مشاهدة النسخة كاملة : جماعة تحتكر ومكتب يحتقر و وطن يحترق


مستر كمال عبد رب النبى
11-05-2013, 04:28 PM
هذه كقالة للدكتور شعيب الجمل الرجاء تعليقاتم

جماعة تحتكر ، ومكتب يحتقر ، وأمة تحترق
(الدكتور شعيب الجمل)
بعد ما قامت الثورة المصرية بتحقيق الهدف الرئيسى الذى كان الجميع فى الميدان وفى كل مكان متفقا عليه الإطاحة بنظام الحكم السابق. لم يكن هناك فى تفكير الثوار ومؤيديهم بديلا محوريا لأنهم لم يكونوا متخيلين أن النظام السابق بهذه الهشاشة وا***اعه بهذه السهولة ، أو لأنهم لم يتخيلوا أنهم شركاء فى الاطاحة بالنظام ، ومن ثم سيكونون شركاء فى الحكم بعد ذلك وفى هذا دليل على حسن نواياهم ـ وقلة خبراتهم السياسية والتنظيمية.
وهنا كان تواجد جماعة الإخوان فى الميدان مؤكدا على النحو الآتى :
1- مشاركتهم للثوار فيما يريدون .
"وهذه كانت قراءة سياسية جيدة من الاخوان للمشهد فى التحرير وفى الشارع المصرى بصفة عامة".
2- ثقتهم بأنهم سوف يذهبون لعجلة القيادة بسرعة حيث كانوا أكثر من فى الميدان تنظيما وخبرة وثروة بشرية ، ومادية ، ومالية ، ويؤكد القادة لهم أن القلة المنظمة يكون لها الفوز على من سواها .
وقد كانت روؤيتهم مطابقة للواقع ، فكانوا هم الحصان العالمى الأسود فى الميدان وأمام الرأى العام المحلى والرأى العام العالمى ومراكز صنع القرار فى الدول المتقدمة ، التى تعطى أهمية كبيرة لمصر ، والتى رأت أنه لابد وأن يكون لها دور فى مساعدة من أصبح قائدا أو تشير المعطيات إلى أنه أقرب لموقع القيادة. وهكذا وصل الإخوان إلى القيادة الفعلية والشعبية ، وكان ذلك مقدمة للوصول لموقع القيادة الرسمية ، وكانت انتخابات الرئاسة التى فاز فيها أحد قيادات الجماعة - وكذا انتخابات مجلس الشعب والتى حققت فيها الجماعة – والتيار الإسلامى – فوزا ساحقا فى مجلس الشعب.
كل ذلك أدى بجماعة الإخوان إلى تصدر المشهد السياسى فى مصر ، هذا التصدر أوجد لديها ما يمكن أن نظلق عليه – كما فى الإقتصاد – الإحتكار وأقصد به إحتكار السلطة .
فما هى مظاهر هذا الإحتكار وما أسبابع ، وما أضراره؟
يمكن القول إن أهم مظاهر الإحتكار للسلطة فى مصر حاليا من جانب جماعة الإخوان يتمثل فى :
1- الإمساك بمفاصل الدولة :
وأقصد هنا بمفاصل الدولة كافة الوظائف التى على درجة معنية من الأهمية ومثال ذلك
- المحافظين :
حيث إن أغلبهم من الجماعة وليس لهم رصيد فى الإدارة المحلية يؤهلهم لقيادة المحافظات التى يتولونها ، أو لحل مشاكلهم .
- قيادات الجيش:
إبتداء من وزير الدفاع – وإن كان مشهودا له بالكفاءة – وحتى المتحدث الرسمى بإسم وزارة الدفاع ، وغالبية القيادات فى وزارة الدفاع .
- قيادات الداخلية :
وإن كان فى هذا الجهاز من ينتمى للجماعة – وهم قليلون – إلا أن الغالبية الآن أصبحت لا تعارض لثقتهم أن الجماعة أصبحت أكثر قوة وأكثر تلقيا للدعم بصوره المختلفه ومن مصادر مختلفة.
- قيادات الدعوة الإسلامية :
سواء فى وزارة الأوقاف أو فى غيرها من الهيئات الدينية – مثل هيئة كبار العلماء.
- الوزارء :
فأغلبهم كما يرى المراقبون ذو ميول أخوانية وإن كانت غير معلنة.
هذا الإمساك بمفاصل الدولة ، وسيلة الجماعة لتحقيق الهدف الدائم – وليس المرحلة – فى الاستمرار فى سدة الحكم .
