مشاهدة النسخة كاملة : كيف تتخلص من الديون؟


فكري ابراهيم
06-07-2013, 06:32 PM
كيف تتخلص من الديون؟









الديون ظاهرة انتشرت في عدد من البيوت بل وعدد من الدول، والديون داءٌ أَخَافَ قلوب الآمنين، وكثيرون هم من تعرضوا لمسألة الديون فأثقلت تلك الديون أنفسهم بالهموم ودخلوا في دوَّامةٍ لا تنتهي من الحلول المؤقتة؛ فكلما خرجوا من حفره جرفتهم أخرى أشد خطرًا، ليظلوا قابعين بين فكي الرحى تطحنهم بلا رحمة، حتى أصبحت أيامهم كما الطحين في وجه الريح.
وليس ثَمَّة شك أنَّ الدَّيْن هَمٌّ بالليل ومذلة بالنهار، وأنَّ الدَّيْن سببٌ رئيس لكثير من المشاكل الأُسْرية، بل هو كشف لأستار المرء، وهو من يضيع ماء الوجه.
وإنَّ أقلَّ ما يمكن فعله في هذا الشأن هو توعية الناس وتذكيرهم بخطورة الديون.
ولقد صدر حديثًا في الرياض كتابٌ تحت عنوان: "كيف تتخلص من الديون؟" للدكتور "أحمد بن سالم بادويلان"، وفيه يبين الكاتب كيف يمكن للإنسان أنْ يتخلص من الديون ليبعد عن نفسه عاقبة هذه الديون.
الدَّيْن مذلة للرجال
وجاء الكتاب في عدد من الوصايا، من هذه الوصايا:
- تذكير بالتنفير من الاستدانة، واستشاعر أحاديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
- لا تلجأ إلى الاقتراض إلَّا إذا كنت مضطرًّا، وإنَّ ذلك في حدود ضيقة.
- اتق الله قبل الدَّيْن ومعه وبعده، بحيث ينصبُّ دَيْنك على رفع ضيق أو حاجة عن نفسك أو أهلك.
- مع صدق العزم في ردِّ المبالغ المستدانة عند تيسير ذلك.
- اعلم أنَّ الدَّيْن همٌّ بالليل ومذلة بالنهار.
- تنبه لمساوئ البطاقات الائتمانية.
- ابتعد قدر الإمكان عن التقسيط.
- ليكنْ لسانك رطْبًا بذكر الله تعالى، ثم بدعائه والالتجاء إليه سبحانه، ورَدِّد: "اللهم إنِّي أعوذ بك من ضلع الدَّيْن"؛ اقتداءً بالرسول القدوة الأسوة- صلى الله عليه وسلم- الذي علمنا أنْ نقول: "اللهم إنِّي أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وضلع الدين وغلبة الرجال"، وهو الذي لا يجد دائنة ما يؤديه من حق أو مال.
تحدث الكاتب في الوصية الأولى من هذا الكتاب عن: الأحاديث الشريفة في عاقبة الديون، لقد جاء في السنة النبوية أحاديث صريحة في سوء عاقبة من مات وفي ذمته دَيْن لأحد من الناس، ومن ذلك:
ما رواه عبد الله بن أبي قتادة يحدث عن أبيه: أنَّ النبي- صلى الله عليه وسلم- أُتي برجل ليصلي عليه، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم- "صلوا على صاحبكم؛ فإنَّ عليه دينًا". وفي رواية: "لعل على صاحبكم ديناً؟" قالوا: نعم، ديناران؛ فتخلف- صلى الله عليه وسلم- وقال: "صلوا على صاحبكم". قال أبو قتادة: هو عليَّ- أي الدين الذي على الميت-فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "بالوفاء"، فصلى عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "نَفْس المؤمن معلقة بدَيْنه حتى يُقضَى عنه".
قال الصنعاني: "وهذا الحديث من الدلائل على أنَّه لايزال الميت مشغولًا بدَيْنه بعد موته؛ ففيه حث على التخلص عنه قبل الموت، وأنَّه أهم الحقوق، وإذا كان هذا في الدَّيْن المأخوذ برضا صاحبه فكيف بما أُخذ غصبًا ونهبًا وسلبًا؟!".
