مشاهدة النسخة كاملة : سجود التلاوة والشكر


abomokhtar
25-05-2014, 05:04 PM
سجود التلاوة والشكر

المرتع المشبع في مواضع من الروض المربع


وقوله: (وسجود التلاوة والشكر صلاة؛ لأنه سجود يقصد به التقرب إلى الله -تعالى- له تحريم وتحليل فكان صلاة كسجود الصلاة فيشترط له ما يشترط لصلاة النافلة...) إلى آخره[1] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn1).

قال في «الإصحاح»: «واتفقوا على أن سجود التلاوة غير واجب[2] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn2)، إلا أبا حنيفة[3] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn3) فإنه أوجبه على التالي والسامع؛ سواء قصد السماع أو لم يقصد.

ثم اتفق مَن لم يوجبه على استحبابه، وتأكيد سُنته على التالي والسامع قاصداً، والسامع من غير قصد، إلا الشافعي[4] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn4) فإنه قال: لا أؤكد سنته على السامع، فإن سجد فحسن.

واتفقوا على أن في سورة الحج سجدتين[5] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn5)، إلا أبا حنيفة[6] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn6) ومالكاً[7] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn7) فإنهما قالا: ليس إلا الأولى»[8] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn8).

وقال ابن رشد: «والكلام في هذا الباب ينحصر في خمسة فصول:
1- في حكم السجود.
2- وفي عدد السجدات التي هي عزائم، أعني: التي سجد لها.
3- وفي الأوقات التي يسجد لها.
4- وعلى من يجب السجود.
5- وفي صفة السجود.

فأما حكم سجود التلاوة: فإن أبا حنيفة وأصحابه[9] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn9) قالوا: هو واجب.

وقال مالك[10] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn10) والشافعي[11] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn11): هو مسنون، وليس بواجب.

وسبب الخلاف: اختلافهم في مفهوم الأوامر بالسجود، والأخبار التي معناها معنى الأوامر بالسجود، مثل: قوله تعالى: ﴿ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً ﴾ [مريم: 58]، [108 ب] هل هي محمولة على الوجوب، أو على الندب؟
فأبو حنيفة[12] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn12) حملها على ظاهرها من الوجوب.

ومالك[13] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn13) والشافعي[14] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn14) اتبعا في مفهومها الصحابة؛ إذ كانوا هم أقعد بفهم الأوامر الشرعية، وذلك أنه لما ثبت أن عمر بن الخطاب قرأ السجدة يوم الجمعة فنزل وسجد وسجد الناس معه، فلما كان في الجمعة الثانية وقرأها تهيأ الناس للسجود، فقال: على رسلكُم، إن الله لم يكتبها علينا إلا أن نشاء[15] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn15).

قالوا: وهذا بمحضر الصحابة، فلم يُنقل عن أحد منهم خلاف، وهم أفهم بمغزى الشرع، وهذا إنما يحتج به من يرى قول الصحابي إذا لم يكن له مخالف حجة.

وقد احتج أصحاب الشافعي في ذلك بحديث زيد بن ثابت: أنه قال: كنت أقرأ القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرأت سورة الحج[16] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn16)، فلم يسجد ولم نسجد[17] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn17).

وكذلك أيضاً يحتج لهؤلاء بما رُوي عنه عليه الصلاة والسلام: أنه لم يسجد في المفصل، وبما رُوي: أنه سجد فيها[18] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn18)؛ لأنه وجه الجمع بين ذلك يقتضي ألا يكون السجود واجباً، وذلك بأن يكون كل واحد منهم حدث بما رأى، من قال: إنه سجد، ومن قال: إنه لم يسجد...

إلى أن قال: وأما عدد عزائم سجود القرآن: فإن مالكاً قال في «الموطأ»: الأمر عندنا: أن عزائم سجود القرآن إحدى عشرة سجدة، ليس في المفصل منها شيء[19] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn19).

وقال أصحابه[20] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn20):
أولها: خاتمة الأعراف.

