مشاهدة النسخة كاملة : اعمال السيادة تعريفها وموقف القضاء منها


sayed tantawy
01-09-2014, 10:11 PM
اثيرت عدة مناقشات – في الاعوام الماضية – فيما يتعلق باعمال السيادة ، خاصة فيما قامت بها سلطات الدولة التنفيذية في غياب السلطة التشريعية واضع بعضا مما جاء بفكر الفقهاء بشان تعريف اعمال السيادة وموقف القضاء منها .
اعمال السيادة
تعتبر نظرية أعمال السيادة اخطر استثناء على مبدأ المشروعية . ويطلق عليها أيضا أعمال الحكومة ، وهذه النظرية من ابتكار مجلس الدولة الفرنسي الذي اقرها لأسباب تاريخية اضطرته إلى التخلي عن فرض رقابته على هذه الأعمال تحت ضغوط سياسة معينة ، بعد سقوط نابليون بونابرت ، وعودة الملكية ثانية لحكم فرنسا ، حيث وجد المجلس نفسه في موقف لا يحسد عليه ، فتعين عليه أن يختار بين أن يواجه السلطة التنفيذية برقابة جميع أعمالها ، أو بين أن يجاملها ويهادنها باستبعاد بعض أعمالها من مجال الرقابة . فأختار المجلس الخيار الثاني ، بغض النظر عن النتائج المترتبة . تفاديا للآثار السلبية التي قد تنجم لو اتبع الخيار الأول .
وبذلك سادت فكرة لدى القضاء الإداري الفرنسي ، أن مقتضيات مبدأ المشروعية ذاته تستلزم استبعاد بعض الأعمال من الرقابة القضائية ، والتي اتفق على تسميتها بأعمال الحكومة ، بدلا عن إلغائها كلية . وزوال رقابته القضائية بالتالي عن جميع أعمال السلطة التنفيذية . هكذا إذن قرر واختار مجلس الدولة الفرنسي أخف الضررين ، فأصبح ذلك عرفا سائدا لدى جميع الدول ، باعتبار أن فكرة القضاء الإداري مستوردة من فرنسا ، فهي مهد هذا القضاء . ومع ذلك يجمع خبراء القانون الإداري على أن هذا التعريف الذي جاء به مجلس الدولة الفرنسي ، يعتبر سياسة حكيمة من قضاته ، الذين انتبهوا لهذا الأمر . وأدركوا بحسهم القضائي مقاصد النظام الملكي الجديد ، ولذلك عملوا جاهدين على تجنب الاصطدام به ، حتى يحافظوا على وجود المجلس وبقائه . ومن هنا ظهرت نظرية أعمال السيادة على يد مجلس الدولة الفرنسي ، والذي بموجبها أخرج عددا من أعمال الإدارة السياسية المهمة من مجال رقابته ، وذلك منعا للإصطدام بالحكومة ، ومحاولة منه لكسب ثقتها .
وبعد زوال الملكية من جديد وعودة الجمهورية لقيادة فرنسا ، واصل المجلس أحكامه بنفس المنهجية ، فحكم بعدم الاختصاص ببعض الأعمال التي سماها بأعمال السيادة تارة ، وبالأعمال السياسية تارة أخرى . رغم أن الاعتقاد الذي كان يسود خلال تلك الفترة أن المجلس سيتراجع عن مواقفه بخصوص هذه النظرية ، لكن رغبته في الحفاظ على استقرار الأوضاع القانونية ، جعلته يحافظ على تلك النظرية . وبعد أن تعرفنا على هذه اللمجة التاريخية ، يمكن القول بأن نظرية أعمال السيادة ، سياسية البواعث ، قضائية الصنع . لكن مرة أخرى لا نجد سببا لانتقالها للعالم العربي ، إلا إذا كنا ننقل الأمور على علاتها خاصة في ظل التطور الكبير في مجال القانون ، لا سيما في مجال مبدأ المشروعية وسيادة القانون .
