مشاهدة النسخة كاملة : إنهم من الجن ( قصة قصيرة )


abomokhtar
31-05-2013, 10:38 AM
بقلم / نزار بهاء الدين
ضج أصحاب المزارع من تكرار سرقة عجولهم وأغنامهم وجندوا الحراس أكثروا من الكلاب.. ثم طلبوا حماية "مخفر الدرك".. ولكن هؤلاء وأولئك عجزوا عن ضبط اللصوص.
جُن جنون قائد مخفر الدرك.. فأمر رجاله باعتقال المشبوهين.. ثم باعتقال حراس المزارع بتهمة التواطؤ ؟!
جوعوا هؤلاء وأولئك .. حرموهم من النوم.. أوسعوهم ضربا ً و*****ا ً دون أن يصلوا إلى أية نتيجة.. ثم صارت أخبار اللص الشبح أو اللصوص الأشباح على كل لسان ..وبدأت الشائعات من كل لون تنتشر انتشار النار في الهشيم.. إلى أن أبدى إمام جامع القرية رأيه الحصيف.. فقال : "اللصوص أيها الناس ليسم بشراً .. إنهم من الجن".
ومنذ تلك اللحظة امتنع الناس عن التجول في القرية بعد غياب الشمس.. فاليوم يخطف الجن العجول.. وغدا ً قد يخطفون الأطفال.. وربما النساء والرجال.
ونشط من ثم سوق المشعوذين العرافين يكتبون الأحجبة ويقدمون الوصفات الناجعة لمنع أذى الأسياد.
أما حراس المزارع فقد استقالوا بعضهم احتجاجا ً على اعتقالهم و*****هم.. وبعضهم خشية الجن والعفاريت ..وهكذا خلا الجو أكثر وأكثر للص أو اللصوص .
ثمت سيارة شاحنة تحول مكان الشحن فيها إلى حجرة كبيرة.. وقفت الآن أمام إحدى المزارع يترجل منها أحدهم وبيده مقص خاص بتقطيع الحديد.. وترجل آخر يحمل قطع اللحم المغمس بمخدر قوي.
يبدأ الأول بمهارة بتقطيع الشبك المعدني الذي يشكل سور المزرعة.. يفتح ثغرة تصلح لمرور رجل زحفا ً.. بينما يلقى الآخر بقطع اللحم إلى الكلاب الهائجة.. وإن هي إلا دقائق حتى يغط الكلاب بنوم عميق .
يترجل آخر.. يتسلل إلى حظيرة الأبقار .. يطعن ثلاثة من العجول السمينة بمخدر .. فتخور العجول ألما ً.. ثم تسقط أرضا ً بلا حراك .
ثم يترجل آخرون يتسللون نحو الحظيرة وبسرعة ورشاقة يحملون العجول المخدرة.. ثم يتعاونون معاً على رفعها إلى باطن الشاحنة الواحد بعد الآخر.. ثم تبتلعهم الشاحنة.. ثم تتحرك بهم وكأن شيئا ً لم يكن .
باطن الشاحنة عبارة عن ورشة عمل كبيرة .. طاولة مثبتة في الوسط.. وُضِع فوقها عدة فرّامات ومناشير تعمل جميعا ً بالكهرباء.. وتستمد طاقتها من محرك كهربائي ثُبَّت في إحدى الزوايا.. وعلى الجدران عُلِّقت سكاكين وسواطير.. من مختلف المقاسات.. ومن السقف تدلت عدة (شناكل) .. كما تدلت عدة قناديل تشع بإضاءة قوية.
وبسرعة ورشاقة تم فصل رؤوس العجول عن أجسادهما ثم عُلقت على الشناكل ثم بدأ الرجال وهم جزارون محترفون بعملية السلخ ثم بعملية التقطيع ثم تولى أحدهم توضيب الأحشاء.
ثم قام آخر بجمع الدماء المراقة فوضعها في دلوين كبيرين ثم قام آخر بتنظيف المكان و كانت الشاحنة قد وصلت إلى دكان الجزار (أبو عيشة) في مركز القضاء وبنفس الرشاقة نقلوا اللحوم والشحوم والعظام والأحشاء إلى دكانه..ثم علقوا قطع اللحم على (الشناكل) في واجهة الدكان.. ثم قدم أبو عيشة لرجاله حصتهم من الغنيمة.. ثم أخذ يردد بأعلى صوته : "يا فتاح يا عليم ... يا رزاق يا كريم ! "ثم جلس في انتظار الزبائن .
وذات يوم وبينما كانت شاحنة (أبو عيشة) تعبر القرية بعد إحدى غزواتها وكانت الشمس قد بدأت تطرد جحافل الظلام.. عبر غلام الشارع متجها نحو المخبز .. كانت الشاحنة مسرعة.. فقد تأخرت عن أوقات مغادرتها المعتادة ولم ينتبه السائق إلى الصبي.. فدهسه.
كان بعض الفلاحين على حافة الطريق سمعوا صوت صياح الغلام ومكابح الشاحنة.. فهرعوا نحو موقع الحادث ليشاهدوا السائق يزيح الصبي المصاب بطريقة وحشية .. ثم يحاول العودة إلى الشاحنة مسرعا يريد الفرار ..تكأكؤوا حوله فمنعوه.. ثم كبلوه .
ثم فوجئوا ببوابة الشاحنة الخلفية تُفتح وبأشخاص يترجلون منها حاملين السكاكين والسواطير .. محاولين فك أسر السائق من قبضته.. ثم تشتعل معركة حامية سلاحها الحجارة و السكاكين والسواطير.
تتجمع أعداد أخرى من القرويين بينهم أم الصبي المصاب وأبوه وإخوته يشتركون جميعا ً بالمعركة.. ثم يشنون هجمة رجل واحد .. انتهت بإمساكهم جميعا وتكبيلهم بالحبال بعد أن أوسعوهم ضربا ً.. ثم صعد البعض إلى قلب الشاحنة ليكتشفوا الحقيقة المذهلة.
نزار بهاء الدين الزين (http://www.freearabi.com/NizarZainBibliography.htm)
سوري مغترب
عضو اتحاد كتاب الانترنت العربي