aymaan noor
14-05-2014, 05:04 PM
الرقابة الدولية على الانتخابات الرئاسية (http://democracy.ahram.org.eg/News/830/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%82%D8%A7%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D 8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A6%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D8%A9-.aspx)
http://democracy.ahram.org.eg/Media/NewsMedia/2014/5/3/2014-635347315523097723-309_resized.jpg
المستشار/ عبد الغفار سليمان
نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية
هناك ثلاث صور رئيسية يكون من خلالها المجتمع الدولى حاضرا بشكل أو بآخر فى الانتخابات التي تجريها الدول المختلفة هى الإشراف ، والمساعدة، والرقابة .
ويتخذ الإشراف الدولى على الانتخابات درجات متفاوتة ، إذ يمكن من خلاله للجهة الأجنبية ( منظمة دولية أو إقليمية أو دولة أو مجموعة من الدول ) أن تتولى تنظيم وإدارة العملية الانتخابية بكافة مراحلها ، كما قد يتخذ الإشراف شكل صلاحية التدخل في العملية الانتخابية في أية مرحلة من مراحلها ، وإصلاح ما يشوبها من أخطاء .
وقد برزت فكرة الإشراف الدولىعلى الانتخابات عندما استقلت العديد من الدول فى أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، أو تخصلت من نظم استبدادية ، وسارت في طريق التحول الديمقراطى .
وقد تطلعت شعوب تلك الدول إلى حياة ديمقراطية قوامها مشاركة سياسية تقوم على مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص ، ومؤسسات دستورية تخضع للقانون ، وآليات ديمقراطية تضمن انتخابات حرة ونزيهة تأتى نتائجها معبرة عن آراء الناخبين .
ولأنه غالبا ما تفتقر تلك الشعوب إلى الخبرة في مجال إجراء الانتخابات وأحيانا إلى غياب المؤسسات الوطنية المؤهلة لإجرائها ، أو إلى الثقة في تلك المؤسسات الموجودة بالفعل ، فإن منظمة دولية مثل الأمم المتحدة أو غيرها من المنظمات الدولية أو الإقليمية تكون هي الأجدر بالاضطلاع بتلك المهمة ، والأكثر قبولا من أطياف المجتمع المنتقل حديثا من حالة استبدادية أو استعمارية يغلب عليها الشك والريبة وعدم الثقة ، فتتولى تلك الجهات مهمة إجراء الانتخابات أو يُعهد إليها بالإشراف والتوجيه ، أو التدخل إذا لزم الأمر لدى المؤسسات الوطنية التي تتولى إجراء الانتخابات على نحو ما تم في انتخابات المجلس التأسيسى بناميبيا عام 1989 التي جرت تحت إشراف الأمم المتحدة .
وهناك المساعدة الانتخابية، وتتمثل بشكل أساسى في قيام منظمات دولية أو إقليمية أو مؤسسات متخصصة أو دول بتقديم الدعم الفني أو المالى أو المشورة للمؤسسات الوطنية القائمة على إدارة الانتخابات بهدف رفع درجة كفاءة إدارة العملية الانتخابية .
وقد تتخذ المساعدة الانتخابية صورا مادية، مثل إمداد الدولة بالدعم المالى أو بالأدوات المستخدمة في العملية الانتخابية كالصناديق والسواتر والأحبار .
كما تتخذ صورا معنوية تتمثل في المشورة الفنية ، أو في تدريب وتأهيل الموظفين القائمين على إدارة الانتخابات ، أو عقد دورات تثقيفية للناخبين أو للمراقبين المحليين .
أما الرقابة الدولية على الانتخابات فهى أحد أهم آليات التعاون الدولى للتقرير بمدى انطباق المعايير الدولية على الانتخابات التي يتم إجراؤها فى بلد ما .
وقد استطاعت الرقابة الدولية على الانتخابات أن تستقل عما قد يتشابه معها أو يختلط بها من مفاهيم مختلفة ، كما أمكن لها أن تتطور بحيث صارت تتسم بخصائص مميزة، وتستند إلى قواعد وأحكام ثابتة تم إفراغها فىإعلان مبادئ الرقابة الدولية على الانتخابات الذى وقعته الأمم المتحدة مع عدد من المنظمات الدولية والإقليمية عام 2005 ، كما أصبح هناك ميثاق للمراقبة الدولية تضمنته مدونة سلوك المراقبين الدوليين للانتخابات التى صدرت مع إعلان المبادئ .
ضوابط وأحكام الرقابة الدولية على الانتخابات
لم تعد الرقابة الدولية مجرد عمل تطوعى تقرر جهة أو دولة ما القيام به ،أو تدعى أحقيتها في فرضه جبرا على دولة أخرى ، وهى ليست إجراءات اجتهادية يتولاها ممثلو الجهة التي يمثلونها حيال الانتخابات في بلد ما .
فللرقابة الدولية قواعدها وأحكامها التي لا تفرق بين الانتخابات التي يتم إجراؤها في فرنسا وتلك التي تجرى في اليمن ، كما أن لها ضوابطها التي تضع الحدود الفاصلة بين تمكين المراقبين الدوليين من القيام بمهمتهم في الاطلاع ورصد كل ما يتعلق بالعملية الانتخابية بكافة مراحلها ، وبين الحفاظ على سيادة الدولة التي تجرى بها الانتخابات، ومنع التدخل أو التأثير في مجريات العملية الانتخابية .
