abomokhtar
11-01-2014, 01:31 PM
الحديث الضعيف بسبب الطعن في الراوي (1)
يندرج تحت هذا القسم أنواع أيضًا، وقبل بيان هذه الأنواع لابد أن نتذكر أن أسباب الطعن في الراوي ترجع إلى: تخلف أحد شرطين من شروط الحديث المقبول، وهما: العدالة والضبط، وهي عشرة أسباب؛ خمسة منها تتعلق بالعدالة، وخمسة تتعلق بالضبط.
أما التي تتعلق بالطعن في العدالة فهي:
الكذب، والتُهمة بالكذب، والفسق، و البدعة، والجهالة (جهالة العين).
وأما التي تتعلق بالطعن في الضبط فهي:
فُحش الغلط، وسوء الحفظ، والغفلة، وكثرة الأوهام، ومخالفة الثقات.
وإليك بيانها بمزيد من التوضيح:
أولًا: الموضوع:
وسببه: كذب الراوي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فحديثه يسمى: (الموضوع) وهو أشد الأحاديث ضعفًا، ومن قبح هذا النوع، من أهل العلم من جعله قسمًا مستقلًا، لا مع أنواع الحديث الضعيف.
والموضوع: هو الكذب المختلق المصنوع المنسوب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[1].
مثاله: ما رواه أبو نُعيم من طريق محمد بن زياد عن ميمون بن مهران عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: " صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِيْ إِذَا صَلَحَا صَلَحَ النَّاسُ: الأُمَرَاءُ وَالفُقَهَاء ".
فهذا الحديث سنده موضوع، (محمد بن زياد) قال عنه الإمام أحمد - رحمه الله -: " كذّاب أعور يضع الحديث ".
مثال آخر: ما رواه ابن عدي في الكامل من طريق عمرو بن زياد بن عبدالرحمن بن ثوبان، حدثنا ابن المبارك عن يحي بن أيوب عن عبيدالله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة - رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم قال: " مَنْ نَظَرَ إِلَى مَحَاسِنِ امْرَأةٍ فَغَضَّ بَصَرَهُ فِي أَوْلِ نَظْرَةٍ، رَزَقَهُ الله – تعالى- عِبَادَةً يجَِدُ حَلَاوَتهَا فِي قَلْبِه ".
قال ابن عدي - رحمه الله - عن (عمرو بن زياد ): " منكر الحديث، يسرق الحديث، ويُحدِّث بالبواطيل ".
وقال الدراقطني - رحمه الله -: " يضع الحديث ".
حكم الموضوع:
لا تجوز رواية الموضوع، إلا مع بيان وضعه، أي: على وجه التحذير منه، أما روايته مطلقًا، فمحرمة بالإجماع، وهي من كبائر الذنوب؛ لما جاء في الصحيحين قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:" مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ".
كيف يُعرَف الحديث الموضوع:
يعرف بعدة علامات منها:
1- إقرار واضعه بالوضع، كما أقرَّ أبو عصمة نوح بن أبي مريم، بأنه وضع في فضائل سور القرآن سورة سورة، وضعها عن ابن عباس - رضي الله عنهما-.
2- إخبار الأئمة بأن حديثه موضوع.
3- وجود قرينة قوية تدل على الوضع، والقرينة قد تكون في الراوي، كأن يكون رافضيًّا، والحديث في فضائل أهل البيت، أو في التاريخ، كأن يحدث الراوي عن شيخ وتكون وفاة الشيخ قبل مولد الوضَّاع، ولا يُعرف هذا الحديث إلا عنده، وقد تكون القرينة في الحديث، كأن يكون ركيك اللفظ، أو فاسد المعنى؛ لمخالفته للفطرة السليمة، أو العقل، أو صريح الكتاب والسنّة.
4- أن يكون أحد رواة الحديث كذابًا معروفًا بالكذب على النبي -صلى الله عليه وسلم.
