aymaan noor
04-05-2013, 02:09 AM
دروس إسرائيلية لاستثـــمار مــواردنا الطبيعية (http://economic.ahram.org.eg/NewsQ/1083.aspx)
بقلم: نعمان الزياتي
أثار موضوع تصدير الغاز لإسرائيل علامات استفهام كثيرة لدي الخبراء الاقتصاديين والرأي العام المصري, ولم يثر اهتمامهم ما حدث علي الساحتين الإسرائيلية والمصرية في أعقاب وقف تصدير الغاز المصري لإسرائيل, فعلي الساحة الأولي أعلنت إسرائيل عن اكتشافات غازية في البحر المتوسط وفي أقل من شهرين أعلنت أنها أصبحت دولة مصدرة للغاز أي أنها كانت تستقبل الغاز المصري ثم تعيد تصديره إلي الخارج لتحصل علي فارق كبير بين السعرين. تلك الصورة طبيعية لمن يجيد قراءة التحركات الإسرائيلية, لكن علي الساحة المصرية حدث ما لم يتوقعه أحد, حيث شهد السوق المصري اضطرابات في إمداد الغاز للمصريين وشكوي من نقص الغاز لمصانعنا ولمحطات توليد الكهرباء, وما تبع ذلك أيضا من رفع فاتورة الكهرباء والغاز لكل المصريين. ألا يدفعنا ذلك إلي إعادة النظر في خريطة الموارد الطبيعية وفي كيفية استثمارها الاستثمار الصحيح ؟ فخريطة استثمار مواردنا الطبيعية تنقصها القدرة علي اتخاذ القرار السليم ونقص الكفاءات وعدم الإلمام بما أصاب خريطة الاستثمارات الأجنبية والاتفاقيات المرتبطة بها من تطورات خلال السنوات القليلة الماضية.
لقد أشرنا في أعداد سابقة إلي مجموعة من الدروس استنبطتها من ممارسات الدول الكبري في تعاملها مع الاستثمارات الأجنبية, حيث أصبح تدقيق الحكومة الأمريكية في بعض صفقات الاستثمار المباشر الأجنبية أمرا ملزما بموجب القانون الجديد الذي أقره مجلسا النواب والشيوخ من خلال الوصول والحصول علي مراجعات الحكومة ووجهات نظرها بالنسبة للاستثمارات الأجنبية المقترحة التي يمكن أن يكون لها تأثير محتمل علي الأمن الوطني الأمريكي, وتقوم بإجراء دراسة ومراجعة الاستثمارات والتدقيق فيها لجنة خاصة بالاستثمارات الأجنبية تضم أعضاء من عدة وكالات ودوائر حكومية. كذلك عندما حافظت علي ثروتها النفطية والغازية داخل الأرض منذ أكثر من سبعة عقود. وقلنا إن اتفاقيات الاستثمار التي توقعها دولة مع دولة أخري أو مع مستثمر أجنبي أو محلي ليست قواعد ملزمة إلي الأبد, ولا يمكن الخروج عنها بل هي تخضع للتطوير المستمر حسب ما يراه مصلحة طرف من الأطراف. ويمكن لأي طرف أن يعيد التفاوض مرة أخري علي بنود ثبت أنها تهدد مصلحته أو لم تساعد في تحقيق التنمية المنشودة, وبالتالي لا عجب من تزايد عدد حالات إعادة التفاوض بشأن اتفاقيات الاستثمار المبرمة بين الدولة والمستثمر, حيث أعيد التفاوض علي العديد من الاتفاقيات التي وضح فيها بنود مخلة بعملية التنمية. وأشرنا إلي التطورات التي لحقت باتفاقيات الاستثمار الدولية لكي تزيد من مساهمة المستثمرين الأجانب في التنمية الاقتصادية والاجتماعية, بالإضافة إلي أن اتفاقات الاستثمار الدولية الحالية تضمنت كثيرا من الاستثناءات( الأمن الوطني, والنظام العام, والصحة العامة, والضمانات, وبشكل خاص فيما يتصل بتحويلات رءوس الأموال, والتحفظات التي من شأنها أن تمنح قدرة أكبر علي التحرك في مجال السياسات العامة في قطاعات معينة). والإقرار بأن تكون اتفاقات الاستثمار