لذا، فقد تبلورت على مر السنوات الماضية قواعد المراقبة الدولية حتى تم إخراجها في صورة وثيقة تمثلت في إعلان مبادئ الرقابة الدولية على الانتخابات الذى تضمن العديد من الأحكام أهمها :
• يعتبر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمواثيق الدولية الاخرى ، هي الأساس الذى تنطلق منه الرقابة الدولية على الانتخابات، والتي تقرر الحق لكل مواطن في المشاركة في الحكم وتولي الشؤون العامة في بلده ، وحقه في أن ينتخب، وأن يُنتخب في إطار انتخابات دورية تضمن حق الفرد وفرصته في أن ينتخب بحرية ، بموجب اقتراع سرى عام ، قوامه المساواة وعدم التمييز .
• تجري الرقابة الدولية للانتخابات على أساس قاعدة احترام سيادة الدولة التي تشهد الانتخابات ، ومن ثم يتعين على البعثات الدولية أن تتقيد بقوانين البلد المضيف ، وقوانين ولوائح سلطاته الوطنية ، بما فيها القواعد التي تضعها الهيئات الوطنية القائمة على إدارة الانتخابات .
•لا تستهدف الرقابة الدولية على الأنتخاب اتسوى مصلحة شعوب الدول التي تجرى بها الانتخابات، وكذا مصلحة المجتمع الدولي ، فهي تبحث في مدى انطباق المعايير الدولية على تلك الانتخابات دون النظر إلى نتائجه. لذا فلا يجوز أن ينضم الى بعثة مراقبين دوليين للانتخابات أي شخص يمكن أن تتعارض مصالحه السياسية والاقتصادية أو مصالحه الأخرى، مع فكرة الحيدة والتجرد الواجب توافرهما في الجهة القائمة على الرقابة .
• الرقابة الدولية على الانتخابات عملية منظمة طويلة الأمد تبدأ قبل إجراء الانتخابات بمعناها الضيق المتمثل في عملية الاقتراع والفرز وإعلان النتائج وتستمر إلى ما بعدها، فتشمل المرحلة الأولى منها دراسة ما يلى :
• التشريعات المنظمة للانتخابات من قوانين ولوائح وقرارات تنظيمية .
• البيئة السياسية التي تجرى في ظلها الانتخابات، لا سيما الأطر المتعلقة بحريات التعبير عن الرأي والاجتماع والتنقل .
• السياق العام لمراحل ما قبل الاقتراع من حيث تقسيم الدوائر الانتخابية ، وتسجيل الناخبين ، وشروط الترشح ، وقواعد الدعاية، واستخدام وسائل الإعلام ، والتوقيتات المحددة لمراحل العملية الانتخابية ، وتنظيم الطعون الانتخابية .
• برامج تثقيف وتأهيل الناخبين وموظفىالانتخابات والمراقبين المحليين .
ثم تنصب المرحلة الثانية على الانتخابات بمعناها الضيق المتعلق بعمليات الاقتراع والعد والفرز وإعلان النتائج ونظر الطعون الانتخابية وإعلان نتائجها ، ثم دراسة بيئة ما بعد إعلان النتائج .
لتبدأ بعد ذلك المرحلة الأخيرة التي تبدأ بإصدار بيان تمهيدى يتضمن الاستنتاجات المبدئية ، ثم يصدر بعد ذلك تقرير تفصيلى يراعى فيه الحيدة والتجرد والتحليل الموضوعى لكافة بيانات ومجريات العملية الانتخابية ، ويتضمن الاستنتاجات النهائية والملاحظات المتعلقة بكافة مراحل الانتخابات ، والتوصيات التي من شأنها الارتقاء بمستوى إدارة العملية الانتخابية، وتحسين البيئة التي تجرى في ظلها من الوجهتين التشريعية والسياسية .
ضوابط الرقابة:
على الرغم من أن موضوع الرقابة الدولية يثير في كثير من الأحيان مسألة السيادة الوطنية للدولة التي تجرى بها الانتخابات ، حتى إن بعض الأنظمة الاستبدادية كانت تتخذ من تلك المسألة ذريعة لرفض الرقابة الدولية على ما تجريه من انتخابات ، فإن هناك العديد من الضوابط المتفق على وجوب اتباعها لضمان عدم المساس بسيادة الدول من ناحية، ومن ناحية أخرى لضمان حيدة وتجرد إجراءات وتقارير تلك الرقابة ، وتتمثل أهم تلك الضوابط في :
• أن عملية الرقابة تتولاها دائما منظمات دولية أو إقليمية أو مؤسسات أو هيئات متخصصة أشهرها الاتحاد الأوروبي European Union، منظمة الأمن والتعاون في أوروبا OSCE، مركز كارتر Carter Center ، والاتحاد الأفريقي African Union، ومنظمة الدول الأمريكية OAS، والمعهد الجمهوري الدولي IRI، والمعهد الديمقراطي الوطني NDI، ومجلس أوروبا Council of Europe.
• لا يجوز إجراء الرقابة الدولية دون دعوة توجه من الدولة المزمع إجراء الانتخابات بها إلى المنظمة أو المؤسسة المعنية بتولى الرقابة .
•قبل اتخاذ المنظمة أو المؤسسة قرارها بتلبية دعوة دولة ما لرقابة الانتخابات بها ،عليها أن تتأكد من أن الدعوة قد تم توجيهها من السلطة المختصة ، وأنه تم توجيهها قبل بدء مراحل العملية الانتخابية بوقت كاف .
