مشاهدة النسخة كاملة : بين الوسطية والتشدد في تعامل الشباب مع الفتيات


abomokhtar
15-09-2013, 08:45 PM
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لقد قرأت الكثير وتعلمت من موقعكم، لذا كتبت هذا راجياً من الله أن يكون حل مشكلتي على يديكم، أنا شاب في الجامعة، وأبلغ من العمر 21 سنة، وأعاني من مشكلة تفكير متواصل في الوسطية والتشدد، بحكم تربيتي -ولله الحمد- لا أعاني من أي أخلاق سيئة، ولا سوء تصرف، ولا حقد، ولا غيرها، ولا أزكي نفسي، ولكن بشهادة الناس أمامي ومن ورائي بأنني محبوب بصورة كبيرة، كل المعاصي التي ارتكبتها - ومنّ الله علي بالتوقف عنها - هي في ظلم نفسي فقط، أحافظ على الصلوات جماعة، وعلى مجموعة من عبادات النوافل وقراءة القرآن -والحمد لله-.

مشكلتي هي تواصل التفكير في حدود التشدد والوسطية، فمثلاً لا أعرف متى تظهر تصرفاتي التي يطلع عليها الناس صورة للوسطية، ومتى تظهر تشدداً، قد يخاف الناس منه فآثم عليه، مثلاً في غض البصر والتعامل مع النساء والفتيات، أغض بصري، وتعاملي قليل جداً مع الفتيات؛ لأنني أعلم نفسي الأمارة بالسوء، ولكن يأتيني التفكير مرة أخرى في الوسطية والتشدد، عن كيف أكون خلوقاً
وأساعد الفتيات إن احتجن للمساعدة، وبين أنني متشدد أرعبهن بتصرفاتي، خاصة وأنني ألاحظ أن أغلب الفتيات يراقبنني بصورة غريبة، ويتعاملن مع رفاقي المتساهلين بعض الشيء في أشياء أكون قادراً على تأديتها لهم بصورة أفضل.

حدث أن أعجبت بإحدى زميلاتي، وحدث لدي تعلق بها لدرجة أنني رأيتها في نومي عدة مرات، وهي ليست ملتزمة جداً، ولكن من منا يخلوا من الأخطاء؟ ولأمنع عن نفسي هذا التعلق بها أصبحت أتعمد عدم ملاقاتها بأي صورة، ولكنني أصبحت أرى أن هذا ظلم مني لها؛ لأنني لا أعاملها كما أعامل زميلاتي، أعلم أنه إن كان هذا التعلق مني بها لأنها مكتوبة لي فلن يحصل عليها غيري أبداً، ولكنني أتقلب في التفكير بين الابتعاد عنها بعداً عن الفتنة، وأن تعلقي بها لابد أن يجعلني أخطأ تجاهها، وبين أنه إن كانت مكتوبة لي فهذا لا يعني ألا آخذ بأسباب الوصول إليها، فالإسلام لا ينفي الطموح وتحقيق الأهداف، حتى إن كان الهدف هو الوصول لزوجة، وتفكيري يتعلق بها عند رؤيتها بالمصادفة أو حين يتحدث أحد عنها بصورة عميقة، وغير هذا ليس لدي معاناة ولا قلق ولا حرمان نوم، ولا ينزل مستواي الدراسي بسببها، كما يحدث مع بعض زملائي مع زميلاتهم.

الحق أنني أعرف أن الإنسان مهما فعل فلن يحوز على رضا الناس جميعاً، وستظل فئات تقف منه موقفاً، ولكن كيف أعرف الحد الفاصل بين الوسطية المتساهلة جداً التي يدعيها أغلب الناس وتودي بهم إلى مصائب كثيرة،
وبين التشدد الذي يؤدي هو الآخر إلى مصائبه؟




الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية نرحب بك ابننا الكريم، ونشكر لك هذا الحرص الذي دفعك للسؤال، وإنما شفاء العيِّ السؤال، ويسعدنا أن نقول: هنيئًا لك البعد عن المعاصي، وهنيئًا لك هذا الحرص بالبعد عن النساء، وهنيئًا لك هذه الروح التي دفعتك للسؤال، ونسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

