مشاهدة النسخة كاملة : سقوط غرناطة


abomokhtar
20-07-2013, 01:17 PM
كان م*** موسى بن أبي غسان وتسليم أبو عبد الله محمد الثاني عشر غرناطة إيذانًا بانتهاء عصر الدولة الإسلامية في غرناطة.أعطى أبو عبد الله محمد الثاني عشر أو محمد الصغير الموافقة بالتسليم للملكين فرناندو الخامس وإيزابيلا، ولم ينسَ أن يرسل إليهما بعضًا من الهدايا الخاصة[1] (http://islamstory.com/ar/%D8%B3%D9%82%D9%88%D8%B7-%D8%BA%D8%B1%D9%86%D8%A7%D8%B7%D8%A9#_ftn1)، وبعد التسليم بأيام يدخل الملكان في خيلاء قصر الحمراء الكبير ومعهما الرهبان، وفي أول عمل رسمي يقومون بتعليق صليب فضي كبير فوق برج القصر الأعلى، ويُعلن من فوق هذا البرج أن غرناطة أصبحت تابعة للملكين الكاثوليكيين[2] (http://islamstory.com/ar/%D8%B3%D9%82%D9%88%D8%B7-%D8%BA%D8%B1%D9%86%D8%A7%D8%B7%D8%A9#_ftn2)، وأن حكم المسلمين قد انتهى من بلاد الأندلس (http://www.islamstory.com/%D9%82%D8%B5%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%86%D8%AF%D9%84%D8%B3/).[3] (http://islamstory.com/ar/%D8%B3%D9%82%D9%88%D8%B7-%D8%BA%D8%B1%D9%86%D8%A7%D8%B7%D8%A9#_ftn3)
خروج آخر ملوك المسلمين من الأندلس
وفي نكسة كبيرة وفي ظلِّ الذل والصغار يخرج أبو عبد الله محمد بن الأحمر الصغير آخر ملوك المسلمين في غرناطة من القصر الملكي، ويسير بعيدًا في اتجاه بلدة أندرش[4] (http://islamstory.com/ar/%D8%B3%D9%82%D9%88%D8%B7-%D8%BA%D8%B1%D9%86%D8%A7%D8%B7%D8%A9#_ftn4)، حتى وصل إلى ربوة عالية تُطل على قصر الحمراء يتطلع منها إليه، وإلى ذاك المجد الذي قد ولَّى، وبحزن وأسى قد تبدَّى عليه لم يستطع فيه الصغير أن يتمالك نفسه، انطلق يبكي حتى بللت دموعه لحيته، حتى قالت له أمه «عائشة الحرة»: أجل؛ فلتبك كالنساء مُلْكًا لم تستطع أن تدافع عنه كالرجال[5] (http://islamstory.com/ar/%D8%B3%D9%82%D9%88%D8%B7-%D8%BA%D8%B1%D9%86%D8%A7%D8%B7%D8%A9#_ftn5).
وإلى هذه اللحظة ما زال هذا التل -الذي وقف عليه أبو عبد الله محمد الصغير- موجودًا في إسبانيا، وما زال الناس يذهبون إليه، يتأمَّلون موضع هذا المَلِك الذي أضاع مُلكًا أسسه الأجداد، ويُعرف (هذا التل) بـ زفرة العربي الأخيرة، وهو بكاء أبي عبد الله محمد الصغير حين ترك ملكه[6] (http://islamstory.com/ar/%D8%B3%D9%82%D9%88%D8%B7-%D8%BA%D8%B1%D9%86%D8%A7%D8%B7%D8%A9#_ftn6).
وقد تم ذلك في الثاني من شهر ربيع الأول، سنة 897هـ= 2 من يناير سنة 1492م[7] (http://islamstory.com/ar/%D8%B3%D9%82%D9%88%D8%B7-%D8%BA%D8%B1%D9%86%D8%A7%D8%B7%D8%A9#_ftn7).
وقد هاجر بعدها أبو عبد الله محمد الصغير إلى بلاد المغرب (http://www.islamstory.com/%D9%82%D8%B5%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84% D8%A7%D9%85_%D9%81%D9%8A_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA% D8%B1%D8%A8)، ويذكر المقري أنه استقر بفاس، وبنى بها قصورًا على طراز الأندلس، وأن المقري نفسه قد تجوَّل في هذه القصور، ورأى ذريته في فاس سنة (1027م) يأخذون من أوقاف الفقراء والمساكين، ويعدون من جملة الشحاذين[8] (http://islamstory.com/ar/%D8%B3%D9%82%D9%88%D8%B7-%D8%BA%D8%B1%D9%86%D8%A7%D8%B7%D8%A9#_ftn8).
فلعنة الله على هذا الذُلِّ! ولعنة الله على هذا التَرْك للجهاد! اللذَيْن يوصلان إلى هذا المثوى وتلك المنزلة.
وما كان من أمر، فقد اندثرت حضارة ما عرفت أوربا مثلها من قبل؛ إنها حضارة الدنيا والدين، وقد انطوت صفحة عريضة خسر العالم أجمع بسببها الكثير والكثير، وقد ارتفع علم النصرانية فوق صرح الإسلام المغلوب، وأفل وإلى الآن نجم دولة الإسلام في بلاد الأندلس.
وليت شعري، أين موسى بن نصير (http://www.islamstory.com/%D9%85%D9%88%D8%B3%D9%89-%D8%A8%D9%86-%D9%86%D8%B5%D9%8A%D8%B1-%D9%88%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B1-%D9%81%D8%AA%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AF%D9%84%D8%B3)؟!
أين طارق بن زياد (http://www.islamstory.com/%D8%B7%D8%A7%D8%B1%D9%82-%D8%A8%D9%86-%D8%B2%D9%8A%D8%A7%D8%AF-%D9%81%D8%A7%D8%AA%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AF%D9%84%D8%B3)؟!
أين عبد الرحمن الداخل (http://www.islamstory.com/%D8%B9%D8%A8%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AD%D9%85% D9%86_%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%A7%D8%AE%D9%84_%D8%B5% D9%82%D8%B1_%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%B4) وعبد الرحمن الناصر (http://www.islamstory.com/%D8%B9%D8%A8%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AD%D9%85% D9%86_%D8%A8%D9%86_%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF_%D8%A7 %D9%84%D9%86%D8%A7%D8%B5%D8%B1_%D9%84%D8%AF%D9%8A% D9%86_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87)؟!
أين المنصور بن أبي عامر (http://www.islamstory.com/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%B5%D9%88%D8%B1_%D9%85% D8%AD%D9%85%D8%AF_%D8%A8%D9%86_%D8%A3%D8%A8%D9%8A_ %D8%B9%D8%A7%D9%85%D8%B1)؟!
أين يوسف بن تاشفين (http://www.islamstory.com/%D9%8A%D9%88%D8%B3%D9%81-%D8%A8%D9%86-%D8%AA%D8%A7%D8%B4%D9%81%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D8%B3%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B7%D9%8A%D 9%86)؟!
أين أبو بكر بن عمر اللمتوني (http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?id=4328)؟!
أين يعقوب المنصور الموحدي (http://www.islamstory.com/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%B5%D9%88%D8%B1_%D8%A7% D9%84%D9%85%D9%88%D8%AD%D8%AF%D9%8A)؟!
أين يعقوب المنصور المريني (http://www.islammemo.cc/zakera/methl-haza-elyawm/2008/01/23/58593.html)؟!
أين كل هؤلاء؟!
غابوا وانقطعت آثارهم وإمداداتهم، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله!
أسباب سقوط غرناطة
كانت عوامل انحدار وسقوط وضياع الأمم قد تشابهت إلى حدٍّ كبير في كل فترات الضعف في تاريخ الأندلس، وهذه العوامل نفسها قد زادت وبشدَّة في فترة غرناطة؛ ولذلك كان السقوط كاملاً وحاسمًا؛ وكان من هذه العوامل ما يلي:
حب الدنيا والإغراق في الترف
كان الإغراق في الترف، والركون إلى الدنيا وملذاتها وشهواتها، والخنوع والدعة والميوعة، هي أولى العوامل التي أدَّت إلى تلك النهاية المؤلمة، وقد ارتبطت كثيرًا فترات الهبوط والسقوط بكثرة الأموال والانغماس في الملذات، والميوعة الشديدة في شباب الأمة، والانحطاط الكبير في الأهداف؛ قال تعالى: {وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ (11) فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ (12) لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 11- 13].
وهكذا يا أهل غرناطة، أين ستذهبون؟ وإلى أين ستركضون؟ ارجعوا إلى قصر الحمراء، وارجعوا إلى مساكنكم وما أترفتم فيه، وسلموا هذه البلاد إلى النصارى، وتذوقوا الذُلَّ كما لم تعملوا للعزة وللكرامة!
ترك الجهاد في سبيل الله
وهو أمر ملازم لمن أُغرق في الترف؛ فالجهاد سنة ماضية إلى يوم القيامة، وقد شرعه الله ليعيش المسلمون في عزَّة ويموتون في عزَّة، ثم يدخلون بعد ذلك الجنة ويُخلَّدون فيها.
وإن الناظر إلى عهد الأندلس ليتساءل: أين أولئك الذين كانوا يجاهدون في حياتهم مرة أو مرتين كل عام، وبصفة مستمرة ودائمة؟! أين يوسف بن تاشفين، وأين أبو بكر بن عمر اللمتوني؟ وأين الحاجب المنصور؟ وأين عبد الرحمن الناصر وغيرهم؟
وإنها لعبرة وعظة حين ننظر إلى ملوك غرناطة، ومَنْ كان على شاكلتهم حين ذُلُّوا وأُهينو لَمَّا تركوا الجهاد في سبيل الله؛ يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38) إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التوبة: 38- 39].
وقد يظن البعض أنه يجب على الملتزمين بالمنهج الإسلامي أن يضحوا بأرواحهم، ويظلوا يعيشون حياة الضنك والتعب والألم في الدنيا؛ وذلك حتى يصلوا إلى الآخرة، وإن حقيقة الأمر على عكس ذلك تمامًا؛ إذ لو عاش المسلمون الملتزمون بمنهج الإسلام على الجهاد لعاشوا في عزة ومجد، وفي سلطان ومُلك من الدنيا عريض، ثم لهم في الآخرة الجنة خالدين فيها بإذن الله.
الإسراف في المعاصي
يتبع العاملَيْن السابقين عامل الإسراف في المعاصي؛ فجيش المسلمين لا يُنصَر بالقوة ولا بالعدد والسلاح، لكنه يُنصر بالتقوى.
فإذا بعُد المسلمون عن دين ربهم، وإذا هجروا نهج رسولهم http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg كُتب عليهم الهلكة والذلّة والصغار، يقول رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg: «إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ؛ فَإِنَّهُنَّ يَجْتَمِعْنَ عَلَى الرَّجُلِ حَتَّى يُهْلِكْنَهُ»[9] (http://islamstory.com/ar/%D8%B3%D9%82%D9%88%D8%B7-%D8%BA%D8%B1%D9%86%D8%A7%D8%B7%D8%A9#_ftn9).
وإذا كان هذا حال محقّرات الذنوب، تلك التي يستحقرها العبد من فرط هوانها، فلا تزال تجتمع عليه حتى تهلكه، فما البال وما الخطب بكبائر الذنوب من ترك الصلاة، والزنا، والتعامل بالربا، وشرب الخمور، والسب واللعن، وأكل المال الحرام، فأي نصر يُرجى ويُتَوقّع بعد هذا؟!
كانت هذه هي أهم عوامل السقوط في دولة الأندلس، وهناك غيرها الكثير مثل:
- الفرقة والتشرذم
- موالاة النصارى واليهود والمشركين
وقد قال تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [البقرة: 120].
وقال سبحانه: {لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ} [التوبة: 10].
وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 51]. وآيات غيرها كثير.
توسيد الأمر لغير أهله
وكان ذلك واضحًا جدًّا خاصة في ولاية هشام بن الحكم، وولاية الناصر بعد أبيه يعقوب المنصور الموحدي، وأيضًا ولاية جميع أبناء الأحمر في ولاية غرناطة.
الجهل بالدين
وقد وضح جيدًا قيمة العلم والعلماء في زمن عبد الله بن ياسين، وزمن الحَكم بن عبد الرحمن الناصر، وما حدث في عهدهما من قوَّة بعد هذا العلم، ووضح -أيضًا- أثر الجهل في نهاية عهد المرابطين، وفي عهد دولة الموحدين، حيث انتشر الجهل بين الناس، وسادت بينهم آراء ومعتقدات غريبة وعجيبة، كان من ذلك -أيضًا- ما حدث من الجهل بأمر الشورى، وهو أصل من الأصول التي يجب أن يحكم بها المسلمون، وكيف اعتدُّوا بآرائهم، وكيف قبل الناس ذلك منهم؟!
ومثل ما كان من غزو محمد بن الأحمر الأول لإشبيلية، وقد تبعه الناس في ذلك؛ ظنًا منهم أنهم على صواب، وأنهم أصحاب رسالة وفضيلة، وأيُّ جهل بالدين أكثر من هذا؟!
[1] محمد عبد الله عنان: دولة الإسلام في الأندلس، 7/257.
[2] المصدر السابق، 7/260.
[3]
[4] وهي البلدة التي كان قد قرر الإقامة فيها، أو أراد له فرناندو ذلك، انظر: محمد عبد الله عنان: دولة الإسلام في الأندلس، 7/264.
[5] محمد عبد الله عنان: دولة الإسلام في الأندلس، 7/267.
[6] المصدر السابق، 7/267.
[7] نبذة العصر، ص 125، والمقري: نفح الطيب، 4/525، ومحمد عبد الله عنان: دولة الإسلام في الأندلس، 7/258- 267.
[8] المقري: نفح الطيب، 4/529.
[9] أحمد 3818، وقال شعيب الأرناءوط: حسن لغيره. والطبراني: المعجم الكبير 5/449، والبيهقي: شعب الإيمان 7017، وقال الألباني: صحيح. انظر: صحيح الجامع 2687.



