مشاهدة النسخة كاملة : الغاية من معرفة الكون والحياة


mohammed ahmed25
23-09-2013, 05:08 PM
الغاية من معرفة الكون والحياة - العمل الصالح لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2000-05-

بسم الله الرحمن الرحيم


بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، و الصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الأخوة الكرام، الإنسان أحياناً يتساءل، أن ربنا جل جلاله كأنه تخلى عن المسلمين؛ هو لا يتخلى عنهم لكن يبدو لمن يتوهم ذلك أن الله تخلى عن المسلمين، إذاً لما لا ينصرهم على أعدائهم مثلاً، لما لا يأخذ بيدهم، لم لا يغنيهم، لما لا يحفظهم؛ هو يعالجهم؛ الجواب بآية صغيرة، قال تعالى:
﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾
[النور:55]
مبدئياً زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعده للمؤمنين، الكون كله؛ المئة مليون مجرة تزول ولا يتعطل وعد الله؛ لأنه وعد الله، ليس وعد إنسان قال لك: والله ما في شواغر، أنا وعدتك لكن الموسم راح، والله ما في ميزانية، ما قدرت؛ شغلتك أكبر مني. اسمع كلام الناس: ما قدرت، هذه فوق طاقتي، هذه ليست من صلاحيتي، ما في ميزانية، ما في شواغر، ما بيدي، أنا عبد مأمور؛ أما إله يعدك؛ كن فيكون، زل فيزول، إله يعدك.
الآن الله عز وجل قال:

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾
[النور:55]

أين الاستخلاف،والله ما في استخلاف، أكيد ما في استخلاف، ترون بعينكم كأن هناك حرباً عالمية في العالم كله موجهة ضد المسلمين، في شرق آسية، وفي شمال آسية، وفي غرب أوربة، وفي شمال أفريقية، أينما ذهبت...قال: ﴿ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ ﴾
[النور:55]
أين التمكين؟ والله لا تمكين.

﴿ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ﴾
[النور:55]
أين الأمن؟
لا تمكين، ولا استخلاف، و لا تطمين، لأن هناك فيما يسمى بأن هناك عقداً؛ الفريق الأول هو الله، والفرق الثاني هو العباد؛ الفريق الأول عليه أولاً أن يستخلفنا، وعليه كما وعدنا أن يمكننا، وعليه أن يطمئننا، وعلى الفريق الثاني بند واحد؛ يعبدونني، فإذا أخل الفريق الثاني بما عليه، فالفريق الأول في حل من وعوده الثلاثة، إذاً أول تفسير لما يجري في العالم؛ أن المسلمين لا يعبدون الله، يعبدون غيره، يعبدون شهواتهم، يعبدون مصالحهم، يعبدون المال، يعبدون المرأة، يعبدون الدنيا القريبة ويطيحون بالآخرة البعيدة، هناك ملمح آخر دقيق؛ هو أن الله عز وجل حينما قال:

﴿ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ ﴾
[النور:55]
انظر..يمكنن لهم دينهم! أي دين؟ دين المدائح والأناشيد، والطرب، والطبلة، لا، طيب؛ دين العزائم والولائم، والاستعراضات، دين الزينة الجوامع فخمة جداً، أقواس وزخارف، دين المؤتمرات، وسهر وإلقاء محاضرات، دين الشهادات والمراتب العلمية والمؤلفات، قال:

﴿ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ ﴾
[النور:55]
لا يمكن لهم دينهم إلا إذا ارتضاه لهم، المشكلة، هل ارتضى الله لنا ديننا أم لم يرتضه؟ العبرة في الدين أن يرضاه الله عز وجل؛ إذا معك عملة مزيفة، العبرة أن تقبلها أنت أم أن يقبلها البائع؟ أخي أنا أقبلها! أنت ماله قيمة قبولك أنت، هذه عملة مزيفة، قبول صاحبها صفر، ماله قيمة، العبرة أن يقبلها البائع، أنت تشتري بهذه العملة؟ إذا البائع ما قبلها فمالها قيمة، أخي أنا أقبلها؛ إذا أنت تقبل بها دعها بجيبك، قبولك لها ماله قيمة أبداً، فهذا الدين يجب أن يرتضيه الله لنا، نحن نرتضي الدين، الدين حيض ونفاس، أمر سهل، الدين صلاة فقط؛ لكن ما في صدق مع الصلاة، ما في استقامة؛ في غش، في تعامل غير شرعي في عدوان على أموال الناس، في عدوان على أعراضهم، في اختلاط، في تجني، في كذب، في غيبة، في نميمة، نحن ديننا دين صلاة وصوم، وحج وزكاة؛ نحج فنعمل زينة فخمة جداً، صار الحاج فلان، نعمل عمرة؛ فنعمل سبعة أيام، ومهنئين، وقهوة، وتمر، وماء زمزم، واشربوا على الواقف ماء زمزم، نحن ديننا دين مظاهر؛ لكن ليس دين صدق، لما الإنسان يعمل صناعة غذائية؛ فيغش المسلمين، دينه صفر أصبح؛ سقطت صلاته وصيامه، وحجه، وزكاته:

((من غش فليس منا))
[عن عبد الرحمن بن أبي ليلى بإسناد ضعيف]
ما قال من غشنا؛ في حديث" من غش" يعني لو غشيت إنساناً مجوسياً، عابد صنم؛ "فليس منا" فنحن عندما نفهم الدين عبادات شعائرية انتهينا عند الله، عندما تفهمه معاملات وعبادات معاً؛ ارتقينا عند الله، وأكرمنا الله عز وجل؛ ورفعنا وأخذ بأيدينا.

