عاطف زكريا البرعى
12-09-2013, 02:13 PM
الفصل الثاني المشكلة الخلقية عند فلاسفة الإسلام
الاتجاه العقلي (مسكويه)
1- ظروف عصر مسكويه
هو أبو على بن يعقوب الملقب بمسكويه ، وضع مذهبًا متكاملاً فى النفس والأخلاق أساسه السمو والارتقاء بالأخلاق إلى المستوى العقلى الذى يميز الإنسان عن الحيوان ، وعاش عصر سارت فيه محاولات التوفيق بين الفلسفة والدين فانتشرت أفكار أفلاطون وأرسطو فوضع بذلك مذهبًا أخلاقيًا متأثرًا فيه بأقسام النفس وفضائلها عند أفلاطون وأرسطو و ذاد عليه الطابع الإسلامى.
2- مذهبه الاخلاقى
قام "مسكويه " في وضع مذهب أخلاقي اسلامى تأثر فيه بتقسيمات النفس وفضائلها عند أفلاطون وأرسطو وزاد عليه الطابع الاسلامى ويرتكز على جانبين:
أ- السمو بالأخلاق إلى أرقى ما يميز الإنسان وهو العقل
ب- ضرورة ارتباط الأخلاق العقلية للفرد بالحياة الاجتماعية للبشر
3- أقسام النفس وفضائلها
1- القوة الشهوانية (تسمى البهيمية نسبة إلى البهائم)
- وهى أدنى قوى النفس ووظيفتها إشباع حاجات الجسم المادية فقط
- فضيلتها العفة : وهى وسط بين الشره والخمود و تنتج عن السخاء
2- القوة الغضبية (تسمى السبعية نسبة الى السباع)
- هي أوسط قوى النفس ووظيفتها الانفعال والغضب واستخدام القوة
- فضيلتها الشجاعة : وهى وسط بين الجبن والتهور و تنتج عن الحلم
3- القوة العاقلة (تسمى الناطقة أو الملكية )
- هى أرقى قوى النفس ووظيفتها التفكير والتعقل وإدراك الحقائق الإنسانية
- فضيلتها الحكمة : وهى وسط بين السفه والبله وهى تنتج عن العلم
- وعندما يشبع الإنسان القوى الثلاث بطريقة معتدلة تظهر فضيلة رابعة
وهى العدالة وهى وسط بين الظلم والانظلام
4- تتسم الفضائل عند مسكويه بالتوسط
لان الفضيلة عند مسكوية : هى وسط بين رذيلتين أو طرفين مذمومين
- فقسم "مسكويه" النفس الإنسانية إلى ثلاث قوى لكل قوة فضيلة خاصة بها مثل:
1- القوة الشهوانية فضيلتها العفة : وهى وسط بين الشره والخمود و تنتج عن السخاء
2- القوة الغضبية فضيلتها الشجاعة : وهى وسط بين الجبن والتهور و تنتج عن الحلم
3-القوة العاقلة فضيلتها الحكمة :وهى وسط بين السفه والبله وهى تنتج عن العلم
4- فضيلة رابعة و هى وسط بين الظلم والانظلام
5- الرقى الاخلاقى
1 - الإنسان عندما يسمو بنفسه ويرتقى فوق القوة الشهوانية والغضبية يصل إلى قوته العاقلة فتكمل حياته الأخلاقية
2 - القوة العاقلة هي القوة القائمة على (اللذة المعنوية) وهى المطلوبة من الأخلاق السامية التي تختلف بذلك عن اللذة الحسية (مذهب المنفعة العامة) المرتبطة بالقوة الشهوانية التي يشترك فيها الإنسان مع الحيوان
6- ارتباط الأخلاق بالحياة الاجتماعية
1- يرى مسكويه أن الخير الأسمى والسلوك الاخلاقى والفضائل الإنسانية الراقية لا تتحقق ولا تظهر في حياة الفرد المنعزل عن الجماعة
2- ولكن لابد أن يكون الفرد عضوا في المجتمع ويمكن حينئذ وصفه سلوكه بالأخلاقية والفضيلة أو بالا أخلاقية وانعدام الفضيلة
3- فالإنسان عند "مسكويه" مدني بالطبع واجتماعي بالفطرة لذلك الإسلام كدين عقلي اجتماعي يرفع من قدر اجتماع المسلمين في (الصلاة – تعمير الأرض-التراحم بين أفراد المجتمع)
نقد مذهب مسكويه الاخلاقى
1 - تأثر مسكويه برأي أفلاطون فى أقسام النفس وأرسطو في فضائل النفس دون أي تغيير
2- اكتفى بجوانب اجتماعية بسيطة من الإسلام في حين أنه كان بإمكانه استخلاص مذهب اسلامى أكثر تكاملا
3- جعل الفضائل الأخلاقية محدودة في قوالب ثابتة وصورة جامدة بينما تتسم الحياة الأخلاقية بالحيوية والنشاط والطاقة المتجددة
الاتجاه الاجتماعى( الفـارابــــــي)
مؤلفاته : اشتهر الفارابي كشارح لأرسطو و مع ذلك فإن قيمة الفارابي تقوم على ما صنفه من كتب وأشهر كتبه في مجال الأخلاق نذكر منها " تحصيل السعادة " ، " آراء أهل المدينة الفاضلة " ، " السياسة المدنية " .
أولا : قوى النفس
1- القوة الغاذية : التي بها يتغذى الإنسان
2- القوة الحاسة : التي بها يحس الملموس مثل الحرارة والبرودة و الطعوم و الروائح و الأصوات وغيرها
3- القوة المتخيلة : التي بها يحفظ ما ارتسم في نفسه من المحسوسات بعد غيبتها عن مشاهدة الحواس وهذه القوة تركب وتفصل المحسوسات
4-القوة النزوعية : هي التي تشتاق إلى الشيء وتكرهه
5- القوة الناطقة : والتي بها يمكن أن يعقل المعقولات و بها يميز بين الجميل والقبيح وأقسام هذه القوة اثنان : نظري وعملي بفروعهما .
- غرض العقل النظري : علم الموجودات التي ليس من شأنها أن يغيرها الإنسان من حال إلى حال خلافا للعقل العملي بشقيه الفكري والمهني ( أو الصناعي )
- وظيفة العقل النظري: النظر في العمل الذي يريد أن يعمله الإنسان هل يمكن أن يعمله ؟ أم لا ؟ والعقل المهني به تكتسب المهن و الصنائع العملية
6- القوة الفكرية : هي القوة الخلقية التي يستنبط بها الفرد ما كان نافعا في تحصيل أغراضه الخلقية من خير حقيقي أو مظنون أو توخي شر قد ينتج عن شطط القوة الفكرية
- وحصول هذه القوة للمرء لا يكون بالإرادة وحسب بل بالطبع أيضا كما تكون الشجاعة في الأسد والمكر في الثعلب
ثانيا : القوى الإدراكيّة الثلاثة للّنفس:
إنّها قوّة الحسّ، وقوّة التّخيّل، وقوّة التعقّل.
