abomokhtar
15-07-2013, 12:23 AM
ذكر مبادئ علم التجويد
تحفة العصر في تجويد رواية حفص عن عاصم الكوفي
ينبغي لكل من شرع في فن التجويد أن يعرف مبادئه العشرة ليكون على بصيرة في الشروع فيه. وحيث إن رسالتنا هذه خاصة بعلم التجويد، فينبغي أن نتكلم عن تلك المبادئ العشرة الخاصة به ليكون الطالب على علم بها فنقول وبالله التوفيق:
الأول: حده: التجويد مصدر جود تجويدًا - وهو في اللغة: التحسين. يقال: جود الرجل الشيء إذا أتى به جيدًا - ويقال لقارئ القرآن الكريم المحسن لتلاوته: "مجودًا" إذا أتى بالقراءة مجودة الألفاظ بريئة من الجور والتحريف حال النطق بها.
وفي الاصطلاح: إخراج كل حرف من مخرجه وإعطاؤه حقه ومستحقه من الصفات، فحق الحرف من الصفات - أي الصفات اللازمة الثابتة التي لا تنفك عنه بحال كالجهر والشدة والاستعلاء والاستفال والإطباق والقلقة إلى غير ذلك.
ومستحقة - أي من الصفات العارضة التي تعرض له في بعض الأحوال وتنفك عنه في البعض الآخر لسبب من الأسباب كالترقيق والتفخيم فإن الأول ناشئ عن صفة الاستفال والثاني ناشئ عن صفة الاستعلاء وكالإظهار والادغام والقلب والإخفاء والمد والقصر إلى غير ذلك مما سيأتي مفصلًا في موضعه إن شاء الله تعالى.
الثاني: موضوعه: هو الكلمات القرآنية من حيث إعطاء حروفها حقها ومستحقها كما مر من غير تكلف ولا تعسف في النطق مما يخرج بها عن القواعد المجمع عليها -وزاد بعض أئمتنا الحديث الشريف - إذ يرى تطبيق قواعد التجويد في قراءته[1]. والجمهور على أن موضوع التجويد القرآن الكريم فقط.
الثالث: ثمرته: هو صون اللسان عن اللحن في لفظ القرآن الكريم[2] حال الأداء وكذلك الحديث الشريف عند من رأى ذلك وقد تقدم ما عليه الجمهور في هذا الشأن:
الرابع: فضله: هو من أشرف العلوم وأفضلها لتعلقه بكلام الله تعالى.
الخامس: نسبته من العلوم: هو أحد العلوم الشرعية المتعلقة بالقرآن الكريم.
السادس: واضعه: أما الواضع له من الناحية العملية فهو سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنه نزل عليه القرآن من عند الله تعالى مجودًا وتلقاه صلوات الله وسلامه عليه من الأمين جبريل عليه السلام كذلك وتلقته منه الصحابة وسمعته من فيه الشريف كذلك وتلقاه من الصحابة التابعون كذلك وهكذا إلى أن وصل إلينا عن طريق شيوخنا متواترًا ولا ينكر هذا إلا مكابر أو معاند.
وأما الواضع له من ناحية قواعده فقيل أبو الأسود الدؤلي وقيل أبو القاسم عبيد بن سلام، وقيل الخليل بن أحمد الفراهيدي، وقيل غير هؤلاء من أئمة القراءة.
السابع: اسمه: هو علم التجويد.
الثامن: استمداده: جاء في كيفية قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم من كيفية قراءة الصحابة من بعده والتابعين وأتباعهم إلى أن وصل إلينا بالتواتر عن طريق شيوخنا.
التاسع: حكم الشارع فيه: هو الوجوب العيني على كل مكلف من مسلم ومسلمة يحفظان القرآن كله أو بعضه ولو سورة واحدة لثبوت ذلك بالكتاب والسنة وإجماع الأمة[3].
