الفسطاط
14-12-2013, 08:39 PM
إدارة ملف الأمن المائي المصري بين الصراع والتعاون ( 3 )
أ.د/ ابراهيم أبوسعده
28 يونيو, 2013
إبراهيم أبو سعدةمثلث برمودا المعروف أيضا باسم “مثلث الشيطان ” هي منطقة جغرافية على شكل مثلث متساوي الأضلاع ، يقع في المحيط الأطلسي بين برمودا وبورتوريكو وفورت لودرديل (فلوريدا) وتشير إحصاءات خفر السواحل للولايات المتحدة إلى حدوث كبير لحالات اختفاء سفن وطائرات في هذه المنطقة أكثر من مناطق أخرى.
لقد أعطي الفاسدين من مثلث برمودا المصري الغطاء لقيام الثوره المضادة التي يقودها جبهة انقاذ رموز الحزب الوطني ، وهيأ لها المناخ علي مدار العامين والنصف الماضيتين وكل منهم حدد لنفسه رسالة وحاولوا جاهدين تحقيقها فالضلع الاول كانت رسالته (( إخلاء سبيل ……. في قضية ……… ما لم يكن علي ذمة قضيه اخري )) ، أما الضلع الثاني فقد اعطي لنفسه أجازه لمدة 4 سنوات لحين انتهاء مدة الرئيس الشرعي المنتخب وكانت رسالته (( اشعار المواطنين بعدم الامن والأمان عمدا مع سبق الاصرار )) بغية ترويعهم وإشاعة الفوضى ، اما الضلع الثالث من الفاسدين فهو الاعلام الاسود فكانت رسالته (( شيطنة المشروع الاسلامي من خلال تزوير وعي وإرادة المواطن )) ، واتبعوا سياسة ” الصفير المستمر ” في إذن النظام الحالي فقد نظمت في عام واحد 24 مليونية بمعدل مليونية كل اسبوعان بهدف إشغاله عن القيام بواجباته خاصة المصيريه مثل سد النهضة الاثيوبي ليكون السد نقطه سوداء علي جبين النظام وحجه ودليل تمسك علية بصرف النظر عن الاثار السيئة التي يمكن ان تترتب علي اقامتة ، فهذا لا يهمهم علي الاطلاق لان كل همهم هو إفشال النظام الاسلامي والعودة بالنظام البائد حتي لو كان ذلك علي حساب خرق سفينة الوطن.
في المقال السابق انتهينا الي أن جميع دول حوض نهر النيل غنيه كميا ونوعيا بمواردها المائية والمشكلة تتبلور في عدم قدرة تلك الدول علي ادارة وتنظيم الموارد المائية لديها ، وعدم قدرتها علي استخدامها وسوء ادارتها ، من خلال عدم قدرتها علي الاستخدام الامثل للإمكانيات الاقتصادية المتاحة (التي تتسم بالندرة ) لتك الدول في تحقيق اهداف التنمية المحله بها . وما دام الامر كذلك فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو : لماذا اذن الصراعات بين دول حوض نهر النيل ، هل يمكن ارجاع تلك الصراعات الي اجندات خارجية لها مصالح استراتيجية في ذلك ؟ ، وهذا هو محور حديثنا في هذا المقال والذي ينصب بشكل اساسي حول تداعيات الدور الصهيوني في الصراع الحالي .