• التزام الجهة القائمة على الرقابة على الانتخابات بعدم التدخل بأى وجه من الوجوه في مجريات العملية الانتخابية ، وبعدم محاولة التأثير فيها أو في نتائجها ، وفى المجمل بأقصى درجات الحيدة والتجرد .
• التزام الجهة التي تتولى الرقابة بأن تقدم للدولة المضيفة خطتها في الرقابة متضمنة بيان بأعضاء البعثة التي ستمثلها ، والمناطق التي سوف تقوم بتغطيتها، والفترة الزمنية التي ستباشر عملها خلالها .
• التزام الدولة المضيفة بتوفير المناخ الملائم لاضطلاع الجهة القائمة بالرقابة بمهمتها ، وإزالة كافة المعوقات التي من شأنها التضييق عليها في أداء مهامها ، وتتخذ تلك المعوقات صورا عديدة ، منها ما اتبعته بعض الدول مثل زامبيا حيث قامت بفرض رسوم قدرها 100 دولار أمريكى على كل بطاقة مراقب ، وإندونسيا التي اشترطت أن تعرض عليها تقارير الرقابة قبل الإعلان عنها .
أهمية الرقابة الدولية:
لم تعد هناك دولة بمقدورها أن تعيش بمعزل عن المجتمع الدولى ، ذلك أن اعتراف الدول الأخرى بها هو أول ما تسعى إليه فور الإعلان عن قيامها أو استقلالها .
لذلك فإن شهادة المجتمع الدولى- من خلال المنظمات والمؤسسات المتخصصة - بنزاهة الانتخابات التي يتم إجراؤها في دولة ما ، هو بلا شك مما تحرص عليه كل دولة تسعى للتمتع بسمعة دولية طيبة تنعكس على علاقاتها السياسية والاقتصادية بالمجتمع الدولى.
يضاف إلى ذلك، أن الاستقرار الذى تنشده الدول يمكن أن يساهم في تحقيقه تقارير الرقابة الدولية المحايدة ، مما يجنبها احتمالات نشوب الخلافات الداخلية والنزاعات حول نتائج الانتخابات .
وأخيرا: فإن الدراسة التي تقوم بها الدولة حول نتائج تقارير الرقابة الدولية يمكن أن تسهم في الارتقاء بمستوى إدارة الانتخابات لديها ، وتجنُب الملاحظات التي أشارت إليها التقارير ، آخذا في الحسبان ما تنتهى إليه من توصيات .
الرقابة الدولية على الانتخابات في مصر.
لم تطرق مصر باب الرقابة الدولية على الانتخابات قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير، وكان ذلك أمراً يتفق وتوجهات النظام السياسى ، كما يتفق ورغبته في أن تبقى الانتخابات بكافة ممارساتها بعيدة عن أضواء المجتمع الدولي .
وكانت السيادة الوطنية ورفض التدخل الأجنبي هي الحجة التي يطلقها النظام في وجه كل من ينادى بالرقابة الدولية .
وعلى صعيد القوانين، لم تكن التشريعات المصرية أيضاً تسمح بهذه الرقابة، فقد خلت كل التشريعات الخاصة بالانتخابات من الإشارة الى موضوع الرقابة الدولية على الانتخابات .
وبصدور المرسوم بقانون رقم 46 لسنة 2011 بتعديل أحكام القانون رقم 73 لسنة 1956 بشأن تنظيم مباشرة الحقوق السياسية ، فقد أشار المشرع - لأول مرة – الى فكرة الرقابة الدولية ، إلا أن تناول المشرع لموضوع الرقابة الدولية يوضح الى حد بعيد أنه لم يحظ بالاهتمام الكافي بتنظيمه بموجب نصوص تشريعية واضحة , إذ اكتفى المرسوم بقانون المشار إليه بالنص بالمادة 3 مكرر (و) بالبند خامساً على أن تختص اللجنة العليا للانتخابات « بوضع القواعد المنظمة لمشاركة منظمات المجتمع المدني المصرية والدولية في متابعة كافة العمليات الانتخابية ».
ووفقا لذلك، فقد بقى تنظيم هذه القواعد رهن القرارات التي تصدر عن اللجنة العليا للانتخابات ، وقد كان المنتظر أن يتولى المرسوم بقانون رقم 46 لسنة 2011 بيان أسس وأحكام تلك القواعد ، ثم يترك تفصيلاتها للقرارات التي تصدرها اللجنة العليا للانتخابات في إطار تلك القواعد .
لكن المشرِّع المصرى اكتفى بالتأكيد على حصر الجهات التي يسمح لها بالرقابة على الانتخابات المصرية في منظمات المجتمع المدنى المصرية والدولية، إضافة إلى استخدام اصطلاح « المتابعة» بديلا عن اصطلاح « الرقابة» .
والحقيقة أننا نعتقد أن المشرع لم تتجه نيته إلى أمر آخر خلاف فكرة الرقابة ، إلا أنه لم يشأ أن يستخدم اصطلاحا من شأنه أن يثير حساسية أو مخاوف لدى البعض ممن يخلط بينها وبين فكرة الإشراف على الانتخابات .
الرقابة الدولية على انتخابات الرئاسة 2012:
شهدت مصر بعد قيام ثورة يناير أول انتخابات رئاسية في عام 2012 ، وقد تولت لجنة الانتخابات الرئاسية إدارة تلك الانتخابات وفقا لأحكام القانون رقم 174 لسنة 2005.
