aymaan noor
26-05-2014, 12:29 PM
المستقبل لم يأت بعد (http://www.ahram.org.eg/NewsQ/290160.aspx)
د. الأنبا يوحنا قلته
الأثنين 27 من رجب 1435 هــ 26 مايو 2014
ثورات الشعوب ليست لحظة أو يوماً من الزمن ، بل هى حال شعب قد يمتد سنوات طوالاً يسعى إلى التغيير والأفضل والأرقى، إن الحلم حق من حقوق الإنسان يظل حلماً إلى أن يتحقق فى حياة الناس من خلال جهد مضن منظم وتضحيات جسام.
وبعد الثورة يكون العمل هو جوهرها الذى يعطيها المعنى، فهى ليست فرصة لاكتساب المغنم أو المنصب أو المال بل الثورة هى سيادة القانون والعدل هذه رسالتها قبل كل شيء ، وهى ليست انفلاتاً أخلاقياً أو فوضى أو زيادة الكسالى والتنابلة بل هى قناعة أمة فى القيام بالواجب وتحمل مشاق التغيير قبل الحصول على الحقوق ، كيف يمكن أن يكون لنا وطن رائع يسوده الأمن والاستقرار دون أن يكون لنا المواطن الصالح ، نريد مصراً جديدة تلحق بعصر العلوم والتقدم، هذا هدف عظيم ، لابد له من مصرى جديد ، بعقلية متفتحة جديدة وذهنية تتخلص من رواسب عصور الظلم والقهر والخوف ، أنه من الصعب أن تبحث عن رجل عظيم تربى مع الأقزام ، أو عن وطن متحضر راق يستشرى فيه الفساد وتمزقه الصراعات القبلية أو الدينية أو العنصرية، إن الإنسان هو صانع الأوطان ، وهو صانع المستقبل، والإنسان هو القضية وهو الحل .
ولكى نعد لمستقبل واعد ، لابد من أمرين: الأمر الأول: إعادة صياغة الذهنية المصرية والعربية، إن تاريخ الإنسانية ملطخ بالعنصرية والتطرف والتعالي، شعوب تحتقر شعوباً، وعقول تتوهم أنها تمتلك كل الحقائق المطلقة فلها حق السيادة والسلطة والغنائم، سادت هذه الذهنية الشرق والغرب، وبعد كفاح دام قروناً استطاعت الأسرة البشرية أن تغير هذه الذهنية إلى حد كبير فنشأت الدساتير، وقوانين حقوق الإنسان ، وشاعت روح الحرية والعدل والمساواة إلى حد بعيد ، ولكن ليس ذلك نهاية الأمر، فالطريق طويل وعر حتى تعم هذه الثقافة ذهنية الشعوب ولك أن تتأمل حال عالمنا العربي، وفى مقدمته أمتنا المصرية، مازالت ذهنيتنا ثابتة على تقاليد وأفكار لا تصلح لعالم اليوم، ولك أن تتأمل حال عالمنا العربي، وفى مقدمته أمتنا المصرية، مازالت ذهنيتنا ثابتة على تقاليد وأفكار لا تصلح لعالم اليوم، خذ مثلاً: قيمة العمل، وشرف المهن اليدوية، وقيمة الوقت، واحترام القانون، هذه أمور دونها لا تستقيم المعيشة والحياة اليومية، ولا يحدث تقدم أو رقي، بل هى أسس لبناء المستقبل، هل نخشى القول إن ثروة العالم العربي، وثروة مصر ، قد تسربت إلى الخارج والمواطنون فى أشد الحاجة إليها؟ كيف رضى ضمير من هرب بها ليترك الوطن فى فاقة وعوز؟ أزعم أن هذا خلل فى الذهنية أو العقلية وليس موضوع ضمير أو تدين، إن الانتماء الوطنى والحس القومى ليس أمراً نظرياً، بل هو ثقافة وتربية منذ الصغر، وسلوك أخلاقي، وأغلب عناصر الثقافة فى عالمنا العربى لا تعطى اهتماماً كبيراً لتنمية الحس الوطنى والإدراك بمسئولية كل مواطن تجاه وطنه ومجتمعه ، إن الثورات ليس محطات يقف عندها الشعب ثم يمضى القطار بل ينبغى أن تظل مشتعلة فى النفوس والإرادة حتى يتحقق التغيير، الثورات لا تلغى التاريخ بل تعدل مسيرته فى اتجاه المستقبل الموعود.
