مشاهدة النسخة كاملة : ال*****ة وخراب البيوت


abomokhtar
04-10-2013, 10:50 PM
في ظلِّ ضعْف الوازِع الديني عند كثيرٍ من الناس، وفي ظلِّ غِياب التربية على الأخلاق والآداب والمَحامِد، مع ما تَشهَده المُجتَمعات العربيَّة المُسلِمة من انفِتاح كبير على "الغرب" وثقافته المختلفة، وعلى رأسها "ثقافة العُرْي" والمُجاهَرة بالفاحشة.

في وجود كلِّ هذا، غزَت ال*****ةُ المُتَمثِّلة في الأفلام والصُّوَر والقصص ال***ية كلَّ قوام وأركان البيت المسلم، لا نقول: الشباب والفتيات في مراحل المراهقة وما قبل الزواج فحسْب؛ بل عقول وقلوب كثيرٍ من الأزواج والزوجات في مختلف الأعمار، وعلى اختلاف الثقافات، حتى استبدَل كثيرٌ من الأزواج المشاهداتِ ال*****ةَ وما يَعقُبها من خيالات ومُمارَسات ***ية خاطئة بممارسة الحياة الزوجية الطيبة!

فكانت مرحلةٌ أخرى هي الأسوأ وهي الأخطر، مرحلة إفساد العلاقة الزوجية؛ بل تخريب بيت الزوجية!

فالزوجة عادةً إذا ما اكتشفت مشاهدةَ زوجِها لمثل تلك ال*****ات عبر الفضائيات أو مواقع الإنترنت والتليفونات المحمولة، فإنها تُصاب بالصدمة المُغَيِّبَة، ثم يَصدُر منها -غالبًا- ردودٌ انفِعالية، تعقبها وتعقب زوجها خسارة حياتهما الزوجية للأبد.

أمثلة ونماذج من الواقع:

- تسأل زوجةٌ بعد أن سردت معاناتها: هل لي أن أطلب الطلاق من زوجي، إذا كان يُشاهِد المواد ال*****ة؟

- وتقول أخرى لزوجها بعد زواجٍ لم يَدُم أكثر من ثمانية أشهر: والله إني لأدعو الله أن يُبعِدني عنك إذا استمررت بهذا الطريق (مشاهدة الأفلام ال*****ة)، بالرغم ممَّا تَعرِفه من حبِّي لك، وإني لا أطيق يومًا بدونك.

- وتحكي إحداهنَّ أن زوجها يُخزِّن في جوَّاله صُوَرًا وأفلامًا ***يَّة، وأنها لَمَّا قامت بحذفها في غِيابه ضربها وهجرها وكاد يطلِّقها!

- وتشتكي زوجة عُزْلة زوجها لكلِّ مَن حوله، وعكوفه على مشاهدة القنوات ال*****ة لِمُدَّة تُجاوِز عشر ساعات يوميًّا!

- وتقول زوجةٌ أخرى: زوجي يُشاهِد الأفلام ال*****َّة ولا يُبالِي بمعرفتي بذلك، وأنا الآن أشمئزُّ منه وأهجره ولا أهتمُّ بمشاعره؛ بل وتركت له البيت!

- ويقول زوجٌ مُتَألِّمًا: بيتي غزَتْه ال*****َّة؛ فزوجتي تُشاهِد الأفلام ال*****ة عبر جوَّالها وجهاز الحاسوب المنزلي، ولا أدري ماذا أفعل؟

- وإن تَعجَب فعجبٌ من زوج طلَّق زوجته بدايةً؛ حتى يخلو بمشاهدة العورات والمُمارَسات الشيطانية بعيدًا عن تأنيب زوجته له!

هذه فقط بعض النماذج الحيَّة من المجتمع، والتي تحمِل دلائل واضحة، تعني كلُّها في النهاية فساد الحياة الزوجية في حال وقوع أحد طرفَيْها في وَحْلِ ال*****َّات.

إذًا مشاهدة الأزواج لهذه المحرَّمات جمعَتْ مفسدة عظيمة أخرى، إضافةً لمفسدة الوقوع في أمر محرَّم، وهو مخالفة الأمر بغَضِّ البصر، وحب الزنا، وربما الرضا به وتمنِّيه، كذلك ومفسدة تشرُّب المسلم للثقافة الغربية "الحيوانية" في العلاقات ال***يَّة بين الرجل والمرأة، ضمَّت هذه المشاهدات المحرَّمة إضافة إلى كلِّ هذه المفاسدِ مفسدةً كبيرة أخرى، وهي هزُّ استِقرار الحياة الزوجية؛ بل وتخريبها عادةً.