أما الكتاب فقوله تعالى: ﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾ [المزمل: 4]، أي: اتله على تؤده وطمأنينة وخشوع وتدبر مع مراعاة قواعد التجويد من مد المدود وقصر المقصور وإظهار المظهر وإدغام المدغم وإخفاء المخفي إلى غير ذلك مما سيأتي بيانه في مواضعه. وقد أخبر غير واحد من أئمتنا أنه صح عن سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال في قوله تعالى: ﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾ [المزمل: 4]، فقال: الترتيل هو تجويد الحروف ومعرفة الوقوف[4] وإذا تأملنا في الآية الكريمة نجد أن الله تبارك وتعالى لم يقتصر على الأمر بالفعل في قوله تعالى: ﴿ وَرَتِّلِ ﴾ بل أكده بمصدر مؤكد للأمر وهو قوله سبحانه ﴿ تَرْتِيلًا ﴾ وهذا مما يفيد الاهتمام بشأنه والترغيب في ثوابه والعمل به، وما الأمر بالترتيل هنا إلا لأن الترتيل صفة تكلم الله بالقرآن كما قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا ﴾ [الفرقان: 32] وناهيك بهذا شرفًا وجلالا.
وأما السنة فكثيرة منها ما أخرجه الحافظ السيوطي في الدر المنثور من حديث موسى بن يزيد الكندي رضي الله عنه قال: كان ابن مسعود رضي الله عنه يقرئ رجلًا فقرأ الرجل: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ﴾ [التوبة: 60] مرسلة، فقال ابن مسعود: ما هكذا اقرأنيها النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: وكيف أقرأكها؟ قال: أقرأنيها ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ﴾ [التوبة: 60] [5] فمدها فابن مسعود أنكر على الرجل أن يقرأ "الفقراء" من غير مد ولم يرخص له في تركه مع أن فعله وتركه سواء في عدم التأثير على دلالة الكلمة ومعناها ولكن لأن القراءة سنة متبعة يأخذها الآخر عن الأول، أنكر ابن مسعود رضي الله عنه على الرجل أن يقرأ بغير قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي قرأ بها أصحابه رضي الله عنهم جميعًا فدل ذلك على وجوب تعلم التجويد واتباع أحكامه عند التلاوة لدلالة مثل هذا النص بالجزء على الكل، وسيأتي لهذا الحديث مزيد تفصيل في باب المد والقصر من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
وأما إجماع الأمة، فقد قال العلامة الشيخ محمد مكي نصر في نهاية القول المفيد ص9 ما نصه: فقد أجمعت الأمة المعصومة من الخطأ على وجوب التجويد من زمن النبي صلى الله عليه وسلم إلى زمننا ولم يختلف فيه عن أحد منهم وهذا من أقوى الحجج وقد ذكر الشيخ أبو العز القلانسي في ذلك شعرًا فقال[6]:
يا سائلًا تجويد ذا القرآن http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فخذ هديت إلى الإتقان http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
تجويده فرض كما الصلاة http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
جاءت به الأخبار والآيات http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وجاحد التجويد فهو كافر http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فدع هواه إنه لخاسر http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وغير جاحد الوجوب حكمه http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
معذب وبعد ذاك إنه http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
يؤتى به لروضة الجنات http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
كغيره من سائر العصاة http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
إذ الصلاة منهم لا تقبل http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ولعنة المولى عليهم تنزل http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لأنهم كتاب ربي حرفوا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وعن طريق الحق زاغوا فانتفوا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وقال بعض شراح الجزرية في قوله من لم يجود القرآن آثم أي معاقب على ترك التجويد كذب على الله ورسوله داخل في خبر قوله تعالى: ﴿ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ ﴾ [الزمر: 60]، وقوله عليه الصلاة والسلام: «من كذب علي عامدًا أو متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار». والأحاديث في ذل كثيرة مشهورة لا تحتملها هذه الرسالة، ومن أراد الإكثار من ذلك فليراجع شروح الجزرية وغيرها من كتب هذا الفن.
العاشر: مسائله: وهي قواعده كقولنا: كل نون ساكنة وقع بعدها حرف من حروف الحلق يجب إظهارها ويسمى إظهارًا حلقيًا وكل مد وقع بعد ساكن أصلي ومصلا ووقفًا يمد مدًا مشبعًا ويسمى مد لازمًا وهكذا. وقد أشار إلى ما قدمناه في هذا الفصل الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية بقوله:
والأخذ بالتجويد حتم لازم http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
من لم يجود القرآن آثم http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لأنه به الإله أنزلا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وهكذا منه إلينا وصلا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وهو أيضًا حلية التلاوة http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وزينة الأداء والقراءة[7] http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وهو إعطاء الحروف حقها http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
من صفةٍ لها ومستحقها http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ورد كل واحدٍ لأصله http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
واللفظ في نظيره كمثله[8] http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الماهر بالقرآن مع السفرة البررة » رواه البخاري.