وقد أحسنت ببعدك عن الفتاة، والشريعة دعوة للبعد عن الفتيات ما استطاع الإنسان إلى ذلك سبيلاً، وليس معنى ذلك ألا يقدم الخدمات ولا يقدم المساعدة، ولكن ليس من الخدمات التساهل مع الفتيات والضحك معهنَّ والتساهل في هذا الأمر، فهذا لا تعتبر خدمات مشروعة، بل هي خدمات تؤثر على نفوس الفتيات وعلى نفوس الشباب، وهي خصم على سعادته، فالذي يتوسع في علاقاته، يضحك مع هذه ويبتسم لهذه ويمزح مع هذه – كما يفعل الشباب – هذا سيتعب نفسه ويتعب الفتيات، ويُعد نفسه أيضًا لحياة زوجية مليئة بالتوتر ومليئة بالإشكالات والظنون، وليس من مصلحة الفتاة أيضًا أن يُظهر لها الإنسان مثل هذا الميل فتقع في شباكه، ثم بعد ذلك يحال بينها وبين أن تُكمل هذا المشوار لأي سبب من الأسباب.

ولذلك الذي تفعله هو الصحيح، وليس فيه تشدد، وليس فيه نفور، بل هذا سبب للوصول للمشروع، والفتاة دائمًا تُحب الشاب الذي يبتعد عن النساء، ولعل هذا هو السر في تركيز الفتيات عليك، ليس لأن هناك عيباً، لكن لأنهنَّ ينظرن إليك بعين الإعجاب، فالفتاة قد تضحك مع شاب، لكنها لا تتمناه زوجًا لها، لأن هذا الذي يضحك معها ضحك مع أخريات، وضحك كذلك على أخريات، فهو ليس أهلاً للثقة، وليس أهلاً لثقة الفتيات.

ولذلك هذه الشريعة العظيمة عندما أمرت المرأة أن تبتعد عن الرجال كان في ذلك مصلحتها، وعندما أمرت الرجل أن يبتعد عن النساء كان ذلك في مصلحته، بل اهتمت الشريعة بهذا الجانب غاية الاهتمام، فجعلتْ خير صفوف النساء – حتى في الصلاة – آخرها لبُعدها عن الرجال، وخير صفوف الرجال أولها لبُعدها عن جمهور النساء.

ولذلك ما شرعه الله فيه مصلحة الرجال وفيه مصلحة للنساء، والذي تفعله هو الصواب، فإن قصدتك زميلة لخدمة فكلمها بأدب، غض بصرك عنها، وقدم لها الخدمات، وساعدها بقدر استطاعتك، لكن نحن لا نريد الإنسان أن يكون هكذا خادمًا للفتيات؛ لأن هذا أيضًا يجلب له سوء الظن، والفتيات عندهنَّ قدرة على التعامل مع أخواتهنَّ ومع المسؤولات من النساء، في أماكن العمل توجد من النساء من تساعد النساء، وكم تمنينا أن تقوم النساء بمساعدة أخواتهنَّ، ويقوم الرجل بمساعدة إخوانه من الرجال، وموظف الدولة محتاج للجميع، إذا احتاجت الفتاة قام الرجل بخدمتها، وسهل أمرها، وقدمها على غيرها حتى ترجع إلى بيتها، حتى لا تتعرض للاختلاط بالرجال وأخذ الوقت الطويل بينهم.

فلذلك ينبغي أن تدرك أن ما أنت عليه هو الخير، وما تستمر عليه هو الحق، ولا يضرك ما يفعله الزملاء، فإنا نسأل الله تبارك وتعالى أن يهدي الجميع لما يحب ربنا تعالى ويرضاه.

وأنت ولله الحمد بأسلوبك هذا مصدر إعجاب للجميع، هذا لأنك مطيع لله تبارك وتعالى، فإنا الإنسان ينال رضا الله تبارك وتعالى بطاعته لله، وينال رضا الناس أيضًا بطاعته لله، فإنه من ابتغى رضا الناس بسخط الله – عياذًا بالله – سخط الله عليه وأسخط عليه الناس، ومن ابتغى رضا الله تبارك وتعالى وإن سخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، دائمًا المحبة بين الناس لها علاقة بالأعمال الصالحة، لها علاقة بالقبول عند الله تبارك وتعالى، فإن الله إذا أحب إنسانًا أمر جبريل أن ينادي بأن الله يُحب فلانًا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يُلقى له القبول في الأرض، قال تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وُدًّا} يعني محبة في قلوب الناس.