من أسباب وضع الحديث:
1- التقرب إلى الله -تعالى- بوضع الحديث ترغيبًا للناس في الخير، وترهيبًا لهم من الوقوع في الشر، بحسن نيه، ولذا يقول أحدهم: " أنا لا أكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - و إنما أكذب له " وهذا من شدة جهله، ومن ذلك ما فعله ميسرة بن عبد ربه (الوضَّاع) حين وضع أربعين حديثًا في فضائل قزوين، وكان يقول: " إني أحتسب في ذلك " وقال مرة لما قيل له في وضع الأحاديث: " وضعتها أرغب الناس "[2].
2- قصد الوضَّاع افساد الدين على أهله، وتشكيكهم فيه، كما صدر من بعض الزنادقة، ومن ذلك: ما جاء عن ابن أبي العوجاء، لما أُتي به إلى محمد بن سليمان بن علي، فأمر بضرب عنقه، فلما أيقن بال*** قال: "والله لقد وضعت فيكم أربعة ألاف حديثٍ، أحرم فيها الحلال، وأحل فيها الحرام، لقد فطرتكم يوم صومكم، وصومتكم يوم فطركم ".
3- التعصب لرأي، أو مذهب، كما فعلته الرافضة في وضع أحاديث في آل البيت، كقولهم: "علي خير البشر من شك فيه كفر"، أيضًا غيرهم من المبتدعة، وروي عن رجل من أهل البدع رجع عن بدعته أنه قال: "انظروا هذا الحديث عمن تأخذون، فإنا كنا إذا رأينا رأيًا جعلنا له حديثًا"، وربما يكون التعصب ممن سلمت عقيدته، كالحنفي الذي ذم مذهب الشافعي، فقال قال النبي - صلى الله عليه وسلم - " يكون في أمتي رجل يقال له: محمد بن إدريس الشافعي، هو أضر على أمتي من إبليس ورجل يقال له أبو حنيفة هو سراج أمتي ".
4- قصد التكسب، وطلب المال، والتزلف للحاكم.
كما وقع لـ (غياث بن إبراهيم) حين دخل على الخليفة المهدي، فوجده يلعب بالحمام، فساق إسنادًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم – أنه قال: "لا سَبَقَ إِلا فِي نَصْلٍ، أَوْ حَافِرٍ، أَوْ خُفٍّ " فوضع في الحديث الصحيح زيادة " أو حمام " لأجل أنه مع الخليفة حمام، فعرف المهدي أنه كذب لأجله، ف*** الحمام.
وأحيانًا يكون الوضع من أجل التكسب، وطلب الرزق، كمن يريد تصريف بضاعته، فيضع حديثًا في فضلها كحديث: " الهريسة تشد الظهر "، وحديث: " المؤمن حلو يحب الحلاوة ومن حرمها على نفسه فقد عصى الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - لا تحرموا نعم الله والطيبات ".
ولكن كان لهؤلاء الوضَّاعين من الجهابذة ممن ردَّ وضعهم وكشف زيفهم منافحين عن سنة النبي -صلى الله عليه وسلم.
من أشهر المؤلفات في الموضوعات:
كتاب: (الموضوعات) لابن الجوزي، وهو أقدم المؤلفات في هذا الباب لكنه أحيانًا ينسب أحاديث للوضع وليست كذلك ولذا انتقده العراقي و ابن حجر وغيرهما واختصره الذهبي في مجلد واحد، واختصره السيوطي أيضًا و تعقبه وزاد عليه في كتابه: (الآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة)، واختصر ابن عراق الكِناني كتاب الموضوعات والآلئ المصنوعة في كتاب هو أجدر أن يقتنى اسمه: (تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة)، وكذلك (المنار المُنِيْف) لابن قيم الجوزية وفيه قواعد وضوابط مفيدة.
ثانيًا: المتروك:
وسببه: اتهام الراوي بالكذب، فيسمى " متروك ".
تعريفة: هو الحديث الذي في إسناده راوٍ متهم بالكذب، وهو أشر أنواع الضعيف فليس بعده إلا ما هو أشر منه وهو الموضوع.
