aymaan noor
18-01-2014, 10:55 AM
كيف يتعامل الإعلام المصري مع جماعة الإخوان؟ (http://rcssmideast.org/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AD%D9%84%D9%8A%D9%84%D8%A7%D 8%AA/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A3%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85/%D8%A3%D8%AB%D8%B1-%D8%B9%D9%83%D8%B3%D9%8A.html)
الخميس, 16 يناير 2014
http://rcssmideast.org/media/k2/items/cache/d9860c51a78fa54832b510028e523c79_L.jpg
د.صبحي عسيلة
يشير خفوت تأثير الجهود التي بذلتها جماعة الإخوان المسلمين في مصر، لعرقلة الاستفتاء علي الدستور في يومه الأول، إلي ضعف وجودها علي الأرض، وانحسار قوتها السياسية. إلا أن هذا الضعف لم ينعكس بشكل واضح في بعض وسائل الإعلام، رغم أن الإعلام، ممثلا في قنواته الفضائية الخاصة وصحفه الخاصة والحزبية، لعب دورًا رئيسيًا في الوصول إلي مشهد إسقاط حكم الإخوان المسلمين عبر ثورة 30 يونيو 2013، الأمر الذي جعل منه فاعلا سياسيًا بامتياز، متخليًا عن الكثير من الاعتبارات المهنية التي كان من شأن الالتزام بها أن تحد من قدرته على لعب الدور السياسي الذي وضعه لنفسه وهو مقاومة حكم الإخوان والعمل على حشد الجماهير ضده وصولا لإسقاطه.
إعادة نظر:
استمرت وسائل الإعلام، في أعقاب ثورة 30 يونيو والإطاحة بحكم الإخوان، في إتباع سياسة هجومية ضد الجماعة بهدف حشد الجماهير في مواجهتها، معتبرة أن ذلك يساهم في إخراج الإخوان من الحياة السياسية مستغلة في ذلك الحرية الواسعة التي توفرت لها نتيجة الإطاحة بالإخوان. ولم تتوقف وسائل الإعلام لتطرح السؤال الجوهري الذي مفاده هل يمكن تبني السياسة نفسها التي تم إتباعها قبل الثورة في مواجهة الإخوان، وهو السؤال الذي طرحته "جبهة الإنقاذ"، التي لعبت دورًا مهمًا هي الأخرى في مقاومة الإخوان كما طرحه المتابعون للساحة السياسية، إذ كان واضحًا للجبهة أنه لا يمكن لها، إن أرادت البقاء، أن تستمر كما هي تتبع آليات العمل نفسها، بينما المرحلة الجديدة تقتضي تفكيرًا جديدًا.
وتوحي متابعة المشهد الإعلامي المصري، خلال الشهور الثلاثة الماضية، بأن كل الضربات التي تلقتها الجماعة لم تفت في عضدها، إذ أن التركيز الإعلامي المبالغ فيه على الإخوان وإن كان يساهم في خلق حاجز نفسي بالأساس بينهم وبين غالبية الشعب، ساهم أيضًا في الإبقاء عليهم في المشهد، وحوّل السياسة في مصر إلى الحديث عن الإخوان وما يقومون به في الوقت الذي غابت فيه كل الأبعاد الأخرى، بما يعني أن الإعلام سقط في التمييز بين هدف تشويه الإخوان والترويج لهم إعلاميًا، وثمة شواهد عديدة تدل على ذلك منها:
1- تصدر الحديث عن الإخوان وما يقومون به نشرات الأخبار والمانشيتات الرئيسية للصحف والبرامج الليلية Talk Show، حيث لا يكاد برنامج أو صحيفة تخلو من موضوعات تتعلق بالإخوان.
2- تعمد بعض الإعلاميين تضخيم ما تقوم به الجماعة وأنصارها، باعتبار أن ذلك يسوغ، في رؤيتهم، الهجوم على الجماعة من ناحية ويساهم في تعميق حالة الغضب والاحتقان لدى المصريين ضدها من ناحية أخرى.
3- حرص وسائل الإعلام على استضافة أكثر الشخصيات عداء للإخوان وأكثرهم شراسة في الهجوم عليها، مع تغييب شبه كامل لوجهة النظر الأخرى حتى من التيارات الإسلامية المتمايزة عن الإخوان، حيث غاب السلفيون، علي سبيل المثال، عن المشهد الإعلامي رغم مشاركتهم في وضع "خارطة المستقبل" التي أعلنت في 3 يوليو 2013.
4- نقل إدعاءات الإخوان ورسائلهم عبر التركيز علي ما يبثونه في مواقعهم الإليكترونية، أو عبر قناة الجزيرة، أو من خلال تقارير لتغطية فعالياتهم مثلما يتم مثلا مع المؤتمرات الصحفية لـ"جبهة دعم الشرعية".