التي يبرمها بلد ما منسجمة مع سياساته الاقتصادية والإنمائية الداخلية. وطالبنا بضرورة الاستعانة بخبراء دوليين للمساعدة في المفاوضات مع الشركات الأجنبية التي تريد أن تستثمر عندنا, حيث وضح أن المؤسسات المتعددة ال***يات تريد أفضل صفقة ممكنة لصالحها, ولكنها أيضا تريد عقودا مستمرة لا ترفضها الحكومات القادمة. وهذا يعني أنها لديها مصلحة في التفاوض علي اتفاق عادل علي نحو ملحوظ للمراقبين. فضلا عن ذلك فإن تكاليف فرق التفاوض تكون ضئيلة نسبيا في الاتفاقات الضخمة( أو قد يكون من الممكن تعويضها أو استقطاعها من عائدات المشروع). وتثار مجموعة من الاقتراحات علي المستوي الدولي علينا الأخذ بها مثل الاستعانة بمؤسسة لإعانة عقود الاستثمارICAF, تعمل تحت مظلة إحدي المنظمات المحترمة علي مستوي العالم. وتستطيع مثل هذه المؤسسة أن تعمل كطرف ثالث مستأمن تدفع له الشركة الأرصدة المطلوبة لتمكين الدولة المضيفة من استئجار فريق تفاوض
جيد. ثم يوجه مدير مؤسسة إعانة العقود الدعوة إلي الدولة المضيفة لاختيار الفريق, فيقترح عليها الخبرات والمهارات المطلوبة, بل وقد يقدم إليها قائمة بالخبراء في هذا المجال. وبهذا يكون للدولة المضيفة الحرية في اختيار فريقها, ولسوف تكون النتيجة في النهاية عقدا عادلا قدر الإمكان.وكل المؤشرات تشير من الآن فصاعدا, إلي أن استخراج النفط والغاز والمعادن الخام سيشكل الفرصة الاقتصادية الأعظم أهمية في تاريخ مصر المعاصر. بعد أن تأخرت حدود اكتشاف الموارد, بسبب الإهمال النسبي الذي طال أمده من جانب شركات استخراج الموارد الطبيعية وبسب الاستغلال الانتخابي لها, نتيجة للظروف السياسية الصعبة. ولكن أسعار السلع الأساسية المرتفعة والحاجة الملحة إلي العملات الصعبة بدأت تتغلب علي التردد, وبدأت عمليات التنقيب في توليد عدد كبير من الاكتشافات الجديدة. ولا شك أن الأسعار المرتفعة والاكتشافات في المستقبل سوف تعمل علي توليد تدفقات هائلة من المال, التي إذا أديرت علي النحو اللائق فقد تحول مصر إلي بلد غني, فعار علي كل مصري أن تمد يدها إلي الاقتراض. ومن المؤكد أن الدخل الناجم عن استخراج الموارد سوف يتفوق علي جميع أشكال التدفقات المالية الأخري. وعلينا أن نعي أن الأموال التي كان ينبغي لها أن تمول الاستثمار الإنتاجي كثيرا ما كانت تنهب أو تبدد طيلة تاريخها. والتحدي الآن يتمثل في منع تكرار هذا التاريخ المحزن في مجال الاستكشاف أثناء الحقبة المقبلة من استخراج الموارد بكميات كبيرة.
إن تسخير هذه الموارد الطبيعية لأغراض التنمية, أو نهبها, يتوقف علي عدة عوامل. والمهمة الأولي في هذا الصدد تتلخص في تزويد المجتمع ككل القدر الكافي من قيمة الموارد المستخرجة. وهذا بدوره يتطلب اتخاذ التدابير المناسبة استنادا إلي المنافسة الشفافة فيما يتصل بالمبيعات الأولية لحقوق التنقيب, فضلا عن تقديم نظام ضريبي جيد التصميم لجمع العائدات من أرباح الشركات. حيث كانت بعض المبيعات الأخيرة لحقوق التنقيب تفتقر بشكل مذهل إلي الشفافية والمنافسة. فكل شيء تم في بلدنا علي وجه السرعة وبدون دراية وخبرة كافية, فبدت حقوق التنقيب التي يبدو أنها منحت من دون أن تعود بفوائد ملموسة علي الخزانة العامة.