1 ـ قوة الحسّ : - تنقسم إلى الحواسّ الخمس المعروفة، و لا تدرك إلاّ المحسوس
2 ـ قوة الخيال :- تدرك ما ارتسم من المحسوس بعد ذهابه
3 ـ قوة التعقل :- تدرك الصور العقلية الخالصة من كل محسوس .
ثالثا : الأخلاق والسعادة والفضائل
1- السعادة هي الغاية القصوى التي يسعى إليها الإنسان , لأنها أسمى الخيرات , وبقدر سعي الإنسان إلى بلوغ الخير تكتمل السعادة .
2- للوصول للسعادة ياتى من :
ممارسة الأعمال المحمودة عن إرادة وفهم متصلين , إذاً الممارسات عنصراً هاما لاكتساب الأخلاق المحمودة أو المذمومة ,ومن الممارسة تتولد العادة لتصير ملكة راسخة تتجه دائماً إلى عمل الخير.
3- وعرف الفارابي الفضيلة بأنها :
وسط بين حدين : هما الإفراط والتفريط , فالعمل الصالح هو العمل المتوسط , فالشجاعة حد وسط بين التهور والجبن , والكرم وسط بين البخل والإفراط , والعفة وسط بين الخلاعة وعدم الشعور باللذة .
4- كما أن
- اللذات الحسية : تأتي عن طريق الحواس لذلك فهي سهلة المنال سريعة الزوال
- اللذات الفكرية : تأتي عن طريق العقل ولا تكتسب إلا بممارسة الخصال الحسنة مثل جودة التمييز التي نحصل بها على المعرفة فنصل إلى السعادة .
رابعا : كيف تتحقق السعادة قي الدنيا والآخرة ؟
مصادر السعادة عند الفارابي في الدنيا والآخرة هي أربعة أجناس :
1- الفضائل النظرية : تحصل نتيجة للتأمل والفحص والاستنباط والتعليم والتعلم للعلوم الأولى أي المبادئ الأولى للمعرفة
2- الفضائل الفكرية : وهي ملازمة للفضائل النظرية , و بها يمكن للإنسان أن يستنبط ما هو أنفع بالنسبة لغاية فاضلة .
3- الفضائل الخلقية : وهي مرتبة تالية للفضائل الفكرية , لأن الفضائل الفكرية شرطاً لها , و بها يصل إلى الخير .
4- الفضائل العملية : وهي تحصل للإنسان بأن يعتاد أفعالها بالطرق التي تمكًنها في نفسه تمكيناً تاماً , حتى يصبح نهوض عزيمته نحو القيام بها طوعا أو بالإكراه
خامسا : الفضيلة والرذيلة ( فطرية ـــ مكتسبة )
1- الفضائل والرذائل تحصل في النفس بتكرار الأعمال والتمرس بما كان خيرا منها وهى الفضائل وما كان شرا وهى الرذائل0
2- فالإنسان لا يمكن أن يفطر بالطبع على الفضائل وإن أمكن أن يكون بالطبع معدا لفعل الفضيلة أوالرذيلة ، أي أن يكون له استعداد طبيعي على اكتساب تلك الهيئات وهذه الهيئات متى استقرت في النفس صعب زوالها .
3- وهذا يعنى أن الفعل له جانبان أحدهما يتمثل في
- الاستعداد الطبيعي ( الطبع )
- والآخر يأتي من تكرار الفعل ( العادة ) وهذه يمكن تغييرها بالتعود والممارسة للفعل وهناك جانب لا يمكن تغييره وهذا الجانب يجب فيه ضبط النفس والصبر0
سادسا : الصلة بين الفضيلة واللذة
1- الإنسان الفاضل : هو الذي " يتبع بفعله ما تنهض إليه هيئته وشهوته ويعمل الخيرات وهو يهواها ويشتاقها ، ولا يتأذى بها بل يستلذها "
2- الإنسان الرزيل : هو الذي ينفر من كل ذلك
3- الإنسان الضابط لنفسه : الذي يفعل أفعال الفاضل وهو مع ذلك لم يتحرر من رق اللذة مادامت تجاذبه شهوته بعد
- فاللذة إذن كما رأى أرسطو : ليست " غاية الحياة وكمال العيش " كما تظن العامة لأنها كثيرا ما تصدنا عن الفضيلة وتحول بيننا وبين السعادة القصوى ، وهى مع ذلك مقياس من مقاييس الفضيلة .
-0واللذات نوعان عاجلة وآجلة ، وكذلك الألم المقابل لها
- ويمكن للفرد كبح جماح شهوته الرامية إلى لذة عاجلة بتخيل الألم اللاحق فيسهل عليه ترك الفعل القبيح
- وبوسعه كذلك إذا مالت نفسه إلى ترك فعل جميل بسبب أذى عاجل أن يدافعه بتخيل اللذة التي لابد أن تتبعه في العاقبة ، فيسهل عليه فعل الجميل .
-واللذات بدنية ونفسية
- واللذة البدنية أو الجسدية : تتم بالحواس لذلك فهي سهلة و قريبة ولكنها سريعة الزوال
- واللذة النفسية أو الفكرية : تتم بالعقل مثل لذة المعرفة فهي هدف بعيد المنال طويل الأمد
ويبلغ الإنسان الفضيلة أو العمل الصالح ( الخير )
بالتوسط والاعتدال فالفضيلة عنده وسط بين طرفين و كلاهما إفراط و تفريط و كلاهما رذيلة مثال : الشجاعة وسط بين الجبن و التهور .
سابعا: السعادة هي غاية الفعل الأخلاقي
1- تتحقق السعادة عندما تصير نفس الإنسان من الكمال في الوجود حيث لا تحتاج في قوامها إلى مادة
2- والنفس تبلغ السعادة بأفعال
- لاإرادية بعضها أفعال فكرية وبعضها أفعال بدنية
- أما الأفعال الإرادية التي تنفع في بلوغ السعادة هي الأفعال الجميلة فهي ليست خيرات لذاتها بل هي خيرات لأجل بلوغ السعادة .
3-والأفعال التي تعوق عن بلوغ السعادة
هي الشرور وهى الأفعال القبيحة والهيئات والملكات التي تصدر عنها هي النقائص والرذائل والخسائس .
4-فالسعادة بذلك هي الخير المطلوب لذاته وليست مطلوبة لينال بها شيء آخر .
مناقشة حول مذهب الفارابي الأخلاقي:
1 ـ صاحب نظرة شاملة إذ أهمل الفوارق و بحث أوجه الشبه بين المذاهب الفلسفية .
2 ـ تأثر بفلاسفة اليونان ( أرسطو – أفلاطون ) كما تأثر بالديانة الإسلامية ولم يقف عند مجرد التأثر أو النقل عن فلاسفة اليونان وإنما خالفهم في الكثير من القضايا .
4 - وفق بين فلسفتي أفلاطون و أرسطو
5 -وفق بين الدين و الفلسفة وسبق بذلك الكثير من فلاسفة الإسلام أمثال ابن رشد
الاتجاه الصوفى ( الغـــزالي)
أولا : تعريف الخلق
هو عبارة عن هيئة راسخة في النفس تصدر عنها الأفعال بسهولة ويسر من غير حاجة إلى فكر وروية .
