abomokhtar
09-05-2014, 09:51 AM
لحقَ الشيخُ بركبِ الصالحين *** فلماذا يا جراحي تنزفين؟
ولماذا يا فؤادي تشتكي *** ولماذا يا دموعي تَذرفين؟
رحل الشيخ عن الدنيا التي *** كلُّ ما فيها سوى الذِّكر لَعين
فارقَ الدنيا، وما الدنيا سوى *** خيمةٍ مَنصوبةٍ للعابرين
فارقَ الدنيا التي تَفَنَى إلى *** منزلٍ رَحبٍ وجناتٍ، وَعِين
ذاكَ ما نرجو، وهذا ظنُّنا *** بالذي يغفر للمستغفرين
رحل الشيخُ على مِثلِ الضُّحَى *** من صلاحٍ وثباتٍ ويقين
فلماذا أيُّها القلبُ أرى *** هذه اللَّوعَةَ تسري في الوَتين؟
ولماذا يا حروفَ الشعر عن *** سرِّ آلام فؤادي تكشفين
أتركي الحسرةَ في موقعها *** تتغذَّى من أسى قلبي الحزين
وارحلي بي رحلةً مُوغلة *** في حياةِ العُلماءِ الأكرمين
واسلُكي بي ذلكَ الدَّربَ الذي *** ظِلُّه يحمي وجوهَ السالكين
يا حروفَ الشعر لا تَصطحبي *** لغةَ الشعر الى جُرحي الدَّفين
ربماأحرقها الجرحُ، فما *** صار للشعر فَمٌ يَروي الحنين
واتركي لوعةَ قلبي، إنَّها *** تارةً تقسو، وتاراتٍ تَلين
وادخلي بي واحةَ العلم التي *** فُتحت أبوابُها للوافدين
عندها سوف نرى النَّبعَ الذي *** لم يزل يَشفي غَليلَ الظامئين
شيخُنا ما كانَ إلاَّ عَلَماً *** يتسامى بخشوع العابدين
عالمُ السنَّةِ والفقهِ الذي *** هزَمَ اللهُ به المبتدعين
لا نزكّيه، ولكنَّا نرى *** صُوراً تُلحِقُه بالصادقين
في خيوط الشمس ما يُغني، وإن *** أنكرتها نظراتُ الغافلين
راحلٌ ما غاب إلا جسمُه *** ولنا من علمه كنزٌ ثمين
ما لقيناه على دَربِ الهوى *** بل على دَربِ الهُداةِ المهتدين
لكأني أُبصر الدنيا التي *** بذلت إغراءَها للناظرين
أقبلت تَعرض من فتنتها *** صوراً تَسبي عقول الغافلين
رقصَت من حوله، لكنَّها *** لم تجد إلا سُموَّ الزَّاهدين
أرسل الشيخُ إليها نَظرةً *** من عُزوف الراكعين الساجدين
فمضت خائبةً خاسرةً *** تتحاشى نظراتِ الشَّامتين
أخرجَ الدنيا من القلبِ، وفي *** كفِّه منها بلاغُ الراحلين
لم يكن في عُزلةٍ عنها، ولم *** يُغلقِ البابَ عن المسترشدين
غيرَ أنَّ القلبَ لم يُشغَل بها *** كان مشغولاً بربِّ العالمين
أوَ ما أعرض عنها قَبلَه *** سيِّدُ الخلقِ، إمامُ المرسلين
أيُّها الشيخُ: لقد علَّمتنا *** كيف نرعى حُرمَةَ المستضعفين
كيف نَستَشعِرُ من أمَّتنا *** صرخة الثَّكلَى ودَمعَ الَّلاجئين
كيف نبني هِمَّةَ الجيل على *** منهج التقوى، ووعي الراشدين
كنتَ يا شيخ على علمٍ بما *** نالنا من غَفلةِ المنهزمين
قومُنا ساروا على درب الرَّدَى *** فغدوا ألعوبةَ المستعمرين
شرَّقوا حيناً وحيناً غرَّبوا *** واستُبيحت أرضهم للغاصبين
هجروا الصَّالحَ من أفكارهم *** فتلقَّتهم يدُ المستشرقين
وارتموا في حضن أرباب الهوى *** من ذيول الغاصب المستعربين
ضيَّعوا الأقصى وظنُّوا أنَّهم *** سوف يحظون بِسِلمِ المعتدين