كما تبين أن زيادة الإنتاج والصادرات لا تعني بالضرورة حدوث أثر إيجابي علي الاقتصاد المضيف. فهناك عوامل مهمة تؤثر علي صافي الإيرادات تتضمن كيفية اقتسام الريع بين الحكومة والمجتمعات المحلية والشركات عبر الوطنية, والمدي الذي تسهم به الشركات عبر الوطنية في الاقتصاد المحلي من حيث العمالة, وتنمية المهارات وإقامة الصلات والاستفادة من المعارف المكتسبة. ونحن في سعينا نحو تحقيق تنمية حقيقية مدعوون علي أن نكون قادرين علي وضع الشروط التي تحكم عمل المستثمرين الأجانب. وفي ذات الوقت, هناك حاجة ملحة إلي تعزيز القطاع الخاص المحلي ودعم' الصناعات الوليدة' من خلال فرض إجراءات الحماية بصورة مؤقتة, وهو الأمر الذي من شأنه أن يساعدنا علي الارتقاء بإنتاجنا المحلي.وأن إزالة المعوقات أمام القطاع الخاص هي الطريق الآمن للاستثمار الحقيقي وأكثر منفعة من تضييع الوقت في الحديث عن المستثمرين الأجانب وعقد المؤتمرات وبعثات طرق الأبواب وغير ذلك من الأساليب التي تستنزف مواردنا دون أي عائد يذكر أو محاولات تطبيق روشتات الصندوق في تحرير التجارة والأسعار وإزالة الدعم. لقد عكف كل من هوسمان وبريتشيت علي تسجيل ودراسة أكثر من80 حالة من حالات تسارع النمو في الفترة منذ عام1950 إلي الوقت الحاضر ـ حيث نجحت دول عدة في زيادة معدلات نموها لفترة لا تقل عن سبع سنوات ـ ولم تكن المفاجأة في تعدد تلك الحالات, بل كانت في عدم ارتباط الغالبية العظمي منها بالإصلاحات الاقتصادية التقليدية, مثل تحرير التجارة والأسعار. فقد بدت تلك الحالات مرتبطة بتخفيف القيود التي تعوق النشاط الاقتصادي الخاص. وثانيا, لابد من استثمار حصة كبيرة من العائدات في الأصول بدلا من استخدامها لتعزيز الاستهلاك. وإلا فإن الأمر برمته سوف يشكل تعديا علي حقوق أجيال المستقبل, الذين تنتمي إليهم أيضا الأصول الطبيعية.وأخيرا, لابد أن تكون العائدات مفتوحة للرقابة العامة, ولابد أن يكون استخدامها علي النحو اللائق, سواء فيما يتصل بالاستثمار أو الاستهلاك, مضمونا بآليات مؤسسية تفصل سبلا واضحة لمساءلة الموظفين العموميين.
