مشاهدة النسخة كاملة : أتدرون ما الإيمان... سارة بنت محمد حسن


abomokhtar
03-06-2013, 09:16 PM
سلسلة مبسطة عن الإيمان وما يحتاج كل مسلم معرفته عن الإيمان وضده من كفر وشرك. أسأل الله عز وجل أن ينفع بها المسلمين.

أتدرُونَ ما الإيمانُ؟!
أذكُرُ لكُم بعضَه؛ الإيمانُ: تصديق في القلبِ راسخٌ، محبةٌ للهِ ولرسولهِ ولمِا يحب اللهُ ورسولُه.

خضوعٌ للهِ ولمِا أمرَ اللهُ ورسولُه، قَبولٌ لكل شرائعِ الإسلامِ، صدقٌ معَ اللهِ ومعَ النّاسِ، رضًا باللهِ ربا وبالإسلامِ دينًا وبمحمّدٍ رسولًا.

الإيمانُ: قولُ الحقّ، ذكرُ اللهِ، قراءةُ القرآنِ، تبسّمك في وجهِ أخيكَ، لينُ اللّسانِ لإخوانِك، نُصحُكَ الخلقَ لوجهِ الرّحمنِ.

الإيمانُ: صلاتُكَ وصِيَامُك، سجودُكَ وركوعُك، انقيادُك لكل أمرٍ للهِ، مسارعتُكَ لاتّباعِ السنن، بِرّك لوالديكَ، وإحسانُك لزوجِكَ وجيرانِكَ وأضيافِك.

الإيمانُ: تصديقٌ بالجنانِ، وقولٌ باللّسانِ وعملٌ بالأركانِ.

الإيمانُ: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة من الآية:285].

الإيمانُ: قولٌ وعملٌ، يزيدُ وينقصُ!

كيفَ يزيدُ وينقصُ؟
يزيدُ بطاعتِكَ للهِ؛ فَكلّمَا أحببتَ اللهَ وصدّقتَ كلامَ اللهِ وأحببْتَ رسولَهُ وصحابَتَه ومَنِ اهتدَى بهديِه كُلّمَا وقرَ فِي قلبِكَ أنّ ما أمرَ بهِ اللهُ ورسولُه أعظمُ مِنْ أمرِ منْ 'سواهُ.

كُلّمَا أضمرتَ الخيرَ للمُسلِمِينَ وانغرَسَ في قلبك الصّدقُ والإخلاصُ واليقينُ.

كُلّمَا صبَرتَ ورَضيتَ وسلّمتَ لِأَقدَارِ اللهِ.

كُلّمَا تَكَلمَ لِسَانُكَ بالذّكرِ وتَلا القرآنَ ودَعَا إلى اللهِ وآلانَ بالحق الكلامَ.

كُلّمَا استقامَت جوارحُكَ -أيْ أعضاؤُكَ وحواسك- باصّلاةِ والصّيامِ.

وكُلّمَا مَشيتَ في حَاجة إخوانِك، تسابَقَت أقدامُك إلى المساجِد.

ومَهمَا احتسبْتَ مِن نيّاتٍ في عملِ المُباحاتِ كأنْ تحتسِبَ الاستعانَةَ بالطّعامِ والشّرابِ والنّومِ على طاعةِ اللهِ. فكل ذلِكَ وأشباهُهُ مم يُحِب الله ويرضَاهُ مِنَ الأقوالِ والأفعالِ الظاهرةِ والباطِنَة يزدادُ بهِ إيمانُك.

فكيفَ ينقصُ؟!
كَمَا أنَّ الإيمَانَ يَزدَادُ فَهُوَ يَنقُصُ؛ وَلَا تَظُن أَنَّ لإيمَانَ سَيَثْبُتُ عِنْدَ حَد مُعيّنٍ فَلَا يَنقُصُ عَنهُ وَلَا يَزْدادُ! بلْ هُوَ دَومًا بَل كُلّ يَومٍ. بَلْ كُلَّ سَاعةٍ. بَلْ كُلَّ لَحظةٍ، إمّا أن ينقُصَ أَو يَزْدَاد.

وَقَدْ ذَكَرْنا شَيئًا عَن زِيَادَتِهِ، فَكَيفَ يَنقُص؟ يَنقُصُ بالمعَاصِي الّتي نَهَانَا اللهُ عَنْها؛ فَالكَذِبُ والغِش والخِداعُ تُنْقِصُه، وكُل كَلمةٍ بَذِيئةٍ يَتَلَفّظُ بِها اللِّسانُ تُنقِصُه وكُل سِبَابٍ أَو طَعْنٍ أَو لَعْنٍ وَلَو بَسِيطٍ لَفظُهُ يُنقصُه...فَكيفَ بِمَن يَسُب النّاسَ بِآبَائِهِم وَأُمّهاتِهِم؟! وَهَل عَلِمْتَ أَنَّ نَظرةَ اسْتِهزاءٍ لِأَخِيكَ المسلمِ تُنقِصُ إِيْمانَك؟ وحِقدٌ وحَسَدٌ تُخفيهِ فِي صَدْرِك يُنقِصُ إيِمَانَك؟!! وغَضَبٌ لِنَفسِكَ تُنفِذُ بِهِ غَيظَكَ عَلى إِخْوانِكَ بِغيرِ حَقٍّ يُنقِصُ إِيمَانَك، قالَ تَعالى:{يعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر:19]، وَحُبنيَا يُنقِصُ إِيْمانَك، ونَظرةُ الرَّجُلِ لِامْرأَةٍ لَا تَحِلُّ لَه ونَظرةُ المَرأَةِ لِرجُلٍ لَايَحِلُّ لهَا تُنقِصُ إِيمانَها؛ فَكيفَ بِمَن يَقضِي يَومَهُ وَلَيلَتَهُ يُشْاهِدُ أَفلامًا ومُسَلسَلاتٍ يُمَتّعُ عَينَهُ بِما لَا يَحل لَه؟!