د. راغب السرجاني (http://islamstory.com/ar/%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%B1%D8%A7%D8%BA%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B1%D8%AC%D8%A7%D9%86%D9%8A)

abomokhtar
20-07-2013, 01:22 PM
تم سقوط غرناطة في 2 ربيع الأول (http://www.marefa.org/index.php/2_%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%B9_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%8 8%D9%84) عام 897 هـ (http://www.marefa.org/index.php/897_%D9%87%D9%80) ما يوافق 2 يناير (http://www.marefa.org/index.php/2_%D9%8A%D9%86%D8%A7%D9%8A%D8%B1) 1492 (http://www.marefa.org/index.php/1492) بتسليم الملك أبو عبد الله محمد الصغير (http://www.marefa.org/index.php/%D8%A3%D8%A8%D9%88_%D8%B9%D8%A8%D8%AF_%D8%A7%D9%84 %D9%84%D9%87_%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF_%D8%A7%D9%84 %D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%8A_%D8%B9%D8%B4%D8%B1) إياها إلى الملك فرديناند الخامس (http://www.marefa.org/index.php/%D9%81%D8%B1%D8%AF%D9%8A%D9%86%D8%A7%D9%86%D8%AF_% D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D9%85%D8%B3) بعد حصار خانق دام 9 أشهر.
دب الضعف في أوصال دولة الإسلام في الأندلس، وسرى الوهن في أطرافها، وراح العدو القشتالي يتربص بها، وينتظر تلك اللحظة التي ينقضّ فيها على الجسد الواهن، فيمزقه ويقضي عليه، لم تصرفه القرون الطوال عن تحقيق أمله الطامح إلى إزالة الوجود الإسلامي في الأندلس، فلم يكد ينتصف القرن السابع الهجري حتى كانت ولاية الأندلس الشرقية والوسطى في قبضة النصارى القشتاليين، وأصبحت حواضر الأندلس الكبرى أسيرة في قبضتهم؛ حيث سقطت قرطبة (http://www.marefa.org/index.php/%D9%82%D8%B1%D8%B7%D8%A8%D8%A9) وبلنسية (http://www.marefa.org/index.php/%D8%A8%D9%84%D9%86%D8%B3%D9%8A%D8%A9)، وإشبيلية (http://www.marefa.org/index.php/%D8%A5%D8%B4%D8%A8%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%A9)، وبطليوس (http://www.marefa.org/index.php/%D8%A8%D8%B7%D9%84%D9%8A%D9%88%D8%B3)، وهي حواضر كانت تموج علما وثقافة وحضارة.
ولم يبق من دولة الإسلام هناك سوى بضع ولايات صغيرة في الطرف الجنوبي من الأندلس، قامت فيها مملكة صغيرة عُرفت بمملكة غرناطة (http://www.marefa.org/index.php/%D9%85%D9%85%D9%84%D9%83%D8%A9_%D8%BA%D8%B1%D9%86% D8%A7%D8%B7%D8%A9)، شاءت الأقدار لها أن تحمل راية الإسلام أكثر من قرنين من الزمان، وأن تقيم حضارة زاهية وحياة ثقافية رائعة، حتى انقض عليها الملكان المسيحيان: "فرديناند الخامس (http://www.marefa.org/index.php/%D9%81%D8%B1%D8%AF%D9%8A%D9%86%D8%A7%D9%86%D8%AF_% D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D9%85%D8%B3)" و"إيزابيلا"، وحاصرا بقواتهما غرناطة في 12 من جمادى الآخرة 896هـ= 30 أبريل (http://www.marefa.org/index.php/30_%D8%A3%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D9%84) 1491 (http://www.marefa.org/index.php/1491) حصارا شديدا، وأتلفا الزروع المحيطة بالمدينة، وقطعا أي اتصال لها بالخارج، ومنعا أي مدد يمكن أن يأتي لنجدتها من المغرب الأقصى؛ حتى تستسلم المدينة، ويسقط آخر معقل للإسلام في الأندلس.[1] (http://www.marefa.org/index.php/%D8%B3%D9%82%D9%88%D8%B7_%D8%BA%D8%B1%D9%86%D8%A7% D8%B7%D8%A9#cite_note-iol-1)

(http://www.marefa.org/index.php/%D8%B3%D9%82%D9%88%D8%B7_%D8%BA%D8%B1%D9%86%D8%A7% D8%B7%D8%A9#cite_note-iol-1)
غرناطة تلفظ أنفاسها