ويصفه العلماء "ضعيف جدًا" أي أنه غير صالح أن يكون شاهدًا يصلح للاعتبار.
مثاله: ما رواه الدراقطني من طريق عمرو بن شَمِر عن جابر بن يزيد عن أبي الطفيل عن علي بن أبي طالب وعمار بن ياسر - رضي الله عنهما - قالا: " أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يقنت فِي الْفجْر، وَكَانَ يكبر يَوْم عَرَفَة صَلَاة الْغَدَاة ويقطعها صَلَاة الْعَصْر آخر أَيَّام التَّشْرِيق".
قال النسائي والدراقطني - رحمهما الله - وغيرهما عمرو بن شَمِر: " متروك الحديث "، وكذا قال عنه الحافظ بن حجر- رحمه الله -[3].
تنبيه:
المعروف أن لفظ (متروك) يطلق على الراوي، لا على الحديث وهذا هو المشهور عند أهل الحديث أنهم يقولون عن الرجل: (متروك الحديث)، ولا يقولون: (حديث متروك) وإنما يقولون: حديث ضعيف جدًا فيه فلان متروك الحديث.
ثالثا: المُنْكَر:
وسببه: فُحش الغلط عند الراوي، أو فسقه، أو كثرة غفلته، واختُلِف في تعريف المنكر بعدما اتفق الأئمة على جعل المنكر من أنواع الضعيف، وقالوا في تعريف المنكر تعريفات متعددة أشهرها اثنان:-
قيل: هو الحديث الذي في إسناده راوٍ فَحُش غلطه، أو كثرت غفلته، أو ظهر فسقه.وهومن التعريفات التي ذكرها الحافظ ابن حجر - رحمه الله - ولم يعتمده وإنما اعتمد الثاني.
وقيل: هوما رواه الضعيف مخالفًا لما رواه الثقة.
ومثاله على هذا التعريف: ما رواه ابن أبي حاتم: من طريق حُبَيِّب بن حَبِيَّب الزيَّات عن أبي إسحاق العَيْزار بن حُرَيْث عن ابن عباس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" مَنْ أَقَامَ الصَّلاةَ، وَآتَى الزَّكَاةَ، وَحَجَّ الْبَيْتَ، وَصَامَ رَمَضَانَ، وَقَرَى الضَّيْفَ دَخَلَ الْجَنَّةَ".
قال أبو حاتم - رحمه الله -: " هو منكر؛ لأن غيره من الثقات رواه عن أبي إسحاق موقوفًا وهو الراجح"[4].
تنبيه:
هناك تعريفات أخرى للمنكر منها: أنه ما انفرد به الضعيف، حتى لولم يخالفه أحد، ومثاله: ما رواه النسائي وابن ماجه من رواية أبي زُكير يحي بن قيس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال " كلوا البَلَحَ بالتَّمْرِ، فإنَّ ابنَ آدمَ إذا أكلَهُ غَضِبَ الشيطانُ"، قال النسائي - رحمه الله -: " حديث منكر تفرد به أبو زُكير " وكذا قال الحاكم[5].
و منهم من جعل المنكر في تفرد الثقة، والأشهر عند المحدثين هو ما اختاره ابن حجر - رحمه الله -: أنه ما رواه الضعيف مخالفًا لما رواه الثقة، ولذا يقول السيوطي في ألفيته: المنكر الذي روى غير الثقة مخالفًا في نخبة قد حققه[6].
فائدة: ضد المنكر: المعروف: وهو ما رواه الثقة مخالفًا لما رواه الضعيف.
[1] انظر تدريب الراوي ( 1/274).
[2] انظر تاريخ بغداد (31/222)، لسان الميزان (7/198).
[3] انظر: تلخيص الحبير (2/93).
[4] انظر: نزهة النظر ص (99).
[5] انظر: معرفة علوم الحديث ص (100).
[6] انظر: تحقيق الرغبة لشيخنا عبدالكريم الخضير - حفظه الله - ص (77).