إلى غير ذلك من الأحاديث التي يتذكر المسلم معها أنَّ الأَوْلى به أنْ يُعرض عن الاستدانة ما استطاع إلى ذلك سبيلًَا، ويسارع لسداد ما عليه؛ ليلقى الله سالمًا غير نادم.
وفي الوصية الثانية: في هذا الكتاب لا تقترض إلَّا مضطرًّا.
أما الوصية الثالثة: اتق الله قبل الدَّيْن ومعه؛ فإنَّ العبد إذا اتقى اللهه وأراد أنْ يأخذ مالًا ليرفع ضيقًا عن نفسه وأهله، وصدق العزم في ردِّه عند تيسره- لقي من الله الفرج بعد الشدة، واليسر بعد العسر، قال الله تعالى "وَمَنْ يَتَّقِ الله يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا" [سورة الطلاق: 4]. وقال الله تعالى: "وَمَنْ يَتَّقِ الله يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ" [سورة الطلاق:2،3].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: "من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدَّى الله عنه، ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله"؛ فمن لم يتق الله في الدَّيْن الذي عليه وماطل لقي من الله عنتًا وتلفًا، والجزاء من *** العمل، فإنْ أحسن في القضاء أدَّاه الله عنه في الدنيا قبل الآخرة، قال صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يدان دينًا، يعلم الله منه أنَّه يريد أداءه إلَّا أدَّاه الله عنه في الدنيا".
وحسب المؤمن رهبةً من مماطلة الناس في أموالهم ما جاء عن صهيب الخير عن رسول الله- صلى اللهعليه وسلم- أنَّه قال: "أيُّما رجل يدين دينًا،وهو مجمع أنَّه لا يوفيه إياه لقي الله سارقًا".
والوصية الرابعة: الدَّيْن همٌّ بالليل وذل بالنهار؛ إنَّ كثيرًا من الرجال أريقت مياه وجوههم واختفوا عن أعين الناس خوفًا من عتاب الدائنين، وهروبًا من كلماتهم الساخنة.
ومن ذلك ما رواه الطحاوي عن عقبة بن عامر أنَّ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تخيفوا الأنفس بعْد أمنْها"، قالوا: يا رسول الله، وما ذاك؟ قال: "الدَّيْنُ".
لذا، ينبغي على المرء أنْ يستشعر أنَّ الدَّيْن مذلة للرجال، كما جاء في الأثر: "الدين همٌّ بالليل ومذلة بالنهار"، قال القرطبي: قال علماؤنا: "وإنَّما كان شينًا ومذلة لما فيه من شُغلِ القلبِ والبال والهمِّ اللازم في قضائه والتذللِ للغريم عند لقائه، وتحمُّلِ مِنَّته بالتأخير إلى حين أوانه".
وقد ذُكر في الأثر صور من ذلك أيضًا:
جاء أبو قتادة- رضي الله عنه- إلى رجل قد استدان منه دينًا... جاء إليه ليتقاضاه في أحد الأيام فما كان من هذا المقترِض إلَّا أن اختفى عن ناظريه واختبأ عنه، وقُدِّر أنْ يخرج صبيٌّ من دار ذلك المقترِض، فسأله أبو قتادة عن أبيه؟ فقال الصبي: هو في البيت يأكل خزيرةً- نوع من الطعام- فنادى أبو قتادة بأعلى صوته: يا فلان اخرج فقد أُخبرتُ أنَّك هاهنا، فخرج، فقال له: ما يُغيبك عنِّي؟ قال الرجل: إني معُسرٌ وليس عندي ما أسدد به دَيْنِي؛ فاستحلفه أبو قتادة أنَّه معسرٌ، فحلف الرجلُ على ذلك؛ فبكى أبو قتادة أنْ يصل الأمر بأخيه إلى هذه الحالة البائسة، فقال بعد ذلك: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: "من نَفَّس عن غريمه أو محا عنه كان في ظل العرش يوم القيامة".