[1] انظر نهاية القول المفيد ص13.
[2] سيأتي الكلام على اللحن في فصل خاص قريباً إن شاء الله تعالى.
[3] اعلم أن تجويد القرآن الكريم واجب وجوباً شرعياً يثاب القارئ على فعله ويعاقب على تركه. فرض عين على كل من يريد تلاوة القرآن لأنه نزل على نبينا مجوداً ووصل إلينا كذلك بالتواتر فأخذ القراءة من المصحف بدون تلق من أفواه المشايخ المتقنين لا يجوز.
[4]وأفتى الشيخ عامر عثمان شيخ المقارئ المصرية سابقاً ما نصه: تجويد القرآن حتم واجب. إن لم تجود فأنت مذنب. لأن ربنا كلف الإنسان به فقال: ﴿ورتل القرآن﴾.
[5]الحديث رواه سعيد بن منصور في سننه وهو صحيح قال ابن الجزري في النشر هذا حديث جليل وجه نص في هذا الباب رجال إسناده ثقات رواه الطبراني في معجمه الكبير.
[6]نهاية القول المفيد ص9، 10.
[7]الفرق بين التلاوة والأداء والقراءة هو أن التلاوة قراءة القرآن متتابعة كالأوراد، والأداء هو الأخذ عن الشيوخ، والقراءة أعم منها. والحاصل أن التجويد زينة لكل من التلاوة والأداء والقراءة.
[8]أي ومن التجويد أيضاً أن ترج كل حرف من الحروف إلى أصله أي مخرجه وحيزه وأن تلفظ في ذلك الحرف كلفظك بنظيره من غير زيادة ولا نقص بمعنى أنك إذا لفظت بحرف مفخم أو مرقق أو مشدد أو ممدود أو مقصور وجاء له نظير فخم الثني كتفخيم الأول ورقق الثاني كترقيق الأول وشدد الثاني كتشديد الأول وهكذا دواليك. أهـ.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Sharia/1061/57307/#ixzz2Z3rDyq7u
تحفة العصر في تجويد رواية حفص عن عاصم الكوفي
ينبغي لكل من شرع في فن التجويد أن يعرف مبادئه العشرة ليكون على بصيرة في الشروع فيه. وحيث إن رسالتنا هذه خاصة بعلم التجويد، فينبغي أن نتكلم عن تلك المبادئ العشرة الخاصة به ليكون الطالب على علم بها فنقول وبالله التوفيق:
الأول: حده: التجويد مصدر جود تجويدًا - وهو في اللغة: التحسين. يقال: جود الرجل الشيء إذا أتى به جيدًا - ويقال لقارئ القرآن الكريم المحسن لتلاوته: "مجودًا" إذا أتى بالقراءة مجودة الألفاظ بريئة من الجور والتحريف حال النطق بها.
وفي الاصطلاح: إخراج كل حرف من مخرجه وإعطاؤه حقه ومستحقه من الصفات، فحق الحرف من الصفات - أي الصفات اللازمة الثابتة التي لا تنفك عنه بحال كالجهر والشدة والاستعلاء والاستفال والإطباق والقلقة إلى غير ذلك.
ومستحقة - أي من الصفات العارضة التي تعرض له في بعض الأحوال وتنفك عنه في البعض الآخر لسبب من الأسباب كالترقيق والتفخيم فإن الأول ناشئ عن صفة الاستفال والثاني ناشئ عن صفة الاستعلاء وكالإظهار والادغام والقلب والإخفاء والمد والقصر إلى غير ذلك مما سيأتي مفصلًا في موضعه إن شاء الله تعالى.
الثاني: موضوعه: هو الكلمات القرآنية من حيث إعطاء حروفها حقها ومستحقها كما مر من غير تكلف ولا تعسف في النطق مما يخرج بها عن القواعد المجمع عليها -وزاد بعض أئمتنا الحديث الشريف - إذ يرى تطبيق قواعد التجويد في قراءته[1]. والجمهور على أن موضوع التجويد القرآن الكريم فقط.