- ويرى الغزالي أن الطريق لتربية الخلق هو التخلق :
وهو حمل النفس على الأعمال التي يقتضيها الخلق المطلوب .
مثال : من أراد لنفسه خلق الجود فعليه ببذل المال حتى يصير ذلك طبعاً له.
ثانيا : الخير والشر
1- الشر هو "ما يضر في العاقبة " - الخير بأنه " ما ينفع في الدار الآخرة"
2- فالمعيار الصحيح لمعرفة الخير والشر :
- هو النظر إلى دار الخلود فما ينفع الإنسان في هذه الحياة الدنيا ويضره يوم الحساب في الآخرة لا يعد خيراً
- ولذلك يقول الغزالي " فمنبع كل الشرور أن يتجه الإنسان للحياة الدنيا فقط ويعمل من أجلها متجاهلاً الآخرة , فالدنيا هي مزرعة الآخرة
- فالإنسان محتاج إلى الشريعة للتمييز بين الخير والشر وإلى عقله ليدله عند التطبيق
ثالثا: منازل الهدايه
الأولى :- تعريف طريقي الخير والشر المشار إليه بقوله تعالى " وهديناه النجدين". فقد أنعم الله على كافة عبادة بالعقل 0
الثانية : ما يمد به العبد حالاً بعد حال بحسب ترقيته في العلوم وحسب صالح الأعمال بقوله تعالى " والذين اهتدوا زادهم هدى وأتاهم تقواهم "
الثالثة : هي النور الذي يشرق في عالم الولاية والنبوة فيهتدي به إلى ما لا يهتدي إليه العقل الذي به يحصل التكليف وإمكان التعلم قال تعالى " قل إن هدى الله هو الهدى "
رابعا : مقياس الحسن والقبح في الأفعال
1- الحسن والقبح مردهما إلى الشرع فالفعل لا يكون حسنا لذاته ولا قبيحا لذاته وإنما الحسن ما حسنه الشرع والقبيح ما قبحه الشرع
2- إذ أنه يقيس قيمة الفعل الخلقية ( خير ـ شر ) بمقياس العقل والشرع معا فالخير هو ما وافق العقل والشرع معا والشر هو ما خالف الشرع والعقل معا
3-والغزالي بذلك يخالف آراء المعتزلة التي أسندت مسالة الحسن والقبح للعقل فقط
خامسا : الفضائل والرذائل
1- يرى الإمام الغزالي أن الإنسان يميل بطبيعته للفضائل
2-ويقول عن ميل الإنسان " فأما ميله إلى الحكمة وحب الله تعالى ومعرفته وعبادته كالميل إلى الطعام والشراب فإنه مقتضى طبع القلب فإنه أمر رباني
3- أما الرذائل فهي أمراض يمكن علاجها ولهذا يقول " الرذيلة من أمراض القلب " وميله لمقتضيات الشهوة غريب عن ذاته وعارض على طبعه0
سادسا: قوى النفس وفضائلها
أولاً : قوى النفس
1- قوة التخيل :
- " فعندما يستقيم الإنسان على المنهج الإلهي يستقيم خياله ويكون منزلاً للملائكة , وعندما يبتعد الإنسان عن خالقه يحدث الاعوجاج في خياله فيكون منزلاً للشياطين .
- يقول الإمام الغزالي " الأذهان كثيراً ما تزيغ عن الجادة فترى الخطأ صواب والصواب خطأ , ولهذا قيل اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه
2- قوة الشهوة :
- الإنسان لا يصير خارجاً عن جملة البهائم وأسر الهوى إلا بإماتة الشهوات أو بقهرها وقمعها وإن لم يمكنه إماتتها ستضره وتغريه وتعيقه وتصرفه عن طريق الآخرة
- ورغم أن القوة الشهوانية أصعب قوى النفس إصلاحاً إلا أنه لاغني عنها فى عمارة الأرض ولو تصورنا عدم وجودها لأختل نظام الدين والدنيا
3- القوة الغضبية :
- هي شعلة نار اقتبست من نار الله الموقدة التي لا تطلع إلا على الأفئدة
- وإذا كان لهذه القوة إفراط فسيدفع إلى المهالك و أن لها تفريط يقصر عن الصبر والحلم والحمية والشجاعة .
ثانياً : فضائل النفس
- لكل قوى من قوى النفس إفراط وتفريط وكلاهما رذيلة
- والفضيلة هي الوسط والاعتدال , ومعيار الاعتدال " العقل والشرع " فبدون العقل والشرع لا نستطيع الوصول الوسط الذهبي الذي نعبر عنه بالطريق المستقيم وندعو الله أن يهدينا إليه.
1- الحكمة فضيلة القوة العقلية :-
- هي وسط بين رذيلتين الخب والبله
- فالخب فهو طرف إفراطها وزيادتها عن الاعتدال و هو حالة يكون بها الإنسان ذات مكر وحيلة بإطلاق القوة الغضبية والشهوانية لتتحرك إلى المطلوب حركة زائدة عن الواجب
- أما البله فهو طرف تفريطها ونقصها عن الاعتدال و هو حال تنقص القوه الغضبية والشهوية عن القدر الواجب
2- الشجاعة فضيلة القوة الغضبية :
- وهي وسط بين رذيلتين الجبن والتهور
- فالتهور هو الزيادة على الاعتدال فهو الحالة التي بها يقدم الإنسان على الأمور الخطرة التي يجب في العقل الإحجام عنها
- أما الجبن فطرف النقصان وهو الحالة التي تنقبض حركة القوة الغضبية عن القدر الواجب ,
3- فضيلة القوة الشهوانية هي العفة :
- وهي وسط بين رذيلتين الشره والخمود
- أما الشره فهو إفراط الشهوة إلى المبالغة في اللذات التي تستقبحها القوة العقلية وتنهي عنها
- أما الخمود فهو قصور الشهوة عن الانبعاث إلى ما يقضي العقل تحصيله"
4- فضيلة العدالة :
- هي عبارة عن وقوع القوى الثلاثة على الترتيب الواجب فيها فهي ليست جزء من الفضائل بل هي جملة الفضائل
-وهى ليست وسط بين رذيلتين بل رذيلة واحدة , هي الجور , فليس بين الترتيب وعدم الترتيب وسط
- وكما أن العدالة جامعة لجميع الفضائل فأن الجور جامعاً لجميع الرذائل
- واكتساب الإنسان للفضائل يرجع إلى اعتدال قوتي الشهوة والغضب وطاعتهما للعقل والشرع . وهذا الاعتدال يحصل على وجهين
1- إما بجود إلهي وكمال فطري بحيث يولد الإنسان كامل العقل حسن الخلق
2- آو بالمجاهدة والرياضة أي حمل النفس على العمل التي يقتضيه الخلق المطلوب
- فاكتساب الأخلاق الحسنة كما يرى الإمام
1- تارة تكون بالفطرة
2-وتارة تكون باعتياد الأفعال الجميلة
3-وتارة تكون بمشاهدة أرباب الأفعال الجميلة ومصاحبتهم
- وبذلك يرى الإمام أن
1- القدوة الحسنة والصحبة من العوامل التي تساعد الإنسان على اكتساب الفضائل والعلاج من الرذائل
2- والسعي لاكتساب الفضائل هدف يدعو إليه كل من العقل والشرع معاً
3- ولكي يحقق الإنسان هذا الهدف لابد من مقاومة الهوى المذموم وهو الذي قال عنه الله تعالى " وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى "
سابعا : غاية الأخلاق
هي تحقيق الخير الأعلى ( السعادة ) والخيرات في هذه الحياة كثيرة وهى أربعة أنواع :
1 ـ خيرات النفس : وتتمثل في الفضائل الأربعة (الحكمة والشجاعة والعفة والعدل ) .