يقول الكاتب: بلغني أنَّ رجلًا تكاثرت عليه الديون حتى زادت على المليونين من الريالات، وبالطبع تتابع الطُرَّاق عليه، ووجهت إليه الكلمات اللاذعة حتى بلغ به الأمر أنْ فرَّ من بيته وترك أهله لسنةٍ كاملة! فكانت المضايقات تتابع على ابنه الصغير حتى أُصيب بضائقة نفسية سيئة.. والبقية تأتي! إلَّا أنْ يتداركهم الله برحمته.

يتبع

فكري ابراهيم
06-07-2013, 06:35 PM
وصايا للتخلص من الديون:
وفي الوصية الخامسة: إياك وخداعَ البنوك، يرى الكاتب أنَّ البنوك ترفع بين الحين والآخر إعلانات تتضمن التشجيع على الاقتراض، ويزعمون أنَّ هذه القروض تجعل حياتك أكثر رفاهية، فما عليك إلَّا أنْ توفِّر الشروط وتقوم بتعبئة النموذج الْمُعد لذلك ثم تكون النقود بين يديك لتتصرف بها بحريةٍ كاملة.
وهذه البنوك إنَّما تشجع على الديون لأنَّها تتكسب من ذلك أموالًا طائلة، وبخاصة أنَّها إنَّما تقرض بفوائد ربوية تتضاعف بمرور الزمن، وهذا الأسلوب الاستثماري:
أولًا: مما حرمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
ثانيًا: هذا القرض المالي الذي يفرح به المقترِض لأيام معدودة يسبِّب له ضعفًا في إيمانه، واضطرابًا في قلبه.
ثالثًا: إنَّ القروض الشخصية التي تقدمها هذه البنوك ربحها الدائم للبنوك فحسب؛ يقول الدكتور "شاخت"، مدير بنك الرايخ الألماني: إنَّ الدائن المرابي- أي البنك- يربح دائمًا في كلِّ عملية، بينما الْمَدينُ معرَّضٌ للربح والخسارة، ومن ثَمَّ فإنَّ المال كُلَّه في النهاية لابد بالحساب الرياضي أنْ يصير إلى الذي يربح دائمًا.
الوصية السادسة: أغلال البطاقات، يشارك كثير من الناس في بطاقات تحت مسميات مختلفة، ومنها ما يُسمَّى بـ"البطاقة الائتمانية" والمشترك فيها يتحصل على خدمة خلاصتها: أنَّ حامل البطاقة يشتري ما يريد حاضرًا، وتقوم الجهةُ الْمُمولة للبطاقة بتسديد قيمة الفاتورة لصاحب المتجر بعد حين، وظاهرُ هذه الخدمة الرحمة ولكنْ إذا علمت أنَّ للمشترك زمنًا محددًا للسداد للبنك أو الشركة؛ فإذا انقضى هذا الزمن تضاعف المبلغ عليه بزيادة ربوية كلما تأخَّر.. عند ذلك يتبين للمشترك خطورتها.
ويتبين أنَّ هؤلاء الذين يتعاملون بهذه البطاقات وقعوا في محذورين:
المحذور الأول: أنَّهم سيسرفون في المصايف، وسيغرقون في الديون مادام غيرهم يدفع عنهم.
المحذور الثاني: أنَّهم إنْ لم يسددوا فورًا فإنَّهم سيقعون في الربا.
وحاصل ذلك تكاثر الديون، وهذا ما يُراد الهروب منه والفرار عنه.
الوصية السابعة: فِرَّ من التقسيط فرارك من الأسد، يرى الكاتب أنَّ اندفاع الناس إلى التقسيط أصبح ظاهرة، والحق أنَّها ظاهرةٌ غير صحيحة البتة؛ فلا يليق بالمجتمع المسلم أبدًا أنْ يغرق في الديون، كما يحدث بالفعل في مجتمعات أُخرى.
إنَّ مرارة التقسيط تُعلم قطعًا بعد الخوض في تجربته، فإنَّ المشتري بالتقسيط يرى أنَّ الشركة تأكله من فوقه إلى أسفل قدميه، وهو للوهلة الأولى لا يدرك ذلك بالطبع فيخوض مع الخائضين.