ان التحرك الاسرائيلي في دول حوض النيل هو للأسف جزء من تحركها في القارة الافريقية التي تعالينا عليها بقدرة قادر علي مدار العقود السابقة ، وتستند اسرائيل الي استراتيجية محكمة لان مياه النيل تشغل بال واهتمام الصهاينة ، فهناك محددين تنطلق منهما السياسة المائية الصهيونية هما ( مكانة المياه في الفكر الاستراتيجي الصهيوني ، وندرة المياه لدي الصهاينة ) ، وتستخدم لعلاج تلك المحددين استراتيجيتين احداهما مباشرة ، والاخري غير مباشره
• فبالنسبة لمكانة المياه في الفكر الاستراتيجي الصهيوني نجد ان وقائع التاريخ تؤكد ان الحركة الصهيونية وضعت في أولوياتها التحكم بمصادر بمصادر المياه منذ تأسيسها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر حيث رفعت شعار مفاده ان ” حدود اسرائيل من النيل الي الفرات ” ، ولعل ما يؤكد ذلك هو ما صرح به ” إسحاق شامير ” عام 1991م بأنه [ علي استعداد لتوقيع معاهدة حظر أسلحة الدمار الشامل وقبول التفتيش علي المنشآت النووية مقابل اشتراك إسرائيل في مياه المنطقه وفق اتفاقيات ] ، كما ذكر في في كتابة ” الشرق الاوسط الجديد “أن العلاقات بين دول المنطقة كانت وستظل تتشكل بفعل السياسة المائية
• أما بالنسبة لندرة المياه لدي الصهاينة ، فقد أعلنت إسرائيل رسميا ” حالة الجفاف ” في عام 1999م وطالب ” أريل شارون ” وزير خارجيتها أن ذاك الدول الاوربية مساعدتها لمواجهة الازمة المائية الاسرائيل الناتجة من تفاعل مجموعه من العوامل مثل الزيادة السكانية الطبيعية ، والتدفق المستمر للمهاجرين اليهود ، والتوسع الزراعي ، وتزايد معدلات التنمية الصناعية والتلوث البيئي … الخ
ولقد نتج عن تفاعل المحددين السابقين لجوء السياسة الاسرائيلية الي تبني إستراتيجية عسكرت المياه ، وذلك علي الصعيدين الداخلي والخارجي فعلي الصعيد الداخلي تزداد سيطرتها علي مصادر المياه التي احتلتها بالقوة . وعلي الصعيد الخارجي ، يمتاز سلوكها السياسي بالسعي نحو السيطرة المباشرة أو غير المباشرة علي مصادر المياه لسد احتياجاتها المتزايدة
وفي سياق تحقيق أهداف السياسة الاسرائيلية في حوض النيل تبنت استراتيجيتين متباينتين رغم انهم متزامنتين لتحقيق سياستها المائية التوسعية هما :
• الاستراتيجية المباشرة [ مشاركة مصر في مياه نهر النيل ] تستند المطامع الاسرائيلية في نهر النيل الي نص التوراة القائل ” فقطع مع ابراهيم ميثاقا بأن يعطي لنسله هذه الارض من نهر مصر الي النهر الكبير نهر الفرات ” وقد شكلت نظرة اسرائيل تجاه مياه النيل جزءا من النهج الاسرائيلي تجاه المياه المشتركة بينها وبين الدول العربية والتي قامت بترجمته من خلال طرح العديد من المشروعات لاقتسام مياه النيل والحصول علي حصة من نصيب مصر من مياه النيل ، وقد قدمت اسرائيل مشاريع تطلعية لاستغلال مياه النيل منها ” مشروع هرتزل 1903 ” المقدم الي الحكومة البريطانية والداعي الي توطين اليهود في سيناء لاستغلال ما فيها من مياه جوفية وكذلك بعض مياه النيل ، أيضا مشروع ” ألشيع كالي 1974 ” والمسمي بمياه السلام والذي يقوم علي توسيع ترعة الاسماعيلية (قناة السلام) التي تتغذي من روافد دمياط في الدلتا وقناة سيناء المتفرعة منها ، كذلك مشروع ” بؤر 1979 ” والمقدم من خبير المياه الصهيوني شاؤول اورلو زوروف للرئيس السادات خلال مباحثات السلام في كامب ديفيد والذي يهدف الي مد مياه نهر النيل الي اسرائيل عبر شق قنوات تحت مياه قناة السويس .
ومن الجدير بالذكر أن مصر لديها ثوابت في السياسة المائية راسخة في ذهن متخذ القرار مستمده من الرأي العام المصري الذي يرفض بشده التعاون المائي مع اسرائيل ، وبالتالي رفض كل مشاريع ومقترحات الصهاينة الامر الذي لن يحقق مراد اسرائيل في الحصول علي مياه النيل ، من هنا اتجه الصهاينة الي تبني استراتيجية غير مباشره ( نحو دول المنبع ) لتحقيق اهدافها .