2- أما المظهر الثانى من مظاهر إحتكار السلطة فيتضح فى عدم مراعاة ميول الشعب وتدليلا على ذلك:
- هذا الانفلات الأمنى ، وكأنهم يريدون تخويف الشعب وجعل الفوضى والقلق عدوا له ، ينام ويصحوا عليه وليس له تفكير إلا فيه.
- وأيضا إصرار القيادة الاخوانية على الإبقاء على بعض الرموز التى لا ترضى طموح الشعب وتطلعاته فى هذه الآونة مثل رئيس الوزراء.
- خلق مشاكل دورية إبتداء من تقنين عدد الأرغفة إلى مشكلة السولار التى أصبحت مشكلة لها أبعاد قياسية ، وتترتب عليها مشكلات أخرى فرعية لا تقل خطورة على المواطن مثل ارتفاع أسعار مختلف السلع نتيجة لإرتفاع تكلفة النقل ، سواء للحصول على السولار من السوق السوداء ، أو نتيجة لضياع وقت العاملين فى مرفق النقل أمام محطات البترول ، ومن ثم محاولة تعويص خسارة الوقت بزيادة تكلفة النقل .
3-أما المظهر الثالث من مظاهر الإحتكار ـ فيتمثل فى عدم وضع خطة حقيقية للحركة الإقتصادية المستقبلية
بمعنى عدم وضعهم هدف إقتصادى اجتماعى معين ومن ثم عدم تحديدهم لأية وسائل لتحقيق هذا الهدف. وذلك على الرغم من تصريح المرشد العام لإحدى القنوات الفضائية "قناة دريم" ، بعد الثورة من أن لدى الجماعة ملفات لجميع مشاكل مصر ، وأنهم لم يقضوا فترة السجن إلا فى وضع الحلول لهذه المشاكل وأنا أفترض أنه صادق. فأين هى الحلول؟ ولم لا تقدمها الجماعة إلى هذا الشعب ؟ و إلى متى تخفى الحلول ؟
- هنا نكون أمام جماعة تحتكر وليس لديها فعلا خطة للنهوض بهذا الوطن . وإنما لديها خطة للنهوض بمقدراتها الذاتية خاصة وأن الصورة الماثلة أمامنا من الجماعة تؤكد أن فيها شخصيات اقتصادية فى مجالات التجارة وغيرها من المجالات .
و يظهر وبوضوح فى الصورة أن الإقتصاد المصرى بدأ بظهر فيه – وبقوة – ما يعرف بالإقتصاد الخفى أى يعمل فيه من يملكون سلطة القرار مع من يملكون الأموال فى غفلة وفى الخفاء عن أعين الرقابة الوطنية بأجهزتها المختلفة.
- المهم أن هذه الحركة الإقتصادية من الأبواب الخلفية سوف يترتب عليها إهدار حقوق الوطن وزيادة المقدرات المالية للجماعة والتى قد تكون فى حاجة لها مستقبلا للتمكن من التعامل مع الخصوم . ولن يمنع تعمق هذا الهاجس لدى الكثير من أهل الرأى والفكر أن الجماعة ملتزمة بالدين. لأن السعى وراء قرض صندوق النقد الدولى أذهب بهذه القناعة بعيدا ، ثم جاءت فكرة الصكوك لتؤكد أن لدى الجماعة أجندة خاصة بها . قد يحصل الوطن على جزء أو هامش فى هذه الأجندة لكنه لن يكون إلا قليلا .
إذا كان هذا عن مظاهر الإحتكار مع الاختصار فى الحديث حتى لاينسى الكلام بعضه البعض .
فما هى أسباب هذا الاحتكار؟
يمكن القول أن أسباب الاحتكار تتمثل فى سببين ظاهرين حتى الآن هما:
السبب الأول: الاستعداد للدخول فى صراع فى الأجل القريب. وهو صراع حتى من وجهة نظرهم وهى صحيح سواء مع غالبية الشعب أو مع فصيل سياسى معين أو فصيل دينى أو مع خليط من كل هؤلاء. وقد تكون النتيجة الوحيدة لهذه المواجهة هى السجن أو الموت وتخلى الكوادر الصغرى عن القيادات الكبرى فى هذه الحالة .
بل قد تلقى الكوادر الصغيرة اللوم على القيادات الكبرى لأنهم كانوا يملكون القرار ومتطلباته فلماذا لم يحسنوا التحسب لهذا الموقف. ولذلك هم لا يتركون فرصة إلا ويحاولون إستغلالها من أجل هذه الحتمية فى المواجهة.