ولنأخذ مثلًا الشركات التي تبيع السيارات الجديدة بالتقسيط، فهم أولًا: لا يبيعون السيارة بثمنها في السوق وإنَّما بسعرها في البطاقة الجمركية، ومعلومٌ أنَّه أعلى وأكبر غالبًا، ثم يجعلون الزيادة المالية على السعر الأعلى، ولذلك تكون الزيادة ضخمة نسبيًّا، وكلما ازداد الأجل بُعدًا كلما ازداد الثمن الكلي على المشتري؛ فانظر ماذا ترى؟.
الوصية الثامنة: احذر المفاهيم الخاطئة، إنَّ من المفاهيم الخاطئة عند فئة من الناس- وهم قليل- ما صاغه أحدهم سؤالًا قُدِّم بين يدي فضيلة الشيخ "محمد العثيمين" ونصه كما يلي: ما رأيك في فئة من الناس يرون أنَّ مَنْ لا دَيْن عليه عنده نقصٌ في رجولته، بل إنَّ مَنْ دَيْنه قليلٌ تناله سخريتهم؛ فيقولون: فلانٌ دَيْنه دَيْن عجوز، مع أنَّهم يستدينون بنية عدم الوفاء؟.
فكان جواب الشيخ، أقول: إنَّ هذا بلا شك خطأ، وإنَّ العز والذل تبع الدَّيْن وعدمه، فمن لا دَيْن عليه فهو العزيز ومن عليه دَيْن فهو الذليل؛ لأنَّه في يوم من الأيام قد يطالبه الدائن ويحبسه، وما أكثر المحبوسين الآن في السجون بسبب الديون التي عليهم؛ فهذا القائل- بهذا المفهوم الخاطئ- لاشك أنَّه سخيف العقل، وأنَّه ضالٌّ في كلامه... ولكنْ الذي يظهر أنَّه كالإنسان المريض يُحبُّ أنْ يمرض جميع الناس، فهو مريضٌ بالدَّيْن ويريد أنْ يستدين جميع الناس حتى يتسلى بهم.
فحري بالعاقل ألَّا يلتفت لهؤلاء من قريب ولا من بعيد.
الوصية التاسعة: اللهم إنِّي أعوذ بك من ضلع الدَّيْنِ؛ كان رسول اللهه- صلى الله عليه وسلم- يُكثرُ من الدعاء ويطلب السلامة من ضلع الدين، فعن أنس رضي الله عنه عن النبي- صلى الله عليه وسلم- في دعاءٍ ذكره: "اللهم إنِّي أعوذ بك من الهمِّ والحزن، والعجز الكسل، والجُبن والبُخل، وضلع الدَّين وغلبة الرجال".
قال القرطبي: قال العلماء: ضَلَعُ الدَّيْن هو الذي لا يجد دائنُه مِنْ حيثُ يؤدِّيه. وكم من الناس من هو كذلك، وما أكثر من لا يجد أموالًا تتناسب مع ضخامة الدَّيْن عليه.
وعن عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يدعو في الصلاة ويقول: "اللهم إنِّي أعوذ بك من المأثم والمغرم- أي الدَّيْن- فقال رجلٌ: يا رسول الله، ما أكثر ما تستعيذ من المغرم! قال- صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ الرجل إذا غَرم كذب، ووعد فأخلف". وعلى هذا، فحري بمن أُصيب ببلاء الديون أنْ يعتصم بالله ويدعوه بهذه الأدعية المأثورة.
وقال المهلب: يستفاد من هذا الحديث: سَدُّ الذارئع؛ لأنَّه- صلى الله عليه وسلم- استعاذ من الدَّيْن لأنَّه في الغالب ذريعة إلى الكذب في الحديث، والخلف في الوعد، مع ما لصاحب الدَّيْن عليه من المقال.
الوصية العاشرة: أكرم الضيف دون إسراف، كما أنَّ الشرع أمرنا بإكرام الضيف والحفاوة به أمرنا كذلك بعدم الإسراف والتبذير.
ولا عجب أنَّ كثيرًا من الناس يعلمون الآيات التي تحث على عدم الإسراف والتبذير وقد يرددونها، ولكنْ نزولًا عند العادات والتقاليد تجدهم يُكلفون أنفسهم ما لا يطيقون في أمورٍ هي من الإسراف بمكان، وحاصل ذلك الغرق في الديون!.