عود على بدء:

من هذا المنطلق، منطلق استشعار خطَر دخول ال*****ة حياة وبيوت الأزواج، نَتَدارَس أسباب هذا الغزو المدمِّر للدين والدنيا معًا، ونضع المقترحات والحلول الواجبة حوله.

لماذا يُشاهِد الأزواج تلك ال*****َّات؟

لا شكَّ أنَّ وراء مُشاهَدة الأزواج والزوجات -أحيانًا- للصُّوَر والأفلام ال*****َّة أسبابًا كثيرة، تَرجِع كلها في النهاية إلى ضعْف الوازِع الديني، وغِياب المقامات الإيمانيَّة العاصِمَة؛ كمقام المراقبة، ومقام المحاسبة، وغير ذلك.

وهذا لا يمنع -ولا يُناقِض كذلك- من الوقوف على الأسباب الأوليَّة والمُصاحِبة للوقوع في براثن تلك ال*****َّات المُهلِكة، فلمبدأ الوقوع في هذه المعصية أسبابٌ يجب معرفتُها وتَوَقِّيها، فليس أقل من أن يعتبر مَن عُوفِي من أسباب هذه الزلَّة الخطيرة والكبيرة فيتجنَّبوها، ويفقهها التائبون فلا يُكَرِّروا خطأهم ثانية.

فمن هذه الأسباب، أسباب وُقُوع الأزواج في مُشاهَدة المحرَّمات، ثم اعتِياد المُمارَسات ال***يَّة الشاذَّة كذلك، برغْم حُصُول العِفَّة بالزوجة الصالحة، وبالشكل الصحيح الطبيعي الطيب:

الغفلة والفُضُول:

فالغفلة باب شرٍّ، حيثما فتَحَه العبد، عاد عليه بالخيبة والخسران وضَياع الغاية التي خلق اللهُ لأجلها البشرَ جميعًا، فالغافِل مُضَيِّعٌ عادَةً لواجبات وقته، باحثٌ عن كلِّ ما يُسَلِّيه ويشغل فيه وقته، ومن هنا يلعب به الشيطان؛ فينقله من أمر مُباح إلى آخر مكروه، ثم إلى ما هو محرَّم مذموم، حتى لا تُخطِئه شِباك ال*****ة وقد تَوافَرَتْ دواعيها، فيقع في تلك المُشاهَدات ال*****ة بشكل أو بآخر، عن تعمُّد أو عن غير تعمُّد، وربما من باب الفُضُول أولاً، ثم تكون مرحلة الاعتِياد الإدماني في النهاية.

ومُشاهَدة تلك ال*****ات بدافِع الفضول نوعٌ من أنواع الغفلة المحرَّمة، فليس لأحدٍ أن يُذنِب ليقف على حقيقة الذنب وماهيَّته، ولا يقبل العقل -أيُّ عقل كان- أعذار المُخطِئ لأنه أخطأ بدافع الفضول.

وإنما الفُضُول في مشاهدة المحرَّمات خطوة شيطانية، وحظٌّ من حظوظ النفس الأمَّارة بالسُّوء والخادعة لصاحبها، كما أنَّ الفضول المحرَّم علامة على استِهانة صاحبه بأوامر الله تعالى ونواهيه؛ إذ لا يُتصوَّر أنَّ هذا المُقدِم على مشاهدة ما حرَّمه الله عزَّ وجلَّ بدافع الفُضُول يخفى عليه حُرمة ما يفعل وما يقع من جرَّاء مشاهدته.

إدمان هذه المشاهدات قبل الزواج:

لإدمان الشباب أو الفتيات المشاهدات ال*****ة في عمر المراهقة وما قبل الزواج، أسبابٌ كثيرة، يأتي الكلام عنها في مقال آخر، وإدمان هذه المشاهدات ليس من الهيِّن أن يقطعه الزواج؛ بل غالبًا ما يستمرُّ إلى ما بعد الزواج.