فإذا بالفارس الطفل على *** هامة المجد ينادي الواهمين
صاغها ملحمةً قُدسيَّةً *** ذكَّرتنا بشموخ الفاتحين
قالها الطفلُ، وقُلنا معه *** إنَّ بيعَ القدس بَيعُ الخاسرين
أيُّها الشيخُ الذي أهدى لنا *** صُوَراً بيضاءَ من علمٍ ودين
لم تكن تغفل عن أمَّتنا *** وضلالاتِ بَنيها العابثين
كنتَ تدعوها إلى درب الهُدَى *** وتناديها نداءَ المصلحين
قلتَ للأمةِ، والبؤسُ على *** وجهها الباكي غبارٌ للأنين
إنما تغسل هذا البوسَ عن *** وجهكِ الباكي، دموع التائبين
أيها الشيخُ الذي ودَّعَنا *** عاليَ الهمَّةِ وضَّاح الجبين
نحن نلقاك وإن فارقتَنا *** في علومٍ بقيت للرَّاغبين
أنتَ كالشمسِ إذا ما غَربَت *** أهدتِ البَدرَ ضياءَ المُدلجين
أنتَ ما ودَّعتَنا إلاَّ إلى *** حيث تُؤويكَ قلوبُ المسلمين
إن بكيناكَ فإنّا لم نزل *** بقضاء الله فينا مُوقنين
في وفاةِ المصطفى سَلوَى لنا *** وعزاءٌ عن وفاةِ الصالحين
ذلك الرُّزءُ الذي اهتزَّ له *** عُمَرُ الفاروقُ ذو العقل الرزين
ماتَ خيرُ الناس، هذا خَبَرٌ *** ترك الناسَ حيارى تائهين
طاشت الألبابُ حتى سمعوا *** ما تلا الصدِّيقُ من قولٍ مُبين
لا يعزِّينا عن الأحبابِ في *** شدَّةِ الهول سوى مَوتِ الأمين
إنها الرُّوح التي تسمو بنا *** ويظلُّ الجسم من ماءٍ وطين
يحزن القلب ولكنَّا على *** حُزنه نَبني شموخ الصابرين
كلُّنا نفنَى ويبقى ربُّنا *** خالق الكون ملاذُ الخائفين
عبد الرحمن العشماوي
ولماذا يا فؤادي تشتكي *** ولماذا يا دموعي تَذرفين؟
رحل الشيخ عن الدنيا التي *** كلُّ ما فيها سوى الذِّكر لَعين
فارقَ الدنيا، وما الدنيا سوى *** خيمةٍ مَنصوبةٍ للعابرين
فارقَ الدنيا التي تَفَنَى إلى *** منزلٍ رَحبٍ وجناتٍ، وَعِين
ذاكَ ما نرجو، وهذا ظنُّنا *** بالذي يغفر للمستغفرين
رحل الشيخُ على مِثلِ الضُّحَى *** من صلاحٍ وثباتٍ ويقين
فلماذا أيُّها القلبُ أرى *** هذه اللَّوعَةَ تسري في الوَتين؟
ولماذا يا حروفَ الشعر عن *** سرِّ آلام فؤادي تكشفين
أتركي الحسرةَ في موقعها *** تتغذَّى من أسى قلبي الحزين
وارحلي بي رحلةً مُوغلة *** في حياةِ العُلماءِ الأكرمين
واسلُكي بي ذلكَ الدَّربَ الذي *** ظِلُّه يحمي وجوهَ السالكين
يا حروفَ الشعر لا تَصطحبي *** لغةَ الشعر الى جُرحي الدَّفين
ربماأحرقها الجرحُ، فما *** صار للشعر فَمٌ يَروي الحنين
واتركي لوعةَ قلبي، إنَّها *** تارةً تقسو، وتاراتٍ تَلين
وادخلي بي واحةَ العلم التي *** فُتحت أبوابُها للوافدين
عندها سوف نرى النَّبعَ الذي *** لم يزل يَشفي غَليلَ الظامئين
شيخُنا ما كانَ إلاَّ عَلَماً *** يتسامى بخشوع العابدين
عالمُ السنَّةِ والفقهِ الذي *** هزَمَ اللهُ به المبتدعين
لا نزكّيه، ولكنَّا نرى *** صُوراً تُلحِقُه بالصادقين
في خيوط الشمس ما يُغني، وإن *** أنكرتها نظراتُ الغافلين