فامضِ على ما أنت عليه، وحكم هذه الشريعة، واعلم أن الشاب الذي يضحك مع الجميع فبأي فتاة سيتزوج وبأي فتاة سيتعلق، وهذا لا يليق بالمسلم أن يكون بهذه الطريقة.

إذا كان عندك ميل لفتاة معينة وتجد في نفسك ارتياحاً، وكان عندها الجوانب الأساسية من الدين، فلا مانع من أن تتقدم لطلب يدها، بعد ذلك لا مانع من أن تناقش جوانب الالتزام الذي تريده، لأن الأصل أن يكون لها دين، يكون لها أخلاق، ومحافظة على الأشياء الأساسية، أما التواصل معها قبل ذلك والتوسع معها في الكلام فإن هذا ليس في مصلحة أحد، والإسلام لا يرضى بأي علاقة، فلا يعترف بأي علاقة زمالة كانت أو صداقة إلا في إطار الزوجية والمحرمية، وإذا ألقى الله الميل في قلب الفتاة لشاب فإن عليه أولاً أن يطرق بابها، ثم بعد ذلك يطلب النظرة الشرعية، ثم بعد ذلك إذا وجد الارتياح، فالأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.

نسأل الله أن يسهل الأمور، وأن يغفر الذنوب، وأن ييسر لك الخير، ويقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.

abomokhtar
15-09-2013, 08:46 PM
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله

كنت قد استشرتكم من قبل في الاستشارة رقم (2153136 (http://consult.islamweb.net/consult/index.php?page=Details&id=2153136)) وأفدتموني بالمفيد، جزاكم الله عليه خيرا، ولكني طرأت علي تساؤلات وأشياء تشوش علي فكري، وكلها تحوم في الاتزان والتوسط في العديد من الأمور.

فمثلا: الحمد لله أنا متفوق دراسيا، وعلى خلق حميد مع الجميع، وأعتني بمظهري دائما، ولكن أجد نفسي في مشكلة: إذ أنني لا أرغب في العلاقات العاطفية، ولا التعامل غير المبرر مع الفتيات، وهذه العوامل تسبب لي ما أتحاشاه من مراقبة الفتيات، ورغبتهن في التعامل معي، وحتى الرغبة في علاقة عاطفية، وحين أحاول صد الأمر بطريقة لطيفة أشعر بسوء بعد ذلك؛ لأنني ألاحظ علامات الغضب وعدم الرضا، وأشعر بأن هذا تعنت مني يصوّر صورة سيئة عن الإسلام.

وبعد ذلك أجد صعوبة في التعامل مع الفتيات حين تلزمنا الأمور؛ إذ يؤخذ الأمر بصورة شخصية، وتعرفون التعليم الجامعي المختلط يجبرك على التعامل مع الفتيات، من إجراء بحوث وغيرها من الأنشطة.

قال لي أحد أصدقائي: إنه إذا لم تكن ترغب بالتعامل مع الفتيات والعلاقات العاطفية، فلماذا تتفوق دراسيا، وتتعامل مع الناس بأريحية؟! ويلاحظ أصدقائي أن الفتيات حين يمررن بنا يبدأن بالإشارة إلي، وإن مررت بإحداهن وقد كانت تتعامل مع أحد أصدقائي بصورة ما، يختلف تعاملها بعدها حين تدرك وجودي.

وقال صديقي: إنه إذا لم تكن تصرفاتي كما أفعل، فلن تكون لدي مشكلة؛ إذ أنني كالفخ أظهر بضاعتي ثم لا أتعامل وفق رغباتهم وما يأملونه.

