مشاهدة النسخة كاملة : أسماء القرآن - جمع العلامة فخر الدين الرازي


abomokhtar
03-12-2014, 11:00 PM
الحمد لله الذي وفقنا لأداء أفضل الطاعات، والصلاة على محمد المؤيد بأفضل الآيات، وعلى آله وصحبه، بحسب تعاقب الآيات وسلم تسليمًا.




أما بعد:
فلا شك أنَ أسماء القرآن (http://www.alukah.net/library/0/66275/) قد تعددت وكثرت، وهذا التعدد في الأسماء لهذا القرآن، هو من قبيل الألفاظ المترادفة[1]، فهو وإن كانت أسمائه كثيرة ومختلفة في ألفاظها، إلا أنها متفقةٌ في معانيها، فجميعها تدل على ذاتٍ واحدة وهي - هنا - القرآن. وهذه القاعدة متفق عليها عند أهل السنة والجماعة وهي تقول[2]:
أن تعدد الأسماء الدالة على مسمى واحد نوعان:
أحدهما: أن يدل عليه باعتبار الذات فقط، فهذا النوع هو المترادف ترادفًا محضًا، وهذا كالحنطة والقمح والبر والاسم والكنية واللقب - إذا لم يكن فيه مدح ولا ذم وإنما أتي به لمجرد التعريف.

والنوع الثاني: أن يدل على ذات واحده باعتبار تباين صفاتها، كأسماء الرب تعالى، وأسماء كلامه، وأسماء نبيه، وأسماء اليوم الآخر؛ فهذا النوع مترادف بالنسبة إلى الذات، متباين بالنسبة إلى الصفات، فالرب والرحمن والعزيز والقدير والملك يدل على ذات واحدة باعتبار صفات متعددة، وكذلك البشير والنذير الحاشر والعاقب والماحي، وكذلك يوم القيامة ويوم البعث ويوم الجمع ويوم التغابن ويوم الآزفة ونحوها، وكذلك القرآن والفرقان والكتاب والهدى ونحوه، وكذلك أسماء السيف؛ فإن تعددها بحسب أوصاف وإضافات مختلفة كالمهند والعضب الصارم ونحوها، وقد عرفت تباين الأوصاف في أسماء المحبة.

وهذا بالطبع لا يمنع من جمع هذه الأسماء وتدبرها، والبحث عن تأويلها؛ ذلك أن هذا الاسم - مثلًا - يدل على معنى لا يدل عليه الاسم الآخر؛ ولذلك كان هذا مما يحمد النظر فيه ولا سيما في مواطنه ومنازله؛ فإن لكل واحد من هذه الأسماء موقعٌ ومدلولٌ ودلالةٌ، يختلف عن الآخر.

إذًا: فجميعنا بحاجة ماسة إلى جمعها وبيانها، واستبصارها ووعيها؛ ولأن من المنصوص عليه في مثل هذا ونحوه - أيضًا -: أن كثرة الأسماء وتعددها، تدل على شرف المسمى، أو كماله في أمر من الأمور، أما ترى أن كثرة أسماء الأسد دلت على كمال قوته، وأن كثرة أسماء يوم القيامة دلت على كمال شدته وصعوبته، وأن كثرة أسماء الداهية دلت على شدة نكايتها. وكذلك كثرة أسماء الله - عز وجل - دلت على كمال جلال عظمته؛ وكثرة أسماء الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - دلت على علو رتبته، وسمو درجته. فكذلك كثرة أسماء القرآن (http://www.alukah.net/sharia/0/53826/) تدل على شرفه، وفضيلته.

