abomokhtar
31-05-2013, 10:39 AM
قصة للأديب/ عاطف العزازى
كلما ذهبتُ إلى قريتي في إجازة الدراسة مع أسرتي أخذنى أولاد عمى إلى النخل القريب من النيل.. نطوف حول نخلة عبد العال نبحث عما أسقطته.. الرطبُ يصعب جمعه من التراب.. وأما البلح الأحمر اللذيذ نمسحه ونستمتع بحلاوته.
كانت شاهقة الارتفاع لا نرى سباطات البلح من مكاننا.. جريدها هناك يداعب السحاب .. نلعب الأستغماية ونختبئ خلف النخل المتناثر حولها .. وكانت هي الميس الذي يقفز إليه الفائز .
وعندما يميل قرص الشمس هناك خلف الجبل الشرقي وتصفَّر صفحة الماء نفك جلابيبنا المربوطة في وسطنا ونرتدي أحذيتنا البلاستيك ونرجع .. أركب أنا خلف ابن عمى على الحمار وأمامه حزمة من البرسيم.
أحب هذه النخلة وأهابها وأتجنب الاقتراب منها وحدي .. أحلم أنى تسلقتها وشاهدتُ سكان القمر بألوانهم الخضراء والصفراء والحمراء والبنات البيض ذوات الشعر الطويل.
أولاد عمى يؤكدون أن رجلاً تسلقها نهاراً وما إن اقترب من قمتها أخذ يصرخ ويصرخ والناس تدور حول النخلة تسمع صوته ولا تراه.
ورجلٌ آخر تسلقها ليلاً وشاهد سكان القمر يشيرون إليه فرفع يده يحييهم فهوى إلى الأرض وانغرست رأسه تحت النخلة.. وظلت تبتلعه حتى وجدوا حذاءه في الصباح.
جدتي تحكى أن جذورها تتجه ناحية النيل لتمنع أي سفينة تقترب من الشاطئ.
ألاحظ في كل مرة أنها تخطو خطوة تجاه النيل.. حتى بانت جذورها والنيل أسفل منها.
جاء عمى لزيارتنا في المدينة وبعد أن تناول العشاء مع أبى اقتربت منه لأستمع إلى حكاياته عن القرية.. جاءت أمي بطبق بلح أحمر أمسكتُ واحدة وعرفتها .. سئلتُ عمى:
من نخلة عبد العال يا عمى؟
قال: نعم.
ومن الذي طلعها؟
قال: الرجل الذي يطلع النخل.
وهل مات؟
ضحك عمى ومعه أبى من كلامي.. تداركتُ خجلي وقلتُ:
أكيد عبد العال صاحب النخلة هو الذي طلعها.
قال عمى وهو يضع يده على رأسي:
عبد العال دا أخو جدك.. وكان راجل جدع وعفي قاوم عساكر الوالي .. حاولوا ربطه بالحبال وأخذه للعمل بالسخرة في قناة السويس.. جدك رفع كبير العسكر ورماه في النيل وهرب من البلد ولم يرجع.. وسموا أعلى نخلة في البلد على اسمه.
في آخر زيارة للقرية وقفتُ حزيناً باكياً أمام نخلة عبد العال وهى تنام على شاطئ النيل ومازالت جذورها مغروسة في الأرض تشرب من النيل وجريدها لونه أخضر.. ولكن ليس فيها البلح الأحمر
كلما ذهبتُ إلى قريتي في إجازة الدراسة مع أسرتي أخذنى أولاد عمى إلى النخل القريب من النيل.. نطوف حول نخلة عبد العال نبحث عما أسقطته.. الرطبُ يصعب جمعه من التراب.. وأما البلح الأحمر اللذيذ نمسحه ونستمتع بحلاوته.
كانت شاهقة الارتفاع لا نرى سباطات البلح من مكاننا.. جريدها هناك يداعب السحاب .. نلعب الأستغماية ونختبئ خلف النخل المتناثر حولها .. وكانت هي الميس الذي يقفز إليه الفائز .
وعندما يميل قرص الشمس هناك خلف الجبل الشرقي وتصفَّر صفحة الماء نفك جلابيبنا المربوطة في وسطنا ونرتدي أحذيتنا البلاستيك ونرجع .. أركب أنا خلف ابن عمى على الحمار وأمامه حزمة من البرسيم.
أحب هذه النخلة وأهابها وأتجنب الاقتراب منها وحدي .. أحلم أنى تسلقتها وشاهدتُ سكان القمر بألوانهم الخضراء والصفراء والحمراء والبنات البيض ذوات الشعر الطويل.
أولاد عمى يؤكدون أن رجلاً تسلقها نهاراً وما إن اقترب من قمتها أخذ يصرخ ويصرخ والناس تدور حول النخلة تسمع صوته ولا تراه.
ورجلٌ آخر تسلقها ليلاً وشاهد سكان القمر يشيرون إليه فرفع يده يحييهم فهوى إلى الأرض وانغرست رأسه تحت النخلة.. وظلت تبتلعه حتى وجدوا حذاءه في الصباح.
جدتي تحكى أن جذورها تتجه ناحية النيل لتمنع أي سفينة تقترب من الشاطئ.
ألاحظ في كل مرة أنها تخطو خطوة تجاه النيل.. حتى بانت جذورها والنيل أسفل منها.
جاء عمى لزيارتنا في المدينة وبعد أن تناول العشاء مع أبى اقتربت منه لأستمع إلى حكاياته عن القرية.. جاءت أمي بطبق بلح أحمر أمسكتُ واحدة وعرفتها .. سئلتُ عمى:
من نخلة عبد العال يا عمى؟
قال: نعم.
ومن الذي طلعها؟
قال: الرجل الذي يطلع النخل.
وهل مات؟
ضحك عمى ومعه أبى من كلامي.. تداركتُ خجلي وقلتُ:
أكيد عبد العال صاحب النخلة هو الذي طلعها.
قال عمى وهو يضع يده على رأسي:
عبد العال دا أخو جدك.. وكان راجل جدع وعفي قاوم عساكر الوالي .. حاولوا ربطه بالحبال وأخذه للعمل بالسخرة في قناة السويس.. جدك رفع كبير العسكر ورماه في النيل وهرب من البلد ولم يرجع.. وسموا أعلى نخلة في البلد على اسمه.
في آخر زيارة للقرية وقفتُ حزيناً باكياً أمام نخلة عبد العال وهى تنام على شاطئ النيل ومازالت جذورها مغروسة في الأرض تشرب من النيل وجريدها لونه أخضر.. ولكن ليس فيها البلح الأحمر