السبب الثانى:
ويتمثل السبب الثانى من أسباب الاحتكار فى أن المكتب وقيادته متمثلة فى المرشد ونائبه يحاولان إرضاء جميع القيادات الإخوانية بصورة أو بأخرى ولذلك لابد أن يحصل المكتب على أكبر ما يكون من حجم المكاسب ، حتى يتمكن من إرضاء الجميع أو إسكات المخالف أو إبعاده بصورة أو بأخرى ولهذا كان لابد من الاحتكار لمعظم المواقع القيادية فى الدولة سواء الظاهرة أو المستترة.
أما فيما يتعلق بأضرار الإحتكار.
فإنه إذا كان الضرر الأكبر للإحتكار فى مجال الاقتصاد يتمثل فى أن المحتكر يضع الثمن الذى يريده على السلطة التى يحتكرها. فإنه الضرر الأكبر لإحتكار جمعة الاخوان للسلطة يتمثل فى القهر النفسى والمتمثل فى حتمية التعايش مع من يختارونه لنا فى أى موقع قيادى كان أو غير ذلك . وهذا القهر النفسى قد يكون مقبولا مع فرد ومن صاحب السلطة ، أما أن يكون من جماعة ضد شعب فهذا لا يمكن أن يكون مقبولا.
لا فى الأجل الطويل ولا الأجل القصير: لأنه يخلق أو هو البيئة الأولى لخلق الديكتاتور سواء كان هذا فى صورة رئيس اختارته الجماعة أو سواء كان فى صورة مكتب اختارته أيضا الجماعة على أساس عنصر الأقدمية بصفة خاصة .
ويتمثل الضرر من الاحتكار أيضا فى عودة مصر من جديد إلى عهود ما قبل ثورة 25 يناير سنة 2011 . مع ما يعنيه ذلك من نهايته أجيال حاليه ومستقبلية من أبناء هذا الوطن .
ونأتى للشق الثانى من الموضوع وهو " مكتب يحتقر"
وحقيقة الأمر أنه إذا كانت الجماعة تحتكر السلطة فهذا نتاج طبيعى لمكتب "يحتقر" والمكتب يحتقر الآخرين ليس لأنهم كفار فقط ولكن يحتقر أيضا الآخرين حتى لو كانوا مسلمين ، لأنهم على قناعة بأنهم هم – وهم وحدهم يملكون الحقيقة كاملة وأن من يخالفهم فهو جاهل ولا يريد أن يتعلم وبالتالى فالترفع عنه هو أبسط ردود الأفعاه تجاهه .
ويمكن القون أن هذا الاحتكار له أسبابه ومظاهرة وآثاره وهى على النحو التالى
أولا: أسباب الاحتقار
فى واقع الأمر أن جماعة الاخوان لديها ولدى قيادتها بصفة خاصة أسبابا يعتقدون أنها كافية للتعالى على الاخرين ومن هذه الأسباب:
1 ) أنهم الوحيدون – فى صورة تنظيم – الذين عانوا بصورة واضحة من جميع نظم الحكم بعد ثورة 1952 وحتى ثورة 2011 وكانت المعاناة كبيرة بصفة خاصة فى حقبة الثمانينات والتسعينات وأوائل القرن الواحد والعشرين. ولم يكن لهم – يحكم أنهم جماعة محظورة – لم يكن لهم أية ردود أفعال تذكر تجاه النظام السابق أو غيره سوى بعض القلاقل التى لا تذكر والتى أيضا لم تحرك ساكتا فى هذا النظام ولذلك كانت هناك محاولات تقارب بينهم وبين النظام ولم ولن ينكرها أحد ، ولا يستطيع أحد أن يتجاهلها ومن ذلك ما حدث فى انتخابات 2005م.
