abomokhtar
14-12-2014, 12:12 PM
نظرة ذات بال في حديث:
(ما نقصت صدقة من مال)
إن الحمدَ لله تعالى نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يُضلِلْ فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبِعه بإحسان إلى يوم الدين.
الحديث الشريف:
عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما نقصت صدقةٌ من مال، وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا عزًّا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله عز وجل))؛ رواه مسلم.
المعنى العام:
من الاعتقادات السائدة بين كثير من الناس في مختلف الأمم والأجناس: أن الإنفاق في أوجه الخير ينقص من المال، وربما يسبِّبُ لصاحبه الفقر والحاجة.
ومنهم من يظن أن العفو والصفح والمغفرة لمن أخطأ وتعدَّى، هو درب من الذلة والمهانة، وانتقاصٌ من قيمة الأشخاص.
ومنهم مَن يرى أن التواضع للخَلْق هو نزول وحطٌّ من شخصية المرء.
لكن الحقيقة أن هذا تصور خاطئ، واعتقاد فاسد يجب تصحيحُه وإصلاحُه؛ حتى لا يقع أصحابه في التعدي والطغيان.
• إن معظم المشاكل التي تعاني منها المجتمعات هي بسبب هذه المعتقدات الباطلة، التي تُهينُ العباد، وتمنع عنهم الماعون، وتحطُّ من قيمة الأفراد كيفما كان مستواهم.
• إن هذه النظرةَ العمياء للإنفاق هي التي كدَّست الأموال بين يدي البخلاء، وكنزته دونما فائدة، فتعطَّلتْ وتتعطل كمٌّ من المصالح بسبب هذا التصور الأعمى.
• وهذه النظرة الجوفاء للعفو والصفح من قِبل أشخاص امتلأت قلوبهم غلاًّ وكراهية بسبب أخطاء تُغتفَرُ، هي التي أفشت العداوات، وتقطَّعتْ بسببها أواصرُ الأخوة في المجتمعات.
ونظرة هؤلاء الذين عظمت نفوسهم وكبرت - بسبب نفخ الشيطان - حتى أصبحوا لا ينظرون إلى مَن دونهم إلا نظرة احتقار وسخرية، هي التي ألَّبتْ هؤلاء الضعفاءَ عليهم، وامتلأت قلوبهم بُغضًا وحقدًا لذكرهم.
• نظرات كم فيها من زفرات وكيَّات وجمرات!
1- فالبخل من أعظم الآفات التي أفسدت حياة الأولين والآخرين، وحملَتْ أفراد المجتمع الواحد على أن سفَكوا دماءهم، واستحلوا محارمهم.
2- والقطيعة والهجران من أسباب تفشِّي الأحقاد والبغضاء، هذه الأمراض التي تفتكُ بأواصر المجتمع، وتدفع بكثير من الأفراد للعدوان والطغيان.
3- أما الكبرُ فهو من أخطر المصائب، والجنة محرَّمةٌ على مَن كان في قلبه مثقال ذرة من كِبْرٍ، وبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم معنى الكبر المهلك، فقال: ((الكبر: غَمْطُ الناس، وبطرُ الحق))؛ أي: احتقار الناس، ورد الحق، وبالتالي اتباع الهوى.
نظرة الإسلام لحقيقة الأشياء هي نظرة تختلف تمامًا عن نظرة الكثير من خلق الله، وبالتالي ضرورة النظر والقياس بمنظور الشريعة، وبمقياس الوحي الذي لا يخطئ أبدًا.
الفوائد:
1- الإسلام يدفع الناس للإنفاق وبَسْطِ اليد في أوجه الخير، والجزاء من *** العمل؛ فكل درهم في صدقة هو زيادة ونماء لمال صاحبه؛ قال جل وعلا: ﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ﴾ [البقرة: 276]، ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ﴾ [سبأ: 39].
2- الإسلام يدفع الأفراد والمجتمعات إلى الصفح والعفو؛ حتى تبقى الأُلْفةُ والمحبة سائدة بينهم؛ قال جل وعلا: ﴿ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور: 22].
وأُخوَّة النسَب أو الإسلام من أسباب هدمها القطيعةُ أو الهجران، فلا يحلُّ لمسلم أن يهجُرَ أخاه فوق ثلاث، ولا يتصف بصفة العفو إلا العزيز والكبير والشريف، فمن أراد العزَّ والرفعة والشرف، فعليه بالعفو والصفح.
3- الإسلام كذلك يريد أن يساويَ بين أفراده، فيأمُر من هو أعلى منزلة أن ينزل لمن هو أسفل نزولاً محترمًا، ويعيش بينهم ويحس بهم؛ قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الشعراء: 215].
4- وعليه ألا يترفع ويتكبر؛ فالله - جل وعلا - قد خسَف الأرض بمن جرَّ ثوبه مفتخرًا متكبِّرًا ومترفعًا عن الناس.
فمن أراد أن يعلوَ شأنه ومقامه، أو يثبت الله ملكه وسلطانه، فليخفض للناس جناحَه، وليُلِنْ لهم جنابَه وجَنانه.
مجاجة:
بهذه التعاليم تستطيع أي أمة من الأمم أن تحقق لأفرادها الحياة الطيبة، التي هي الهدف المنشود، والغاية المأمولة.
اللهم آتِ نفوسنا تقواها، وزكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها.
