مشاهدة النسخة كاملة : (بني آدم مع وقف التنفيذ)


Monier
01-08-2008, 10:31 AM
أصل المقال فى بص و طل
في عام 2004 أحب "مازن" "هبة" ذات الماضي السيئ ولم يستطع أن يخبرها بمشاعره نحوها، ولم يكن يعرف شيئا عن ماضيها.. وفي عام 2005 كان "مازن" قد وجد سبيله إلى فتح حوار معها، لكنها كانت تصف علاقته بها بأنها علاقة أخوية.. في العام التالي كان مازن قد تخرج من كليته لكن بتقدير مقبول مما ساهم في انضمامه -عن جدارة- لطابور العاطلين في مصر.. فقط استطاع أن يشكو متاعبه لـ"هبة" عبر الهاتف دون أن يراها.. أما في عام 2007 فقد عرف "مازن" من "هبة" سر ماضيها لكنه لم يرد أن يحاسبها على ذلك؛ لأن هذا ليس من حقه.. لكنه عبّر لها عن سعادته لحصوله على عمل في إحدى شركات المحمول، وأن عليها الانتظار لمدة عام كي يرتبط بها رسميا كما يتمنى.. في عام 2008 دعت "هبة" "مازن" على فرحها من واحد من عشاقها القدامى، وذهب "مازن" مهنئا بل وراقصاً في فرحها، ولم تعرف "هبة" أن "مازن" قد تزوج بالفعل منذ عام كامل بل وأنجب طفلة جميلة اسمها "آية"..
هذا -مع بعض التصرف- قصة (لا تحب أي فتاة تُدعى "هبة")، وواحدة من أجمل القصص التي سطرها الكاتب "محمد التهامي" ضمن مجموعته القصصية الأولى (بني آدم مع وقف التنفيذ) والتي صدرت مؤخرا عن دار (اكتب).
والمجموعة التي اشتملت على عدد 16 قصة متنوعة الأفكار ستجد أن كاتبها يعبّر فيها عن نفسه وعن أحلامه ومشاعره في بعض الأوقات، وعن نظرته للحياة، وربما عن أصدقائه وجيرانه، وحتى عن التاريخ المقروء بما فيه من سلبيات..
وأول ما سيطالعك من هذه المجموعة قصة (عساكر "خورشيد" باشا) التي ستقرأ فيها جزءاً من تاريخنا كما تسمعه من أفواه البسطاء من الناس وهو التاريخ الذي لم يزيفه أحد لحساب أحد آخر أو جهة ما.. ثم تطالعك قصة (عش حياتك على طبيعتها) التي تعد واحدة من أجمل قصص المجموعة؛ لما فيها من ترجمة حقيقية لواقع مؤلم مظهره خدّاع وباطنه فاسد ومؤلم.. وتأثرا بمسقط رأسه يتحدث الكاتب في قصة أخرى عن مدينته "السويس" وكيف تم تهجير أهلها منها عقب هزيمة يونيو عام 67.. وكيف نسج الحب بين قلوب اثنين من العشاق رغم الفراق الذي تحتم عليهم بعد التهجير، وكيف أن السويس تحولت إلى (مدينة الحب المهجورة).
أما (بني آدم مع وقف التنفيذ) القصة التي تحمل المجموعة اسمها فيذهب فيها المؤلف إلى عالم الأحلام فيحاسب الحكام ويخطب على المنبر في صلاة الجمعة بدلا من الخطيب الذي اعتاد أن يرهب الناس من الدين، ثم جلس مع والي مصر "محمد علي" وصافحه حتى تنتهي القصة بقطع رأس ذلك الحالم عن جسده؛ لأن ما حدث لم يزد عن أحلام "بني آدم مع وقف التنفيذ"..
ومن الجميل أن الكاتب قدّم ضمن المجموعة محاولة في الأدب البوليسي على طريقته وإن جاءت الفكرة بسيطة للغاية وتكشف واقع الجريمة من أول سطورها لكن بقي أن القصة حملت سردا من النوع الذي يجعلك تظل مشدودا لاستكمال القراءة حتى تتأكد من ظنونك في نهاية القصة والتي يحمل اسمها (الدواء الأزرق)..
كذلك قدم الكاتب في قصة (الكلامنجية) رؤيته الخاصة لعالم الصحافة كما يراه، وكما يستشعره تجاهه من أنه عالم يحكمه الزيف بأكثر مما يحكمه الحق..
والمجموعة في مجملها حملت عدداً من الأحلام الممزوجة بالتفاؤل تارة وبقمة اليأس تارة أخرى.. لكن أجمل ما فيها هي أن كل قصة تأخذك إلى عالمها المتفرد حتى تشعر أنك تشاهد فيلما سينمائيا وأنت تقرأها من بساطة مفرداتها.. التي جنحت إلى العامية الشديدة أحيانا، وإلى اللغة الدارجة جدّاً والتي ربما لا تُحبَّذ القراءة بها دوما، وربما يُلام الناشر والمراجع على هذا؛ حيث حملت المجموعة عدداً من الأخطاء الإملائية والنحوية لم يكن من المفروض أن تمر هكذا.
لكن يبقى أن المجموعة تحمل عنوانا جذابا يستفزك على قراءتها، وتحمل القصص ما يجعلك تغفر لكاتبها بعض الأخطاء الواردة بها.. وضعف السياق الدرامي أحيانا، والذي يمكن اعتباره من هفوات التجربة الأولى.. وكذلك فإن هذه المجموعة هي الأولى -حسبما نسمع- التي يُنشَأ على موقع الفيس بوك جروب ضدها يطالب بمصادرتها بعد أقل من أسبوعين من نشرها، ويَتهم صاحب الجروب كاتبها بأن قصصه تحرض على الفسق والفجور