فقضاء الوطر شيء، وإدمان النَّظَر إلى العَوْرات، والهُيَام في عالَم الخواطر والخيالات، وحب الشذوذ في الممارسة ال***ية شيءٌ آخر، فالشهوة ليسَتْ شهوة فرج فحسب؛ بل قال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: «... فزنا العين النظر، وزنا اللسان المَنطِق، والنفس تَتَمنَّى وتشتهي...» (أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة).

فللعين شهوة، وللسان شهوة، وللسمع شهوة، وللنفْس شهوة، وهذه الشهوات كلُّها مقصودة لذاتها عند هؤلاء الأزواج، وقد تكون مُتَوفِّرة في المشاهدات ال*****ة بقدر أكبر من الزوجة الحلال الطيِّبة، ومن هنا كان سبب مشاهدة كثيرٍ من الأزواج والزوجات للعورات المحرَّمة وتلذُّذهم بها أكثر من تلذُّذهم بحياتهم الزوجية الكاملة.

حتى قضاء الوطر الزوجي نفسه يُستبدَل به الممارسات الشاذة المُكمِّلة لكمال اللذَّة عندهم، وهكذا تُسقِط ال*****ةُ الحياةَ الزوجية عند أولئك الأزواج.

التقصير في إقامة العلاقة ال***ية الزوجية:

للزوجين رغبات ***ية جِبلِّيَّة مشروعة، هذه الرغبات تختَلِف باختِلاف الأشخاص ومُيُولهم النفسية والشخصية، فالزوج يحبُّ أن يرى زوجته بشكل أو أشكال مُعَيَّنة، ويحبُّ أن يُمارِسَا ال*** بصفة أو صفات مُعَيَّنة، ويحبُّ أن يكون ذلك في مكان أو أماكن من المنزل مُعَيَّنة، ويحبُّ أن يسمع من زوجته أثناء الجِماع كلامًا أو أصواتًا مُعيَّنة، ويحبُّ أن يرى على زوجته لباسًا مُعَيَّنًا، والمرأة كذلك لها رغباتها.

ورغبات كلِّ طرف في الحياة الزوجية ينبغِي أن تُقَدَّر ويُعتَنَى بها، مهما كانت في نظر أحدهما صغيرة أو غير مهمَّة، فإنَّ الرغبات في النهاية حاجَة في النفس تبحث عن مَخْرَجٍ، فإن لم تجدْه فيما أحلَّ الله تعالى ربما مالَتْ إلى ما حرَّم.

نعم، تقصير أحد الطرفين أو كلاهما لا يُبِيح لأحدهما مُشاهَدة تلك المحرَّمات؛ لكنَّه سببٌ في الوُقُوع فيها، ولكونه سببًا فحسب نذكره.

وللحديث بقيَّة إن شاء الله تعالى.


حسن عبد الحي

abomokhtar
04-10-2013, 10:51 PM
استكمالاً لِما مرَّ من كلامٍ عن بلاء مُشاهَدة كثيرٍ من الأزواج والزوجات للصُّوَر والأفلام ال*****ة، وخطر هدم البيوت بسببها، وذكْر هذه الأسباب، نعاود الحديث ثانية من جوانب أخرى.

فقه التعامل مع الزوج المُبتَلَى بمشاهدة المواد ال*****ة:

إدمان الزوج لمشاهدة العورات المحرَّمة عبر الفضائيَّات أو شبكة الإنترنت، يضع الزوجة أمام امتِحان إيماني وعقلي ونفسي، امتحان ليس سهلاً بحالٍ من الأحوال؛ بل امتحان صعب خطير، قلَّ من النساء مَن تَتجاوَزه بلا خسائر معنويَّة أو ماديَّة.

والزوجة عادةً ما ترفض وضْع مشاهدة الزوج لتلك المحرَّمات، ترفض بدافع الدين، أو الأخلاق، أو العقل، أو الأعراف والمَبادِئ، وهذا كلُّه يُحمَد، وكلامنا هنا خارِجٌ عن الزوجة الراضية بمشاهدة زوجها لتلك المحرَّمات، فإن من الزوجات مَن لا ترى بأسًا في هذا -والعياذ بالله- وهذا من قِلَّة الدِّين، وفساد التصوُّرات، وغِياب الآداب والأخلاق.

وفقه المعاملة الصحيحة للزوجة العاقلة مع زوجها المُبتَلَى بمثْل هذا، جزءٌ كبيرٌ جدًّا من إقلاعه وعلاجه، فضلاً عن امتِداد حبل المودَّة والألفة والتقدير بينهما، وهذا منها من حُسْنِ العشرة وتَمام النَّصِيحة، وعلى العكس من ذلك سوء تعامُلها وفَساد رأيها يعني الوحشة والبُعْد بينها وبين زوجها؛ بل وخراب بيتهما في كثيرٍ من الأحيان!

