علي بريشة يكتب: الخروف لا يصلح ملكا .. ولا مبدعا
الثلاثاء 11 يونيو 2013 - 8:29 م رأي ورؤى (http://dostorasly.com/opinion)


في مملكة الحيوان .. الخروف لا يصلح ملكا .. هذا صحيح .. وأيضا لا يصلح مبدعا .

الإبداع حرية وليس التزاما بقواعد القطيع .. وحدها الطيور في مملكة الحيوان تستطيع أن تغرد .. تفرد أجنحتها وتحلق في سماء الحرية وتمتعنا بأشجى الألحان ..

في مملكة الحيوان يقايض الخروف حريته البرية بأمان الراعي .. يرتضي الحماية من الذئب ليحصل على الأكل والشرب والحظيرة .. سقف طموحاته هو البرسيم يجتره في هدوء .. ولا مانع في المقابل أن ي***ه الراعي عندما يريد أو يعري جسده من الصوف عندما يشاء .. يسير القطيع إلى اليمين فتكون اليمين .. ويسير القطيع إلى اليسار فهي اليسار حتما بلا مواربة أو تفكير. يلتزم بقواعد السمع والطاعة بشكل صارم وفي عنقه نحو الراعي بيعة والتزام تجبره ألا يحيد عن الطريق الذي يرسمه له .

الخروف ليس شرا ولا عيبا أو سبا .. هو جزء من مملكة الحيوان ولكنه بالتأكيد لا يمكن أن يصبح ملكا ولا مبدعا

*******
في عالم البشر .. من يسير على خطى السمع والطاعة لا يمكن أن يكون مبدعا .. يمكن أن يصبح طبيبا أو مهندسا أو أستاذا جامعيا أو محاميا أو أي شئ آخر .. ولكنه من المستحيل أن يكون مبدعا .. في مصر جماعة الإخوان المسلمين تعيش داخل المجتمع منذ 80 عاما .. هل تستطيع أن تسمي لي طبيبا من أطباء الصف الأول ينتمي إلى الجماعة .. طبعا .. ما أسهل ذلك .. هل تستطيع أن تسمي لي مهندسا إخوانيا أو أستاذ جامعة أو محاميا أو قاضيا أو لاعب كرة قدم أو حتى "حرامي" .. طبعا ممكن .. فالإخوان جزء من نسيج المجتمع بصالحه وطالحه وفيهم بالطبع متفوقين في كل المجالات الصالحة والطالحة .. ولكن .. هل تستطيع أن تسمي لي أديبا أو شاعرا أو روائيا أو قصاصا أو تشكيليا أو موسيقيا أو مبدعا (من الصف الأول) ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين .. لن تجد .. لا في الصف الأول ولا الثاني ولا الثالث .. لن تجد في جيل الرواد أو جيل الستينيات أو التسعينيات أو الألفية .. تخيل قوة مصر الناعمة الثرية الهائلة من عظماء المبدعين لن تجد فيها أحدا تربى في المدرسة الإخوانية .. 80 سنة كاملة لم تنتج في نهر الإبداع المصري علما واحدا يعتد به ..

هل المشكلة أنهم تيار ديني .. على الإطلاق .. فتيار التصوف مثلا في مصر والعالم الإسلامي أثرى الحياة الإبداعية بمدرسة شديدة الخصوصية والتفرد في الشعر والنثر والغناء والإنشاد .. هل المشكلة أنه تيار يحرم الفن .. على الإطلاق (على الأقل من الناحية النظرية) ففي أدبيات الجماعة محاولات دائمة لتقديم أنفسهم بصورة منفتحة غير متشددة لا تأخذ موقفا من الفن والإبداع مثل تيارات أخرى تحرم الفنون بجميع أشكالها.

المشكلة ببساطة أنه تيار بلا أجنحة .. تيار يتربى على صرامة السمع والطاعة وتقبيل يد المرشد والسير مع قطيع السامعين الطائعين المبررين .. كوكتيل التفرد والرأي الحر وانفتاح الفكر هو ما يقود إلى الإبداع..وغيابه عنهم يمنعهم من تقديم أي إنجاز أو أعلام في هذا المجال .. المبدع يبحث عن اليقين ولا يمتلكه .. يعرف القواعد ويخرقها .. يطلع على ما فعله السابقون ولا ينقل عنهم .. المبدع يمكن أن يكون مثل الصوفي الذي يمكن أن يحترم شيخ الطريقة ولكنه يسير في رحلته الخاصة محاولا الوصول بطريقته الذاتية.. ولكنه من المستحيل أن يصبح مثل الإخواني الذي ينتظر التعليمات فيقبل يد المرشد وينفذها بلا تفكير حسب أصول السمع والطاعة .

ارتكب الإخوان في مصر أخطاء كثيرة جدا في سبيل تمكين الأهل والعشيرة .. ولكن أغبى الأخطاء وأبعدها عن المنطق هي محاولتهم العبثية فرض وزير ثقافتهم ووصايتهم على مبدعي مصر ثم يطالبونهم بالسمع والطاعة..محاولة انتحارية مكتوب عليها الفشل الذريع من أول وهلة..

http://dostorasly.com/news/view.aspx?cdate=11062013&id=6ce3a7f3-a579-4f46-af5d-1401390bdceb