2 ـ خيرات البدن : وهى ( الصحة والقوة والجمال وطول العمر )
3 ـ خيرات خارجية : وهى تشمل ( المال والأهل والعز وكرم الأصل ).
4 ـ خيرات توفيقية : وتشمل ( هداية الله ورشده وتسديده وتوفيقه ) .
- وهذه الخيرات ليست هي الخير الأعلى لكن الخير الأعلى يكون في السعادة الأخروية التي هي بقاء لا فناء له وسرور لا غم فيه وعلم لا جهل معه وغنى لا فقر
- وبذلك فالسعادة الحقيقية في رأى الغزالي ليست في اللذات الحسية ولكن في بلوغ النفس كمالها بادراك الحقائق كاملة و واضحة وهذا يتم بمعرفة الحقيقة الإلهية في الآخرة.
مناقشة مذهب الغزالي الأخلاقي
1 ـ مقياس خيرية الأفعال هو العقل و الشرع معا جعل مذهبه الأخلاقي نابعا من صميم الدين الإسلامي
2 ـ تقسيمه للأفعال الخيرة إلى واجب ومستحب والأفعال الشريرة إلى حرام ومكروه يؤكد نظرته الإسلامية الخالصة فهذا التقسيم مستمد من صميم القرآن والسنة .
3 ـ تقسيمه للنفس لقوى ثلاث لا يختلف عما قدمه فلاسفة اليونان أفلاطون وأرسطو.
4 ـ تمتاز نظرة الغزالي للأخلاق بأنه جعل للخير أبعاد اجتماعية .
5 ـ أغفل الغزالي دور الفعل الأخلاقي في تحقيق السعادة الفردية والاجتماعية وقصر مفهوم السعادة على السعادة الأخروية .
أسئلة وتدريبات
س1- حدد المقصود بالالزام الخلقى بمثال
س2- هل توافق على رد الالزام الخلقى الى مصدر واحد – اذكر مبرراتك
س3- اللذة أو المنفعة هى الخير الاقصى أخلاقيا وضح وجهة نظر النفعيين فى ذلك
س4- جعل النفعيون ( الأنانية) مبدأ الحياة الاخلاقية – ناقش فى ضوء ما درست
س5- يرى أصحاب مذهب المنفعة العامة أن القيمة الاخلاقية للفعل تتحدد فى نتائجه – هل تتفق مع هذا الرأى
س6- تعرض مذهب المنفعة العامة – فى الالزام الخلقى – لبعض الانتقادات بين ذلك
س7- بين الصواب والخطأ مع التعليل : اهتم أنصار المنفعة العامة بالقيم الانسانية
س8- بين الصواب والخطأ مع التعليل : الأخلاق علم معيارى فى مذهب الاجتماعيين الوضعيين
س9- بين الصواب والخطأ مع التعليل : تميز موقف الاجتماعيين الوضعيين بالطابع التجريبى فى الاخلاق
س10- المجتمع يحدد القيم الاخلاقية من وجهة نظر الاجتماعيين الوضعيين – هل توافق على هذا الرأى ؟ ولماذا ؟
س11- تعرض مذهب الاجتماعيين الوضعيين للنقد – عقب برأيك
س12- حدد المقصود بالمصطلحات التالية : الحاسة الخلقية عند شافتسبرى
س13- بين خصائص الحاسة الخلقية عند شافتسبرى بمثال
س14- ناقش الانتقادات التى وجهت لمذهب الحاسة الخلقية فى الالزام الخلقى
س15- تتسم الفضائل عند مسكويه بالتوسط – وضح ذلك
س16- حدد الصواب والخطأ مع التعليل : اسس مسكوية الاخلاق على القوة العاقلة
س17- ربط مسكويه الأخلاق بالحياة الاجتماعية – وضح ذلك
س18- بين الصواب والخطأ مع التعليل : يرى مسكويه أن الانسان مدنى بالطبع واجتماعى بالفطرة
س19- وضع مسكويه مذهبا اسلاميا فى الاخلاق وهى محاولة طيبة ولكن وجهت اليه بعض الانتقادات وضحها
س20- وضح كيف كانت فلسفة كانط الاخلاقية انعكاسا لظروف نشأته
س21- وضح اهم معالم المنهج العقلى عند كانط
س22- قسم كانط العقل الى ثلاثة اقسام وضحها
س23- بين الصواب والخطأ مع التعليل : الواجب هو محور الاخلاق الانسانية عند كانط
س24- وجه كانط النقد لبعض المذاهب الاخلاقية الاخرى فسر ذلك
س25- الواجب عند كانط يعنى ضرورة أداء الفعل احتراما للقانون العقلى فى ذاته – اشرح هذه العبارة
س26- ميز كانط بين نوعين من الأوامر العقلية فى المجال الأخلاقى – وضح ذلك مسترشدا بمثال لكل منهما
س27- ناقش فى ضوء ما درست : تميز القانون الخلقى عند كانط بخصائص معينة لقيامه على مبادئ العقل
س28- ناقش الانتقادات التى وجهت الى مذهب الواجب الكانطى
أسئلة وتدريبات (الكتاب المدرسي)
1- صنف قوي النفس عند الفارابي . 2- الفضيلة عند الفارابي وسط بين حدين الإفراط و التفريط . فسر
3- السعادة هي غاية الفعل الأخلاقي في رأي الفارابي . هل تتفق معه ؟ اذكر مبرراتك .
4- عقب برأيك علي مذهب الفارابي في الأخلاق . 5- صمم جدولا تبين فيه تصنيف الغزالي لقوي النفس وفضائلها 6- ما هي الغاية من عمل الخير في رأي الغزالي . 7- ناقش مذهب الغزالي الأخلاقي .
8- حدد المقصود بالأتي :
- الفضائل النظرية عند الفارابي . - الإنسان الفاضل من وجهة نظر الفارابي .
- الخلق عند الغزالي . - الخير و الشر عند الغزالي .
9- حدد الصواب والخطأ فيما يلي مع التعليل :
- ممارسة الأعمال المحمودة هي السبب للوصول إلي السعادة عند الفارابي .
- الحكمة فضيلة القوة العقلية عند الغزالي .
- اغفل الغزالي دور الفعل الأخلاقي في تحقيق السعادة الفردية الاجتماعية .
- الحسن و القبح مردهما العقل في رأي الغزالي .