• الإستراتيجية غير المباشرة [ محاصرة السياسة المصرية في دائرتها النيلية ] : ان التوجه الصهيوني نحو افريقيا وبخاصة دول حوض نهر النيل يشير الي اهمية وخصوصية ترتبط بالهيمنة الاقليمية الاستعمارية للصهاينة والإصرار علي التدخل في شئون الدول الاخري ، وانتهاك سيادتها بغية النفاذ الي عمق الامن القومي المصري الجنوبي وتوظيف دول المنبع لحصار دول المصب وخاصة مصر في محيط دائرتها النيلية .
ففي تقرير بعنوان ” أزمة المياه في المنطقة العربية ” للجنة الشئون العربية بمجلس الشورى المصري عام 1991 أكد علي تورط إسرائيل في اثيوبيا في انشاء ستة سدود علي النيل الازرق ، وفي عام 1996 كشف وزير الري المصري عن وجود اتفاق بين الصهاينة وإثيوبيا علي إقامة سد لتوليد الكهرباء والغريب ان البنك الدولي وافق علي تمويل المشروع دون ان يشترط موافقة باقي دول حوض النيل ، وقد كشف المحلل السياسي ” مايكل كيلو ” في كتابة “حروب مصادر الثروة” أن اسرائيل لعبت دورا كبيرا مع دول حوض النيل لنقض المعاهدات الدولية التي تنظم توزيع المياه بين دول الحوض ساعدتها في ذلك امريكا لانتزاع نفوذ فرنسا من بعض دول حوض النيل ووفرة لها كل سبل التأثير علي اثيوبيا وكينيا ورواندا وأوغندا والكنغو ، وقد كشف الكاتب عن اجتماع عقد في تل أبيب بين أعضاء بالكنيست ووزراء أثيوبيين تناول الاجتماع إقامة مشاريع مشتركة عند منابع النيل تتضمن اقامة أربعة سدود علي النيل لحجز المياه وضبط حركتها في اتجاه مصر ، ورغم كل ذلك لم تتحرك القيادة السياسية لمصر وكأنه لم يحدث شيئي مما يثير الكثير من علامات الاستفهام والتعجب في نفس الوقت.
ولقد استطاعت اسرائيل أن تعزز علاقتها مع دول حوض النيل سواء علي المستوي الدبلوماسي او علي المستوي التجاري والفني وكذلك علي مستوي التعاون العسكري وقد ساعدها في هذا التغلغل عدة اسباب منها : تخاذل الدور المصري تجاه دول حوض النيل والتعالي عليهم بلا مبرر او سبب ، كذلك إمكانات المنافسة المتوافرة لدي اسرائيل فنيا وعسكريا وقدرتها علي تلبية الحاجات الاقتصادية لدول الحوض الفقيرة ، أيضا ما تقوم بة اسرائيل من تشجيع جيل جديد من القادة الجدد الذين ينتمون الي الاقليات في بلدانهم ودعمهم مثل هيلس زيناوي في اثيوبيا ، واسياسي أفورقي في اريتريا ، وجون جارا نج في جنوب السودان ، ويوري موسيفني في أوغندا ، ايضا ركزت اسرائيل علي دعم حركات التمرد والحركات الانفصالية بهدف تحفيز الصراع في منطقة الحوض ، كذلك استغلت اسرائيل حالة الفراغ الامني في مصر خلال ثورة 25 يناير وقامت بدعم حركة ” كتالة النوبية ” ، كذلك ما قامت بة اسرائيل من اتباع سياسة المنح والتدريب لدول الحوض بهدف استقطاب تلك الدول ومحاصرة الامن القومي المائي المصري للتلويح بورقة المياه في مواجهة السياسة المصرية .
والسؤال الذي يطرح نفسه : هل يجب ان تستسلم مصر للأمر الواقع أو ما لذي يمكن فعلة للخروج من الازمة الراهنة ؟ وهذا هو مجال حديثنا في المقال القادم ان شاء الله .