وثانيها: في الرعد، عند قوله تعالى: ﴿ بالغدو والآصال ﴾ [الرعد:15].

وثالثها: في النحل، عند قوله تعالى: ﴿ ويفعلون ما يؤمرون ﴾ [النحر: 50].

ورابعها: في بني إسرائيل، عند قوله تعالى: ﴿ ويزيدهم خشوعاً ﴾ [الإسراء:109].

وخامسها: في مريم، عند قوله تعالى: ﴿ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا ﴾ [مريم: 58].

وسادسها: الأولى من الحج، عند قوله تعالى: ﴿ إن الله يفعل ما يشاء ﴾ [الحج:18].

وسابعها: في الفرقان، عند قوله تعالى: ﴿ وزادهم نفورا ﴾ [الفرقان:60].

وثامنها: في النمل، عند قوله تعالى: ﴿ رب العرش العظيم ﴾ [النمل:26].

وتاسعها في: ﴿ آلم * تنزيل ﴾، عند قوله تعالى: ﴿ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ [السجدة:15].

وعاشرها في: ﴿ص﴾، عند قوله تعالى: ﴿ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ﴾ [ص:24].

والحادية عشر: في ﴿ حم * تنزيل ﴾، عند قوله تعالى: ﴿ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾ [فصلت:37]، وقيل: عند قوله: ﴿ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ ﴾ [فصلت:38].

وقال الشافعي[21] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn21): أربع عشرة سجدة: [109أ] ثلاث منها في المُفصل: في الانشقاق، وفي النجم، وفي ﴿اقرأ باسم ربك﴾ [العلق:1].

ولم ير في ﴿ص﴾ سجدة؛ لأنها عنده من باب الشكر.

وقال أحمد[22] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn22): هي خمس عشرة سجدة، أثبت فيها الثانية من الحج وسجدة ﴿ص﴾.

وقال أبو حنيفة[23] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn23): هي اثنتا عشرة سجدة.

قال الطحاوي[24] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn24): وهي كل سجدة جاءت بلفظ الخبر...

إلى أن قال: وأما وقت السجود: فإنهم اختلفوا فيه، فمنع قوم السجود في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها، وهو مذهب أبي حنيفة[25] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn25) على أصله في منع الصلوات المفروضة في هذه الأوقات.

ومنع مالك[26] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn26) أيضاً ذلك في «الموطأ»؛ لأنها عنده من النفل، والنفل ممنوع في هذه الأوقات عنده.

وروى ابن القاسم عنه[27] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn27): أنه يسجد فيها بعد العصر ما لم تصفرَّ الشمس أو تتغير، وكذلك بعد الصبح، وبه قال الشافعي[28] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn28)، وهذا بناء على أنها سنة، وأن السنن تصلى في هذه الأوقات ما لم تدن الشمس من الغروب أو الطلوع»[29] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn29).

وقال البخاري: «باب: سجدة ﴿ ص ﴾. وذكر حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: ﴿ ص ﴾ ليس من عزائم السجود، وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسجد فيها[30] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn30)».

قال الحافظ: «قوله: (باب: سجدة ﴿ص﴾)، أورد فيه حديث ابن عباس: ﴿ص﴾ ليس من عزائم السجود) يعني: السجود في ﴿ص﴾... إلى آخره، والمراد بالعزائم: ما وردت العزيمة على فعله - كصيغة الأمر مثلاً - بناء على أن بعض المندوبات آكد من بعض عند من لا يقول بالوجوب، وقد روى ابن المنذر وغيره، عن علي بن أبي طالب بإسناد حسن: أن العزائم: حم، والنجم، واقرأ، والم تنزيل[31] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn31).

وكذا ثبت عن ابن عباس في الثلاثة الأُخر، وقيل: الأعراف، وسبحان، وحم، والم. أخرجه ابن أبي شيبة[32] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn32).