ذكرت في الاستشارة السابقة: أنني أعجبت بإحدى الفتيات، وكتمت الأمر في نفسي، ولم أحاول التقرب منها ولا غيره، ولكن أحد أصدقائي أدرك الأمر، ورأى كأنني خجل منها -وهذا أيضا مما يلبس الأمور علي، إذ إنني فعلا لدي خجل بسيط من التعامل مع الفتيات- فقام صديقي هذا بإحضار الفتاة وقال: هذه فلانة بنت فلان، ولأنني غضبت من صديقي تلك اللحظة أجبت بجفاء شديد: أعرف حتى دون النظر للفتاة، ولاحظت أنها استاءت وذهبت، ووقعت أنا مجددا في سؤالي: هل ما فعلته الآن وسطية؟

أحس أنني أطارد سرابا برغبتي في تصوير الوسطية، إذ إن الصورة التي يتداولها الناس شيئان: إما ملتزم غامق الملابس والفهم، متدني دراسيا، ووحش مرعب للفتيات، أو المتفوق المتعاون مع الجميع، والذي يتساهل في أمور الدين و"لايعقدها" على قول الشباب.

أتعامل مع الشباب أيضا في المباحات بأنواعها، ولكن حين يبدؤون في الخروج عن المباحات وأحاول الاعتذار عن الخوض معهم تبدأ عبارات السخرية: الشيخ لا يعجبه الكلام، وغيرها من العبارات، ليس فقط في الجامعة بل حتى في الحي، والمناسبات، أحس بفرق تعامل الناس معي.

فمثلا: حين لا أتوسع في التعامل مع الفتيات من قريباتي، وتلاحظن ذلك، تقول لهن والدتي: تعرفون الملتزمين، وحتى إحدى قريباتي حين لاحظت أن تعاملي معها وحواراتي معها في أمور مشتركة نهتم بها، بدأت تفسره كعلاقة عاطفية، فبدأت أوقف الأمر وأحسست حينها بإحساس سيئ أيضا.

أحس أنني أطارد سرابا فعلا، وأنه أصبح من المستحيل التعامل بالوسط.

أجيبوا على هذه الأسئلة إذا تكرمتم:

1- إذا كان أكثر الناس ضالين فما الفائدة من محاولة تحقيق الوسطية معهم، إذا كانوا لا يرون المتع إلا في الضلالات، وينبذون الالتزام مهما حاول أحد تقديمه بصورة جيدة؟

2- إذا كان التفوق والمظهر الجيد، والتعامل الحسن هو: ما يفتن بعض الفتيات فهل علي إثم فيه؟

3- كيف أصلح مواقفي التي يفهمها الناس بصورة خاطئة عن الالتزام، وموقفي مع الفتاة المذكورة كيف أصلحه إن كان خاطئا؟

4- إعجابي بهذه الفتاة أهو إشارة لي بأن أسعى إليها، وأنها قد تكون زوجة المستقبل، أم أنني يجب ألا أهتم وأنساها فقط؟

أنا فعلا حائر في هذا الأمر، وهذه الأسئلة، ومعذرة على هذه الرسالة الثانية فلا أعرف غيركم قد يجيب على تساؤلاتي.



الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -ابننا الكريم- في الموقع، ونشكر لك هذه المشاعر النبيلة، ونشد على يديك بضرورة الاستمرار على هذا الوضع والتعامل مع الناس بطريقة طبيعية، ولكن محكومة بضوابط هذا الشرع الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به، وسيعرف الشباب ويعرف الجميع والفتيات أن لك منهاجا، وأن لك طريقا تسير عليه، ولا شك أن الإسلام يُباعد بين أنفاس النساء وأنفاس الرجال، وإذا اضطر الإنسان لأن يتعامل مع الفتيات؛ فينبغي أن يكون ذلك بأدب واحتشام، وبالقدر المطلوب، مع غض للبصر، ولكن ليس معنى ذلك أن يقابل بجفاء ويقسو في كلامه، ويقسو على الفتيات أو على الشباب، ولكن ينبغي أن يكون كما يقال: (بالسهل الممتنع) بعبارات واضحة، ونبرات واثقة، ومعاني تنبع من ثوابت هذا الدين العظيم الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.

