Eng.Legend
29-06-2008, 09:00 AM
لماذا جري ما جري في امتحانات الثانوية العامة هذا العام؟.. هذه الدموع.. وهذا الصراخ والانهيار للطلبة والطالبات.. وهذا التسريب للامتحانات.. وهذا التعقيد الشديد في الامتحانات، والأسئلة البعيدة كل البعد عن المناهج..
من وراء ما حدث؟.. وهل ما حدث عملية مدبرة لها أهداف، مثل أن يتم تقليص أعداد الناجحين حتي لا يصل إلي الجامعة إلا الأعداد التي تريدها الحكومة؟..
أم أن أباطرة الدروس الخصوصية حولوا أبناءنا إلي قوالب جامدة.. تحفظ ولا تفكر.. وبالتالي كان الصراخ والعويل وشق الجيوب ولطم الخدود!
'آخر ساعة' تفتح الملف مع خبراء التعليم.. الذين تحدثوا بصراحة وقالوا 'روشتة علاج' لو تم الأخذ بها لتغير الحال تماما.. فماذا قالوا؟
صراخ.. ودموع.. وشكوي.. وأنين هذا هو حال مهرجان الثانوية العامة كل عام.
لكن الصورة زادت كثيرا هذا العام بعد تفجر فضيحة تسرب أوراق الامتحان وبيعها علنا علي قارعة الطريق لمن يدفع!
بل والأكثر مرارة أن يعترف أحد المتهمين أنه يقوم بتسريب الأسئلة علي مدي 3سنوات لتوزيعها علي أصحاب النفوذ والسلطة!
وزارة التربية والتعليم كذبت في بداية الأمر، ثم عادت واعترفت أن ما تم تسريبه امتحان التفاضل والتكامل فقط ونفت تسريب اللغات أو الفيزياء واللغة العربية!
الدكتور يسري الجمل وزير التربية والتعليم أعلن صراحة: 'أن عملية تسريب الأسئلة هي قضية فساد في المقام الأول والأخير ولابد من القضاء عليه وبتره والتعامل معه بكل الشدة والحزم'!
النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود انتقل بنفسه إلي المنيا لمتابعة التحقيقات ليعلن نتائجها كاملة في هذه القضية التي أطاحت بكل ما تغنينا به من تكافؤ الفرص ويتابعها الآلاف من الأسر التي يعاني أبناؤهم صعوبة الامتحانات وتكبدوا الآلاف من الجنيهات في الدروس الخصوصية، بمجرد انتهاء كافة التحقيقات.
الصورة هذا العام اختلفت كثيرا فالشكوي من صعوبة الامتحانات ليست علي مستوي الطلاب وأولياء أمورهم فقط، بل اعترف بها المدرسون وأيدتها تقارير وزارة التربية والتعليم عن نتائج تصحيح العينة العشوائية للتفاضل والتكامل ثم الفيزياء!
بلاغات جديدة
يحدث هذا في الوقت الذي يعلن فيه عدد من أولياء الأمور توجههم إلي مكتب النائب العام لتقديم بلاغات عن تسرب أسئلة امتحان الفيزياء في منطقة مصر الجديدة ومدينة نصر علي يد عدد من المدرسين الخصوصين أصحاب المراكز التعليمية.
لكن وزارة التربية والتعليم تنفي بشدة ما أثير بشأن تسريب امتحان الفيزياء، وتؤكد أن هذا ليس له أساس من الصحة وأن الأسئلة التي تشابهت مع أسئلة الامتحان موجودة علي البوابة الإلكترونية للوزارة منذ فبراير 2008، كما أنها متاحة لجميع الطلاب ضمن 30 نموذج امتحان لفروع العلوم المختلفة 'الفيزياء الكيمياء الأحياء' حتي تكون بمثابة نماذج استرشادية للطلاب لمساعدتهم في الامتحان وهذا لا يعد تسريبا من قريب أو بعيد.
