مشاهدة النسخة كاملة : خطبة من أساليب التعليم النبوي الشريف


الشوكاني
30-08-2014, 11:05 AM
الخطبة الأولى:

الْحَمْدُ للهِ الذِي عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَم، الْحَمْدُ للهِ الذِي يَفْتَحُ لِلنَّاسِ أَبْوَابَ الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ وَيُفَهِّم، وَيَصْرِفُ عَنْهُمْ أَبْوَابَ الشُّبُهَاتِ بِمَا يُعْطِيهِمْ مِنَ الْفِقْهِ وَيُنْعِم, وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ, بَعَثَهُ اللهُ لِلنَّاسِ خَيْرَ مُعَلِّم، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ خَيْرِ الْقُرُونِ وَسَلَّم.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ قَدِ اصْطَفَى رَسُولَهُ مُحَمَّداً -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ بَيْنِ الْبَشَرِ مِنْ أَشْرَفِ نَسَبٍ وَأَعْلَى قَبِيلَةٍ, ثُمَّ كَمَّلَهُ بِأَحْسَنِ الصِّفَاتِ وَأَجْمَلِ الأَخْلاقِ، وَعَلَّمَهُ مَا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمْ, ثُمَّ أَمَرَنَا بِالاقْتِدَاءِ بِهِ وَجَعَلَهُ أُسْوَةً حَسَنَةً لَنَا، فَمَنِ اتَّبَعَهُ أَحَبَّهُ اللهُ وَهَدَاهُ وَمَنْ خَالَفَهُ أَبْغَضَهُ اللهُ وَقَلاه. وَإِنَّنَا مَأْمُورُونَ بِاتِّبَاعِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَمِنْ ذَلِكَ طُرُقِ تَعْلِيمِ الْعِلْمِ.

وَفي خُطْبَتِنَا هَذِهِ بَعْضُ الْأَسَالِيبِ التَّرْبَوِيَّةِ وَشَذَرَاتٍ مِنَ النَّفَحَاتِ النَّبَوِيِّةِ فِي تَعْلِيمِ النَّاسِ وَنَشْرِ الْعِلْمِ، لَعَلَّهَا تَكُونُ نِبْرَاسَاً لَنَا وَمَنَارَاً لِإِخْوَانِنَا الْمُعَلِّمِينَ وَلا سِيَّمَا وَنَحْنُ نَسْتَقْبِلُ الْعَامَّ الدِّرَاسِيَّ.

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: كَانَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَشَدَّ مَا يَكُونُ فِي شَأْنِ التَّوْحِيدِ وَالتَّحْذِيرِ مِنَ الشِّرْكِ، فَابْتَدَأَ دَعْوَتَهُ فِي مَكَّةَ بِأَمْرِ النَّاسِ بِعِبَادَةِ اللهِ وَحْدَه، وَاسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ فِي الْمَدِينَةِ إِلَى أَنْ غَادَرَ الدُّنْيَا، بَلْ إِنَّهُ لَمَّا جَاءَتْهُ سَكَرَاتُ الْمَوْتِ لَمْ يَنْسَ أَنْ يُحَذِّرَ مِنَ الشِّرْكِ، فَعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَ [أي: الموت] بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَإِذَا اغْتَمَّ بِهَا كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ وَهُوَ كَذَلِكَ : "لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى اليَهُودِ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ"، يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا. (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).

وَمِنْ طُرُقِ تَعْلِيمِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّعْلِيمِ وَالْإِنْكَارِ، لِكَيْ يَسْمَعَ الْجَمِيعُ، وَلِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ التَّحْذِيرُ أَبْلَغَ، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: تَخَلَّفَ عَنَّا النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقَتْنَا الصَّلاَةُ وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ، فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ "وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ" مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

فَهَكَذَا الْمُعَلِّمُ لَوِ اطَّلَعَ عَلَى الطُّلَّابِ فِي سَاحَةِ الْمَدْرَسَةِ وَرَأَى مُنْكَرَاً فَرَفَعَ صَوْتَهُ بِالْإِنْكَارِ لَعَمَّ الطٌّلَّابَ بِالْعِلْمِ وَلَمْ يُحْرِجْ مَنْ حَصَلَ مِنْهُ الْخَطَأَ.

وَمِنْ طُرُقِ تَعْلِيمِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ضَرْبُ الْأَمْثَالِ، فَعَنْ جَرِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذْ نَظَرَ إِلَى القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ فَقَالَ: "إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا القَمَرَ، لاَ تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لاَ تُغْلَبُوا عَلَى صَلاَةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَصَلاَةٍ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَافْعَلُوا" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

فَالْمُعَلِّمُ النَّاجِحُ هُوَ مَنْ يَسْتَغِلُّ الْمَوَاقِفَ وَيَضْرِبُ الْأَمْثَالَ لِلْمُتَعَلِّمِينَ لِيُوصِلَ إِلَيْهِمُ الْعِلْمَ بِأَقْرَبِ طَرِيقٍ.

