فردي – مركز أطسا في دائرة الفيوم الأولى فردي
2. عدم مراعاة نسب الثلث إلى الثلثين عند جمع دوائر الفردي بمحافظة قنا لإنتاج دوائر القوائم: الأمن العام جه يجري هو وكذا حد من المحافظة اتصل بينا لما طرحنا موضوع مراعاة التلت والتلتين. كل الناس أكدت إن كل المراكز هناك حتولع، لو التقسيم القديم اتغير.
وفي الآخر، أنا مستعد لمناقشة التقسيم مع أي حد، بس على شرط التزام الموضوعية. ما يبقاش طبختوا الدوائر وقيفتوها على مقاسكو، والكلام الفاضي ده، لأن أنا شخصياً مش سعيد بالنتائج اللي حيجيبها التقسيم ده، بس هو ده أقرب حاجة قدرنا نوصلها من ناحية العدل في التقسيم...