قوله: (وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها)، وقع في تفسير ﴿ص﴾ عند المُصنف من طريق مجاهد، قال: سألت ابن عباس: من أين سجدت في ﴿ص﴾[33] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn33)؟ ولابن خزيمة من هذا الوجه: من أين أخذت سجدة ﴿ص﴾[34] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn34)؟ ثم اتفقا فقال: ﴿ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ ﴾ [الأنعام: 84]، إلى قوله ﴿ فبهداهم اقتده ﴾ [الأنعام: 84 - 90]، ففي هذا أنه استنبط مشروعية السجود فيها من الآية، وفي الأول [109ب]: أنه أخذه عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تعارض بينهما؛ لاحتمال أن يكون استفادة من الطريقين، وقد وقع في أحاديث الأنبياء من طريق مجاهد في آخره: فقال ابن عباس: نبيكم ممن أمر أن يقتدي بهم[35] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn35)، فاستنبط وجه سجود النبي صلى الله عليه وسلم فيها من الآية، وسبب ذلك: كون السجدة التي في ﴿ص﴾ إنما وردت بلفظ الركوع، فلولا التوقيف ما ظهر أن فيها سجدة.

وفي «النسائي» من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس مرفوعاً: (سجدها داود توبة، ونحن نسجدها شكراً)[36] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn36)، فاستدل الشافعي[37] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn37) بقوله: (شكراً) على أنه لا يسجد فيها في الصلاة؛ لأن سجود الشاكر لا يشرع داخل الصلاة.

ولأبى داود وابن خزيمة والحاكم من حديث أبي سعيد: أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ وهو على المنبر ﴿ص﴾ فلما بلغ السجدة نزل فسجد، وسجد الناس معه، ثم قرأها في يوم آخر فتهيأ الناس للسجود، فقال: (إنما هي توبة نبي، ولكني رأيتكم تهيأتم) فنزل وسجد، وسجدوا معه[38] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn38).

فهذا السياق يشعر بأن السجود فيها لم يؤكد كما أكد في غيرها»[39] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn39).

وقال البخاري أيضاً: «باب: سجود المسلمين مع المشركين. والمشرك نجس ليس له وضوء. وكان ابن عمر رضي الله عنهما يسجد على غير وضوء. وذكر حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد ب- ﴿ النَّجْمُ ﴾ [الطارق: 3] وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس[40] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn40)».

قال الحافظ: «قوله: وكان ابن عمر يسجد على غير وضوء كذا للأكثر، ورواية الأصيلي بحذف (غير)، والأول أولى، فقد روى ابن أبي شيبة من طريق عبيد بن الحسن، عن رجل - زعم أنه كنفسه - عن سعيد بن جبير، قال: كان ابن عمر ينزل عن راحلته فيهريق الماء ثم يركب، فيقرأ السجدة فيسجد وما يتوضأ[41] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn41).

وأما ما رواه البيهقي بإسناد صحيح، عن الليث، عن نافع، عن ابن عمر، قال: (لا يسجد الرجل إلا وهو طاهر)[42] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn42). فيجمع [110أ] بينهما بأنه أراد بقوله: (طاهر): الطهارة الكبرى، أو الثاني على حالة الاختيار، والأول على الضرورة.

وقد اعترض ابن بطال[43] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn43) على هذه الترجمة، فقال: إن أراد البخاري الاحتجاج لابن عمر بسجود المشركين، فلا حجة فيه؛ لأن سجودهم لم يكن على وجه العبادة، وإنما كان لما يلقي الشيطان... إلى آخر كلامه.

قال: وإن أراد الرد على ابن عمر بقوله: (والمشرك نجس) فهو أشبه بالصواب.

وأجاب ابن رشيد: بأن مقصود البخاري تأكيد مشروعية السجود بأن المشرك قد أقر على السجود، وسمى الصحابي فعله سجوداً مع عدم أهليته، فالمتأهل لذلك أحرى بأن يسجد على كل حالة، ويؤيده أن في حديث ابن مسعود: أن الذي لم يسجد عوقب بأن قُتل كافراً، فلعل جميع من وفق للسجود يومئذ ختم له بالحسنى فأسلم لبركة السجود.

