مشاهدة النسخة كاملة : احمد خليل يكتب: يقظة العقل وغيابه


مسستر
11-04-2014, 05:59 PM
تمر علينا أوقاتاً كثيرة بحياتنا يكون فيها العقل منعزلاً عن الأضواء والتجارب من حوله وكأنه بمثابة طاقة فكرية تعمل دون استخدام منظم فتتداخل فيه أمور عديدة ومشكلات وصراعات تجعل الانسان وكأنه يشعر بأنه غريباً عن مجتمعه فاقداً لادراكاته متخبطاً فى قرارته متمرداً حتى على نفسه.
ان الانسان اليقظ هو الذى يدرك عالمه من حوله ولا تغفل بصائره الفكرية عن الرؤية لمجريات الأمور من حوله ولا يسرح بفكره بعيداً لعالم خيالى غير موجود الا بفكره هو.
هذا بلا شك يجعل الانسان منغمزاً فى واقعه مستخدماً الأدوات والمهارات التى تعينه على فهم وتحليل بل واستكشاف كل ما هو جديد،فتجارب اختراع الطائرة بدأت بفكرة وتلك الفكرة جاءت برؤية معينة نتج عن أثارها محاولات الوصول للهدف وكانت كل مرحلة من تلك التجارب تمر بادراكات ومفاهيم علمية كانت من أبرز عناصرها هو العلم مع التركيز والتحليل وتكرار التجارب للوصول الى الهدف الذى يتم تجديده باستمرار حتى يصل للجودة التى تتناسب مع متطلبات العصر.

ان مشاعر الانسان الداخلية تؤثر بعملية قرءاة الانسان للأشياء من حوله فالشخص المتفائل ينظر لمجتمعه نظرةً ايجابية وتلك النظرة تؤثر فى ادراكاته للأشياء فيراها بعقلاً هادئاً خالياً من أى توترات نفسية او اضطرابات فكرية تؤثر فى قراراته تباعاً، بينما الشخص المتشائم ينظر نظرةً قاتمة للأشياء تجعله غائباً بفكره محصوراً بين تطلعات وأمانى طيلة وقته وفى نهاية المطاف يلوم على مجتمعه بفشله واخفاقه.
فعندما تعترض الانسان مشكلات بحياته وتعيش بداخله قد لا يرى جيداً أشياءً هى بلأصل موجودة نصب أعينه الا أن عقله ما انتبه لها لأنه منخرطاً بعالم أخر له قوانينه التى يفرضها عقله عليه فأصبح يرى ولا يرى ويفكر ولا ينفذ ويتأخر ولا يتقدم وكلما حاول الاقتراب لعالمه الطبيعى تراجع لأنه ما اعتاد عليه فتراه منعزلاً مكتئبأ يشعر بأن المجتمع الذى يعيش فيه غير متقبلاً له ربما أحياناً يجلس كل وقته بحجرة من حجرات منزله مستمعاً لبعض الأغانى التى تلوم على الدنيا والحياة فيزداد تمسكاً أكثر بتلك العالم الذى يراه هو بعقله ومن منظوره الشخصى بما يتفق مع أهوائه
ان انشغال الانسان دائماً بأشياء كثيرة تجعله أحياناً يفكر بها فى وقت واحد ويحاول الوصول لأكثر من حل لأكثر من مشكلة تعترضه فى آن واحد وكلما توصل لحل واحدة انشغل الفكر بغيرها ليصبح الانسان بوقت ما عقله دائماًُ مشغولاً بكل الأوقات ،الأمر الذى يؤدى به مع مرور الوقت للارهاق الفكرى والعصبى بل والجسدى لأنه حتى ما أعطى لنفسه(عقله) قسطاً من الراحة فتصبح ادراكاته مشتتة كالذى يجمع ويطرح ويضرب ويقسم عمليات حسابية كلها فى وقت واحد ويريد الوصول للناتج بنهاية الأمر.
هل ستكون الذاكرة على ما يرام بعد كل ذلك!؟هل سيكون الانتباه للأشياء فعال بالصورة المطلوبة!؟ بالتأكيد ستكون الاجابة لا.
ان الانسان المشتت فكرياً يعانى كثيراً من تذكر الأشياء والمواقف التى مر بها . لماذا؟ الاجابة بأبسط صورة لأن كل الأفكار والمعلومات التى بعقله غير منظمة بل متداخلة على بعضها البعض ولذلك فان التلميذ الذى يكون مقبلاً على الامتحانات يكون عقله مليئاً بالمعلومات بل وبالتواريخ المتعددة ويتذكرها جيداً أثناء دخوله الأمتحان لانها منظمة لديه موزعة على ادراكاته العقلية بصورة تجعله يتذكرها بعقله جيداً وان أخفق فى استرجاعها قد يتذكرها بمواقف معينة أو أنظمة درب عقله عليها.
ان الانسان الذى يكون فى موقف ما ويفكر فى موقف غيره هو الانسان الحاضر الغائب فاذا كان مثلاً انساناُ فى محاضرة علمية ويفكر وقتها فى أمر أخر فيكون وجوده غائبا رغم حضوره ومشاهدة كل زملائه له فكثيراً من الأفراد يتواجدون بأماكن بأجسادهم ولكن عقولهم غائبة فلذلك يجب على الفرد أن يعدل سلوكه بحيث يكون متماشياً منسجماً مع الحدث بكل حواسه ليكون ادراكه للأشياء بعد ذلك أكثر قوة وأكثر رؤيةوأكثر دقة.

ان تزاحم الأفكار بالعقل تصيبه بالأرهاق وتؤثر على قرارات الانسان بالحياة وتجعله غير قادراً على اتخاذ القرار المناسب أحياناً ولذلك ينبغى على الانسان أن يكون منظماً لأفكاره محدداً لأهدافه متبصراً لعيوبه ليجيد الأفضل دائما وان تكون ادراكاته وحواسه منسجمة مع أفكاره وعقله مدركاُ لما حوله يقظاً متوقعاً دائمأ الخير وكلما كانت الأهداف أكبر كان التركيز والاهتمام أكثر.