الأمر الثانى الذى ينبغى أن نلقى الضوء عليه دون تردد أو خوف، هو ثقافتنا الدينية التى ورثناها خلال القرون العابرة، فكم أضيف إليها من تفسيرات وتأويلات أدت إلى تمزق الأمة، لماذا نخشى النقد والتحليل، والفرق شاسع بين النظرية النقدية الموضوعية والنظرة السطحية الساخرة، هل نخشى القول إن مجتمعاتنا خلال مائة سنة مضت أو أكثر تركت بين أيدى بعض، أقول بعض من رجال لا هم من رجال دين أو فقه أو لاهوت وإنما هم ممن يسترزقون من الدين، وقد تحول دور رجل الدين من رسالة سامية للتنوير والتثقيف إلى التحريض على التطرف والكراهية والعداء، وتركت ساحة التأليف والكتابة باسم حرية التعبير إلى سوق رائجة للخرافة والأساطير، وهنا فرق كبير بين حرية الرأى والتعبير عنه، وحرية الجهل والكذب والتعبير عنه، فى كل بلدان راقية، مرجعيات للثقافة الدينية، وأصول لا تحيد عنها وإلا تصدى لها القانون والفكر الواعي، وكما أننا فى حاجة لصياغة جديدة للذهنية العربية نحن فى أشد الحاجة إلى صياغة جديدة للعقلية الدينية وعلاقتنا بمن يختلف معنا.
الثورة تيار فكرى ودينى واجتماعى وسياسي، وليست مجرد حركة عابرة أو نظرية مثالية، ونحن نريد أن نبنى مصراً جديدة، هذا حلمنا، واللبنة الأولى فى هذا البناء هو الإنسان المصري، إن الحضارة هى الحفاظ على التراث الرائع الأصيل وهى أيضاً الخروج إلى النهار واللحاق بركب علوم العصر والفن والأدب، وبقدر ما تحمل المصرى أعباء ثقيلة خلال عصور القهر والظلم فإن طاقته هائلة فى إحداث التغيير المنشود .
د. الأنبا يوحنا قلته
الأثنين 27 من رجب 1435 هــ 26 مايو 2014
ثورات الشعوب ليست لحظة أو يوماً من الزمن ، بل هى حال شعب قد يمتد سنوات طوالاً يسعى إلى التغيير والأفضل والأرقى، إن الحلم حق من حقوق الإنسان يظل حلماً إلى أن يتحقق فى حياة الناس من خلال جهد مضن منظم وتضحيات جسام.
وبعد الثورة يكون العمل هو جوهرها الذى يعطيها المعنى، فهى ليست فرصة لاكتساب المغنم أو المنصب أو المال بل الثورة هى سيادة القانون والعدل هذه رسالتها قبل كل شيء ، وهى ليست انفلاتاً أخلاقياً أو فوضى أو زيادة الكسالى والتنابلة بل هى قناعة أمة فى القيام بالواجب وتحمل مشاق التغيير قبل الحصول على الحقوق ، كيف يمكن أن يكون لنا وطن رائع يسوده الأمن والاستقرار دون أن يكون لنا المواطن الصالح ، نريد مصراً جديدة تلحق بعصر العلوم والتقدم، هذا هدف عظيم ، لابد له من مصرى جديد ، بعقلية متفتحة جديدة وذهنية تتخلص من رواسب عصور الظلم والقهر والخوف ، أنه من الصعب أن تبحث عن رجل عظيم تربى مع الأقزام ، أو عن وطن متحضر راق يستشرى فيه الفساد وتمزقه الصراعات القبلية أو الدينية أو العنصرية، إن الإنسان هو صانع الأوطان ، وهو صانع المستقبل، والإنسان هو القضية وهو الحل .
