مشاهدة النسخة كاملة : مصر على أعتاب المستنقع الليبي الخطير


أهل السنة
27-08-2014, 09:42 PM
بعد يوم واحد من كشف وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" عن مشاركة مصر والإمارات في توجيه ضربات بالطيران الحربي ضد الكتائب الليبية المعارضة لخليفة حفتر في العاصمة طرابلس ، واعتراف الخارجية الأمريكية بأنها على علم بذلك قبل أن تلطف اعترافها بلغة مراوغة ، أعلنت رئاسة الجمهورية ، بعد لقاء السيسي ورئيس البرلمان الليبي الموالي لحفتر ، أن الجيش المصري سيقوم بتدريب قوات من الجيش الليبي ، وبطبيعة الحال الجميع يعلم أنه لا يوجد في ليبيا جيش بالمفهوم المتعارف عليه ، وإنما هناك بقايا عسكرية منقسمة ، بعضها يتزعمها اللواء المنشق خليفة حفتر في مواجهة ألوية وكتائب إسلامية ضده وهي أيضا جزء من الجيش الليبي رسميا ومن هيئة أركان القوات المسلحة الليبية ، وهذه الخريطة البديهية تعني أن مصر سوف تقوم بدعم وتدريب قوات خلفية حفتر في معركتها مع جناح الجيش الليبي المتمثل في الكتائب الإسلامية ، وفي المحصلة هذا يعني تورط مصر رسميا في الحرب الأهلية الليبية ، وهو الأمر الذي يطرح تساؤلات مهمة في أكثر من اتجاه . البيان المصري لم يوضح ما إذا كانت هذه التدريبات لقوات من الجيش الليبي ستتم في الأراضي الليبية أم في الأراضي المصرية ، وفي الحالة الأولى يعني ذلك أن مصر سوف ترسل قوات مصرية إلى التراب الليبي ، وهو ما يمكن اعتباره من قبل قطاع واسع من الشعب الليبي وقواه الثورية غزوا مصريا مهينا للكرامة الوطنية سوف يستنفرون لمواجهته بالسلاح ، ولذلك يتوجب على الجهات الرسمية في مصر توضيح الأمر لإزالة اللبس ، هل يتم تدريب القوات الليبية في مصر أم هناك ، الأمر الآخر أن جناح الجيش الليبي المتمثل في الكتائب الإسلامية وقوات درع ليبيا هو المسيطر فعليا على الأرض في ليبيا وأغلب أجهزة الدولة ومؤسساتها في قبضته الآن ، كما أن الكتائب دعت المؤتمر الوطني ، وهو كيان منتخب منتهية مدة ولايته ، دعته لتشكيل حكومة ثورية جديدة ، وتم تكليف رئيس وزراء جديد يعبر عن الثورة الليبية وأهدافها ، وخلال أسبوع ستقوم الحكومة الجديدة بأداء اليمين الدستورية أمام المجلس الوطني الليبي ، وهذا يعني أن مصر ستكون في مواجهة مباشرة مع "السلطة الفعلية" المتمثلة في الحكومة الليبية وكتائب الجيش الليبي صاحبة القرار في البلاد ، سواء في العاصمة طرابلس أو في عاصمة الشرق بني غازي أو غير ذلك من أنحاء البلاد ، وأن مصر لن تجد سوى كيان هش وضعيف يقيم في مدينة طبرق الحدودية لا يملك من أمره شيئا ، وفي مؤشر واضح على تفكك هذا الكيان قام اليوم ستة وزراء من حكومة تصريف الأعمال الموالية له ولحفتر بتقديم استقالتهم احتجاجا على ما قامت به قيادتهم من اتفاقات مع مصر ترسخ الحرب الأهلية وتنحاز لأطراف في الصراع العسكري القائم . التورط المصري في الصراع الليبي يزداد خطورة وكارثية عندما نتذكر أن هناك أكثر من مليون مواطن مصري على الأرض الليبية حاليا يعملون في مختلف المهن وفي مختلف المدن ، وبدون شك فإن التدخل المصري قد ينعكس سلبا على مشاعر قطاع كبير من الليبيين ، وهناك ميليشيات وقوى متطرفة لا يمكن حساب ردود أفعالها ، وهذا يعني تعريض حياة مليون مصر للخطر المحدق ، بما فيه المذابح الدموية المروعة على النحو الذي حدث في سوريا والعراق ، وهو أمر سيفرض على السلطات المصرية التعامل معه ، إما بوقف التدخل وإلغاء أي اتفاقات لدعم أجنحة عسكرية ، وهو ما سوف يفسر باعتباره هزيمة سياسية لمصر حتما ، وإما العمل على وقف الاعتداءات على العاملين المصريين هناك بالقوة ، وهو أمر لا يمكن حدوثه إلا بتدخل عسكري مباشر وشامل وصريح ، وهو ما يعني توغل مصر في المستنقع الليبي والوقوع في حرب استنزاف دموية وخطيرة لا يعلم أحد مداها ومدتها ونتائجها ، في ظل ما تعانيه مصر أصلا من متاعب سياسية وأمنية واقتصادية . الأمر المؤكد الآن ، أن الجناح العربي في شمال أفريقيا على شفا حريق هائل ، قد لا يقل خطورة عن الحريق الذي يتمدد في سوريا والعراق ، وأنه ما لم تتيقظ أصوات العقل والحكمة فإن شعوب المنطقة وجيوشها ستدفع ثمنا فادحا لمغامرات عسكرية ، والحقيقة أنها المرة الأولى التي أتفهم فيها العبارة التاريخية لجورج كليمنصو رئيس وزراء فرنسا في الحرب العالمية الأولى : إن قرار الحرب أخطر من أن يترك للجنرالات وحدهم .

اقرأ المقال الاصلى فى المصريون : http://almesryoon.com/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA/blog/11-%D8%AC%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%B3%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%86/544475-%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A3%D8%B9%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%86%D9%82%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%8A%D8%A8%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B7%D9%8A%D8%B1