من هنا كان لا بدَّ للمرأة من معرفة واجِباتها إزاء هذه المحنة الكبيرة والخطيرة، والاستِعانة بالله تعالى في تطبيقها على أكمل وجه مُطَاق.

تنبيه مهم:

أحوال الرِّجال المُشاهِدين للموادِّ ال*****َّة مختلفة باختلاف تديُّنهم وأخلاقهم، وبيئتهم ومستوى تفكيرهم، وتَفاوُتُ كلِّ هذا من شأنه أن يُغَيِّر من عملية المعاملة بين رجل وآخر؛ لذا فإنَّ كثيرًا ممَّا يأتي من مُقتَرحات وتَوصِيات إنما هو عامٌّ قابِلٌ للاستِثناءات والتخصيصات؛ إذ المرجو حصولُ المصلحة وزوال المفسَدة، وهذا لا يخضع لقانونٍ واحدٍ في المعاملة.

أوَّل ما يجب على الزوجة:

عدم إطْلاع زوجِها على مَعرِفتها بأمر مُشاهَدته للموادِّ ال*****َّة، وهذا إذا لم يكن الزوج عَلِمَ بمعرِفَتها، فلا فائدة في البداية من إطْلاع الزوجة بمعرِفتها؛ بل هذا يَكسِر الزوج إن كان صاحب دِين وأخلاق، أو مبادئ وقِيَم، كما أنَّه يجعل الزوج يستَمرِئ هذه المشاهدات المحرَّمة ويَعتادُها أمام زوجته نفسها، إن كان ضعيف الدين والعقل، قليل الآداب والأخلاق.

ولا علاقة بين إخفاء الزوجة على زوجها معرفتها وبين واجبها وإيجابيتها في نَصِيحته والأَخْذ بيده عن الحرام، فإنَّ ما يغلب على الظن في إعلامه بمعرفتها أنه يُفسِد ولا يُصلِح.

كيف تُناصِح المرأة زوجها وهو لا يعلم بمعرفتها مشاهدته للموادِّ ال*****ة؟

المُناصَحة أكبر بكثيرٍ من أن تَقتَصِر على توجيه النُّصْح القولي؛ لذا فإنَّ أبواب نُصْحِ المرأة لزوجها كثيرة، والمقصد في النهاية انتِهاء الزوج عن هذه المحرَّمات.

- ومن نصح الزوجة لزوجها المُبتَلَى بمشاهدة المحرَّمات، صناعة الجوِّ الإيماني في البيت، بالمحافَظَة على الأَوْراد التعبُّدية، والاهتِمام دَوْمًا بمتابعة الفضائيات الإسلامية، وعمل مشروع خيري مُصَغَّر للفُقَراء والمحتاجين ولو بشكل محدود، وكلُّ هذا وغيره يهدف لشغل الزوج بالخير المُذهِب للشر، وخلقِ هدف لحياته وغاية صحيحة له.

- ومن نُصْحِ الزوجة لزوجها كذلك حسنُ حالها مع الله تعالى وصلاحها، فإنَّ كلَّ إنسان مهما اجتَمَع فيه من شرٍّ، يتأثَّر بحال مَن حوله من أهل الخير والفَلاح، فكيف إذا كان هذا من أقرب وربما أحب الناس إليه؟

وهذا في الحقيقة هو الاقتِداء؛ فإنَّ المرء يقتَدِي بمَن يُعجَب به ويُؤَثِّر فيه، وكثيرًا ما تكون الزوجة الديِّنة سببَ صلاحِ زوجها دون دعوة مباشرة له، وأقلُّ ما في هذا أن يستحيِيَ الرجل ويتحرَّج من حاله السيِّئ وهو ينظر لحال زوجته الطيب.

- ومن نُصْحِ الزوجة لزوجها أيضًا تضييق الخناق على الزوج بشكل غير ملحوظ، وهذا حتى لا يصل للموادِّ ال*****ة، ومثال ذلك بأن تسهر معه إذا كانت عادته السهر، وتُحاوِل الجلوس معه إذا جلس منفردًا... وهكذا.

