مشاهدة النسخة كاملة : سلسلة أخطاء في أدب المحادثة والمجالسة... 1- الثرثرة


أبو أنس محمد علي
23-03-2013, 09:41 AM
مقدمة:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وآله وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
فإن للناس مجالس يرتادونها، وبينهم أحاديث يتداولونها ويتجاذبون أطرافها، ولكل من المحادثة والمجالسة آداب جميلة، وسنن قويمة، يحسن بالمرء مراعاتها، ويجمل به أن يتخلق بها، ويتجنب ما ينافيها؛ ليكون حديثه ماتعاً، ومجلسه ممرعاً، تسوده الحكمة، وتغشاه السكينة، وتتنزل عليه الرحمة.
وإن المتأمل لأحاديثنا ومجالسنا ليلحظ خللاً كبيراً، وتقصيراً كثيراً؛ ذلك أنها تعمر_غالباً_بالهذر الضار، واللغو الباطل، الذي لا طائل تحته، ولا فائدة ترجى من ورائه.
فلا يعالج في تلك المجالس قضية، ولا يأمر فيها بصدقة، أو بمعروف، أو إصلاح بين الناس.
بل ربما أضحت مراتع للخنا، ومنتدياتٍ للزور، يسفك فيها دم الفضيلة، وترفع في سوحها ألوية الرذيلة؛ فلا غرو إن صارت وبالاً على أهليها، وحسرةً على مرتاديها؛ حيث فقدوا بركتها، وحرموا خيراتها، فلا يجد المرء فيها أنسه، ولا من يقدر كرامته وإنسانيّته، بل ربما وجد الإهانة والإساءة من جلاسه.
وسوف نتابع إن شاء الله سويا هذه الأخطاء في حلقات متتالية، وقد أستفدت كثيرًا في تناول هذه الأخطاء من كتاب (أخطاء في أدب المحادثة والمجالسة) لمؤلفه: محمد بن إبراهيم الحمد).
ونسأل الله العلي القدير أن ينفعنا بها وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه
وأتمنى من الأستاذ عوض علي أن يثبت هذه الحلقات لكي تكون نبراسًا لنا وظاهرة واضحة أمام أعينا مصداقًا لقول النبي -صلى الله عليه وسلم: بلغوا عني ولو آية.
1_ الثرثرة:
الثرثرة هي كثرة الكلام بلا فائدة، والثرثار هو كثير الكلام تكلفاً.
فتجد من الناس من هو ثرثار مهذار، يتكلم من كل باب، ويتولج كل مضيق. فإذا حضر مجلساً ما ملأه بكثرة الضجيج، وأشغله بفضول الكلام.
فالثرثرة مظهر من مظاهر سوء الخلق، وهي دليل عل نقص العقل ورقّةِ الدين.
قال النبي_عليه الصلاة والسلام: إن من أحبكم إليّ، وأقربكم مني في الآخرة أحاسنكم أخلاقاً وإن أبغضكم إليّ، وأبعدكم مني في الآخرة أسوؤكم أخلاقاً؛ الثرثارون، المتفيهقون، المتشدقون، وقال أبو هريرة: لاخير في فضول الكلام.
وأوصى ابن عباس_رضي الله عنهما_رجلاً فقال: لاتتكلم بما لايعنيك؛ فإن ذلك فضل، ولست آمن عليك من الوزر، ودع الكلام في كثير مما يعنيك حتى تجد له موضعاً؛ فربما متكلماً في غير موضعه قد عُنِّت+. وقال عطاء: =كانوا يكرهون فضول الكلام.
وقال: بترك الفضول تكمل العقول+.
وقال: الصمت صيانة اللسان، وستر العِيّ.
وقال الشافعي:
لاخير في حشو الكلا ... م إذا اهتديت إلى عيونه
والصمتُ أجملُ بالفتى ... من منطقٍ في غير حينه
وقال إسماعيل الكاتب:
خيرُ الكلام قليلٌ ... على كثيرٍ دليلُ
والعِيّ معنىً قصيرُ ... يحويه لفظٌ طويلُ
قال الإمام النووي: اعلم أنه ينبغي لكل مكلف أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلا كلاماً ظهرت فيه المصلحة، ومتى استوى الكلام المباحُ وتركه في المصلحة.
فالسنة الإمساك عنه؛ لأنه قد يجر الكلام المباح إلى حرام أو مكروه، وذلك كثيرٌ في العادة، والسلامة لايعدلها شيء+.
وقال القاسمي: إياك وفضول الكلام؛ فإنه يُظهر من عيوبك مابطن، ويحرك من عدوك ماسكن؛ فكلام الإنسان بيان فضله وترجمان عقله؛ فاقصره على الجميع، واقتصر منه على القليل.
ولئن كان نزول الصمت، وترك الحديث فيما لايعني مستحسناً مطلوباً من كل أحد_فلهو ممن يأنس من نفسه الجهل، وكثرة الزلل والخطأ أولى وأولى.
قال علي بن عبدالرحمن بن هذيل: =من الواجب على من عري من الأدب، وتخلى عن المعرفة والفهم، ولم يتحلّ بالعلم_أن يلزم الصمت، ويأخذ نفسه به؛ فإن ذلك حظ كبير من الأدب، ونصيب وافر من التوفيق؛ لأنه يأمن من الغلط، ويعتصم من دواعي السقط؛ فالأدب رأس كل حكمة، والصمت جماع الحكم+.
قال الشاعر:
وفي الصمت سترٌ لعيي وإنما ... صحيفة لب المرء أن يتكلما
وإلى اللقاء مع خطأ آخر من أخطاء أدب المجالسة والمحادثة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبو أنس محمد علي معهد شبرا سندي ع/ث السنبلاوين دقهلية