وقد نظمت اللجنة موضوع الرقابة الدولية على انتخابات الرئاسة من خلال قراريها رقمى 12 لسنة 2012 الصادر في 23 أبريل 2012 ، 20 لسنة 2012 الصادر في 2 مايو 2012 .
وقد صدر القرار الأول بعنوان « ضوابط متابعة المنظمات الدولية للانتخابات الرئاسية لعام 2012».
ولعل أهم ما حمله ذلك القرار كان متمثلا في :
• استخدام اصطلاح « المتابعة « مسايرة لتوجه المشرع في تجنب استخدام اصطلاح « الرقابة».
• أنه على الرغم مما يبدو من ظاهر عنوان القرار من قصر التصريح بالمتابعة على المنظمات الدولية ، فقد تضمنت المادة الأولى من القرار التصريح بالمتابعة لكل من منظمات المجتمع المدنى الأجنبية والدولية، وهيئات ومفوضيات الانتخابات الأجنبية .
• أنه تولى تعريف المتابعة بأنها « كافة أعمال الرصد والمشاهدة والملاحظة لجميع إجراءات الدعاية والاقتراع والفرز وإعلان نتيجة الانتخابات» .
• أنه تضمن كافة الأطر والأحكام الأساسية المتعلقة بالرقابة الدولية على الانتخابات، بما في ذلك الالتزام بأحكام القوانين واللوائح والقرارات المنظمة للانتخابات، وإصدار تصاريح لممثلى الجهات المصرح لها بالرقابة ، وإصدار تلك الجهات تقارير بما أسفرت عنه متابعتها ، والتزامها بعدم التدخل في سير العملية الانتخابية .
وقد تضمن القرار رقم 20 لسنة 2012 مادة واحدة أشاز من خلالها إلى صلاحيات الجهات التي يصرح لها بالمتابعة بأن يكون لممثليها «حق دخول لجان الاقتراع والفرز بموجب البطاقات الصادرة من لجنة الانتخابات الرئاسية» .
ومما يدعو للدهشة أنه بينما كانت لجنة الانتخابات الرئاسية تنظم قواعد ما أسمته « المتابعة الدولية» للانتخابات، وذلك لأول مرة في 23 أبريل 2012 كانت قد بدأت العملية الانتخابية بالفعل في 10 مارس 2012 .
وقد كان من بين المؤسسات الدولية التي تولت متابعة الانتخابات الرئاسية عام 2012 « مركز كارتر» الذى أصدر بيانا تمهيديا في 19 يونيو 2012 بشأن الجولة الثانية من الانتخابات، وكان مما حرص على الإشارة إليه أن ممثلى المركز لم يحصلوا على تصاريح المتابعة إلا بتاريخ 16 مايو 2012 ، أي قبل بدء الجولة الأولى من الانتخابات بأقل من أسبوع ، وأنه كانت هناك قيود على المتابعة ؛ كان أبرزها منع وجود ممثلي المركز داخل لجان الاقتراع أكثر من 30 دقيقة ، إضافة إلى عدم تمكينهم من متابعة عمليات التجميع بعد انتهاء الفرز .
وبعد قرابة عام على إصدار مركز كارتر بيانه التمهيدى ، أصدر بتاريخ 14 يونيو 2013 توصياته بشأن الانتخابات القادمة في مصر بخصوص ثمانية مجالات ، من بينها مجال متابعة الانتخابات الذى تضمن التوصيات التالية :
• اعتماد منظمات المراقبة بما يسمح لها بمتابعة كافة مراحل العملية الانتخابية، بما يقتضيه ذلك من اعتماد بعثات المتابعة قبل الدعوة إلى الانتخابات بوقت كاف .
• السماح لبعثات المراقبة بإصدار بيانات عامة دون تدخل خلال العملية الانتخابية بأكملها ، حيث حظرت لجنة الانتخابات الرئاسية على البعثات إصدار بيانات عامة قبل إعلان النتائج ، ثم خففت من الحظر بالسماح لها بإصدار بيانات عامة بعد عد الأصوات، وقبل الإعلان الرسمي عن النتائج .
• إزالة قيود الوقت المفروضة على وجود متابعى الانتخابات داخل اللجان الانتخابية .
المأمول والمتوقع في انتخابات الرئاسة 2014:
لقد كان الأمل، وقد صرحت لجنة الانتخابات الرئاسية بمتابعة انتخابات الرئاسة عام 2012، أن تطَلع على تقارير المؤسسات التي تولت المتابعة ، وأن تأخذ في اعتبارها ما انتهت إليه من توصيات ، وأن تفطن إلى أن مراقبة الانتخابات لا تنصب فحسب على عمليتى الاقتراع والفرز ، وأن موضوع المراقبة أو المتابعة أكبر وأشمل من ذلك ، فهو يبدأ بدراسة البيئة التشريعية والسياسية التي تحيط بالعملية الانتخابية ، وهو ما يتطلب إصدارالتصريح لبعثات المراقبة قبل صدور قرار دعوة الناخبين للانتخاب بوقت كاف ، كما يمتد إلى ما بعد إعلان النتائج والفصل في الطعون الانتخابية .