إضافة إلى أن أحد أهم ما يدل عليه تعددها ويرشد إليه - أيضًا -: هو عظمة هذا الكتاب الكريم، وهي في هذا - أعني أسمائه - تبع له؛ ولذلك كان في معرفة أسماء القرآن، والوقوف عليها ومعرفة اشتقاقاتها ومعانيها[3]، وفقه مواقعها في الوحي - الكتاب الكريم، والسنة النبوية - وتدبُّر سياقها وموقعها ومناظرتها بما قاربه في أصل معناه وسياق مواقعه - وإن كانت كلها على مسمى واحد - مفتاح من مفاتيح فهم معانيها وما يراد به،– كما نص عليه بعض أهل العلم، وأشار إليه أخرين - ومن هنا سعى الكثير من العلماء إلى إحصائها وتدبرها وتأويلها ولا سيما في الذكر الحكيم: موقعًا ومدلولًا ودلالة؛ فخرجوا بجملة كبيرة من الفوائد، والتي نحتاج جميعًا إليها، ونفتقر لها كثيرًا.

كما أنها وإلى ذلك - ولا شك - ضرب من ضروب علوم القرآن الكريم وتفسيره، ولذلك حرص الكثير من العلماء - قديمًا وحديثًا - على ذلك.

ومن هنا ولما كانت حاجة النفوس إلى معرفة أسماء كتاب ربهم[4] من أعظم الحاجات، وكان جمعها والبحث عن طرق معرفتها لها أعظم من طرق معرفة ما سواها، وكان ذكرها لأسماء هذا الكتاب أعظم من ذكرها لأسماء ما سواه، وكنت وقفت على إحصاء لها[5] في تفسير الرازي، أحببت أن أسوقه في هذه الورقات؛ لتعم الفائدة، وينتفع بها، ولاسيما وقد وشى وحلا هذا المبحث العلامة الرازي بدرر ثمينة، وتعليلات متينة، قل أن نجد لها مثيل.

قال الرازي[6]: " اعلم أن أسماء القرآن كثيرة[7]:
أحدها: الكتاب[8] وهو مصدر كالقيام والصيام، وقيل: فعال بمعنى مفعول كاللباس بمعنى الملبوس، واتفقوا على أن المراد من الكتاب القرآن قال: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ ﴾ [ص: 29].

الكتاب في القرآن[9]:
والكتاب جاء في القرآن على وجوه:
أحدها: الفرض: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ ﴾ [البقرة: 178] ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ﴾ [البقرة: 183] ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾ [النساء: 103].

وثانيها: الحجة والبرهان: ﴿ فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [الصافات: 157] أي برهانكم.

وثالثها: الأجل: ﴿ وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ ﴾ [الحجر: 4] أي أجل.

ورابعها: بمعنى مكاتبة السيد عبده: ﴿ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ﴾ [النور: 33] وهذا المصدر فعال بمعنى المفاعلة كالجدال والخصام والقتال بمعنى المجادلة والمخاصمة والمقاتلة، واشتقاق الكتاب من كتبت الشيء إذا جمعته، وسميت الكتيبة لاجتماعها، فسمي الكتاب كتابًا؛ لأنه كالكتيبة على عساكر الشبهات؛ أو لأنه اجتمع فيه جميع العلوم، أو لأن الله تعالى ألزم فيه التكاليف على الخلق.

اشتقاق لفظ «قرآن»:
وثانيها: القرآن: ﴿ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ ﴾ [الإسراء: 88] ﴿ إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا ﴾ [الزخرف: 3] ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾ [البقرة: 185]، ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ [الإسراء: 9]

أقوال المفسرين في القرآن[10]:
وللمفسرين فيه قولان:
أحدهما: قول ابن عباس[11] - رضي الله عنه - أن القرآن والقراءة واحد[12]، كالخسران والخسارة واحد، والدليل عليه قوله: ﴿ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ﴾ [القيامة: 18] أي تلاوته، أي إذا تلوناه عليك فاتبع تلاوته.

الثاني: وهو قول قتادة: أنه مصدر من قول القائل: قرأت الماء في الحوض إذا جمعته، وقال سفيان بن عيينة: سمي القرآن قرآنًا؛ لأن الحروف جمعت فصارت كلمات، والكلمات جمعت فصارت آيات، والآيات جمعت فصارت سورًا، والسور جمعت فصارت قرآنًا، ثم جمع فيه علوم الأولين والآخرين. فالحاصل أن اشتقاق لفظ القرآن: إما من التلاوة، أو من الجمعية.