تعريف أعمال السيادة
يقصد بأعمال السيادة مجموعة من أعمال السلطة التنفيذية التي لا يقبل الطعن بشأنها امام القضاء بمختلف أنواعه، فلا تخضع هذه الأعمال لأي رقابة قضائية في أي ظرف من الظروف العادية منها أو الإستثنائية . لأنها لا تكون صالحة لدعوى الإلغاء أو دعوى التعويض أمام القضاء بجهتيه العادي والإداري. كما حاول بعض الفقهاء تعريف أعمال السيادة من زاوية الجهة التي تملك تكييف العمل ، والحكم على ما إذا كان يعد من أعمال السيادة أم العكس . وهذه الجهة تتمثل في القضاء . وعليه عرفت وفقا لذلك أعمال السيادة بأنها ” كل عمل يقرر له القضاء الإداري هذه الصفة ” . وهناك من عرفها بإظهار الجانب السياسي لها ، وركزت على الحكمة من تحصين هذه الأعمال من رقابة القضاء ، وهي تعلقها بمصالح الدولة العليا . ومن أمثلتها التعريف الذي ذكر أن أعمال السيادة هي ” الأعمال التي تباشرها الحكومة بمقتضى سلطاتها العليا ، في سبيل تنظيم القضاء والإدارة والنظام السياسي والدفاع عن كيان الدولة وسلامتها في الداخل والخارج ” وهناك تعريف لمحكمة القضاء الإداري المصري أشار إلى أن أعمال السيادة ، هي ” العمل الذي يتصل بسيادة الدولة العليا ، وبالإجراءات التي تتخذها الحكومة ، بما لها من سلطان الحكم للمحافظة على سيادة الدولة ، وكيانها في الداخل والخارج ” .
ورغم تميز هذين التعريفين على ما سبقهما ، ورغم أنهما كانا أكثر توفيقا في التقرب من تعريف أعمال السيادة ، إلا أنه ما يعيبهما اعتمادهما على ألفاظ ومفردات مطاطة ، تفتقر للدقة والتحديد . الأمر الذي يجعلنا عاجزين عن تعريف دقيق لأعمال السيادة ، حيث لم تكشف هذه التعريفات طبيعة أعمال السيادة ، ولا عناصرها الموضوعية ولعل الفقهاء لن يتمكنوا في القريب العاجل من وضع تعريف موحد لهذه الأعمال ، وذلك مرجعه في نظري إلى أن هذه الأعمال مرتبطة بأعمال الحكومة اليومية ، وهي نشاطات غير ثابتة ، بل متجددة ومتغيرة ومتنوعة ، ولعل ذلك ما قالته محكمة القضاء الإداري المصري حين قضت في إحدى القضايا عام 1956م بأنه ” .. لم يتيسر وضع تعريف حاسم أو حصر دقيق لأعمال السيادة ، إذ أن ما يعتبر عملا إداريا عاديا ، قد يرقى في ظروف وملابسات سياسية وفق دولة ما إلى مرتبة أعمال السيادة ، كما أن ما يعتبر من أعمال السيادة ، قد يهبط في ظروف أخرى إلى مستوى الأعمال الإدارية العادية ” .
معيار تمييز أعمال السيادة
من الواضح من تعريفات هذه النظرية أنها تختلف عن نظرية السلطة التقديرية ، والظروف الاستثنائية ، فنجد أن أعمال السيادة يمكنها الخروج على قواعد المشروعية ، لأنها لا تخضع لأي نوع من أنواع الرقابة القضائية . ولما كانت نظرية أعمال السيادة تقتضي خروج طائفة من أعمال السلطة التنفيذية من رقابة القضاء ، فإنه من الطبيعي إيجاد معيار واضح يميز أعمال السيادة عن سواها من الأعمال الإدارية ، التي تظل خاضعة للرقابة القضائية . ولذلك أخذ الفقه والقضاء الإداري على عاتقهم وضع معيار يميز أعمال السيادة عن غيرها من أعمال السلطة التنقيذية . وكانت نتيجة هذه الجهود أن أثمرت العديد من المعايير ، نوجزها كالتالي :ــــــــ
أ‌ـــــ معيار الباعث السياسي:
يعتبر أول المعايير التي ظهرت في فرنسا وأخذ به أيضا إلى حين في أحكام القضاء الإداري المصري. وبموجب هذا المعيار فإن أي عمل من أعمال السلطة الإدارية متى كان الباعث عليه سياسياً ، فإنه يعتبر من أعمال السيادة . ولا يخضع لرقابة القضاء الإداري. وقد واجه هذا المعيار عدة انتقادات أدت إلى استبعاده من مجال تحديد أعمال السيادة:
1- أن هذا المعيار أدى إلى توسيع نطاق الأعمال التي تدخل في دائرة عمل السيادة فنتج عن ذلك ضيق نطاق رقابة القضاء على أعمال السلطة التنفيذية.