أ.د/ ابراهيم أبوسعده
28 يونيو, 2013
إبراهيم أبو سعدةمثلث برمودا المعروف أيضا باسم “مثلث الشيطان ” هي منطقة جغرافية على شكل مثلث متساوي الأضلاع ، يقع في المحيط الأطلسي بين برمودا وبورتوريكو وفورت لودرديل (فلوريدا) وتشير إحصاءات خفر السواحل للولايات المتحدة إلى حدوث كبير لحالات اختفاء سفن وطائرات في هذه المنطقة أكثر من مناطق أخرى.
لقد أعطي الفاسدين من مثلث برمودا المصري الغطاء لقيام الثوره المضادة التي يقودها جبهة انقاذ رموز الحزب الوطني ، وهيأ لها المناخ علي مدار العامين والنصف الماضيتين وكل منهم حدد لنفسه رسالة وحاولوا جاهدين تحقيقها فالضلع الاول كانت رسالته (( إخلاء سبيل ……. في قضية ……… ما لم يكن علي ذمة قضيه اخري )) ، أما الضلع الثاني فقد اعطي لنفسه أجازه لمدة 4 سنوات لحين انتهاء مدة الرئيس الشرعي المنتخب وكانت رسالته (( اشعار المواطنين بعدم الامن والأمان عمدا مع سبق الاصرار )) بغية ترويعهم وإشاعة الفوضى ، اما الضلع الثالث من الفاسدين فهو الاعلام الاسود فكانت رسالته (( شيطنة المشروع الاسلامي من خلال تزوير وعي وإرادة المواطن )) ، واتبعوا سياسة ” الصفير المستمر ” في إذن النظام الحالي فقد نظمت في عام واحد 24 مليونية بمعدل مليونية كل اسبوعان بهدف إشغاله عن القيام بواجباته خاصة المصيريه مثل سد النهضة الاثيوبي ليكون السد نقطه سوداء علي جبين النظام وحجه ودليل تمسك علية بصرف النظر عن الاثار السيئة التي يمكن ان تترتب علي اقامتة ، فهذا لا يهمهم علي الاطلاق لان كل همهم هو إفشال النظام الاسلامي والعودة بالنظام البائد حتي لو كان ذلك علي حساب خرق سفينة الوطن.
في المقال السابق انتهينا الي أن جميع دول حوض نهر النيل غنيه كميا ونوعيا بمواردها المائية والمشكلة تتبلور في عدم قدرة تلك الدول علي ادارة وتنظيم الموارد المائية لديها ، وعدم قدرتها علي استخدامها وسوء ادارتها ، من خلال عدم قدرتها علي الاستخدام الامثل للإمكانيات الاقتصادية المتاحة (التي تتسم بالندرة ) لتك الدول في تحقيق اهداف التنمية المحله بها . وما دام الامر كذلك فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو : لماذا اذن الصراعات بين دول حوض نهر النيل ، هل يمكن ارجاع تلك الصراعات الي اجندات خارجية لها مصالح استراتيجية في ذلك ؟ ، وهذا هو محور حديثنا في هذا المقال والذي ينصب بشكل اساسي حول تداعيات الدور الصهيوني في الصراع الحالي .
