مشاهدة النسخة كاملة : أخاف ألا أتزوج بسبب كذبي


abomokhtar
02-05-2014, 09:40 AM
السؤال

♦ ملخص السؤال:
فتاة كذبت على لسان صديقة لها، وأخبرت قريبتها بأنها لن تتزوج، وتخاف من هذه الكذبة أن تكون سببًا في عدم زواجها.

♦ تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.


بدايةً أسأل الله تعالى أن يبارك في شبكة الألوكة، وأن يجعل ما تُقَدِّمونه في مَوازين حسناتكم.


أنا فتاةٌ في بداية العشرينيات مِن عمري، لديَّ قريبةٌ في نفس عمري، أمُّها تزورنا في البيت كثيرًا، وكلما أتتْ تخبرنا بأنَّ ابنتَها يتقدَّم لها كثيرٌ مِن الخُطَّاب، ثم تسألني: وأنت هل تقدَّم لك أحدٌ؟!


فأُجِيب بلا، فأشعُر بنظرات الشفَقة التي ت***ني في عُيونِها!


يعلم الله أني أُحِبُّ ابنتها، وأرجو لها الخير، لكن كلام أمها عنها وعن الخُطَّاب يتعبني، ويكون ثقيلًا على قلبي!


كان لي صديقةٌ تقول: إنها تعرف ما يحدُث في المستقبل، فأخبرتُ قريبتي هذه بأن صديقتي قالتْ عنها: إنها لن تتزوَّج! وسبحان الله بعد شهرين خُطِبتْ قريبتي لرجلٍ غني!


ضميري يؤنبني لأني قلتُ ذلك، وأنا لم أُخْطَب إلى الآن، وأشعر أن هذا عقابٌ مِن الله لي، فكيف أتوب عن ذلك؟ وكيف أتخلَّص مِن الذنب الذي يُؤَرِّقني؟


أخشى ألا أتزوجَ بسبب كذبي هذا.

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.


أهلًا بكِ عزيزتي في الألوكة.


مشكلتك عزيزتي أنكِ كذبتِ على لسان صديقتك، واختلقتِ شيئًا غيرَ صحيحٍ وغير واقعي عن قريبتك.

وكما هو واضح مِن رسالتك وكلماتك، فإنَّ خوفكِ وندمك ليس لأنك كذبتِ، ولكن لأنك تخافين مِن أن تَحُولَ هذه الكذبة بينك وبين ما تريدينه، وهو الزواجُ!

عزيزتي، ما فعلتِه خطأ، وأنتِ اعترفتِ بذلك، المشكلةُ الآن ليستْ في كيف تتوبين؛ لأنَّ التوبة بابها مفتوحٌ، وطريقها معروفٌ، استغفري الله بقلبٍ صادقٍ، وعاهديه على عدم العودة للذنب، وربنا الغفور سبحانه سيقبل توبتك بإذنِه.

عزيزتي، اسمحي لي أن أكونَ صريحةً وواضحةً معكِ، فأنتِ استشرتنا والمستشار مُؤتَمَنٌ، وواجبٌ عليه أن يقولَ الحق كاملًا بلا نَقْص.

المشكلةُ التي التمستُها لديك ليستْ كذبك، ولكنها غياب الهدف والغاية من الحياة!

فلو سألتك: لماذا تريدين الزواج؟

بماذا ستجيبينني؟
طبعًا الاستقرار النفسي والإشباع العاطفي أمرٌ مهم جدًّا، ونرغب في الزواج لأَجْلِه، لكن هل هذا هدفك الوحيد؟ فلو كان كذلك فهو ليس كافيًا أبدًا، وسيجعلك تقفين بعد زواجك مُحْبَطَةً حزينةً حائرة! لأنَّ الأمرَ في الواقع مختلفٌ عن الخيال، ويتطلب جهدًا نفسيًّا وبدَنيًّا وعقليًّا أكبر مما كنتِ تعتقدين، ولأنكما ستكونان مِن بيئتينِ مختلفتينِ - حتى وإن كنتما قريبين - فستواجهين مشاكلَ الاختلاف والتعوُّد التي قد تصيبك بالإحباط والكآبة؛ لذلك إن لم تكوني جاهزةً له بوعيٍ وعقلٍ متفتحٍ مرِنٍ؛ فلن تكونَ حياتك كما تتخيلين!