2- انه معيار غير محدد ، حيث تستطيع السلطة التنفيذية التذرع بأن الباعث من وراء غالبية ما تصدره من أعمال ، هو الباعث السياسي . مما يؤدي إلى استبعاد هذه الأعمال من رقابة القضاء.
3- انه يشكل خطورة على حقوق وحريات الأفراد إذ يعجز الأفراد عن الطعن في أعمال السلطة التنفيذية التي تمس حقوقهم وحرياتهم أمام القضاء ، إذا ما تذرعت هذه السلطة بأنها أصدرت هذه الأعمال بباعث سياسي . لهذه الأسباب فقد هجر مجلس الدولة الفرنسي هذا المعيار من سنة 1875م واتجه إلى الأخذ بمعيار يطلق عليه المعيار الموضوعي الخاص بطبيعة العمل .
ب ـــ المعيار الموضوعي الخاص بطبيعة العمل ذاته
يقوم هذا المعيار على أساس موضوعي يتمثل في طبيعة العمل الصادر عن السلطة التنفيذية باعتبار أن لها وظيفتين : حكومية وإدارية وبواسطتهما تحدد طبيعة كل عمل . فإذا كان العمل صادراً بناء على الوظيفة الحكومية لسلطة التنفيذ ، فإنه من أعمال السيادة وبالتالي يخرج من رقابة القضاء. أما إذا كان صادراً بناء على الوظيفة الإدارية لسلطة التنفيذ فإنه من الأعمال الإدارية التي تخضع لرقابة القضاء. ولكن هذا المعيار رغم أفضليته على سابقه بتضييقه لنطاق أعمال السيادة ، إلا أنه مأخوذ عليه غموضه وعدم انضباطه كما أنه يصعب التفرقة بين ما يدخل في اختصاص الحكومة وما يندرج تحت اختصاص الإدارة. وبالتالي فلا يمكن الاعتماد عليه لتفسير النهج القضائي لمجلس الدولة مما جعل الفقه الإداري يستنكف عن التعريف العقلي لأعمال السيادة ويلجأ إلى معيار تجريبي يطلق عليه القائمة القضائية.
د ــــ المعيارالمختلط
يقضي هذا المعيار بأن أعمال السيادة هي تلك الأعمال التي تقوم بها السلطة التنفيذية بمناسبة علاقاتها بسلطات أخرى ، سواء كانت هذه السلطات داخلية أم خارجية ، مثل علاقاتها بالبرلمان على المستوى الداخلي ، وعلاقاتها بالدول الأخرى على المستوى الخارجي . ويستند هذا المعيار في تحديده لأعمال السيادة وعدم خضوعها لرقابة القضاء على أن أن القضاء يعد غير مختص بنظر هذه الأعمال ، لأن ولاية القضاء الوطني تقتصر على تصرفات السلطة التنفيذية فحسب ، ولا تشمل ولايته أعمال السلطات الأجنبية ، أو أعمال السلطة التشريعية ورغم أن هذه النظرية تستند على أساس قانوني مستمد من القواعد التي تحكم القضاء الإداري ، إلا أن هذا المعيار ــــــ كما يراه البعض ـــــ لا يزال قاصرا عن تحديد أعمال السيادة ، لأن التصرف موضوع البحث نهما يكن مركبا أو مختلطا ، فإنه لا يزال من حيث المصدر تصرفا صادرا عن الهيئة التنفيذية ، وفي حدود اختصاصاتها ، بتنفيذ القوانين واللوائح . كما أن اللجوء إلى القضاء إتما يكون لرقابة تصرفات السلطة التنفيذية ، فهي وحدها التي تخضع للمناقشة بمناسبة العمل المختلط إذ أنها مصدر العمل وفاعله الوحيد ، دون ان يغير من هذا النظر أن يكون العمل قد صدر بمناسبة علاقة قانونية مع هيئات عامة أخرى لا تخضع بذاتها للرقابة ، فارتباط هذا التصرف بهذه العلاقة لا يصلج مسوغا لحصانته في جملته ضد رقابة القضاء .
