مشاهدة النسخة كاملة : كيف أتخلص من الحقد الذي في قلبي ؟


abomokhtar
15-09-2013, 07:14 AM
السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة.
أنا فتاةٌ أفقد أعصابي بسهولةٍ أثناء كلامي مع أمي، فأحقد عليها حقدًا كبيرًا؛ بسبب تفريقها بيني وبين أخي، فكيف أتخلَّص من ذلك؟


هذا أولًا.


ثانيًا: أنا أحقد على كثيرٍ مِن الناس، خاصة الذين آذوني في صغري، ولا أستطيع نسيان ما فعلوه بي، فعندما أراهم أو أسمع سيرة أحدِهم أتذكَّر كلَّ ما فعلوه فيَّ، ودائمًا أقول لنفسي: سأنتقم منهم جميعًا!


أصبحتُ أخاف على نفسي مِن نار جهنَّم، ولا أريد أن أخسرَ رضا ربي عني بسبب حقدي هذا.


وجزاكم الله خيرًا.



الجواب

بسم الله الموفق للصواب
وهو المستعان
سلامٌ عليك، أما بعدُ:
فإنَّ الحقدَ داءٌ دفينٌ؛ يتولد في القلب مِن غضبةٍ وموجدةٍ يجدها المرءُ على آخرين في أمورٍ دنيويةٍ، فيضمر الحاقدُ الشرَّ والعداوةَ في قلبه، متربِّصًا لفرصتها كل حينٍ حتى يتشفى وينتقمَ لنفسه.

ويُمكن الاستشفاء من الحقد بأمور، منها:
أولًا: الدُّعاء؛ لقوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 10]، وفي الحديث: ((اللهم اسْلُل سَخِيمةَ قلبي)).

ثانيًا: صوم ثلاثة أيام مِن كلِّ شهر؛ فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: ((صوم شهر الصبر وثلاثة أيامٍ مِن كل شهرٍ يُذْهبن وَحَر الصدر))، رواه البَزَّار، ورجاله رجالُ الصحيح.

ثالثًا: إفشاء السلام؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم: ((أفلا أنبئكم بشيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم))؛ رواه الترمذي، وحسَّنه الألبانيُّ.

رابعًا: التواضُع؛ لقول ابن حِبَّان في "روضة العقلاء": "لا يمتنع من التواضع أحدٌ، والتواضع يكسب السلامة، ويورث الألفة، ويرفع الحقد، ويذهب الصد".

خامسًا: الصفح والعتاب؛ لقول ابن الرومي:

الحِقْدُ دَاءٌ دَفِينٌ لَا دَوَاءَ لَهُ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
يبْرِي الصُّدُورَ إِذَا مَا جَمْرُهُ حُرِثَا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


فَاسْتَشْفِ مِنْهُ بِصَفْحٍ أَوْ مُعَاتَبَةٍ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فَإِنَّمَا يُبْرِئ المَصْدُورَ مَا نفثَا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif



سادسًا: الهدية؛ لقول البحتري:

إِنَّ الهَدِيَّةَ حُلْوَةٌ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
كَالسِّحْرِ تَجْتَلِبُ القُلُوبَا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


تُدْنِي البَعِيدَ مِنَ الهَوَى http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
حَتَّى تُصَيِّرَهُ قَرِيبَا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif



سابعًا: تذكُّر فضل الحليم، وأجر سلامة القلب، كما قال إبراهيم - عليه السلام -: ﴿ وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ * يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 87 - 89]، وعن عبد الله بن عمرٍو قال: قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي الناس أفضل؟ قال: ((كل مخموم القلب، صَدوق اللسان))، قالوا: صَدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب؟ قال: ((هو التقي النقي، لا إثم فيه، ولا بغي، ولا غل، ولا حسد))؛ رواه ابن ماجَهْ، وروى أحمدُ عن أنس بن مالكٍ - رضي الله عنه - قال : كنا جلوسًا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((يطلع عليكم الآن رجلٌ مِن أهل الجنة))، فطلع رجلٌ من الأنصار تنطف لحيته مِن وضوئه قد تعلق نعليه في يده الشمال، فلما كان الغد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل ذلك، فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى، فلما كان اليوم الثالث قال النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل مقالته أيضًا فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأولى، فلما قام النبي - صلى الله عليه وسلم - تبعه عبدالله بن عمرو بن العاص فقال: إني لاحَيْتُ أبي، فأقسمتُ ألا أدخل عليه ثلاثًا، فإن رأيتَ أن تؤويني إليك حتى تمضي فعلتَ، قال: نعم، قال أنسٌ: وكان عبدالله يحدث أنه بات معه تلك الليالي الثلاث، فلم يره يقوم مِن الليل شيئًا، غير أنه إذا تعار وتقلَّب على فراشه ذكَر الله - عز وجل - وكبر حتى يقومَ لصلاة الفجر، قال عبدالله: غير أني لم أسمعه يقول إلا خيرًا، فلما مضت الثلاث ليالٍ، وكدتُ أن أحتقرَ عمله، قلتُ: يا عبدالله، إني لم يكن بيني وبين أبي غضبٌ ولا هجرٌ ثَمَّ، ولكن سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لك ثلاث مرارٍ: ((يطلع عليكم الآن رجلٌ مِن أهل الجنة))، فطلعت أنت الثلاث مرارٍ، فأردتُ أن آوي إليك لأنظر ما عملك فأقتدي به، فلم أرَك تعمل كثير عملٍ، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ما هو إلا ما رأيت! قال: فلما وليت دعاني، فقال: ما هو إلا ما رأيت؛ غير أني لا أجد في نفسي لأحدٍ مِن المسلمين غشًّا، ولا أحسد أحدًا على خيرٍ أعطاه الله إياه، فقال عبدالله: هذه التي بلغت بك، وهي التي لا نطيق!

ثامنًا: قراءة سير الحلماء، وكان ممن اشتهر بالحلم الأحنف بن قيس، "ومن حكاياته الدالة على كرَم نَجْره القاضية له بتضعيف أجْرِه؛ أنَّ رجلًا جعل له ألف درهم على أن يغضبه، فوقف الرجل وبالَغ في سبِّه، والأحنف يُعرض عنه غير مكترثٍ به، فلما رآه لا ينظر إليه ولا يرد عليه، أقْبَل يعضُّ أنامله ويقول: واسَوْءَتاه! والله ما يمنعه من جوابي إلا هواني عليه"؛ ]غُرَر الخصائص الواضحة للوطواط[، وكذلك حكايات شيخ الإسلام ابن تيميَّة الحرَّاني مع أعدائه وخُصومه، حتى شهد له بذلك ألَدُّ خصومه ابن مخلوف قاضي المالكية حين قال: "ما رأينا مثل ابن تيميَّة؛ حرَّضنا عليه فلم نقدرْ عليه، وقدر علينا فصفح عنا وحاجج عنا"؛ [البداية والنهاية، لابن كثير].

تاسعًا: ذكر الموت؛ فعن الحسن قال: قيل للربيع بن خثيم: يا أبا عبدالله، لو جالستنا! فقال: "لو فارق ذِكْرُ الموت قلبي ساعةً فسد عليَ"، [بغية الطلب؛ لابن العديم].

عاشرًا: الصدقة؛ لقوله تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ [التوبة: 103].


والله - سبحانه وتعالى - أعلم بالصواب

life goes on
15-09-2013, 10:47 AM
جزاك الله كل خير

Journey into Life
17-09-2013, 10:38 AM
http://up.3dlat.com/uploads/13468741761.gif