أهالي غرناطة مروا بمعاناة قاسية خلال اعوام الحصار، وقامت القوات الاسبانية بتحطيم وحرق الحقول المجاورة للمدينة، ما تسبب في مجاعة رهيبة بين سكان غرناطة، ولهذا السبب اكلوا الخيول والكلاب والقطط.[2] (http://www.marefa.org/index.php/%D8%B3%D9%82%D9%88%D8%B7_%D8%BA%D8%B1%D9%86%D8%A7% D8%B7%D8%A9#cite_note-2) لم تكن تملك غرناطة سلاحا أقوى من الشجاعة، ولا أمضى من الصبر في المواجهة والثبات عند اللقاء، فصمدت إلى حين، وظلت المدينة تعاني الحصار زهاء سبعة أشهر، وتغالب نكباته في صبر ويقين، وتواجه الجوع والبلاء بعزيمة لا تلين، وحاول الفرسان المسلمون أن يدفعوا هجمة النصارى الشرسة بكل ما يملكون خارج أسوار المدينة، لكن ذلك لم يغن من الأمر شيئا، فالأحوال تزداد سوءا، والمسلمون تتفاقم محنتهم، وانقطع الأمل في نجدتهم من بلاد المغرب.
فوزع فرديناند وإيزابلا ثلاثين ألف رجل على الحقول التي تمد غرناطة بالغذاء ليكتسحوها. فأتلفت الطواحين ومخازن الغلال ودور الفلاحين والكروم وغياض الزيتون والبرتقال، وحوصرت مالقة ليمنعوها من تلقي المؤن إلى غرناطة أو إرسالها وصمدت مالقة للحصار حتى أكل سكانها كل ما تقع عليه أيديهم من الخيل والكلاب والقطط، وكانوا يموتون بالمئات من الجوع أو المرض. وأرغمها فرديناند على أن تسلم بلا قيد ولا شرط، واستعبد الأثني عشر ألف الذين بقوا من سكانها، ولكنه سمح للأغنياء منهم بأن يفتدوا أنفسهم بتسليم كل ما يملكونه. واستسلم عز زغرل وأصبح إقليم غرناطة بأسره خارج العاصمة في أيدي المسيحيين.
وشيد الملكان الكاثوليكان، فسطاطاً كاملاً لجندهم، حول القلعة المحاصرة وأطلقوا عليها اسم سانتافيه، وانتظروا أن يموت أهلها جوعاً، ليجعلا مفخرة الأندلس تحت رحمتها، وخرج الفرسان المسلمون من غرناطة، يطلبون مبارزة فرسان الأسبان فرداً لفرد، واستجاب هؤلاء بعزم مماثل، بيد أن فرديناند لما رأى أن خير المحاربين من رجاله ي***ون واحداً بعد واحد، على أساس خطة الفروسية هذه، وضع حداً لتلك المبارزة، وقاد أبو عبد الله قواته في هجوم يائس، لكنهم ردوا على أعقابهم وأنفذت الرسائل تطلب العون من سلطان تركيا ومصر، ولم يتلقوا شيئاً، فقد كان العالم الإسلامي منقسماً على نفسه كالعالم المسيحي.
ولم يجد أبو عبد الله بداً من توقيع شروط التسليم التي أسبغت شرفاً نادراً على الفاتحين. ذلك لأنه سمح لأهل غرناطة أن يحتفظوا بمالهم ولغتهم وزيهم ودينهم وشعائرهم، ولهم أن يحتكموا إلى شريعتهم وقضائهم ولا تفرض عليهم ضرائب إلا بعد ثلاث سنوات، وعند ذلك يؤخذ منهم ما كان يجبيه الحكام المسلمون، وكان على المدينة أن تفتح أبوابها لاحتلال الأسبان، وللمسلمين حق الهجرة من المدينة إذا شاءوا، ويجب أن توفر وسائل المواصلات لمن يرغب في العبور إلى إفريقية الإسلامية.
في ظل هذه المحنة القاسية تداعت أصوات بعض القادة إلى ضرورة التسليم؛ حفاظا على الأرواح، وكان "أبو عبد الله محمد (http://www.marefa.org/index.php?title=%D8%A3%D8%A8%D9%88_%D8%B9%D8%A8%D8 %AF_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D9%85%D8%AD%D9%85%D8 %AF&action=edit&redlink=1)" سلطان غرناطة وبعض وزرائه يتزعمون هذه الدعوى، وضاع في زحام تلك الدعوة المتخاذلة كل صوت يستصرخ البطولة والفداء في النفوس، ويعظّم قيمة التضحية والكرامة في القلوب، فاتفق القائمون على غرناطة على اختيار الوزير "أبي القاسم عبد الملك" للقيام بمهمة التفاوض مع الملكين الكاثوليكيين.
وليس ثمة شك في أن هذين الملكين كانا وراء سريان روح التخاذل وإشاعة اليأس في غرناطة، وتهيئة الأوضاع لقبول التسليم، واستخدما في ذلك كل وسائل الإغراء مع السلطان أبي عبد الله وبعض خاصته.
استمرت المفاوضات بضعة أسابيع، وانتهى الفريقان إلى وضع معاهدة للتسليم (http://www.marefa.org/index.php/%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%87%D8%AF%D8%A9_%D8%BA%D8%B1% D9%86%D8%A7%D8%B7%D8%A9_1491)، وافق عليها الملكان في 21 من المحرم 897هـ= 25 نوفمبر (http://www.marefa.org/index.php/25_%D9%86%D9%88%D9%81%D9%85%D8%A8%D8%B1) 1491 (http://www.marefa.org/index.php/1491)، وكانت المفاوضات تجري في سرية خشية ثورة أهالي غرناطة، وحتى تحقق غايتها المرجوة.
ويتعجب المرء حين يعلم أن أبا القاسم بن عبد الملك ومساعده في المفاوضات الوزير "يوسف بن كماشة (http://www.marefa.org/index.php?title=%D9%8A%D9%88%D8%B3%D9%81_%D8%A8%D9 %86_%D9%83%D9%85%D8%A7%D8%B4%D8%A9&action=edit&redlink=1)" كان سلوكهما مريبا، يقدمان المنفعة الشخصية على الصالح العام، فقد كتبا إلى الملكين الكاثوليكيين خطابا يؤكدان فيه إخلاصهما وولاءهما واستعدادهما لخدمتهما حتى تتحقق رغباتهما.
وفي الوقت الذي كانت تجري فيه مفاوضات التسليم، عُقدت معاهدة سرية أخرى، مُنح فيها أبو عبد الله وأفراد أسرته ووزراؤه منحًا خاصة بين ضياع وأموال نقدية.
وما كادت تذاع أنباء الموافقة على تسليم غرناطة حتى عمّ الحزن ربوعها، واكتست الكآبة نفوس الناس، واشتعل الناس غضبا حين تسربت أنباء المعاهدة السرية، وما حققه السلطان وخاصته من مغانم ومكاسب رخيصة، فسرت بين الناس الدعوة إلى الدفاع عن المدينة، وخشي السلطان من تفاقم الأحوال وإفلات الأمر من بين يديه، فاتفق مع ملك قشتالة على تسليم المدينة قبل الموعد المحدد في 2 ربيع الأول (http://www.marefa.org/index.php/2_%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%B9_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%8 8%D9%84) 897هـ (http://www.marefa.org/index.php/897%D9%87%D9%80)= 2 يناير (http://www.marefa.org/index.php/2_%D9%8A%D9%86%D8%A7%D9%8A%D8%B1) 1492م (http://www.marefa.org/index.php/1492).
ومع ذلك فقد احتج أهل غرناطة على استسلام أبى عبد الله. وتهددته الثورة حتى دفع بمفاتيح المدينة إلى فرديناند (2 يناير 1492) وركب مع أقاربه وفرسانه الخمسين، وسط صفوف المسيحيين، إلى إمارته الجبلية الصغيرة التي كان عليه أن يحكمها تابعاً لقشتالة، ومن فوق الصخور الشماء التي عبر عليها ألقى نظرة أخيرة على المدينة الرائعة التي فقدها، ول اتزال هذه القنة تسمى آخر زفرة للعربي El Ulxtimo Sospiro del Moro وأنبته أمه على بكائه قائلة " أبكِ كالنساء ملكاً لم تحافظ عليه كالرجال".
ودخل في الوقت نفسه الجيش الإسباني بالمدينة. ورفع الكاردينال مندوزا صليباً فضياً عظيماً فوق الحمراء، وركع فرديناند وإيزابلا في ساحة المدينة شكراً لله الذي أخرج الإسلام من إسبانيا بعد إحدى وثمانين وسبعمائة سنة.
تسليم المدينة

وفي هذا اليوم استعد الجيش القشتالي لدخول المدينة، وأطلقت المدافع في قصر الحمراء طلقاتها إيذانا بالاستعداد للتسليم، ودخلت القوات المسيحية، واتجهت توا إلى قصر الحمراء، وما إن دخلت القوات حتى رفعت فوق برج القصر الأعلى صليبا فضيًا كبيرًا، وهو الذي كان يحمله الملك "فرديناند" خلال المعارك مع غرناطة.. وأعلن المنادي بصوت قوي من فوق البرج أنّ غرناطة أصبحت تابعة للملكين الكاثوليكيين.
وباستيلاء القشتاليين على غرناطة طُويت آخر صفحة من تاريخ دولة المسلمين في الأندلس، وقُضي على الحضارة الأندلسية الباهرة وآدابها وعلومها وفنونها.
حضارة غرناطة

قامت مملكة غرناطة في الفترة التي ظهرت فيها بالحفاظ على تراث الأندلس، وبإيواء الوافدين إليها من المدن الأخرى، وكان من بينهم العلماء والكتاب والشعراء، وبإثراء الحياة الفكرية بالمؤلفات الجيدة في مختلف العلوم والفنون.
ويأتي في مقدمة من أنجبتهم غرناطة: أبو عبد الله محمد بن جُزى (http://www.marefa.org/index.php?title=%D8%A3%D8%A8%D9%88_%D8%B9%D8%A8%D8 %AF_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D9%85%D8%AD%D9%85%D8 %AF_%D8%A8%D9%86_%D8%AC%D9%8F%D8%B2%D9%89&action=edit&redlink=1) الكاتب الشاعر، ت. 1356م، وابن خاتمة (http://www.marefa.org/index.php?title=%D8%A7%D8%A8%D9%86_%D8%AE%D8%A7%D8 %AA%D9%85%D8%A9&action=edit&redlink=1) الشاعر المعروف المتوفي 1369م، ولسان الدين بن الخطيب (http://www.marefa.org/index.php/%D9%84%D8%B3%D8%A7%D9%86_%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A% D9%86_%D8%A8%D9%86_%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B7%D9%8A% D8%A8) المتوفي سنة 1375م وهو يعد من كبار الأعلام في الثقافة العربية، فهو أديب وطبيب وفيلسوف وشاعر ومؤرخ، من أشهر إنتاجه: الإحاطة في أخبار غرناطة، وكتاب الإشارة إلى أدب الوزارة، واللمحة البدرية في الدولة النصرية.
وأيضا: الوزير ابن زمرك (http://www.marefa.org/index.php/%D8%A7%D8%A8%D9%86_%D8%B2%D9%85%D8%B1%D9%83) المتوفى سنة 797هـ=1395م، تلميذ ابن الخطيب، وكان شاعرا جيدا، وابن الأزرق (http://www.marefa.org/index.php?title=%D8%A7%D8%A8%D9%86_%D8%A7%D9%84%D8 %A3%D8%B2%D8%B1%D9%82&action=edit&redlink=1) المتوفى سنة 895هـ=1490م وكان بارعا في النثر والنظم والتاريخ، وله كتاب قيم في الفكر السياسي بعنوان: بدائع الأندلس في طبائع الملك، والشريف العقيلي (http://www.marefa.org/index.php?title=%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D9% 81_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D9%8A%D9%84%D9%8A&action=edit&redlink=1) وزير السلطان أبي عبد الله محمد آخر ملوك الأندلس، وكان إمام عصره في النثر والنظم، ووُصف بأنه خاتمة أدباء الأندلس.
وكثر في غرناطة إنشاء المدارس ومعاهد العلم، وارتقت الصناعات والفنون، فازدهرت صناعة السفن والأنسجة والورق، والفخار والذهب، وصناعة الحلي، وتطورت صناعة الأسلحة، فظهرت المدافع والبنادق، ويحتفظ متحف مدريد الوطني بنماذج من البنادق التي استعملها المسلمون في دفاعهم عن غرناطة.
أجمل مدينة في العالم

كانت مدينة غرناطة في هذا العصر أجمل مدن العالم بشوارعها النظيفة وميادينها الرائعة وحدائقها الغنّاء، ومبانيها ومرافقها الجميلة، ولا تزال آثارها الباقية تشهد على ما بلغته المدينة من رقي ومدنية.
وقد اشتهرت مساجد غرناطة باستخدام الرخام، وتجميل صحونها بحدائق الفاكهة، وإقامة المآذن منفصلة عن المساجد، وتوجد الآن مئذنتان يرجع إنشاؤهما إلى هذه الفترة الأولى: مئذنة مسجد تحوّل إلى كنيسة، وهي المعروفة باسم كنيسة "سان خوان دي لوس ريس"، والأخرى ببلدة "رندة (http://www.marefa.org/index.php/%D8%B1%D9%86%D8%AF%D8%A9)" التي تحول مسجدها إلى كنيسة باسم "سان سباستيان".
ويعد قصر الحمراء من أعظم الآثار الأندلسية الباقية، بما حواه من بدائع الصنع، والمهارة الفنية الراقية، بالإضافة إلى قصر جنة العريف (http://www.marefa.org/index.php?title=%D9%82%D8%B5%D8%B1_%D8%AC%D9%86%D8 %A9_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D9%8A%D9%81&action=edit&redlink=1)، وهو يقع بالقرب من قصر الحمراء (http://www.marefa.org/index.php/%D9%82%D8%B5%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%B1% D8%A7%D8%A1) ويطلّ عليه، وكان يتخذه ملوك غرناطة متنزها للراحة والاستجمام.

abomokhtar
20-07-2013, 01:25 PM
هذه المقالة متعلقه بأوضاع المسلمين عقب سقوط غرناطة (http://www.marefa.org/index.php/%D8%BA%D8%B1%D9%86%D8%A7%D8%B7%D8%A9) . وفيها نحاول تسليط الضوء على موقف ملوك وأمراء المسلمين ، سواء الذين عاصروا فترة حصار غرناطة ، أو الذين شهدوا سقوطها في ما بعد.
موقف سلاطين بني مرين:

كان مسلمو الأندلس (http://www.marefa.org/index.php/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%86%D8%AF%D9%84%D8%B3) كلما اشتد بهم الأمر استنجدوا بملوك المغرب (http://www.marefa.org/index.php/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%B1%D8%A8) ، لا سيما ملوك بني مرين (http://www.marefa.org/index.php/%D8%A8%D9%86%D9%88_%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%86) الذين ساروا على نهج المرابطين (http://www.marefa.org/index.php/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B7%D9%8A%D 9%86) ، والموحدين (http://www.marefa.org/index.php/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D9%86) الذين كانوا ينهضون للتدخل لحماية الأندلس كلما ضاق الأمر بأهلها .
فالسلطان المريني أبو يوسف المنصور (http://www.marefa.org/index.php?title=%D8%A3%D8%A8%D9%88_%D9%8A%D9%88%D8 %B3%D9%81_%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%B5%D9%88%D8% B1&action=edit&redlink=1) (815 هـ (http://www.marefa.org/index.php/815_%D9%87%D9%80)/1286م (http://www.marefa.org/index.php/1286)) مثلا ، عبر إلى الأندلس أربع مرات لإغاثة أهلها . ووصلت جيوشه إلى طليطلة (http://www.marefa.org/index.php/%D8%B7%D9%84%D9%8A%D8%B7%D9%84%D8%A9) ، وقرطبة (http://www.marefa.org/index.php/%D9%82%D8%B1%D8%B7%D8%A8%D8%A9) . بل إلى مدريد (http://www.marefa.org/index.php/%D9%85%D8%AF%D8%B1%D9%8A%D8%AF) وهي قريبة من آخر معقل وصل إليه الإسلام في الأندلس . فساهم بذلك في إنقاذ غرناطة من الانهيار السريع أمام ضربات ملوك قشتالة (http://www.marefa.org/index.php/%D9%82%D8%B4%D8%AA%D8%A7%D9%84%D8%A9) وأرغون (http://www.marefa.org/index.php/%D8%A3%D8%B1%D8%BA%D9%88%D9%86) .
لكن رغم الجهود التي بذلها بنو مرين (http://www.marefa.org/index.php/%D8%A8%D9%86%D9%88_%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%86) لحماية الأندلس ، فإنهم لم يتمكنوا من تحقيق انتصارات ساحـقة ، كتلك التي حققها المرابطون في معركة الزلاقة (http://www.marefa.org/index.php/%D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%83%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%B2% D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A9) ، والموحدون في معركة الأرك (http://www.marefa.org/index.php/%D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%83%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%A3% D8%B1%D9%83) . والسبب في ذلك يرجع إلى أن المرينيين كانوا يقاتلون بإمكانياتهم الذاتية فقط ، بينما كان المرابطون (http://www.marefa.org/index.php/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B7%D9%88%D 9%86) والموحدون (http://www.marefa.org/index.php/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AD%D8%AF%D9%88%D9%86) يقاتلون بإمكانيات المغرب العربي كله .
ومهما يكن من أمر ، فإن بني مرين ساهموا في دور فعال في حماية الأندلس قبل أن يدخلوا في دوامة من الفوضى والاضطراب ، والحروب الداخلية ضد منافسيهم من جهة ، وضد جيرانهم من جهة ثانية . بالإضافة إلى الأوضاع الاقتصادية المزرية التي كان يمر بها المغرب في هذه الفترة من تاريخه على وجه الخصوص ، والتي حالت دون تمكن المرينين ، أو الوطاسيين (http://www.marefa.org/index.php?title=%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B7%D8%A7%D8% B3%D9%8A%D9%8A%D9%86&action=edit&redlink=1) من إنقاذ الأندلس ، بل جعلتهم عاجزين حتى عن حماية سواحلهم من الاحتلال الإسباني والبرتغالي .
يقول المؤرخ الرحالة المصري عبد الباسط بن خليل الحنفي (http://www.marefa.org/index.php?title=%D8%B9%D8%A8%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8 %A8%D8%A7%D8%B3%D8%B7_%D8%A8%D9%86_%D8%AE%D9%84%D9 %8A%D9%84_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%86%D9%81%D9%8A&action=edit&redlink=1) الذي زار شمال إفريقيا في مطلع القرن السادس عشر (http://www.marefa.org/index.php/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D9%86_%D8%A7%D9%84%D8%B3% D8%A7%D8%AF%D8%B3_%D8%B9%D8%B4%D8%B1) ، وعاين أوضاع المغرب في هذه الفترة :« ...ووقع بفاس (http://www.marefa.org/index.php/%D9%81%D8%A7%D8%B3) وأعمالها خطوب ، وحروب ، وفتن ، وأهوال ، وفساد عظيم ، وخراب بلاد ، وهلاك عباد . وأخذت الفرنج في تلك الفترات عدة مدن من منابر العـدوة . مثل طنجة (http://www.marefa.org/index.php/%D8%B7%D9%86%D8%AC%D8%A9) ، وأصيلا وغير ذلك .. ولا زالت الفتن والشرور قائمة مستصحبة بتلك البلاد مدة سنين ، بل إلى يومنا هذا ...»
ومنذ أن كانت الحواضر الأندلسية تتهاوى أمام ضربات الإسبان ورسائل الاستغاثة تتوالى من أهل الأندلس على ملوك المغرب ، لكن هؤلاء كانوا أعجز من أن يقوموا بتقديم عون جدي لمسلمي الأندلس .
يقول المؤرخ الأندلسي المجهول الذي عاصر مأساة غرناطة :«...إن إخواننا المسلمين من أهل عدوة المغرب بعثنا إليهم ، فلم يأتنا أحد منهم ، ولا عرج على نصرتنا وإغاثتنا ، وعدونا قد بنى علينا وسكن ، وهو يزداد قوة ، ونحن نزداد ضعفا، والمدد يأتيه من بلاده ، ونحن لا مـدد لـنا ...»
موقف السلاطين الحفصيين:

وكما كان أهل الأندلس يستغيثون بملوك المغرب ، فإنهم كانوا يلجئون إلى ملوك بني حفص . خصوصا عندما لا يجدون من ملوك المغرب أذانا صاغية . فمن ذلك أنه عندما سقطت بلنسية ، أرسل أهلها إلى أبي زكريا الحفصي يستمدون منه النجدة والمدد . وجعلوا على رأس بعثتهم شاعرهم ابن الأبَّار القُضاعي الذي ألقى بين يديه قصيدته الشهيرة التي مطلعها :
أدرك بخيلك خيل الله أندلسا إن السبيل إلى منجاتها قد درسا
ولم تكن بلنسية وحدها هي التي بايعت أبا زكريا الحفصي ، وطلبت منه المدد . بل قد بايعه كذلك أهل إشبيلية ، وأهل المريَّـة . إلا أن موقف أبي زكريا الحفصي من استنجاد أهل الأندلس لم يكن يتناسب مع خطورة الوضع . ذلك لأنه لم يكن يملك القوة الكافية التي تمكنه من إنقاذ الأندلس التي كانت ظروفها تقتضي اقتحام الحفصيين للأندلس ، والقضاء على رؤوس الفتنة من ملوك الطوائف . وهو ما لم يكن يقدر عليه أبو زكريا الحفصي . ولذلك اكتفى بإرسال أسطول مشحون بالطعام والسلاح والمال . لكن هذا المدد لم يصل إلى المحصورين في بلنسية . كما أرسل بمدد آخر أثناء حصار إشبيلية ، لكن المدد استولى عليه العدو ، كما استولى على إشبيلية فيما بعد .
وأثناء حصار غرناطة ، أو بعد سقوطها لم نجد فيما رجعنا إليه من المصادر ما يدل على أن أهل الأندلس استغاثوا بأمراء بني حفص . ولعل ذلك راجع إلى أن الدولة الحفصية كانت تعيش أخريات أيامـها ، ولم يكن بمقدور أمرائها أن يقدموا أي جهد جدي لدعم مسلمي الأندلس .
خصوصا إذا علمنا أن سواحل تونس نفسها لم تنج من الاحتلال الإسباني . أضف إلى ذلك أن الجيش الحفصي الذي كان ذات يوم يعتبر من أفضل جيوش شمال إفريقيا ، قد تحلل وأصبح عاجزا عن مقاومة أي عدو . بل فقد سيطرته حتى على الأعراب الذين كانوا يعيثون فسادا في البوادي ، وأطراف المدن ، الأمر الذي جعل الملوك الحفصيين يستعينون بالمرتزقة من الجنود الإيطاليين والإسبان والزنوج وغيرهم .
موقف ملوك الدولة الزيانية:

لم تكن أحداث الأندلس بعيدة عن اهتمامات ملوك بني زيان . ذلك لأن أهل الأندلس كانوا يلجئون إلى الزيانيين مستنجدين بهم عندما تضيق بهم السبل . فمن ذلك أنه عندما ضيق الإسبان الخناق على غرناطة أستصرخ ملكها أبو عبد الله بأبي حمو الزياني ، بقصيدة من نظم الشيخ الفقيه أبي البركات محمد بن أبي إبراهيم البلفيقي مطلعها :
هل من مجيب دعوة المستنجد أم من مجير للغريب المفرد
وبرسالة من إنشاء الوزير لسان ابن الخطيب يذكر فيها أنهم :" ... لم يعانوا منذ أن فتحت الأندلس شـدة ، وضيقا أشدّ مما هم عليه الآن . وذكر بأن ملك النصارى جمع لهم جيوشا من سائر الأمم النصرانية . وأنهم قاموا بإحراق الزروع . والمسلمون ليس لهم مغيث يلجأون إليه – بعد الله – سوى إخوانهم في الدين . وذكر بأنهم كانوا قد أعلموا المرينيين بهذا الخطر ، وأنهم يقومون بما يقدرون عليه من دعم ومساندة . وأنهم لا يملكون غير أنفسهم ، وقد بذلوها في سبيل الله . وهم ينتظرون نجدتكم " . فقام أبو حمو الزياني بإرسال الأحمال العديدة من الذهب والفضة ، والخيل ، والطعام . وبفضل هذا المدد أمكن لأهل غرناطة أن يثبتوا للدفاع عن مدينتهم فترة أطول .
وكما كانت أوضاع الحفصيين ، والمرينيين ، ثم الوطاسيين لا تؤهلهم للدفاع عن بلادهم ، فضلا عن إنقاذ الأندلس ، كانت المملكة الزيانية تعيش نفس الظروف المتدهورة . ولذلك تعذر على ملوكها تقديم أي دعم جدي لأهل غرناطة أو غيرها . وسوف يتبين لنا لاحقا أن المملكة الزيانية كانت أضعف من أن تساهم في إنقاذ الأندلس .
موقف سلاطين دولة المماليك في مصر