- الرذائل عند الغزالي أمراض لا يمكن علاجها .
الاتجاه العقلي (مسكويه)
1- ظروف عصر مسكويه
هو أبو على بن يعقوب الملقب بمسكويه ، وضع مذهبًا متكاملاً فى النفس والأخلاق أساسه السمو والارتقاء بالأخلاق إلى المستوى العقلى الذى يميز الإنسان عن الحيوان ، وعاش عصر سارت فيه محاولات التوفيق بين الفلسفة والدين فانتشرت أفكار أفلاطون وأرسطو فوضع بذلك مذهبًا أخلاقيًا متأثرًا فيه بأقسام النفس وفضائلها عند أفلاطون وأرسطو و ذاد عليه الطابع الإسلامى.
2- مذهبه الاخلاقى
قام "مسكويه " في وضع مذهب أخلاقي اسلامى تأثر فيه بتقسيمات النفس وفضائلها عند أفلاطون وأرسطو وزاد عليه الطابع الاسلامى ويرتكز على جانبين:
أ- السمو بالأخلاق إلى أرقى ما يميز الإنسان وهو العقل
ب- ضرورة ارتباط الأخلاق العقلية للفرد بالحياة الاجتماعية للبشر
3- أقسام النفس وفضائلها
1- القوة الشهوانية (تسمى البهيمية نسبة إلى البهائم)
- وهى أدنى قوى النفس ووظيفتها إشباع حاجات الجسم المادية فقط
- فضيلتها العفة : وهى وسط بين الشره والخمود و تنتج عن السخاء
2- القوة الغضبية (تسمى السبعية نسبة الى السباع)
- هي أوسط قوى النفس ووظيفتها الانفعال والغضب واستخدام القوة
- فضيلتها الشجاعة : وهى وسط بين الجبن والتهور و تنتج عن الحلم
3- القوة العاقلة (تسمى الناطقة أو الملكية )
- هى أرقى قوى النفس ووظيفتها التفكير والتعقل وإدراك الحقائق الإنسانية
- فضيلتها الحكمة : وهى وسط بين السفه والبله وهى تنتج عن العلم
- وعندما يشبع الإنسان القوى الثلاث بطريقة معتدلة تظهر فضيلة رابعة
وهى العدالة وهى وسط بين الظلم والانظلام
4- تتسم الفضائل عند مسكويه بالتوسط
لان الفضيلة عند مسكوية : هى وسط بين رذيلتين أو طرفين مذمومين
- فقسم "مسكويه" النفس الإنسانية إلى ثلاث قوى لكل قوة فضيلة خاصة بها مثل:
1- القوة الشهوانية فضيلتها العفة : وهى وسط بين الشره والخمود و تنتج عن السخاء
2- القوة الغضبية فضيلتها الشجاعة : وهى وسط بين الجبن والتهور و تنتج عن الحلم
3-القوة العاقلة فضيلتها الحكمة :وهى وسط بين السفه والبله وهى تنتج عن العلم
4- فضيلة رابعة و هى وسط بين الظلم والانظلام
5- الرقى الاخلاقى
1 - الإنسان عندما يسمو بنفسه ويرتقى فوق القوة الشهوانية والغضبية يصل إلى قوته العاقلة فتكمل حياته الأخلاقية
2 - القوة العاقلة هي القوة القائمة على (اللذة المعنوية) وهى المطلوبة من الأخلاق السامية التي تختلف بذلك عن اللذة الحسية (مذهب المنفعة العامة) المرتبطة بالقوة الشهوانية التي يشترك فيها الإنسان مع الحيوان
6- ارتباط الأخلاق بالحياة الاجتماعية
1- يرى مسكويه أن الخير الأسمى والسلوك الاخلاقى والفضائل الإنسانية الراقية لا تتحقق ولا تظهر في حياة الفرد المنعزل عن الجماعة
2- ولكن لابد أن يكون الفرد عضوا في المجتمع ويمكن حينئذ وصفه سلوكه بالأخلاقية والفضيلة أو بالا أخلاقية وانعدام الفضيلة
3- فالإنسان عند "مسكويه" مدني بالطبع واجتماعي بالفطرة لذلك الإسلام كدين عقلي اجتماعي يرفع من قدر اجتماع المسلمين في (الصلاة – تعمير الأرض-التراحم بين أفراد المجتمع)
نقد مذهب مسكويه الاخلاقى
1 - تأثر مسكويه برأي أفلاطون فى أقسام النفس وأرسطو في فضائل النفس دون أي تغيير
2- اكتفى بجوانب اجتماعية بسيطة من الإسلام في حين أنه كان بإمكانه استخلاص مذهب اسلامى أكثر تكاملا
3- جعل الفضائل الأخلاقية محدودة في قوالب ثابتة وصورة جامدة بينما تتسم الحياة الأخلاقية بالحيوية والنشاط والطاقة المتجددة
الاتجاه الاجتماعى( الفـارابــــــي)
مؤلفاته : اشتهر الفارابي كشارح لأرسطو و مع ذلك فإن قيمة الفارابي تقوم على ما صنفه من كتب وأشهر كتبه في مجال الأخلاق نذكر منها " تحصيل السعادة " ، " آراء أهل المدينة الفاضلة " ، " السياسة المدنية " .
أولا : قوى النفس
1- القوة الغاذية : التي بها يتغذى الإنسان
2- القوة الحاسة : التي بها يحس الملموس مثل الحرارة والبرودة و الطعوم و الروائح و الأصوات وغيرها
3- القوة المتخيلة : التي بها يحفظ ما ارتسم في نفسه من المحسوسات بعد غيبتها عن مشاهدة الحواس وهذه القوة تركب وتفصل المحسوسات
4-القوة النزوعية : هي التي تشتاق إلى الشيء وتكرهه
5- القوة الناطقة : والتي بها يمكن أن يعقل المعقولات و بها يميز بين الجميل والقبيح وأقسام هذه القوة اثنان : نظري وعملي بفروعهما .
- غرض العقل النظري : علم الموجودات التي ليس من شأنها أن يغيرها الإنسان من حال إلى حال خلافا للعقل العملي بشقيه الفكري والمهني ( أو الصناعي )
- وظيفة العقل النظري: النظر في العمل الذي يريد أن يعمله الإنسان هل يمكن أن يعمله ؟ أم لا ؟ والعقل المهني به تكتسب المهن و الصنائع العملية
6- القوة الفكرية : هي القوة الخلقية التي يستنبط بها الفرد ما كان نافعا في تحصيل أغراضه الخلقية من خير حقيقي أو مظنون أو توخي شر قد ينتج عن شطط القوة الفكرية
- وحصول هذه القوة للمرء لا يكون بالإرادة وحسب بل بالطبع أيضا كما تكون الشجاعة في الأسد والمكر في الثعلب
ثانيا : القوى الإدراكيّة الثلاثة للّنفس:
إنّها قوّة الحسّ، وقوّة التّخيّل، وقوّة التعقّل.