والزوجة الفَطِنَة تقوم بمنْع زوجها من معصية الله تعالى بإعمال ذكائها ولُطْفِ أسلوبها، وهذا وإن لم يكن بَتْرًا للمرض من أصوله، إلا أنه نافع إذا ضُمَّ إلى غيره من أسباب العلاج والمُعافَاة، وفي الحديث أنَّ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «مَن هَمَّ بسيئةٍ فلم يعملها، لم تُكتَب شيئًا» (أخرجه مسلم من حديث أنس).

- ومن نُصْحِ الزوجة لزوجها الإلحاحُ في الدُّعاء له بالمُعافَاة من هذه المعصية، والاستِغفار له من هذا الذنب، والإلحاح يعني: كثرة الدعاء، ويعني: التذلُّل لله في الدُّعاء، ويعني: ثقة القلب في استجابة الله للداعي.

ويقول صلَّى الله عليه وسلَّم: «يُستَجاب لأحدكم ما لم يَعْجَل، يقول: قد دعوت فلم يُستَجَب لي» (أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة)، فقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «ما لم يعجل» هو معنى الإلحاح في الدعاء.

كتم أمر الزوج:

لا يحلُّ لمسلم فضحُ مسلمٍ وإن لم تجمعهما علاقة أو صلة؛ يقول صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَن ستر مسلمًا، ستَرَه الله في الدنيا والآخرة» (أخرجه مسلم وغيره من حديث أبي هريرة)، فكيف إذا كان هذا المسلم هو الزوجَ وله حقوق عظيمة؟ وحقوق الزوج باقية وإن وقع في معصية الله تعالى فإن هذا لا يُسَوِّغ بحال فضح زوجته له.

وإضافةً إلى كون إفشاء معصية الزوج لأيِّ أحدٍ محرَّمًا؛ بل وقد يدخل في كبائر الذنوب، إضافة إلى كلِّ هذا فإن فَضْحَ المرأة لزوجها المُشاهِد للموادِّ ال*****َّة لا يُفِيد الزوجَ ولا الزوجة؛ بل يصنع النفرة ويُورِث الوحشة بين الزوجين، كما أنَّه لا يُرجِع الزوج عن غَيِّه ورغبته في مُشاهَدة المحرَّمات.

نعم، قد تحتاج المرأة لِمَن تُشاوِره في أمر زوجها، ومَن يُساعِدها على إخراجه من مِحنَتِه، وهذا وإن كان يَتَطلَّب أحيانًا ذكْر بعض حال الزوج، إلاَّ أنَّ هذا ينبغي أن يضبط، بحيث يكون بدايةً بعيدًا عن أُذُن الزوج، فلا يسمعه أو يعلم به، وكذلك يكون التصريح بأقل قدر مُمكِن، فإن أمكن مثلاً أن تُخفِي الزوجة، فلا تصرِّح مع المسؤول أو المُستشار أو الناصِح أنها تتكلَّم عن زوجها، فهذا هو الواجب، وإن احتاجت الزوجة للتصريح فليكن بقدر الكفاية، ولا تَستَرسِل في الحديث عن عورات زوجها ومساوئه.

مُناصَحَة الزوجة زوجَها إذا اتَّضح له معرفة زوجته بأمر مشاهدته:

وهذه المُناصَحة ينبغي أن تُحَضِّر لها الزوجة جيدًا قبل الإقدام عليها، فلا تَتَعجَّل فيها فيترتَّب عليها مفسدة أخرى، ربَّما هي الأكبر.

والإنسان عادَةً يتَّضح له بعد التفكير ومُشاوَرة الآخَرين والاستِعانة بالله عزَّ وجلَّ ما لا يظهر له أوَّل الأمر، وقد يُحَتِّم الشرع أو العقل تأخيرَ النصيحة.

ماذا تفعل الزوجة إذا دخلت على زوجها فوجدَتْه يُشاهِد تلك ال*****َّات؟

قد تدخل الزوجة على زوجها -كما يحدث كثيرًا- فتجده يشاهد تلك المحرَّمات، فإن تعجَّلت في النصيحة وهي مَصدُومة أو مَذهُولة أو غاضِبة، لم تَتمالَك ألفاظها، ولم تَضبِط انفعالاتها، وأفسدتْ أكثر ممَّا يجب عليها أن تُصلِح، نعم، سيَظهَر عليها -رغمًا عنها- استياؤها وأسَفُها، لكن لتُحاوِل أن تُؤَخِّر الكلام، وتُظهِر لزوجها بالفعل أن مكانته محفوظة، وحقوقه لم تتأثَّر، وتأخذه لشيءٍ آخر بعيدًا عن هذا الأمر.