في سنة 1487 وصل مبعوثي أبو عبد الله الصغير ملك غرناطة (http://www.marefa.org/index.php/%D8%BA%D8%B1%D9%86%D8%A7%D8%B7%D8%A9)، إلي القاهرة (http://www.marefa.org/index.php/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%87%D8%B1%D8%A9) لمقابلة سلطان مصر المملوكي الأشرف قايتباي (http://www.marefa.org/index.php/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B4%D8%B1%D9%81_%D9%82%D8%A7% D9%8A%D8%AA%D8%A8%D8%A7%D9%8A) وقد حمل هؤلاء السفراء رسالة إستغاثه بالسلطان تطلب منه تجهيز حمله كبري لصد الخطر الصليبي المحدق بمملكة غرناطة (http://www.marefa.org/index.php/%D9%85%D9%85%D9%84%D9%83%D8%A9_%D8%BA%D8%B1%D9%86% D8%A7%D8%B7%D8%A9) وبيان أنها قد أشرفت علي السقوط.
علي أثر ذلك عقد الأشرف مشورة فيما بينه وبين كبار الأمراء ووصل رأيهم لأن يرسل السلطان تهديداته لبابا روما بأنه سوف يغلق كنيسة القيامة (http://www.marefa.org/index.php/%D9%83%D9%86%D9%8A%D8%B3%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%82% D9%8A%D8%A7%D9%85%D8%A9) وأنه سيمنع الحجاج المسيحيين الوافدين علي الأراضي المقدسة، لكن وعلي حد تعبير المؤرخ ابن إياس (http://www.marefa.org/index.php/%D8%A7%D8%A8%D9%86_%D8%A5%D9%8A%D8%A7%D8%B3)، أن ذلك كله لم يغن شيئاً بدليل ما كان من سقوط غرناطة بعدها بحوالي 5 سنوات.
ولكن من الواضح تماماً أن هذا الحدث وهذه الظروف المريرة في الأندلس لم تلقي العناية الكافية لدي سلطان مصر الدولة الإسلامية الأقوي حينها في الشرق، وكذلك فإنه لم يلقي العناية الكافية لدي المجتمعات الإسلاميه في هذه المنطقة وليس أدل علي ذلك من إشارة إبن إياس - وهو أحد أبرز أدباء ذلك العصر - لحادثة سقوط غرناطة في حوادث سنة 897 هـ حيث كان مروره علي هذه الحادثة مروراً سريعاً جداً بالرغم من وصفه لتلك الواقعه بأنها " من أعظم الوقائع المهوله في الإسلام".
لكن أسباب هذا التغييب لهذا الحدث تُحِتم علينا ان ننظر لظروف المشرق الإسلامي بنظره أكثر تدبر وأكثر شموليه.
فقد كانت مصر في هذه المرحلة تمر بأحد المراحل العصيبة من تاريخها وألم بها حدثين في غاية الشدة؛
أولهما: الحرب المستعرة بين المماليك والعثمانيين والتي كانت قد استنزفت موارد المملكة وخزينتها بالإضافه إلي أن غالب الجند المصري كانوا علي الجبهه أمام العثمانيين في وسط وشرق الأناضول.
ثانيهما: وقوع الطواعين (http://www.marefa.org/index.php/%D8%B7%D8%A7%D8%B9%D9%88%D9%86) التي فتكت بالمصريين وأهلكت الكثير من الناس حتي أن ذوي السلطان لم يسلموا منها وكذلك الأمراء وقد كان وقوع أحد أكبر الطواعين في نفس السنة التي سقطت فيها غرناطة وكان ضمن سلسلة من الطواعين ربما كانت أقل اثراً.
هذه الأسباب تضاف إلي دواعي أخري منعت قايتباي من التعامل بجديه مع هذه الحادثة وأبرز هذه الدواعي أن بعد المسافه بين مصر و الأندلس و وجوب نقل الجنود عبر البحر ليتمكنوا من الوصول للأندلس ولم يكن للمماليك في هذه المرحلة من تاريخهم الباع في العمليات العسكرية البحرية.
وقد يكون للعامل الإقتصادي تأثيره ايضاً في هذا الشأن، فقد إرتبطت مصر بمعاهدات تجارية مع الكثير من الدول الأوربية والتي لابد من اخذها بالإعتبار لدي حكام مصر فقد كانت مرور تجارة الشرق بمصر هي المورد الأساسي الذي تعتمد عليه خزانة الدوله المملوكية.
ربما تكون هذه هي الأسباب العامه وراء غياب دور مصر المملوكيه في حادثة سقوط الأندلس و هذا الموقف الضعيف لم يكن سوي إنعكاس لمظاهر كثيره عجلت بمغيب شمس هذه الدوله كما كانت إنعكاس لتغيرات جذريه في موازين القوي و العلاقات الإسلاميه - الإسلاميه في شرق المتوسط .
موقف سلاطين الدولة العثمانية:

موقف السلطان محمد الفاتح

أرسل أهل غرناطة في منتصف سنة 1477 - أي قبل سقوط غرناطة بأربعة عشر عاما – سفارة على إستانبول ، وجهوا فيه نظر السلطان محمد الفاتح إلى تدهور أوضاع المسلمين في الأندلس ، وناشدوه التدخل لإنقاذهم . لكن كان في حكم المستحيل أن يستجيب السلطان الفاتح لهذه الاستغاثة ، لأنه كان هو الآخر مضطرا إلى مواجهة تحالف صليبي ضم البابا ***ت الرابع TX. Sixte (1471-1484 ) ، وجنوة ، ونابولي ، والمجر ، وترانسلفانيا ، وفرسان القديس يوحنا في جزيرة رودس ، وعددا من الزعماء الألبان الذين كانوا يضمرون عداء شديدا للدولة العثمانية .
موقف السلطان بايزيد الثاني

ثم استنجد الأندلسيون مرة أخرى بعد وفاة الفاتح بابنه السلطان بايزيد الثاني (http://www.marefa.org/index.php/%D8%A8%D8%A7%D9%8A%D8%B2%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84% D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%8A) ( 1480 (http://www.marefa.org/index.php/1480)-1511 (http://www.marefa.org/index.php/1511) ) ، حيث أرسلوا إليه رسالة مع الشاعر أبي البقاء صالح بن شريف الرندي (http://www.marefa.org/index.php/%D8%A3%D8%A8%D9%88_%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%82%D8%A7% D8%A1_%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%86%D8%AF%D9%8A) الذي ألقى بين يدي السلطان قصيدته مرثية الأندلس الشهيرة ، والتي مطلعها :
لكل شيء إذا ما تم نقصان
فلا يغتر بطيب العيش إنسان إلا أن السلطان بايزيد كانت قد تزاحمت عليها أزمات داخلية وخارجية كثيرة منعته من إغاثة مسلمي الأندلس منها : صراعه مع أخيه جم ( 1481 (http://www.marefa.org/index.php/1481)-1495 (http://www.marefa.org/index.php/1495) ) ، و حربه مع المماليك (http://www.marefa.org/index.php/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%83) في أدنة (http://www.marefa.org/index.php?title=%D8%A3%D8%AF%D9%86%D8%A9&action=edit&redlink=1) سنة 1485 (http://www.marefa.org/index.php/1485)-1491 (http://www.marefa.org/index.php/1491) ، بالإضافة إلى الحرب مع ترانسلفانيا (http://www.marefa.org/index.php/%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%86%D8%B3%D9%84%D9%81%D8%A7%D 9%86%D9%8A%D8%A7) ، والمجر (http://www.marefa.org/index.php/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D8%B1) ، والبندقية (http://www.marefa.org/index.php/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%AF%D9%82%D9%8A%D8%A9). ثم تكوين تحالف صليبي آخر ضد الدولة العثمانية (http://www.marefa.org/index.php/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9_%D8%A7%D9%84% D8%B9%D8%AB%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9) من طرف البابا (http://www.marefa.org/index.php/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%D8%A7) يوليوس الثاني (http://www.marefa.org/index.php/%D9%8A%D9%88%D9%84%D9%8A%D9%88%D8%B3_%D8%A7%D9%84% D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%8A) ، وجمهورية البندقية (http://www.marefa.org/index.php/%D8%AC%D9%85%D9%87%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9_%D8%A7% D9%84%D8%A8%D9%86%D8%AF%D9%82%D9%8A%D8%A9) ، والمجر ، وفرنسا (http://www.marefa.org/index.php/%D9%81%D8%B1%D9%86%D8%B3%D8%A7) . وما أسفر عن هذا التحالف من حرب أدت إلى تنازل العثمانيين عن بعض ممتلكاتهم . وانتهى حكم السلطان بايزيد بصراع بين أبنائه ، أضفى إلى تنحيته عن العرش ، ثم موته في ظروف مشبوهة .
لكن رغم الظروف الصعبة التي كانت تعيشها الدولة العثمانية في هذه الفترة الحرجة من تاريخها ، فإن السلطان بايزيد لم يهمل استغاثة أهل الأندلس ، بل حاول أن يقدم لهم ما يستطيعه من أوجه الدعم والمساندة .فأرسل إلى البابا رسولا يعلمه بأنه سوف يعامل المسيحيين في إستانبول (http://www.marefa.org/index.php/%D8%A5%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86%D8%A8%D9%88%D9%84) ، وسائر مملكته بنفس المعاملة إذا أصر ملك قشتالة (http://www.marefa.org/index.php/%D9%82%D8%B4%D8%AA%D8%A7%D9%84%D8%A9) على الاستمرار في محاصرة المسلمين في غرناطة (http://www.marefa.org/index.php/%D8%BA%D8%B1%D9%86%D8%A7%D8%B7%D8%A9) ،والتضييق عليهم . وبالفعل أرسل أسطولا بحريا بقيادة كمال رئيس إلى الشواطئ الإسبانية سنة 1486 (http://www.marefa.org/index.php/1486). فقام هذا الأخير بإحراق وتخريب السواحل الإسبانية والإيطالية ومالطا ونقل أولى قوافل المهاجرين المسلمين واليهود إلى تركيا . وحسب رواية أخرى- لم نتمكن من التأكد من صحتها - فإن السلطان الحفصي عبد المؤمن بعد نجاح وساطته في عقد صلح بين الدولة العثمانية ودولة المماليك ، تم عقد اتفاق آخر على تحالف بين الحفصيين والعثمانيين والمماليك لدعم مسلمي الأندلس . وكان الاتفاق يقضي بأن يرسل العثمانيون أسطولا إلى سواحل إيطاليا تكون مهمته إلهاء الإسبان ؛ بينما يستغل الفرصة ويقوم المماليك بإرسال قوات تنطلق من شمال إفريقيا إلى الأندلس لنجدة المسلمين هناك .
وهكذا بسبب المشاكل الداخلية والخارجية التي كانت تعيشها الدولة العثمانية ، لم يتمكن العثمانيون في عصر بايزيد ، وقبل ذلك في عصر الفاتح من إغاثة مسلمي الأندلس ، كما أن التهديدات ، والغارات التي شنها كمال رئيس على السواحل الإسبانية لم تثن الملكين الإسبانيين عن قرار إنهاء الوجود الإسلامي من إسبانيا المسيحية. وبهذه المواقف التي رأيناها يتضح لنا أن سقوط غرناطة وضياع الفردوس المفقود ارتبط بعدد من الأسباب التي كان يمر بها العالم الإسلامي وقتها . وضياع غرناطة ، وما تبعه من طرد المسلمين كان نتيجة متوقعة في ضوء الأحداث التي مرت بها الأمة .
المصادر والمراجع :

