gomaa
02-02-2006, 09:39 PM
زينب عبداللاه
المقاطعة السلاح الوحيد في أيدي الشعوب بعد صمت الحكام
حين تنتقد أي شخصية أو تصرف إسرائيلي فأنت متهم بمعاداة السامية ويمكن ان تقع تحت طائلة القانون في أمريكا أو أي دولة أوربية.
وحين تبدي اعتراضك علي أي تصرف أو يصدر منك ما يمس أتباع أي ديانة من الديانات الأخري غير الإسلام بالطبع فأنت معرض للحبس بتهمة ازدراء الأديان وتجريح مشاعر أتباعها حتي وان كانت هذه الديانة غير سماوية.
أما حينما تتم الإساءة إلي مقدسات المسلمين وإهانة نبي الإسلام محمد (صلي الله عليه وسلم) أو حتي تدنيس القرآن واقتحام المساجد فإن الأمر لا يعدو كونه من قبيل حرية الرأي والتعبير لا يستوجب حتي مجرد الإدانة أو الاعتذار .. وبالطبع فإن الصمت الرهيب والعجز والاستسلام غير المبرر من الدول العربية والإسلامية وحتي المؤسسات والمنظمات الدينية وردود الأفعال الواهية والضعيفة علي هذه الإهانات والإساءات هو ما أدي إلي تزايدها واستمرارها وانتقالها من دولة إلي أخري.
مئات الرسائل الالكترونية والبريدية والفاكسات والاتصالات الهاتفية وصلتنا بعد نشر موضوع 'عفوا مولانا الإمام .. رسول الله ليس مجرد شخص ميت' .. والذي تم نشره العدد الماضي تستنكر هذا الرد الضعيف لشيخ الأزهر علي هذه الإساءات .. وتعتبر ان هذه الردود الرسمية الضعيفة هي السبب فيما وصل إليه حال الإسلام والمسلمين الآن والتي أدت إلي هوانهم علي الناس بسبب هذه الحالة من الضعف والاستكانة كقول الشاعر:
نعيب زماننا والعيب فينا
وما لزماننا عيب سوانا
ونهجو زماننا من غير ذنب
ولو نطق الزمان بنا هجانا
إحدي هذه الرسائل أشارت إلي الحكم الصادر بإيطاليا مؤخرا بحبس رئيس اتحاد المسلمين بإيطاليا بالسجن لمدة 8 أشهر بعد إدانته بتهمة قذف وتجريح مشاعر المسيحيين حيث قام برمي الصليب من نافذة غرفة والدته المريضة بأحد المستشفيات لأنه يدعو إلي إخلاء الأماكن العامة من الرموز الدينية حماية للطابع العلماني للدولة الإيطالية.
ورسائل أخري تناولت اقتراحات بإعادة تنظيم الأزهر ليكون مستقلا عن الدولة ويكون اختيار شيخه بالانتخاب من بين علماء المسلمين حتي يكون حرا في الدفاع عن الإسلام ومقدساته وليس تابعا يتأثر بالضغوط الدولية.
فلا يكفي أن يعلن شيخ الأزهر استنكاره وإدانته للإساءات إلي الرسول أمام وفد ممثلي مسلمي الدنمارك الذي تقابل معه في ديسمبر الماضي ويعلن ان ما حدث هو 'قلة أدب' من الصحيفة ثم يأتي أمام سفير الدنمارك مؤخرا ليتحدث عن الرسول بهذا المنطق الضعيف خاصة بعد أن أكد البيان الصادر عن مجمع البحوث الإسلامية الذي عقد جلسة طارئة تحدث فيها مع وفد مسلمي الدنمارك ان الأزهر يعتزم التوجه برفضه لما حدث من إساءة للرسول (صلي الله عليه وسلم) إلي اللجان المختصة بالأمم المتحدة وإلي منظمات حقوق الإنسان في كل مكان لينتهي الأمر بهذا الموقف الضعيف ولتبقي حملات الإساءة للرسول في الصحف الدنماركية مستمرة ولتنتقل منها إلي الصحف النرويجية وغيرها.
وعلي الرغم من ان الحكومة الدنماركية أعلنت عدم تدخلها لوقف هذه الإساءات باعتبارها علي حد زعمها من قبيل حرية الرأي والتعبير .. ليصبح لقاء سفير الدنمارك مع شيخ الأزهر لا يتعدي كونه مجرد 'جبر خواطر' ولا يمثل أي رد اعتبار أو محاولة لوقف هذه الإساءات المستمرة.
كل هذه الأحداث دفعتنا للتساؤل عن الأسباب الحقيقية وراء انتشار هذه الحملات المسيئة للدين الإسلامي وانتقالها من دولة لأخري .. وهذا الصمت العربي والإسلامي تجاهها؟
ومحاولة الإجابة عن مئات الأسئلة التي وردت إلينا حول كيفية مواجهة هذه الإساءات والتصدي لها طبقا لأحكام القانون والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وأي الجهات التي يمكن ان تحركها وتتصدي لها؟!
وكذلك الإجابة عن السؤال: ماذا يمكن للشعوب الإسلامية ان تفعل للذود عن رسولنا الكريم في حالة تخاذل الدول والهيئات المنوط بها القيام بهذا الدور؟!!