وعادةً يَتَعجَّل الزوج الحديثَ مع زوجتها حوْل ما رأَتْ، أو يسعَى لمعرفة ردِّ فعلها ونظرتها إليه، هذا إذا كان الزوج ذا دين أو خلق، أمَّا إن لم يكن كذلك فإنَّه عادةً لا يُبالِي -والعِياذ بالله- بما رأَتْه عليه زوجته! وربما تبجَّح وتعَلَّل بجهل وهوى.

إذا ألَحَّ الزوج على الزوجة في الحديث عمَّا شاهدَتْه عليه، فهل تجاوبه الحديث؟

نعم تجاوبه، ولتُبدِي له استياءها من مشاهدته لهذه المحرَّمات، ثم لتُحِرِّك مشاعِرَه الطيِّبة في نفسه، بأنْ تقول له: "أنت بأخلاقك ودينك أكبر من هذا"، أو: "لعلَّها هفوة أو ذنب لا تُكَرِّره"، ومثل هذه العبارات الرقراقة.

وقد تحتاج الزوجة أن تَعِظَ زوجها بشيءٍ فيه تخويفٌ من الله تعالى وتحذيرٌ من عقوبة فِعلته تلك، كأنْ تقول له مثلا: "أنت تتجرَّأ بهذا على مَحارِم الله ولا تُراعِي نظره إليك"، أو: "أنا أخشى على بيتنا وعلاقتنا من هذه المعصية"، ومثل هذا.

وكلُّ امرأةٍ أدرى أي أسلوب أولى وأنفع مع زوجها؛ فهذا أمر تقديري ونسبي يختَلِف باختلاف الشخصيات ذاتها.

وللحديث بقيَّة إن شاء الله تعالى.


حسن عبد الحي

abomokhtar
04-10-2013, 10:52 PM
استِكمالاً للحديث عن ال*****َّة وتدميرها لبيت الزوجية، وبالأخصِّ عن فقه تَعامُل الزوجة مع الزوج المُبتَلَى بمشاهدة الموادِّ ال*****ة، نقول:

ماذا لو لم يكن الزوج يستحيي من مشاهدته للمواد ال*****ة على علم زوجته؟

مثل هذا الزوج عادَةً لا يرى عيبًا في مشاهدة تلك المحرَّمات، والواجب تعريفُه أنَّ ما يقوم به محرَّم، ووعْظُه وتَخْوِيفُه بالله وعقابه في الدنيا وفي الآخِرة، كما يجب تنبيهُه للعواقِب الوَخِيمة لمشاهدة هذه ال*****َّات، وأنَّ لها أسوأ الآثار على بيته وأولاده، وربما زوجته!

ولتتَّبِع الزوجة كلَّ وسائل نُصْحِه، وقد سبَق الحديث عنها، وليكن حادِيها في ذلك اللُّطف واللِّين والموعظة الحسنة.

هل للزوجة أن تحذف المواد ال*****ة من جهاز الحاسوب أو الهاتف المحمول لزوجها؟ وكذلك حذف القنوات ال*****ة؟

لا شكَّ أن هذا من النَّهْيِ عن المنكر، لكن إن غلب على ظنِّ الزوجة ردَّة فعل سيِّئة من زوجها، فلا تفعل؛ لأن النهي عن المنكر لا ينبغي أن يترتَّب عليه منكرٌ أكبرُ منه، مع العلم أنَّ الزوج لن يَعجِز عادة عن امتِلاك مواد *****ة أخرى، أو إعادتها.

أمَّا إذا كان الزوج مُقِرًّا بخطأ وجود هذه المحرَّمات في البيت، ويعلم أن زوجته إنما قصدَتْ نصحه والخير له، فلا بأس بحذفها حينئذٍ، ولو أنَّ الزوجة رجعَتْ لزوجها وطلبَتْ منه حذف هذه المحرَّمات، لكان هذا أحسن وأجمع لقلبيهما.

والأمر في النهاية راجِعٌ لتحصيل المصلحة الشرعية وتقليل المفسدة، فإنْ أَشكَل على الزوجة الأمر، فلتُراجِع أهل المشورة والفتوى.