معنى الفرقان:
وثالثها: الفرقان: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ ﴾ [الفرقان: 1]، ﴿ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ [البقرة: 185].

أقوال المفسرين في الفرقان:
واختلفوا في تفسيره:
فقيل: سمي بذلك لأن نزوله كان متفرقًا أنزله في نيف وعشرين سنة، ودليله قوله تعالى: ﴿ وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا ﴾ [الإسراء: 106] ونزلت سائر الكتب جملة واحدة، ووجه الحكمة فيه ذكرناه في سورة الفرقان[13] في قوله تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ ﴾ [الفرقان: 32].

وقيل: سمي بذلك؛ لأنه يفرق بين الحق والباطل، والحلال والحرام، والمجمل والمبين، والمحكم والمؤول.

وقيل: الفرقان هو النجاة، وهو قول عكرمة[14] والسدي؛ وذلك لأن الخلق في ظلمات الضلالات فبالقرآن وجدوا النجاة، وعليه حمل المفسرون قوله: ﴿ وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 53].

معنى تسميته بالذكر:
ورابعها: الذكر، والتذكرة، والذكرى، أما الذكر فقوله: ﴿ وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ ﴾ [الأنبياء: 50] ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ ﴾ [الحجر: 9] . ﴿ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ ﴾ [الزخرف: 44].

أقوال المفسرون في تفسير الذكر[15]:
وفيه وجهان:
أحدهما: أنه ذكر من الله تعالى ذكر به عباده فعرفهم تكاليفه وأوامره.
والثاني: أنه ذكر وشرف وفخر لمن آمن به، وأنه شرف لمحمد - صلى الله عليه وآله وسلم -، وأمته.

وأما التذكرة فقوله: ﴿ وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [الحاقة: 48]، وأما الذكرى فقوله تعالى: ﴿ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الذاريات: 55].

تسميته تنزيلًا وحديثًا:
وخامسها: التنزيل: ﴿ وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ﴾ [الشعراء: 192- 193] .

وسادسها: الحديث: ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا ﴾ [الزمر: 23] سماه حديثا؛ لأن وصوله إليك حديث؛ ولأنه تعالى شبهه بما يتحدث به، فإن الله خاطب به المكلفين.

وسابعها: الموعظة: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ [يونس: 57] وهو في الحقيقة موعظة؛ لأن القائل هو الله تعالى، والآخذ جبريل، والمستملي محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - فكيف لا تقع به الموعظة؟!

تسميته بالحكم والحكمة:
وثامنها: الحكم، والحكمة، والحكيم، والمحكم، أما الحكم فقوله: ﴿ وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا ﴾ [الرعد: 37] وأما الحكمة فقوله: ﴿ حِكْمَةٌ بالِغَةٌ ﴾ [القمر: 5] ﴿ وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ ﴾ [الأحزاب: 34] وأما الحكيم فقوله: ﴿ يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ﴾ [يس: 1، 2] وأما المحكم فقوله: ﴿ الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ﴾ [هود: 1] .

معنى الحكمة:
واختلفوا في معنى الحكمة، فقال الخليل: هو مأخوذ من الإحكام والإلزام، وقال المؤرج: هو مأخوذ من حكمة اللجام، لأنها تضبط الدابة، والحكمة تمنع من السفه.

وتاسعها: الشفاء: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الإسراء: 82] وقوله: ﴿ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ ﴾.

بيان معنى كونه شفاء:
وفيه وجهان:
أحدهما: أنه شفاء من الأمراض.
والثاني: أنه شفاء من مرض الكفر، لأنه تعالى وصف الكفر والشك بالمرض، فقال: ﴿ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ﴾ [البقرة: 10] وبالقرآن يزول كل شك عن القلب، فصح وصفه بأنه شفاء.