2 ) أيضا من هذه الأسباب إحساسهم بالتفوق التنظيمى وذلك بالمقارنة بأى تنظيم سياسى فى مصر طوال فترة الثلاثين عاما السابقة على الثورة. وقد ساعدهم على ذلك جهلاء الحزب المنحل وذلك بصورة غير مباشرة عندما حطم جميع الأحزاب السياسية التى على الساحة والتى كانت ذات مرجعية غير دينية. هذا فى الوقت الذى تزايدت فيه حدة الفقر والمرض والجهل مما كان له كبير الأثر فى تردى الحياة السياسية فى مصر بصفة عامة. ومن ثم ظهور جماعة الاخوان كأفضل فصيل تنظيمى على الساحة ، وهذا بشهادة الجميع ، العدو لهم قبل الصديق. ولذلك كأن احتقارهم أو تعاليهم على الآخرين شعور لا إرادى لديهم بسبب نظرتهم على أوضاع الآخرين وترديها والنظر ولوضعهم ، وقد زادهم هذا الوضع – خاصة الأجيال الجديدة فى الجماعة – قناعة بأن الأسلوب الداخلى للجماعة هو أفضل الأساليب وأن الطاعة للكبير تؤتى ثمارها بشكل لا تخطئه الأعين حتى لو كانت غير مبصرة.
3 ) ومن هذه الأسباب أيضا لاحساسهم بالزهور والتعالى على الاخرين فيتمثل فى التفوق العددى لهم مقارنة بأى تنظيم آخر على الساحة السياسية فى مصر. وهذا التفوق يعطيهم شعورا بأمرين:
الأمر الأول:
أنهم يستطيعون الفوز فى أى ساحة سواء كانت ساحة صناديق الاقتراع أو ساحة المواجهة أيا كانت أدوات المواجهة .
الأمر الثانى:
أنهم تقودهم قيادات تملك الحكمة والحنكة التى كانت سببا فى استقطاب هذه الأعداد التى لا تضاهيها أى جماعة أخرى ، وأن فكر وفلسفة هذه القيادات هى التى أوصلتهم من غيابات السجون إلى آرائك القصور. ومن ثمة فلكل من فى هذه الجماعة الحق فى الزهو والتفاخر بقياداته بل والطاعة العمياء لهم لأنهم بهذه الطاعة تملكوا مقدرات الوطن ، وبالطاعة هذه سيحصلون على رضا الله لأنهم لم يخرجوا على ولى الأمر.
وبعبارة أخرى فقد تحولت ثقة أتباع القيادات إلى القول بعصمة هذه القيادة من الأخطاء – متناسين أن عصر المعصومين قد إنتهى . فلم يعد هناك وحى لأحد بعد المصطفى صلى الله عليه وسلم.
4 ) أما السبب الرابع : فيمكن القول بأنه يتمثل فى شعورهم بأنهم قد تخطوا حاجز الوطن بل وتخطوا حاجز الاقليم وأصبحوا حركة عالمية ، لهم فى كل دولة أتباع سواء فى مشارق الأرض أو فى مغاربها. هذا الشعور يعطى لهم – ولهم الحق – أنهم أقوى جماعة تستظل بفلسفة معنية داخل الوطن بل وداخل العالم العربى والاسلامى بل والعالم أجمع وقد ساعد على تنمية هذا الشعور لديهم تخوف الكثير من دول العالم من المد الاخوانى لديها سواء كانت هذه الدول اسلامية – ذات نظام توارثى – أو كانت هذه الدول ذات أغلبية غير إسلامية. وقد ظهر هذا التخوف واضحا – وإن كان تحت شعار المصلحة – من جانب الكثير من الدول الاوربية بل وإن شئت أمريكا ، ولذلك قدمت لهم يد المساعدة ومكنتهم من إزاحة حقوقهم على الساحة الوطنية وهيأت لهم الظروف لتولى عجلة القيادة فى الوطن.
إذا كان هذا عن أسباب الاحتكار فما هى مظاهر هذا الاحتكار سواء لمن فى الداخل أو لمن فى الخارج.