الشيخ عبدالله بن حمود الفريح (http://www.alukah.net/Authors/View/Sharia/2597/)
يندرج تحت هذا القسم أنواع أيضًا، وقبل بيان هذه الأنواع لابد أن نتذكر أن أسباب الطعن في الراوي ترجع إلى: تخلف أحد شرطين من شروط الحديث المقبول، وهما: العدالة والضبط، وهي عشرة أسباب؛ خمسة منها تتعلق بالعدالة، وخمسة تتعلق بالضبط.
أما التي تتعلق بالطعن في العدالة فهي:
الكذب، والتُهمة بالكذب، والفسق، و البدعة، والجهالة (جهالة العين).
وأما التي تتعلق بالطعن في الضبط فهي:
فُحش الغلط، وسوء الحفظ، والغفلة، وكثرة الأوهام، ومخالفة الثقات.
وإليك بيانها بمزيد من التوضيح:
أولًا: الموضوع:
وسببه: كذب الراوي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فحديثه يسمى: (الموضوع) وهو أشد الأحاديث ضعفًا، ومن قبح هذا النوع، من أهل العلم من جعله قسمًا مستقلًا، لا مع أنواع الحديث الضعيف.
والموضوع: هو الكذب المختلق المصنوع المنسوب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[1].
مثاله: ما رواه أبو نُعيم من طريق محمد بن زياد عن ميمون بن مهران عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: " صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِيْ إِذَا صَلَحَا صَلَحَ النَّاسُ: الأُمَرَاءُ وَالفُقَهَاء ".
فهذا الحديث سنده موضوع، (محمد بن زياد) قال عنه الإمام أحمد - رحمه الله -: " كذّاب أعور يضع الحديث ".
مثال آخر: ما رواه ابن عدي في الكامل من طريق عمرو بن زياد بن عبدالرحمن بن ثوبان، حدثنا ابن المبارك عن يحي بن أيوب عن عبيدالله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة - رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم قال: " مَنْ نَظَرَ إِلَى مَحَاسِنِ امْرَأةٍ فَغَضَّ بَصَرَهُ فِي أَوْلِ نَظْرَةٍ، رَزَقَهُ الله – تعالى- عِبَادَةً يجَِدُ حَلَاوَتهَا فِي قَلْبِه ".
قال ابن عدي - رحمه الله - عن (عمرو بن زياد ): " منكر الحديث، يسرق الحديث، ويُحدِّث بالبواطيل ".
وقال الدراقطني - رحمه الله -: " يضع الحديث ".
حكم الموضوع:
لا تجوز رواية الموضوع، إلا مع بيان وضعه، أي: على وجه التحذير منه، أما روايته مطلقًا، فمحرمة بالإجماع، وهي من كبائر الذنوب؛ لما جاء في الصحيحين قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:" مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ".
كيف يُعرَف الحديث الموضوع:
يعرف بعدة علامات منها:
1- إقرار واضعه بالوضع، كما أقرَّ أبو عصمة نوح بن أبي مريم، بأنه وضع في فضائل سور القرآن سورة سورة، وضعها عن ابن عباس - رضي الله عنهما-.
2- إخبار الأئمة بأن حديثه موضوع.
3- وجود قرينة قوية تدل على الوضع، والقرينة قد تكون في الراوي، كأن يكون رافضيًّا، والحديث في فضائل أهل البيت، أو في التاريخ، كأن يحدث الراوي عن شيخ وتكون وفاة الشيخ قبل مولد الوضَّاع، ولا يُعرف هذا الحديث إلا عنده، وقد تكون القرينة في الحديث، كأن يكون ركيك اللفظ، أو فاسد المعنى؛ لمخالفته للفطرة السليمة، أو العقل، أو صريح الكتاب والسنّة.
4- أن يكون أحد رواة الحديث كذابًا معروفًا بالكذب على النبي -صلى الله عليه وسلم.