قالَ تَعَالَى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِم} [النّور من الآية:30]، وقالَ تَعالَى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النّور من الآية:31]. والرّشْوةُ تُنْقِصُ إِيمَانَك، وَقَد وَرَدَ فِي الحَدِيثِ لَعنُ فَاعِلِهَا. وغَصْبُ أَموالِ الناسِ بِالبَاطِلِ يُنقِصُ إِيمانَك.

فَكيفَ تَظُن بِصَريحِ السّرِقَةِ وَمكْرِ الاحْتيالِ وَأَثرِ ذلِكَ عَلَى قَلبِك؟! ومَا ظَنكَ فِيمَن يَظلِمُ النّاسَ ويَعتَدِي عَلَى الحُرُماتِ؟

وَإِن كَانَ قولُكَ أُف لِأُمّكَ قَد وَردَ النّص بِتحرِيمِهِ فَهُوَ يُنقِصُ إِيمَانَك؛ َكيفَ بِمَن يَصرُخُ فِي وَجهِ الوَالِدَينِ، بَلْ كَيفَ بِمَن يَتَطَاوَلُ بِاللّفظِ أَو بِاليَدِ عَلَيهِما أَو عَلَى أَحدِهِما؟

يُتبعُ بإذنِ الله، فلا نَزالُ فِي حَدِيثِنا عَنِ النقْصانِ.

تكلَّمْنا عَن نُقصانِ الإيمانِ بالمَعاصِي والذُّنوبِ، ولا شكَّ أنَّ تركَ الطَّاعاتِ دخُلُ في هذا المَعْنَى وقلِّل إيمانَكَ؛ بلِ الأصحُّ أن يُقالَ كَيفَ ستَبْنِي إيمانَكَ إنْ لَمْ تَتَزوَّدْ لهُ بالطّاعاتِ؟!

وَيَظلُّ الإيمانُ ينقُصُ وينقُصُ حتّى لَوْ كُنتَ تعمَلُ أعمالًا صالحةً.

فإذا اعتَبَرتَ قلبَكَ تِرسًا في آلةٍ ثُمَّ إنَّكَ طَفِقْتَ تَضَعُ عليهِ أنواعًا مَنَ الموادِّ الّتي تُفسِدُ هذا التّرسَ الكبيرَ حتَّى صارَ ناعِمًا لا يُقيمُ باقِي التُّروسِ؛
فهَلْ تظُنُّ أنّهُ يدورُ؟!

قالَ حُذيفَةُ رضي الله عنه: "سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ: «تُعرَضُ الفِتَنُ على القُلوبِ كالحَصيرِ عودًا عودًا، فأيُّ قلبٍ أُشرِبَها نُكِتَ فيهِ نُكتةٌ سوداءُ، وأيُّ قلبٍ أنكَرَها نُكِتَ فيهِ نُكتةٌ بيضاءُ حتّى تصيرَ على قلبَينِ؛ على أبيَضَ مثلَ الصَّفا، فلا تضُرُّهُ فِتنةٌ ما دامَتِ السّماواتُ والأرضُ، والآخرُ أسودُ مِربَادًا، كالكُوزِ مَجخِيًّا لا يَعرِفُ معروفًا ولا يُنكِرُ مُنكَرًا إلّا ما أُشرِبَ مِن هواهُ» (رواهُ مُسلمٌ).

فإذا استَمَرَّ إيمانُكَ في النُّقصانِ فلَنْ تَجِدَ فِي قلبِكَ إقبالًا على الطّاعةِ.

تصيرُ طاعَتُكَ ثقيلةً، عِندَها توقَّفْ، وكَنْ حازِمًا مَعَ نفسِكَ، لا تَتْرُكْها تستمرُّ في خِداعِكَ. توقَّفْ وَتَساءَل: مِن أينَ أُتيتُ؟

فإذَا لَمْ تَجِدْ جوابًا واحْتَرْتَ مِن كثرَةِ المَعاصِي فتَوَقَّفْ وارْفَعْ يَدَيْكَ إلى اللهِ وسَلْهُ أن يَغْفِرَ لكَ ما تعْلَمُ وما لا تَعْلَمُ، وما هَوَ سُبحانَهُ بِهِ أعلمُ
وأَكثِرْ مِنَ الاستغْفارِ وانْتَبِهْ حتَّى تَستَيقِظَ مِنْ غَفْلَتِكَ هذهِ.