الثالث: ثمرته: هو صون اللسان عن اللحن في لفظ القرآن الكريم[2] حال الأداء وكذلك الحديث الشريف عند من رأى ذلك وقد تقدم ما عليه الجمهور في هذا الشأن:
الرابع: فضله: هو من أشرف العلوم وأفضلها لتعلقه بكلام الله تعالى.
الخامس: نسبته من العلوم: هو أحد العلوم الشرعية المتعلقة بالقرآن الكريم.
السادس: واضعه: أما الواضع له من الناحية العملية فهو سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنه نزل عليه القرآن من عند الله تعالى مجودًا وتلقاه صلوات الله وسلامه عليه من الأمين جبريل عليه السلام كذلك وتلقته منه الصحابة وسمعته من فيه الشريف كذلك وتلقاه من الصحابة التابعون كذلك وهكذا إلى أن وصل إلينا عن طريق شيوخنا متواترًا ولا ينكر هذا إلا مكابر أو معاند.
وأما الواضع له من ناحية قواعده فقيل أبو الأسود الدؤلي وقيل أبو القاسم عبيد بن سلام، وقيل الخليل بن أحمد الفراهيدي، وقيل غير هؤلاء من أئمة القراءة.
السابع: اسمه: هو علم التجويد.
الثامن: استمداده: جاء في كيفية قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم من كيفية قراءة الصحابة من بعده والتابعين وأتباعهم إلى أن وصل إلينا بالتواتر عن طريق شيوخنا.
التاسع: حكم الشارع فيه: هو الوجوب العيني على كل مكلف من مسلم ومسلمة يحفظان القرآن كله أو بعضه ولو سورة واحدة لثبوت ذلك بالكتاب والسنة وإجماع الأمة[3].
أما الكتاب فقوله تعالى: ﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾ [المزمل: 4]، أي: اتله على تؤده وطمأنينة وخشوع وتدبر مع مراعاة قواعد التجويد من مد المدود وقصر المقصور وإظهار المظهر وإدغام المدغم وإخفاء المخفي إلى غير ذلك مما سيأتي بيانه في مواضعه. وقد أخبر غير واحد من أئمتنا أنه صح عن سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال في قوله تعالى: ﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾ [المزمل: 4]، فقال: الترتيل هو تجويد الحروف ومعرفة الوقوف[4] وإذا تأملنا في الآية الكريمة نجد أن الله تبارك وتعالى لم يقتصر على الأمر بالفعل في قوله تعالى: ﴿ وَرَتِّلِ ﴾ بل أكده بمصدر مؤكد للأمر وهو قوله سبحانه ﴿ تَرْتِيلًا ﴾ وهذا مما يفيد الاهتمام بشأنه والترغيب في ثوابه والعمل به، وما الأمر بالترتيل هنا إلا لأن الترتيل صفة تكلم الله بالقرآن كما قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا ﴾ [الفرقان: 32] وناهيك بهذا شرفًا وجلالا.
وأما السنة فكثيرة منها ما أخرجه الحافظ السيوطي في الدر المنثور من حديث موسى بن يزيد الكندي رضي الله عنه قال: كان ابن مسعود رضي الله عنه يقرئ رجلًا فقرأ الرجل: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ﴾ [التوبة: 60] مرسلة، فقال ابن مسعود: ما هكذا اقرأنيها النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: وكيف أقرأكها؟ قال: أقرأنيها ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ﴾ [التوبة: 60] [5] فمدها فابن مسعود أنكر على الرجل أن يقرأ "الفقراء" من غير مد ولم يرخص له في تركه مع أن فعله وتركه سواء في عدم التأثير على دلالة الكلمة ومعناها ولكن لأن القراءة سنة متبعة يأخذها الآخر عن الأول، أنكر ابن مسعود رضي الله عنه على الرجل أن يقرأ بغير قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي قرأ بها أصحابه رضي الله عنهم جميعًا فدل ذلك على وجوب تعلم التجويد واتباع أحكامه عند التلاوة لدلالة مثل هذا النص بالجزء على الكل، وسيأتي لهذا الحديث مزيد تفصيل في باب المد والقصر من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
وأما إجماع الأمة، فقد قال العلامة الشيخ محمد مكي نصر في نهاية القول المفيد ص9 ما نصه: فقد أجمعت الأمة المعصومة من الخطأ على وجوب التجويد من زمن النبي صلى الله عليه وسلم إلى زمننا ولم يختلف فيه عن أحد منهم وهذا من أقوى الحجج وقد ذكر الشيخ أبو العز القلانسي في ذلك شعرًا فقال[6]:
يا سائلًا تجويد ذا القرآن http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فخذ هديت إلى الإتقان http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
تجويده فرض كما الصلاة http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