إيداع.. لا إبداع
¼ ويرجع الدكتور حامد عمار شيخ التربويين ما يحدث حاليا في الثانوية العامة إلي المناخ العام السائد في المجتمع الذي جعل القيم المادية هي القيم المحركة للسلوك والقاتلة للضمائر، فأصبح الفساد هو النمط السائد في هذه الفترة. وللحق نقول بأنه ليست هذه هي المرة الأولي التي نسمع عن حدوث ثغرات أو اختراعات في امتحانات الثانوية العامة، لكن هذا العام اختلف الوضع في حدوثه علي نطاق واسع لم نعهده من قبل!
فمنذ زمن بعيد يتم علي مرأي ومسمع من الجميع في القري النائية والمحافظات البعيدة أن يتم عزومة وإكرام لجان المراقبة علي الامتحانات في بيوت كبار القرية.. هذا الكرم له ما يقابله داخل لجان الامتحان. فتجد أوراق الإجابة تدخل وتوزع علي الطلاب، حتي أن البعض اعتبر مساعدة الطلاب وتمكينهم من الغش فضيلة من الفضائل ورحمة بأبنائنا ومكافأة لهم علي سهر الليالي والدروس الخصوصية.. ويتساءلون: ماذا يحدث إذا ساعدناهم في الامتحان علي اعتبار أنهم تعلموا فمساعدتهم لن تؤثر علي ما تعلموه. رغم أنهم لم يتعلموا شيئا، إنما يحفظون ما يلقنه لهم المدرسون الخصوصيون.
لقد أصبح التعليم مجرد إيداع لمجموعة من المعلومات لوضعها في ورقة الامتحان والمطلوب من التعليم أن يكون إبداعا..
نقطة واحدة ضيعت مفهوم التعليم في مصر.. الغش هو إحدي خطايا التعليم ولكن الخطايا كثيرة لابد أن نلتفت إليها إذا كنا نريد تطويرا حقيقيا!
لا مكافأة للفساد
¼ وما الحل الذي يراه الدكتور حامد عمار في قضية تسريب الأسئلة ووقائع الغش؟
أري أنه كجزء من العقوبة الصارمة والشديدة لحالات الغش بالنسبة للطلاب في اعتقادي لا يكفي أن يحرموا من امتحان المادة بل إن يحرموا من امتحان الثانوية العامة في جميع المواد ويلغي امتحانهم نهائيا ويرجأ للعام المقبل.
أما بالنسبة لمن باع واشتري فلابد من تجريمهم واعتبار جريمتهم مهددة للأمن القومي، لأن هؤلاء الشباب طلبة الثانوية العامة هم ذخيرة الأمن القومي فكيف يشبون علي الغش.. هذه جريمة لا يمكن السكوت عليها!
ويضيف: لا يمكن أن نكافيء الفساد والمفسدين.. ولست من أنصار إعادة الامتحان لهؤلاء الطلبة الذين يثبت أنهم قاموا بالغش.
الوزارة تتراجع
لكن المشكلة في نظر الدكتور حامد عمار أن وزارة التربية والتعليم تتراجع عن سياستها وتحاول أن تصل لأكبر قدر من المصالحة مع الطلبة وأولياء الأمور وأنهم يريدون أن تنتهي امتحانات الثانوية العامة بسلام ولا تنظر إلي أن الامتحانات مسألة هامة يقوم عليها عملية تكوين البشر والوطن. لكن أن أتفاوض أو أعيد امتحان من غشوا. هذا الأمر ليس مجالا للمجادلة أو التفاوض.
¼ وعن شكوي الطلاب من صعوبة الامتحانات واعتراف الوزارة بهذا يري الدكتور عمار أن امتحان التفاضل والتكامل والفيزياء التي اشتكي منها الطلاب وأيدت وزارة التربية والتعليم رأيهم بإعادة توزيع الدرجات بأنه تراجع من جانب الوزارة. وبأنها خسرت الطعنة القاتلة التي كانت ستوجه لمافيا الدروس الخصوصية المسيطرة علي الثانوية العامة والتي حصرت أبناءنا في نمط واحد من التفكير بعيد كل البعد عن الفهم وحصرتهم في إطار الحفظ والتذكر. ولكن تحت ضغط الرأي العام. استسلمت الوزارة! وإذا لم ترضخ لكانت كسبت أكثر من نصف المعركة ضد الدروس الخصوصية.