1 ـ قوة الحسّ : - تنقسم إلى الحواسّ الخمس المعروفة، و لا تدرك إلاّ المحسوس
2 ـ قوة الخيال :- تدرك ما ارتسم من المحسوس بعد ذهابه
3 ـ قوة التعقل :- تدرك الصور العقلية الخالصة من كل محسوس .
ثالثا : الأخلاق والسعادة والفضائل
1- السعادة هي الغاية القصوى التي يسعى إليها الإنسان , لأنها أسمى الخيرات , وبقدر سعي الإنسان إلى بلوغ الخير تكتمل السعادة .
2- للوصول للسعادة ياتى من :
ممارسة الأعمال المحمودة عن إرادة وفهم متصلين , إذاً الممارسات عنصراً هاما لاكتساب الأخلاق المحمودة أو المذمومة ,ومن الممارسة تتولد العادة لتصير ملكة راسخة تتجه دائماً إلى عمل الخير.
3- وعرف الفارابي الفضيلة بأنها :
وسط بين حدين : هما الإفراط والتفريط , فالعمل الصالح هو العمل المتوسط , فالشجاعة حد وسط بين التهور والجبن , والكرم وسط بين البخل والإفراط , والعفة وسط بين الخلاعة وعدم الشعور باللذة .
4- كما أن
- اللذات الحسية : تأتي عن طريق الحواس لذلك فهي سهلة المنال سريعة الزوال
- اللذات الفكرية : تأتي عن طريق العقل ولا تكتسب إلا بممارسة الخصال الحسنة مثل جودة التمييز التي نحصل بها على المعرفة فنصل إلى السعادة .
رابعا : كيف تتحقق السعادة قي الدنيا والآخرة ؟
مصادر السعادة عند الفارابي في الدنيا والآخرة هي أربعة أجناس :
1- الفضائل النظرية : تحصل نتيجة للتأمل والفحص والاستنباط والتعليم والتعلم للعلوم الأولى أي المبادئ الأولى للمعرفة
2- الفضائل الفكرية : وهي ملازمة للفضائل النظرية , و بها يمكن للإنسان أن يستنبط ما هو أنفع بالنسبة لغاية فاضلة .
3- الفضائل الخلقية : وهي مرتبة تالية للفضائل الفكرية , لأن الفضائل الفكرية شرطاً لها , و بها يصل إلى الخير .
4- الفضائل العملية : وهي تحصل للإنسان بأن يعتاد أفعالها بالطرق التي تمكًنها في نفسه تمكيناً تاماً , حتى يصبح نهوض عزيمته نحو القيام بها طوعا أو بالإكراه
خامسا : الفضيلة والرذيلة ( فطرية ـــ مكتسبة )
1- الفضائل والرذائل تحصل في النفس بتكرار الأعمال والتمرس بما كان خيرا منها وهى الفضائل وما كان شرا وهى الرذائل0
2- فالإنسان لا يمكن أن يفطر بالطبع على الفضائل وإن أمكن أن يكون بالطبع معدا لفعل الفضيلة أوالرذيلة ، أي أن يكون له استعداد طبيعي على اكتساب تلك الهيئات وهذه الهيئات متى استقرت في النفس صعب زوالها .
3- وهذا يعنى أن الفعل له جانبان أحدهما يتمثل في
- الاستعداد الطبيعي ( الطبع )
- والآخر يأتي من تكرار الفعل ( العادة ) وهذه يمكن تغييرها بالتعود والممارسة للفعل وهناك جانب لا يمكن تغييره وهذا الجانب يجب فيه ضبط النفس والصبر0
سادسا : الصلة بين الفضيلة واللذة
1- الإنسان الفاضل : هو الذي " يتبع بفعله ما تنهض إليه هيئته وشهوته ويعمل الخيرات وهو يهواها ويشتاقها ، ولا يتأذى بها بل يستلذها "
2- الإنسان الرزيل : هو الذي ينفر من كل ذلك
3- الإنسان الضابط لنفسه : الذي يفعل أفعال الفاضل وهو مع ذلك لم يتحرر من رق اللذة مادامت تجاذبه شهوته بعد
- فاللذة إذن كما رأى أرسطو : ليست " غاية الحياة وكمال العيش " كما تظن العامة لأنها كثيرا ما تصدنا عن الفضيلة وتحول بيننا وبين السعادة القصوى ، وهى مع ذلك مقياس من مقاييس الفضيلة .
-0واللذات نوعان عاجلة وآجلة ، وكذلك الألم المقابل لها
- ويمكن للفرد كبح جماح شهوته الرامية إلى لذة عاجلة بتخيل الألم اللاحق فيسهل عليه ترك الفعل القبيح
- وبوسعه كذلك إذا مالت نفسه إلى ترك فعل جميل بسبب أذى عاجل أن يدافعه بتخيل اللذة التي لابد أن تتبعه في العاقبة ، فيسهل عليه فعل الجميل .
-واللذات بدنية ونفسية
- واللذة البدنية أو الجسدية : تتم بالحواس لذلك فهي سهلة و قريبة ولكنها سريعة الزوال
- واللذة النفسية أو الفكرية : تتم بالعقل مثل لذة المعرفة فهي هدف بعيد المنال طويل الأمد
ويبلغ الإنسان الفضيلة أو العمل الصالح ( الخير )
بالتوسط والاعتدال فالفضيلة عنده وسط بين طرفين و كلاهما إفراط و تفريط و كلاهما رذيلة مثال : الشجاعة وسط بين الجبن و التهور .
سابعا: السعادة هي غاية الفعل الأخلاقي
1- تتحقق السعادة عندما تصير نفس الإنسان من الكمال في الوجود حيث لا تحتاج في قوامها إلى مادة
2- والنفس تبلغ السعادة بأفعال
- لاإرادية بعضها أفعال فكرية وبعضها أفعال بدنية
- أما الأفعال الإرادية التي تنفع في بلوغ السعادة هي الأفعال الجميلة فهي ليست خيرات لذاتها بل هي خيرات لأجل بلوغ السعادة .
3-والأفعال التي تعوق عن بلوغ السعادة
هي الشرور وهى الأفعال القبيحة والهيئات والملكات التي تصدر عنها هي النقائص والرذائل والخسائس .
4-فالسعادة بذلك هي الخير المطلوب لذاته وليست مطلوبة لينال بها شيء آخر .
مناقشة حول مذهب الفارابي الأخلاقي:
1 ـ صاحب نظرة شاملة إذ أهمل الفوارق و بحث أوجه الشبه بين المذاهب الفلسفية .
2 ـ تأثر بفلاسفة اليونان ( أرسطو – أفلاطون ) كما تأثر بالديانة الإسلامية ولم يقف عند مجرد التأثر أو النقل عن فلاسفة اليونان وإنما خالفهم في الكثير من القضايا .
4 - وفق بين فلسفتي أفلاطون و أرسطو
5 -وفق بين الدين و الفلسفة وسبق بذلك الكثير من فلاسفة الإسلام أمثال ابن رشد
الاتجاه الصوفى ( الغـــزالي)
أولا : تعريف الخلق
هو عبارة عن هيئة راسخة في النفس تصدر عنها الأفعال بسهولة ويسر من غير حاجة إلى فكر وروية .
