seryo
19-01-2014, 12:05 AM
لم يترك الفريق عبد الفتاح السيسي أي فرصة للحديث مع الجمهور العام إلا وأرسل رسائل ضمنية بين السطور لم يتوقف عندها كثير من الناس الحالمين بمستقبل أفضل للبلد ، والحقيقة أن أحداث الستة أشهر التي سبقت الإطاحة بمرسي ولقاءات قائد الجيش مع مثقفين أو فنانين أو سياسيين ، كشفت عن دهاء لافت للسيسي في توصيل رسائل بين السطور ، فهمها من فهمها وغفل عنها من غفل ، وفي الآونة الأخيرة ومع ازدياد المطالبات له بالترشح لرئاسة الجمهورية والتي وصل الهوس فيها والجنون إلى حد الدعوة لتنصيبه رئيسا بدون انتخابات ولا ترشيحات ، قال الفريق السيسي أن هذا الموقف له ضريبة ، هل تتحملونها ، أشار إلى ما تعانيه البلاد في اقتصادها وأنها قد تحتاج لشرب الدواء المر ، فهل أنتم مستعدون ، وقال أنها ستحتاج إلى أن نقتسم اللقمة من أجل أن نوجد مأوى للمشردين ، فهل أنتم مستعدون ، الرسائل شديدة الخطورة وعميقة الدلالة ، ويمكن أن تعطي اختزالا كاملا للبرنامج السياسي الذي سيعمل وفقه الفريق السيسي إذا أتى رئيسا للبلاد ، وهو الأمر الذي أصبح مرجحا الآن ، وأستطيع أن أحدد معالم خطوات السيسي في عامه الأول بثلاثة محاور ، على سبيل القطع
المحور الأول هو فرض حالة تقشف اقتصادي حادة مع رفع الدعم عن الوقود بصورة متسارعة لردم الهوة السحيقة في ميزان المدفوعات ، وقد يفاجأ الناس خلال عام واحد بأن سعر لتر البنزين 92 وصل إلى ستة جنيهات ، وسعر لتر السولار وصل إلى ثلاثة جنيهات ، بكل ما يترتب على ذلك من تداعيات في ارتفاع الأسعار على جميع السلع ، المحور الثاني وهو محور تقليدي للنظم العسكرية أو شبه العسكرية عندما تدشن عهدها ، وهو شن حملة ملاحقات واسعة النطاق على منظومة الفساد في الدولة والاقتصاد وعالم رجال الأعمال ، هو هنا لا يحتاج كثير جهد ، فالخريطة واضحة لديه وضوح الشمس خاصة بعد الخضات التي أحدثتها ثورة يناير وكشفت بها المستور ، إضافة إلى أنه كان يرى أحشاء الدولة وخريطة فسادها على مدار عدة سنوات من أعلى نقطة ملاحظة في أعلى مؤسسة أمنية في الدولة وأكثرها نفوذا وخطرا ، المخابرات الحربية ، وهذه الحملة ستكون مدفوعة بأمرين ، صناعة شعبية سياسية جديدة بوصفه مطاردا للفساد ، والاستفادة من ملاحقة الفساد في تصحيح جوانب من الخلل في اقتصاد الدولة وأموالها ، والمحور الثالث وهو التوسع في النظام الضريبي الحالي ورفضه بصرامة مع تغليظ العقوبات ، لأن الهدر في هذا القطاع يعادل عشرة أضعاف ما يتم تحصيله بالفعل ، ويكفي أن شخصا بحجم المهندس نجيب ساويرس ظل متهربا من الضرائب سنوات طويلة دون أن يمسه أحد ، حتى حاصره نظام مرسي وأجبره على تسوية موقفه الضريبي مقابل سبعة مليارات جنيه دفع منها نصف مليار ، ثم توقف تماما بعد سقوط مرسي .