عزيزتي، ما تفعله أم قريبتك واستعراضها بكثرة خطاب ابنتها ليس بالأمر الجديد، بل هو دَيْدَن معظم النساء منذ الأزَل، فهُنَّ يتفاخرْنَ بذلك، ويَرَينَه قمة النجاح والحظِّ، لكنهن نسين أنه رِزْق مِن الله، وليس بجهدهن أو بشطارتهنَّ، خصوصًا أنَّ سن الزواج ارتفع كثيرًا في زمننا الحالي، ولم نعُدْ كما في السابق، وصار من الطبيعي أن تتزوجَ الفتاة في نهايات العشرين في بعض المجتمعات!

الآن تزوجتْ قريبتك، وقد تستمر والدتها بالحديث عن سعادة ابنتها مع زوجها ومدى بُؤسكن بلا أزواج، وصدِّقيني أن هذا الكلام سيزيد الغيرةَ والمشاعر السلبية في نفسك أكثر وأكثر، وقد تسمعين هذا الكلام مِن كثيراتٍ غيرها, فهل ستكتئبين وتحزنين كلما سمعتِه، وتندبين حظَّك البائس الذي لم يجلبْ لك عريسًا تسكتين به ألسنتهن؟

الحلُّ هو أن تجدي لنفسك شيئًا يشغل وقتك وعقلك، يملأ الفراغ بداخلك، الدراسةُ أحيانًا لا تكون حلًّا لأننا نتعامَل معها بروتينية، ولكنني أتحدث عن عمل شيءٍ تحبينه أو تتقنينه.

مثلًا أنتِ تُريدين الزواج، ممتاز، ولكن ماذا لو دخلتِ دورةً لإعداد الفتيات للزواج؟

هذا الأمرُ سيُوَسِّع أُفُقك ونظرتك للزواج، ولن يجعلَها محصورةً ضيقةً، وإن كنتِ تخجلين مِن دخولها قبل خطبتك، اقرئي كتبًا عن الزواج ومشكلاته، ونفسية المرأة والرجل والتعامل معها, فالقراءةُ في هذه الأمور تجعلك أكثر وعيًا وحكمةً في قرارك، فالهدفُ ليس مجرد الزواج من أي شخصٍ، لكن الهدف هو الزواج من الشخص المناسب لكِ، الذي يُساعدك على الوصول لأهدافك في الحياة.

أما إن كنتِ لا تحبين القراءة، فاسمعي الدورات والبرامج الموجودة على الإنترنت، وهي كثيرةٌ ومتنوعةٌ، وخياراتها مفتوحةٌ.

ولا تكتفي بموضوع الزواج فقط، بل ابحثي عن هِواية تحبينها وتنغمسين فيها، وربما جعلتِها باب رزقٍ لكِ ولو كان بسيطًا، فمثلًا أذكُر فتاةً في المرحلة الثانوية كانتْ تحب حياكة الصوف، وتصنع منها جوارب، ولأنها انغَمَسَتْ فيها وأتقنتها أعجبتْ صديقاتها في المدرسة وأصبحن يطلبن منها أن تحيكَ لهن مثلها، فبدأتْ تبيعها لهنَّ ولأخواتهن وصديقاتهن، فاستفادتْ مادِّيًّا، وشغلتْ وقتها بأمرٍ تُحبه.

فكِّري في نفسك، وماذا تحبين؟ أو ما الذي ترغبين في تعلُّمِه؟ ابدئيه كهِواية، وإن شعرتِ بالمَلَل منه انتقلي لشيءٍ آخر، وهكذا تعرفين أكثر عن أشياء أكثر.

فائدةُ هذا الأمر - عزيزتي - ليستْ في أنها فقط تشغلك الآن، ولكنها أيضًا تُفيدك مُستقبلًا، فأكبر خطأ قد ترتكبه الزوجةُ أن تجعل زوجَها محور حياتها الوحيد، وتلغي كل شيء آخر، فمهما بلغتْ درجة الحب بينهما سيحتاج كلٌّ منهما لوقتٍ يقضيه وحده أو بعيدًا عن الآخر؛ ليعودا بروح جديدة لبعضهما، فماذا ستفعلين في هذا الوقت لو كان هو كل همك؟

أخيرًا، أنتِ لم تذكري مِن أي مدينة أنتِ؛ لذا لا أستطيع أن أكتب لكِ أماكنَ واقتراحاتٍ تُفيدك في البحث والتعلُّم، ولكن ابحثي في الإنترنت، وبالتأكيد ستجدين كل ما تحتاجينه - بإذن الله.

أسأل الله أن يرزقك السعادة والرِّضا


وشكرًا لثقتك فينا عزيزتي