يتمثل هذه المظاهر – الاحتكارية فى أمور عديدة منها:
1- قناعة جماعة الاخوان وقياداتها – بصفة خاصة – بأنهم يملكون الحقيقة كاملة ، بل ولا أبالغ إذا قلت أنهم على قناعة بأنهم مفوضون عن الله بالحكم فى كل بقاع الارض ـ ولذلك فكرة الخلافة والأمة الواحدة ما هى إلا ترجمة حقيقية لهذه القناعة. هذه القناعة زادها رسوخا تقلدهم للسلطة بعد ظلام السجون وظلم السجان. فأصبحوا يرون أن الله ناصرهم لذاتهم ولما هم عليه من قناعة. متناسين أن الله ناصر المظلوم ولو كان كافرا وأن ثورة 2011 كانت السبب الرئيسى فى نجاحها هو دعوات شعب أغلبية الساحفة مظلومة ، ولذلك هذا النجاح كان للذين استضعفوا فى الارض. كما قال الله سبحانه وتعالى فى محكم كتابه " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا فى الارض ونجعلهم الوارثين "5" ، ونمكن لهم فى الارض ونرى فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوايحذرون "6" " الايات "5،6 من سورة القصص"
2- وقد ترتب على هذه القناعة قناعات فرعية منها أنهم الأجدر على الاختيار والأكثر حكمة فى الحكم على القيادات الذين يتولون المواقع القيادية المختلفة. ولذلك لم يتم تغيير مثلا محافظ أسيوط بعد حادثة أتوبيس المعهد الازهرى، ولم يتم تغيير رئيس الوزراء – صاحب الخلق الرفيع – ولكن الشعب لا يرى فيه مناسبا لطموحاته فى الوقت الحالى ، ويرى أيضا أن أبسط حقوقه على الجماعة – التى اختارها للحكم وصوت لممثلها – أن تلبى طلبه وأن تقيل رئيس الوزراء ولو كان أهلا لتحقيق الكثير لهذا الوطن.
3- أيضا من مظاهر هذا الاحتكار
تغافل الرأى العام الداخلى وإقتناعهم بأن المنتمين لها يشكلون الأغلبية الساحقة ، ومن ثم فليس لهؤلاء وزن يذكر. ولكن فى هذه الجزئية خطأ كبير من جانب جماعة الاخوان ، لأنه إذا كانت الجماعة أكثر التجمعات فى الساحة المصرية تنظيما ، إلا أنهم ليسوا أكثر من الأعلبية الشعبية التى لا تنتمى لأى تنظيم ولكن يسلسلها الفقر بسلاسله وتقودهم غيرة وكبرياء الذين لا يقبلون الظلم ممكن كان !! ومهما كانت قوته ، وتأييد الآخرين له سواء عالميا أو إقليميا.
4- أيضا من مظاهر هذا الاحتكار
عدم الاعتداء بالرأى العام الدولى ولا المنظمات الدولية ولا القوة الاقليمية ولا القوة الدولية الاخرى. ربما يكون هذا التجاهل علنيا ولكن الاهتمام والتفاهم سريا وذلك للحفاظ على كبريائهم فى عيون تابعيهم وللحفاظ على مكانتهم وهيبتهم فى عيون خصومهم .
- أثار هذا الاحتكار
يمكن ملاحظة هذه الاثار فى العديد من المظاهر مثل:
1- تناقص التأييد الشعبى لهم
وهذا واضح وبصورة ملفتة للنظر ، ويجب على قادة المكتب أن يفرقوا بين تأييد المنتظمون معهم فى الجماعة وبين التأييد الشعبى لهم ، والذى تجسد فى الاستفتاء على ا لتعديل الدستورى بعد ثورة يناير مباشرة ، والذى تجسد فى انتخابات مجلس الشعب الأخيرة ، والذى تراجع نسبيا فى انتخابات الرئاسة فلقد كان التأييد الشعبى لهم السبب الحقيقى وراء ما وصلوا إليه . هذا التأييد بدأ يتاكل بصورة سريعة خاصة من جانب المثقفين والشباب وهما ركيزتين أساسيتين فى المجتمع ولهم قوة تصويتيه كبيرة بالاضافة للكتلة التصويتية للمسيحين .
2- ويتمثل الأثر الثانى لإحتكار المكتب للاخرين فى رضا الشعب المصرى – فى أغلبية – لأى بديل لجماعة الاخوان حتى لو كان النظام السابق ، الذى بدأت تظهر ولو من مصرى واحد كلمات الأسف على هذا النظام بل والاعتذار لفرعون هذا الزمان وأسرته وحاشيته.
وقد كان الفارق البسيط بين مرشح الجماعة – وليس الحزب – ومرشح النظام السابق دليلا لا تخطئ أى عين على أنه عودة النظام بصورة أو بأخرى لسدة الحكم أمرا أصبح قريبا.
وقد يصبح واقعا بمزيد من الانفاق المالى ، والافساد الأمنى والاجتماعى والاعلامى . أقول قد كان لهذا الفارق الضئيل دلالة على رضا الشعب عن أى بديل لجماعة الاخوان .
3 - ويتمثل الاثر الثالث لاحتكار المكتب للاخرين فى تراجع التأييد الشعبى والرسمى العربى فقد تراجع دور التيار الاسلامى فى كل من تونس ، وليبيا. ووقفت العديد من الدول ضد مصر بصورة أو بأخرى سواء بالامتناع عن مساعدة مصر ماليا وهم يملكون ، أو بتصدير المشاكل لمصر وذلك فى صور عديدة .