ففي إجابته علي سؤال حول كيفية التصدي لهذه الحملات أكد فضيلة المفتي الدكتور علي جمعة أن هناك العديد من القنوات الشرعية التي يمكن اللجوء إليها وخاصة فيما يتعلق بالصحيفة الدنماركية أو غيرها والتي يمكن ان يتم اللجوء إلي القضاء لمواجهتها وتحريك دعوي ضد هذه الصحف وان هذا واجب علي المسلمين لأن ما حدث يبتعد تماما عن حرية الرأي والتعبير ويتخطاها إلي ما يعد ازدراء للأديان وهو ما يتعارض مع كل القوانين والشرائع ويعد عدوانا علي حقوق الإنسان.
جبر الخواطر
وهو ما أكده الدكتور عبد العزيز مخيمر عبدالهادي أستاذ ورئيس قسم القانون الدولي حيث أشار إلي ان اتفاقيات حقوق الإنسان تنص علي احترام العقائد الدينية وعدم ازدراء الأديان وخاصة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 والذي يحوي نصوصا صريحة لاحترام العقائد والشعائر وحماية هذه الحقوق حتي للأسري وفي حالات الحروب، واحترام الشعائر الدينية لهم وتخصيص أماكن لهم لممارستها فما بالنا في حالة السلم.
مؤكدا أنه يمكن لأي مسلم يقيم في هذه الدول التي أساءت للإسلام ان يلجأ لمقاضاة الدول والمؤسسات التي قامت بهذا الفعل أمام المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان إذا لم ينصفه قضاء الدولة التي حدثت فيها هذه الإساءات كما أن من حق الدول الإسلامية أو المنظمات الإسلامية اللجوء للجنة الدولية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة لإدانة هذه التصرفات.
ولكن يتعجب الدكتور عبدالعزيز مخيمر من ان يتم نقل السفيرة المصرية في الدنمارك والتي قامت بهذا الدور في الدفاع عن الإسلام إلي جنوب أفريقيا لأن الدول العربية والإسلامية تفضل دائما المواقف الدبلوماسية ولذلك يبقي دور الجمعيات الإسلامية الموجودة في هذه البلاد لاستخدام حق التقاضي ضد هذه الصحف وكذلك ارسال حق الرد إليها لتلتزم بنشره وما يمكن ان تقوم به من مظاهرات وتجمعات لرفض هذه المواقف.
ويؤكد أنه حتي الآن مازالت التحركات وردود الأفعال الرسمية علي هذه التصرفات والإساءات ضعيفة في الوقت الذي يلزم فيه اتخاذ مواقف صارمة والتأكيد علي أنه يمكن اتخاذ إجراءات أكثر شدة وقوة لمواجهة هذه الإساءات ولا يجب اظهار هذا الضعف والاستكانة وان نقبل دائما بأن نكون موضع اتهام وتحقير ونكتفي فقط بهذه الليونة وأسلوب الترجي والاستسلام .. مشيرا إلي أن الغرب أحيانا لا يفهم إلا اللهجة الصارمة وخاصة حيال قضايا بعينها يتعرض فيها لديننا ورسولنا ويؤكد ان هناك حالة استياء شعبية واسعة حيال هذه الإهانات وان التصدي لها يمكن ان يحدث في أكثر من اتجاه.
ويتساءل عن دور منظمة المؤتمر الإسلامي التي تضم دولا كبيرة ومؤثرة من الناحية الاقتصادية ويمكن ان يؤثر بيان واحد تصدره هذه المنظمة في وقف هذه الإساءات إذا ما أشارت إلي أنه يمكن مقاطعة منتجات الدول التي تïسيء إلي الإسلام والمسلمين .. مؤكدا ان مقابلة سفير الدنمارك لشيخ الأزهر ليست إلا مجرد 'جبر خواطر' وليس لها أي مردود بدليل استمرار هذه الحملات ولا تعدو كونها أمرا محليا لا يعفي من إجراءات لوقف هذه الحملات المغرضة .. بالإضافة إلي الإجراءات التي يمكن اتخاذها علي المدي الطويل بإنشاء فضائية إسلامية تصل إلي هذه الدول وتتحدث بلغتها لتصحيح صورة الإسلام عن طريق الإعلام مؤكدا أن الوفود والبعثات التي يتم ارسالها لتصحيح صورة الإسلام في هذه الدول لا تتم الاشارة إليها أو معرفة نشاطها ولا تذكرها أية وسيلة من وسائل الإعلام ولذلك نحتاج لإعلام جيد يقوم بذلك لإزالة روح التعصب والفهم الخاطئ للإسلام في هذه الدول.
ويؤكد د.مخيمر ضرورة فصل المؤسسات الدينية مثل الأزهر عن الدولة حتي يمكن ان يكون له دور مؤثر وليس تابعا لها.
المقاطعة
'ضعف المسلمين هو السبب فيما يصدر ضد الإسلام من إساءات' .. بهذه الكلمات بدأ د.عبدالفتاح الشيخ رئيس جامعة الأزهر الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية حديثه مؤكدا أنه لو كان المسلمون أقوياء وكلمتهم واحدة، ويستخدمون كل امكانياتهم المادية والجغرافية للوقوف أمام أعدائهم أو من يسيئون إليهم ما كان وصل الحال بهم إلي هذه الدرجة من الهوان .. مشيرا إلي أن أحد خلفاء المسلمين حرك جيوشا من أجل امرأة مسلمة عبث بطرف ثوبها أحد الأشخاص وها نحن الآن نقابل الهجوم علي رسول الله (صلي الله عليه وسلم) بهذا الضعف.