والدرس الآخر هو المتعلق بكثرة الحوافز المقدمة إلي المستثمرين, فالحكومات الساعية إلي تحويل مسار الاستثمارات في اتجاه أقاليمها كثيرا ما تجد نفسها في خضم' حروب مزايدة' متنوعة, حيث يؤلب المستثمرون مواقع مختلفة بعضها علي البعض, مما يؤدي إلي تقديم مجموعات من الحوافز أكثر وأكثر جاذبية من أجل الفوز بالاستثمار كما أنها تتغاضي عن حقوق عمالها, لهذا كرست اتفاقات العمل الدولية لهذه القضية. فعلي سبيل المثال, تنص الفقرة46 من الإعلان الثلاثي للمبادئ المتعلقة بالمؤسسات المتعددة الجـنسيات والسياسة الاجتماعية الصادرة عن منظمة العمل الدولية عام1977 الصيغة المعدلة عام2000 علي ما يلي:' عندما تمنح حكومات البلدان المضيفة حوافز خاصة لجلب الاستثمار الأجنبي, لا ينبغي لهذه الحوافز أن تتضمن أي تقييد لحرية العمال في التجمع أو للحق في الانتظام والمفاوضة جماعيا'. ويتضمن اتفاق التجارة الحرة لأمريكا الشمالية اتفاقا جانبيا بشأن التعاون في ميدان العمل' تقر الأطراف أن من غير اللائق تشجيع الاستثمار بتخفيض مستوي( المقاييس)( التدابير)( الداخلية) في مجال الصحة أو السلامة أو البيئة أو بالتساهل في المقاييس( المحلية)( الأساسية) المتعلقة بالعمل. وبناء عليه, لا ينبغي لطرف أن يتنازل عن هذه(المقاييس)( التدابير) أو يتنصل منها أو يعرض التنازل عنها أو التنصل منها من باب تشجيع مستثمر علي إقامة استثمار أو حيازته أو توسيعه أو الاحتفاظ به في إقليم هذا الطرف. وإذا رأي طرف أن طرفا آخر قد عرض مثل هذا التشجيع, جاز له أن يطلب مشاورات مع الطرف الآخر ثم يتشاور الطرفان بهدف تفادي أي شكل من هذا التشجيع. حتي البنك الدولي نفسه ينصح الدول النامية بعدم التوسع في منح الحوافز, فحسب الباب الثالث-9, ليس في مبادئ البنك الدولي ما يوحي بأن علي دولة أن تزود مستثمرين أجانب بإعفاءات ضريبية أو حوافز ضريبية أخري. فالمناقشة لم تعد تبحث في ما إذا كان ينبغي تشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر أو عدم تشجيعه, بل في كيفية جني أقصي قدر من المنافع من ذلـك الاسـتثمار والتقليل من المخاطر المتصلة به. فهل نحن مستعدون لتغيير المناهج التي تربينا عليها لسنوات طويلة*
بقلم: نعمان الزياتي
أثار موضوع تصدير الغاز لإسرائيل علامات استفهام كثيرة لدي الخبراء الاقتصاديين والرأي العام المصري, ولم يثر اهتمامهم ما حدث علي الساحتين الإسرائيلية والمصرية في أعقاب وقف تصدير الغاز المصري لإسرائيل, فعلي الساحة الأولي أعلنت إسرائيل عن اكتشافات غازية في البحر المتوسط وفي أقل من شهرين أعلنت أنها أصبحت دولة مصدرة للغاز أي أنها كانت تستقبل الغاز المصري ثم تعيد تصديره إلي الخارج لتحصل علي فارق كبير بين السعرين. تلك الصورة طبيعية لمن يجيد قراءة التحركات الإسرائيلية, لكن علي الساحة المصرية حدث ما لم يتوقعه أحد, حيث شهد السوق المصري اضطرابات في إمداد الغاز للمصريين وشكوي من نقص الغاز لمصانعنا ولمحطات توليد الكهرباء, وما تبع ذلك أيضا من رفع فاتورة الكهرباء والغاز لكل المصريين. ألا يدفعنا ذلك إلي إعادة النظر في خريطة الموارد الطبيعية وفي كيفية استثمارها الاستثمار الصحيح ؟ فخريطة استثمار مواردنا الطبيعية تنقصها القدرة علي اتخاذ القرار السليم ونقص الكفاءات وعدم الإلمام بما أصاب خريطة الاستثمارات الأجنبية والاتفاقيات المرتبطة بها من تطورات خلال السنوات القليلة الماضية.