وهكذا حاصرت جماعة الإخوان المسلمين المصريين؛ أولا ميدانيًا من خلال التواجد في الشارع عبر مظاهرات أسبوعية (يوم الجمعة) يشارك فيها المئات وفي أفضل الأحوال الآلاف ولكنها منتشرة في أكثر من موقع بالقاهرة وبعض المحافظات، ومظاهرات متفرقة خلال أيام الأسبوع لا يتجاوز المشاركون فيها المئات، تهدف بالأساس إلى التقاط الصور وحيازة جزء من التغطية الإخبارية في بعض القنوات لا سيما قناة الجزيرة ونشر الفيديوهات والصور على مواقع التواصل الاجتماعي التي أصحبت تمثل رافدًا أساسيًا لتغذية القنوات الفضائية، رغم أن هذه الأداة لم تحقق نتائج ملموسة في عرقلة عملية الاستفتاء علي الدستور في يومه الأول، وثانيًا إعلاميًا ليس فقط من خلال قناة الجزيرة والقنوات الأخرى المؤيدة للإخوان، بل من خلال القنوات المصرية نفسها التي طالما تهاجم الإخوان فتبقيهم في المخيلة المصرية.
تداعيات مختلفة:
مع ضرورة الاعتراف بأهمية توعية المشاهدين ونقل ما يحدث في مصر لهم باعتباره أحد أهم الأدوار المنوط بالإعلام القيام بها، إلا أن ثمة ضرورة في إدراك المسافة الفاصلة بين نقل ما يحدث وتضخيم ما يحدث بصرف النظر عن طبيعة ذلك التضخيم. فما تقوم به قناة الجزيرة من تضخيم الإيجابيات "المصطنعة" أو "المختلقة" للإخوان وتقزيم ما يقومون به من سلبيات، تسير علي نهجه معظم القنوات الفضائية من خلال تضخيم سلبيات وأنشطة الإخوان، وهو الأمر الذي يساعد، بشكل كبير، في محاولات الإخوان خلق "المظلومية" التي يقتاتون عليها منذ نشأتهم قبل ما يزيد على ثمانية عقود، ويزيد من تمسك أتباع الجماعة وأعضائها بموقف الجماعة التي كرست لديهم عبر تلك العقود قناعة بأن محاربة الدولة وأجهزة الأمن لهم تعني دائمًا أنهم على حق.
كما أن ما يقوم به الإعلام تجاه الإخوان يؤسس لمخاوف كثيرة لدى النشطاء السياسيين ودعاة حقوق الإنسان من احتمالات عودة الدولة الأمنية التي تمتد سلطتها إلى الإعلام لاستخدامه في تشويه الخصوم، بما قد يدفع هؤلاء تدريجيًا باتجاه الاصطفاف في معسكر الإخوان نفسه، نكاية في الدولة وأجهزتها الأمنية، وليس تأييدًا للجماعة، وهو ما قد يمثل، في حال استمراره، النواة الأولى لتشكل تيار ما، يمثل الإخوان جوهره، لمعارضة النظام الجديد.
الخميس, 16 يناير 2014
http://rcssmideast.org/media/k2/items/cache/d9860c51a78fa54832b510028e523c79_L.jpg
د.صبحي عسيلة
يشير خفوت تأثير الجهود التي بذلتها جماعة الإخوان المسلمين في مصر، لعرقلة الاستفتاء علي الدستور في يومه الأول، إلي ضعف وجودها علي الأرض، وانحسار قوتها السياسية. إلا أن هذا الضعف لم ينعكس بشكل واضح في بعض وسائل الإعلام، رغم أن الإعلام، ممثلا في قنواته الفضائية الخاصة وصحفه الخاصة والحزبية، لعب دورًا رئيسيًا في الوصول إلي مشهد إسقاط حكم الإخوان المسلمين عبر ثورة 30 يونيو 2013، الأمر الذي جعل منه فاعلا سياسيًا بامتياز، متخليًا عن الكثير من الاعتبارات المهنية التي كان من شأن الالتزام بها أن تحد من قدرته على لعب الدور السياسي الذي وضعه لنفسه وهو مقاومة حكم الإخوان والعمل على حشد الجماهير ضده وصولا لإسقاطه.
إعادة نظر:
استمرت وسائل الإعلام، في أعقاب ثورة 30 يونيو والإطاحة بحكم الإخوان، في إتباع سياسة هجومية ضد الجماعة بهدف حشد الجماهير في مواجهتها، معتبرة أن ذلك يساهم في إخراج الإخوان من الحياة السياسية مستغلة في ذلك الحرية الواسعة التي توفرت لها نتيجة الإطاحة بالإخوان. ولم تتوقف وسائل الإعلام لتطرح السؤال الجوهري الذي مفاده هل يمكن تبني السياسة نفسها التي تم إتباعها قبل الثورة في مواجهة الإخوان، وهو السؤال الذي طرحته "جبهة الإنقاذ"، التي لعبت دورًا مهمًا هي الأخرى في مقاومة الإخوان كما طرحه المتابعون للساحة السياسية، إذ كان واضحًا للجبهة أنه لا يمكن لها، إن أرادت البقاء، أن تستمر كما هي تتبع آليات العمل نفسها، بينما المرحلة الجديدة تقتضي تفكيرًا جديدًا.