قال: ويحتمل أن يجمع بين الترجمة وأثر ابن عمر بأنه يبعد في العادة أن يكون جميع من حضر من المسلمين كانوا عند قراءة الآية على وضوء؛ لأنهم لم يتأهبوا لذلك، وإذا كان كذلك فمن بادر منهم [إلى] السجود خوف الفوات بلا وضوء وأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك؛ استدل بذلك على جواز السجود بلا وضوء عند وجود المشقة بالوضوء.

ويؤيده: أن لفظ المتن: (وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس) فسوى ابن عباس في نسبة السجود بين الجميع، وفيهم من لا يصح منه الوضوء، فيلزم أن يصح السجود ممن كان بوضوء وممن لم يكن بوضوء، والله أعلم.

فائدة: لم يوافق ابن عمر أحدٌ على جواز السجود بلا وضوء إلا الشعبي، أخرجه ابن أبي شيبة عنه بسند صحيح، وأخرجه أيضاً بسند حسن عن أبي عبد الرحمن السلمي: أنه كان يقرأ السجدة ثم يسلم وهو على غير وضوء إلى غير القبلة، وهو يمشي يومئ إيماء[44] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn44)»[45] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn45) [110ب].

وقال البخاري أيضاً: «باب: من سجد لسجود القارئ. وقال ابن مسعود لتميم بن حَذلَم - وهو غلام - فقرأ عليه سجدة، فقال: أسجد؟ فإنك إمامنا فيها.

وذكر حديث ابن عمر رضي الله عنهما: قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا السورة فيها السجدة فيسجد ونسجد، حتى ما يجد أحدنا موضع جبهته[46] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn46) ».

قال الحافظ: «قوله: (باب: من سجد لسجود القارئ».

قال ابن بطال[47] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn47): أجمعوا[48] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn48) على أن القارئ إذا سجد لزم المستمع أن يسجد، كذا أطلق، وسيأتي بعد باب قول من جعل ذلك مشروطاً بقصد الاستماع، وفي الترجمة إشارة إلى أن القارئ إذا لم يسجد لم يسجد السامع»[49] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn49).

وقال البخاري أيضاً: «باب: من لم يجد موضعاً للسجود من الزحام. وذكر حديث ابن عمر[50] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn50)».

قال الحافظ: «قوله: (باب: من لم يجد موضعاً للسجود مع الإمام من الزحام) أي: ماذا يفعل؟

قال ابن بطال[51] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn51): لم أجد هذه المسألة إلا في سجود الفريضة، واختلف السلف: فقال عمر: يسجد على ظهر أخيه، وبه قال الكوفيون[52] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn52) وأحمد[53] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn53) وإسحاق.

وقال عطاء والزهري: يؤخر حتى يرفعوا، وبه قال مالك والجمهور[54] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn54)، وإذا كان هذا في سجود الفريضة فيجري مثله في سجود التلاوة، وظاهر صنيع البخاري: أنه يذهب إلى أنه يسجد بقدر استطاعته، ولو على ظهر أخيه»[55] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn55).

وقال في «الاختيارات»: «قال أبو العباس: والذي تبين لي أن سجود التلاوة واجبٌ مطلقاً في الصلاة وغيرها، وهو رواية عن أحمد[56] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn56)، ومذهب طائفة من العلماء، ولا يُشرع فيه تحريم ولا تحليل، هذا هو السنة المعروفة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعليها عامة السلف، وعلى هذا؛ فليس هو صلاة، فلا يشترط له شروط الصلاة؛ بل يجوز على غير طهارة، واختارها البخاري، لكن السجود بشروط الصلاة أفضل، ولا ينبغي أن يخل بذلك إلا لعذر؛ فالسجود بلا طهارة خير من الإخلال به [111أ].