1. صلاح فضل ، ملحمة المغازي الأندلسية
2. المطوي ، محمد العروسي ، الحروب الصليبية في المشرق والمغرب
3. عبد الباسط بن خليل الحنفي ، الزهر الباسم
4. المقري ، أحمد بن أحمد ، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب
5. المقري ، أحمد بن أحمد ، أزهار الرياض في أخبار عياض
6. ابن خلدون ، عبد الرحمن ، العبر وديوان المبتدأ والخبر ( المشهور بتاريخ ابن خلدون )
7. نيقولا إيفانوف ، الفتح العثماني للأقطار العربية ( 1516-1574 ) ، ترجمة يوسف عطا الله
8. ابن خلدون ، أبو زكريا ، بغية الرواد في ذكر الملوك من بني عبد الواد
9. ابن إياس ، بدائع الزهور في وقائع الدهور
10. التميمي ، عبد الجليل ، رسالة من مسلمي غرناطة إلى السلطان سليمان القانوني سنة 1551 ، المجلة التاريخية المغربية ، تونس ، العدد 3 ، ( يناير 1975 )
11. عنان ، محمد عبد الله ، نهاية الأندلس وتاريخ العرب المتنصرين
12. حتاملة ، مصير المسلمين الأندلسيين بعد سقوط غرناطة عام 1492 ، بحث ألقي في ندوة الأندلس التي نظمتها جامعة الأسكندرية بالتعاون مع رابطة الجامعات الإسلامية في ( 13-15 أبريل 1994 ) .
13. الشناوي ، عبد العزيز ، أوربا في مطلع العصور الحديثة
14. Özdemir,Mehmet ،Endülüs Müslümanları
15.نشانجي محمد باشا ، نشانجي تاريخي ( بالتركية العثمانية )
16. فريدون بك ، مجموعة منشئات السلاطين ( بالتركية العثمانية )
17. الصديقي ، محمد البكري ، المنح الرحمانية في تاريخ الدولة العثمانية
18. التميمي ، عبد الجليل ، الدولة العثمانية وقضية الموريسكيين ، بحث منشور في المجلة التاريخية المغربية ، العددان : 23-24
19. نطقي ، سليمان ، محاربات بحرية عثمانية ( بالتركية العثمانية )
20.Uzunçarşıl,İsmail Hakkı,Osmanlı Tarihi

abomokhtar
20-07-2013, 01:30 PM
مآسي المسلمين بعد سقوط غرناطة
كالعادة ولطبيعة جُبلت نفوسهم عليها -بعد أن ترك أبو عبد الله محمد الثاني عشر البلاد- لم يوف النصارى بعهودهم مع المسلمين، بل تنكَّروا لكلامهم والتزامهم بالحفاظ على الحريات الدينية في غرناطة، وحماية الأماكن المقدسة للمسلمين، وما إلى ذلك مما ورد في شروط تسليم المدينة، فقد أهانوا المسلمين بشدة، وصادروا أموالهم؛ وكان ذلك مصداق قوله تعالى: {كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ} [التوبة: 8].
وبعد تسع سنوات من سقوط غرناطة، وفي سنة (1501م) أصدر الملكان فرناندو الخامس وإيزابيلا أمرًا كان خلاصته أنه لَمَّا كان الله قد اختارهما لتطهير مملكة غرناطة من الكفرة (المسلمين)، فإنه يحظر وجود المسلمين فيها، فإذا كان بعضهم فإنه يحظر عليهم أن يتصلوا بغيرهم؛ خوفًا من أن يتأخر تنصيرهم، أو بأولئك الذين تنصروا لئلاَّ يفسدوا إيمانهم، ويعاقب المخالفون بالموت أو بمصادرة الأموال[1] (http://islamstory.com/ar/%D9%85%D8%A2%D8%B3%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%8A%D9%86-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%B3%D9%82%D9%88%D8%B7-%D8%BA%D8%B1%D9%86%D8%A7%D8%B7%D8%A9#_ftn1).
ومن هذا المنطلق قام النصارى بعدة أمور؛ كان منها:
التنصير
ولكي يعيش آخرون في بلاد الأندلس (http://www.islamstory.com/%D9%82%D8%B5%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%86%D8%AF%D9%84%D8%B3/) في ظل حكم النصارى الإسبان، تَنَصَّر من المسلمين بعضهم[2] (http://islamstory.com/ar/%D9%85%D8%A2%D8%B3%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%8A%D9%86-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%B3%D9%82%D9%88%D8%B7-%D8%BA%D8%B1%D9%86%D8%A7%D8%B7%D8%A9#_ftn2)، وهؤلاء لم يرتضِ لهم النصارى الإسبان حتى بالنصرانية، فلم يتركوهم دون إهانة، وقد سمَّوْهم بالمورسكيين؛ احتقارًا لهم، وتصغيرًا من شأنهم، فلم يكن المورسكي نصرانيًّا من الدرجة الأولى؛ لكنه كان تصغيرًا لهذا النصراني الأصيل[3] (http://islamstory.com/ar/%D9%85%D8%A2%D8%B3%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%8A%D9%86-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%B3%D9%82%D9%88%D8%B7-%D8%BA%D8%B1%D9%86%D8%A7%D8%B7%D8%A9#_ftn3).
وقد نقل إلينا الدون لورنتي مؤرِّخ ديوان التحقيق الإسباني وثيقة من أغرب الوثائق القضائية؛ تضمنت طائفة من القواعد والأصول التي رأى الديوان المقدس أن يأخذ بها العرب المتنصرين في تهمة الكفر والمروق، وإليك ما ورد في تلك الوثيقة الغريبة:
«يعتبر الموريسكي أو العربي المتنصر قد عاد إلى الإسلام: إذا امتدح دين محمد، أو قال: إن يسوع المسيح ليس إلهًا، وليس إلا رسولاً. أو أنَّ صفات العذراء أو اسمها لا تناسب أمه، ويجب على كل نصراني أن يُبَلِّغَ عن ذلك، ويجب عليه -أيضًا- أن يُبَلِّغ عما إذا كان قد رأى أو سمع بأن أحدًا من الموريسكيين يُباشر بعض العادات الإسلامية؛ ومنها أن يأكل اللحم في يوم الجمعة وهو يعتقد أن ذلك مباح، وأن يحتفل يوم الجمعة بأن يرتدي ثيابًا أنظف من ثيابه العادية، أو يستقبل المشرق قائلاً باسم الله، أو يوثق أرجل الماشية قبل ***ها، أو يرفض أكل تلك التي لم ت***، أو ***تها امرأة، أو يختن أولاده، أو يسميهم بأسماء عربية، أو يُعرب عن رغبته في اتباع هذه العادة، أو يقول: يجب ألا يعتقد إلا في الله وفي رسوله محمد، أو يقسم بأيمان القرآن، أو يصوم رمضان، ويتصدق خلاله، ولا يأكل ولا يشرب إلا عند الغروب، أو يتناول الطعام قبل الفجر -السحور- أو يمتنع عن أكل لحم الخنزير وشرب الخمر، أو يقوم بالوضوء والصلاة؛ بأن يُوَجِّه وجهه نحو الشرق، ويركع ويسجد، ويتلو سورًا من القرآن، أو أن يتزوج طبقًا لرسوم الشريعة الإسلامية، أو ينشد الأغاني العربية، أو يُقيم حفلات الرقص والموسيقى العربية، أو أن يستعمل النساء الخضاب - الحناء - في أيديهن أو شعورهن، أو يتبع قواعد محمد الخمس، أو يلمس بيده على رءوس أولاده أو غيرهم؛ تنفيذًا لهذه القواعد، أو يغسل الموتى ويكفنهم في أثواب جديدة، أو يدفنهم في أرض بكرٍ، أو يغطي قبورهم بالأغصان الخضراء، أو أن يستغيث بمحمد وقت الحاجة واصفًا إياه بالنبي ورسول الله، أو يقول: إن الكعبة أول معابد الله، أو يقول: إنه لم ينصَّر إيمانًا بالدين المقدس، أو أن آباءه وأجداده قد غنموا رحمة الله؛ لأنهم ماتوا مسلمين... إلخ[4] (http://islamstory.com/ar/%D9%85%D8%A2%D8%B3%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%8A%D9%86-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%B3%D9%82%D9%88%D8%B7-%D8%BA%D8%B1%D9%86%D8%A7%D8%B7%D8%A9#_ftn4).
التهجير
لم تخل البلاد الإسلامية من ثورات شعبية ومواجهات محدودة الإمكانيات بمنطق «حرب العصابات»، وكان المجاهدون يختبئون في الجبال والأودية والمناطق البعيدة، ثم يشنُّون غاراتهم على القوات الإسبانية، وقد نجحوا كثيرًا في إنزال خسائر مؤثرة بالإسبان، وقد اشتدت هذه الحركات لا سيما بعد قرار التنصير الذي اعتمدته إسبانيا، فزاد عدد الثائرين والمنحازين للمجاهدين، وقد عزم الإسبان في البداية على القضاء على الثوار، إلا أنهم فشلوا في ذلك فشلاً ذريعًا، فلما يئسوا من القضاء عليهم، أصدروا عفوا عامًّا عنهم، وسمحوا لهم بالهجرة إلى بلاد المغرب (http://www.islamstory.com/%D9%82%D8%B5%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84% D8%A7%D9%85_%D9%81%D9%8A_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA% D8%B1%D8%A8)، دون أن يأخذوا معهم غير الثياب التي كانت عليهم، أما الباقون فقد كان ثمة أمر ملكي بمنع الهجرة، ثم صدر الأمر بعد ذلك عام (1609م) -أي بعد مائة سنة تقريبًا- بنفي الموريسكيين[5] (http://islamstory.com/ar/%D9%85%D8%A2%D8%B3%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%8A%D9%86-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%B3%D9%82%D9%88%D8%B7-%D8%BA%D8%B1%D9%86%D8%A7%D8%B7%D8%A9#_ftn5).
[1] محمد عبد الله عنان: دولة الإسلام في الأندلس، 7/324.

[2] انظر: نبذة العصر، ص130، والمقري: نفح الطيب، 4/527.

[3] انظر: محمد عبد الله عنان: دولة الإسلام في الأندلس، 7/322، 326، 345.

[4] محمد عبد الله عنان: دولة الإسلام في الأندلس، 7/346.

[5] مجهول: نبذة العصر، ص132، والمقري: نفح الطيب، 4/527، 528، ومحمد عبد الله عنان: دولة الإسلام في الأندلس، 7/345.