- ويرى الغزالي أن الطريق لتربية الخلق هو التخلق :
وهو حمل النفس على الأعمال التي يقتضيها الخلق المطلوب .
مثال : من أراد لنفسه خلق الجود فعليه ببذل المال حتى يصير ذلك طبعاً له.
ثانيا : الخير والشر
1- الشر هو "ما يضر في العاقبة " - الخير بأنه " ما ينفع في الدار الآخرة"
2- فالمعيار الصحيح لمعرفة الخير والشر :
- هو النظر إلى دار الخلود فما ينفع الإنسان في هذه الحياة الدنيا ويضره يوم الحساب في الآخرة لا يعد خيراً
- ولذلك يقول الغزالي " فمنبع كل الشرور أن يتجه الإنسان للحياة الدنيا فقط ويعمل من أجلها متجاهلاً الآخرة , فالدنيا هي مزرعة الآخرة
- فالإنسان محتاج إلى الشريعة للتمييز بين الخير والشر وإلى عقله ليدله عند التطبيق
ثالثا: منازل الهدايه
الأولى :- تعريف طريقي الخير والشر المشار إليه بقوله تعالى " وهديناه النجدين". فقد أنعم الله على كافة عبادة بالعقل 0
الثانية : ما يمد به العبد حالاً بعد حال بحسب ترقيته في العلوم وحسب صالح الأعمال بقوله تعالى " والذين اهتدوا زادهم هدى وأتاهم تقواهم "
الثالثة : هي النور الذي يشرق في عالم الولاية والنبوة فيهتدي به إلى ما لا يهتدي إليه العقل الذي به يحصل التكليف وإمكان التعلم قال تعالى " قل إن هدى الله هو الهدى "
رابعا : مقياس الحسن والقبح في الأفعال
1- الحسن والقبح مردهما إلى الشرع فالفعل لا يكون حسنا لذاته ولا قبيحا لذاته وإنما الحسن ما حسنه الشرع والقبيح ما قبحه الشرع
2- إذ أنه يقيس قيمة الفعل الخلقية ( خير ـ شر ) بمقياس العقل والشرع معا فالخير هو ما وافق العقل والشرع معا والشر هو ما خالف الشرع والعقل معا
3-والغزالي بذلك يخالف آراء المعتزلة التي أسندت مسالة الحسن والقبح للعقل فقط
خامسا : الفضائل والرذائل
1- يرى الإمام الغزالي أن الإنسان يميل بطبيعته للفضائل
2-ويقول عن ميل الإنسان " فأما ميله إلى الحكمة وحب الله تعالى ومعرفته وعبادته كالميل إلى الطعام والشراب فإنه مقتضى طبع القلب فإنه أمر رباني
3- أما الرذائل فهي أمراض يمكن علاجها ولهذا يقول " الرذيلة من أمراض القلب " وميله لمقتضيات الشهوة غريب عن ذاته وعارض على طبعه0
سادسا: قوى النفس وفضائلها
أولاً : قوى النفس
1- قوة التخيل :
- " فعندما يستقيم الإنسان على المنهج الإلهي يستقيم خياله ويكون منزلاً للملائكة , وعندما يبتعد الإنسان عن خالقه يحدث الاعوجاج في خياله فيكون منزلاً للشياطين .
- يقول الإمام الغزالي " الأذهان كثيراً ما تزيغ عن الجادة فترى الخطأ صواب والصواب خطأ , ولهذا قيل اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه
2- قوة الشهوة :
- الإنسان لا يصير خارجاً عن جملة البهائم وأسر الهوى إلا بإماتة الشهوات أو بقهرها وقمعها وإن لم يمكنه إماتتها ستضره وتغريه وتعيقه وتصرفه عن طريق الآخرة
- ورغم أن القوة الشهوانية أصعب قوى النفس إصلاحاً إلا أنه لاغني عنها فى عمارة الأرض ولو تصورنا عدم وجودها لأختل نظام الدين والدنيا
3- القوة الغضبية :
- هي شعلة نار اقتبست من نار الله الموقدة التي لا تطلع إلا على الأفئدة
- وإذا كان لهذه القوة إفراط فسيدفع إلى المهالك و أن لها تفريط يقصر عن الصبر والحلم والحمية والشجاعة .
ثانياً : فضائل النفس
- لكل قوى من قوى النفس إفراط وتفريط وكلاهما رذيلة
- والفضيلة هي الوسط والاعتدال , ومعيار الاعتدال " العقل والشرع " فبدون العقل والشرع لا نستطيع الوصول الوسط الذهبي الذي نعبر عنه بالطريق المستقيم وندعو الله أن يهدينا إليه.
1- الحكمة فضيلة القوة العقلية :-
- هي وسط بين رذيلتين الخب والبله
- فالخب فهو طرف إفراطها وزيادتها عن الاعتدال و هو حالة يكون بها الإنسان ذات مكر وحيلة بإطلاق القوة الغضبية والشهوانية لتتحرك إلى المطلوب حركة زائدة عن الواجب
- أما البله فهو طرف تفريطها ونقصها عن الاعتدال و هو حال تنقص القوه الغضبية والشهوية عن القدر الواجب
2- الشجاعة فضيلة القوة الغضبية :
- وهي وسط بين رذيلتين الجبن والتهور
- فالتهور هو الزيادة على الاعتدال فهو الحالة التي بها يقدم الإنسان على الأمور الخطرة التي يجب في العقل الإحجام عنها
- أما الجبن فطرف النقصان وهو الحالة التي تنقبض حركة القوة الغضبية عن القدر الواجب ,
3- فضيلة القوة الشهوانية هي العفة :
- وهي وسط بين رذيلتين الشره والخمود
- أما الشره فهو إفراط الشهوة إلى المبالغة في اللذات التي تستقبحها القوة العقلية وتنهي عنها
- أما الخمود فهو قصور الشهوة عن الانبعاث إلى ما يقضي العقل تحصيله"
4- فضيلة العدالة :
- هي عبارة عن وقوع القوى الثلاثة على الترتيب الواجب فيها فهي ليست جزء من الفضائل بل هي جملة الفضائل
-وهى ليست وسط بين رذيلتين بل رذيلة واحدة , هي الجور , فليس بين الترتيب وعدم الترتيب وسط
- وكما أن العدالة جامعة لجميع الفضائل فأن الجور جامعاً لجميع الرذائل
- واكتساب الإنسان للفضائل يرجع إلى اعتدال قوتي الشهوة والغضب وطاعتهما للعقل والشرع . وهذا الاعتدال يحصل على وجهين
1- إما بجود إلهي وكمال فطري بحيث يولد الإنسان كامل العقل حسن الخلق
2- آو بالمجاهدة والرياضة أي حمل النفس على العمل التي يقتضيه الخلق المطلوب
- فاكتساب الأخلاق الحسنة كما يرى الإمام
1- تارة تكون بالفطرة
2-وتارة تكون باعتياد الأفعال الجميلة
3-وتارة تكون بمشاهدة أرباب الأفعال الجميلة ومصاحبتهم
- وبذلك يرى الإمام أن
1- القدوة الحسنة والصحبة من العوامل التي تساعد الإنسان على اكتساب الفضائل والعلاج من الرذائل
2- والسعي لاكتساب الفضائل هدف يدعو إليه كل من العقل والشرع معاً
3- ولكي يحقق الإنسان هذا الهدف لابد من مقاومة الهوى المذموم وهو الذي قال عنه الله تعالى " وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى "
سابعا : غاية الأخلاق
هي تحقيق الخير الأعلى ( السعادة ) والخيرات في هذه الحياة كثيرة وهى أربعة أنواع :
1 ـ خيرات النفس : وتتمثل في الفضائل الأربعة (الحكمة والشجاعة والعفة والعدل ) .