﴿ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ ﴾
[النور:55]
فنحن يجب أن نسعى أن يكون ديننا مرضياً عند الله ـ لا عندنا ـ نحن يعجبنا دين فيه كسب مال حرام، وفي اختلاط، لكن فيه صلاة يوم الجمعة، فيه جلابية بيضاء ومسبحة فخمة، وطاقية، ومعطر حاله مسك؛ لكن الدخل حرام، والاختلاط على أشده والموبقات بالبيت، هذا دين يعجبنا؛ نكون قد جمعنا بين شهواتنا وبين عباداتنا؛ أكثر الناس هكذا، يريد أن يعمل عقد قران؛ يأتي بالدكتور فلان ليلقي كلمة في خطبته ـ انتق لنا الدكتور فلان ـ.... لو أحضرت النبي ـ وأنت غير مستقيم ـ لا تنفذ، قضية مظاهر، والله سمعت ـ والقائل صادق ـ أن إنسان في عنده مسبح مختلط ـ النساء والرجال بثياب السباحة ـ وعمل مولداً في المسبح، ودعا ـ سأقول ـ بعض من يعملون في الحقل الديني ـ لن أقول علماء ـ وأثنوا عليه أيضاً، فنحن صار ديننا سوف ينفصل عن المنهج، ديننا عبادات والحياة شيء آخر، لا علاقة له بالدين إطلاقاً؛ فهذا الدين لا يرتضيه الله وإذا لم يرتضه لنا لا يمكننا في الأرض؛ الجواب؛ تقول: أخي نحن مقصرون، أعداءنا أقوياء! فما الجواب؟ هذا الجواب:
أولاً: أخللنا بما علينا من عبادة الله وحده.
ثانياً: ديننا الذي قنعنا به؛ لا يرضي الله عز وجل؛ ديننا دين مظاهر، دين مراتب، يعني دين وجاهات، دين ولائم، دين استعراضات، ليس دين تطبيق، ليس دين منهج، يعني أحد المهاجرين المسلمين، ألقي القبض عليه في الطريق، فهو من شدة شوقه للنبي؛ قال: والله، عهد الله؛ إن أطلقتموني لن أحاربكم. فصدقوه وأطلقوه؛ وصل إلى النبي، والنبي فرح به فرحاً شديداً، و انضم للمؤمنين، وبعد حين كانت هناك غزوة؛ من شدة محبته للجهاد؛ انخرط مع المجاهدين رآه النبي؛ قال له: أنت ارجع. ألم تعاهدهم ـ هذا الدين ـ أنت عاهدته، فالآن الناس عهدهم لا قيمة له، يكذبون يحتالون، يعتدون، ويصلون؛ فيريد هو دين تفصيل؛ غير جاهز، على "قده" يريد أن يصلي، ويصوم، ويحج، ويزكي.. ويريد أن يأكل مالاً حراماً، يريد أن يصلي ويغتصب بيت ليس له، يريد أن يصلي ويعتدي على أعراض النساء ولو بالنظر، يريد أن يصلي وأن يكون دخله مشبوهاً؛ هذا الدين الذي ارتضاه هو لنفسه، لكن الله ما رضي، والعملة المزورة مشكلتها أنها الذي بحوزته يرضى عنها، أما الذي تعطيه إياها لا يرضى عنها؛ هذه الآية نفسها:

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي ﴾
[النور:55]
في نقطتان بالآية: كلمة "يعبدونني"، وكلمة "يمكنن لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُم"ْ:
فأنت على مستوى فردي؛ احرص أن تعبده حق عبادته، واحرص أن يكون دينك مرضياً عنده، لا أن يكون مرضياً عندك، مرضياً عنده؛ من أجل أن تنتفع بوعد الله:

﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً ﴾
[النساء: 87]
﴿ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ﴾
[التوبة: 111]
لن تجد في الكون كله جهة أصدق من الله، ولا أوفى بعهدها من الله، فقط عليك أن تكون أهلاً لرحمة الله والنبي عليه الصلاة والسلام ـ من أدبه الجم كان يقول:

(( اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك))
[حديث صحيح على شرط مسلم عن عبد الله بن مسعود]

والحمد لله رب العالمين

_________منقول_____

libero
25-09-2013, 01:16 PM
هدانا الله وإياكم
بارك الله فيك

البطل السيناوي
02-10-2013, 12:30 AM
أبدعت,,,,,
,,,,,,,وتألقت