لقد أشرنا في أعداد سابقة إلي مجموعة من الدروس استنبطتها من ممارسات الدول الكبري في تعاملها مع الاستثمارات الأجنبية, حيث أصبح تدقيق الحكومة الأمريكية في بعض صفقات الاستثمار المباشر الأجنبية أمرا ملزما بموجب القانون الجديد الذي أقره مجلسا النواب والشيوخ من خلال الوصول والحصول علي مراجعات الحكومة ووجهات نظرها بالنسبة للاستثمارات الأجنبية المقترحة التي يمكن أن يكون لها تأثير محتمل علي الأمن الوطني الأمريكي, وتقوم بإجراء دراسة ومراجعة الاستثمارات والتدقيق فيها لجنة خاصة بالاستثمارات الأجنبية تضم أعضاء من عدة وكالات ودوائر حكومية. كذلك عندما حافظت علي ثروتها النفطية والغازية داخل الأرض منذ أكثر من سبعة عقود. وقلنا إن اتفاقيات الاستثمار التي توقعها دولة مع دولة أخري أو مع مستثمر أجنبي أو محلي ليست قواعد ملزمة إلي الأبد, ولا يمكن الخروج عنها بل هي تخضع للتطوير المستمر حسب ما يراه مصلحة طرف من الأطراف. ويمكن لأي طرف أن يعيد التفاوض مرة أخري علي بنود ثبت أنها تهدد مصلحته أو لم تساعد في تحقيق التنمية المنشودة, وبالتالي لا عجب من تزايد عدد حالات إعادة التفاوض بشأن اتفاقيات الاستثمار المبرمة بين الدولة والمستثمر, حيث أعيد التفاوض علي العديد من الاتفاقيات التي وضح فيها بنود مخلة بعملية التنمية. وأشرنا إلي التطورات التي لحقت باتفاقيات الاستثمار الدولية لكي تزيد من مساهمة المستثمرين الأجانب في التنمية الاقتصادية والاجتماعية, بالإضافة إلي أن اتفاقات الاستثمار الدولية الحالية تضمنت كثيرا من الاستثناءات( الأمن الوطني, والنظام العام, والصحة العامة, والضمانات, وبشكل خاص فيما يتصل بتحويلات رءوس الأموال, والتحفظات التي من شأنها أن تمنح قدرة أكبر علي التحرك في مجال السياسات العامة في قطاعات معينة). والإقرار بأن تكون اتفاقات الاستثمار التي يبرمها بلد ما منسجمة مع سياساته الاقتصادية والإنمائية الداخلية. وطالبنا بضرورة الاستعانة بخبراء دوليين للمساعدة في المفاوضات مع الشركات الأجنبية التي تريد أن تستثمر عندنا, حيث وضح أن المؤسسات المتعددة ال***يات تريد أفضل صفقة ممكنة لصالحها, ولكنها أيضا تريد عقودا مستمرة لا ترفضها الحكومات القادمة. وهذا يعني أنها لديها مصلحة في التفاوض علي اتفاق عادل علي نحو ملحوظ للمراقبين. فضلا عن ذلك فإن تكاليف فرق التفاوض تكون ضئيلة نسبيا في الاتفاقات الضخمة( أو قد يكون من الممكن تعويضها أو استقطاعها من عائدات المشروع). وتثار مجموعة من الاقتراحات علي المستوي الدولي علينا الأخذ بها مثل الاستعانة بمؤسسة لإعانة عقود الاستثمارICAF, تعمل تحت مظلة إحدي المنظمات المحترمة علي مستوي العالم. وتستطيع مثل هذه المؤسسة أن تعمل كطرف ثالث مستأمن تدفع له الشركة الأرصدة المطلوبة لتمكين الدولة المضيفة من استئجار فريق تفاوض
جيد. ثم يوجه مدير مؤسسة إعانة العقود الدعوة إلي الدولة المضيفة لاختيار الفريق, فيقترح عليها الخبرات والمهارات المطلوبة, بل وقد يقدم إليها قائمة بالخبراء في هذا المجال. وبهذا يكون للدولة المضيفة الحرية في اختيار فريقها, ولسوف تكون النتيجة في النهاية عقدا عادلا قدر الإمكان.