هـــ ـــ معيار القائمة القضائية
وبمقتضى هذا المعيار يعد من أعمال السيادة ما رأى مجلس الدولة ومحكمة تنازع الاختصاص أنه يجب أن يكون كذلك لأسباب مناسبة أو ملائمة كما يصفها ديلو بادير . فعد الرجوع إلى أحكام القضاء والقائمة القضائية عملا من أعمال السيادة . وهذه القائمة تشتمل على أربع مجموعات متنوعة هي:
1- الأعمال المنظمة لعلاقة السلطة التنفيذية بالبرلمان .
2- الأعمال المتصلة بشئون الدولة الخارجية.
3- الأعمال المتعلقة بالحرب.
4- التدابير الخاصة بالأمن الداخلي.
ومن الأمثلة على التجاوز عن أعمال السيادة في الأنظمة العربية ما نص عليه نظام ديوان المظالم السعودي ، وهو يمثل القضاء الإداري إذ نصت المادة التاسعة منه على ” أنه لا يجوز لديوان المظالم النظر في الطلبات المتعلقة بأعمال السيادة ” . مع أن أعمال السيادة المستثناة في هذه المادة محدود ومحصور ، ولا يقدم عليه إلا في حالات الضرورة القصوى والخطر المحدق . فيمكن التجاوز فيما يتعلق بالشئون الخارجية أو الأمور الداخلية المرتبطة بسياسة الدولة العليا وسلامتها على أنه يكون التجاوز من حيث قضاء الإلغاء لا قضاء التعويض.
موقف القضاء من نظرية أعمال السيادة
سبق اللإشارة إلى أن هذه النظرية قضائية المنشأ والصنع ، حيث ابتكرها مجلس الدولة الفرنسي ، لظروف سياسية ، ارتبطت بمرحلة وظروف محددة . وقد انتقلت إلى معظم الدول العربية ، ومنها السلطنة حيث نصت عليها قوانين محاكم القضاء الإداري . ومن ذلك ما نصت عليه المادة ( 7) من قانون مــــــــــــــحكمة القضاء الإداري العماني ” لا تختص المحكمة بالنظر في الطلبات المتعلقة بأعمال السيادة او بالمراسيم أو الأوامر السلطانية “. ومع ذلك نجد أن القضاء قام بالعديد من الأعمال التي تهدف إلى التضييق من نطاق هذه النظرية ، والحد من آثارها السلبية ، حيث اعترف لنفسه بحق تقرير أن عملا ما يعد من أعمال السيادة ، وعملا آخر لا يدخل ضمنها . وهذا ما أكدته محكمة القضاء الإداري العماني في الدعوى رقم ( 31/ السنة 2 ق ، بجلسة 24يونيو 2006م ، والمتعلقة بأعمال وزارة الداخلية التي صدرت بشأنها اوامر سلطانية قضت بإضفاء الحصانة عليها ، تعصمها من الطعن أمام هذه المحكمة باعتبارها من أعمال السيادة ، التي تخرج عن ولاية المحكمة ، وفقا لنص المادة( 7) من قانونها ، حيث قضت بأنه “والأصل أن معيار التفرقة بين ماهو من أعمال السيادة ، وما لا يعتبر منها ، مرده إلى أن القضاء الذي ترك له المشرع سلطة تقرير الوصف القانوني للعمل المطروح عليه ، وما إذا كان يعد عملا إداريا يختص بنظره ، أو عملا من أعمال السيادة يمتنع عليه التظر فيه ” .