كونه هدى وهاديًا:
وعاشرها: الهدى، والهادي: أما الهدى فلقوله: ﴿ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 2]. ﴿ هُدًى لِلنَّاسِ ﴾ [آل عمران: 4، الأنعام: 91]. ﴿ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [يونس: 57] وأما الهادي ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ [الإسراء: 9] وقالت الجن: ﴿ إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ ﴾ [الجن: 1، 2] .

الحادي عشر: الصراط المستقيم: قال ابن عباس في تفسيره: إنه القرآن، وقال: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ﴾.

والثاني عشر: الحبل: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا ﴾ [آل عمران: 103] في التفسير: إنه القرآن، وإنما سمي به؛ لأن المعتصم به في أمور دينه يتخلص به من عقوبة الآخرة ونكال الدنيا، كما أن المتمسك بالحبل ينجو من الغرق والمهالك، ومن ذلك سماه النبي[16] - صلى الله عليه وآله وسلم - عصمة فقال: (( إن هذا القرآن: عصمة لمن اعتصم به ))؛ لأنه يعصم الناس من المعاصي.

الثالث عشر: الرحمة: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الإسراء: 88] وأي: رحمة فوق التخليص من الجهالات والضلالات.

تسميته بالروح:
الرابع عشر: الروح: ﴿ وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ﴾ [الشورى: 52]. ﴿ يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ ﴾ [النحل: 2] وإنما سمي به لأنه سبب لحياة الأرواح، وسمي جبريل بالروح ﴿ فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا روحنا ﴾ [مريم: 17] ﴿ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ﴾ [النساء: 171].

الخامس عشر: القصص: ﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ ﴾ [يوسف: 3].

سبب تسميته بهذا:
سمي به؛ لأنه يجب اتباعه ﴿ وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ ﴾ [القصص: 11] أي اتبعي أثره؛ أو لأن القرآن يتتبع قصص المتقدمين، ومنه قوله تعالى: ﴿ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ ﴾ [آل عمران: 62].

السادس عشر: البيان، والتبيان، والمبين: أما البيان فقوله: ﴿ هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ ﴾ [آل عمران: 138]، والتبيان فهو قوله: ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ ﴾ [النحل: 89]، وأما المبين فقوله: ﴿ تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ ﴾ [يوسف: 1] .

السابع عشر: البصائر: ﴿ هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ [الأعراف: 203]، أي: هي أدلة يبصر بها الحق؛ تشبيهًا بالبصر الذي يرى طريق الخلاص.

الثامن عشر: الفصل: ﴿ إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ * وَما هُوَ بِالْهَزْلِ ﴾ [الطارق: 13، 14]

معنى الفصل:
واختلفوا فيه:
فقيل معناه: القضاء؛ لأن الله تعالى يقضي به بين الناس بالحق.
وقيل: لأنه يفصل بين الناس يوم القيامة؛ فيهدي قومًا إلى الجنة ويسوق آخرين إلى النار، فمن جعله إمامه في الدنيا قاده إلى الجنة، ومن جعله وراءه ساقه إلى النار[17].

تسميته بالنجوم:
التاسع عشر: النجوم ﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ﴾ [الواقعة: 75] ﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ﴾ [النجم: 1]؛ لأنه نزل نجمًا نجما.

العشرون: المثاني: ﴿ مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ﴾ [الزمر: 23]؛ قيل: لأنه ثني فيه القصص والأخبار.

تسميه القرآن نعمة وبرهانا:
الحادي والعشرون: النعمة: ﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾ [الضحى: 11]، قال ابن عباس: يعني به القرآن.

الثاني والعشرون: البرهان: ﴿ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ [النساء: 174]، وكيف لا يكون برهانًا وقد عجزت الفصحاء عن أن يأتوا بمثله؟!