لكن يقال: إنه لا يجب في هذا الحال كما لا يجب على السامع إذا لم يسجد قارئ السجود، وإن كان ذلك السجود جائزاً عند جمهور العلماء.

والأفضل أن يسجد عن قيام، وقاله طائفة من أصحاب أحمد[57] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn57) والشافعي[58] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn58).

وسجود الشكر لا يفتقر إلى طهارة كسجود التلاوة، ووافق أبو العباس على سجود السهو في اشتراط الطهارة، ولو أراد الإنسان الدعاء فعفر وجهه لله في التراب وسجد له ليدعوه فهذا سجود لأجل الدعاء ولا شيء يمنعه، وابن عباس سجد سجوداً مجرداً لما جاء نعي بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (إذا رأيتم آية فاسجدوا)[59] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn59)، وهذا يدل على أن السجود يشرع عند الآيات، فالمكروه هو السجود بلا سبب.

ومن البدع: أن من صلى الصبح أو غيرها من الصلوات سجد بعد فراغه منها وقبل الأرض، وذكر غير واحد من العلماء أن هذا السجود من المنكرات.

وأما تقبيل الأرض ونحو ذلك مما فيه السجود مما يفعل قُدَّام بعض الشيوخ وبعض الملوك فلا يجوز؛ بل لا يجوز الانحناء كالركوع أيضاً، أما إذا أكره على ذلك بحيث إنه لو لم يفعله يحصل له ضرر فلا بأس، وأما إن فعل لنيل الرياسة والمال فحرام»[60] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftn60).

[1] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref1) الروض المربع ص98.

[2] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref2) الشرح الصغير 1/149، وحاشية الدسوقي 1/306 - 307. وتحفة المحتاج 2/204، ونهاية المحتاج 2/92. وشرح منتهى الإرادات 1/519 - 520، وكشاف القناع 3/114.

[3] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref3) فتح القدير 1/382، وحاشية ابن عابدين 2/108 - 109.

[4] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref4) تحفة المحتاج 2/210، ونهاية المحتاج 2/95 - 96.

[5] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref5) تحفة المحتاج 2/204، ونهاية المحتاج 2/92. وشرح منتهى الإرادات 1/522، وكشاف القناع 3/120.

[6] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref6) فتح القدير 1/380 - 381، وحاشية ابن عابدين 2/109.

[7] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref7) الشرح الصغير 1/150، وحاشية الدسوقي 1/307 - 308.

[8] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref8) الإفصاح 1/188 - 189.

[9] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref9) فتح القدير 1/382، وحاشية ابن عابدين 2/108 - 109.

[10] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref10) الشرح الصغير 1/149، وحاشية الدسوقي 1/308.

[11] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref11) تحفة المحتاج 2/204، ونهاية المحتاج 2/92.

[12] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref12) فتح القدير 1/382، وحاشية ابن عابدين 2/108 - 109.

[13] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref13) الشرح الصغير 1/149، وحاشية الدسوقي 1/308.

[14] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref14) تحفة المحتاج 2/204، ونهاية المحتاج 2/92.

[15] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref15) أخرجه البخاري (1077).

[16] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref16) كذا في الأصل، وكتب في حاشية الأصل: «صوابه النجم».

[17] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref17) أخرجه البخاري (1072 - 1073)، ومسلم (577).

[18] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref18) انظر: البدر المنير 4/244، والتلخيص الحبير 2/8.

[19] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref19) الموطأ 1/207.

[20] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref20) الفواكه الدواني 1/294 - 295، وحاشية العدوي 1/279 - 280.

[21] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref21) تحفة المحتاج 2/204 - 205، ونهاية المحتاج 2/92.

[22] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref22) الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 4/221.

[23] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref23) مشهور مذهب الحنفية «أربع عشرة سجدة»، انظر: فتح القدير 1/380، وحاشية ابن عابدين 2/109.