أثر الزوجة كـ"امرأة" في انتشال زوجها من تلك المنكرات:

ذكرنا فيما سبق أنَّه قد يدفع الزوجَ لمشاهدة هذه المنكرات تقصيرُ الزوجة في حقِّ زوجها، من ملبس أو زينة، أو كلمة أو حركة... وهكذا، ولا يُعفِي الزوجةَ من المسؤولية أنَّ زوجَها لا يطلب منها كذا أو كذا؛ فعادة الأزواج أن رغباتهم كثيرة ولا يتحدثون عن رغباتهم إلا قليلاً.

فعلى الزوجة واجباتٌ نحو زوجها كامرأةٍ تملك مُقَوِّمات أُنُوثيَّة قادرة على احتِواء رغبات الرجل، ونحن نفهم أنَّ من النساء مَن لا تقصِّر في حقِّ نفسها أو زوجها، كما نفهم أنَّ من الرِّجال مَن أُصِيب بنوع شذوذٍ في رغباته ال***ية لا تقدر عليها المرأة، لكنَّ هذا لا يعني ألاَّ تتفنَّن المرأة في خطف قلب زوجها من ال*****َّات المُشتِّتة.

وكثيرٌ من الرِّجال إنما يُحَرِّكهم لِمُطالَعة العورات المحرَّمة خاطرةٌ فكرية، أو مشهد رأوه، أو ربما كلمة سمعوها، فإنَّ منبع هذا كلِّه حرمان، أو حاجة ***ية افتَقَدُوها بدايةً في زوجاتهم، أو رغبات وُجِدَتْ ولم تستطع زوجاتهم إشباعَها.

نيَّة واجبة ومُعِينة:

من الطبيعيِّ جدًّا أن تشعر المرأة بإهانة ضمنيَّة إذا رأَتْ زوجها يَتَلذَّذ بمُلاحَقة العورات المكشوفة المحرَّمة عبر القنوات والمواقع ال*****ة، فهو في نظرها يستَعِيض عنها بصُوَر وخيالات، ومن هنا تُجرَح كرامتها، وتَسعَى لتغيير هذا الوضع.

لكنَّ التغيير من هذا المُنطَلَق وحدَه -مُنطَلق الشعور بالإهانة أو الغَيْرَة عند المرأة- عادةً لا يقوى على إرجاع الزوج عن تلك المحرَّمات؛ لأنَّ ثَمَّة عوامِلَ تغيير كثيرة ناقصة؛ كمُخاطَبة الواعظ الديني في قلب الزوج، وغير ذلك.

والواجب على الزوجة أن تتحرَّك أوَّلاً من باب النصيحة الشرعيَّة ووجوب النهي عن المنكر، وتُعِينها هذه النيَّة الشرعيَّة الواجبة على مهمَّتها كزوجةٍ في انتِشال زوجها من تلك المَتاهَات ال*****َّة المضلِّلة.

نظرة معتدلة:

بعض الزوجات تَنظُر لزوجها المُبتَلَى بمشاهدة الصُّوَر والأفلام ال*****ة نظرةً متدنِّية، وربما نظرة احتِقار، ويَكثُر هذا في الزوجات المتديِّنات، ويَصِلُ الأمر كثيرًا إلى الاحتِقار والاستِعلاء في الخِطاب مع الزوج؛ بل والتصريح للزوج أحيانًا بأنه كذا أو كذا!

وهذه النظرة الاحتِقارية من الزوجة للزوج المُبتَلَى، من فساد التصوُّر، أو من مرض القلب؛ فإن كلَّ إنسان يُخطِئ ويُذنِب، يقول ربُّنا تبارك وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف:201]، فأخبر تعالى أنَّ الذين اتَّقَوا الله من عباده يقَعُون في بعض ما حرَّم؛ من ترْك واجب، أو فعْل محرَّم، ويقول صلَّى الله عليه وسلَّم: «والذي نفسي بيده، لو لم تُذنِبوا لذهَب الله بكم، ولجاء بقومٍ يُذنِبون، فيستَغفِرون اللهَ فيغفر لهم» (أخرجه مسلم وغيره من حديث أبي هريرة رضِي الله عنه).