ويضيف: ان تفرقنا ساعد أعداء الإسلام علي أن يستمروا في حربهم علينا وبأموالنا من المليارات التي يضعها كبار المسئولين والأغنياء في بنوك أوربا وأمريكا ويقوم عليها الكثير من اقتصاد هذه الدول.
ورغم ذلك يؤكد د.عبدالفتاح الشيخ أن حالة الاستياء التي عمت الشعوب الإسلامية بعد هذه الإساءات وردود الأفعال الضعيفة عليها إنما تعد مؤشرا إيجابيا علي أنه يمكن ان يأتي اليوم الذي نستطيع فيه مواجهة هذه الحملات بقوة .. ويتذكر كذلك ما حدث في حرب 1973 عندما استخدم العرب سلاح المقاطعة بالبترول وتأثير استخدام هذا السلاح في حسم هذه الحرب.
مشيرا إلي حجم الخسائر الاقتصادية التي يمكن ان تصيب الدول التي تسيء للإسلام إذا ما قررت الدول الإسلامية مقاطعة منتجاتها، فعلي سبيل المثال والحديث للدكتور الشيخ فإن اقتصاد دولة الدنمارك والذي يعتمد في أغلبه علي الانتاج الحيواني يمكن ان يتأثر بشكل كبير إذا ما قررت الشعوب العربية مقاطعة هذه المنتجات وامتنع المستوردون عن استيرادها مؤكدا ان هذا التأثير يعتمد علي قرارات المقاطعة الجماعية والعامة من كل الدول والمسلمين الذين تأثروا بحجم هذه الإساءات الموجهة لشخص الرسول (صلي الله عليه وسلم).
المد الإسلامي
ويفسر الدكتور عبدالمعطي بيومي عميد كلية أصول الدين الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية انتشار ظاهرة الإساءة للإسلام في المجتمعات الغربية وأمريكا بأنها رد فعل لفلول التعصب الباقية في هذه الدول التي أدهشها انتشار المد الإسلامي في دول أوربا وأمريكا قبل أحداث 11 سبتمبر حيث كان الإسلام ينتشر بقوة وعمق ليصبح في معظم دول أوربا هو الديانة الثانية للدولة وبدأت أغلبية من المثقفين في كوادر علمية كبيرة يقبلون علي الإسلام فأصبحت جحافل التعصب التي تمنع انتشار الإسلام فلولا وبقايا ظلت موجودة في مراكز السياسة وصنع القرار هناك لتجد من أحداث 11 سبتمبر ذريعة لمحاربة الإسلام مشيرا إلي أن هناك جامعات إسلامية في هذه الدول واهتماما بتدريس الأديان بموضوعية وخاصة الدول الاسكندنافية كالنرويج والدنمارك والسويد لأنها تنبهت لما يشكله الدين من قوة إيجابية ولذلك تحاول قوي التعصب فيها محاربة الإسلام بشراسة وجرأة.
مؤكدا أنه حان الوقت لكي تقوم المؤسسات الدينية الإسلامية بدورها في مواجهة هذه الحرب الشرسة بفكر واستراتيجية منظمة مشيرا إلي أنه اقترح منذ سنوات أن يقوم الأزهر بإرسال عدد من العلماء والمفكرين المسلمين إلي دول الغرب وعمل مقرات في كل الدول الغربية لإجراء لقاءات والقاء محاضرات عامة والالتقاء بالجاليات الإسلامية ومعرفة مشكلاتهم والتحاور مع الفكر الغربي .. ورغم ان هذه الفكرة لقيت تأييدا وموافقة إلا أنها لم تنفذ حتي الآن.
ويضيف أنه في المشكلات الكبري التي يتعرض لها العالم الإسلامي في ظل حالة الاستكانة الرسمية الحالية في الدفاع عن الدين الإسلامي يكون اللجوء إلي الأمة والشعوب الإسلامية هو الحل باتخاذ موقف شعبي بمقاطعة بضائع الدول التي تسيء للإسلام وقيام الجاليات الإسلامية في هذه الدول باتخاذ مواقف قضائية ضد هذه الإساءات.
المواجهة
إبراهيم العناني أستاذ ورئيس قسم القانون الدولي بجامعة عين شمس يحدثنا عن الإجراءات التي يمكن بها مواجهة هذه الإساءات .. ويشير إلي أن أمامنا أكثر من طريق، وفي البداية يمكن مقاضاة هذه الصحف عن طريق المحاكم الداخلية للدول ويقوم برفع الدعوي الأشخاص الذين يقع عليهم الضرر من المقيمين في هذه الدول وهم الجاليات الإسلامية فيها وإذا لم تقم محاكم الدولة بإنصاف المتضرر وإصدار حكم عادل لوقف هذه الحملات فإنه يمكن رفع الدعوي أمام المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان حيث ترتبط الدنمارك ومعظم الدول الأوربية بالاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان .. كما أنه يمكن اللجوء إلي اللجنة المعنية بحقوق الإنسان وهي ليست محكمة تصدر أحكاما ضد الجناة ولكنها تضع تقريرا وتنبه الدول إلي ضرورة إزالة الضرر الذي وقع علي من تقدموا بهذه الشكاوي .. هذا فيما يتعلق بمواقف الأفراد والجماعات التي يمكن اتخاذها.