وكل المؤشرات تشير من الآن فصاعدا, إلي أن استخراج النفط والغاز والمعادن الخام سيشكل الفرصة الاقتصادية الأعظم أهمية في تاريخ مصر المعاصر. بعد أن تأخرت حدود اكتشاف الموارد, بسبب الإهمال النسبي الذي طال أمده من جانب شركات استخراج الموارد الطبيعية وبسب الاستغلال الانتخابي لها, نتيجة للظروف السياسية الصعبة. ولكن أسعار السلع الأساسية المرتفعة والحاجة الملحة إلي العملات الصعبة بدأت تتغلب علي التردد, وبدأت عمليات التنقيب في توليد عدد كبير من الاكتشافات الجديدة. ولا شك أن الأسعار المرتفعة والاكتشافات في المستقبل سوف تعمل علي توليد تدفقات هائلة من المال, التي إذا أديرت علي النحو اللائق فقد تحول مصر إلي بلد غني, فعار علي كل مصري أن تمد يدها إلي الاقتراض. ومن المؤكد أن الدخل الناجم عن استخراج الموارد سوف يتفوق علي جميع أشكال التدفقات المالية الأخري. وعلينا أن نعي أن الأموال التي كان ينبغي لها أن تمول الاستثمار الإنتاجي كثيرا ما كانت تنهب أو تبدد طيلة تاريخها. والتحدي الآن يتمثل في منع تكرار هذا التاريخ المحزن في مجال الاستكشاف أثناء الحقبة المقبلة من استخراج الموارد بكميات كبيرة.
إن تسخير هذه الموارد الطبيعية لأغراض التنمية, أو نهبها, يتوقف علي عدة عوامل. والمهمة الأولي في هذا الصدد تتلخص في تزويد المجتمع ككل القدر الكافي من قيمة الموارد المستخرجة. وهذا بدوره يتطلب اتخاذ التدابير المناسبة استنادا إلي المنافسة الشفافة فيما يتصل بالمبيعات الأولية لحقوق التنقيب, فضلا عن تقديم نظام ضريبي جيد التصميم لجمع العائدات من أرباح الشركات. حيث كانت بعض المبيعات الأخيرة لحقوق التنقيب تفتقر بشكل مذهل إلي الشفافية والمنافسة. فكل شيء تم في بلدنا علي وجه السرعة وبدون دراية وخبرة كافية, فبدت حقوق التنقيب التي يبدو أنها منحت من دون أن تعود بفوائد ملموسة علي الخزانة العامة.
كما تبين أن زيادة الإنتاج والصادرات لا تعني بالضرورة حدوث أثر إيجابي علي الاقتصاد المضيف. فهناك عوامل مهمة تؤثر علي صافي الإيرادات تتضمن كيفية اقتسام الريع بين الحكومة والمجتمعات المحلية والشركات عبر الوطنية, والمدي الذي تسهم به الشركات عبر الوطنية في الاقتصاد المحلي من حيث العمالة, وتنمية المهارات وإقامة الصلات والاستفادة من المعارف المكتسبة. ونحن في سعينا نحو تحقيق تنمية حقيقية مدعوون علي أن نكون قادرين علي وضع الشروط التي تحكم عمل المستثمرين الأجانب. وفي ذات الوقت, هناك حاجة ملحة إلي تعزيز القطاع الخاص المحلي ودعم' الصناعات الوليدة' من خلال فرض إجراءات الحماية بصورة مؤقتة, وهو الأمر الذي من شأنه أن يساعدنا علي الارتقاء بإنتاجنا المحلي.وأن إزالة المعوقات أمام القطاع الخاص هي الطريق الآمن للاستثمار الحقيقي وأكثر منفعة من تضييع الوقت في الحديث عن المستثمرين الأجانب وعقد المؤتمرات وبعثات طرق الأبواب وغير ذلك من الأساليب التي تستنزف مواردنا دون أي عائد يذكر أو محاولات تطبيق روشتات الصندوق في تحرير التجارة والأسعار وإزالة الدعم. لقد عكف كل من هوسمان وبريتشيت علي تسجيل ودراسة أكثر من80 حالة من حالات تسارع النمو في الفترة منذ عام1950 إلي الوقت الحاضر ـ حيث نجحت دول عدة في زيادة معدلات نموها لفترة لا تقل عن سبع سنوات ـ ولم تكن المفاجأة في تعدد تلك الحالات, بل كانت في عدم ارتباط الغالبية العظمي منها بالإصلاحات الاقتصادية التقليدية, مثل تحرير التجارة والأسعار. فقد بدت تلك الحالات مرتبطة بتخفيف القيود التي تعوق النشاط الاقتصادي الخاص. وثانيا, لابد من استثمار حصة كبيرة من العائدات في الأصول بدلا من استخدامها لتعزيز الاستهلاك. وإلا فإن الأمر برمته سوف يشكل تعديا علي حقوق أجيال المستقبل, الذين تنتمي إليهم أيضا الأصول الطبيعية.وأخيرا, لابد أن تكون العائدات مفتوحة للرقابة العامة, ولابد أن يكون استخدامها علي النحو اللائق, سواء فيما يتصل بالاستثمار أو الاستهلاك, مضمونا بآليات مؤسسية تفصل سبلا واضحة لمساءلة الموظفين العموميين.