الثالث والعشرون: البشير والنذير: وبهذا الاسم وقعت المشاركة بينه وبين الأنبياء قال تعالى في صفة الرسل: ﴿ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ﴾ [النساء: 165، الأنعام: 48] وقال في صفة محمد - صلى الله عليه وآله وسلم -: ﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ﴾ [الفتح: 8] وقال في صفة القرآن في حم السجدة: ﴿ بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ ﴾ [فصلت: 4] يعني مبشرًا بالجنة لمن أطاع، وبالنار منذرًا لمن عصى، ومن هاهنا نذكر الأسماء المشتركة بين الله تعالى وبين القرآن.

تسميته قيمًا:
الرابع والعشرون: القيم ﴿ قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا ﴾ [الكهف: 2] والدين - أيضًا - قيم: ﴿ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ﴾ [التوبة: 36] والله سبحانه هو القيوم: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ [البقرة: 255، آل عمران: 2] وإنما سمي قيمًا؛ لأنه قائم بذاته في البيان والإفادة.

الخامس والعشرون: المهيمن: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ﴾ [المائدة: 48] وهو مأخوذ من الأمين، وإنما وصف به؛ لأنه من تمسك بالقرآن أمن الضرر في الدنيا والآخرة، والرب المهيمن أنزل الكتاب المهيمن على النبي الأمين؛ لأجل قوم هم أمناء الله تعالى على خلقه كما قال: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ﴾ [البقرة: 143] .

السادس والعشرون: الهادي: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ [الإسراء: 9] وقال: ﴿ يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ ﴾ [الجن: 2] والله تعالى هو الهادي؛ لأنه جاء في الخبر: (( النور الهادي )).

تسميته نورًا:
السابع والعشرون: النور: ﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [النور: 35] وفي القرآن ﴿ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ ﴾ [الأعراف: 157] يعني: القرآن. وسمي الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -نورًا: ﴿ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ﴾ [المائدة: 15] يعني: محمد، وسمي دينه نورًا: ﴿ يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ ﴾ [الصف: 8]، وسمي بيانه نورًا: ﴿ أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ ﴾ [الزمر: 22]، وسمي التوراة نورًا: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ﴾ [المائدة: 44]، وسمي الإنجيل نورًا: ﴿ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ ﴾ [المائدة: 46]، وسمى الإيمان نورًا: ﴿ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ﴾ [الحديد: 12].

الثامن والعشرون: الحق: ورد في الأسماء: «الباعث الشهيد الحق» والقرآن حق: ﴿ وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ ﴾ [الحاقة: 51] فسماه الله حقًا؛ لأنه ضد الباطل فيزيل الباطل كما قال: ﴿ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ﴾ [الأنبياء: 18] أي: ذاهب زائل.

التاسع والعشرون: العزيز ﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾ [الشعراء: 9] وفي صفة القرآن وإنه لكتاب عزيز [فصلت: 41]، والنبي عزيز: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ﴾ [التوبة: 128]، والأمة عزيزة: ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [المنافقون: 8]، فرب عزيز، أنزل كتابًا عزيزًا، على نبي عزيز، لأمة عزيزة.

وللعزيز معنيان:
أحدهما: القاهر، والقرآن كذلك؛ لأنه هو الذي قهر الأعداء وامتنع على من أراد معارضته.
والثاني: أن لا يوجد مثله.

تسمية القرآن بالكريم:
الثلاثون: الكريم: ﴿ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ ﴾ [الواقعة: 77]

تسمية سبعة أشياء بالكريم:
واعلم أنه تعالى سمى سبعة أشياء بالكريم: ﴿ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ﴾ [الانفطار: 6] إذ لا جواد أجود منه، والقرآن بالكريم؛ لأنه لا يستفاد من كتاب من الحكم والعلوم ما يستفاد منه، وسمى موسى كريمًا: ﴿ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ ﴾ [الدخان: 17]، وسمى ثواب الأعمال كريمًا: ﴿ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ ﴾ [يس: 11]، وسمى عرشه كريمًا: ﴿ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ﴾ [المؤمنون: 116]؛ لأنه منزل الرحمة، وسمى جبريل كريمًا: ﴿ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ﴾ [التكوير: 19] ومعناه أنه عزيز، وسمى كتاب سليمان كريمًا: ﴿ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ ﴾ [النمل: 29] فهو كتاب كريم، من رب كريم، نزل به ملك كريم، على نبي كريم؛ لأجل أمة كريمة، فإذا تمسكوا به نالوا ثوابًا كريمًا.