ويضيف ان الدول الأوربية ترتبط أيضا بالوثيقة الدولية لحقوق الإنسان التي صدرت عن الأمم المتحدة ممثلة في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالإضافة إلي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وعلي مستوي الدول والحكومات يمكن تحريك الأمر أمام الأمم المتحدة كما يشير د.العناني واللجان الدولية لحقوق الإنسان بها لمطالبتها بإيقاف هذه التصرفات وخاصة إذا تم دعمها بشكل مباشر أو غير مباشر من الدولة المسيئة كأن تقوم الدولة بنفسها بهذه الإساءات أو أن يقوم أفراد ومؤسسات داخلها بها وتهاونت الدولة في إزالة هذا الضرر وهو ما تترتب عليه مسئولية قانونية دولية علي هذه الدول مؤكدا أنه إذا كان اعتذار السفير الدنماركي لم يترتب عليه توقف هذه الحملات فإنه لابد من التحرك علي كافة المستويات لوقفها .. وأن هذا الاعتذار لا يعفي الدانمارك من المسئولية المترتبة علي استمرار هذه الحملات وان تحرك الدول العربية والإسلامية إذا ما نتج عنه إدانة دولية لهذه التصرفات فسوف يكون نجاحا يحد من هذا التعسف والتعصب ضد الإسلام كما أن هذا التحرك يمكن ان يتم عن طريق منظمة المؤتمر الإسلامي أو جامعة الدول العربية .. مؤكدا أن هناك طريقا أصعب وهو اللجوء للقضاء الدولي ويكون صعبا لأنه يستلزم اتفاق الدول المتضررة والمسئولة عن الضرر للمثول أمام هذا القضاء.
ويشير د.العناني إلي دور الأزهر الذي يجب ان يقوم به كهيئة دينية وهو التحرك علي مستوي غير حكومي بحث الحكومات علي التحرك وكذلك اللجوء للمنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان.
أما علي مستوي الأفراد وما يمكن ان يقوموا به إذا ما تخاذلت كل هذه الجهات فيشير إلي انه يمكن تقديم شكاوي وبلاغات للجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ويمكن ان تتوجه الجمعيات الإسلامية بهذه البلاغات مدعمة بالوثائق والمستندات بما يمكن أن يؤثر في الرأي العام العالمي تجاه هذه القضايا.
العيب فينا
د. آمنة نصير أستاذ الفلسفة والعقيدة بالأزهر تؤكد ان ما يحدث من إساءات يرجع في الأساس إلي اننا أصبحنا أمة ضعيفة لأننا تخلينا عن مقومات الحضارة والريادة في العلم والاقتصاد وصناعة الحضارة رغم ان لدينا كل مقومات قيامها ويكفي ان نشير إلي أن الحضارة الإسلامية كانت في العصور الوسطي هي مصدر النور والشمس التي أشرقت علي أوربا .. كما أوضح فرنسيس بيكون رائد النهضة الحديثة في أوربا .. والذي قال: 'من لا يتعلم العربية لا يعرف العلم' .. وكذلك المفكر الغربي جورج ساريتون الذي قال مقولته الشهيرة: 'لولا حضارة العرب علي الغرب لتأخرت حضارة أوربا عدة قرون'.
وتتساءل: أين نحن الآن من كل هذا بعد أن تخلينا عن كل شيء؟!!
وتتعجب من ان تصدر هذه الإهانات من الدول الاسكندنافية كالدنمارك والسويد والنرويج وهي مناطق راقية متحضرة من المعروف عنها أنها تحترم كل العقائد والأديان بما فيها العقائد الأرضية فما الذي يجعل هذه الدول بما هو معروف عنها تجترئ علي عقيدة وديانة سماوية وعلي نبيها وأتباعها وهم كثرة .. ولكن كغثاء السيل.
مؤكدة ان منطق الضعيف والذليل الذي نستخدمه في التعامل مع هذه الاجتراءات هو السبب لأنه لا يصلح في عالم اليوم!!
أما الدكتور فؤاد عبدالمنعم رياض القاضي الجنائي الدولي وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان فيشير إلي أننا ارتضينا ان نكون دائما في موضع الاتهام بالإرهاب واضطهاد الأقليات والتعصب وحين يقوم الآخرون بهذه الأفعال ضدنا لا نستطيع التصدي لها أو اتهامهم صراحة بها ونحاول ان تكون بياناتنا وإداناتنا دبلوماسية لا ترقي إلي مستوي الإهانات التي توجه إلينا.
ويشير إلي ما قام اليهود به من أنهم عملوا علي أن تصدر العديد من الدول الأوربية قوانين لمعاقبة ما أسموه بمعاداة السامية وحاكموا الكثيرين ممن يتحدثون أو ينتقدون الشخصيات أو الممارسات اليهودية مثلما حدث مع المفكر الفرنسي روجيه جارودي.
ولذلك يري انه لابد للدول العربية والإسلامية ان تتحرك لدي الأمم المتحدة لكي تدعو هذه الدول لوضع قوانين تجرم وتمنع ازدراء الأديان بصفة عامة لمحاكمة الذين يسيئون إلي الأديان والرسل في هذه الدول.