قوالب جامدة
بينما يري الدكتور رسمي عبدالملك أستاذ التخطيط التربوي بالمركز القومي للبحوث التربوية: ما يحدث حاليا في امتحانات الثانوية العامة إلي وجود خلل في المنظومة التعليمية ففي الوقت الذي يسعي التعليم فيه في العالم كله إلي البعد عن التلقين والحفظ سواء من خلال المدرسة أو المدرس الخاص والمذكرات والكتب وخلق الشخصية القادرة علي التفكير والابتكار والقدرة علي حل أي مشكلات. فإذا ما جاء أحد أسئلة الامتحان لنقيس القدرات العقلية نجد الصراخ والشكاوي من الطلبة وأولياء أمورهم. والغريب أن الوزارة تنسي وتتراجع عن سياستها المعلنة في بناء شخصية مصرية متفوقة قادرة علي مواجهة التحديات فتعيد توزيع درجات هذه الجزئيات التي تجرأت وخرجت بها الامتحانات عن قياس التلقين والحفظ إلي الفهم!!
لكن وللحقيقة فإن هناك نقطة خلل واضحة في سبيل إعلاء قيمة الفهم والقدرات العقلية وهي إعداد المدرسين وتدريبهم علي مثل هذه الأسئلة حتي تستطيع المؤسسة التربوية (المدرسة) إعداد الطلاب وتدريبهم علي هذه الأسئلة. علي أن يكون هناك توعية للأسرة بحيث يجب أن يكون لديهم العلم بأن أسئلة الامتحانات سوف تأتي لتقيس مستوي الفهم عند أبنائهم مما ينعكس بدوره علي تحجيم الدروس الخصوصية وذبح أباطرتها الذين استطاعوا فك شفرة الامتحانات فحولوا أبناءنا إلي قوالب جامدة غير قادرة علي التفكير يحفظون ما يلقن لهم ليضعوه في ورقة الامتحان فتحول التعليم إلي هدف وليس وسيلة!!
شعارات جوفاء
¼ ويرصد الدكتور محمود كامل الناقة مستشار المناهج وطرق التدريس:
الأسباب التي أدت إلي تصاعد الشكاوي الجماعية من الامتحانات إلي الأزمة التي يعيشها كل أطراف العملية التعليمية بدءا من المدرسة ونهاية بالطلاب، فليس هناك كما يقول نظام تعليمي مخطط ومستمر يدرس ويتفقد الأمور لاتخاذ رأي صائب في أي مشكلة ولكن وزارة التربية والتعليم أصبحت تستند ومن زمن طويل إلي شعارات جوفاء لها بريق طويل ولكن ليس لها صدي في الواقع من يقرأها يتصور أننا أصبحنا رواد في التعليم ليس في منطقتنا فقط بل في العالم كله!!
والواقع مخالف لذلك تماما. ويتساءل هل يمكن أن يوجد نظام تعليمي في ظل غياب كامل للمدرسة.. في تصوري إذا انتهت المدرسة أصبح لا معلم ولا طالب ولا عملية تعليمية. فاختفاء المدرسة وبقاؤها كمبني في كثير من الأحيان قد لا يصلح أن يكون مدرسة في الأغلب الأعم!
¼ ويتساءل ما جدوي هذه المؤتمرات التي تعقد وهي لا تصلح عملية التعليم ولا تحدث تطويرا؟!
حتي لو تم الادعاء أن هذه المؤتمرات يجهز لها وتعد لها دراسات لتطوير التعليم الذي لا يمكن أن يتم بمؤتمرات وإنما يحتاج إلي لجان استشارية وخبراء متفرغين لمهمة بناء مصانع البشر يكونون من المجندين أصحاب الرسالات فيقولون هذا الأمر بلا مناصب يعطي لهم كل الصلاحيات ويتم محاسبتهم من خلال عمل جاد.