ومن أسمائه «العظيم»:
الحادي والثلاثون: العظيم: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ﴾ [الحجر: 87].

ذكر ما سمي عظيمًا:
اعلم أنه تعالى سمى نفسه عظيمًا فقال: ﴿ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ [البقرة: 255]، وعرشه عظيمًا: ﴿ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ﴾ [التوبة: 129]، وكتابه عظيمًا: ﴿ وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ﴾ [الحجر: 87]، ويوم القيامة عظيمًا: ﴿ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ ﴾ [المطففين: 5، 6]، والزلزلة عظيمة: ﴿ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ﴾ [الحج: 1]، وخلق الرسول عظيمًا: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾[القلم: 4]، والعلم عظيمًا: ﴿ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ﴾ [النساء: 113]، وكيد النساء عظيمًا: ﴿ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ﴾ [يوسف: 28]، وسحر سحرة فرعون عظيمًا: ﴿ وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ ﴾ [الأعراف: 116]، وسمى نفس الثواب عظيمًا: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الفتح: 29]، وسمى عقاب المنافقين عظيمًا: ﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [البقرة: 7].

ومنها المبارك:
الثاني والثلاثون: المبارك: ﴿ وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ ﴾ [الأنبياء: 50].

ذكر ما سمي بالمبارك:
وسمى الله تعالى به أشياء، فسمى الموضع الذي كلم فيه موسى عليه السلام مباركا ﴿ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ ﴾ [القصص: 30] وسمى شجرة الزيتون مباركة ﴿ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ ﴾ [التوبة: 35] لكثرة منافعها، وسمى عيسى مباركا ﴿ وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا ﴾ [مريم: 31] وسمى المطر مباركا﴿ وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا ﴾ [ق: 9] لما فيه من المنافع، وسمى ليلة القدر مباركة ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ﴾ [الدخان: 3] فالقرآن ذكر مبارك، أنزله ملك مبارك، في ليلة مباركة، على نبي مبارك، لأمة مباركة ".

وبهذا نأتي على أخر ما أردناه - مما يتعلق بأسماء القرآن - من كلام العلامة الرازي، سائلًا الله - عز وجل - أن ينفعني بها، وصاحبها، وقارئها، ومن أعان على نشرها، إنه بكل جميل كفيل، وهو وحده حسبي ونعم الوكيل، وصلى الله على سيدنا وحبيبنا ورسولنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

[1] المراد باللفظ المترادف: ما اختلف لفظه واتفق معناه.

[2] أنظر لهذه القاعدة: الرسالة التدمرية (3/ 59 - مجموع الفتاوى)، ومجموع الفتاوى (13/ 333)، وروضة المحبين ونزهة المشتاقين (ص: 54)، والبرهان للزركشي (1/ 273)، والإتقان للسيوطي (1/ 159)، والتبيان لطاهر الجزائري ( ص: 155 - اعتنى به أبو غدة)، والتدمرية وشرحها لفالح آل مهدي ( ص:226 - التحفة المهدية).


[3] ولابن القيم كتاب - كما أفاد بعض أهل العلم - في شرح أسماءِ الكتابِ العزيزِ، كذا سماه ابن رجب، وقال: "مجلد". ذيل طبقات الحنابلة: (2/ 449)، وسماه غيره: تفسير أسماء القرآن، كما في الوافي بالوفيات (2/ 272)، وبغية الوعاة (1/ 63).



[4] فائدة: يمنع التسمية بأسماء القرآن. انظر: تحفة المودود بأحكام المولود (ص: 127) لابن القيم.