والدرس الآخر هو المتعلق بكثرة الحوافز المقدمة إلي المستثمرين, فالحكومات الساعية إلي تحويل مسار الاستثمارات في اتجاه أقاليمها كثيرا ما تجد نفسها في خضم' حروب مزايدة' متنوعة, حيث يؤلب المستثمرون مواقع مختلفة بعضها علي البعض, مما يؤدي إلي تقديم مجموعات من الحوافز أكثر وأكثر جاذبية من أجل الفوز بالاستثمار كما أنها تتغاضي عن حقوق عمالها, لهذا كرست اتفاقات العمل الدولية لهذه القضية. فعلي سبيل المثال, تنص الفقرة46 من الإعلان الثلاثي للمبادئ المتعلقة بالمؤسسات المتعددة الجـنسيات والسياسة الاجتماعية الصادرة عن منظمة العمل الدولية عام1977 الصيغة المعدلة عام2000 علي ما يلي:' عندما تمنح حكومات البلدان المضيفة حوافز خاصة لجلب الاستثمار الأجنبي, لا ينبغي لهذه الحوافز أن تتضمن أي تقييد لحرية العمال في التجمع أو للحق في الانتظام والمفاوضة جماعيا'. ويتضمن اتفاق التجارة الحرة لأمريكا الشمالية اتفاقا جانبيا بشأن التعاون في ميدان العمل' تقر الأطراف أن من غير اللائق تشجيع الاستثمار بتخفيض مستوي( المقاييس)( التدابير)( الداخلية) في مجال الصحة أو السلامة أو البيئة أو بالتساهل في المقاييس( المحلية)( الأساسية) المتعلقة بالعمل. وبناء عليه, لا ينبغي لطرف أن يتنازل عن هذه(المقاييس)( التدابير) أو يتنصل منها أو يعرض التنازل عنها أو التنصل منها من باب تشجيع مستثمر علي إقامة استثمار أو حيازته أو توسيعه أو الاحتفاظ به في إقليم هذا الطرف. وإذا رأي طرف أن طرفا آخر قد عرض مثل هذا التشجيع, جاز له أن يطلب مشاورات مع الطرف الآخر ثم يتشاور الطرفان بهدف تفادي أي شكل من هذا التشجيع. حتي البنك الدولي نفسه ينصح الدول النامية بعدم التوسع في منح الحوافز, فحسب الباب الثالث-9, ليس في مبادئ البنك الدولي ما يوحي بأن علي دولة أن تزود مستثمرين أجانب بإعفاءات ضريبية أو حوافز ضريبية أخري. فالمناقشة لم تعد تبحث في ما إذا كان ينبغي تشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر أو عدم تشجيعه, بل في كيفية جني أقصي قدر من المنافع من ذلـك الاسـتثمار والتقليل من المخاطر المتصلة به. فهل نحن مستعدون لتغيير المناهج التي تربينا عليها لسنوات طويلة*