مشاهدة النسخة كاملة : أفكار .. وأفكار


abomokhtar
19-11-2013, 10:20 PM
بقلم/ عصام السباعي
الساعة الآن تدق العاشرة.. لا أدرى كم من الوقت مضى وأنا جالس إلى مكتبي ربما أربع ساعات أو خمس وربما أكثر.. لابد أن أتوجه الآن إلى فراشي حتى أستيقظ نشيطاً صافى الذهن.
ولكن لا.. ليس الآن لا ضير من أن أمكث نصف ساعة أخرى أسترجع فيها معلوماتي وأمر عليها .. مرورا ً سريعا ً فغداً هو أول أيام الامتحان ولا بد أن أكون على أتم استعداد .. لابد .
يا إلهي !!
ما هذا ؟
لقد نسيت نفسي مرة أخرى.. الساعة الآن تجاوزت الحادية عشر فلأتوجه فورا ً إلى فراشي فأنا الآن مستعد تماما ً.
لذلك الشيء الذي يسمونه امتحان!!
لا أدرى من العبقري الذي ابتدع هذا النظام البغيض إلى نفسي؟
هل يستطيع يوم واحد أن يحدد مستوى عام كامل
من الدراسة والتحصيل؟
هل يكفى يوم واحد لقياس جهد بذلته طوال عام كامل؟.
هل ضمن ذلك العبقري أن حالتي النفسية ستكون مهيأة للامتحان في ذلك اليوم بالذات؟
على كل لا داعي للاسترسال في هذه الأفكار.. فليس مجالها الآن المهم الآن أن أغمض عيني وأنعم ببعض الراحة.
مازال القلق يساورني .. ما زال التوتر يسيطر على أعصابي .. النوم يجافى عيناي.. حتى أفكاري تأبى أن تتوقف عن الاسترسال.. تمر أمام عيني كشريط تبدو أحداثه غير مترابطة.
ها هو زميل لنا يضبطه مراقب اللجنة وهو يحاول أن يلتقط إجابة سؤال من زميل آخر.. فما كان من المراقب إلا عمل محضر غش للاثنان.
زميل آخر يحاول إخراج شيء ما يضبطه المراقب.. كان محضر الغش أيضا من نصيبه .
زميل ثالث يصاب بصداع شديد لم تفلح المسكنات في القضاء عليه .
مازالت الأفكار السوداء تطاردني.. اثنان من الطلبة يتشاجران بعد الخروج من الامتحان.. أراد الأول أن يأخذ إجابة سؤال من الثاني.. ولكن الثاني أبى أن يخالف ضميره ويهدى ثمرة جهوده لمن لم يفتح كتاباً طول العام.
الآن بدأت الأفكار السوداء تختفي تدريجياً .. وها هو النوم يداعب أجفاني .. ها هو النوم يداع ......خ خ خ
يا إلهي ! .. ماذا أرى أمامي ؟
هل أنا في حلم أم حقيقة ؟!
المناظر تبدو غير واضحة أمامي .. ربما أكون في حلم أو يكون سهري بالأمس في المذاكرة أثر على .. ولكن لا.. لا يمكن أن يكون حقيقة.. فهذا السؤال بالذات ذاكرته بالأمس جيداً.. ليس هذا فحسب وإنما السؤال الثاني والثالث !
يا إلهي ! إن كل الأسئلة التي أمامي في ورقة الامتحان قد ذاكرتها بالأمس!
أجيب على الأسئلة .. تتابع الأفكار في رأسي مرة أخرى.. ولكن هذه المرة ليست أفكارا سوداوية.. وإنما أفكار مبتهجة.. أفقت منها على صوت يقول: الزمن المخصص للإجابة انتهى .. ووجدت يداً تمتد نحوى لتأخذ ورقة الإجابة منى .. عند ذلك فقط أدركت إنني لم أكن في حلم وانطلقت أعدو مهرولاً خارج اللجنة .