من أسباب وضع الحديث:
1- التقرب إلى الله -تعالى- بوضع الحديث ترغيبًا للناس في الخير، وترهيبًا لهم من الوقوع في الشر، بحسن نيه، ولذا يقول أحدهم: " أنا لا أكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - و إنما أكذب له " وهذا من شدة جهله، ومن ذلك ما فعله ميسرة بن عبد ربه (الوضَّاع) حين وضع أربعين حديثًا في فضائل قزوين، وكان يقول: " إني أحتسب في ذلك " وقال مرة لما قيل له في وضع الأحاديث: " وضعتها أرغب الناس "[2].
2- قصد الوضَّاع افساد الدين على أهله، وتشكيكهم فيه، كما صدر من بعض الزنادقة، ومن ذلك: ما جاء عن ابن أبي العوجاء، لما أُتي به إلى محمد بن سليمان بن علي، فأمر بضرب عنقه، فلما أيقن بال*** قال: "والله لقد وضعت فيكم أربعة ألاف حديثٍ، أحرم فيها الحلال، وأحل فيها الحرام، لقد فطرتكم يوم صومكم، وصومتكم يوم فطركم ".
3- التعصب لرأي، أو مذهب، كما فعلته الرافضة في وضع أحاديث في آل البيت، كقولهم: "علي خير البشر من شك فيه كفر"، أيضًا غيرهم من المبتدعة، وروي عن رجل من أهل البدع رجع عن بدعته أنه قال: "انظروا هذا الحديث عمن تأخذون، فإنا كنا إذا رأينا رأيًا جعلنا له حديثًا"، وربما يكون التعصب ممن سلمت عقيدته، كالحنفي الذي ذم مذهب الشافعي، فقال قال النبي - صلى الله عليه وسلم - " يكون في أمتي رجل يقال له: محمد بن إدريس الشافعي، هو أضر على أمتي من إبليس ورجل يقال له أبو حنيفة هو سراج أمتي ".
4- قصد التكسب، وطلب المال، والتزلف للحاكم.
كما وقع لـ (غياث بن إبراهيم) حين دخل على الخليفة المهدي، فوجده يلعب بالحمام، فساق إسنادًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم – أنه قال: "لا سَبَقَ إِلا فِي نَصْلٍ، أَوْ حَافِرٍ، أَوْ خُفٍّ " فوضع في الحديث الصحيح زيادة " أو حمام " لأجل أنه مع الخليفة حمام، فعرف المهدي أنه كذب لأجله، ف*** الحمام.
وأحيانًا يكون الوضع من أجل التكسب، وطلب الرزق، كمن يريد تصريف بضاعته، فيضع حديثًا في فضلها كحديث: " الهريسة تشد الظهر "، وحديث: " المؤمن حلو يحب الحلاوة ومن حرمها على نفسه فقد عصى الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - لا تحرموا نعم الله والطيبات ".
ولكن كان لهؤلاء الوضَّاعين من الجهابذة ممن ردَّ وضعهم وكشف زيفهم منافحين عن سنة النبي -صلى الله عليه وسلم.
من أشهر المؤلفات في الموضوعات:
كتاب: (الموضوعات) لابن الجوزي، وهو أقدم المؤلفات في هذا الباب لكنه أحيانًا ينسب أحاديث للوضع وليست كذلك ولذا انتقده العراقي و ابن حجر وغيرهما واختصره الذهبي في مجلد واحد، واختصره السيوطي أيضًا و تعقبه وزاد عليه في كتابه: (الآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة)، واختصر ابن عراق الكِناني كتاب الموضوعات والآلئ المصنوعة في كتاب هو أجدر أن يقتنى اسمه: (تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة)، وكذلك (المنار المُنِيْف) لابن قيم الجوزية وفيه قواعد وضوابط مفيدة.
ثانيًا: المتروك:
وسببه: اتهام الراوي بالكذب، فيسمى " متروك ".
تعريفة: هو الحديث الذي في إسناده راوٍ متهم بالكذب، وهو أشر أنواع الضعيف فليس بعده إلا ما هو أشر منه وهو الموضوع.
ويصفه العلماء "ضعيف جدًا" أي أنه غير صالح أن يكون شاهدًا يصلح للاعتبار.