[24] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref24) شرح معاني الآثار 1/361.

[25] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref25) فتح القدير 1/163، وحاشية ابن عابدين 1/392.

[26] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref26) المنتقى شرح الموطأ 1/352.

[27] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref27) المدونة 1/110.

[28] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref28) تحفة المحتاج 1/442 - 443، ونهاية المحتاج 1/385 - 386.

[29] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref29) بداية المجتهد 1/205 - 208.

[30] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref30) البخاري (1069).

[31] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref31) أخرجه ابن المنذر في الأوسط 5/262 (2836)، وعبد الرزاق 3/336 (5863).

[32] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref32) 1/378 (4349).

[33] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref33) البخاري (4807).

[34] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref34) ابن خزيمة 1/277 - 278 (552).

[35] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref35) البخاري (3421).

[36] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref36) النسائي 2/159.

[37] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref37) تحفة المحتاج 2/216، ونهاية المحتاج 2/102.

[38] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref38) أبو داود (1410)، وابن خزيمة 2/354 (1455)، والحاكم 1/284، 285 قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
وقال الألباني في «صحيح أبي داود» 5/154 (1271): حديث صحيح، رجاله رجال الصحيح.

[39] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref39) فتح الباري 2/552 - 553.

[40] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref40) البخاري (1071).

[41] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref41) ابن أبي شيبة 1/375.

[42] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref42) البيهقي 1/90 - 91.

[43] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref43) شرح صحيح البخاري 5/56.

[44] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref44) ابن أبي شيبة 1/376.

[45] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref45) فتح الباري 2/ 553 - 554.

[46] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref46) البخاري (1075).

[47] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref47) شرح صحيح البخاري 5/60.

[48] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref48) فتح القدير 1/382، وحاشية ابن عابدين 2/109 - 110. والشرح الصغير 1/ 149 - 150، وحاشية الدسوقي 1/307. وتحفة المحتاج 2/210، ونهاية المحتاج 2/96 وشرح منتهى الإرادات 1/521 - 522، وكشاف القناع 3/118 - 119.

[49] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref49) فتح الباري 2/556.

[50] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref50) البخاري (1079).

[51] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref51) شرح صحيح البخاري 5/64.

[52] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref52) فتح القدير 1/214، وحاشية ابن عابدين 1/524 - 525.

[53] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref53) شرح منتهى الإرادات 2/16، وكشاف القناع 3/341 - 342.

[54] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref54) المدونة 1/147. وتحفة المحتاج 2/491، ونهاية المحتاج 2/354.

[55] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref55) فتح الباري 2/560.

[56] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref56) الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 4/210.

[57] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref57) شرح منتهى الإرادات 1/524، وكشاف القناع 3/125 - 126.

[58] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref58) المجموع 3/560 - 561، وتحفة المحتاج 2/214 - 215، ونهاية المحتاج 2/101.

[59] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref59) أبو داود (1197)، الترمذي (3891)، عن (محمد بن عثمان، وعباس العنبري)، عن يحيى بن كثير العنبري، حدثنا سلم بن جعفر، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، قال: قيل لابن عباس بعد صلاة الصبح: ماتت فلانة لبعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فسجد، فقيل له: أتسجد هذه الساعة؟! فقال: أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رأيتم آية فاسجدوا، فأي آية أعظم من ذهاب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الترمذي: حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
قال الألباني في صحيح أبي داود 4/357: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات، وفي الحكم بن أبان كلام لا يمنع من تحسين إسناده. وفي التقريب: «صدوق له أوهام»، وقريب منه: سلم بن جعفر؛ بل هو خير منه، فقد وثقه جماعة، ولم يجرحه أحد سوى الأزدي، فقال: متروك! فلا يسمع هذا منه؛ لأنه نفسه متكلم فيه، فكيف يُقبل منه الجرح بدون بينه؟ ولاسيما مع مخالفته للأئمة الذين أشرنا إليهم، ومنهم الترمذي الذي حسن حديثه هذا.