المقاطعة السلاح الوحيد في أيدي الشعوب بعد صمت الحكام
حين تنتقد أي شخصية أو تصرف إسرائيلي فأنت متهم بمعاداة السامية ويمكن ان تقع تحت طائلة القانون في أمريكا أو أي دولة أوربية.
وحين تبدي اعتراضك علي أي تصرف أو يصدر منك ما يمس أتباع أي ديانة من الديانات الأخري غير الإسلام بالطبع فأنت معرض للحبس بتهمة ازدراء الأديان وتجريح مشاعر أتباعها حتي وان كانت هذه الديانة غير سماوية.
أما حينما تتم الإساءة إلي مقدسات المسلمين وإهانة نبي الإسلام محمد (صلي الله عليه وسلم) أو حتي تدنيس القرآن واقتحام المساجد فإن الأمر لا يعدو كونه من قبيل حرية الرأي والتعبير لا يستوجب حتي مجرد الإدانة أو الاعتذار .. وبالطبع فإن الصمت الرهيب والعجز والاستسلام غير المبرر من الدول العربية والإسلامية وحتي المؤسسات والمنظمات الدينية وردود الأفعال الواهية والضعيفة علي هذه الإهانات والإساءات هو ما أدي إلي تزايدها واستمرارها وانتقالها من دولة إلي أخري.
مئات الرسائل الالكترونية والبريدية والفاكسات والاتصالات الهاتفية وصلتنا بعد نشر موضوع 'عفوا مولانا الإمام .. رسول الله ليس مجرد شخص ميت' .. والذي تم نشره العدد الماضي تستنكر هذا الرد الضعيف لشيخ الأزهر علي هذه الإساءات .. وتعتبر ان هذه الردود الرسمية الضعيفة هي السبب فيما وصل إليه حال الإسلام والمسلمين الآن والتي أدت إلي هوانهم علي الناس بسبب هذه الحالة من الضعف والاستكانة كقول الشاعر:
نعيب زماننا والعيب فينا
وما لزماننا عيب سوانا
ونهجو زماننا من غير ذنب
ولو نطق الزمان بنا هجانا
إحدي هذه الرسائل أشارت إلي الحكم الصادر بإيطاليا مؤخرا بحبس رئيس اتحاد المسلمين بإيطاليا بالسجن لمدة 8 أشهر بعد إدانته بتهمة قذف وتجريح مشاعر المسيحيين حيث قام برمي الصليب من نافذة غرفة والدته المريضة بأحد المستشفيات لأنه يدعو إلي إخلاء الأماكن العامة من الرموز الدينية حماية للطابع العلماني للدولة الإيطالية.
ورسائل أخري تناولت اقتراحات بإعادة تنظيم الأزهر ليكون مستقلا عن الدولة ويكون اختيار شيخه بالانتخاب من بين علماء المسلمين حتي يكون حرا في الدفاع عن الإسلام ومقدساته وليس تابعا يتأثر بالضغوط الدولية.
فلا يكفي أن يعلن شيخ الأزهر استنكاره وإدانته للإساءات إلي الرسول أمام وفد ممثلي مسلمي الدنمارك الذي تقابل معه في ديسمبر الماضي ويعلن ان ما حدث هو 'قلة أدب' من الصحيفة ثم يأتي أمام سفير الدنمارك مؤخرا ليتحدث عن الرسول بهذا المنطق الضعيف خاصة بعد أن أكد البيان الصادر عن مجمع البحوث الإسلامية الذي عقد جلسة طارئة تحدث فيها مع وفد مسلمي الدنمارك ان الأزهر يعتزم التوجه برفضه لما حدث من إساءة للرسول (صلي الله عليه وسلم) إلي اللجان المختصة بالأمم المتحدة وإلي منظمات حقوق الإنسان في كل مكان لينتهي الأمر بهذا الموقف الضعيف ولتبقي حملات الإساءة للرسول في الصحف الدنماركية مستمرة ولتنتقل منها إلي الصحف النرويجية وغيرها.
وعلي الرغم من ان الحكومة الدنماركية أعلنت عدم تدخلها لوقف هذه الإساءات باعتبارها علي حد زعمها من قبيل حرية الرأي والتعبير .. ليصبح لقاء سفير الدنمارك مع شيخ الأزهر لا يتعدي كونه مجرد 'جبر خواطر' ولا يمثل أي رد اعتبار أو محاولة لوقف هذه الإساءات المستمرة.
كل هذه الأحداث دفعتنا للتساؤل عن الأسباب الحقيقية وراء انتشار هذه الحملات المسيئة للدين الإسلامي وانتقالها من دولة لأخري .. وهذا الصمت العربي والإسلامي تجاهها؟
ومحاولة الإجابة عن مئات الأسئلة التي وردت إلينا حول كيفية مواجهة هذه الإساءات والتصدي لها طبقا لأحكام القانون والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وأي الجهات التي يمكن ان تحركها وتتصدي لها؟!
وكذلك الإجابة عن السؤال: ماذا يمكن للشعوب الإسلامية ان تفعل للذود عن رسولنا الكريم في حالة تخاذل الدول والهيئات المنوط بها القيام بهذا الدور؟!!