حسين طه ابوطه
23-03-2013, 10:10 AM
شكر استاذ ابو انس علي هذه النصائح الغالية
وأضم صوتي لصوتك واطلب من الاستاذ عوض علي ان يثبته او علي الاقل ان لا يحذفه لانه في غير موضوع اسم المنتدي
واخير ما معني(ومجلسه ممرعاً)يا ذ|ابو أنس

أبو أنس محمد علي
23-03-2013, 11:39 AM
السلام عليكم
جزاكم الله خيرًا أستاذ حسين طه أبو طه
ومعنى (مجلسه ممرعًا) أي: مجلسًا خصيبًا مثمرًا ممتعًا ممرحًا:
والمَريعُ: الخصيبُ، والجمع أَمْرُعٌ وأَمْراعٌ، قال أبو ذؤيب:
أكل الجَميمِ وطاوَعَتْهُ سَمْحَجٌ مثلُ القناةِ وأَزْلَعَتْهُ الأَمْرُعُ
وقد مَرُعَ الوادي بالضم، وأَمْرَعَ، أي أَكْلأَ، فهو مُمْرِعٌ. وأَمْرَعْتُهُ أي أصبتهُ مَريعاً، فهو مُمْرَعٌ. وفي المثل: "أَمْرَعْتَ فانْزِلْ". ويقال: القومُ مُمْرِعونَ، إذا كانت مواشيهم في خِصْبٍ. وأرضٌ أُمْروعَةٌ، أي خِصْبةٌ.
ومَرَعَ المكانُ والوادِي مَرْعاً ومَراعةً ومَرِعَ مَرَعاً وأَمْرَعَ، كلُّه: أَخْصَبَ وأَكْلأَ، ومَرِعَ الرجل إذا وَقَعَ في خِصْبٍ، ومَرِع إذا تَنَعَّمَ. ومكانٌ مَرِعٌ ومَرِيعٌ: خَصِيب مُمْرِع ناجِعٌ؛ قال الأَعشى:
سَلِسٌ مُقَلَّدُه أَسِي لٌ خَدُّه مَرِعٌ جَنابُهْ
وفي حديث الاستسقاء: أَن النبي -صلى الله عليه وسلم، دَعا فقال: اللهم اسْقِنا غَيْثاً مَرِيئاً مَرِيعاً.. مُرْبِعاً؛ المَرِيعُ: ذُو المَراعةِ والخِصْبِ. يقال: أَمْرَعَ الوادي إذا أَخْصَبَ؛ قال ابن مقبل: وغَيْث مَرِيع لم يُجَدَّعْ نَباتُه
أَي: لم ينقطع عنه المطر فَيُجَدَّعَ كما يجدّع الصبي إذا لم يَرْوَ من اللبن فيسوءَ غِذاؤه ويُهْزَلَ.
ومَمارِيعُ الأَرضِ: مَكارِمُها، قال: أَعني بمكارمها التي هي جمع مَكْرُمةٍ، ورجل مَرِيعُ الجنابِ: كثير الخير.
[انظر: تهذيب اللغة (مرع)، ولسان العرب (مرع)، وتاج العروس (مرع)، والصحاح، (مرع)].
أودُّ أن أكون وفيت معنى (مجلسه ممرعًا).

saad200979
23-03-2013, 04:54 PM
اشكرك اخى على ماقدمت لنا وجزاك الله عنا كل خير


تحياتى

المحب49
24-03-2013, 05:04 PM
جزاك الله خيراً