[60] (http://www.alukah.net/Sharia/1/71220/#_ftnref60) الاختيارات الفقهية ص60 - 61.






الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك (http://www.alukah.net/Authors/View/Sharia/2842/)

abomokhtar
25-05-2014, 05:05 PM
لا تسليم في سجود التلاوة والشكر:
وأما سجود التلاوة والشكر: فلم ينقل أحد عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ولا عن أصحابه أن فيه تسليما ولا أنهم كانوا يسلمون منه ولهذا كان أحمد بن حنبل وغيره من العلماء لا يعرفون فيه التسليم وأحمد في إحدى الروايتين عنه لا يسلم فيه لعدم ورود الأثر بذلك وفى الرواية الأخرى يسلم واحدة أو اثنين ولم يثبت ذلك بنص بل القياس وكذلك من رأى فيه تسليما من الفقهاء ليس معه نص بل القياس أو قول بعض التابعين [1].

الطهارة لسجود التلاوة:
وثبت عن أبن عمر أنه سجد للتلاوة على غير وضوء ولم يرو عن أحد من الصحابة إنه أوجب فيه الطهارة وكذلك لم يرو أحد عن النبي صلى اللّه عليه وسلم إنه سلم فيه وأكثر السلف على إنه لا يسلم فيه وهو إحدى الروايتين عن أحمد وذكر أنه لم يسمع في التسليم أثرا [2].

وكان هذا شائعا في الصحابة فإذا لم يعرف عن أحد منهم أنه أوجب الطهارة لسجود التلاوة وكان ابن عمر من أعلمهم وأفقههم واتبعهم للسنة وقد بقى إلى آخر الأمر ويسجد للتلاوة على غير طهارة [3].

وابن عمر لم يعرف أن غيره من الصحابة أوجب الطهارة فيها ولكن سجودها على الطهارة أفضل باتفاق المسلمين [4].

اشتراط الاستقبال في سجود التلاوة والشكر:
وفى الجملة: سجدتا السهو من *** سجدتي الصلاة لا من *** سجود التلاوة والشكر ولهذا يفعلان إلى الكعبة وهذا عمل المسلمين من عهد نبيهم ولم ينقل عن أحد أنه فعلها إلى غير القبلة ولا بغير وضوء كما يفعل ذلك في سجود التلاوة [5].

عدم وجوب سجود الشكر:
وأيضا فانهما واجبتان كما دل عليه نصوص كثيرة وهو قول أكثر الفقهاء بخلاف سجود الشكر فانه لا يجب بالإجماع وفى استحبابه نزاع [6].

مشروعية سجود التلاوة:
وسجود التلاوة في وجوبه نزاع وإن كان مشروعا بالإجماع فسجود التلاوة سببه القراءة فيتبعها[7].

وجوب سجود التلاوة تبعاً لإمامه:
فالسجود بلا طهارة خير من الإخلال به لكن قد يقال: إنه لا يجب في هذه الحال كما لا يجب على السامع ولا على من لم يسجد قارئه وان كان ذلك السجود جائزاً عند جمهور العلماء وكما يجب على المؤتم في الصلاة تبعاً لإمامه بالاتفاق وان قالوا: لا يجب في غير هذه الحال [8].

[1] مجموع الفتاوى :21/277

[2] مجموع الفتاوى :26/195

[3] مجموع الفتاوى :21/279

[4] مجموع الفتاوى :21/279

[5] مجموع الفتاوى :21/293

[6] مجموع الفتاوى :21/293

[7] مجموع الفتاوى :21/293

[8] مجموع الفتاوى :23/165





أ. د. عبدالله بن مبارك آل سيف (http://www.alukah.net/Authors/View/Sharia/7535/)

دى برولى
25-05-2014, 06:40 PM
جزاك الله خيرا