المعضلة الاقتصادية التي سيواجهها السيسي سيضاف إليها تجفيف في موارد الدعم الخليجي تدريجيا ، والتضييق عليها وخنقها بشروط ومراقبات صارمة ، لأن هناك في الخليج من لا يريد له أن يستمر ، وسيتوقف الأمر على البدائل الإقليمية أو الدولية التي يمكنه التواصل معها لتغطية تقلص هذا المدد الخطير والضروري في المرحلة الأولى من حكمه ، وهي بدائل محدودة وليست بهذا السخاء، أيضا سيكون عليه مواجهة حقيقة صادمة ، وهي أن صنبور السياحة سيظل مغلقا لعدة سنوات ، إذا استمر الوضع الحالي ب***ه وانقسامه ، لأن الانسداد السياسي يوسع دائرة ال*** ويخصب البيئة الحاضنة للإرهاب فيكثر تفريخها ، ولا يخفي أن هذا الإرهاب الأسود لا يكتفي بضرب السياحة ، بل إن عينه على شرايين أخرى شديدة الخطورة والحيوية بالنسبة للاقتصاد المصري لن يتورع عن استهدافها مثل قناة السويس التي تم تكثيف وتشديد الحماية الأمنية لها مؤخرا بعد التهديدات الإرهابية ، ولأن أي خطأ أو سهو يصعب إصلاح عواقبه ، ولذلك ستكون هناك حاجة لمنظومة أمنية خاصة وعالية الكفاءة ومستدامة لضمان الحماية الكاملة . سيكون هناك أيضا تحدي لل*** الصامت ، أو غير الدموي ، لأن ملايين المصريين الذين يشعرون بالتهميش والقهر والإحباط والقسوة الأمنية ، ويعجزون عن مواجهة ذلك كله أو لا ينزلون للشوارع والتظاهرات ، سيفرغون شحنات الكراهية والغضب في تعاملهم مع الدولة ومؤسساتها ومصالحها ، وهذه الملايين التي تنتشر في جميع شرايين الوطن ومصالحه وأجهزته ومؤسساته ووزاراته ومنظومته البيروقراطية يمكن أن يربكوا أي جهد تنموي مهما كانت عبقريته النظرية ومهما كان حجم الإنفاق عليه ، لأنهم في النهاية هم الذين يحققونه واقعا أو يدفنونه ، ولن يصلح في هذا المقام توصيف ذلك باختراق الدولة ، وإنما بعواقب الانقسام الوطني والشعبي ، فأنت لست أمام مئات أو آلاف تخترق جهازا أو وزارة ، بل أمام
ملايين يمثلون نسيج الشعب نفسه وخلاياه المتناهية الصغر . لا أعرف ، هل هذه الصورة حاضرة بشكل كاف عند الفريق السيسي ومجموعته ، وهل هي حاضرة بشكل كاف عند من يحرضونه على مسار القطيعة والإقصاء والسياسة الأمنية والقضائية الباطشة ، لا أعرف ولكني على يقين من أن مستقبل مصر القريب مفتوح على تحديات أكثر خطورة مما يقدر كثيرون ، ومفتوح أيضا على مفاجآت كثيرة لن يكون بعضها سارا للفريق السيسي والحالمين بعصاه السحرية لتدشين دولة الأمن والرفاه والاستقرار .
http://almesryoon.com/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA/blog?id=364083
المحور الأول هو فرض حالة تقشف اقتصادي حادة مع رفع الدعم عن الوقود بصورة متسارعة لردم الهوة السحيقة في ميزان المدفوعات ، وقد يفاجأ الناس خلال عام واحد بأن سعر لتر البنزين 92 وصل إلى ستة جنيهات ، وسعر لتر السولار وصل إلى ثلاثة جنيهات ، بكل ما يترتب على ذلك من تداعيات في ارتفاع الأسعار على جميع السلع ، المحور الثاني وهو محور تقليدي للنظم العسكرية أو شبه العسكرية عندما تدشن عهدها ، وهو شن حملة ملاحقات واسعة النطاق على منظومة الفساد في الدولة والاقتصاد وعالم رجال الأعمال ، هو هنا لا يحتاج كثير جهد ، فالخريطة واضحة لديه وضوح الشمس خاصة بعد الخضات التي أحدثتها ثورة يناير وكشفت بها المستور ، إضافة إلى أنه كان يرى أحشاء الدولة وخريطة فسادها على مدار عدة سنوات من أعلى نقطة ملاحظة في أعلى مؤسسة أمنية في الدولة وأكثرها نفوذا وخطرا ، المخابرات الحربية ، وهذه الحملة ستكون مدفوعة بأمرين ، صناعة شعبية سياسية جديدة بوصفه مطاردا للفساد ، والاستفادة من ملاحقة الفساد في تصحيح جوانب من الخلل في اقتصاد الدولة وأموالها ، والمحور الثالث وهو التوسع في النظام الضريبي الحالي ورفضه بصرامة مع تغليظ العقوبات ، لأن الهدر في هذا القطاع يعادل عشرة أضعاف ما يتم تحصيله بالفعل ، ويكفي أن شخصا بحجم المهندس نجيب ساويرس ظل متهربا من الضرائب سنوات طويلة دون أن يمسه أحد ، حتى حاصره نظام مرسي وأجبره على تسوية موقفه الضريبي مقابل سبعة مليارات جنيه دفع منها نصف مليار ، ثم توقف تماما بعد سقوط مرسي .