د. راغب السرجاني (http://islamstory.com/ar/%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%B1%D8%A7%D8%BA%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B1%D8%AC%D8%A7%D9%86%D9%8A)

abomokhtar
20-07-2013, 01:37 PM
مرثية أندلسية بعد سقوط غرناطة آخر معاقل المسلمين في الأندلس

لشاعر أندلسي غر معروف:
أحقاً خبا من جو رندة نورها ... وقد كسفت بعد الشموس بدورها
وقد أظلمت أرجاؤها وتزلزلت ... منازلها ذات العسلا وقصورها
فيا ساكنى تلك الديار كريمة ... سقى عهدكم مزن يصوب نميرها
أحقاً أخلائى القضاء أبادكم ... ودارت عليكم بالصروف دهورها
ف*** وأسر لا يفادى وفرقة ... لدى ***ات الحشر يأتى سفيرها
فواحسرتا كم من مساجد حولت ... وكانت إلى البيت الحرام شطورها
وواأسفا كم من صوامع أوحشت ... وقد كان معتاد الأذان يزورها
فمحرابها يشكو لمنبرها الجوى ... وآياتها تشكو الفراق وسورها
وكم طفلة حسناء فيها مصونة ... إذا أسفرت يسبى العقول سفورها
فأضحت بأيدى الكافرين رهينة ... وقد هتكت بالرغم منها ستورها
وكم فيهم من مهجة ذات ضجة ... ترد لو انضمت عليها قبورها
لها روعة من وقعة البين دائم ... أساها وعين لا يكف هديرها
وكم من صغير فى حجر أمه ... فأكبادها حراء لفح هجيرها
وكم من صغير بدل الدهر دينه ... وهل يتبع الشيطان إلا صغيرها
لأندلس ارتجت لها وتضعضعت ... وحق لديها محوها ودثورها
منازلها مصدورة وبطاحها ... مدائنها موتورة وثغورها
تهانمها مفجوعة ونجودها ... وأحجارها مصدوعة وصخورها
وقد لبست ثوب الحداد ومزقت ... ملابس حسن كان بزهو حبورها
فأحياؤها تبدى الأسى وجمادها ... يكاد لفرط الحزن يبدو ضميرها
فمالقة الحسناء ثكلى أسيفة ... قد استفرغت ***اً و***ا حجورها
وجزت نواصيها وشلت يمينها ... وبدل الويل المبين سرورها
وقد كانت الغربية الجنن التى ... تقيها فأضحى جنة الحرب سورها
وبلِّش قطعت رجلها بيمينها ... ومن سريان الداء بان قطورها
وضحت على تلك الثنيات حجرها ... فأقفر مغناها وطاشت حجورها
وبالله إن جئت المنكَّب فاعتبر ... فقد خف ناديها وجف نضيرها
ألا ولتقف ركب الأسى بمعالم ... قد ارتج باديها وضج حضورها
بدار العلا حيث الصفات كأنها ... من الخلد والمأوى غدت تستطيرها
محل قرار الملك غرناطة التى ... هى الحضرة العليا زهتها زهورها
ترى الأسى أعلامها وهى خُشَّع ... ومنبرها مستعير وسريرها
ومأمومها ساهى الحجى وإمامها ... وزائرها فى مأتم ومزورها
وبَسْطة ذات البسط ما شعرت بما ... دهاها وأنى يستقيم شعورها
وما أنس لا أنس المريَّة إنها ... قتيلة أوجال أزيل عذارها
منازل آبائى الكرام ومنشىء ... وأولى أوطان غذانى خيرها
وجاءت إلى استئصال شأفة ديننا ... جيوش كموج هبت دبورها
علامات أخذ ما لنا قبل بها ... جنايات أخذ قد جناها مثيرها
فلا تنمحى إلا بمحو أصولها ... ولا تتجلى حتى تخط أصورها
معاشر أهل الدين هبوا لصعقة ... وصاعقة وارى الجسوم ظهورها
أصابت منار الدين فانهد ركنه ... وزعزع من أكنافه مستطيرها
إلا واستعدوا للجهاد عزائماً ... يلوح على ليل الوغى مستنيرها
بأنفس صدق موقنات بأنها ... إلى الله من تحت السيوف مصيرها
تروم إلى دار السلام عرائساً ... على الله فى ذاك النعيم مهورها

abomokhtar
20-07-2013, 01:44 PM
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين محمد و على آله و صحبه أجمعين و من اهتدى بهديه و استنّ بسنّته إلى يوم الدين.
أما بعد:

بسقوط غرناطة سنة 1492م بيد النصارى سقطت آخر دولة إسلامية تحمي الإسلام بالأندلس و استفرد الصليبيون الحاقدون بالأندلسيين المسلمين و ساموهم سوء العذاب و فرضوا عليهم التنصّر و اعتناق العقيدة الكاثوليكية و منعوهم من إبداء أدنى مظهر إسلامي : فالزي الإسلامي استبدل بالقشتالي، و الأسماء العربية استبدلت بالإسبانية، و الوجوه الحيية المحتشمة أُكرهت على السفور ، و مُنعوا من الصلاة و الصيام و التطهُر و الاحتفال بالأعياد الإسلامية و بدل ذلك و بصفتهم مسيحيين جدد وجب عليهم التوجّه كل يوم أحد إلى الكنيسة لسماع الوعظ النصراني الذي يمجّد فيه الخمر و لحم الخنزير و الصليب، و من خالف هذه الأوامر المقدّسة ?زعموا- فالموت مصيره حرقا أو شنقا، و لو أبدت محاكم التفتيش رأفة بالمتهم فستصادر كل ممتلكاته أو تسجنه أو ترسله لأداء الأعمال الشاقة بالمناجم في أمريكا أو التجديف في السفن.

و لم يتوقف طغيان محاكم التفتيش عند هذا الحد بل رأت أن هذه الإجراءات لم تزد الأندلسيين إلى تمسّكا بدينهم الحنيف فقررت منع استعمال اللغة العربية بين الأندلسيين، هذه اللغة التي كانت تزودهم من خلال الكتابات التي يحفظونها بالعزيمة و الصبر و أكثر من ذلك تمكّنهم من حفظ الإسلام في القلوب.

وفعلا صدرت قوانين حرّمت على الأندلسيين التخاطب أو الكتابة بالعربية و أمرتهم بتسليم جميع الكتب المكتوبة بها. ويمكن القول أن محاكم التفتيش نجحت في نيل مبتغاها الرامي لفصل الأندلسي عن مصدر عقيدته المسطور في الكتب بل ربما نجحت في إبادة اللغة العربية بالأندلس لكن الأندلسيين كانوا ?بفضل الله و منه و كرمه- أذكى من رهبان المحاكم فقد استطاعوا ابتكار لغة بين العربية و القشتالية تسمى الألخميادو ? تحريف إسباني لكلمة "أعجمي" ? و هذه اللغة هي القشتالية مكتوبة بالحروف العربية و لها قواعد و أصول خاصة بها. و قد استخدم الأندلسيون هذه اللغة في مخاطباتهم و كتاباتهم. و كانت لغة سرية إلى حد أن الإسبان لم يكتشفوا وجودها إلا في القرن الثامن عشر أي بعد 200 سنة على وضعها.

و قد عمل الأندلسيون على حفظ الدين الإسلامي من الاندثار بواسطة اللغة الألخميادو فقد ترجموا القرآن العظيم و السنة النبوية و دروسا في الفقه و السيرة و الشعر و الأدب و التاريخ...

و قد كانت لرمضان في كتابات الألخميادو مكانة مهمة حيث عملوا على إبراز فضله و وجوب صيامه و احترام أركانه و استحباب قيامه و الإكثار من الخيرات فيه.

و قد حفظت مكتبة مدريد الوطنية نصا بالألخميادو لكاتب أندلسي مجهول يحث فيه بني قومه من الأندلسيين المسلمين على صيام رمضان و يبين لهم فضله و شروط أدائه و يعظهم موعظة حسنة شافية وافية.

يذكر الدكتور سري محمد محمد عبد اللطيف الأستاذ بكلية اللغات و الترجمة بجامعة الأزهر : " إن نصوص الأدب الألخميادو تعطي لنا انطباعا في بعض الأحيان أن المورسكيين (1) كانوا أساتذة في الشريعة الإسلامية و مذاهبها نظرا لما تنم عنه من معرفة تامة بعلوم الإسلام المختلفة من فقه و عقيدة و قرأن و أحاديث و معاملات ...إلخ لدرجة تجعلنا نفكر أحيانا أن هؤلاء الناس لم يكونوا فقط على مستوى غيرهم من المسلمين في بلاد أخرى، بل إنني أستطيع أن أقول ? غير مبالغ ? أنهم كانوا أعلم بمبادئ دينهم و أكثر تمسكا بها من كثير من المسلمين الذين عاشوا في ظروف أفضل كثيرا من التي عاشها المورسكيون و توفرت لهم حرية القراءة و العلم و الإطلاع على التراث الديني و هو ما يحرّم على المورسكيين بأوامر محاكم التفتيش" . (2)

فلعلي أترككم مع مقتطفات من موعظة هذا الأندلسي المجهول حول رمضان و التي كتبها بلغة الألخميادو و قد ترجمها الدكتور سري عبد اللطيف جزا? الله خيرا. و هي موعظة لي قبل كل شيئ و موعظة لإخواني لعلنا نجتهد في طاعة الرحمان في شهر رمضان.

يقول الأندلسي المجهول:

"و شهر رمضان يا إخواني هو شهر طهارة الأجساد من الذنوب طهارة كاملة، و هو شهر الخير و الغفران و الامتنان من الله، و هو شهر إعانة الفقراء و إكرام الضيف و شهر تفتح فيه أبواب الجنات و تغلق أبواب النيران و تسلسل فيه الشياطين و هو شهر الأمن و الإيمان و قراءة القرآن تضاء فيه مساجد الرحمان و يكرم فيه ابن السبيل و يعطف فيه على المريض." (3)

" أيها الأخوة الأحباب عندما يهل علينا شهر رمضان المعظم يجب أن تصوم جوارحكم عن الذنوب و الخطايا كما تصوم بطونكم عن الطعام و يجب عليكم ? كما تفطرون عند الليل بتناول الطعام ?أن تشكروا نعمة الله عليكم، و كذلك يجب عليكم أن تقوموا ليله مصلين كما تقضوا نهاره صائمين" (4)

"عباد الله... اغتنموا هذا الشهر، فهو شهر عند الله عظيم ووعد الله فيه عباده بالجزاء العظيم و وعدهم بمغفرة الذنوب و العتق من النار" (5)

" و لا يفهمن أحد أن الصيام مجرد امتناع الإنسان عن الأكل و الشرب و جماع الزوجة، بل عليه أن يعلم بوجوب صيام عينيه و لسانه و سمعه و يديه و رجليه و سائر الجوارح" (6)

" و عليك أن تعلم أن صيام العينين هو ألا تنظر بهما إلى حرام ، و ألا تنظر إلى مسلم أو مسلمة بعين الكبر و الاحتقار أو التهديد و صوم اللسان هو أن تمتنع عن الكذب و اللغو و أن تتجنب الغيبة و النميمة و فحش القول و صيام السمع هو ألا تستعمله في سماع السوء أو التصنت على الخلق و صيام اليدين هو ألا تمدهما لأذى أحد من المؤمنين و ألا تأخذ بهما ما ليس من حقك و أن تستعملهما في إرضاء الله تعالى و صيام القدمين هو ألا تمشي بهما لتضر أحدا و لا تستعملهما إلا فيما يرضي الله.
و أخيرا يجب أن تصوم كل جوارحك عن الحرام و أن تُسَخّر كل أعضائك في الأعمال التي خلقها الله من أجلها و بهذا تنال الجزاء كاملا على صومك إن شاء الله. أما إذا فعلت غير ذلك فإنه يخشى أن يضيع ثواب صومك.
فيا عباد الله...اغتنموا الخير كله في هذا الشهر الكريم، و لا تقضوا أيامه في الغيبة و النميمة و سوء القول و لا يمنعكم الكسل أن تقوموا الليل للصلاة و احذروا من أن تفطروا على حرام." (7)

و إذا علمنا الظروف الصعبة التي كانت تعيشها هذه الطائفة من المسلمين بين ظهراني النصارى ازداد تعظيمنا لهذه الموعظة التي تطالبهم بصيام رمضان حق صيامه علما أن النصارى كانوا يوشون إلى محاكم التفتيش بكل من تظهر عليه علامات الإسلام. و هذا ما يفسّر ارتفاع عدد الأندلسيين الذين كانت تحاكمهم محاكم التفتيش في شهر رمضان. فقد أبوا إلا أن يصوموه و ليحدث ما يحدث بعد ذلك. (راجع موضوعي "محنة الأندلسيين لصيام رمضان" ففيه ذكر محن من صاموا هذا الشهر الفضيل).