4 - ويتمثل الاثر الرابع لاحتكار المكتب للاخرين فى:
تراجع التأييد الدولى لهم ، حتى أن إتمام قرض الصندوق – ذو الفائدة الربوية – تواجهه عثرات كثيرة ، ليس هذا فقط بل إن سلوك جماعة الاخوان فى مصر بحكم أنها الجماعة الأم ، واحتكارها للاخرين ترتب عليه عدم قدرة التيار الاسلامى السنى على حسم المعركة فى سوريا والتمكن من اسقاط أسوأ النظم العربية المعاصرة. وهنا يأتى التقارب الاخوانى الايرانى ليضع الكثير من علامات الاستفهام حول موقف الجماعة من الثورة السورية ومن نظام الحكم فى سوريا.
هذه أهم الاثار السلبية لاحتكار المكتب الارشادى للاخرين على الساحة المصرية بل والعربية.
ونأتى إلى الجوء الثالث من العنوان وهو "أمة تحترق"
وتتساءل فيه أسئلة كثيرة:
من الذى يحرق؟ وكيف يحرق ، ولماذا يحرق ، وأثر حرق مصر على ثورات جديدة محتملة تئن من نظم فاسدة
السؤال الأول هو : من الذى يحرق؟
يمكن القول أن الذى يحرق هذه الامة"الوطن ، الشعب" فئات عديدة منها:
1- بعض من الاخوان الذين انشقوا عن الجماعة ولهم مؤيديهم ولديهم الأموال ولهم طموحاتهم الشخصية ولديهم الرصيد الكافى من المعاناة التى تكبدوها من أجل نهوض الجماعة ووصولها إلى ما وصلت إليه. وقد يكون بعض آخر من الاخوان لديهم القناعة بأن خلق المزيد من القلق فى المجتمع سيكون بمثابة إلهاء لهذا الشعب وتشتيتا لفكره ومن ثم عدم متابعة أو مراقبة الجماعة المراقبة الكافية ، وقد يكون الهدف خلق عدو جديد للشعب يتجمع الشعب حوله ومن ثم يتناسى ما يفعله الاخوان به أو ما يحضره للمستقبل .
2- المنحرفون – أو إن شئت المجرمون – الذين كانت قبضة أمن الدولة فى العهد السابق حاجزا كبيرا بينهم وبين المجتمع المدنى ، ولم يكن لهم دور سرى ضد بعض التنظيمات والشخصيات المعارضة لنظام الحكم السابق. هؤلاء المجرمون وجدوا الفرصة التى لا تعوض للنهوض. والتى تمثلت فى اشباع الغريزة الاجرامية دون عقاب ، والحصول على مقابل مالى لهذا.
ليس هذا فحسب بل وقد يمنح لقب شهيدا ويعطى مكافآت مادية فى حالة ال*** ، بل ومعنوية تتمثل فى الظهور الاعلامى ، وشعبية تتمثل فى التعاطف الشعبى معه بل والمطالبة بمعاقبة من يتتبعه ويصف بأى وصف سرى أنه حامى الثورة وحارسها. فهل هذا بعد كل ذلك يكون مستبعدا أن يحرق منزله هو – الذى غالبا ما يكون فى منطقة غير آدمية وضعه فيها النظام السابق – بل ومنازل الجيران .
3- الفئة الثالثة التى تحرق فى هذا الوطن
الذين تضرروا من الثورة وهم كثيرون:
- رجال الحزب المنحل: فقد كانوا أحد العناصر الرئيسية المستفيدة من نظام الحكم السابق سواء كانت الاستفادة مادية أو مالية أو معنوبة – فهولاء ونتيجة لطول فترة الاستفادة أصبحت بمثابة الحق المكتسب لهم لذلك فإنهم أصيبوا بالفزع لما نزع منهم بسبب الثورة ، ولذلك أيضا فإنهم على استعداد لحرق كل شئ يقف أمام عودة هذه المزايا لهم وهم فى نفس الوقت على استعداد للتعاون مع أى نظام للحكم ويمكنهم من هذه الاستفادة مرة ثانية ولو كان هذا النظام فى الاخوان .