ولكى نعد لمستقبل واعد ، لابد من أمرين: الأمر الأول: إعادة صياغة الذهنية المصرية والعربية، إن تاريخ الإنسانية ملطخ بالعنصرية والتطرف والتعالي، شعوب تحتقر شعوباً، وعقول تتوهم أنها تمتلك كل الحقائق المطلقة فلها حق السيادة والسلطة والغنائم، سادت هذه الذهنية الشرق والغرب، وبعد كفاح دام قروناً استطاعت الأسرة البشرية أن تغير هذه الذهنية إلى حد كبير فنشأت الدساتير، وقوانين حقوق الإنسان ، وشاعت روح الحرية والعدل والمساواة إلى حد بعيد ، ولكن ليس ذلك نهاية الأمر، فالطريق طويل وعر حتى تعم هذه الثقافة ذهنية الشعوب ولك أن تتأمل حال عالمنا العربي، وفى مقدمته أمتنا المصرية، مازالت ذهنيتنا ثابتة على تقاليد وأفكار لا تصلح لعالم اليوم، ولك أن تتأمل حال عالمنا العربي، وفى مقدمته أمتنا المصرية، مازالت ذهنيتنا ثابتة على تقاليد وأفكار لا تصلح لعالم اليوم، خذ مثلاً: قيمة العمل، وشرف المهن اليدوية، وقيمة الوقت، واحترام القانون، هذه أمور دونها لا تستقيم المعيشة والحياة اليومية، ولا يحدث تقدم أو رقي، بل هى أسس لبناء المستقبل، هل نخشى القول إن ثروة العالم العربي، وثروة مصر ، قد تسربت إلى الخارج والمواطنون فى أشد الحاجة إليها؟ كيف رضى ضمير من هرب بها ليترك الوطن فى فاقة وعوز؟ أزعم أن هذا خلل فى الذهنية أو العقلية وليس موضوع ضمير أو تدين، إن الانتماء الوطنى والحس القومى ليس أمراً نظرياً، بل هو ثقافة وتربية منذ الصغر، وسلوك أخلاقي، وأغلب عناصر الثقافة فى عالمنا العربى لا تعطى اهتماماً كبيراً لتنمية الحس الوطنى والإدراك بمسئولية كل مواطن تجاه وطنه ومجتمعه ، إن الثورات ليس محطات يقف عندها الشعب ثم يمضى القطار بل ينبغى أن تظل مشتعلة فى النفوس والإرادة حتى يتحقق التغيير، الثورات لا تلغى التاريخ بل تعدل مسيرته فى اتجاه المستقبل الموعود.
الأمر الثانى الذى ينبغى أن نلقى الضوء عليه دون تردد أو خوف، هو ثقافتنا الدينية التى ورثناها خلال القرون العابرة، فكم أضيف إليها من تفسيرات وتأويلات أدت إلى تمزق الأمة، لماذا نخشى النقد والتحليل، والفرق شاسع بين النظرية النقدية الموضوعية والنظرة السطحية الساخرة، هل نخشى القول إن مجتمعاتنا خلال مائة سنة مضت أو أكثر تركت بين أيدى بعض، أقول بعض من رجال لا هم من رجال دين أو فقه أو لاهوت وإنما هم ممن يسترزقون من الدين، وقد تحول دور رجل الدين من رسالة سامية للتنوير والتثقيف إلى التحريض على التطرف والكراهية والعداء، وتركت ساحة التأليف والكتابة باسم حرية التعبير إلى سوق رائجة للخرافة والأساطير، وهنا فرق كبير بين حرية الرأى والتعبير عنه، وحرية الجهل والكذب والتعبير عنه، فى كل بلدان راقية، مرجعيات للثقافة الدينية، وأصول لا تحيد عنها وإلا تصدى لها القانون والفكر الواعي، وكما أننا فى حاجة لصياغة جديدة للذهنية العربية نحن فى أشد الحاجة إلى صياغة جديدة للعقلية الدينية وعلاقتنا بمن يختلف معنا.
الثورة تيار فكرى ودينى واجتماعى وسياسي، وليست مجرد حركة عابرة أو نظرية مثالية، ونحن نريد أن نبنى مصراً جديدة، هذا حلمنا، واللبنة الأولى فى هذا البناء هو الإنسان المصري، إن الحضارة هى الحفاظ على التراث الرائع الأصيل وهى أيضاً الخروج إلى النهار واللحاق بركب علوم العصر والفن والأدب، وبقدر ما تحمل المصرى أعباء ثقيلة خلال عصور القهر والظلم فإن طاقته هائلة فى إحداث التغيير المنشود .