الهوامش

(1)المورسكيون هي كلمة أطلقها الإسبان على الأندلسيين الذين بقوا في الأندلس بعد سقوط غرناطة.
(2)مداخلة الدكتور سري محمد محمد عبد اللطيف في المؤتمر العالمي الخامس للدراسات المورسكية-الأندلسية المنعقد سنة 1993 بزغوان بتونس. ص 158-159.
(3)(المخطوط رقم 5223 لمكتبة مدريد الوطنية، رقم32 ظهر و 133 وجه.)
(4) (المخطوط رقم 5223 لمكتبة مدريد الوطنية، رقم 133 وجه.)
(5) (المخطوط رقم 5223 لمكتبة مدريد الوطنية، رقم 135 وجه.)
(6) (المخطوط رقم 5223 لمكتبة مدريد الوطنية، رقم 136 وجه.)
(7) (المخطوط رقم 5223 لمكتبة مدريد الوطنية، رقم138 ظهر و 136 وجه.)

تنبيه: هذا المخطوط رقم 5223 قام بترجمته من الألخميادو الدكتور سري عبد اللطيف أستاذ اللغات و الترجمة بجامعة الأزهر. و ذلك في موضوعه الذي طرحه في المؤتمر العالمي الخامس للدراسات المورسكية-الأندلسية سنة 1993 المنعقد بمدينة زغوان بتونس.

زياد بن علي
20-07-2013, 08:20 PM
أقدم لكم قصيدة مرثية الاندلس للشاعر الأندلسي أبو البقاء الرندي, وهي من أروع القصائد في رثاء الأندلس.

وأبو البقاء الرندي هو أبو البقاء صالح بن يزيد بن صالح بن موسى بن أبي القاسم بن علي بن شريف الرندي الأندلسي (601 هـ -684 هـ الموافق: 1204 - 1285 م) هو من أبناء (رندة) قرب الجزيرة الخضراء بالأندلس وإليها نسبته.

عاشَ في النصف الثاني من القرن السابع الهجري، وعاصر الفتن والاضطرابات التي حدثت من الداخل والخارج في بلاد الأندلس وشهد سقوط معظم القواعد الأندلسية في يد الأسبان، وحياتُه التفصيلية تكاد تكون مجهولة، ولولا شهرة هذه القصيدة وتناقلها بين الناس ما ذكرته كتب الأدب، وإن كان له غيرها مما لم يشتهر، توفي في النصف الثاني من القرن السابع ولا نعلم سنة وفاته على التحديد.

وهو من حفظة الحديث والفقهاء. وقد كان بارعا في نظم الكلام ونثره. وكذلك أجاد في المدح والغزل والوصف والزهد. إلا أن شهرته تعود إلى قصيدة نظمها بعد سقوط عدد من المدن الأندلسية. وفي قصيدته التي نظمها ليستنصر أهل العدوة الإفريقية من المرينيين عندما أخذ أول سلاطين غرناطة في التنازل للإسبان عن عدد من القلاع والمدن إرضاء لهم وأملا في أن يبقى ذلك على حكمه غير المستقر في غرناطة وتعرف قصيدته بمرثية الأندلس. ومطلع قصيدته :


لـكل شـيء إذا مـا تم نـقصان *** فـلا يـغر بـطيب العيش إنسان
هي الأمور كما شاهدتها دولٌ *** من سره زمن سائته أزمانُ


مناسبة القصيدة :

أخذت سيطرة العرب، في نهاية حكمهم لبلاد الأندلس، تتضاءل شيئاً فشيئاً، بسقوط بعض المدن الإسلامية الهامة، في أيدي الفرنجة، وأصبحت البلاد تروّع كلّ يوم، بغارات الأعداء دون أن تجد قوة إسلامية، تصد الزحف الصليبي المتوغل، وقد أدرك المفكرون هول الخطر الراصد، فانطلق الشعراء والأدباء، يصوّرون النهاية المتوقعة، في حسرة بالغة، ومما قيل في هذه المأساة ما نقدّمه الآن من أبيات صاغها شاعر متفجع يبكي الوطن الضائع، ويحذّر المسلمين في شتى البقاع.



قصيدة مرثية الأندلس - أبو البقاء الرندي



لكل شيءٍ إذا ما تم نقصانُ *** فلا يُغرُّ بطيب العيش إنسانُ


هي الأيامُ كما شاهدتها دُولٌ *** مَن سَرَّهُ زَمنٌ ساءَتهُ أزمانُ


وهذه الدار لا تُبقي على أحد *** ولا يدوم على حالٍ لها شان


يُمزق الدهر حتمًا كل سابغةٍ *** إذا نبت مشْرفيّاتٌ وخُرصانُ


وينتضي كلّ سيف للفناء ولوْ *** كان ابنَ ذي يزَن والغمدَ غُمدان


أين الملوك ذَوو التيجان من يمنٍ *** وأين منهم أكاليلٌ وتيجانُ ؟


وأين ما شاده شدَّادُ في إرمٍ *** وأين ما ساسه في الفرس ساسانُ ؟


وأين ما حازه قارون من ذهب *** وأين عادٌ وشدادٌ وقحطانُ ؟


أتى على الكُل أمر لا مَرد له *** حتى قَضَوا فكأن القوم ما كانوا


وصار ما كان من مُلك ومن مَلِك *** كما حكى عن خيال الطّيفِ وسْنانُ

دارَ الزّمانُ على (دارا) وقاتِلِه *** وأمَّ كسرى فما آواه إيوانُ


كأنما الصَّعب لم يسْهُل له سببُ *** يومًا ولا مَلكَ الدُنيا سُليمانُ


فجائعُ الدهر أنواعٌ مُنوَّعة *** وللزمان مسرّاتٌ وأحزانُ


وللحوادث سُلوان يسهلها *** وما لما حلّ بالإسلام سُلوانُ


دهى الجزيرة أمرٌ لا عزاءَ له *** هوى له أُحدٌ وانهدْ ثهلانُ


أصابها العينُ في الإسلام فامتحنتْ *** حتى خَلت منه أقطارٌ وبُلدانُ

فاسأل (بلنسيةً) ما شأنُ (مُرسيةً) *** وأينَ (شاطبةٌ) أمْ أينَ (جَيَّانُ)

وأين (قُرطبة)ٌ دارُ العلوم فكم *** من عالمٍ قد سما فيها له شانُ

وأين (حْمص)ُ وما تحويه من نزهٍ *** ونهرهُا العَذبُ فياضٌ وملآنُ

قواعدٌ كنَّ أركانَ البلاد فما *** عسى البقاءُ إذا لم تبقَ أركانُ

تبكي الحنيفيةَ البيضاءُ من أسفٍ *** كما بكى لفراق الإلفِ هيمانُ

على ديار من الإسلام خالية *** قد أقفرت ولها بالكفر عُمرانُ

حيث المساجد قد صارت كنائسَ ما *** فيهنَّ إلا نواقيسٌ وصُلبانُ

حتى المحاريبُ تبكي وهي جامدةٌ *** حتى المنابرُ ترثي وهي عيدانُ

يا غافلاً وله في الدهرِ موعظةٌ *** إن كنت في سِنَةٍ فالدهرُ يقظانُ

وماشيًا مرحًا يلهيه موطنهُ *** أبعد حمصٍ تَغرُّ المرءَ أوطانُ ؟


تلك المصيبةُ أنستْ ما تقدمها *** وما لها مع طولَ الدهرِ نسيانُ


يا راكبين عتاق الخيلِ ضامرةً *** كأنها في مجال السبقِ عقبانُ


وحاملين سيُوفَ الهندِ مرهفةُ *** كأنها في ظلام النقع نيرانُ


وراتعين وراء البحر في دعةٍ *** لهم بأوطانهم عزٌّ وسلطانُ


أعندكم نبأ من أهل أندلسٍ *** فقد سرى بحديثِ القومِ رُكبانُ ؟


كم يستغيث بنا المستضعفون وهم *** ***ى وأسرى فما يهتز إنسان ؟

ماذا التقاُطع في الإسلام بينكمُ *** وأنتمْ يا عبادَ الله إخوانُ ؟


ألا نفوسٌ أبياتٌ لها هممٌ *** أما على الخيرِ أنصارٌ وأعوانُ


يا من لذلةِ قومٍ بعدَ عزِّهمُ *** أحال حالهمْ جورُ وطُغيانُ


بالأمس كانوا ملوكًا في منازلهم *** واليومَ هم في بلاد الكفرِّ عُبدانُ

فلو تراهم حيارى لا دليل لهمْ *** عليهمُ من ثيابِ الذلِ ألوانُ


ولو رأيتَ بكاهُم عندَ بيعهمُ *** لهالكَ الأمرُ واستهوتكَ أحزانُ


يا ربَّ أمّ وطفلٍ حيلَ بينهما *** كما تفرقَ أرواحٌ وأبدانُ


وطفلةً مثل حسنِ الشمسِ إذ طلعت *** كأنما هي ياقوتٌ ومرجانُ


يقودُها العلجُ للمكروه مكرهةً *** والعينُ باكيةُ والقلبُ حيرانُ


لمثل هذا يذوب القلبُ من كمدٍ *** إن كان في القلبِ إسلامٌ
وإيمانُ

(*أحمد عرفة*)
21-07-2013, 01:12 AM
شكرا جزيلا على الموضوع القيم .....

الأستاذ / فولي سيد محمد
01-12-2014, 05:00 PM
سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللَّه الْعَظِيم (https://www.facebook.com/SALLAHWSALLAHA?fref=nf)

أبو عمار 2010
01-12-2014, 10:00 PM
موضوع رائع جدا

زهة البنفسج
01-12-2014, 10:58 PM
اهلا بك وقصيدة رائعة