لكن المساحة تظل شاسعة ما بين المأمول والمتوقع ، إذ يبدو أن ما وقع في انتخابات 2012 في شأن موضوع الرقابة الدولية سيتكرر في انتخابات 2014 ، وأن قرارات تنظيم متابعة الانتخابات، ومن ثم التصاريح الخاصة بالمتابعين لن تصدر إلا بعد أن تكون الانتخابات قد بدأت بالفعل .
http://democracy.ahram.org.eg/Media/NewsMedia/2014/5/3/2014-635347315523097723-309_resized.jpg
المستشار/ عبد الغفار سليمان
نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية
هناك ثلاث صور رئيسية يكون من خلالها المجتمع الدولى حاضرا بشكل أو بآخر فى الانتخابات التي تجريها الدول المختلفة هى الإشراف ، والمساعدة، والرقابة .
ويتخذ الإشراف الدولى على الانتخابات درجات متفاوتة ، إذ يمكن من خلاله للجهة الأجنبية ( منظمة دولية أو إقليمية أو دولة أو مجموعة من الدول ) أن تتولى تنظيم وإدارة العملية الانتخابية بكافة مراحلها ، كما قد يتخذ الإشراف شكل صلاحية التدخل في العملية الانتخابية في أية مرحلة من مراحلها ، وإصلاح ما يشوبها من أخطاء .
وقد برزت فكرة الإشراف الدولىعلى الانتخابات عندما استقلت العديد من الدول فى أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، أو تخصلت من نظم استبدادية ، وسارت في طريق التحول الديمقراطى .
وقد تطلعت شعوب تلك الدول إلى حياة ديمقراطية قوامها مشاركة سياسية تقوم على مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص ، ومؤسسات دستورية تخضع للقانون ، وآليات ديمقراطية تضمن انتخابات حرة ونزيهة تأتى نتائجها معبرة عن آراء الناخبين .
ولأنه غالبا ما تفتقر تلك الشعوب إلى الخبرة في مجال إجراء الانتخابات وأحيانا إلى غياب المؤسسات الوطنية المؤهلة لإجرائها ، أو إلى الثقة في تلك المؤسسات الموجودة بالفعل ، فإن منظمة دولية مثل الأمم المتحدة أو غيرها من المنظمات الدولية أو الإقليمية تكون هي الأجدر بالاضطلاع بتلك المهمة ، والأكثر قبولا من أطياف المجتمع المنتقل حديثا من حالة استبدادية أو استعمارية يغلب عليها الشك والريبة وعدم الثقة ، فتتولى تلك الجهات مهمة إجراء الانتخابات أو يُعهد إليها بالإشراف والتوجيه ، أو التدخل إذا لزم الأمر لدى المؤسسات الوطنية التي تتولى إجراء الانتخابات على نحو ما تم في انتخابات المجلس التأسيسى بناميبيا عام 1989 التي جرت تحت إشراف الأمم المتحدة .
وهناك المساعدة الانتخابية، وتتمثل بشكل أساسى في قيام منظمات دولية أو إقليمية أو مؤسسات متخصصة أو دول بتقديم الدعم الفني أو المالى أو المشورة للمؤسسات الوطنية القائمة على إدارة الانتخابات بهدف رفع درجة كفاءة إدارة العملية الانتخابية .
وقد تتخذ المساعدة الانتخابية صورا مادية، مثل إمداد الدولة بالدعم المالى أو بالأدوات المستخدمة في العملية الانتخابية كالصناديق والسواتر والأحبار .
كما تتخذ صورا معنوية تتمثل في المشورة الفنية ، أو في تدريب وتأهيل الموظفين القائمين على إدارة الانتخابات ، أو عقد دورات تثقيفية للناخبين أو للمراقبين المحليين .
أما الرقابة الدولية على الانتخابات فهى أحد أهم آليات التعاون الدولى للتقرير بمدى انطباق المعايير الدولية على الانتخابات التي يتم إجراؤها فى بلد ما .
وقد استطاعت الرقابة الدولية على الانتخابات أن تستقل عما قد يتشابه معها أو يختلط بها من مفاهيم مختلفة ، كما أمكن لها أن تتطور بحيث صارت تتسم بخصائص مميزة، وتستند إلى قواعد وأحكام ثابتة تم إفراغها فىإعلان مبادئ الرقابة الدولية على الانتخابات الذى وقعته الأمم المتحدة مع عدد من المنظمات الدولية والإقليمية عام 2005 ، كما أصبح هناك ميثاق للمراقبة الدولية تضمنته مدونة سلوك المراقبين الدوليين للانتخابات التى صدرت مع إعلان المبادئ .
ضوابط وأحكام الرقابة الدولية على الانتخابات
لم تعد الرقابة الدولية مجرد عمل تطوعى تقرر جهة أو دولة ما القيام به ،أو تدعى أحقيتها في فرضه جبرا على دولة أخرى ، وهى ليست إجراءات اجتهادية يتولاها ممثلو الجهة التي يمثلونها حيال الانتخابات في بلد ما .
فللرقابة الدولية قواعدها وأحكامها التي لا تفرق بين الانتخابات التي يتم إجراؤها في فرنسا وتلك التي تجرى في اليمن ، كما أن لها ضوابطها التي تضع الحدود الفاصلة بين تمكين المراقبين الدوليين من القيام بمهمتهم في الاطلاع ورصد كل ما يتعلق بالعملية الانتخابية بكافة مراحلها ، وبين الحفاظ على سيادة الدولة التي تجرى بها الانتخابات، ومنع التدخل أو التأثير في مجريات العملية الانتخابية .