ان التحرك الاسرائيلي في دول حوض النيل هو للأسف جزء من تحركها في القارة الافريقية التي تعالينا عليها بقدرة قادر علي مدار العقود السابقة ، وتستند اسرائيل الي استراتيجية محكمة لان مياه النيل تشغل بال واهتمام الصهاينة ، فهناك محددين تنطلق منهما السياسة المائية الصهيونية هما ( مكانة المياه في الفكر الاستراتيجي الصهيوني ، وندرة المياه لدي الصهاينة ) ، وتستخدم لعلاج تلك المحددين استراتيجيتين احداهما مباشرة ، والاخري غير مباشره
• فبالنسبة لمكانة المياه في الفكر الاستراتيجي الصهيوني نجد ان وقائع التاريخ تؤكد ان الحركة الصهيونية وضعت في أولوياتها التحكم بمصادر بمصادر المياه منذ تأسيسها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر حيث رفعت شعار مفاده ان ” حدود اسرائيل من النيل الي الفرات ” ، ولعل ما يؤكد ذلك هو ما صرح به ” إسحاق شامير ” عام 1991م بأنه [ علي استعداد لتوقيع معاهدة حظر أسلحة الدمار الشامل وقبول التفتيش علي المنشآت النووية مقابل اشتراك إسرائيل في مياه المنطقه وفق اتفاقيات ] ، كما ذكر في في كتابة ” الشرق الاوسط الجديد “أن العلاقات بين دول المنطقة كانت وستظل تتشكل بفعل السياسة المائية
• أما بالنسبة لندرة المياه لدي الصهاينة ، فقد أعلنت إسرائيل رسميا ” حالة الجفاف ” في عام 1999م وطالب ” أريل شارون ” وزير خارجيتها أن ذاك الدول الاوربية مساعدتها لمواجهة الازمة المائية الاسرائيل الناتجة من تفاعل مجموعه من العوامل مثل الزيادة السكانية الطبيعية ، والتدفق المستمر للمهاجرين اليهود ، والتوسع الزراعي ، وتزايد معدلات التنمية الصناعية والتلوث البيئي … الخ
ولقد نتج عن تفاعل المحددين السابقين لجوء السياسة الاسرائيلية الي تبني إستراتيجية عسكرت المياه ، وذلك علي الصعيدين الداخلي والخارجي فعلي الصعيد الداخلي تزداد سيطرتها علي مصادر المياه التي احتلتها بالقوة . وعلي الصعيد الخارجي ، يمتاز سلوكها السياسي بالسعي نحو السيطرة المباشرة أو غير المباشرة علي مصادر المياه لسد احتياجاتها المتزايدة
وفي سياق تحقيق أهداف السياسة الاسرائيلية في حوض النيل تبنت استراتيجيتين متباينتين رغم انهم متزامنتين لتحقيق سياستها المائية التوسعية هما :
• الاستراتيجية المباشرة [ مشاركة مصر في مياه نهر النيل ] تستند المطامع الاسرائيلية في نهر النيل الي نص التوراة القائل ” فقطع مع ابراهيم ميثاقا بأن يعطي لنسله هذه الارض من نهر مصر الي النهر الكبير نهر الفرات ” وقد شكلت نظرة اسرائيل تجاه مياه النيل جزءا من النهج الاسرائيلي تجاه المياه المشتركة بينها وبين الدول العربية والتي قامت بترجمته من خلال طرح العديد من المشروعات لاقتسام مياه النيل والحصول علي حصة من نصيب مصر من مياه النيل ، وقد قدمت اسرائيل مشاريع تطلعية لاستغلال مياه النيل منها ” مشروع هرتزل 1903 ” المقدم الي الحكومة البريطانية والداعي الي توطين اليهود في سيناء لاستغلال ما فيها من مياه جوفية وكذلك بعض مياه النيل ، أيضا مشروع ” ألشيع كالي 1974 ” والمسمي بمياه السلام والذي يقوم علي توسيع ترعة الاسماعيلية (قناة السلام) التي تتغذي من روافد دمياط في الدلتا وقناة سيناء المتفرعة منها ، كذلك مشروع ” بؤر 1979 ” والمقدم من خبير المياه الصهيوني شاؤول اورلو زوروف للرئيس السادات خلال مباحثات السلام في كامب ديفيد والذي يهدف الي مد مياه نهر النيل الي اسرائيل عبر شق قنوات تحت مياه قناة السويس .
ومن الجدير بالذكر أن مصر لديها ثوابت في السياسة المائية راسخة في ذهن متخذ القرار مستمده من الرأي العام المصري الذي يرفض بشده التعاون المائي مع اسرائيل ، وبالتالي رفض كل مشاريع ومقترحات الصهاينة الامر الذي لن يحقق مراد اسرائيل في الحصول علي مياه النيل ، من هنا اتجه الصهاينة الي تبني استراتيجية غير مباشره ( نحو دول المنبع ) لتحقيق اهدافها .