أَيُّهاَ الْمُؤْمِنُونَ: وَمِنْ مَحَاسِنِ أَسَالِيبِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: تَشْوِيقُ الْمُتَعَلِّمِ بِإِخْبَارِهِ بِأَنَّهُ أَخْطَأَ لَكِنْ لا يُبَيُّنُ لَهُ الْخَطَأُ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَشْتَاقَ إِلَى الْبَيَانِ وَكَذَلِكَ فَلَعَلَّهُ يَكْتَشِفُ خَطَأَهُ بِنَفْسِهِ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ المَسْجِدَ فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى، فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَرَدَّ وَقَالَ: "ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ"، فَرَجَعَ يُصَلِّي كَمَا صَلَّى، ثُمَّ جَاءَ، فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: "ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ" ثَلاَثًا، فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ مَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ، فَعَلِّمْنِي، فَقَالَ: "إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، وَافْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاَتِكَ كُلِّهَا" مُتَّفَقٌ عَلَيْه.

فَتَأَمَّلُوا حُسْنَ التَّعْلِيمِ وَالْأُسْلُوبَ الدَّعَوِيَّ الرَّاقِيَّ، فَكَانَ بِإِمْكَانِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ أَخْطَأَ الرَّجُلُ فِي صَلاتِهِ وَلَمْ يَطْمَئِنَّ فِيهَا، كَانَ بِالْإِمْكَانِ أَنْ يَقُولَ: أَخْطَأْتَ فِي كَذَا وَكَذَا، وَالرَّجُلُ سَوْفَ يَقْبَلُ، لَكِنَّهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَدَّدَهُ لَعَلَّهُ يَكْتَشِفُ خَطَأَهُ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ لِيَكُونَ مُشْتَاقَاً مُسْتَعِدَّاً لِلتَّعْلِيمِ بَعْدَ هَذَا التَّرْدِيدِ.

وَمِنْ أَسَالِيبِ تَعْلِيمِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: الْإِجْمَالُ ثُمَّ التَّفْصِيلُ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ "الفِطْرَةُ خَمْسٌ: الخِتَانُ، وَالِاسْتِحْدَادُ، وَقَصُّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ، وَنَتْفُ الآبَاطِ" مُتَّفَقٌ عَلَيْه.

أَيُّهَا الآبَاءُ، أَيُّهَا الْمُعَلِّمُونَ: وَمِنْ سِمَاتِ التَّعْلِيمِ النَّبَوِيِّ: طَرْحُ السُّؤَالِ عَلَى الْمُتَعَلِّمِ؛ فَإِنَّ هَذَا يَشُدُ الانْتِبَاهَ وَيُحَرِّكُ العَقْل، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: "أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟" قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: "ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ"، قِيلَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟ قَالَ: "إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

فَحَرِيٌّ بِنَا أَيُّهَا الآبَاءُ وَالْمُعَلِّمُونَ أَنْ نَقْتِدِيَ بِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي تَعَامُلِنَا مَعَ أَوْلادِنَا وَمَعَ طُلَّابِنَا، بَلْ وَفِي حَيَاتِنَا كُلِّهَا. فاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِين !


الخطبة الثانية

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَلاَّ إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ ! وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الأَمِينِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ.

أَمَّا بَعْدُ: فِإِنَّ الكَلامَ لَا زَالَ مُسْتَمِرَّا عَنْ طُرِقِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي التَّعْلِيمِ، وَنَحْنُ نَسْتَقْبِلُ عَامَاً دِرَاسِيَّاً جَدِيدَاً، فَمَا أَجْمَلَ أَنْ نَقْتَبِسَ مِنْ مِيرَاثِ نبِيِّنَا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا نَتَعَامَلُ بِهِ مَعَ أَوْلادِنَا فِي الْبُيُوتِ، وَمَعَ طُلَّابِنَا فِي الْمَدَارِسِ وَالْجَامِعَاتِ !

أَيُّهَا الْمُرَبُّونَ: مِنْ هَدْيِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي تَرْسِيخِ الْعِلْمِ: ذِكْرُ الثَّوَابِ لِلْعَمَلِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَحْمِلُ عَلَى الْفِعْلِ، عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا" رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَالْمُرَادُ بِرَكْعَتَيِ الفَجْرِ: سُنَّةُ الفَجْرِ التِي قَبْلَه.