لذا، فقد تبلورت على مر السنوات الماضية قواعد المراقبة الدولية حتى تم إخراجها في صورة وثيقة تمثلت في إعلان مبادئ الرقابة الدولية على الانتخابات الذى تضمن العديد من الأحكام أهمها :
• يعتبر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمواثيق الدولية الاخرى ، هي الأساس الذى تنطلق منه الرقابة الدولية على الانتخابات، والتي تقرر الحق لكل مواطن في المشاركة في الحكم وتولي الشؤون العامة في بلده ، وحقه في أن ينتخب، وأن يُنتخب في إطار انتخابات دورية تضمن حق الفرد وفرصته في أن ينتخب بحرية ، بموجب اقتراع سرى عام ، قوامه المساواة وعدم التمييز .
• تجري الرقابة الدولية للانتخابات على أساس قاعدة احترام سيادة الدولة التي تشهد الانتخابات ، ومن ثم يتعين على البعثات الدولية أن تتقيد بقوانين البلد المضيف ، وقوانين ولوائح سلطاته الوطنية ، بما فيها القواعد التي تضعها الهيئات الوطنية القائمة على إدارة الانتخابات .
•لا تستهدف الرقابة الدولية على الأنتخاب اتسوى مصلحة شعوب الدول التي تجرى بها الانتخابات، وكذا مصلحة المجتمع الدولي ، فهي تبحث في مدى انطباق المعايير الدولية على تلك الانتخابات دون النظر إلى نتائجه. لذا فلا يجوز أن ينضم الى بعثة مراقبين دوليين للانتخابات أي شخص يمكن أن تتعارض مصالحه السياسية والاقتصادية أو مصالحه الأخرى، مع فكرة الحيدة والتجرد الواجب توافرهما في الجهة القائمة على الرقابة .
• الرقابة الدولية على الانتخابات عملية منظمة طويلة الأمد تبدأ قبل إجراء الانتخابات بمعناها الضيق المتمثل في عملية الاقتراع والفرز وإعلان النتائج وتستمر إلى ما بعدها، فتشمل المرحلة الأولى منها دراسة ما يلى :
• التشريعات المنظمة للانتخابات من قوانين ولوائح وقرارات تنظيمية .
• البيئة السياسية التي تجرى في ظلها الانتخابات، لا سيما الأطر المتعلقة بحريات التعبير عن الرأي والاجتماع والتنقل .
• السياق العام لمراحل ما قبل الاقتراع من حيث تقسيم الدوائر الانتخابية ، وتسجيل الناخبين ، وشروط الترشح ، وقواعد الدعاية، واستخدام وسائل الإعلام ، والتوقيتات المحددة لمراحل العملية الانتخابية ، وتنظيم الطعون الانتخابية .
• برامج تثقيف وتأهيل الناخبين وموظفىالانتخابات والمراقبين المحليين .
ثم تنصب المرحلة الثانية على الانتخابات بمعناها الضيق المتعلق بعمليات الاقتراع والعد والفرز وإعلان النتائج ونظر الطعون الانتخابية وإعلان نتائجها ، ثم دراسة بيئة ما بعد إعلان النتائج .
لتبدأ بعد ذلك المرحلة الأخيرة التي تبدأ بإصدار بيان تمهيدى يتضمن الاستنتاجات المبدئية ، ثم يصدر بعد ذلك تقرير تفصيلى يراعى فيه الحيدة والتجرد والتحليل الموضوعى لكافة بيانات ومجريات العملية الانتخابية ، ويتضمن الاستنتاجات النهائية والملاحظات المتعلقة بكافة مراحل الانتخابات ، والتوصيات التي من شأنها الارتقاء بمستوى إدارة العملية الانتخابية، وتحسين البيئة التي تجرى في ظلها من الوجهتين التشريعية والسياسية .
ضوابط الرقابة:
على الرغم من أن موضوع الرقابة الدولية يثير في كثير من الأحيان مسألة السيادة الوطنية للدولة التي تجرى بها الانتخابات ، حتى إن بعض الأنظمة الاستبدادية كانت تتخذ من تلك المسألة ذريعة لرفض الرقابة الدولية على ما تجريه من انتخابات ، فإن هناك العديد من الضوابط المتفق على وجوب اتباعها لضمان عدم المساس بسيادة الدول من ناحية، ومن ناحية أخرى لضمان حيدة وتجرد إجراءات وتقارير تلك الرقابة ، وتتمثل أهم تلك الضوابط في :
• أن عملية الرقابة تتولاها دائما منظمات دولية أو إقليمية أو مؤسسات أو هيئات متخصصة أشهرها الاتحاد الأوروبي European Union، منظمة الأمن والتعاون في أوروبا OSCE، مركز كارتر Carter Center ، والاتحاد الأفريقي African Union، ومنظمة الدول الأمريكية OAS، والمعهد الجمهوري الدولي IRI، والمعهد الديمقراطي الوطني NDI، ومجلس أوروبا Council of Europe.
• لا يجوز إجراء الرقابة الدولية دون دعوة توجه من الدولة المزمع إجراء الانتخابات بها إلى المنظمة أو المؤسسة المعنية بتولى الرقابة .
•قبل اتخاذ المنظمة أو المؤسسة قرارها بتلبية دعوة دولة ما لرقابة الانتخابات بها ،عليها أن تتأكد من أن الدعوة قد تم توجيهها من السلطة المختصة ، وأنه تم توجيهها قبل بدء مراحل العملية الانتخابية بوقت كاف .