2 ـ خيرات البدن : وهى ( الصحة والقوة والجمال وطول العمر )
3 ـ خيرات خارجية : وهى تشمل ( المال والأهل والعز وكرم الأصل ).
4 ـ خيرات توفيقية : وتشمل ( هداية الله ورشده وتسديده وتوفيقه ) .
- وهذه الخيرات ليست هي الخير الأعلى لكن الخير الأعلى يكون في السعادة الأخروية التي هي بقاء لا فناء له وسرور لا غم فيه وعلم لا جهل معه وغنى لا فقر
- وبذلك فالسعادة الحقيقية في رأى الغزالي ليست في اللذات الحسية ولكن في بلوغ النفس كمالها بادراك الحقائق كاملة و واضحة وهذا يتم بمعرفة الحقيقة الإلهية في الآخرة.
مناقشة مذهب الغزالي الأخلاقي
1 ـ مقياس خيرية الأفعال هو العقل و الشرع معا جعل مذهبه الأخلاقي نابعا من صميم الدين الإسلامي
2 ـ تقسيمه للأفعال الخيرة إلى واجب ومستحب والأفعال الشريرة إلى حرام ومكروه يؤكد نظرته الإسلامية الخالصة فهذا التقسيم مستمد من صميم القرآن والسنة .
3 ـ تقسيمه للنفس لقوى ثلاث لا يختلف عما قدمه فلاسفة اليونان أفلاطون وأرسطو.
4 ـ تمتاز نظرة الغزالي للأخلاق بأنه جعل للخير أبعاد اجتماعية .
5 ـ أغفل الغزالي دور الفعل الأخلاقي في تحقيق السعادة الفردية والاجتماعية وقصر مفهوم السعادة على السعادة الأخروية .
أسئلة وتدريبات
س1- حدد المقصود بالالزام الخلقى بمثال
س2- هل توافق على رد الالزام الخلقى الى مصدر واحد – اذكر مبرراتك
س3- اللذة أو المنفعة هى الخير الاقصى أخلاقيا وضح وجهة نظر النفعيين فى ذلك
س4- جعل النفعيون ( الأنانية) مبدأ الحياة الاخلاقية – ناقش فى ضوء ما درست
س5- يرى أصحاب مذهب المنفعة العامة أن القيمة الاخلاقية للفعل تتحدد فى نتائجه – هل تتفق مع هذا الرأى
س6- تعرض مذهب المنفعة العامة – فى الالزام الخلقى – لبعض الانتقادات بين ذلك
س7- بين الصواب والخطأ مع التعليل : اهتم أنصار المنفعة العامة بالقيم الانسانية
س8- بين الصواب والخطأ مع التعليل : الأخلاق علم معيارى فى مذهب الاجتماعيين الوضعيين
س9- بين الصواب والخطأ مع التعليل : تميز موقف الاجتماعيين الوضعيين بالطابع التجريبى فى الاخلاق
س10- المجتمع يحدد القيم الاخلاقية من وجهة نظر الاجتماعيين الوضعيين – هل توافق على هذا الرأى ؟ ولماذا ؟
س11- تعرض مذهب الاجتماعيين الوضعيين للنقد – عقب برأيك
س12- حدد المقصود بالمصطلحات التالية : الحاسة الخلقية عند شافتسبرى
س13- بين خصائص الحاسة الخلقية عند شافتسبرى بمثال
س14- ناقش الانتقادات التى وجهت لمذهب الحاسة الخلقية فى الالزام الخلقى
س15- تتسم الفضائل عند مسكويه بالتوسط – وضح ذلك
س16- حدد الصواب والخطأ مع التعليل : اسس مسكوية الاخلاق على القوة العاقلة
س17- ربط مسكويه الأخلاق بالحياة الاجتماعية – وضح ذلك
س18- بين الصواب والخطأ مع التعليل : يرى مسكويه أن الانسان مدنى بالطبع واجتماعى بالفطرة
س19- وضع مسكويه مذهبا اسلاميا فى الاخلاق وهى محاولة طيبة ولكن وجهت اليه بعض الانتقادات وضحها
س20- وضح كيف كانت فلسفة كانط الاخلاقية انعكاسا لظروف نشأته
س21- وضح اهم معالم المنهج العقلى عند كانط
س22- قسم كانط العقل الى ثلاثة اقسام وضحها
س23- بين الصواب والخطأ مع التعليل : الواجب هو محور الاخلاق الانسانية عند كانط
س24- وجه كانط النقد لبعض المذاهب الاخلاقية الاخرى فسر ذلك
س25- الواجب عند كانط يعنى ضرورة أداء الفعل احتراما للقانون العقلى فى ذاته – اشرح هذه العبارة
س26- ميز كانط بين نوعين من الأوامر العقلية فى المجال الأخلاقى – وضح ذلك مسترشدا بمثال لكل منهما
س27- ناقش فى ضوء ما درست : تميز القانون الخلقى عند كانط بخصائص معينة لقيامه على مبادئ العقل
س28- ناقش الانتقادات التى وجهت الى مذهب الواجب الكانطى
أسئلة وتدريبات (الكتاب المدرسي)
1- صنف قوي النفس عند الفارابي . 2- الفضيلة عند الفارابي وسط بين حدين الإفراط و التفريط . فسر
3- السعادة هي غاية الفعل الأخلاقي في رأي الفارابي . هل تتفق معه ؟ اذكر مبرراتك .
4- عقب برأيك علي مذهب الفارابي في الأخلاق . 5- صمم جدولا تبين فيه تصنيف الغزالي لقوي النفس وفضائلها 6- ما هي الغاية من عمل الخير في رأي الغزالي . 7- ناقش مذهب الغزالي الأخلاقي .
8- حدد المقصود بالأتي :
- الفضائل النظرية عند الفارابي . - الإنسان الفاضل من وجهة نظر الفارابي .
- الخلق عند الغزالي . - الخير و الشر عند الغزالي .
9- حدد الصواب والخطأ فيما يلي مع التعليل :
- ممارسة الأعمال المحمودة هي السبب للوصول إلي السعادة عند الفارابي .
- الحكمة فضيلة القوة العقلية عند الغزالي .
- اغفل الغزالي دور الفعل الأخلاقي في تحقيق السعادة الفردية الاجتماعية .
- الحسن و القبح مردهما العقل في رأي الغزالي .
- الرذائل عند الغزالي أمراض لا يمكن علاجها .