كما اتجه القضاء الإداري في السلطنة إلى التضييق من دائرة أعمال السيادة قدر المستطاع ، وذلك بأن أخرج من قائمتها اعمالا كانت تعد من أعمال السيادة ، وبدأ يبسط عليها رقابته عليها إلغاء وتعويضا . ومن ذلك مثلا قرارات إبعاد الأجانب ، والإجراءات الإدارية التي تتخذ تبعا له ، وقرارات حجز جواز السفر أو البطاقة الشخصية ، حيث نجد أن محكمة القضاء الإداري نظرت عدة دعاوى في هذا الخصوص واعتبرتها اعمالا إدارية عادية ، وقررت في بعضها تأييد القرارات الإدارية التي اتخذتها الجهة الإدارية المطعون ضدها ، وفي أخرى قضت بعدم صحة قراراتها ، لتعارضها مع صحيح القانون . كما راقب القضاء الإداري أعمال مرافق التمثيل الدبلوماسي العماني في الخارج ، رغم كونها تابعة لوزارة الخارجية التي يزعم البعض أنها جهة سيادية ، فقضى في الدعوى رقم (58) لسنة (3) ق ، بتاريخ 10 مايو 2004م بأنه ” طبقا للبند 10 من اختصاصات وزارة الخارجية الواردة بقانون تنظيم الجهاز الإداري للدولة ، فإنها تتولى شؤون الموظفين العمانيين في الخارج . وإن ما يطالب به المدعي من وزارة الخارجية هو مخاطبة ســــــــــــــــفارة دولة ….. في مسقط ، لإعادته لعمله ، بميناء …..، وبالتالي فطلبا كهذا من الواضح أنه يتصل باختصاصات الوزارة لمساعدة المواطنين لدى الدول الأخرى ، للحصول على حقوقهم من مؤسسات تلك الدول عندما تكون هذه الوسيلة هي الأنسب من دون الوسائل الأخرى لأخذ الك الحقوق ، ولم يتعلق بالإختصاصات الأخرى المتعددة للوزارة . من ذلك لا يمكن اعتبار ما يطالب المدعي عملا من أعمال السيادة غير خاضع لرقابة القضاء ، سيما أن قانون المحكمة لم يرد به ما يجعل من أعمال وزارة الخارجية أعمال سيادة …”.
وخلاصة القول ، فإن أعمال السيادة تمثل إستثناءً حقيقياً لسيادة القانون وتجسيداً صارخاً لما يسمى “بالضرورة السياسية العليا” على حساب مبدأ المشروعية ، فقاضي الإدارة ليس بوسعه التصدي لأعمال قد تكون خطرة على حرية الأفراد وطمـأنينتهم . وعندما تعرض عليه لايملك إلا أن يحكم بعدم الاختصاص في بعضها . أو يتصدى للبعض الآخر كما مر بنا . ومع ذلك فإنه لابد من التسليم بوجاهة أعمال السيادة ، وبالأخص فيما يتعلق بالشؤون الخارجية ، والأمور الداخلية التي تمس السياسة العليا للدولة ، ويمكن التقليل من خطورة هذه النظرية بالابتعاد عن المغالاة في اللجوء لنظرية أعمال السيادة . وعليه فإن ما يدعيه البعض أن وزارات محددة بعينيها هي من الوزارات السيادية ، كلام عام ومرسل ، لم أجد له تأييدا في المراجع التي طالعتها . وذلك باستثناء أعمال وازارة الداخلية ، التي توجد بشأنها أوامر سامية نقلت من وزير ديوان البلاط لمحكمة القضاء الإداري وقضت بعدم قبول الطعن على أعمال تلك الوزارة باعتبارها من أعمال السيادة . بيد أن معيار القائمة القضائية ، التي حددت بعض أعمال الحكومة ، والمشار إليها أعلاه ، كان لها دورا كبيرا في ترسيخ فكرة أن بعض الوزارات هي وزارات سيادية ، دون أن يجد ذلك سندا له في النظام الأساسي للدولة ، وقانون الجهاز الإداري للدولة ، أو في الهياكل التنظيمية للوزارات ، كما لم تصدر بشأنها مراسيم سلطانية . وبالتالي فلا اجتهاد مع عدم وجود النص .