المعضلة الاقتصادية التي سيواجهها السيسي سيضاف إليها تجفيف في موارد الدعم الخليجي تدريجيا ، والتضييق عليها وخنقها بشروط ومراقبات صارمة ، لأن هناك في الخليج من لا يريد له أن يستمر ، وسيتوقف الأمر على البدائل الإقليمية أو الدولية التي يمكنه التواصل معها لتغطية تقلص هذا المدد الخطير والضروري في المرحلة الأولى من حكمه ، وهي بدائل محدودة وليست بهذا السخاء، أيضا سيكون عليه مواجهة حقيقة صادمة ، وهي أن صنبور السياحة سيظل مغلقا لعدة سنوات ، إذا استمر الوضع الحالي ب***ه وانقسامه ، لأن الانسداد السياسي يوسع دائرة ال*** ويخصب البيئة الحاضنة للإرهاب فيكثر تفريخها ، ولا يخفي أن هذا الإرهاب الأسود لا يكتفي بضرب السياحة ، بل إن عينه على شرايين أخرى شديدة الخطورة والحيوية بالنسبة للاقتصاد المصري لن يتورع عن استهدافها مثل قناة السويس التي تم تكثيف وتشديد الحماية الأمنية لها مؤخرا بعد التهديدات الإرهابية ، ولأن أي خطأ أو سهو يصعب إصلاح عواقبه ، ولذلك ستكون هناك حاجة لمنظومة أمنية خاصة وعالية الكفاءة ومستدامة لضمان الحماية الكاملة . سيكون هناك أيضا تحدي لل*** الصامت ، أو غير الدموي ، لأن ملايين المصريين الذين يشعرون بالتهميش والقهر والإحباط والقسوة الأمنية ، ويعجزون عن مواجهة ذلك كله أو لا ينزلون للشوارع والتظاهرات ، سيفرغون شحنات الكراهية والغضب في تعاملهم مع الدولة ومؤسساتها ومصالحها ، وهذه الملايين التي تنتشر في جميع شرايين الوطن ومصالحه وأجهزته ومؤسساته ووزاراته ومنظومته البيروقراطية يمكن أن يربكوا أي جهد تنموي مهما كانت عبقريته النظرية ومهما كان حجم الإنفاق عليه ، لأنهم في النهاية هم الذين يحققونه واقعا أو يدفنونه ، ولن يصلح في هذا المقام توصيف ذلك باختراق الدولة ، وإنما بعواقب الانقسام الوطني والشعبي ، فأنت لست أمام مئات أو آلاف تخترق جهازا أو وزارة ، بل أمام
ملايين يمثلون نسيج الشعب نفسه وخلاياه المتناهية الصغر . لا أعرف ، هل هذه الصورة حاضرة بشكل كاف عند الفريق السيسي ومجموعته ، وهل هي حاضرة بشكل كاف عند من يحرضونه على مسار القطيعة والإقصاء والسياسة الأمنية والقضائية الباطشة ، لا أعرف ولكني على يقين من أن مستقبل مصر القريب مفتوح على تحديات أكثر خطورة مما يقدر كثيرون ، ومفتوح أيضا على مفاجآت كثيرة لن يكون بعضها سارا للفريق السيسي والحالمين بعصاه السحرية لتدشين دولة الأمن والرفاه والاستقرار .
http://almesryoon.com/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA/blog?id=364083