جاءت به الأخبار والآيات http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وجاحد التجويد فهو كافر http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فدع هواه إنه لخاسر http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وغير جاحد الوجوب حكمه http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
معذب وبعد ذاك إنه http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
يؤتى به لروضة الجنات http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
كغيره من سائر العصاة http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
إذ الصلاة منهم لا تقبل http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ولعنة المولى عليهم تنزل http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لأنهم كتاب ربي حرفوا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وعن طريق الحق زاغوا فانتفوا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وقال بعض شراح الجزرية في قوله من لم يجود القرآن آثم أي معاقب على ترك التجويد كذب على الله ورسوله داخل في خبر قوله تعالى: ﴿ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ ﴾ [الزمر: 60]، وقوله عليه الصلاة والسلام: «من كذب علي عامدًا أو متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار». والأحاديث في ذل كثيرة مشهورة لا تحتملها هذه الرسالة، ومن أراد الإكثار من ذلك فليراجع شروح الجزرية وغيرها من كتب هذا الفن.
العاشر: مسائله: وهي قواعده كقولنا: كل نون ساكنة وقع بعدها حرف من حروف الحلق يجب إظهارها ويسمى إظهارًا حلقيًا وكل مد وقع بعد ساكن أصلي ومصلا ووقفًا يمد مدًا مشبعًا ويسمى مد لازمًا وهكذا. وقد أشار إلى ما قدمناه في هذا الفصل الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية بقوله:
والأخذ بالتجويد حتم لازم http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
من لم يجود القرآن آثم http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لأنه به الإله أنزلا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وهكذا منه إلينا وصلا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وهو أيضًا حلية التلاوة http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وزينة الأداء والقراءة[7] http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وهو إعطاء الحروف حقها http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
من صفةٍ لها ومستحقها http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ورد كل واحدٍ لأصله http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
واللفظ في نظيره كمثله[8] http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الماهر بالقرآن مع السفرة البررة » رواه البخاري.
[1] انظر نهاية القول المفيد ص13.
[2] سيأتي الكلام على اللحن في فصل خاص قريباً إن شاء الله تعالى.
[3] اعلم أن تجويد القرآن الكريم واجب وجوباً شرعياً يثاب القارئ على فعله ويعاقب على تركه. فرض عين على كل من يريد تلاوة القرآن لأنه نزل على نبينا مجوداً ووصل إلينا كذلك بالتواتر فأخذ القراءة من المصحف بدون تلق من أفواه المشايخ المتقنين لا يجوز.
[4]وأفتى الشيخ عامر عثمان شيخ المقارئ المصرية سابقاً ما نصه: تجويد القرآن حتم واجب. إن لم تجود فأنت مذنب. لأن ربنا كلف الإنسان به فقال: ﴿ورتل القرآن﴾.
[5]الحديث رواه سعيد بن منصور في سننه وهو صحيح قال ابن الجزري في النشر هذا حديث جليل وجه نص في هذا الباب رجال إسناده ثقات رواه الطبراني في معجمه الكبير.
[6]نهاية القول المفيد ص9، 10.
[7]الفرق بين التلاوة والأداء والقراءة هو أن التلاوة قراءة القرآن متتابعة كالأوراد، والأداء هو الأخذ عن الشيوخ، والقراءة أعم منها. والحاصل أن التجويد زينة لكل من التلاوة والأداء والقراءة.
[8]أي ومن التجويد أيضاً أن ترج كل حرف من الحروف إلى أصله أي مخرجه وحيزه وأن تلفظ في ذلك الحرف كلفظك بنظيره من غير زيادة ولا نقص بمعنى أنك إذا لفظت بحرف مفخم أو مرقق أو مشدد أو ممدود أو مقصور وجاء له نظير فخم الثني كتفخيم الأول ورقق الثاني كترقيق الأول وشدد الثاني كتشديد الأول وهكذا دواليك. أهـ.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Sharia/1061/57307/#ixzz2Z3rDyq7u