ويمكن القياس على هؤلاء كل من تمكن من الاستفادة من النظام السابق طوال فترة تواجده فى الحكم ، سواء فى صورة بقائهم فى أعمالهم خارج حدود سن التقاعد القانونية ، أو فى صورة توارث أبنائهم لوظائفهم .أى لوظائف أبائهم – أو لعملهم كخبراء بعد احالتهم للتقاعد ، أو لعملهم فى وظائف مدنية على أعلى مستوى بعد التقاعد.
4- الفئة الرابعة من الفئات التى تحرق فى هذا الوطن وهى الفئة الوحيدة التى لها العذر فى ذلك وهى الفئة الوحيدة التى يجب أن تعاقب على هذا الفعل. وأقصد فئة"شباب الثورة"
وهذه الفئة يجب أن تعاقب من وجهة نظرى على أى تجاوز فى حق هذا الوطن ،لأنها الفئة التى حررت هذا الوطن من أسوأ النظم المعاصرة ثم تركت مقعد القيادة شاغرا ولم تتمكن من الاتفاق على واحد من ملايين على الساحة لكى يدير عجلة القيادة ولو لفترة انتقالية.
هذا عن سبب حتمية عقابها على حرقها لهذا الوطن. أما عن تلمس العذر لها فذلك لأنها مكنت هذا الشعب من رؤية وقائع وأحداث وفساد لم يكن يجول فى خاطر أى من أبنائه أن هذا الوطن فعل فيه هذا النظام كل هذا. كما أنها – أى فئة الشباب – التى قامت الشرارة الأولى لم*** واحد منهم – خالد سعيد – وإستمرت خطواتها الأولى على أعناقهم وأعصاب أهاليهم ودماء الكثير منهم . ثم فى النهاية لو وضعناهم فى مقارنة مع المنتمين للحزب المنحل لوحدنا مفارقة غريبة.
فهم قدموا دمائهم ولم يجنوا جزء من النظام بل افتقر دورهم فقط على الاختبار السلبى للنظام التالى . وهم كانوا سببا فى الاطاحة بالنظام الجديد ولم يروا فى النظام الذى اختاروه – ولو كان الاختيار سلبيا – تحقيقا لجزء من طموحاتهم التى تتناسب مع حركة التطور والتقدم المعاصر.
وهم كانوا على الرغم من عدم ترابطهم فى سلسلة واحدة كانوا أقوى من أقوى تنظيم على الساحة المصرية وفعلوا فى 18 يوما ما لم تفعله جماعة الاخوان منذ نشأتها فى عام 1928 ، على الرغم من انتظامها وقياداتها ومكتبها وأموالها وإنتشارها .
- وإذا كنت ألتمس لهم العذر إلا إننى أرى أنه لا عذر إطلاقا فى حرق."فمن حرر لا يحرق".
فأنتم لم تحرروا هذا الوطن لتحكموه أو تحرقوه. إنكم حررتموه لأنكم أحرار ترفضون الاستسلام لظلم دام ثلاثون عاما أو أكثر ولم يستطع غيركم – ويكفى هذه الشهادة – أن يكسر طوق الاستعباد وسوط الظلم هذا. فكفاكم شرفا هذا الوسام.
والسؤال الأخير وهو لماذا يحرق؟
يختلف الباعث لدى كل فريق أو فئة من الفئات السابقة على الحرق .
- ما الباعث لدى جماعة الاخوان على الحرق – أو الحرق السلبى بترك الاخرين يحرقون وهم يمكنهم لأن السلطة معهم – قد يكون فى تحقيق أهداف سياسية عاجلة أو آجله ، ويكفى أن يقال عنهم أنهم لا يصادرون حق التظاهر حتى لو تخطى ذلك ووصل لحرق مقدرات ومنشآت الوطن.
- والباعث لدى المجرمون على الحرق هو غالبا استمرار حالة الفوضى داخل المجتمع حتى يظل القانون غائبا وتظل فرصة اكتسابهم لرغد العيش قائمة .
وهى ستظل كذلك طالما ظل الوضع الأمنى هكذا وظلت الدولة تتراجع هيبتها وظلت شوكة هؤلاء تزداد قوة . أما إذا عادت قوة الدولة وهيبة القانون فإن هذه الفئة ستكون أكثر المتضررين نفسيا وماليا واجتماعيا .
- أما عن الباعث وراء قيام الفلول بالحرق فهو:
فإنه يتمثل فى ذلك البصيص من الأمل الذى يراودهم منذ نتيجة الاستفتاء على الرئاسة حيث أنهم كانوا على مقربة من أبواب القصور الرئاسية ، ولذلك فإنهم سوف يسخرون إمكاناتهم المادية التى سلبوها من دماء الشعب وخزائن الخصخصة ، وحصيلة المعونات الاجنبية ومن ثم فإن لديهم الاستعداد الامكانيات لحرق جميع القصور بمن فيها حتى يعودوا لسابق عهدهم فى دائرة السلطة والمال .