• الإستراتيجية غير المباشرة [ محاصرة السياسة المصرية في دائرتها النيلية ] : ان التوجه الصهيوني نحو افريقيا وبخاصة دول حوض نهر النيل يشير الي اهمية وخصوصية ترتبط بالهيمنة الاقليمية الاستعمارية للصهاينة والإصرار علي التدخل في شئون الدول الاخري ، وانتهاك سيادتها بغية النفاذ الي عمق الامن القومي المصري الجنوبي وتوظيف دول المنبع لحصار دول المصب وخاصة مصر في محيط دائرتها النيلية .
ففي تقرير بعنوان ” أزمة المياه في المنطقة العربية ” للجنة الشئون العربية بمجلس الشورى المصري عام 1991 أكد علي تورط إسرائيل في اثيوبيا في انشاء ستة سدود علي النيل الازرق ، وفي عام 1996 كشف وزير الري المصري عن وجود اتفاق بين الصهاينة وإثيوبيا علي إقامة سد لتوليد الكهرباء والغريب ان البنك الدولي وافق علي تمويل المشروع دون ان يشترط موافقة باقي دول حوض النيل ، وقد كشف المحلل السياسي ” مايكل كيلو ” في كتابة “حروب مصادر الثروة” أن اسرائيل لعبت دورا كبيرا مع دول حوض النيل لنقض المعاهدات الدولية التي تنظم توزيع المياه بين دول الحوض ساعدتها في ذلك امريكا لانتزاع نفوذ فرنسا من بعض دول حوض النيل ووفرة لها كل سبل التأثير علي اثيوبيا وكينيا ورواندا وأوغندا والكنغو ، وقد كشف الكاتب عن اجتماع عقد في تل أبيب بين أعضاء بالكنيست ووزراء أثيوبيين تناول الاجتماع إقامة مشاريع مشتركة عند منابع النيل تتضمن اقامة أربعة سدود علي النيل لحجز المياه وضبط حركتها في اتجاه مصر ، ورغم كل ذلك لم تتحرك القيادة السياسية لمصر وكأنه لم يحدث شيئي مما يثير الكثير من علامات الاستفهام والتعجب في نفس الوقت.
ولقد استطاعت اسرائيل أن تعزز علاقتها مع دول حوض النيل سواء علي المستوي الدبلوماسي او علي المستوي التجاري والفني وكذلك علي مستوي التعاون العسكري وقد ساعدها في هذا التغلغل عدة اسباب منها : تخاذل الدور المصري تجاه دول حوض النيل والتعالي عليهم بلا مبرر او سبب ، كذلك إمكانات المنافسة المتوافرة لدي اسرائيل فنيا وعسكريا وقدرتها علي تلبية الحاجات الاقتصادية لدول الحوض الفقيرة ، أيضا ما تقوم بة اسرائيل من تشجيع جيل جديد من القادة الجدد الذين ينتمون الي الاقليات في بلدانهم ودعمهم مثل هيلس زيناوي في اثيوبيا ، واسياسي أفورقي في اريتريا ، وجون جارا نج في جنوب السودان ، ويوري موسيفني في أوغندا ، ايضا ركزت اسرائيل علي دعم حركات التمرد والحركات الانفصالية بهدف تحفيز الصراع في منطقة الحوض ، كذلك استغلت اسرائيل حالة الفراغ الامني في مصر خلال ثورة 25 يناير وقامت بدعم حركة ” كتالة النوبية ” ، كذلك ما قامت بة اسرائيل من اتباع سياسة المنح والتدريب لدول الحوض بهدف استقطاب تلك الدول ومحاصرة الامن القومي المائي المصري للتلويح بورقة المياه في مواجهة السياسة المصرية .
والسؤال الذي يطرح نفسه : هل يجب ان تستسلم مصر للأمر الواقع أو ما لذي يمكن فعلة للخروج من الازمة الراهنة ؟ وهذا هو مجال حديثنا في المقال القادم ان شاء الله .