الوصية الحادية عشرة: لا تكلف نفسك ما لا تطيق، يتردد في المجالس أنَّ رجلًا استدان ليقضي شهر رمضان في جوار بيت الله الحرام، وآخر استدان الآلاف من الريالات ليصل أرحامه في منطقة بعيدة وليحضر زواج ابنتهم...
وهؤلاء وأمثالهم في الحقيقة يكلفون أنفسهم ما لا يطيقون ومن ثَمَّ يغرقون في الديون من حيث لا يشعرون، ولو أنَّهم رفقوا بأنفسهم ما حصلت لهم المشقة هذه، وقد أمرنا الله ورسوله- صلى الله عليه وسلم- بما نطيق وماعداه يسقط بالعذر بعدم الاستطاعة.
وقد جعل الشرع الفرائض- على عظم مكانتها- مقيدة بالقدرة، وخذ مثلًا لذلك ركنًا من أركان الإسلام وهو "الحج" يقول الله تعالى: "وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا". وعدد من العلماء يفتون بسقوط الحج عن الفقير المستدين حتى ينقضي دينه، فكيف بعد ذلك بالنوافل والمستحبات؟!.
الوصية الثانية عشرة: الدَّيْن أحقُّ بالحرج، يتحرجُ البعضُ من أخذ الزكاة المشروعة، بينما لا يتحرجون من أخذ الأموال دينًا في ذمتهم، مع أنَّهم من يستحقون الزكاة- وهذا خطأ-؛ فالدَّيْن أحقُّ بالحرج، والزكاة حق للفقراء على الأغنياء أوجبه الله ورسوله- صلى الله عليه وسلم- رحمةً ورفقًا من هؤلاء بأولئك، وأحسب أنَّ من أقرب الصور لذلك ما يفعله بعض الشباب من الغرق في الديون من أجل الزواج مع أنَّهم في وضعٍ يستحقون به الزكاة، كما أفتى بذلك كثيرٌ من أهل العلم.
الوصية الثالثة عشرة: دراسة الجدوى قبل الوقوع بالبلوى، لمجرد أنَّ فلانًا من الناس نجح في مشروع تجاري تجد آخرين يجمعون الأموال من هنا وهناك ثُمَّ يتسابقون للقيام بنفس المشروع، وغالبًا ما تكون عاقبتهم الخسارة، ومن ثمَّ غرقهم في الديون.
ولا شك أنَّ التوفيق بيد الله إلَّا أنَّ عدم دراستهم للجدوى الاقتصادية سببٌ من أسباب فشلهم؛ فينبغي النظر إلى: حاجة الناس، وعدد المنافسين في السوق، ومناسبة الموقع، ومجموع التكاليف الشهرية... وهكذا أمَّا أنْ يستقرض المرء ويتورَّط فهذا مما لا يفعله عاقل ولا يقول به من الأكياس قائل.
الوصية الرابعة عشرة: ليكن تسديدُ الديون همَّك الأول، إنَّ مما يساعد على تقليل الديون بل القضاء عليها التخطيط لسدادها والجدولة الشهرية لذلك، والقاعدة في هذا: "سدِّد الديون بالتقسيط ولا تستقلل المدفوع"، وفي ذلك فوائد منها: ستحافظ على ما يتوفَّر بين يديك من مال لسداد الديون، ثم إنَّك- إنْ شاء الله- ستنتهي من الديون في أقرب فرصة، ويذهب عنك همها وغمها، ومتى كان سداد الديون همك الأول استغنيت عن الكماليات والترف الزائف أو أقللت منه، وفي كلٍّ خير.
ويجب أنْ تشارك الزوجة زوجها في الضراء كما أنَّها تشاركه في السراء، ولذا فإنَّه ينبغي على الزوج أنْ يُخبرها بوضعه المالي وظروفه العصبية، والزوجة العاقلة ستدرك أنَّ عليها أنْ تقوم بترشيد المصروفات، وتقليل الإنفاق والبذخ؛ مراعاةً لظروف زوجها، ولو استدعى الأمر إبلاغ الأبناء الكبار بذلك فلا بأس لتجتمع الأسرة جميعًا في الخروج من هذا الحرج العظيم.

مستر محمد سلام
06-07-2013, 07:41 PM
شكرا استاذ فكري لتلك المقالة م