ولا شك أن الشباب قد يضحكوا ويسخروا اليوم لكنهم في داخل أنفسهم يعرفون أنك على صواب، ويعرفون أنك على الحق، وحتى الفتيات يُقدرنَ من يتعامل بهذه الطريقة العالية، فإن الفتاة ستكتشف أن الذي يضحك معها يخدعها، وأن الذي يريد أن يتكلم معها يريد قضاء وقت، وستنال عواقب ذلك، وينال هو أيضًا عواقب ذلك في مستقبل حياته الدراسية أو العاطفية.

نشكر لك المحافظة على حُسن الهندام وآداب الدين، وهذا هو الإسلام الذي يريد لأتباعه أن يكونوا كالشامة بين الناس في مظهرهم، في أدبهم، في أخلاقهم، في تفوقهم، في كل شأن من شؤونهم، فمن الذي ربط بين الوحشية وبين الإسلام؟ هذا فهم خاطئ، ونحن نريد أيضًا أن نقول: بعض الناس يظن أن تدينه لا يكتمل إلا بتكشيرة (عبوس) الوجه، وإلا بالقسوة على الناس، مع أن النبي -صلى الله عليه وسلم– كان ضحَّاكًا بسَّامًا.

قيل لأبي ذر -وقد كان يُكثر الضحك-: نخشى أن تذهب هيبتك؟ قال: لقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم– ضحَّاكًا بسَّامًا، وكان أعظم الناس هيبة) -عليه صلاة الله وسلامه-. وقال جرير بن عبد الله البجلي: (ما رآني رسول الله –صلى الله عليه وسلم– منذ أن أسلمت إلا تبسَّم في وجهي).

فنحن نريد أن نصحح المفهوم، نقول: الإسلام يريد للإنسان أن يكون في منتهى الظرافة، في منتهى الأدب، كذلك في منتهى الحشمة، في رعاية قواعد هذا الشرع الحنيف الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.

وإذا أحسست أن هناك من يُحرج فينبغي أن تُبين له أن منزلتهم مرفوعة، أن مكانتهم غالية، أن مكانتهم عالية، ولكن هناك ضوابط شرعية لا بد من مراعاتها.

وإذا وجدت في نفسك ميلاً إلى فتاة فليس لك إلا أن تطرق باب أهلها، وتحول هذا الإعجاب وهذا الميل إلى علاقة شرعية محكومة بقواعد هذا الشرع، وهو ما يسمى بـ (الخطبة)، أما قبل ذلك فأي توسع في الكلام هذا توسع مع امرأة أجنبية لا تحل لك، والخلوة بها محرمة؛ لأن الشيطان هو الثالث، والتوسع معها في الكلام ممنوع؛ لأنه يجر إلى ما بعده.

نسأل الله أن يعينك على التمسك بآداب هذا الدين، ونحن في زمان نستطيع أن نقول: (القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر)، لا يضرك ما يقوله الناس إذا رضي عنك رب الناس، واعلم أن هؤلاء الذين يضحكون أو يسخرون ينظرون إليك كقمّة، وبعضهم يُسيئه ويتألم لأنه يرى شرفاء، وهو فاقد لهذا المعنى، فيريد أن يلوث هذا، أو يريد أن يُظهر مثل هذه الكلمات، ولكن عليك بتذكر آيات المطففين: {إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون * وإذا مروا بهم يتغامزون * وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين * وإذا رأوْهم قالوا إن هؤلاء لضالون * وما أُرسلوا عليهم حافظين * فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون * على الأرائك ينظرون}.

فعليك بالثبات، واعلم أن الإنسان يكون أمة وحده؛ بتمسكه بآداب وأحكام هذا الشرع الحنيف الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به، وستجد في الفتيات أيضًا من تميل إلى الحشمة وتبتعد عن الرجال.

وعلى كل حال إذا وجدت ميلاً إلى فتاة فالشاب ليس له إلا أن يحول هذا الميل إلا إلى علاقة شرعية معلنة، أما العلاقة في الخفاء، أما العلاقة لقضاء وقت، أما التوسع في الضحكات والجلسات هذا لا يرضاه هذا الدين الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.

نسأل الله لك التوفيق والهداية والثبات، وأن يعينك على الخير، هو ولي ذلك والقادر عليه.