• التزام الجهة القائمة على الرقابة على الانتخابات بعدم التدخل بأى وجه من الوجوه في مجريات العملية الانتخابية ، وبعدم محاولة التأثير فيها أو في نتائجها ، وفى المجمل بأقصى درجات الحيدة والتجرد .
• التزام الجهة التي تتولى الرقابة بأن تقدم للدولة المضيفة خطتها في الرقابة متضمنة بيان بأعضاء البعثة التي ستمثلها ، والمناطق التي سوف تقوم بتغطيتها، والفترة الزمنية التي ستباشر عملها خلالها .
• التزام الدولة المضيفة بتوفير المناخ الملائم لاضطلاع الجهة القائمة بالرقابة بمهمتها ، وإزالة كافة المعوقات التي من شأنها التضييق عليها في أداء مهامها ، وتتخذ تلك المعوقات صورا عديدة ، منها ما اتبعته بعض الدول مثل زامبيا حيث قامت بفرض رسوم قدرها 100 دولار أمريكى على كل بطاقة مراقب ، وإندونسيا التي اشترطت أن تعرض عليها تقارير الرقابة قبل الإعلان عنها .
أهمية الرقابة الدولية:
لم تعد هناك دولة بمقدورها أن تعيش بمعزل عن المجتمع الدولى ، ذلك أن اعتراف الدول الأخرى بها هو أول ما تسعى إليه فور الإعلان عن قيامها أو استقلالها .
لذلك فإن شهادة المجتمع الدولى- من خلال المنظمات والمؤسسات المتخصصة - بنزاهة الانتخابات التي يتم إجراؤها في دولة ما ، هو بلا شك مما تحرص عليه كل دولة تسعى للتمتع بسمعة دولية طيبة تنعكس على علاقاتها السياسية والاقتصادية بالمجتمع الدولى.
يضاف إلى ذلك، أن الاستقرار الذى تنشده الدول يمكن أن يساهم في تحقيقه تقارير الرقابة الدولية المحايدة ، مما يجنبها احتمالات نشوب الخلافات الداخلية والنزاعات حول نتائج الانتخابات .
وأخيرا: فإن الدراسة التي تقوم بها الدولة حول نتائج تقارير الرقابة الدولية يمكن أن تسهم في الارتقاء بمستوى إدارة الانتخابات لديها ، وتجنُب الملاحظات التي أشارت إليها التقارير ، آخذا في الحسبان ما تنتهى إليه من توصيات .
الرقابة الدولية على الانتخابات في مصر.
لم تطرق مصر باب الرقابة الدولية على الانتخابات قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير، وكان ذلك أمراً يتفق وتوجهات النظام السياسى ، كما يتفق ورغبته في أن تبقى الانتخابات بكافة ممارساتها بعيدة عن أضواء المجتمع الدولي .
وكانت السيادة الوطنية ورفض التدخل الأجنبي هي الحجة التي يطلقها النظام في وجه كل من ينادى بالرقابة الدولية .
وعلى صعيد القوانين، لم تكن التشريعات المصرية أيضاً تسمح بهذه الرقابة، فقد خلت كل التشريعات الخاصة بالانتخابات من الإشارة الى موضوع الرقابة الدولية على الانتخابات .
وبصدور المرسوم بقانون رقم 46 لسنة 2011 بتعديل أحكام القانون رقم 73 لسنة 1956 بشأن تنظيم مباشرة الحقوق السياسية ، فقد أشار المشرع - لأول مرة – الى فكرة الرقابة الدولية ، إلا أن تناول المشرع لموضوع الرقابة الدولية يوضح الى حد بعيد أنه لم يحظ بالاهتمام الكافي بتنظيمه بموجب نصوص تشريعية واضحة , إذ اكتفى المرسوم بقانون المشار إليه بالنص بالمادة 3 مكرر (و) بالبند خامساً على أن تختص اللجنة العليا للانتخابات « بوضع القواعد المنظمة لمشاركة منظمات المجتمع المدني المصرية والدولية في متابعة كافة العمليات الانتخابية ».
ووفقا لذلك، فقد بقى تنظيم هذه القواعد رهن القرارات التي تصدر عن اللجنة العليا للانتخابات ، وقد كان المنتظر أن يتولى المرسوم بقانون رقم 46 لسنة 2011 بيان أسس وأحكام تلك القواعد ، ثم يترك تفصيلاتها للقرارات التي تصدرها اللجنة العليا للانتخابات في إطار تلك القواعد .
لكن المشرِّع المصرى اكتفى بالتأكيد على حصر الجهات التي يسمح لها بالرقابة على الانتخابات المصرية في منظمات المجتمع المدنى المصرية والدولية، إضافة إلى استخدام اصطلاح « المتابعة» بديلا عن اصطلاح « الرقابة» .
والحقيقة أننا نعتقد أن المشرع لم تتجه نيته إلى أمر آخر خلاف فكرة الرقابة ، إلا أنه لم يشأ أن يستخدم اصطلاحا من شأنه أن يثير حساسية أو مخاوف لدى البعض ممن يخلط بينها وبين فكرة الإشراف على الانتخابات .
الرقابة الدولية على انتخابات الرئاسة 2012:
شهدت مصر بعد قيام ثورة يناير أول انتخابات رئاسية في عام 2012 ، وقد تولت لجنة الانتخابات الرئاسية إدارة تلك الانتخابات وفقا لأحكام القانون رقم 174 لسنة 2005.