[5] وقد أوصلها بعضهم إلى خمسة وخمسين اسمًا، كما فعل القاضي أبو المعالى بن عبد الملك، بل وبعضهم إلى نيف وتسعين كما فعل الحرالي، وصنف فيها جزءً. انظر: البرهان في علوم القرآن (1/ 273) للزركشي، وأوصلها الفيروز أبادي إلى ثلاثة وتسعين اسمًا في القرآن، وخمس عشرة اسمًا في السنة، كما في كتابه بصائر ذوي التمييز. وقال الشيخ بكر أبو زيد: " وفي: أسماء الله تعالى، وأسماء رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم -، وأسماء القرآن الكريم، وقع تجاوز كثير في ذكر أسماء لا تثبت في كتاب ولا سنة، كما وقع الخلط بين الاسم والصفة، واشْتُق من كل صِفةٍ اسمٌ، وكل هذا غلط؛ فباب الأسماء لله - تعالى - ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - وللقرآن العظيم، توقيفية لا تكون إلا بنص ". معجم المناهي اللفظية (ص: 6)، وانظر: الإتقان (1/ 166) للسيوطي، ودراسات في علوم القرآن (ص: 27) للرومي، ونص الأخير على أنها تقارب الخمسين.

[6] في تفسيره (2/ 260 - 265) - باختصار وتصرف -.

[7] وممن ذكر شيئًا منها: شيخ الإسلام الفتاوى (14/ 1)،

[8] انظر تفسير الطبري (1/ 99).

[9] هذه العناوين ليست من كلام العلامة الرازي، وهي من صنعي؛ للتقسيم والترتيب.

[10] وانظر تفسير الطبري (1/ 94).

[11] ورجحه الطبري (1/ 96).

[12] وانظر إشكال على هذا وجوابه في تفسير الطبري (1/ 97).

[13] (24/ 457).

[14] جامع البيان في تأويل القرآن (1/ 98) للطبري.

[15] انظر تفسير الطبري (1/ 99).

[16] كذا قال، وبنحو قوله قال الآجري في أخلاق حملة القرآن (ص: 2)، ومع هذا لم أجده مرفوعًا. فالله أعلم. وقد روي موقوفًا عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (3/ 375)، وعنه الطبراني (9/ 130)، وقال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (7/ 78): " رواه الطبراني، وفيه مسلم بن إبراهيم الهجري وهو متروك. "، أقول - بكر -: وفي كلام صاحب المجمع - رحمه الله - إلا أن يكون تحريفًا؛ لأن من الإسناد إبراهيم، وليس مسلم، فصوابه - والله أعلم - إبراهيم بن مسلم الهجري، وأمر أخر وهو أن الصحيح عند المحققين أن إبراهيم هذا ليس بالمتروك، لكنه ضعيف، أو ليس بثقة. وقد قال فيه قال الحافظ: لين الحديث، رفع موقوفات. والله أعلم. ثم رأيت في الميزان (1/ 65) ما نصه: " وساق له ابن حبان من طريق ابن فضيل وابن الأجلح، عن إبراهيم الهجري عن أبى الأحوص، عن عبدالله - مرفوعا: إن هذا القرآن مأدبة الله، فتعلموا من مأدبته ما استطعتم. - وذكر الحديث إلى أن قال -: اتلوه، فإن الله يأجركم بكل حرف عشر حسنات". فهو مع هذا لا يصح رفعه. والحمد لله رب العالمين.

[17] وقد روي قوله هذا مرفوعًا دون قوله: " في الدنيا " - وإن كانت ظاهرة المراد من السياق - فعن جابر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: (( القرآن شافع مشفع، وماحل مصدق؛ من جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلف ظهره ساقه إلى النار )). أخرجه ابن حبان رقم: (1793)، بإسناد جيد، كما قال الألباني في الصحيحة (5/ 31) رقم: (2019).



بكر البعداني (http://www.alukah.net/authors/view/home/7813/)