مثاله: ما رواه الدراقطني من طريق عمرو بن شَمِر عن جابر بن يزيد عن أبي الطفيل عن علي بن أبي طالب وعمار بن ياسر - رضي الله عنهما - قالا: " أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يقنت فِي الْفجْر، وَكَانَ يكبر يَوْم عَرَفَة صَلَاة الْغَدَاة ويقطعها صَلَاة الْعَصْر آخر أَيَّام التَّشْرِيق".
قال النسائي والدراقطني - رحمهما الله - وغيرهما عمرو بن شَمِر: " متروك الحديث "، وكذا قال عنه الحافظ بن حجر- رحمه الله -[3].
تنبيه:
المعروف أن لفظ (متروك) يطلق على الراوي، لا على الحديث وهذا هو المشهور عند أهل الحديث أنهم يقولون عن الرجل: (متروك الحديث)، ولا يقولون: (حديث متروك) وإنما يقولون: حديث ضعيف جدًا فيه فلان متروك الحديث.
ثالثا: المُنْكَر:
وسببه: فُحش الغلط عند الراوي، أو فسقه، أو كثرة غفلته، واختُلِف في تعريف المنكر بعدما اتفق الأئمة على جعل المنكر من أنواع الضعيف، وقالوا في تعريف المنكر تعريفات متعددة أشهرها اثنان:-
قيل: هو الحديث الذي في إسناده راوٍ فَحُش غلطه، أو كثرت غفلته، أو ظهر فسقه.وهومن التعريفات التي ذكرها الحافظ ابن حجر - رحمه الله - ولم يعتمده وإنما اعتمد الثاني.
وقيل: هوما رواه الضعيف مخالفًا لما رواه الثقة.
ومثاله على هذا التعريف: ما رواه ابن أبي حاتم: من طريق حُبَيِّب بن حَبِيَّب الزيَّات عن أبي إسحاق العَيْزار بن حُرَيْث عن ابن عباس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" مَنْ أَقَامَ الصَّلاةَ، وَآتَى الزَّكَاةَ، وَحَجَّ الْبَيْتَ، وَصَامَ رَمَضَانَ، وَقَرَى الضَّيْفَ دَخَلَ الْجَنَّةَ".
قال أبو حاتم - رحمه الله -: " هو منكر؛ لأن غيره من الثقات رواه عن أبي إسحاق موقوفًا وهو الراجح"[4].
تنبيه:
هناك تعريفات أخرى للمنكر منها: أنه ما انفرد به الضعيف، حتى لولم يخالفه أحد، ومثاله: ما رواه النسائي وابن ماجه من رواية أبي زُكير يحي بن قيس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال " كلوا البَلَحَ بالتَّمْرِ، فإنَّ ابنَ آدمَ إذا أكلَهُ غَضِبَ الشيطانُ"، قال النسائي - رحمه الله -: " حديث منكر تفرد به أبو زُكير " وكذا قال الحاكم[5].
و منهم من جعل المنكر في تفرد الثقة، والأشهر عند المحدثين هو ما اختاره ابن حجر - رحمه الله -: أنه ما رواه الضعيف مخالفًا لما رواه الثقة، ولذا يقول السيوطي في ألفيته: المنكر الذي روى غير الثقة مخالفًا في نخبة قد حققه[6].
فائدة: ضد المنكر: المعروف: وهو ما رواه الثقة مخالفًا لما رواه الضعيف.
[1] انظر تدريب الراوي ( 1/274).
[2] انظر تاريخ بغداد (31/222)، لسان الميزان (7/198).
[3] انظر: تلخيص الحبير (2/93).
[4] انظر: نزهة النظر ص (99).
[5] انظر: معرفة علوم الحديث ص (100).
[6] انظر: تحقيق الرغبة لشيخنا عبدالكريم الخضير - حفظه الله - ص (77).
الشيخ عبدالله بن حمود الفريح (http://www.alukah.net/Authors/View/Sharia/2597/)