وأضاف الدكتور محمود الناقة: أما ما يحدث من تسرب بعض أوراق أسئلة امتحانات الثانوية العامة فالكثير منا يعلم أنها عملية مستمرة من سنوات ولكننا لم نسمع تصريحا من مسئول علي أي مستوي، حتي وصلت بعض هذه الأوراق إلي الإعلام.
من وراء ما حدث؟.. وهل ما حدث عملية مدبرة لها أهداف، مثل أن يتم تقليص أعداد الناجحين حتي لا يصل إلي الجامعة إلا الأعداد التي تريدها الحكومة؟..
أم أن أباطرة الدروس الخصوصية حولوا أبناءنا إلي قوالب جامدة.. تحفظ ولا تفكر.. وبالتالي كان الصراخ والعويل وشق الجيوب ولطم الخدود!
'آخر ساعة' تفتح الملف مع خبراء التعليم.. الذين تحدثوا بصراحة وقالوا 'روشتة علاج' لو تم الأخذ بها لتغير الحال تماما.. فماذا قالوا؟
صراخ.. ودموع.. وشكوي.. وأنين هذا هو حال مهرجان الثانوية العامة كل عام.
لكن الصورة زادت كثيرا هذا العام بعد تفجر فضيحة تسرب أوراق الامتحان وبيعها علنا علي قارعة الطريق لمن يدفع!
بل والأكثر مرارة أن يعترف أحد المتهمين أنه يقوم بتسريب الأسئلة علي مدي 3سنوات لتوزيعها علي أصحاب النفوذ والسلطة!
وزارة التربية والتعليم كذبت في بداية الأمر، ثم عادت واعترفت أن ما تم تسريبه امتحان التفاضل والتكامل فقط ونفت تسريب اللغات أو الفيزياء واللغة العربية!
الدكتور يسري الجمل وزير التربية والتعليم أعلن صراحة: 'أن عملية تسريب الأسئلة هي قضية فساد في المقام الأول والأخير ولابد من القضاء عليه وبتره والتعامل معه بكل الشدة والحزم'!
النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود انتقل بنفسه إلي المنيا لمتابعة التحقيقات ليعلن نتائجها كاملة في هذه القضية التي أطاحت بكل ما تغنينا به من تكافؤ الفرص ويتابعها الآلاف من الأسر التي يعاني أبناؤهم صعوبة الامتحانات وتكبدوا الآلاف من الجنيهات في الدروس الخصوصية، بمجرد انتهاء كافة التحقيقات.
الصورة هذا العام اختلفت كثيرا فالشكوي من صعوبة الامتحانات ليست علي مستوي الطلاب وأولياء أمورهم فقط، بل اعترف بها المدرسون وأيدتها تقارير وزارة التربية والتعليم عن نتائج تصحيح العينة العشوائية للتفاضل والتكامل ثم الفيزياء!
بلاغات جديدة
يحدث هذا في الوقت الذي يعلن فيه عدد من أولياء الأمور توجههم إلي مكتب النائب العام لتقديم بلاغات عن تسرب أسئلة امتحان الفيزياء في منطقة مصر الجديدة ومدينة نصر علي يد عدد من المدرسين الخصوصين أصحاب المراكز التعليمية.
لكن وزارة التربية والتعليم تنفي بشدة ما أثير بشأن تسريب امتحان الفيزياء، وتؤكد أن هذا ليس له أساس من الصحة وأن الأسئلة التي تشابهت مع أسئلة الامتحان موجودة علي البوابة الإلكترونية للوزارة منذ فبراير 2008، كما أنها متاحة لجميع الطلاب ضمن 30 نموذج امتحان لفروع العلوم المختلفة 'الفيزياء الكيمياء الأحياء' حتي تكون بمثابة نماذج استرشادية للطلاب لمساعدتهم في الامتحان وهذا لا يعد تسريبا من قريب أو بعيد.
إيداع.. لا إبداع
¼ ويرجع الدكتور حامد عمار شيخ التربويين ما يحدث حاليا في الثانوية العامة إلي المناخ العام السائد في المجتمع الذي جعل القيم المادية هي القيم المحركة للسلوك والقاتلة للضمائر، فأصبح الفساد هو النمط السائد في هذه الفترة. وللحق نقول بأنه ليست هذه هي المرة الأولي التي نسمع عن حدوث ثغرات أو اختراعات في امتحانات الثانوية العامة، لكن هذا العام اختلف الوضع في حدوثه علي نطاق واسع لم نعهده من قبل!