وقد وقع في خير مجتمع؛ مجتمع النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابه رضي الله عنهم جرائمُ الزنا، وشرب الخمر، والسرقة، وغير ذلك، ولم يكن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم يحتَقِر أصحابَ هذه المعاصِي الكِبار؛ بل يأخذ بهم إلى النجاة والفلاح، وينهى أصحابه عن لعنهم أو سبِّهم؛ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "أن رجلاً على عهْد النبي صلَّى الله عليه وسلَّم كان اسمه عبد الله، وكان يُلقَّب حِمارًا، وكان يُضحِك رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم وكان النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قد جلَدَه في الشراب، فأُتِي به يومًا فأُمِر به فجُلِد، فقال رجلٌ من القوم: اللهم العَنْه؛ ما أكثر ما يُؤتَى به! فقال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: «لا تلعنوه؛ فوالله ما علمتُ إلاَّ أنَّه يحبُّ الله ورسوله» (أخرجه البخاري وغيره).

فهذا الرجل يحبُّ الله ورسوله، ولكنَّه ابتُلِي بشرب الخمر، وكذلك كثيرًا ما يُبتَلَى بعض أهل الخير بمشاهدة العورات المحرَّمة، وقد يكونون يُحِبُّون الله ورسوله ولهم أعمال خير كثيرة، وفي قصة مالك بن ماعز المشهورة قال صلَّى الله عليه وسلَّم لِمَن سَبَّه: «لا تَسُبُّوه».

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "أُتِي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بشاربٍ فقال: «اضربوه»؛ فمنَّا الضارب بيده، ومنَّا الضارب بنعله، فقال بعض القوم: أخزاك الله، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لا تقولوا هكذا، لا تُعِينوا الشيطانَ عليه» (أخرجه ابن حبَّان وأبو يعلى وصحَّحه الأرناؤوط).

نعم، تُكرَه المعصيةُ ولا تُقرُّ؛ بل تُنكَر ويُناصَح أهلها، ولا يسوِّغ كلُّ هذا للزوجة أن تُهدِر خير الزوج لبعض شرِّه؛ فهو يصلِّي ويصوم ويحجُّ إن استِطاع، ويشاهد تلك المحرَّمات، ليس تناقضًا -كما تقول بعض الزوجات- وإنما هوى غلاَّب، ووسوسة شيطان، وضعف نفس، وبهذه النظرة وحدَها ينبَغِي أن تَنظُر الزوجة إلى معصية الزوج.

كيف تعرف الزوجة أن الزوج امتَنَع عن مشاهدة المواد ال*****ة؟

تلحظ الزوجة هذا بإقبال الزوج على الطاعات، وشغل وقته بالأعمال المفيدة، والتقليل من خلوته، والاستِئناس بِمَن حوله مرَّة أخرى.

فقه تعامُل الزوج مع الزوجة المُشاهِدة للصُّوَر والأفلام ال*****ة:

هناك فارِق جوهري بين الرجل والمرأة في عملية التعامُل مع الطرف الآخر في الحياة الزوجية؛ فقوامة الرجل وطبيعته تُحَتِّم عليه الأخْذ بيد الزوجة طوعًا وكراهية عن المحرَّمات، وهذا بالإضافة إلى النصائح المتقدِّمة للزوجة.

فللزوج أن يُضِيف على كلِّ ما مضى من نصائحَ، منْعَ زوجته من كلِّ ما يُوصلها بهذه الموادِّ ال*****ة؛ من فضائيَّات، أو شبكة الإنترنت، أو تليفونات محمولة ذات إمكانيَّات لمشاهدة الصُّوَر ومقاطع الفيديو.

وبعض الأزواج يَتعامَلُون بسلبيَّة مَقِيتَة نحو مُشاهَدة زوجاتهم أو أبنائهم للموادِّ ال*****َّة، وهذا ما لا يُقبَل من المسؤول الأوَّل عن البيت وصاحب القوامة، فلا يُكتَفَى في حقِّ الرجل بتوجيه النُّصْحِ القولي للزوجة وحسب؛ إذ هو مسؤولٌ أمام الله تعالى عن حال مَن ولاَّه الله أمرهم من زوجةٍ أو أبناء؛ يقول ربنا تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَ يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:6].

والمرأة عامَّة تقبل من الزوج وإن اشتدَّ قليلاً، لا سيَّما وهو يبحث عن نجاتها، ويخشى عليها سوءَ المُنقَلب والهاويةَ.

والحمد لله ربِّ العالمين، وصلِّ اللهمَّ وسلِّم على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه، ومَن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.


حسن عبد الحي