مشاهدة النسخة كاملة : الاخلاق وتاريخ الامة العربية الحديثة


علي 3
12-05-2013, 03:30 PM
أجمع الفقهاء علي أن الوقف من القربات والطاعات المستحبة -في حكم الاصل- لانه من اعمال البر. ولكنهم اختلفوا في حقيقة الوقف علي اتجاهين في الجملة.
1" يري الجمهور: أن الوقف هو حبس العين الموقوفة مثل الأرض الزراعية. أو العمارة السكنية. ويري المالكية جواز وقف النقود. ويتخرج عليه في هذا العصر: وقف الوديعة البنكية علي ملك الله. وصرف منفعتها "أي الريع الخارج من العين الموقوفة" علي الفقراء أو علي من أحب.
ويترتب علي هذا القول: عدم إمكان الواقف أو أولاده من بعده الرجوع في الوقف لانه صار عطية لله لاترد ويستثني من ذلك: صورة ان يشترط الواقف بأن له حق الرجوع إن شاء أو احتاج إليه. فأجاز هذا الشرط بعض المالكية والشافعية والحنابلة: أما جمهورهم فلم يجيزوا هذا الشرط لأنه يخالف مقتضي الوقف عندهم.
2" ويري الإمام أبوحنيفة: ان الوقف هو حبس العين الموقوفة علي ملك الوقف. والتصدق بالمنفعة علي الفقراء أو علي من أحب.
ويترتب علي هذا القول: ان من حق الواقف او أولاده من بعده الرجوع عن الوقف اذا احتاجوا إليه إلا أن يكون الوقف لمسجد أو كان الوقف قد اعتمد بحكم قضائي. أو خرج مخرج الوصية. فلا يجوز الرجوع فيه بحال.
وسبب الخلاف: يرجع الي تفسير النهي الوارد في صحيح البخاري من حديث ابن عمر. قال: "اصاب عمر أرضا بخيبر. فأتي النبي. صلي الله عليه وسلم. يستأمره فيها. فقال: يارسول الله. اني أصبت أرضا بخيبر لم أصب مالا قط أنفس عندي منه. فما تأمر به؟ فقال: صلي الله عليه وسلم: "إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها" وفي رواية للبخاري أيضا: فقال صلي الله عليه وسلم: "تصدق بأصله لا يباع ولايوهب ولايورث. ولكن ينفق ثمره" قال ابن عمر: "فتصدق به عمر في سبيل الله وفي الرقاب والمساكين والضيف وابن السبيل ولذي القربي. ولاجناح علي من وليه أن يأكل منه بالمعروف أو يؤكل صديقه غير متمول به"
قال الجمهور: فهذا شأن الوقف لايباع ولايوهب ولايورث. لأنه صار ملكا لله تعالي. وقال أبوحنيفة: هذا أمر إرشاد وليس أمر الزام. لأن المتصدق محسن. وقد قال تعالي : "ما علي المحسنين من سبيل" "التوبة