فمنذ زمن بعيد يتم علي مرأي ومسمع من الجميع في القري النائية والمحافظات البعيدة أن يتم عزومة وإكرام لجان المراقبة علي الامتحانات في بيوت كبار القرية.. هذا الكرم له ما يقابله داخل لجان الامتحان. فتجد أوراق الإجابة تدخل وتوزع علي الطلاب، حتي أن البعض اعتبر مساعدة الطلاب وتمكينهم من الغش فضيلة من الفضائل ورحمة بأبنائنا ومكافأة لهم علي سهر الليالي والدروس الخصوصية.. ويتساءلون: ماذا يحدث إذا ساعدناهم في الامتحان علي اعتبار أنهم تعلموا فمساعدتهم لن تؤثر علي ما تعلموه. رغم أنهم لم يتعلموا شيئا، إنما يحفظون ما يلقنه لهم المدرسون الخصوصيون.
لقد أصبح التعليم مجرد إيداع لمجموعة من المعلومات لوضعها في ورقة الامتحان والمطلوب من التعليم أن يكون إبداعا..
نقطة واحدة ضيعت مفهوم التعليم في مصر.. الغش هو إحدي خطايا التعليم ولكن الخطايا كثيرة لابد أن نلتفت إليها إذا كنا نريد تطويرا حقيقيا!
لا مكافأة للفساد
¼ وما الحل الذي يراه الدكتور حامد عمار في قضية تسريب الأسئلة ووقائع الغش؟
أري أنه كجزء من العقوبة الصارمة والشديدة لحالات الغش بالنسبة للطلاب في اعتقادي لا يكفي أن يحرموا من امتحان المادة بل إن يحرموا من امتحان الثانوية العامة في جميع المواد ويلغي امتحانهم نهائيا ويرجأ للعام المقبل.
أما بالنسبة لمن باع واشتري فلابد من تجريمهم واعتبار جريمتهم مهددة للأمن القومي، لأن هؤلاء الشباب طلبة الثانوية العامة هم ذخيرة الأمن القومي فكيف يشبون علي الغش.. هذه جريمة لا يمكن السكوت عليها!
ويضيف: لا يمكن أن نكافيء الفساد والمفسدين.. ولست من أنصار إعادة الامتحان لهؤلاء الطلبة الذين يثبت أنهم قاموا بالغش.
الوزارة تتراجع
لكن المشكلة في نظر الدكتور حامد عمار أن وزارة التربية والتعليم تتراجع عن سياستها وتحاول أن تصل لأكبر قدر من المصالحة مع الطلبة وأولياء الأمور وأنهم يريدون أن تنتهي امتحانات الثانوية العامة بسلام ولا تنظر إلي أن الامتحانات مسألة هامة يقوم عليها عملية تكوين البشر والوطن. لكن أن أتفاوض أو أعيد امتحان من غشوا. هذا الأمر ليس مجالا للمجادلة أو التفاوض.
¼ وعن شكوي الطلاب من صعوبة الامتحانات واعتراف الوزارة بهذا يري الدكتور عمار أن امتحان التفاضل والتكامل والفيزياء التي اشتكي منها الطلاب وأيدت وزارة التربية والتعليم رأيهم بإعادة توزيع الدرجات بأنه تراجع من جانب الوزارة. وبأنها خسرت الطعنة القاتلة التي كانت ستوجه لمافيا الدروس الخصوصية المسيطرة علي الثانوية العامة والتي حصرت أبناءنا في نمط واحد من التفكير بعيد كل البعد عن الفهم وحصرتهم في إطار الحفظ والتذكر. ولكن تحت ضغط الرأي العام. استسلمت الوزارة! وإذا لم ترضخ لكانت كسبت أكثر من نصف المعركة ضد الدروس الخصوصية.