وَمِنَ الطُّرُقِ النَّبَوِيَّةِ فِي التَّحْذِيرِ مِنَ الْأَفْعَالِ: ذِكْرُ الْعِقَابِ الدُّنْيَوِيِّ أَوِ الْأُخْرَوِيِّ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الْفِعْلِ الْمُخَالِفَ لِلشَّرْعِ، فَعَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا، فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا فَقَالَ: "مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟" قَالَ: أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: "أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ، مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي" رَوَاهُ مُسْلِم.

فَحَرِيٌّ بِالْمُعَلِّمِينَ الْفُضَلَاءِ أَنْ يُرَبُّوا طُلَّابَهُمْ صِغَارَاً وَكِبَارَاً عَلَى الْحَذَرِ مِنَ الْغِشِّ، وَعَلَى أَنْ يَكُونُوا صَادِقِينَ جَادِّينَ فِي تَعَلُّمِهِمْ وَفِي حَيَاتِهِمْ، فَإِنَّ الصِّدْقَ مَنْجَاةٌ وَالْكذِبَ مَهْلَكَةٌ، قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) [التوبة: 119].

وَمِنْ أَعْظَمِ أَسَالِيبِ التَّرْبِيَةِ: أَنْ يَكُونَ الْمُعَلِّمُ قُدْوَةً صَالِحَةً فِي نَفْسِهِ وَصِدْقِهِ وَجِدِّهِ وَعَمَلِهِ وَدَوَامِهِ وَدَرْسِهِ، فَإِنَّ التَّعْلِيمَ بِالْعَمَلِ أَبْلَغُ مِنَ التَّعْلِيمِ بِالْقَوْلِ.

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: هَذَا غَيْضٌ مِنْ فَيْضٍ وَقَلِيلٌ مِنْ كَثِيرٍ مِمَّا زَخُرَتْ بِهِ السُّنَّةُ النَّبَوِيَّةُ وَتَكَاثَرَتْ بِهِ دَوَاوِينُهَا مِنْ هَدْيِ الْمُصْطَفَى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَطَرِيقَتِهُ فِي التَّعْلِيمِ، وَلِذَلِكَ فَقَدْ أَنْتَجَتْ هَذِهِ الطُّرُقُ ثَمَارَهَا، وَآتَتْ أُكُلَهَا بِإِذْنِ رَبِّهَا، وَانْتَفَعَ النَّاسُ بِهَا، حَتَّى اسْتَحَقُّوا أَنْ يُنَزِّلَ اللهُ فِيهِمْ قَوْلَهُ -عَزَّ وَجَلَّ- (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) [آل عمران: 110].

فَتَعَالَوْا - أَيُّهَا الآبَاءُ وَأَيُّهَا وَالْمُعَلِّمُونَ - نَقْتَدِي بِنَبِيِّنَا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَقْتَفِي أَثَرَهُ وَنُعَلِّمُ صِغَارَنَا وَنُرَبِّي أَوْلادَنَا، وَاللهُ لا يُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً.... جَعَلَنَا اللهُ مِمَّنِ اسْتَمَعَ الْقَوْلَ فَاتَّبَعَ أَحْسَنَهُ، وَجَعَلَنَا مِمَّنْ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَمِلَ بِه وَدَعَا بِهِ وَإِلَيْه !

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عِلْمَاً نَافِعَاً وَعَمَلاً صَالِحَاً، اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا مَحَبَّةَ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاتِّبَاعَهُ ظَاهِرَاً وَبَاطِنَاً، اللَّهُمَّ احْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهِ وَأَدْخِلْنَا فِي شَفَاعَتِهِ وَأَسْقِنَا مِنْ حَوْضِهِ وَاجْمَعْنَا بِهِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ وَوَالِدِينَا وَجَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ.

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

خادم المسلمين1
30-08-2014, 12:37 PM
جزاك الله كل خير
أين خطباء هذه الايام من الاقتداء بهدى النبى والالتزام بالغة العربية الفصحة وجوامع الكلم
من السنة تقصير الخطبة واطالة الصلاة
تلاقى بعض الخطباء يقول كلام كتير وقبل ان ينزل من على المنبر يكون هو نفسه نسى هو بدأ كلامه بإيه
فما بالك بالعامة من الناس!
ولو كل خطيب ركز اهتمامه على الايمانيات والتربية
وعمل سلاسل من السيرة تدعم هذه الأهداف
كان فيه حاجات كتير تغيرت فى مجتمعاتنا للأفضل

العشرى1020
30-08-2014, 11:00 PM
مشكوررررررررررررررر وجزاك الله خيرا

الشوكاني
31-08-2014, 04:36 PM
بارك الله فيكم جميعا

hagi100
02-09-2014, 07:30 AM
جزاكم الله خيرا