راحلٌ ما غاب إلا جسمُه *** ولنا من علمه كنزٌ ثمين
ما لقيناه على دَربِ الهوى *** بل على دَربِ الهُداةِ المهتدين
لكأني أُبصر الدنيا التي *** بذلت إغراءَها للناظرين
أقبلت تَعرض من فتنتها *** صوراً تَسبي عقول الغافلين
رقصَت من حوله، لكنَّها *** لم تجد إلا سُموَّ الزَّاهدين
أرسل الشيخُ إليها نَظرةً *** من عُزوف الراكعين الساجدين
فمضت خائبةً خاسرةً *** تتحاشى نظراتِ الشَّامتين
أخرجَ الدنيا من القلبِ، وفي *** كفِّه منها بلاغُ الراحلين
لم يكن في عُزلةٍ عنها، ولم *** يُغلقِ البابَ عن المسترشدين
غيرَ أنَّ القلبَ لم يُشغَل بها *** كان مشغولاً بربِّ العالمين
أوَ ما أعرض عنها قَبلَه *** سيِّدُ الخلقِ، إمامُ المرسلين
أيُّها الشيخُ: لقد علَّمتنا *** كيف نرعى حُرمَةَ المستضعفين
كيف نَستَشعِرُ من أمَّتنا *** صرخة الثَّكلَى ودَمعَ الَّلاجئين
كيف نبني هِمَّةَ الجيل على *** منهج التقوى، ووعي الراشدين
كنتَ يا شيخ على علمٍ بما *** نالنا من غَفلةِ المنهزمين
قومُنا ساروا على درب الرَّدَى *** فغدوا ألعوبةَ المستعمرين
شرَّقوا حيناً وحيناً غرَّبوا *** واستُبيحت أرضهم للغاصبين
هجروا الصَّالحَ من أفكارهم *** فتلقَّتهم يدُ المستشرقين
وارتموا في حضن أرباب الهوى *** من ذيول الغاصب المستعربين
ضيَّعوا الأقصى وظنُّوا أنَّهم *** سوف يحظون بِسِلمِ المعتدين
فإذا بالفارس الطفل على *** هامة المجد ينادي الواهمين
صاغها ملحمةً قُدسيَّةً *** ذكَّرتنا بشموخ الفاتحين
قالها الطفلُ، وقُلنا معه *** إنَّ بيعَ القدس بَيعُ الخاسرين
أيُّها الشيخُ الذي أهدى لنا *** صُوَراً بيضاءَ من علمٍ ودين
لم تكن تغفل عن أمَّتنا *** وضلالاتِ بَنيها العابثين
كنتَ تدعوها إلى درب الهُدَى *** وتناديها نداءَ المصلحين
قلتَ للأمةِ، والبؤسُ على *** وجهها الباكي غبارٌ للأنين
إنما تغسل هذا البوسَ عن *** وجهكِ الباكي، دموع التائبين
أيها الشيخُ الذي ودَّعَنا *** عاليَ الهمَّةِ وضَّاح الجبين
نحن نلقاك وإن فارقتَنا *** في علومٍ بقيت للرَّاغبين
أنتَ كالشمسِ إذا ما غَربَت *** أهدتِ البَدرَ ضياءَ المُدلجين
أنتَ ما ودَّعتَنا إلاَّ إلى *** حيث تُؤويكَ قلوبُ المسلمين
إن بكيناكَ فإنّا لم نزل *** بقضاء الله فينا مُوقنين
في وفاةِ المصطفى سَلوَى لنا *** وعزاءٌ عن وفاةِ الصالحين
ذلك الرُّزءُ الذي اهتزَّ له *** عُمَرُ الفاروقُ ذو العقل الرزين
ماتَ خيرُ الناس، هذا خَبَرٌ *** ترك الناسَ حيارى تائهين
طاشت الألبابُ حتى سمعوا *** ما تلا الصدِّيقُ من قولٍ مُبين
لا يعزِّينا عن الأحبابِ في *** شدَّةِ الهول سوى مَوتِ الأمين
إنها الرُّوح التي تسمو بنا *** ويظلُّ الجسم من ماءٍ وطين
يحزن القلب ولكنَّا على *** حُزنه نَبني شموخ الصابرين
كلُّنا نفنَى ويبقى ربُّنا *** خالق الكون ملاذُ الخائفين
عبد الرحمن العشماوي