- أما عن الباعث وراء قيام بعض شباب الثورة بالحرق فهو تعبير عن اليأس من النتائج التى تمخضت عن الثورة – من وجهة نظرهم – وتعبيرا عن حسرتهم على نصيبهم الذى حظوا به من نجاح الثورة ، وتعبيرا عن فقدهم للقائد الذى يقودهم إلى ما كانوا يتمنونه وكأنه كما يقال تصرفات مبعثها يأس الحرمان فهم لا يستطيعوا إيقاع الحاكم فليتم تدمير الوطن حتى لا يجد الحاكم هذا ما يتولى حكمه. وهو تصرف قد يكون غريبا على شريحة ناضجة فكريا وذات حس وطني ، أظهرته ثمانية عشرة يوما بصورة لا غبار عليها .
- ونصل للسؤال الأخير وهو ما أثر حرق مصر على الثورات الجديدة المحتملة فى البلاد التى تئن من أنظمتها الفاسدة.
إن مصر شاء من شاء وأبى من أبى هى قائد الركب العربى والاسلامى ، منذ القدم وإلى ما شاء الله. وإنطلاقا من هذه الحقيقة التى يؤمن بها العربى والمسلم قبل المصرى. فإن ما يحدث الآن فى مصر يجعل إحتمال قيام الثورات التحررية فى دول أخرى بعد سوريا أمرا بعيد التصور، خاصة وأن الواقع المصرى الان من تسيب أمنى وتوقف عجلة الاستثمار الاجنبى ، والاستثمار الوطنى ، وانتشار السلاح وتزايد المخدرات ، وتزايد حوادث قطع الطرق والسرقة وغيرها كل هذا الذى أدى بالمصريين أنفسهم إلى تمنى عودة عجلة الزمان والنظام الفاسد.
يعطى مبررا للشعوب الاخرى على الرضا بحكامهم الفاسدين أيا كانوا. بل ويعطى لحكامهم المزيد من الامساك بمقدرات دولهم وبزيادة عدد السياط فى أيديهم لمن يفكر فى الخريف وليس فى الربيع .
إذا كان ما سبق عن جماعة تحتكر ، ومكتب يحتقر ، وأمة تحترق . فما هى الدوافع وراء هذه الكلمات.
إن الدوافع الحقيقية وراء ما كتبت تتجسد فيما يلى وفى نقاط محددة:
- أولا: الحرص على صورة الاسلام .
حيث أن غالبية الشعب بل والشعوب العربية تخضع الان لغسيل مخ أدى إلى الخلط بين الاسلام والاخوان ، وهناك فرق كبير بين دين ظهر فيه أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعلى وعثمان. رضى الله عنهم وعن الصحابة أجمعين وبين من يظهر حاليا وهم البقاء فى سدة الحكم لو احترق الوطن بأكمله.
- ثانيا: أننى وغيرى حتى بمن فينا المصرى المسيحى يرتضى بأن يكون الاسلام السمح الذى وضعه المصطفى صلى الله عليه وسلم ، والذى قال أنه خصيم من عادى ذميا ، والذى أوصى أصحابه بأقباط مصر. نريد أن يطبق هذا الدين سواء عن طريق الاخوان أو عن طريق غيرهم .
ثالثا: كراهية النظم الوضعية حتى لو كانت نظم جمهورية يسود فيها حكم الشعب. لأننا نريد أن نستظل بالاسلام كنظام حكم ينصر فيه المظلوم ويقضى فيه من الظالم ويتخذ من الشورى أساس لنظام الحكم ، ويوازن بين متطلبات الروح ومتطلبات الجسد واحتياجات العقل .
رابعا: إن النظم الوضعية مهما قيل فى مواءمتها وكفائتها فهى لا ترقى إلى النظام الاسلامى الذى يبنى الحضارة على أساس عدم استغلال أقدار وقدرات الاخرين يبنى حضارته بسواعده أبنائه فى المقام الاول مع الاستعانة بالاخرين عند الضرورة ، يبنى الحضارة للمنتمين إليه ولغيرهم فهو شعاع نور يضئ للجميع وصدق الله العظيم إذا يقول مخاطبا المصطفى صل الله عليه وسلم "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"