ففي إجابته علي سؤال حول كيفية التصدي لهذه الحملات أكد فضيلة المفتي الدكتور علي جمعة أن هناك العديد من القنوات الشرعية التي يمكن اللجوء إليها وخاصة فيما يتعلق بالصحيفة الدنماركية أو غيرها والتي يمكن ان يتم اللجوء إلي القضاء لمواجهتها وتحريك دعوي ضد هذه الصحف وان هذا واجب علي المسلمين لأن ما حدث يبتعد تماما عن حرية الرأي والتعبير ويتخطاها إلي ما يعد ازدراء للأديان وهو ما يتعارض مع كل القوانين والشرائع ويعد عدوانا علي حقوق الإنسان.
جبر الخواطر
وهو ما أكده الدكتور عبد العزيز مخيمر عبدالهادي أستاذ ورئيس قسم القانون الدولي حيث أشار إلي ان اتفاقيات حقوق الإنسان تنص علي احترام العقائد الدينية وعدم ازدراء الأديان وخاصة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 والذي يحوي نصوصا صريحة لاحترام العقائد والشعائر وحماية هذه الحقوق حتي للأسري وفي حالات الحروب، واحترام الشعائر الدينية لهم وتخصيص أماكن لهم لممارستها فما بالنا في حالة السلم.
مؤكدا أنه يمكن لأي مسلم يقيم في هذه الدول التي أساءت للإسلام ان يلجأ لمقاضاة الدول والمؤسسات التي قامت بهذا الفعل أمام المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان إذا لم ينصفه قضاء الدولة التي حدثت فيها هذه الإساءات كما أن من حق الدول الإسلامية أو المنظمات الإسلامية اللجوء للجنة الدولية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة لإدانة هذه التصرفات.
ولكن يتعجب الدكتور عبدالعزيز مخيمر من ان يتم نقل السفيرة المصرية في الدنمارك والتي قامت بهذا الدور في الدفاع عن الإسلام إلي جنوب أفريقيا لأن الدول العربية والإسلامية تفضل دائما المواقف الدبلوماسية ولذلك يبقي دور الجمعيات الإسلامية الموجودة في هذه البلاد لاستخدام حق التقاضي ضد هذه الصحف وكذلك ارسال حق الرد إليها لتلتزم بنشره وما يمكن ان تقوم به من مظاهرات وتجمعات لرفض هذه المواقف.
ويؤكد أنه حتي الآن مازالت التحركات وردود الأفعال الرسمية علي هذه التصرفات والإساءات ضعيفة في الوقت الذي يلزم فيه اتخاذ مواقف صارمة والتأكيد علي أنه يمكن اتخاذ إجراءات أكثر شدة وقوة لمواجهة هذه الإساءات ولا يجب اظهار هذا الضعف والاستكانة وان نقبل دائما بأن نكون موضع اتهام وتحقير ونكتفي فقط بهذه الليونة وأسلوب الترجي والاستسلام .. مشيرا إلي أن الغرب أحيانا لا يفهم إلا اللهجة الصارمة وخاصة حيال قضايا بعينها يتعرض فيها لديننا ورسولنا ويؤكد ان هناك حالة استياء شعبية واسعة حيال هذه الإهانات وان التصدي لها يمكن ان يحدث في أكثر من اتجاه.
ويتساءل عن دور منظمة المؤتمر الإسلامي التي تضم دولا كبيرة ومؤثرة من الناحية الاقتصادية ويمكن ان يؤثر بيان واحد تصدره هذه المنظمة في وقف هذه الإساءات إذا ما أشارت إلي أنه يمكن مقاطعة منتجات الدول التي تïسيء إلي الإسلام والمسلمين .. مؤكدا ان مقابلة سفير الدنمارك لشيخ الأزهر ليست إلا مجرد 'جبر خواطر' وليس لها أي مردود بدليل استمرار هذه الحملات ولا تعدو كونها أمرا محليا لا يعفي من إجراءات لوقف هذه الحملات المغرضة .. بالإضافة إلي الإجراءات التي يمكن اتخاذها علي المدي الطويل بإنشاء فضائية إسلامية تصل إلي هذه الدول وتتحدث بلغتها لتصحيح صورة الإسلام عن طريق الإعلام مؤكدا أن الوفود والبعثات التي يتم ارسالها لتصحيح صورة الإسلام في هذه الدول لا تتم الاشارة إليها أو معرفة نشاطها ولا تذكرها أية وسيلة من وسائل الإعلام ولذلك نحتاج لإعلام جيد يقوم بذلك لإزالة روح التعصب والفهم الخاطئ للإسلام في هذه الدول.
ويؤكد د.مخيمر ضرورة فصل المؤسسات الدينية مثل الأزهر عن الدولة حتي يمكن ان يكون له دور مؤثر وليس تابعا لها.
المقاطعة
'ضعف المسلمين هو السبب فيما يصدر ضد الإسلام من إساءات' .. بهذه الكلمات بدأ د.عبدالفتاح الشيخ رئيس جامعة الأزهر الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية حديثه مؤكدا أنه لو كان المسلمون أقوياء وكلمتهم واحدة، ويستخدمون كل امكانياتهم المادية والجغرافية للوقوف أمام أعدائهم أو من يسيئون إليهم ما كان وصل الحال بهم إلي هذه الدرجة من الهوان .. مشيرا إلي أن أحد خلفاء المسلمين حرك جيوشا من أجل امرأة مسلمة عبث بطرف ثوبها أحد الأشخاص وها نحن الآن نقابل الهجوم علي رسول الله (صلي الله عليه وسلم) بهذا الضعف.