وقد نظمت اللجنة موضوع الرقابة الدولية على انتخابات الرئاسة من خلال قراريها رقمى 12 لسنة 2012 الصادر في 23 أبريل 2012 ، 20 لسنة 2012 الصادر في 2 مايو 2012 .
وقد صدر القرار الأول بعنوان « ضوابط متابعة المنظمات الدولية للانتخابات الرئاسية لعام 2012».
ولعل أهم ما حمله ذلك القرار كان متمثلا في :
• استخدام اصطلاح « المتابعة « مسايرة لتوجه المشرع في تجنب استخدام اصطلاح « الرقابة».
• أنه على الرغم مما يبدو من ظاهر عنوان القرار من قصر التصريح بالمتابعة على المنظمات الدولية ، فقد تضمنت المادة الأولى من القرار التصريح بالمتابعة لكل من منظمات المجتمع المدنى الأجنبية والدولية، وهيئات ومفوضيات الانتخابات الأجنبية .
• أنه تولى تعريف المتابعة بأنها « كافة أعمال الرصد والمشاهدة والملاحظة لجميع إجراءات الدعاية والاقتراع والفرز وإعلان نتيجة الانتخابات» .
• أنه تضمن كافة الأطر والأحكام الأساسية المتعلقة بالرقابة الدولية على الانتخابات، بما في ذلك الالتزام بأحكام القوانين واللوائح والقرارات المنظمة للانتخابات، وإصدار تصاريح لممثلى الجهات المصرح لها بالرقابة ، وإصدار تلك الجهات تقارير بما أسفرت عنه متابعتها ، والتزامها بعدم التدخل في سير العملية الانتخابية .
وقد تضمن القرار رقم 20 لسنة 2012 مادة واحدة أشاز من خلالها إلى صلاحيات الجهات التي يصرح لها بالمتابعة بأن يكون لممثليها «حق دخول لجان الاقتراع والفرز بموجب البطاقات الصادرة من لجنة الانتخابات الرئاسية» .
ومما يدعو للدهشة أنه بينما كانت لجنة الانتخابات الرئاسية تنظم قواعد ما أسمته « المتابعة الدولية» للانتخابات، وذلك لأول مرة في 23 أبريل 2012 كانت قد بدأت العملية الانتخابية بالفعل في 10 مارس 2012 .
وقد كان من بين المؤسسات الدولية التي تولت متابعة الانتخابات الرئاسية عام 2012 « مركز كارتر» الذى أصدر بيانا تمهيديا في 19 يونيو 2012 بشأن الجولة الثانية من الانتخابات، وكان مما حرص على الإشارة إليه أن ممثلى المركز لم يحصلوا على تصاريح المتابعة إلا بتاريخ 16 مايو 2012 ، أي قبل بدء الجولة الأولى من الانتخابات بأقل من أسبوع ، وأنه كانت هناك قيود على المتابعة ؛ كان أبرزها منع وجود ممثلي المركز داخل لجان الاقتراع أكثر من 30 دقيقة ، إضافة إلى عدم تمكينهم من متابعة عمليات التجميع بعد انتهاء الفرز .
وبعد قرابة عام على إصدار مركز كارتر بيانه التمهيدى ، أصدر بتاريخ 14 يونيو 2013 توصياته بشأن الانتخابات القادمة في مصر بخصوص ثمانية مجالات ، من بينها مجال متابعة الانتخابات الذى تضمن التوصيات التالية :
• اعتماد منظمات المراقبة بما يسمح لها بمتابعة كافة مراحل العملية الانتخابية، بما يقتضيه ذلك من اعتماد بعثات المتابعة قبل الدعوة إلى الانتخابات بوقت كاف .
• السماح لبعثات المراقبة بإصدار بيانات عامة دون تدخل خلال العملية الانتخابية بأكملها ، حيث حظرت لجنة الانتخابات الرئاسية على البعثات إصدار بيانات عامة قبل إعلان النتائج ، ثم خففت من الحظر بالسماح لها بإصدار بيانات عامة بعد عد الأصوات، وقبل الإعلان الرسمي عن النتائج .
• إزالة قيود الوقت المفروضة على وجود متابعى الانتخابات داخل اللجان الانتخابية .
المأمول والمتوقع في انتخابات الرئاسة 2014:
لقد كان الأمل، وقد صرحت لجنة الانتخابات الرئاسية بمتابعة انتخابات الرئاسة عام 2012، أن تطَلع على تقارير المؤسسات التي تولت المتابعة ، وأن تأخذ في اعتبارها ما انتهت إليه من توصيات ، وأن تفطن إلى أن مراقبة الانتخابات لا تنصب فحسب على عمليتى الاقتراع والفرز ، وأن موضوع المراقبة أو المتابعة أكبر وأشمل من ذلك ، فهو يبدأ بدراسة البيئة التشريعية والسياسية التي تحيط بالعملية الانتخابية ، وهو ما يتطلب إصدارالتصريح لبعثات المراقبة قبل صدور قرار دعوة الناخبين للانتخاب بوقت كاف ، كما يمتد إلى ما بعد إعلان النتائج والفصل في الطعون الانتخابية .
لكن المساحة تظل شاسعة ما بين المأمول والمتوقع ، إذ يبدو أن ما وقع في انتخابات 2012 في شأن موضوع الرقابة الدولية سيتكرر في انتخابات 2014 ، وأن قرارات تنظيم متابعة الانتخابات، ومن ثم التصاريح الخاصة بالمتابعين لن تصدر إلا بعد أن تكون الانتخابات قد بدأت بالفعل .