عبدالله لعريط (http://www.alukah.net/authors/view/home/6114/)
(ما نقصت صدقة من مال)
إن الحمدَ لله تعالى نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يُضلِلْ فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبِعه بإحسان إلى يوم الدين.
الحديث الشريف:
عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما نقصت صدقةٌ من مال، وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا عزًّا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله عز وجل))؛ رواه مسلم.
المعنى العام:
من الاعتقادات السائدة بين كثير من الناس في مختلف الأمم والأجناس: أن الإنفاق في أوجه الخير ينقص من المال، وربما يسبِّبُ لصاحبه الفقر والحاجة.
ومنهم من يظن أن العفو والصفح والمغفرة لمن أخطأ وتعدَّى، هو درب من الذلة والمهانة، وانتقاصٌ من قيمة الأشخاص.
ومنهم مَن يرى أن التواضع للخَلْق هو نزول وحطٌّ من شخصية المرء.
لكن الحقيقة أن هذا تصور خاطئ، واعتقاد فاسد يجب تصحيحُه وإصلاحُه؛ حتى لا يقع أصحابه في التعدي والطغيان.
• إن معظم المشاكل التي تعاني منها المجتمعات هي بسبب هذه المعتقدات الباطلة، التي تُهينُ العباد، وتمنع عنهم الماعون، وتحطُّ من قيمة الأفراد كيفما كان مستواهم.
• إن هذه النظرةَ العمياء للإنفاق هي التي كدَّست الأموال بين يدي البخلاء، وكنزته دونما فائدة، فتعطَّلتْ وتتعطل كمٌّ من المصالح بسبب هذا التصور الأعمى.
• وهذه النظرة الجوفاء للعفو والصفح من قِبل أشخاص امتلأت قلوبهم غلاًّ وكراهية بسبب أخطاء تُغتفَرُ، هي التي أفشت العداوات، وتقطَّعتْ بسببها أواصرُ الأخوة في المجتمعات.
ونظرة هؤلاء الذين عظمت نفوسهم وكبرت - بسبب نفخ الشيطان - حتى أصبحوا لا ينظرون إلى مَن دونهم إلا نظرة احتقار وسخرية، هي التي ألَّبتْ هؤلاء الضعفاءَ عليهم، وامتلأت قلوبهم بُغضًا وحقدًا لذكرهم.
• نظرات كم فيها من زفرات وكيَّات وجمرات!
1- فالبخل من أعظم الآفات التي أفسدت حياة الأولين والآخرين، وحملَتْ أفراد المجتمع الواحد على أن سفَكوا دماءهم، واستحلوا محارمهم.
2- والقطيعة والهجران من أسباب تفشِّي الأحقاد والبغضاء، هذه الأمراض التي تفتكُ بأواصر المجتمع، وتدفع بكثير من الأفراد للعدوان والطغيان.
3- أما الكبرُ فهو من أخطر المصائب، والجنة محرَّمةٌ على مَن كان في قلبه مثقال ذرة من كِبْرٍ، وبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم معنى الكبر المهلك، فقال: ((الكبر: غَمْطُ الناس، وبطرُ الحق))؛ أي: احتقار الناس، ورد الحق، وبالتالي اتباع الهوى.
نظرة الإسلام لحقيقة الأشياء هي نظرة تختلف تمامًا عن نظرة الكثير من خلق الله، وبالتالي ضرورة النظر والقياس بمنظور الشريعة، وبمقياس الوحي الذي لا يخطئ أبدًا.
الفوائد:
1- الإسلام يدفع الناس للإنفاق وبَسْطِ اليد في أوجه الخير، والجزاء من *** العمل؛ فكل درهم في صدقة هو زيادة ونماء لمال صاحبه؛ قال جل وعلا: ﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ﴾ [البقرة: 276]، ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ﴾ [سبأ: 39].
2- الإسلام يدفع الأفراد والمجتمعات إلى الصفح والعفو؛ حتى تبقى الأُلْفةُ والمحبة سائدة بينهم؛ قال جل وعلا: ﴿ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور: 22].
وأُخوَّة النسَب أو الإسلام من أسباب هدمها القطيعةُ أو الهجران، فلا يحلُّ لمسلم أن يهجُرَ أخاه فوق ثلاث، ولا يتصف بصفة العفو إلا العزيز والكبير والشريف، فمن أراد العزَّ والرفعة والشرف، فعليه بالعفو والصفح.
3- الإسلام كذلك يريد أن يساويَ بين أفراده، فيأمُر من هو أعلى منزلة أن ينزل لمن هو أسفل نزولاً محترمًا، ويعيش بينهم ويحس بهم؛ قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الشعراء: 215].
4- وعليه ألا يترفع ويتكبر؛ فالله - جل وعلا - قد خسَف الأرض بمن جرَّ ثوبه مفتخرًا متكبِّرًا ومترفعًا عن الناس.
فمن أراد أن يعلوَ شأنه ومقامه، أو يثبت الله ملكه وسلطانه، فليخفض للناس جناحَه، وليُلِنْ لهم جنابَه وجَنانه.
مجاجة:
بهذه التعاليم تستطيع أي أمة من الأمم أن تحقق لأفرادها الحياة الطيبة، التي هي الهدف المنشود، والغاية المأمولة.
اللهم آتِ نفوسنا تقواها، وزكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها.
عبدالله لعريط (http://www.alukah.net/authors/view/home/6114/)