وتوحي متابعة المشهد الإعلامي المصري، خلال الشهور الثلاثة الماضية، بأن كل الضربات التي تلقتها الجماعة لم تفت في عضدها، إذ أن التركيز الإعلامي المبالغ فيه على الإخوان وإن كان يساهم في خلق حاجز نفسي بالأساس بينهم وبين غالبية الشعب، ساهم أيضًا في الإبقاء عليهم في المشهد، وحوّل السياسة في مصر إلى الحديث عن الإخوان وما يقومون به في الوقت الذي غابت فيه كل الأبعاد الأخرى، بما يعني أن الإعلام سقط في التمييز بين هدف تشويه الإخوان والترويج لهم إعلاميًا، وثمة شواهد عديدة تدل على ذلك منها:
1- تصدر الحديث عن الإخوان وما يقومون به نشرات الأخبار والمانشيتات الرئيسية للصحف والبرامج الليلية Talk Show، حيث لا يكاد برنامج أو صحيفة تخلو من موضوعات تتعلق بالإخوان.
2- تعمد بعض الإعلاميين تضخيم ما تقوم به الجماعة وأنصارها، باعتبار أن ذلك يسوغ، في رؤيتهم، الهجوم على الجماعة من ناحية ويساهم في تعميق حالة الغضب والاحتقان لدى المصريين ضدها من ناحية أخرى.
3- حرص وسائل الإعلام على استضافة أكثر الشخصيات عداء للإخوان وأكثرهم شراسة في الهجوم عليها، مع تغييب شبه كامل لوجهة النظر الأخرى حتى من التيارات الإسلامية المتمايزة عن الإخوان، حيث غاب السلفيون، علي سبيل المثال، عن المشهد الإعلامي رغم مشاركتهم في وضع "خارطة المستقبل" التي أعلنت في 3 يوليو 2013.
4- نقل إدعاءات الإخوان ورسائلهم عبر التركيز علي ما يبثونه في مواقعهم الإليكترونية، أو عبر قناة الجزيرة، أو من خلال تقارير لتغطية فعالياتهم مثلما يتم مثلا مع المؤتمرات الصحفية لـ"جبهة دعم الشرعية".
وهكذا حاصرت جماعة الإخوان المسلمين المصريين؛ أولا ميدانيًا من خلال التواجد في الشارع عبر مظاهرات أسبوعية (يوم الجمعة) يشارك فيها المئات وفي أفضل الأحوال الآلاف ولكنها منتشرة في أكثر من موقع بالقاهرة وبعض المحافظات، ومظاهرات متفرقة خلال أيام الأسبوع لا يتجاوز المشاركون فيها المئات، تهدف بالأساس إلى التقاط الصور وحيازة جزء من التغطية الإخبارية في بعض القنوات لا سيما قناة الجزيرة ونشر الفيديوهات والصور على مواقع التواصل الاجتماعي التي أصحبت تمثل رافدًا أساسيًا لتغذية القنوات الفضائية، رغم أن هذه الأداة لم تحقق نتائج ملموسة في عرقلة عملية الاستفتاء علي الدستور في يومه الأول، وثانيًا إعلاميًا ليس فقط من خلال قناة الجزيرة والقنوات الأخرى المؤيدة للإخوان، بل من خلال القنوات المصرية نفسها التي طالما تهاجم الإخوان فتبقيهم في المخيلة المصرية.
تداعيات مختلفة:
مع ضرورة الاعتراف بأهمية توعية المشاهدين ونقل ما يحدث في مصر لهم باعتباره أحد أهم الأدوار المنوط بالإعلام القيام بها، إلا أن ثمة ضرورة في إدراك المسافة الفاصلة بين نقل ما يحدث وتضخيم ما يحدث بصرف النظر عن طبيعة ذلك التضخيم. فما تقوم به قناة الجزيرة من تضخيم الإيجابيات "المصطنعة" أو "المختلقة" للإخوان وتقزيم ما يقومون به من سلبيات، تسير علي نهجه معظم القنوات الفضائية من خلال تضخيم سلبيات وأنشطة الإخوان، وهو الأمر الذي يساعد، بشكل كبير، في محاولات الإخوان خلق "المظلومية" التي يقتاتون عليها منذ نشأتهم قبل ما يزيد على ثمانية عقود، ويزيد من تمسك أتباع الجماعة وأعضائها بموقف الجماعة التي كرست لديهم عبر تلك العقود قناعة بأن محاربة الدولة وأجهزة الأمن لهم تعني دائمًا أنهم على حق.
كما أن ما يقوم به الإعلام تجاه الإخوان يؤسس لمخاوف كثيرة لدى النشطاء السياسيين ودعاة حقوق الإنسان من احتمالات عودة الدولة الأمنية التي تمتد سلطتها إلى الإعلام لاستخدامه في تشويه الخصوم، بما قد يدفع هؤلاء تدريجيًا باتجاه الاصطفاف في معسكر الإخوان نفسه، نكاية في الدولة وأجهزتها الأمنية، وليس تأييدًا للجماعة، وهو ما قد يمثل، في حال استمراره، النواة الأولى لتشكل تيار ما، يمثل الإخوان جوهره، لمعارضة النظام الجديد.