ويضيف: ان تفرقنا ساعد أعداء الإسلام علي أن يستمروا في حربهم علينا وبأموالنا من المليارات التي يضعها كبار المسئولين والأغنياء في بنوك أوربا وأمريكا ويقوم عليها الكثير من اقتصاد هذه الدول.
ورغم ذلك يؤكد د.عبدالفتاح الشيخ أن حالة الاستياء التي عمت الشعوب الإسلامية بعد هذه الإساءات وردود الأفعال الضعيفة عليها إنما تعد مؤشرا إيجابيا علي أنه يمكن ان يأتي اليوم الذي نستطيع فيه مواجهة هذه الحملات بقوة .. ويتذكر كذلك ما حدث في حرب 1973 عندما استخدم العرب سلاح المقاطعة بالبترول وتأثير استخدام هذا السلاح في حسم هذه الحرب.
مشيرا إلي حجم الخسائر الاقتصادية التي يمكن ان تصيب الدول التي تسيء للإسلام إذا ما قررت الدول الإسلامية مقاطعة منتجاتها، فعلي سبيل المثال والحديث للدكتور الشيخ فإن اقتصاد دولة الدنمارك والذي يعتمد في أغلبه علي الانتاج الحيواني يمكن ان يتأثر بشكل كبير إذا ما قررت الشعوب العربية مقاطعة هذه المنتجات وامتنع المستوردون عن استيرادها مؤكدا ان هذا التأثير يعتمد علي قرارات المقاطعة الجماعية والعامة من كل الدول والمسلمين الذين تأثروا بحجم هذه الإساءات الموجهة لشخص الرسول (صلي الله عليه وسلم).
المد الإسلامي
ويفسر الدكتور عبدالمعطي بيومي عميد كلية أصول الدين الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية انتشار ظاهرة الإساءة للإسلام في المجتمعات الغربية وأمريكا بأنها رد فعل لفلول التعصب الباقية في هذه الدول التي أدهشها انتشار المد الإسلامي في دول أوربا وأمريكا قبل أحداث 11 سبتمبر حيث كان الإسلام ينتشر بقوة وعمق ليصبح في معظم دول أوربا هو الديانة الثانية للدولة وبدأت أغلبية من المثقفين في كوادر علمية كبيرة يقبلون علي الإسلام فأصبحت جحافل التعصب التي تمنع انتشار الإسلام فلولا وبقايا ظلت موجودة في مراكز السياسة وصنع القرار هناك لتجد من أحداث 11 سبتمبر ذريعة لمحاربة الإسلام مشيرا إلي أن هناك جامعات إسلامية في هذه الدول واهتماما بتدريس الأديان بموضوعية وخاصة الدول الاسكندنافية كالنرويج والدنمارك والسويد لأنها تنبهت لما يشكله الدين من قوة إيجابية ولذلك تحاول قوي التعصب فيها محاربة الإسلام بشراسة وجرأة.
مؤكدا أنه حان الوقت لكي تقوم المؤسسات الدينية الإسلامية بدورها في مواجهة هذه الحرب الشرسة بفكر واستراتيجية منظمة مشيرا إلي أنه اقترح منذ سنوات أن يقوم الأزهر بإرسال عدد من العلماء والمفكرين المسلمين إلي دول الغرب وعمل مقرات في كل الدول الغربية لإجراء لقاءات والقاء محاضرات عامة والالتقاء بالجاليات الإسلامية ومعرفة مشكلاتهم والتحاور مع الفكر الغربي .. ورغم ان هذه الفكرة لقيت تأييدا وموافقة إلا أنها لم تنفذ حتي الآن.
ويضيف أنه في المشكلات الكبري التي يتعرض لها العالم الإسلامي في ظل حالة الاستكانة الرسمية الحالية في الدفاع عن الدين الإسلامي يكون اللجوء إلي الأمة والشعوب الإسلامية هو الحل باتخاذ موقف شعبي بمقاطعة بضائع الدول التي تسيء للإسلام وقيام الجاليات الإسلامية في هذه الدول باتخاذ مواقف قضائية ضد هذه الإساءات.
المواجهة
إبراهيم العناني أستاذ ورئيس قسم القانون الدولي بجامعة عين شمس يحدثنا عن الإجراءات التي يمكن بها مواجهة هذه الإساءات .. ويشير إلي أن أمامنا أكثر من طريق، وفي البداية يمكن مقاضاة هذه الصحف عن طريق المحاكم الداخلية للدول ويقوم برفع الدعوي الأشخاص الذين يقع عليهم الضرر من المقيمين في هذه الدول وهم الجاليات الإسلامية فيها وإذا لم تقم محاكم الدولة بإنصاف المتضرر وإصدار حكم عادل لوقف هذه الحملات فإنه يمكن رفع الدعوي أمام المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان حيث ترتبط الدنمارك ومعظم الدول الأوربية بالاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان .. كما أنه يمكن اللجوء إلي اللجنة المعنية بحقوق الإنسان وهي ليست محكمة تصدر أحكاما ضد الجناة ولكنها تضع تقريرا وتنبه الدول إلي ضرورة إزالة الضرر الذي وقع علي من تقدموا بهذه الشكاوي .. هذا فيما يتعلق بمواقف الأفراد والجماعات التي يمكن اتخاذها.