قوالب جامدة
بينما يري الدكتور رسمي عبدالملك أستاذ التخطيط التربوي بالمركز القومي للبحوث التربوية: ما يحدث حاليا في امتحانات الثانوية العامة إلي وجود خلل في المنظومة التعليمية ففي الوقت الذي يسعي التعليم فيه في العالم كله إلي البعد عن التلقين والحفظ سواء من خلال المدرسة أو المدرس الخاص والمذكرات والكتب وخلق الشخصية القادرة علي التفكير والابتكار والقدرة علي حل أي مشكلات. فإذا ما جاء أحد أسئلة الامتحان لنقيس القدرات العقلية نجد الصراخ والشكاوي من الطلبة وأولياء أمورهم. والغريب أن الوزارة تنسي وتتراجع عن سياستها المعلنة في بناء شخصية مصرية متفوقة قادرة علي مواجهة التحديات فتعيد توزيع درجات هذه الجزئيات التي تجرأت وخرجت بها الامتحانات عن قياس التلقين والحفظ إلي الفهم!!
لكن وللحقيقة فإن هناك نقطة خلل واضحة في سبيل إعلاء قيمة الفهم والقدرات العقلية وهي إعداد المدرسين وتدريبهم علي مثل هذه الأسئلة حتي تستطيع المؤسسة التربوية (المدرسة) إعداد الطلاب وتدريبهم علي هذه الأسئلة. علي أن يكون هناك توعية للأسرة بحيث يجب أن يكون لديهم العلم بأن أسئلة الامتحانات سوف تأتي لتقيس مستوي الفهم عند أبنائهم مما ينعكس بدوره علي تحجيم الدروس الخصوصية وذبح أباطرتها الذين استطاعوا فك شفرة الامتحانات فحولوا أبناءنا إلي قوالب جامدة غير قادرة علي التفكير يحفظون ما يلقن لهم ليضعوه في ورقة الامتحان فتحول التعليم إلي هدف وليس وسيلة!!
شعارات جوفاء
¼ ويرصد الدكتور محمود كامل الناقة مستشار المناهج وطرق التدريس:
الأسباب التي أدت إلي تصاعد الشكاوي الجماعية من الامتحانات إلي الأزمة التي يعيشها كل أطراف العملية التعليمية بدءا من المدرسة ونهاية بالطلاب، فليس هناك كما يقول نظام تعليمي مخطط ومستمر يدرس ويتفقد الأمور لاتخاذ رأي صائب في أي مشكلة ولكن وزارة التربية والتعليم أصبحت تستند ومن زمن طويل إلي شعارات جوفاء لها بريق طويل ولكن ليس لها صدي في الواقع من يقرأها يتصور أننا أصبحنا رواد في التعليم ليس في منطقتنا فقط بل في العالم كله!!
والواقع مخالف لذلك تماما. ويتساءل هل يمكن أن يوجد نظام تعليمي في ظل غياب كامل للمدرسة.. في تصوري إذا انتهت المدرسة أصبح لا معلم ولا طالب ولا عملية تعليمية. فاختفاء المدرسة وبقاؤها كمبني في كثير من الأحيان قد لا يصلح أن يكون مدرسة في الأغلب الأعم!
¼ ويتساءل ما جدوي هذه المؤتمرات التي تعقد وهي لا تصلح عملية التعليم ولا تحدث تطويرا؟!
حتي لو تم الادعاء أن هذه المؤتمرات يجهز لها وتعد لها دراسات لتطوير التعليم الذي لا يمكن أن يتم بمؤتمرات وإنما يحتاج إلي لجان استشارية وخبراء متفرغين لمهمة بناء مصانع البشر يكونون من المجندين أصحاب الرسالات فيقولون هذا الأمر بلا مناصب يعطي لهم كل الصلاحيات ويتم محاسبتهم من خلال عمل جاد.
وأضاف الدكتور محمود الناقة: أما ما يحدث من تسرب بعض أوراق أسئلة امتحانات الثانوية العامة فالكثير منا يعلم أنها عملية مستمرة من سنوات ولكننا لم نسمع تصريحا من مسئول علي أي مستوي، حتي وصلت بعض هذه الأوراق إلي الإعلام.