ويضيف ان الدول الأوربية ترتبط أيضا بالوثيقة الدولية لحقوق الإنسان التي صدرت عن الأمم المتحدة ممثلة في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالإضافة إلي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وعلي مستوي الدول والحكومات يمكن تحريك الأمر أمام الأمم المتحدة كما يشير د.العناني واللجان الدولية لحقوق الإنسان بها لمطالبتها بإيقاف هذه التصرفات وخاصة إذا تم دعمها بشكل مباشر أو غير مباشر من الدولة المسيئة كأن تقوم الدولة بنفسها بهذه الإساءات أو أن يقوم أفراد ومؤسسات داخلها بها وتهاونت الدولة في إزالة هذا الضرر وهو ما تترتب عليه مسئولية قانونية دولية علي هذه الدول مؤكدا أنه إذا كان اعتذار السفير الدنماركي لم يترتب عليه توقف هذه الحملات فإنه لابد من التحرك علي كافة المستويات لوقفها .. وأن هذا الاعتذار لا يعفي الدانمارك من المسئولية المترتبة علي استمرار هذه الحملات وان تحرك الدول العربية والإسلامية إذا ما نتج عنه إدانة دولية لهذه التصرفات فسوف يكون نجاحا يحد من هذا التعسف والتعصب ضد الإسلام كما أن هذا التحرك يمكن ان يتم عن طريق منظمة المؤتمر الإسلامي أو جامعة الدول العربية .. مؤكدا أن هناك طريقا أصعب وهو اللجوء للقضاء الدولي ويكون صعبا لأنه يستلزم اتفاق الدول المتضررة والمسئولة عن الضرر للمثول أمام هذا القضاء.
ويشير د.العناني إلي دور الأزهر الذي يجب ان يقوم به كهيئة دينية وهو التحرك علي مستوي غير حكومي بحث الحكومات علي التحرك وكذلك اللجوء للمنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان.
أما علي مستوي الأفراد وما يمكن ان يقوموا به إذا ما تخاذلت كل هذه الجهات فيشير إلي انه يمكن تقديم شكاوي وبلاغات للجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ويمكن ان تتوجه الجمعيات الإسلامية بهذه البلاغات مدعمة بالوثائق والمستندات بما يمكن أن يؤثر في الرأي العام العالمي تجاه هذه القضايا.
العيب فينا
د. آمنة نصير أستاذ الفلسفة والعقيدة بالأزهر تؤكد ان ما يحدث من إساءات يرجع في الأساس إلي اننا أصبحنا أمة ضعيفة لأننا تخلينا عن مقومات الحضارة والريادة في العلم والاقتصاد وصناعة الحضارة رغم ان لدينا كل مقومات قيامها ويكفي ان نشير إلي أن الحضارة الإسلامية كانت في العصور الوسطي هي مصدر النور والشمس التي أشرقت علي أوربا .. كما أوضح فرنسيس بيكون رائد النهضة الحديثة في أوربا .. والذي قال: 'من لا يتعلم العربية لا يعرف العلم' .. وكذلك المفكر الغربي جورج ساريتون الذي قال مقولته الشهيرة: 'لولا حضارة العرب علي الغرب لتأخرت حضارة أوربا عدة قرون'.
وتتساءل: أين نحن الآن من كل هذا بعد أن تخلينا عن كل شيء؟!!
وتتعجب من ان تصدر هذه الإهانات من الدول الاسكندنافية كالدنمارك والسويد والنرويج وهي مناطق راقية متحضرة من المعروف عنها أنها تحترم كل العقائد والأديان بما فيها العقائد الأرضية فما الذي يجعل هذه الدول بما هو معروف عنها تجترئ علي عقيدة وديانة سماوية وعلي نبيها وأتباعها وهم كثرة .. ولكن كغثاء السيل.
مؤكدة ان منطق الضعيف والذليل الذي نستخدمه في التعامل مع هذه الاجتراءات هو السبب لأنه لا يصلح في عالم اليوم!!
أما الدكتور فؤاد عبدالمنعم رياض القاضي الجنائي الدولي وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان فيشير إلي أننا ارتضينا ان نكون دائما في موضع الاتهام بالإرهاب واضطهاد الأقليات والتعصب وحين يقوم الآخرون بهذه الأفعال ضدنا لا نستطيع التصدي لها أو اتهامهم صراحة بها ونحاول ان تكون بياناتنا وإداناتنا دبلوماسية لا ترقي إلي مستوي الإهانات التي توجه إلينا.
ويشير إلي ما قام اليهود به من أنهم عملوا علي أن تصدر العديد من الدول الأوربية قوانين لمعاقبة ما أسموه بمعاداة السامية وحاكموا الكثيرين ممن يتحدثون أو ينتقدون الشخصيات أو الممارسات اليهودية مثلما حدث مع المفكر الفرنسي روجيه جارودي.
ولذلك يري انه لابد للدول العربية والإسلامية ان تتحرك لدي الأمم المتحدة لكي تدعو هذه الدول لوضع قوانين تجرم وتمنع ازدراء الأديان بصفة عامة لمحاكمة الذين يسيئون إلي الأديان والرسل في هذه الدول.